مـفهـوم ومـداخـل التـحليـل المـالـي في السـوق
المؤلف:
د. جيهان جمال
المصدر:
عالم البورصة (رؤية تحليلية تعليمية بسيطة)
الجزء والصفحة:
ص181 - 186
2025-12-17
33
الجزء الثاني
التحليل المالي
مقدمة
في هذا الباب تحاول أن نقف على الطريق الصحيح لبداية الاستثمار في عالم البورصة، فلقد قررنا الدخول، والآن علينا معرفة كيفية الوصول إلى الطريق الآمن، وكيف يمكننا اختيار الأسهم التي سوف تتضمنها المحفظة.
أول خطوة.. هي التعرف على التحليل الأساسي.. نعرف معاً ما هو، ماذا يتضمن، ماذا أستفيد منه، ولماذا أتعرف عليه؟ محطة التعرف على التحليل الأساسي هي أهم محطاتنا في رحلتنا إلى عالم البورصة، فإما أن نبدأ على أساس سليم أو نضل الطريق.
التحليل الأساسي للأسهم هو الأداة اللازمة للاختيار الأمثل للسهم، نتمكن به من التعرف على أنسب الأسهم التي يجب أن نشتريها، وأكثر الشركات ربحية، وأقلها مخاطر، ويحدد لنا القيمة الحقيقة للسهم التي يجب أن نشتريه بها، وذلك حتى لا نقع في خطأ شراء أسهم شركات خاسرة، أو مصيرها الإفلاس وانخفاض قيمتها السوقية بصورة كبيرة، أو شركات ليس فيها من مقومات الاستثمار إلا اسم الشركة فقط.
وينقسم هذا التحليل الأساسي إلى عدة مراحل، فهو يبدأ بتحليل الاقتصاد ككل ثم تحليل ظروف الصناعة (القطاع) التي نرغب بالاستثمار فيها، ثم يدخل أخيراً على تحليل الشركة التي اخترناها من القطاع تحليلاً مالياً يمكننا من تقييم السهم سوقياً ومعرفة سعره العادل. وبناءً عليه فإنه ينبغي علينا أن نتعرف على التحليل المالي بأساليبه وطرقه وأدواته بصورة أكثر تفصيلاً، حتى يمكننا التعرف على المبادئ الأساسية التي سنحتاجها حتماً لقراءة القوائم المالية واستخراج نسب التحليل المالي، والاستفادة مما يتم التوصل إليه من نتائج في اتخاذ القرار المناسب للاستثمار في هذه الشركة أو تلك. فالشركات التي تطرح أسهمها للتداول في السوق تُصدر العديد من القوائم المالية كل عام، وتنشر هذه القوائم بالجرائد الرسمية وتكون في متناول الجميع، ومن مزايا هذه القوائم أنها تقدم بيانات موضوعية ملموسة، يمكن استخدامها في إجراء ما يلزم من تحليلات، واستخراج العديد من المؤشرات التي تمكننا من تقييم أداء هذه الشركات وتساعدنا في اتخاذ قرارات الدخول والاستثمار في هذه الشركات من عدمه.
ولذلك فإننا في هذا الجزء سوف نتعرض للموضوعات الآتية:
- التعرف على التحليل الأساسي ومراحله المختلفة.
- التركيز على التحليل المالي وأساليبه وطرقه.
- القوائم المالية المختلفة وكيفية قراءة البيانات الواردة فيها.
- كيفية استخراج البيانات الهامة للتداول في البورصة من القوائم المالية.
الباب الأول
مداخل التحليل المالي
قبل أن نبدأ بالدخول إلى التحليل الأساسي FUNDAMENTAL ANALYSIS وتعريفه وطرقه وأساليه وأهدافه، نتعرف معاً على رأي أهم خبراء التحليل الأساسي في العالم عن الفرق بين الاستثمار القائم على الأسس العلمية الصحيحة (أي القائم على التحليل الأساسي للشركات كبداية) وبين المضاربة في هذه الأسواق بدون دراسة أو علم.. ويُعتبر "بنجامين" جراهام BENJAMIN GRAHAM" من أهم مؤسسي التحليل المالي في العالم، صاحب أشهر كتب التحليل، كتاب "تحليل السندات SECURITY ANALYSIS" وكتاب "المستثمر الذكي THE INTELLIGENT INVESTOR"، والذي قال عنه المستثمر العالمي "وارن بافيت WARREN BUFFET (وهو يعد من أمهر تلامذة "بنجامين جراهام) ": [ إن كتابه "المستثمر الذكي" هو أفضل كتاب لتحليل الأسهم على الإطلاق ] . يقول "جراهام": إن الاستثمار يكون ناجحاً عندما يتم التعامل معه كالعمل باحترافية، أي أننا يجب أن نوظف كل إمكانياتنا للدخول في هذا العمل، ويضيف أن عملية الاستثمار هي الدراسة المبنية على ثلاثة قواعد أساسية :
1- التحليل قبل الدخول في عملية الاستثمار.
