إذا كانت الهجرة الدولية قد أدت فى جملتها إلى توزيع السكان الحالي في قارات العالم ، فقد أصبحت الهجرة الداخلية أكبر عناصر إعادة تشكيل خريطة العالم السكانية، وذلك لأن الهجرات الدولية أصبحت الآن أقل كثيرا في جملتها من الداخلية ، فقد أدت السلطة المركزية للدول والإشراف على عبور الحدود السياسية ومراقبتها إلى أن أصبحت الهجرة انتخابية بمعنى أن الدول هي التي تحدد نوعية المهاجرين الذين ترغب في أن تستقبلهم ، ولم يعد الأمر رهنا بمبادرة الفرد أو الجماعات الصغيرة كما أن كثيرا من الدول التي أسهمت الهجرة في تكوينها السكانى مثل الولايات المتحدة واستراليا قد أصدرت من التشريعات المانعة والمحددة للهجرة ما أقفل الباب أمام كثير من العناصر التي كانت ترغب في الهجرة إلى مثل تلك الدول.

ويكتنف تقدير أعداد المشتركين في الهجرات الداخلية كثير من المشكلات ومع ذلك فإن عدد الذين قاموا بالهجرة الخارجية في عام 1930 لم يتعد عشرة ملايين في مقابل 75 مليونا غيروا أماكن إقامتهم داخل حدود أوطانهم . كما يقدر أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية يقوم بالهجرة الدولية وعبور الحدود السياسية حوالي خمسة ملايين سنويا في مقابل ما بين 30 إلى 33 مليونا أما أخطر الهجرات التي حدثت فى القارة الآسيوية فهي هجرات اليهود إلى فلسطين ، وقد بدأت هذه الهجرات تتزايد حين صدر وعد بلفور في عام 1917 ثم حين أصبحت بريطانيا منتدبة على فلسطين ، وقبل عام 1917 لم يكن عدد اليهود يزيد عن 10% من جملة سكان فلسطين ولكن في ظل الانتداب البريطاني تدفقت موجات الهجرة اليهودية على فلسطين وأصبح عدد اليهود في فلسطين عندما أعلنت إسرائيل في 15 مايو 1948 أي بعد أقل من ستة أشهر وصل فيه عدد 816 يهودي اليهود إلى وقد تدفق اليهود على فلسطين من كافة أرجاء العالم ، ولكن كانت هناك موجات يمكن تمييزها جغرافيا ففي الأعوام 1948 / 1950 كان أكثر من نصف اليهود المهاجرين من أصل أوروبي وخاصة من ألمانيا وبولندا ، وفي عام 1949 حدثت هجرة ليهود اليمن ثم فى عام 1950 / 1951 حدثت هجرة من العراق ويقدر أن 60% من جملة المهاجرين إلى إسرائيل في عام 1951 كانوا من أقطار آسيوية وفي الأعوام 1954 / 1956 كان 80% من المهاجرين من شمال افريقيا وفي الفترة 1957 / 1960 كان أكثر من نصف المهاجرين من أوروبا وخاصة وسط وجنوب شرق أوروبا ، ومنذ عام 1964 كانت معظم الهجرات تحدث من أمريكا ، وعلى حين كان 90% من جملة المهاجرين إلى فلسطين حتى نهاية الانتداب من أصل أوروبي وخاصة من أوروبا الشرقية فإن نسبتهم قلت بعد ذلك إلى الثلث بتأثير تدفق الهجرات من مصادر أخرى ، ولتقدير حجم الهجرة وأثرها في سكان إسرائيل نذكر أن 34% من اليهود في عام 1970 ولدوا على أرض فلسطين - جيل السابرا - وأما الباقون فقد أتوا بأنفسهم دون أبائهم.

وتسعى إسرائيل التي وصل عدد سكانها الآن إلى حوالي 3, 5 مليون نسمة منهم حوالى 4 مليون يهودى لاحتواء معظم يهود العالم الذين يصلون إلى 13.5 مليون تقريبا ، ومعنى ذلك أن سكان إسرائيل من اليهود لا يشكلون سوى حوالي 28% من جملة يهود العالم ، وقد أصبحت الهجرة إلى إسرائيل تأخذ أبعادا سياسية دولية ويكفى أن كلا من الولايات المتحدة والاتحاد الروسي يسعى لتحقيق هدف إسرائيل فى الهجرة ومارست الولايات المتحدة ضغطا شديدا على الاتحاد السوفيتى قبل تفككه من أجل السماح بهجرة اليهود منه إلى إسرائيل وتربط ذلك الضغط بالوسائل الاقتصادية.

وقد ترتب على اغتصاب فلسطين عام 1948 خروج هجرة عربية إلى الأقطار المجاورة لفلسطين أو إلى المناطق التي ظلت تحت الإدارة العربية ولم تسيطر عليها إسرائيل مثل غزة والضفة الغربية لنهر الأردن ، ويقدر أن جملة العرب في إسرائيل يصلون حوالي 300.000 بينما يعيش حوالي 2 مليون فلسطيني خارج وطنهم في معسكرات « اللاجئين » فى سوريا ولبنان والأردن إلى جانب غزة والضفة الغربية ، هذا إلى جانب هجرة عدة ألوف منهم إلى الدول العربية وخارجها . وهكذا فإن الهجرات العربية التي خرجت من فلسطين كانت هجرات إجبارية تحت سيطرة الإرهاب الصهيوني الذي يريد التوسع في الأرض العربية وعلى حساب العرب أصحاب هذه الأرض.

وفي مقابل هذا فقد وصل عدد اليهود في إسرائيل فى عام 1988 إلى 3.56 مليون يهودي ، وكانت إسهامات الدول العربية التي هاجر يهودها إلى إسرائيل كما يلي :-

الدولة وتشجيعها من القسم الأوروبي إلى القسم الآسيوي ، كما يحدث نتيجة الإقامة المشاريع التى تؤدي إلى تغيير الصورة الجغرافية مثل عمليات تهجير سكان النوبة فى مصر على أثر عمليات بناء خزان أسوان ثم تعليته مرتين وأخيرا بعد أن أقيم السد العالي الذي أدى إلى أن طغت بحيرة ناصر على أراضيهم وقراهم وتمت عملية تهجيرهم إلى كوم امبو ولكن ذلك لم يقابل بارتياح كبير منهم ، وفي بعض الحالات تفشل الحكومات في إغراء السكان بالهجرة إلى الأقاليم المرغوب في تطويرها ، فقد حاولت أندونيسيا كثيرا تخفيف الضغط السكاني في جزيرة جاوة التي تعد من أكثف مناطق العالم الزراعية ، وذلك بتحريك السكان إلى بقية الجزر الأندونيسية وخاصة بورنيو وسومطرة ولكن النجاح كان محدودا جدا لهذه العملية ، ولم يكن حظ اليابان من النجاح أوفر عندما أرادت أن تنظم هجرة إلى جزيرة هوكايدو لتخفيف كثافة الجزر الجنوبية كذلك الحال في إسرائيل التي فشلت في تحويل اليهود إلى فلاحين فقد أتى معظمهم من الدول الأوروبية والامريكية حيث كانوا سكان مدن، ورغم رغبة اسرائيل في أن يرتبط أولئك السكان بالأرض ويعملوا بالزراعة فقد ظلت نسبة سكان المدن في اسرائيل من أعلى النسب في العالم ، كما فشلت أيضا في تعمير النقب أو المثلث الجنوبي وتخفيض كثافة الأقليم المدني في الشمال الغربي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) Population Reports, Special Topics, Migration, Population Growth and Development, Series M., Johns Hopkins University, Baltimore, September - October 1983, pp. 245 - 252.

اخر الاخبار

اخبار العتبة العباسية المقدسة

قسم الصناعات والحرف الفنية ينفذ أعمالًا تطويرية في جامعة الكفيل

قسم الشؤون الطبية يناقش تحضيراته لحفل التخرج المركزي لطالبات الجامعات العراقية العاشر

مركز الكفيل للإعلان والتسويق يباشر تنفيذ الأعمال الطباعية لحفل تخرج طالبات الجامعات العراقية العاشر

قسم رعاية الصحن يهيئ الأماكن المخصصة لفعاليات حفل تخرج طالبات الجامعات العراقية العاشر

المزيد

الآخبار الصحية

خصوصا مع تقدم السن.. 6 سلوكيات يومية قد تدمّر صحتك

فاكهة خضراء.. علاج طبيعي فعّال للإمساك واضطرابات الهضم

روسيا تبدأ أولى التجارب السريرية للقاح واعد ضد السرطان

كنز غذائي على طبقك.. ماذا تفعل السبانخ بجسمك؟

المزيد

الآخبار التكنلوجية

رصد نوع نادر من القطط في تايلاند للمرة الأولى منذ عقود

روسيا تخطط لإقامة محطة نووية في القمر خلال العقد المقبل

كيف قاد إيلون ماسك حملة "غروك" لاختراق عرش الذكاء الاصطناعي

ألتمان: الذكاء الاصطناعي سيتجاوز البشر في 2026 !

المزيد

مواضيع ذات صلة

التركيب الديني واللغوى والعرقي للسكان

التركيب العمري Age Structure

العوامل المؤثرة في نمو سكان العالم

أهرام السكان Poulation Pyramids

صور اخرى من تركيب السكان

كثافة السكان وتوزيعهم

نمو سكان العالم قبل عام ١٩٥٠

نمو سكان العالم في القرن العشرين

تركيب السكان

النقطة المركزية لسكان الوجه البحري فى مصر

الهجرة الداخلية

السكان ذوي الأصول الآسيوية