جملة من حقوق وواجبات العامل في عقد المضاربة
المؤلف:
علي الحسيني السيستاني
المصدر:
منهاج الصالحين
الجزء والصفحة:
ج2 ، ص 211-214
2025-10-05
140
مسألة 632: يجب على العامل بعد عقد المضاربة العمل بما يعتاد بالنسبة إليه، وعليه أن يتولّى ما يتولّاه التاجر لنفسه من الأُمور المتعارفة في التجارة اللائقة بحاله، فيجوز له استئجار من يكون متعارفاً استئجاره كالدلّال والحمّال والوزّان والكيّال والمَحَلّ وما شاكل ذلك.
ومن هنا يظهر أنّه لو استأجر فيما كان المتعارف مباشرته فيه بنفسه فالأجرة من ماله لا من أصل المال، كما أنّه لو تولّى ما يتعارف الاستئجار فيه جاز له أن يأخذ الأجرة إن لم يتصدّ له مجّاناً.
مسألة 633: كما يجوز للعامل الشراء بعين مال المضاربة بأن يعيّن دراهم شخصيّة ويشتري بها شيئاً، كذلك يجوز له الشراء بالكلّيّ في الذمّة على أن يدفعه من مال المضاربة، كأن يشتري بضاعة بألف درهم كلّيّ على ذمّة المالك على أن يؤدّيه من رأس المال، ولو تلف رأس المال حينئذٍ قبل أدائه بطل الشراء إلّا أن يجيزه المالك فيؤدّيه من مال آخر، وهكذا الحال لو اشترى شيئاً نسيئة على ذمّة المالك بإذنه فتلف رأس المال قبل أدائه، ولو كان الشراء بالثمن الكلّيّ في المعيّن فتلف مال المضاربة قبل أدائه بطل الشراء ولا يصحّح بالإجازة.
مسألة 634: لا يجوز للعامل أن يسافر بمال المضاربة برّاً وبحراً وجوّاً والاتّجار به في بلاد أُخَر غير بلد المال إلّا مع إذن المالك أو كونه متعارفاً - ولو بالنسبة إلى ذلك البلد أو الجنس - بحيث لا ينصرف الإطلاق عنه، ولو سافر ضمن التلف والخسارة، لكن لو حصل الربح يكون بينهما كما مرّ، وكذا لو أمره بالسفر إلى جهةٍ فسافر إلى غيرها.
مسألة 635: ليس للعامل أن ينفق في الحضر على نفسه من مال المضاربة شيئاً وإن قلّ، وكذا الحال في السفر إذا لم يكن بإذن المالك، وأمّا لو كان بإذنه فله الاتّفاق من رأس المال إلّا إذا اشترط المالك أن تكون نفقته على نفسه، والمراد بالنفقة ما يحتاج إليه من المأكل والمشرب والملبس والمسكن وأجرة الركوب وغير ذلك ممّا يصدق عليه النفقة اللائقة بحاله على وجه الاقتصاد، فلو أسرف حسب عليه ولو قتّر على نفسه أو حلّ ضيفاً عند شخص فلم يحتج إليها لم يحسب له، ولا تكون من النفقة هنا جوائزه وعطاياه وضيافاته وغير ذلك، فهي على نفسه إلّا إذا كانت لمصلحة التجارة.
مسألة 636: المراد بالسفر المجوّز للإنفاق من المال هو العرفيّ لا الشرعيّ، فيشمل ما دون المسافة، كما أنّه يشمل إقامته عشرة أيّام أو أزيد في بعض البلاد فيما إذا كان لأجل عوارض السفر، كما إذا كان للراحة من التعب أو لانتظار الرفقة أو لخوف الطريق وغير ذلك، أو لأُمور متعلّقة بالتجارة كما إذا كان لدفع الضريبة وأخذ الوصل بها، وأمّا إذا بقي للتفرّج أو لتحصيل مال لنفسه ونحو ذلك فالظاهر كون نفقته على نفسه، خصوصاً لو كانت الإقامة لأجل مثل هذه الأغراض بعد تمام العمل.
مسألة 637: إذا كان الشخص عاملاً لاثنين مثلاً أو عاملاً لنفسه ولغيره فسافر لأجل إنجاز العملين فإن كان سفره بتمامه مقدّمة لكليهما توزّعت نفقته عليهما بالسويّة، وإن كان بعضه مقدّمة لأحدهما بالخصوص توزّعت عليهما بالنسبة، فلو توقّف إنجاز أحد العملين على المقام في بلدة يوماً واحداً وتوقّف إنجاز الثاني على المقام فيها خمسة أيّام كانت نفقته في الأيّام الأربعة الباقية على الثاني.
مسألة 638: لا يشترط في استحقاق العامل النفقة تحقّق الربح بل ينفق من أصل المال، نعم إذا حصل الربح بعد هذا تحسب منه ويعطى المالك تمام رأس ماله، فإن بقي شـيء من الربح يكون بينهما.
مسألة 639: إذا مرض العامل في السفر فإن لم يمنعه من شغله فله أخذ النفقة، نعم ليس له أخذ ما يحتاج إليه للبرء من المرض، وأمّا إذا منعه عن شغله فليس له أخذ النفقة على الأحوط لزوماً.
مسألة 640: إذا فسخ العامل عقد المضاربة في أثناء السفر أو انفسخ فنفقة الرجوع عليه لا على المال المضارب به.
مسألة 641: إذا اتّجر العامل برأس المال وكانت المضاربة فاسدة فإن لم يكن الإذن في التصرّف مقيّداً بصحّة المضاربة صحّت المعاملة ويكون تمام الربح للمالك، وإن كان الإذن مقيّداً بصحّة العقد كانت المعاملة فضوليّة فإن أجاز المالك صحّت وإلّا بطلت.
وأمّا العامل فيستحقّ أقلّ الأمرين من أجرة مثل عمله وما جعل له من الربح مع التفاته حين إبرام العقد إلى احتمال نقصان قيمة الثاني عن الأوّل؛ وعلى هذا إذا لم تكن التجارة رابحة أو كان فساد المضاربة من جهة اشتراط تمام الربح للمالك لم يستحقّ العامل عليه شيئاً.
مسألة 642: يجوز للعامل مع إطلاق عقد المضاربة الاتّجار بالمال على حسب ما يراه من المصلحة من حيث الجنس المشترىٰ والبائع والمشتري ومكان البيع وغير ذلك، نعم لو شرط عليه المالك أن لا يشتري الجنس المعيّن أو إلّا الجنس المعيّن أو لا يبيع من الشخص المعيّن أو يبيع بسعر معيّن أو في بلد معيّن أو سوق معيّن لم يجز له التعدّي والمخالفة، ولو خالف لم يضرّ ذلك بصحّة المعاملة، فإن كانت رابحة شارك المالك في الربح على ما قرّراه وإن كانت خاسرة أو تلف المال ضمن العامل الخسارة أو التلف.
مسألة 643: يجوز أن يكون المالك واحداً والعامل متعدّداً، سواء أكان المال أيضاً واحداً أو كان متعدّداً، وسواء أكان العمّال متساوين في مقدار الجُعْل في العمل أم كانوا متفاضلين.
وكذا يجوز أن يكون المالك متعدّداً والعامل واحداً بأن كان المال مشتركاً بين اثنين أو أزيد فضاربا شخصاً واحداً.
الاكثر قراءة في المضاربة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة