الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
النباتيون
المؤلف:
السيد حسين نجيب محمد
المصدر:
الشفاء في الغذاء في طب النبي والأئمة (عليهم السلام)
الجزء والصفحة:
ص463ــ471
2025-04-21
68
يميل بعض الناس إلى الاقتصار في طعامهم على نبات الأرض دون اللحوم الحيوانية ويُعرفون بـ«النباتيين». والنباتية ليست من البدع المُستحدثة في عالم التغذية، إذ أن بدء ظهورها يعود إلى ما قبل الميلاد بأكثر من 250 سنة وعلى مر التاريخ عُرف بعض العظماء باتباعهم لنظام الغذاء النباتي، منهم سقراط تولستوي، برنادشو أبو العلاء المعري، جان جاك روسو، غاندي.
واليوم، نجد أن تحولاً كبيراً حوّل اتجاه النَّاس إلى الغذاء النباتي، وما زال هذا الاتجاه يتوسع بين الأطباء وعامة الناس.
وللتحول إلى الغذاء النباتي أسباب متعددة، فمنها ما هو روحي وأخلاقي، ومنها ما هو صحي.
ضرر أكل اللحم:
ويستدل النباتيون على صحة طريقتهم في الغذاء بالأمور التالية:
أولاً: إنَّ الإنسان يكتسب الصفات السيئة من طبائع الحيوانات كما تحدثنا عن ذلك في فصل تأثير الطعام على الإنسان.
ثانياً: إنَّ أكل اللحوم يترك في الجسم سموماً كثيرة نتيجة لوجودها في لحم الحيوانات.
فعند الذبح وقبله مباشرة تتغير الكيمياء الحيوية لدى الحيوان المذبوح تغيراً عميقاً، يؤدّي إلى إفرازه للهرمونات المركزة ومواد ثانوية أخرى تتحلل في كل جسمه وتسمم لحمه تماماً.
لقد أصبحت الآن حقيقة معروفة أن المشاعر والأحاسيس يمكن أن يتمخض عنها كيمياء حيوية كثيرة تسبب التغير في كيمياء الجسد وخاصة في إفراز الهرمونات في الدم. إن أجسامنا تصبح قابلة للإصابة بالمرض في أوقات الغضب الشديد أو الخوف والحيوانات ليست أقل من الإنسان حيث تحدث لها تغير عميق في الكيمياء الحيوية في أوقات الخطر. إن مستوى الهرمونات في دم الحيوانات وخاصة هرمون الأدرينالين يتغير جذرياً عندما يشاهدون الحيوانات الأخرى تموت من حولهم وهم يحاولون النجاة عبثاً من أجل الحياة والحرية.
هذه الكمية الكبيرة من الهرمونات تبقى في اللحوم وبعد ذلك تصبح سموماً للأنسجة البشرية وتزعج العقل أيضاً. وبالنسبة لمؤسسة الغذاء الأمريكية تقول أن لحوم الحيوانات الميتة مشبعة بالدم السام والمواد الأخرى الثانوية الضائعة والمواد الكيماوية التي إذا وجدت تسبب السرطان. ومن هنا نفهم الحكمة في كراهية ذبح الحيوان مقابل حيوان آخر ينظر إليه ففي الخبر أن النبي (صلى الله عليه وآله): ((أمر أن تحدّ الشفار وأن توارى عن البهائم))(1).
وعن الإمام علي (عليه السلام): ((لا تُذبح الشاة عند الشاة ولا الجزور عند الجزور وهو ينظر إليه))(2).
إنَّ الحيوانات التي دأبت على أكل النجاسات والمستقذرات من الأمور من مثل مخلفات إخراج الحيوانات الأخرى تُسمى «الجلالة» وأكلها يؤثر على الإنسان ولذا جاء في الحديث الوصية بضرورة حبس الحيوان الجلال وعلفه بالغذاء الطاهر لفترة تتناسب مع حجمه حتى تزول ما به من نجاسات، ويعود إلى حالة من النظافة والطهر تطيب نفس الإنسان السوي معها بأكله وشرب لبنه بلا ضرر أو ضرار. رُوي عن علي (عليه السلام) أنه قال: ((الناقة الجلالة تحبس على العلف أربعين يوماً، والبقرة عشرين يوماً والشاة سبعة أيام، والبطة خمسة أيام، والدجاجة ثلاثة أيام ثم تؤكل بعد ذلك لحومها، وتشرب ألبان ذوات الألبان منها، ويؤكل بيض ما يبيض منها))(3).
وفي زماننا قام موقف يشابهه تماماً أجبر فيه الإنسان الحيوان على أكل النجاسات والمستقذرات، فأصابه من الأمراض المستعصية ما انتقل إلى الإنسان عن طريق الطعام وحمل إلى السلالات بالميراث، بل وانتقل إلى أعداد من الحيوانات الأليفة والبرية إما عن طريق الطعام أو المخالطة، وكان السبب في ذلك هو الشره الشديد للمكسب السريع، وعدم المبالاة بأخطار مخالفة الفطرة التي فطر الله المخلوقات عليها.
ففي العقود المتأخرة من القرن العشرين تفتقت أذهان بعض الشياطين عن فكرة تغذية كل من الأغنام والماشية والدواجن بفضلات ذبح الحيوانات من الدماء، والشحوم والأحشاء ومساحيق العظام بالإضافة إلى أعداد من الهرمونات طمعاً في زيادة انتاجها من اللحوم والألبان والبيض.
وفي نوفمبر 1986م فوجئت بريطانيا - ومن بعدها العديد من الدول الأوروبية - بانتشار عدد من الأمراض المستعصية في الحيوانات التي غذيت بالبروتينات الحيوانية، وقد فطرها الله تعالى على أكل الأعشاب والحبوب النباتية .
وكان من أخطر هذه الأمراض ما عرف باسم مرض جنون البقر
. (Mad cow Disease- Buvine spongiform Encephalopathy or B.S.E)
وهذا المرض يهاجم مخ الحيوان فيدمره تدميراً بتحويله إلى حالة إسفنجية منخربة ومتآكلة، فيفقد السيطرة على ذاته وحركاته ويهيج هياجاً شديداً حتى الموت.
وقد ثبت انتقال هذا المرض إلى أكلي لحوم وألبان تلك الحيوانات المصابة وإلى السلالات التي أنتجتها مما اضطر السلطات في أوروبا إلى إصدار القرار بحظر استخدام البروتينات الحيوانية في تغذية كل من الماشية والأغنام والدواجن، وذلك في سنة 1988م، وبإعدام جميع الحيوانات المصابة مما أدى إلى خسائر مادية فادحة، ففي الفترة من نوفمبر 1986م حين تم تشخيص مرض جنون البقر لأول مرة إلى إبريل 1991م تم إعدام أكثر من ستة وعشرين ألف رأس من البقر المصاب(4).
ثالثاً: إنَّ تركيب أسنان الإنسان ومعدته تدل على انه من فصيلة آكلي النبات، فليس له سوى أربعة أنياب صغيرة أما سائر أسنانه فهي قواضم وطواحن كبقية الحيوانات النباتية أما معدته فهي أقل غنى بالعضلات من الحيوانات آكلة اللحم.
رابعاً: إنَّ أمعاء الإنسان طويلة كما هو الشأن في الحيوانات النباتية لأن طول الأمعاء ضروري لعملية الامتصاص والحركات الاستدارية المتوالية لطرح الخضار، وهذا بخلاف أمعاء الحيوانات آكلة اللحم فإنَّ أمعائها قصيرة(5).
خامساً: إن معدل الوفيات عند النَّاس الذين يعيشون على اللحوم أكثر مِمَّن يعيشون على النبات، وقد قام الدكتور (نيوبرك) بتغذية مجموعة من الحيوانات باللحوم ومجموعة أخرى بالنبات، فنمت المجموعة الأولى بسرعة وأصبحت كبيرة إلا أنها بعد ثلاثة أشهر أصيبت بتلف الكلاوي وماتت بينما عاشت الحيوانات الأخرى بصحة جيدة(6).
سادساً: في الأغذية النباتية فائض قلوي يلعب دوراً هاماً الوقاية من الإصابة بالسرطان وذلك في الأغذية اللحمية التي تولّد رواسب تؤدي إلى التسمم والإصابة بالسرطان(7).
لقد أظهرت الدراسات الحديثة التي أجريت على خمسين ألف شخص نباتي نتائج هزّت أواسط أبحاث السرطان. فالأبحاث أظهرت بوضوح أنَّ هذه الجماعة لديها معدل قليل من الإصابة بالسرطان. كل أنواع السرطان حدثت بمعدل منخفض تماماً بالمقارنة مع جماعة أخرى في نفس السن ومن نفس الجنس.
إذاً لماذا يصاب آكلي اللحوم بالسرطان بمعدل أكبر؟ السبب الرئيسي ربما يكون الحقيقة التي مؤداها أن لحوم الحيوانات التي يمر عليها عدد من الأيام تتحول تلقائياً إلى اللون الأخضر القائم الذي يسبب المرض. وتحاول صناعة اللحوم أن تخفي الألوان عن طريق إضافة النيترات والنيتريت ومواد حافظة أخرى. هذه المواد تجعل اللحوم تبدو حمراء ولكن في هذه السنوات الحديثة ظهر العديد منهم على أنَّه من مسبّبات السرطان.
يقول الدكتور وليام لجنيسكي وهو باحث في السرطان في المعمل القومي في أوكاريدج في تينسي (إنَّني لا أطعم حَتَّى قطتي بالطعام المشبع بالنيتريت).
وعلاوة على ذلك نجد أنَّ العلماء الإنكليز والأمريكان الذين درسوا البكتريا المعوية لآكلي اللحوم وبالمقارنة مع النباتيين وجدوا أنَّ هناك اختلافات هامة. فالبكتيريا في أمعاء الشخص الذي يتناول اللحوم تقوم برد فعل مضاد للعصارات الهضمية فتنتج مواد كيماوية تسبب السرطان. ربما هذا يوضح لماذا يوجد سرطان الأمعاء بكثرة بين الأشخاص الذين يتناولون اللحوم في العديد من المناطق مثل أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية بينما نادراً ما نجد ذلك في الدول النباتية مثل الهند. وفي الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال نجد أن سرطان الأمعاء هو أكثر أنواع السرطان شيوعاً بعد سرطان الرئة. والاسكتلنديين الذين يأكلون لحم الأبقار أكثر بـ 20٪ عن الإنكليز لديهم واحد من أعلى معدلات الإصابة بمرض سرطان الأمعاء(8) .
يضاف إلى ذلك كله أنَّ هضم النباتات أسهل كثيراً من هضم اللحوم فالغذاء النباتي المؤلف من الخضار والفواكه والحبوب وبعض منتجات الحليب، يهضم بسرعة تزيد مرتين أو ثلاث مرات عن سرعة هضم اللحوم، وبفضل سهولة الهضم وسرعته ينجو الجسم من التعب، ولا يفقد جانباً كبيراً من قواه لتأمين وظيفة واحدة من وظائفه. إنَّه - إذا ذاك - يكون حرّاً للقيام بالمهام الأخرى، كما يستطيع أن ينشط الإنسان إلى العمل رائق الذهن بعد نصف ساعة من غذائه، بينما يطرأ على اللحم والسمك الفساد والتفسخ في الجهاز الهضمي المملوء بالجراثيم، فتنشأ عن ذلك التخمرات المعوية التي لا يعرفها النباتيون، وقد لوحظ أن تندب الجروح وإلتئامها أسرع لدى النباتيين منه لدى أكلي اللحوم، لأنَّ أجسام هؤلاء تكون غنية بالسموم والنفايات الحيوانية التي لا يمكن طرحها كاملة، ولهذا يتعرضون للأمراض كالروماتزما والآفات الكبدية وتصلب الشرايين والإمساك.
ولئن أباح الغربيون لأنفسهم تناول اللحوم، فذلك لحاجتهم القصوى إلى الطاقة الحرارية الزائدة في بلاد قلما تسطع الشمس فيها، بينما تقدم الشَّمس لنا - في الشرق - قسطاً كبيراً من الطاقة والحرارة تغنينا عن تداركها عن طريق اللحوم صحيح أنَّ اللحوم مادة حيوية منشطة، إلا أنَّها - للأسف ـ تجعل الإنسان سريع الغضب، مندفعاً، بعيداً عن حدود (النباتيين) وحسن تقبلهم للحياة.
وأخيراً ... فإنَّ علماء الحيوان أنفسهم يقولون إنَّ الغذاء النباتي يزيد القوة ويساعد على إطالة الحياة ودليلهم على ذلك حياة الحيوانات آكلة الأعشاب فهي أقوى الحيوانات وأطولها عُمراً(9).
قد يُقال: أنَّ النبات لا يحتوي على كافة المواد الضرورية لبناء الجسم، وخاصة البروتينات.
الجواب:
لقد أثبتت الدراسات أنَّ ورق النبات وحده يحتوي على جميع العناصر لحياة الإنسان، ويكفي أن نقول: إنَّ القمح وحده يحتوي على ست عشرة مادة تدخل في تركيب الجسم البشري، كما أنَّ الصويا من أغنى النباتات بالبروتيين والبطاطا أيضاً تحتوي على 2% من البروتيين وبمقدورها أن تمدُّ العمال الذين يعملون في الأعمال الشاقة بالصحة الجيدة لمدة ثلاثة أيام.
وقد أثبت العالم (ماجندي): إنَّ الكلاب التي تتغذى بالخبز الأبيض والنخال تعيش أكثر من الكلاب التي تتغذى بالخبز الأبيض، فقط لأنَّ الخبز الأبيض قليل التغذية ويحدث إمساكاً.
والعضلات لا تقوى بأكل اللحم بل بأكل الخبز والأدهان. فكان اليونانيون يهيئون شبانهم للمصارعة بقصرهم منذ نعومة أظفارهم على التغذي بالتين والجوز والجبن والخبز الخشن.
وفي فرنسا أشدّ الرّجال الذين يفضلون التدبير النباتي على غيره.
وفي روسيا يشتغل العمّال 16 ساعة متواصلة ولا يأكلون إلا النباتات والجبن والخبز الأسود.
قال: وفي القطر المصري يتغذى العمّال بالشمام والبصل والفول والعدس والذرة، وهم أشداء أقوياء.
وفي الولايات المتحدة لم يعمل السكة الحديدة التي تخترق البلاد إلى الأوقيانوس إلا العمال الصينيون، وهم لا يتغذون إلا بالأرز، وسكان جبال هملايا أشداء أقوياء ولا غذاء لهم إلا الأرز.
ويوجد قبائل هندية تقطع في اليوم من 15 إلى 20 فرسخاً، وذلك في مدة ثلاثة أسابيع متواصلة وهي لا تتغذى إلا بالأرز.
هذه كلها أدلّة تبرهن على أنَّ التدبير النباتي يكسب العضلات قوة.
ومن المعروف أنَّ غاندي كان يعيش على الثمار والخضراوات فقط وكانت حيويته دافقة وصحته جيدة، ولم يضف إلى غذائه لبن الماعز إلا بعد تقدمه في السن.
النباتيون أنواع:
هناك فئات عديدة من النباتيين وهي كما يلي:
1- النباتي المتشدّد وهو الذي يأكل الأطعمة النباتية، من غير أن يخالطها أي أثر للحوم ومنتجاتها حَتَّى البيض والجبن والحليب.
2ـ النباتي اللبني وهو الذي يسمح لنفسه بتناول الحليب لا ومشتقاته.
3ـ النباتي البيضي وهو الذي يضيف البيض إلى طعامه.
4ـ النباتي السمكي هو الذي يضيف إلى طعامه السمك والأطعمة البحرية ولكنه لا يأكل الدواجن واللحم.
______________________________
(1) مهذب الأحكام: ج 23 ص 98.
(2) المصدر نفسه ص101.
(3) بحار الأنوار: 62/ 249.
(4) الإعجاز العلمي: ج2، ص90.
(5) الغذاء لا الدواء ص 20.
(6) العلاج بعشب القمح: ص 81.
(7) النباتيون ومنهجهم في التغذية : ص 17.
(8) الغذاء والفكر: ص 22.
(9) الغذاء لا الدواء ص 22.