2- أن تكون عملية الاستثمار ذات مخاطر RISK قليلة.
3- أن تكون ذات عائد RETURN مالي مرضى.
وأي عملية لا تجمع الثلاث قواعد السابقة تُعد مضاربة. إذن وفقاً لما يقوله الخبير المالي، لكي نستمر لابد من إجراء ثلاث خطوات رئيسية هي خطواتنا الأولى التي يجب أن نبدأ بها في عالم البورصة (التحليل- مخاطر قليلة - عائد مُجزى). ويقول " جراهام" : إن أهم عاملين يجب أن تركز عليهما عند دخولك أسواق المال هما السعر والقيمة الكلمتان في منتهى الأهمية أن نعرف معناهما والفرق بينهما، فالسعر هو ما تدفعه لتشتري السهم الذي تريده، أما القيمة هي ما تستلم إذا بعت (أي الاستلام)، والأغلبية العظمى من المستثمرين أو المضاربين لا يدركون ذلك الفرق الهام، والجزء المتبقي يهمل هذه الطبيعة وهى التمييز الأساسي ما بين القيمة والسعر VALUE VS. PRICE. يقول جراهام": إن السعر والقيمة يتجاذبان نحو بعضهما البعض، ولكن في أي لحظة في المستقبل قد تتباعد القيمة عن السعر سواء بنسب مرتفعة أو منخفضة، وهذه النسب هي التي يجب النظر إليها وتحليل أسبابها، ولذا فهو يطلب من المستثمرين في الأسواق المالية إهمال طبيعة السوق ككل من صاعدة أو هابطة والتركيز على القيمة الحقيقة للسهم، ومراعاة ذلك قبل اتخاذ قرار الشراء والدخول في هذا السهم.
ويعتبر جراهام " أن السهم هو جزء من شركة أعمال قيمتها مع الزمن تتناسب تناسباً طردياً مع قيمة الشركة ككل، هذا المبدأ أدى إلى إيجاد مبدأين جديدين، المبدأ الأول يقوم على أنه يمكن للمستثمر وسط ظروف معينة شراء السهم بسعر أقل من قيمته الحقيقية، وكلما كان السهم اقل من قيمته الحقيقية كلما قل عامل المخاطرة وكلما زادت نسبة الأرباح والمبدأ الثاني يقوم على إيهام العلاقة بين القيمة والسعر، مثلاً شراء سهم على أساس شهرته الحالية أو الترند الصاعد للسهم (أو الهابط) والأمل أن سعره سوف يرتفع بسبب الظروف المتغيرة يعتبر "مضاربة"، والأغلبية العظمى من العمليات في أسواق المال هي مضاربات وليست استثمار. وبناءً عليه فإننا لكي نستعد للدخول في عملية الاستثمار، يجب أن تتوافر لهذه العملية شروط معينة:
1- تواجد عائد مرضى.
2- تُبنى على تحليل سليم.
3- تخفيض معامل الخطورة قدر المستطاع والمحافظة على رأس المال.
4- أن يكون سعر الشراء أقل من القيمة الحقيقية الحالية أو المستقبلية.
5- لا تتأثر بالعوامل الطبيعية المتغيرة للأسواق، بل يتم التركيز على قيمة السهم أساساً.
وأي عميلة شراء تفقد جزء من هذه الشروط فهي مضاربة أو مغامرة، وعلى ذلك فإن الاستثمار في الأسواق المالية والذي يعدنا بـ "عائد مرضى ومخاطر أقل"، يجب أن يُبنى على حسابات القيمة الحقيقية للسهم، وهو ما يعني (كما سنرى) التحليل الأساسي للأسهم.
الاكثر قراءة في السياسات و الاسواق المالية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة