الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
التائب حبيب الله
المؤلف:
الخطيب الشيخ حسين انصاريان
المصدر:
الاُسرة ونظامها في الإسلام
الجزء والصفحة:
ص 272 ــ 274
2025-09-30
98
في احدى اسفاري إلى مشهد التقيت بشخص كأنه يعرفني منذ سنوات، وبعد حديث طال بيننا لعدة دقائق دعاني لأذهب حيث يجلس، وحيث إني التقيه لأول مرة فقد لبيت دعوته، فتبين أنه ممن كان يستمع لمحاضراتي أيام محرم وصفر، اذ أنه كان يعرفني الا انني كنت لا اعرفه.
وبعد أن غادر المجلس لدقائق معدودة سألت عنه من كان برفقته فلما ذكر اسمه عرفته جيداً، فقد كان رجلاً قوياً يحسب له اقوياء طهران وشجعانها ألف حساب.
كان يعمل في بيع المشروبات الكحولية والتهريب وقبض التذاكر في صالات القمار والحانات، ولم يكن هنالك من يجاريه في طهران، فجمع ثروة طائلة من الحرام.
وإذا بالنور الالهي يشرق على قلبه ويحالفه التوفيق الرباني، وإذا بوجدانه وفطرته وعقله يستنقذوه من مخالب السطوة والتهور، فباع كل ما لديه من أملاك وأثاث ووضع ما لديه من نقود في صرة وتوجه إلى آية الله العظمى البروجردي (رحمه الله) في قم، فاستقبله مرجع الشيعة الأعلى آنذاك بوجه صبوح وثغر باسم بعد ان اطلع على أحواله عن طريق خادمه، فقال للسيد البروجردي: ان كل ما في هذه الصرة حرام ولا طاقة لي على تحمل حساب يوم القيامة فأزل عن كاهلي هذا الوزر العظيم.
فرد عليه السيد: إذا كنت صادق التوبة فاخلع ما عليك من ملابس وعد إلى طهران بالقميص والملابس الداخلية، فخلع ملابسه، فتأثر السيد كثيراً لموقفه اذ لمس منه صدق التوبة، فأعاد له ملابسه وما بقي له من أمواله وكانت تقدر آنذاك بخمسة آلاف تومان، مبشراً إياه بمستقبل زاهر مليء بالبركة.
وكف عن الحرام فعاد إلى طهران بذلك المبلغ وطوى صفحة الماضي، واشتغل بكسب الحلال بتلك النقود فتحسن وضعه كثيراً وتغيرت حياته ووجّه زوجته واولاده للسير في طريق الحق تعالى، وتكفل بإقامة مجلس ديني، حتى توفي في عام 1994م وكانت وفاته في ليلة جمعة، ولما لم يبق من عمره سوى لحظات خاطب الامام الحسين (عليه السلام) بعيون باكية: إنني قد افنيت شطراً كبيراً من عمري في خدمتك والآن يحدوني الأمل بأن أحظى برعايتك، وكما تنقل زوجته وولده: فقد توجه ببصره نحو زاوية من الغرفة وسلم على سيد الشهداء (عليه السلام) ثم أسلم روحه إلى بارئ الأرواح.
نعم أيها الأحبة، فإن باب التوبة مفتوح للجميع، والتوبة تطهير للباطن وتنوير للقلب وتهذيب للأخلاق وتنقية لظاهر الحياة. وتطهير للمال من الحرام. فلماذا لا ننعم بهذه التجارة الرابحة؟ ولماذا لا نخرج من الظلمات نحو النور ونحن نعيش أيامنا الأخيرة؟ حيث ان جميع ما في الدنيا من ثروات لا تستحق البقاء في ظلمات المعصية، لنتب إلى الله فالتائب حبيب الله: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} [البقرة: 222].
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ليس شيء أحب إلى الله من مؤمن تائب أو مؤمنة تائبة) (1).
وقال (صلى الله عليه وآله): (أما والله أشد فرحاً بتوبة عبده من الرجل براحلته) (2).
وعنه (صلى الله عليه وآله): (لله افرح بتوبة من العقيم الوالد، ومن الضال الواجد، ومن الظمآن الوارد) (3).
وقال (صلى الله عليه وآله) أيضاً: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) (4).
وقال علي (عليه السلام): (التوبة تطهر القلوب وتغسل الذنوب) (5).
وللتوبة النصوح آثار اشار اليها النبي (صلى الله عليه وآله)، وإذا ما تجلت تلك الآثار حينها يمكن اليقين بحصول التوبة والا فلابد من التشبث بأنوار التوبة من جديد.
يقول (صلى الله عليه وآله): (التائب إذا لم يستبن أثر التوبة فليس بتائب: يرضي الخصماء، ويعيد الصلاة، ويتواضع بين الخلق، ويتقي نفسه عن الشهوات، ويهزل رقبته بصيام النهار) (6).
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لقائل بحضرته - استغفر الله -: ثكلتك أمك أتدري ما الاستغفار؟ أن الاستغفار درجة العليين وهو اسم واقع على ستة معان، أولها الندم على ما مضى، والثاني العزم على ترك العود اليه أبداً، والثالث أن تؤدي الى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله أملس ليس عليك تبعة، والرابع أن تعمد الى كل فريضة عليك ضيعتها فتؤدي حقها، والخامس أن تعمد الى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبه بالأحزان حتى يلصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد، والسادس أن تذيق الجسم ألم الطاعة لما أذقته حلاوة المعصية، فعند ذلك تقول: استغفر الله (7).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ ميزان الحكمة: ج 1، ص 540 ـ 541.
2ـ المصدر السابق.
3ـ المصدر السابق.
4ـ المصدر السابق.
5ـ المصدر السابق.
6ـ البحار: ج 6، ص 35 ـ 36.
7ـ المصدر السابق: ص 36.
الاكثر قراءة في التربية الروحية والدينية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
