ثورة سيريني على إيرجيتيس
المؤلف:
سليم حسن
المصدر:
موسوعة مصر القديمة
الجزء والصفحة:
ج16 ص 200 ــ 202
2025-11-28
22
وفي خلال ذلك طُعن من الخلف طعنة نجلاء جعلته يسقط من عليائه وتُطاح بآماله؛ فقد قامت ثورة في «سيريني» امتدت إلى الأقاليم الأخرى، وعندئذ شعر «سيمبتيسيس» قائده أنه لا حول له ولا قوة لإخضاع مثل هذه الثورة، ومن أجل ذلك رأى أنه من الخير له أن ينضم إلى الثوار، ولا نزاع في أن هذه الثورة كانت هي العقاب الحق ﻟ «إيرجيتيس» على ما اقترفه من الأعمال الاستبدادية بل الجنونية التي كانت سببًا في إيقاظ عاطفة الأسف والأسى لدى الأهالي على حريتهم التي فقدوها في ظل حكم هذا الطاغية. والواقع أنه خُيل للملك «إيرجيتيس الثاني» دون أي شك أن وزيرًا من أرومة مصرية يمكنه أن يقوم مقامه أثناء غيابه في رحلته، وأنه لا يمكن أن يُغرى على الاتحاد مع الأهالي في بغضائهم للحكم الأجنبي، ولكن الحوادث قد كذبت ما كان يأمل؛ إذ إنه هو شخصه كان ممقوتًا مكروهًا في «سرنيقا».
وعلى أية حال فإن «إيرجيتيس» على أثر قيام الثورة نسي «قبرص» والاستيلاء عليها، وطار على جناح السرعة لإنقاذ ملكه؛ فزحف بشجاعة مع فرقة جنوده التي كان قد ألفها من بين الكريتيين على «سيريني»، ومنذ المراحل الأولى في زحفه إلى «كاتاباتموس» Katabathmos العظيمة — وهو مكان صعب الوصول إليه — وجد الطريق مغلقة في وجهه بحشود من اللوبيين والسرينيين، ولكنه تخلص بمهارة من هذا المأزق؛ إذ أمر بإنزال نصف جنوده في سفن، فأخذ هؤلاء اللوبيين من الخلف، وذلك أثناء أن كان هو يهاجمهم من الأمام، وبذلك استولى على الممر وعلى القلعة الصغيرة هناك، وفي هذا المكان وجد الماء بكثرة، وأمكنه أن يمد جيشه بالمؤن اللازمة لاختراق الصحراء التي كانت أمامه هناك، وقد أمضى سبعة أيام في قطع هذه المفازة القاحلة تتبعه مراكب أهل «موخيرينوس» Mochyrinos ولكن أهالي «سيريني» من جهتهم كانوا قد وطدوا العزم على الدفاع عن أنفسهم، وعندما اقترب جيش «بطليموس» من المدينة رأى أمامه حشود جيش يبلغ ثمانية آلاف مقاتل من المشاة وخمسمائة من الفرسان، ولقد كان من الطبعي أنه لم يكن لجيشه الصغير قِبَلٌ لمقاومة هذا الجيش العظيم؛ ولذلك كان لزامًا عليه أن يتقهقر، وعلى أية حال كان من حسن حظه أن الجيش السيريني قد حصر همه في الدفاع وحسب. وقد قابل «بطليموس» أثناء تقهقره «ميرولا» قادمًا من «الإسكندرية» ليخبره أن أخاه «فيلومتور» لم يُرِدِ النزول عن شيء، كما لم يرغب في أن يغير أي شيء في معاهدة القسمة التي عُقدت بينهما (1).
وعلى ذلك كان لا بد من بدء موضوع التوفيق بين هذين الأخوين من جديد، ومن ثم أصبحت المعاهدة نفسها لاغية، لا سيما أن أهالي «سيريني» اعترفوا بحكم «فيلومتور» ملكًا عليهم، وكان لا بد من اعتراف «روما» به في هذه الحالة. وعلى أية حال عندما عاد «ميرولا» إلى «روما» أرسل معه «إيرجيتيس» سفيريه «كومانوس» و«بطليموس» وهما أخوان، وكلفهما بأن يضعا أمام مجلس الشيوخ ما وصل إليه أخوه «فيلومتور» من شره وغطرسة. أما «توركاتوس» فقد تبع زميله؛ لأن «فيلومتور» في خلال تلك الفترة كان قد سرحه فعاد بخُفي حنين. هذا، ولم يَفُتْ «فيلومتور» أن يرسل في أعقابه بعثًا لمعارضة ما يطلبه أخوه، ووكل أمر الدفاع عنه إلى «منيلوس» مواطن «ألابندا» وهو السياسي الذي كان مثله فيما سبق أمام مجلس الشيوخ منذ المناقشة الأولى التي أثارتها تظلمات «إيرجيتيس الثاني».
...................................................
1- راجع: Polyb., XXXI, 27.
الاكثر قراءة في العصور القديمة في مصر
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة