خصوصية اعتقاد الامامية في المهدي عن غيرها من الفرق المسلمة وغير المسلمة
المؤلف:
آية الله السيد محسن الخرّازي
المصدر:
بداية المعارف الإلهية في شرح عقائد الإمامية
الجزء والصفحة:
ج2، ص 140 - 144
2025-12-17
23
انّ الفرق بين الإمامية وغيرها من الفرق المسلمة ، بل الامم من غير المسلمين ، هو أنّ الامامية تعتقد بوجود هذا المصلح ، وأنّه المهديّ بن الحسن العسكريّ ، ومتولد في سنة 256 هجرية ، ولا يزال حيّا.
والدليل عليه هو أمران ، أحدهما : الروايات الدالّة على خصوص شخصه ، وأنّه ثاني عشر من الأئمة ، وأنّه التاسع من ولد الحسين ـ عليه السلام ـ ونحو ذلك ، فإنّ مثل هذه الروايات الكثيرة المتواترة تدلّ على وجوده وإلّا لم يكن تاسعا من ولد الحسين أو ثاني عشر من الأئمة الذين لا تخلو الأرض منهم ، وهذه الروايات نقلت قبل وجوده وشاعت وكانت محفوظة ومسطورة في الجوامع.
قال الشهيد السيد محمّد باقر الصدر ـ قدس سره ـ في ذيل قوله ـ صلى الله عليه وآله ـ : «الخلفاء والامراء اثنا عشر» : «قد أحصى بعض المؤلفين رواياته فبلغت أكثر من مائتين وسبعين رواية مأخوذة من أشهر كتب الحديث عند الشيعة والسنّة ، بما في ذلك البخاري ومسلم والترمذي وأبي داود ومسند أحمد ومستدرك الحاكم على الصحيحين ، ويلاحظ أنّ البخاري الذي نقل هذا الحديث كان معاصرا للإمام الجواد والإمامين الهادي والعسكري ـ عليهم السلام ـ» (1).
وثانيهما : هو ما أشار إليه في المتن حيث قال : وما تواتر عندنا من ولادته واحتجابه ، ولا يجوز أن تنقطع الإمامة وتحوّل في عصر من العصور وإن كان الامام مخفيا الخ.
ولقد أفاد وأجاد الشهيد السيد محمّد باقر الصدر ـ قدس سره ـ حيث قال : «إنّ المهديّ حقيقة عاشتها امة من الناس ، وعبّر عنها السفراء والنوّاب طيلة سبعين عاما من خلال تعاملهم مع الآخرين ، ولم يلحظ عليهم أحد كلّ هذه المدّة تلاعبا في الكلام أو تحايلا في التصرّف ، أو تهافتا في النقل ، فهل تتصور ـ بربّك ـ أنّ بإمكان أكذوبة أن تعيش سبعين عاما ، ويمارسها أربعة على سبيل الترتيب ، كلّهم ينفقون عليها ويظلون يتعاملون على أساسها وكأنها قضيّة يعيشونها بأنفسهم ويرونها بأعينهم دون أن يبدر منهم أيّ شيء يثير الشكّ ، ودون أن يكون بين الأربعة علاقة خاصّة متميّزة تتيح لهم نحوا من التواطؤ ، ويكسبون من خلال ما يتّصف به سلوكهم من واقعية ثقة الجميع ، وإيمانهم بواقعية القضيّة ، التي يدّعون أنّهم يحسّونها ويعيشون معها ـ إلى أن قال ـ : وهكذا نعرف أنّ ظاهرة الغيبة الصغرى ، يمكن أن تعتبر بمثابة تجربة علمية لإثبات ما لها من واقع موضوعي ، والتسليم بالإمام القائد بولادته وحياته وغيبته وإعلانه العام عن الغيبة الكبرى التي استتر بموجبها عن المسرح ، ولم يكشف نفسه لأحد» (2).
هذا مضافا إلى إخبار الإمام العسكري ـ عليه السلام ـ بولادته لأصحابه ورؤية جمع منهم إياه ، قبل وفاة أبيه كأحمد بن اسحاق وغيره ، وظهور المعجزة على يده ، وقد ذكر الطبرسيّ ـ قدس سره ـ جمعا كثيرا ممّن رآه في حال غيبته ، ووقف على معجزاته من الوكلاء وغيرهم ، وقال : «وأمّا غيبته الصغرى منها فهي التي كانت فيها سفراؤه موجودين وأبوابه معروفين لا تختلف الإمامية القائلون بإمامة الحسن بن عليّ فيهم ، فمنهم أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري ومحمّد بن علي بن بلال وأبو عمرو عثمان بن سعيد السمّان وابنه أبو جعفر محمّد بن عثمان وعمر الأهوازي وأحمد بن اسحاق وأبو محمّد الوجناني وإبراهيم بن مهزيار ومحمّد بن إبراهيم في جماعة اخرى ربّما يأتي ذكرهم عند الحاجة إليهم في الرواية عنهم ، وكانت مدة هذه الغيبة اربعا وسبعين سنة ، وكان أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري بابا لأبيه وجدّه من قبل ، وثقة لهما ، ثم تولى الباقية من قبله ، وظهرت المعجزات على يده الخ» (3).
وقال الشيخ المفيد ـ قدس سره ـ في ذيل باب من رأى الإمام الثاني عشر ، وطرف من دلائله وبيّناته ، وأمثال هذه الأخبار في معنى ما ذكرناه كثيرة ، والذي اقتصرنا عليه منها كاف فيما قصدناه (4).
وقال أيضا في ذيل باب (دلائله ومعجزاته): «والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ، وهي موجودة في الكتب المصنّفة المذكورة فيها أخبار القائم ـ عليه السلام ـ وإن ذهبت إلى إيراد جميعها طال بذلك الكتاب ، وفيما أثبته منها مقنع ولله الحمد والمنّة» (5).
هذا مع رؤية جمع كثير إياه ـ عليه السلام ـ في حال غيبته الكبرى ، وقد تصدّى بعض الأعلام لذكر قصصهم ، ويكفيك النجم الثاقب ، ولنا طرق صحيحة لرؤية بعض الأعزة الكرام ، واتصالهم معه ، أرواحنا فداه ، وسنشير إليها عند المناسبة.
قال في منتخب الأثر في ذيل الفصل الخامس الباب الأوّل في معجزاته في غيبته الكبرى : «وقد ذكر في البحار حكايات كثيرة جدا في ذلك ، وهكذا ذكر المحدّث النوري في دار السلام ، وجنّة المأوى ، والنجم الثاقب ، والفاضل الميثمي العراقي في دار السلام ، وغيرهم من المحدّثين والعلماء معجزات كثيرة تتجاوز عن حدّ التواتر قطعا ، وأسناد كثير منها في غاية الصحّة والمتانة رواها الزهاد والأتقياء من العلماء. هذا مع ما نرى في كلّ يوم وليلة من بركات وجوده ، وثمرات التوسل والاستشفاع به ممّا جرّبناه مرارا» (6) وقال أيضا في ذيل الفصل المذكور الباب الثاني فيمن رآه في غيبته الكبرى : «واعلم أنّ ما ذكرناه في هذا الفصل ليس إلّا قليلا من الحكايات والآثار المذكورة في الكتب المعتبرة والاكتفاء به ؛ لعدم اتساع هذا الكتاب لأزيد منه مضافا إلى أنّ هذه الآثار والحكايات بلغت في الكثيرة حدا يمتنع إحصاؤها وقد ملئوا العلماء كتبهم عنها ، فراجع البحار والنجم الثاقب وجنّة المأوى ، ودار السلام المشتمل على ذكر من فاز بسلام الإمام ، والعبقريّ الحسان وغيرها ، حتّى تعرف مبلغا من كثرتها ، ومن تصفّح الكتب المدوّنة فيها هذه الحكايات التي لا ريب في صحّة كثير منها لقوّة إسناده ، وكون ناقليه من الخواصّ ، والرجال المعروفين بالصداقة والأمانة والعلم والتقوى يحصل له العلم القطعيّ الضروريّ بوجوده ـ عليه السلام ـ» (7).
______________
(1) بحث حول المهدي : ص 65 ـ 66.
(2) بحث حول المهدي : ص 71 ـ 72.
(3) أعلام الورى : ص 416 ـ 425.
(4) إرشاد المفيد : ص 329 ـ 330.
(5) إرشاد المفيد : ص 336.
(6) منتخب الاثر : ص 411.
(7) منتخب الاثر: ص 420.
الاكثر قراءة في الأمام المهدي عجل الله فرجه الشريف
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة