x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الجغرافية الطبيعية
الجغرافية الحيوية
جغرافية النبات
جغرافية الحيوان
الجغرافية الفلكية
الجغرافية المناخية
جغرافية المياه
جغرافية البحار والمحيطات
جغرافية التربة
جغرافية التضاريس
الجيولوجيا
الجيومورفولوجيا
الجغرافية البشرية
الجغرافية الاجتماعية
جغرافية السكان
جغرافية العمران
جغرافية المدن
جغرافية الريف
جغرافية الجريمة
جغرافية الخدمات
الجغرافية الاقتصادية
الجغرافية الزراعية
الجغرافية الصناعية
الجغرافية السياحية
جغرافية النقل
جغرافية التجارة
جغرافية الطاقة
جغرافية التعدين
الجغرافية التاريخية
الجغرافية الحضارية
الجغرافية السياسية و الانتخابات
الجغرافية العسكرية
الجغرافية الثقافية
الجغرافية الطبية
جغرافية التنمية
جغرافية التخطيط
جغرافية الفكر الجغرافي
جغرافية المخاطر
جغرافية الاسماء
جغرافية السلالات
الجغرافية الاقليمية
جغرافية الخرائط
الاتجاهات الحديثة في الجغرافية
نظام الاستشعار عن بعد
نظام المعلومات الجغرافية (GIS)
نظام تحديد المواقع العالمي(GPS)
الجغرافية التطبيقية
جغرافية البيئة والتلوث
جغرافية العالم الاسلامي
الاطالس
معلومات جغرافية عامة
مناهج البحث الجغرافي
القوى الطبيعية والبشرية في إقامة الوحدات السياسية
المؤلف: محمد رياض
المصدر: الأصول العامة في الجغرافيا السياسية والجيوبوليتيكا
الجزء والصفحة: ص270-272
24-1-2016
2350
في الشرق الأوسط قدر كبير من الشبه الشكلي مع كثير من الأقاليم المقسمة إلى وحدات سياسية كثيرة، وخاصة أوروبا الشرقية والغربية، لكن التشابه مع أوروبا الغربية على سبيل المثال يقف عند هذا الحد، ذلك أن مسببات التفتت والتقسم السياسي في الشرق الأوسط وأوروبا الغربية مختلفة تماما، ففي أوروبا الغربية كانت الحركات القومية المزمنة، المستمدة من الاختلاف اللغوي والتوجيه المكاني والأبعاد التاريخية، هي الأسباب الرئيسية وراء انقسام أوروبا إلى عدد كبير من الوحدات السياسية الصغيرة والمتوسطة، أما في الشرق الأوسط فإن التفتت إلى هذا العدد الكبير من الوحدات السياسية يرجع إلى أسباب عارضة معاصرة بفعل القوى الأوروبية الاستعمارية.
وفي الوقت نفسه يمكن أن نلاحظ أن تقسيم أوروبا سياسيا عملية معارضة للظروف والمقومات الطبيعية التي تشكل وحدات طبيعية كبيرة، فالسهل الأوروبي المتصل العمران تتفتت وحدته بعشرات الحدود السياسية والقومية، ومجموعة الأنهار التي تكون طرقا طبيعية ممتازة للنقل والاتصال مقطعة الأوصال بالحدود السياسية التي تمتد متعامدة عليها أو موازية لها،.
أما في الشرق الأوسط فإن نمط السكن والعمران متقطع منفصل نتيجة الجفاف والجبال والعوائق الطبيعية التي كونت سهولا ووديانا صغيرة ضعيفة الاتصال، والأنهار في الشرق الأوسط، صغيرة أو كبيرة، تجري داخل أقاليم محدودة، فلا تربط إقليما بآخر، ومع ذلك التناقض في المقومات الطبيعية فإن المؤثرات البشرية والحضارية تربط هذه الأقاليم المتميزة برباط قومي ذي عمق تاريخي كبير، فالعربية حضارة وتاريخا وقومية تربط كل إقليم الصحارى من الخليج العربي حتى الصومال وليبيا، وتمتد فيما وراءها إلى موريتانيا على الأطلنطي.
والعربية بالمواصفات السابقة تربط أقاليم السكن المستقر من سهول دجلة والفرات إلى وادي النيل في مصر والسودان، مرورا بساحل شرقي المتوسط وأوديته النهرية الصغيرة، وتسيطر الفارسية، كلغة ذات لهجات مختلفة، على كل الإقليم الهضبي والجبلي في القسم الشرقي من الشرق الأوسط، ويدعم الإسلام، كحضارة ودين، هذا الرباط في إيران وأفغانستان وغربي باكستان، أما القومية التركية في هضاب الأناضول فتمثل هجرة حديثة نسبيا بالقياس إلى العرب والفرس، وترتبط معهما برباط الدين والتاريخ والمكان.
