الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
الخضراوات
المؤلف:
السيد حسين نجيب محمد
المصدر:
الشفاء في الغذاء في طب النبي والأئمة (عليهم السلام)
الجزء والصفحة:
ص322ــ327
2025-05-31
40
وهي من المأكولات التي تحتوي على العناصر الغذائية الأساسية لبناء الجسم الإنساني، وقد ورد التأكيد عليها في النصوص الدينية والعلم الحديث.
أما في الدين فقد ورد: خبر حنان عن الإمام الصادق (عليه السلام): ((إِنَّ أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يؤت بطبق إلا وعليه بقل، فقلت: ولم؟ قال (عليه السلام): لأنَّ قلوب المؤمنين خضرة فهي تحن إلى شكلها(1).
وجيء للإمام موسى الكاظم (عليه السلام) بمائدة لم يكن عليها بقل فأمسك يده، ثم قال للغلام أما علمت أني لا أكل على مائدة ليس فيها خضرة فائتني بالخضرة(2).
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا دخلتم بلداً فكلوا من بصله وبقله، يطرد عنكم داءه ويذهب بالنصب ويشد العصب ويزيد في الباه، ويذهب بالحمى))(3).
قال د. بيطار: ((عن موفق المدني عن أبيه قال: بعث إلى الماضي عليه السلام يوماً وحبسني للغداء، فلما جاؤوا بالمائدة لم يكن عليها بقل، فأمسك يده ثم قال للغلام أما علمت أني لا آكل على مائدة ليس فيها خضر؟ فأتني بالخضر قال فذهب وجاء بالبقل فألقاه على المائدة، فمد يده ثم أكل)).
ولعل الخضر هنا مطلق العبارة، لا يعني البقول خاصة، وإن كانت هذه تحقق الشرط لو حضرت لأنها من جملتها، يؤيد هذا ما نجده من أخبار ترغب بتناول الأعشاب كالهندباء والخس مثلاً.
إنَّ اشتمال الطعام على الخضر، قد ظهرت ضرورته في العقود الأخيرة، بعد أن عرف الأطباء أنَّ الأغذية التي تخلف بعد هضمها أليافاً في الأمعاء ضرورية في الوقاية من سرطان القولون، ناهيك عما تحتويه هذه النباتات من بعض الفيتامينات التي لا تتوفر في الحيوانية، خاصة الفيتامين A و C ولو أضفنا هذا الإرشاد إلى عدم الامتناع عن اللحوم مع عدم الإفراط فيها لظهر لنا الأثر المهم في جعل الغذاء متوازناً بين مصدري الحيوان والنبات، لما لذلك من أثر على الهضم والصحة العامة.
وفي السياق ذاته يأتي الإرشاد إلى اجتناب شحم الحيوان، وإلى فائدة الزيتون وزيته، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ((عليكم باللحم، فإنَّ اللحم ينمي اللحم، ومن مضى عليه أربعون صباحاً لم يأكل اللحم ساء خلقه، ومن ساء خلقه فأطعموه اللحم، ومن أكل شحمة أنزلت مثلها من الداء)).
فالأحماض الدهنية في الشحوم الحيوانية، مشبعة ولم يعد خافياً أثرها في أمراض القلب والشرايين والضغط الشرياني وما يرتبط بها، ومن هنا كان الإرشاد إلى كراهيتها في هذا الخبر.
في المقابل نجد الترغيب بالزيت والزيتون، وعن أبي عبد الله عن أبيه (عليهم السلام) قال: ((قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كلو الزيت وادهنوا به، فإنَّه من شجرة مباركة)).
ومن المعلوم أنَّ زيت الزيتون هو أفضل الزيوت في الوقاية من فرط الشحوم في الدم، حيث أن أحماضه غير مشبعة، وعرف الأطباء في العقود المتأخرة أنَّه يخدم في التوازن بين ما يسمى بالأحماض العالية والأحماض المنخفضة الكثافة.
ولقد نشرت دراسة علمية عن التغذية ونمط الحياة ونسب الوفيات في الصين جاء فيها إنَّ الفضل في تمتع الصينيين بالصحة الجيدة يعود إلى وفرة الخضرة في طعامهم وقلة الدسم مِمَّا يُسبب انخفاض مستويات الكولسترول.
والسر في أهمية الخضراوات هو احتوائها على مادة «اليخضور» أو (الكلوروفيل) وهي المادة التي تصبغ أوراق النبات بلونها الأخضر والتي تعتبر المصنع الحقيقي لكل المواد التي يتركب منها النبات وهي المادة الوحيدة في الطبيعة القادرة على اختزان الطاقة الآتية من أشعة الشَّمس، لذلك كُلَّما اشتدت خضرة الخضر ازداد محتواها من مادة الكلوروفيل والطاقة، وقد أثبت العلم أنَّ أوراق الخس الخارجية أغنى بالطاقة من الأوراق الداخلية وما ذلك إلا لغنى الخارجية باليخضور والطاقة دون الداخلية.
قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأنعام: 99].
وللخضرة فاعلية في وقاية الإنسان من الإصابة بالأمراض، ويقول الأطباء: إنَّه عندما يتمّ تحلّل مادة الكلوروفيل أثناء هضم الخضر فإنَّها تتحوّل إلى درع قوية تحمي من السرطان، وقد جُرب ذلك على الحيوانات المخبرية فتبين أنَّ الحيوانات التي أطعمت مواداً كهذه مع تعريضها عمداً لمواد مسرطنة كانت نسبة إصاباتها بالسرطان أقل من مثيلاتها من الحيوانات التي لم تتعرّض لهذه التجربة.
وقد أصبحت مادة (اليخضور) من المواد الشائعة في معالجة الإنسان فقد وصفها الأطباء لشفاء النفس من الهموم والغموم ولشفاء الجسد من الجروح والأمراض وغيرها، فقد لوحظ أنَّ الجروح التي تُعالج بأوراق النباتات الخضر كانت تشفى بسرعة، كما لوحظ أنَّ تناول الأوراق الخضر يزيل رائحة الفم الكريهة ورائحة الجسد.
ويقوم اليخضور مقام الأشجار في تنقية الهواء وتخليصه من مواده السامة وروائحه الكريهة، إلى أن جاء العالم الالماني «جيروم بوك» فنصح مواطنيه بمضغ الأوراق الخضر كُلَّما تناولوا البصل والثوم مع طعامهم قائلاً: إذا أكل أحدكم ثوماً وأحب التخلص من رائحته النفاذة، فليسارع إلى الشارع، وليقطف أوراقاً خضراء اللون من أي نبات كان وليمضغه فذلك كفيل بتطهير فمه من هذه الرائحة.
عندها بدأ العلماء يفكرون في تطبيق هذا الاكتشاف الجديد لإزالة الروائح الكريهة المنبعثة من جسم الإنسان، وبدأ الباحثون العمل، ثم تساءلوا هل يستطيع اليخضور حقاً أن يزيل رائحة التنفس أو العرق والبول أو رائحة الفم الكريهة؟ وقاموا بسلسلة من التجارب، أسفرت عن نتائج مشجعة مدهشة. وظهر لهم أنه ليس من الضروري تطبيق اليخضور على المكان الذي تتشكّل فيه الرائحة أو تنتشر منه، بل يكفي أن يُعطى العقار عن طريق الفم مثلاً لينتشر في الجسد ويتفاعل كيمياوياً في الدم فيزيل رائحة الأرجل أو رائحة الإبطين أو رائحة الطمث وغيرها من الروائح.
ومن المستحسن أن نورد طرفاً عن هذه التجارب، فقد انتخبت لإجراء التجارب - فئات متعددة من عمال المصانع والمناجم ومن الذين تقتضي مهنتهم السعي والكدح وبالتالي إفراز العرق بكثرة ... ومن المعلوم أنَّ هؤلاء الأشخاص لا يستطيعون تفادي التعرق ـ بحكم مهنتهم ـ الشاقة - وكذلك فإنَّ الطب ينصح بعدم إعطاء هؤلاء أي علاج من شأنه إيقاف التعرق بتقبيض أوعية الجلد الدموية، لأنَّ التعرق ـ كما هو معلوم - وسيلة من وسائل دفاع الجسم يطرح بوساطتها السموم، ويساعد على الاحتفاظ بحرارة الإنسان الطبيعية لهذا أعطي اليخضور إلى هؤلاء العمال كما ترك آخرون دون علاج ليكونوا شواهد تجربة، فلوحظ أنَّ اليخضور قد أزال الروائح الكريهة المنبعثة من عرق المعالجين دون أن يحد من كيمة التعرق، بينما بقيت أجسام العمال الآخرين المهملين دون علاج تنضج بالعرق ذي الرائحة غير المستحبة وكانت الكميات المعطاة لكل شخص هي «20» سانتغراماً تقريباً يومياً، واليخضور المعطى هنا في هذه التجربة كان من النوع الذي يذوب في الماء ويسهل امتصاصه على المعدة ومن ثم نفوذه إلى الدم بسرعة(4).
وقد استعمل الدكتور (فيشر) الحائز على جائزة نوبل اليخضور لمعالجة فقر الدم ولاحظ الدكتور «ريتشارد ولستيتر» ان جزيء الكلوروفيل مشابه كثيراً لجزيء «الهوموجلوبين» وهو اللون الأحمر في الدم، والاختلاف الوحيد بينهما أنَّ العنصر المركزي الموجود في الدم يتألف من الحديد، والعنصر المركزي الموجود في الكلوروفيل يتألف من «الماجنيزيوم» ولذلك يعتقد الأطباء أن الكلوروفيل هو العنصر الطبيعي في بناء دم الإنسان والحيوان.
_________________________________
(1) مهذب الأحكام: ج 23، ص231.
(2) المصدر نفسه.
(3) طب المعصومين: ص 65.
(4) طبيبك معك: ص 468.