والخلاصة أن الإنسان بمجموعة قيمه وتراثه وأيديولوجيته يقسم وحدات طبيعية متكاملة إلى أقسام سياسية متعارضة أوروبا الغربية ويوحد أقاليم طبيعية مختلفة في وحدات سياسية كبيرة الشرق الأوسط خلال العصور الإسلامية والعثمانية وبما أن الإنسان يتغير بسرعة أكبر من التغير الطبيعي، فإننا نجد تغيرات سياسية عديدة على مسرح طبيعي واحد خلال فترات زمنية مختلفة، فأوروبا الغربية كانت دولة واحدة في العهد الكاروليني أشهر ملوكه شارلمان أو كارلمان ثم تقسمت ( ٨٨٨ م) إلى ثلاث وحدات سياسية رئيسية: فرانكيا، وكانت نواة نشأة فرنسا، وجرمانيا، وكانت نواة نشأة الإمبراطورية الألمانية، ثم نشأت عنها النمسا والإمارات الألمانية، وأخيرا لوترينجيا التي اشتملت على حوض الراين كله، وفيها نشأت فيما بعد هولندا في الحوض الأدنى، والجزء الباقي كان إمارات ألمانية مختلفة اندمجت في القرن ١٩ مع ألمانيا، وقد احتدم النزاع بين دول أوروبا الغربية مع نمو القوميات الضيقة.
واليوم نرى مسعى لتوحيد أوروبا مرة أخرى، ولكن الوقت لم يحن بعد لتكوين دولة أوروبية موحدة، فمراكز الثقل السياسي ما زالت قوية في ثلاث دول أوروبية رئيسية: ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، ولكل منها مصالح وميول وارتباطات معاصرة مختلفة، فضلا عن تاريخ حديث غير مشترك، ولا توجد بادرة لوجود قلب سياسي ذي ثقل واضح يمكن أن يضم ويربط أوروبا الغربية معا، صحيح أن منطقة الراين المشتركة بين ألمانيا وفرنسا وبلجيكا وهولندا هي الآن مركز الثقل الأساسي في اقتصاديات أوروبا الغربية، لكن هذا القلب الاقتصادي أميل إلى الجانب الألماني منه إلى الجانب الفرنسي، وهو بعيد مكانيا عن القلب الاقتصادي البريطاني، ومن ثم فهو غير مؤهل لأن يتبوأ مركز الصدارة في العلاقات السياسية بين دول أوروبا الغربية، هذا إلا إذا اتخذت منطقة محايدة كلكسمبورج عاصمة مركزية.
أما في الشرق الأوسط فقد كان هناك عدد محدود من الوحدات السياسية خلال التاريخ الحديث: الدولة العثمانية وفارس، مع نوبات حكم ذاتي قوي في أقاليم فرعية: مصر وأفغانستان، وبتأثير التحلل في الدولة العثمانية وفارس كان يمكن أن تقوم قوى جديدة نشطة مثل الصحوة العربية وتركيا الفتاة تدفع الحياة من جديد في هذه المساحات السياسية الكبيرة، ولكن تحلل الدولتين الكبيرتين صادف نمو المصالح الإمبراطورية الفرنسية والإنجليزية والروسية في المنطقة مما أدى إلى تفتيت الدولتين إلى وحدات كثيرة ضعيفة.
وقد كانت الحركات المختلفة التي سيطرت على أحداث الشرق الأوسط العربي في ربع القرن الأخير، مجرد إرهاصات سعي لنوع من التآلف العربي، ويجب أن تترك فسحة من الوقت لنمو شكل من هذا التآلف يغطي الضعف الناجم عن تعدد الدول العربية، ويعطي العرب مكانة لائقة في ميزان القوى العالمية، وهذا هو الاتجاه العام في أقاليم العالم: أشكال مختلفة من الاتحاد أو التآلف أو التحالف الاقتصادي أو السياسي، وقد كان لدمشق وبغداد والقاهرة حسب الترتيب التاريخي دور مركزي في الشرق الأوسط. ومشكلة إيجاد قلب للعالم العربي تماثل في الشكل، وليس المحتوى، مشكلة إيجاد قلب لأوروبا الغربية، ولعل مصر بمركزيتها المكانية وكتلتها السكانية كما وكيفا في المجالات الاقتصادية والتكنيكية مؤهلة لأن تكون قلبا عربيا ذا ثقل، جنبا إلى جنب مع قلوب أخرى مرتبطة بأقاليم طبيعية اقتصادية ناجمة عن الاتساع المكاني الشاسع للعالم العربي (أبعاد العالم العربي، أرقام تقريبية في خطوط مستقيمة: نواكشوط (موريتانيا) – مسقط (عمان) = ٨٠٠٠ كيلومتر، طنجة (المغرب) – مقديشو (الصومال) = ٦٥٠٠ كيلومتر، حلب (سوريا) – جوبا (السودان) = ٣٦٠٠ كيلومتر).