الفضائل
الاخلاص والتوكل
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
الإيثار و الجود و السخاء و الكرم والضيافة
الايمان واليقين والحب الالهي
التفكر والعلم والعمل
التوبة والمحاسبة ومجاهدة النفس
الحب والالفة والتاخي والمداراة
الحلم والرفق والعفو
الخوف والرجاء والحياء وحسن الظن
الزهد والتواضع و الرضا والقناعة وقصر الامل
الشجاعة و الغيرة
الشكر والصبر والفقر
الصدق
العفة والورع و التقوى
الكتمان وكظم الغيظ وحفظ اللسان
بر الوالدين وصلة الرحم
حسن الخلق و الكمال
السلام
العدل و المساواة
اداء الامانة
قضاء الحاجة
فضائل عامة
آداب
اداب النية وآثارها
آداب الصلاة
آداب الصوم و الزكاة و الصدقة
آداب الحج و العمرة و الزيارة
آداب العلم والعبادة
آداب الطعام والشراب
آداب الدعاء
اداب عامة
حقوق
الرذائل وعلاجاتها
الجهل و الذنوب والغفلة
الحسد والطمع والشره
البخل والحرص والخوف وطول الامل
الغيبة و النميمة والبهتان والسباب
الغضب و الحقد والعصبية والقسوة
العجب والتكبر والغرور
الكذب و الرياء واللسان
حب الدنيا والرئاسة والمال
العقوق وقطيعة الرحم ومعاداة المؤمنين
سوء الخلق والظن
الظلم والبغي و الغدر
السخرية والمزاح والشماتة
رذائل عامة
علاج الرذائل
علاج البخل والحرص والغيبة والكذب
علاج التكبر والرياء وسوء الخلق
علاج العجب
علاج الغضب والحسد والشره
علاجات رذائل عامة
أخلاقيات عامة
أدعية وأذكار
صلوات و زيارات
قصص أخلاقية
قصص من حياة النبي (صلى الله عليه واله)
قصص من حياة الائمة المعصومين(عليهم السلام) واصحابهم
قصص من حياة امير المؤمنين(عليه السلام)
قصص من حياة الصحابة والتابعين
قصص من حياة العلماء
قصص اخلاقية عامة
إضاءات أخلاقية
الشهوة والعفاف
المؤلف: الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
المصدر: الأخلاق في القرآن
الجزء والصفحة: ج2/ ص179-200
2024-12-24
262
تنويه :
«الشهوة» في اللغة لها مفهوم عام يطلق على جميع اشكال الرغبات النفسانية والميل إلى التمتع واللّذة المادية وأحياناً تطلق كلمة الشهوة على العلاقة الشديدة بأمرٍ من الامور المادية.
إن مفهوم الشهوة مضافاً إلى المفهوم العام يطلق أيضاً على خصوص «الشهوة الجنسية» ، وأما في القرآن الكريم فنلاحظ أنّ مفردة «الشهوة» استعملت بالمعنى العام وبالمعنى الخاص ، وفي هذا البحث فإنّ مقصودنا من هذه الكلمة هو المعنى الخاص لأن تأثيراتها المخربة والمدمرة أكثر من سائر أشكال الرغبات الجسدية الاخرى.
«الشهوة» تقع في مقابل «العِفة» والعفة أيضاً لها مفهوم عام ومفهوم خاصّ ، فاما المفهوم العام هو ضبط النفس في مقابل الرغبات والميول النفسانية والأفراط في اتباعها ، واما المفهوم الخاصّ فهو ضبط النفس في مقابل متطلبات الغريزة الجنسية والتحلل الأخلاقي.
«العفة» تعتبر من الفضائل الأخلاقية المهمة الّتي تساهم في ترشيد وتكامل المجتمعات البشرية بعكس الشهوة الّتي تقع في مقابلها والّتي يوجب اتباعها سقوط الفرد أخلاقياً وانحطاط المجتمع في حركته الحضارية.
إن التحقيقات التاريخية تشير إلى أنّ المجتمعات الّتي كانت تتمتع بمقدار كافٍ من العفة كانت تتمتع بطاقات وقدرات حضارية وإنسانية وتعيش حالة من التقدّم والتكامل على المستوى الفردي والاجتماعي وتعيش الأمن والهدوء والاستقرار في مستويات عالية ، ولكن وبعكس ذلك الأشخاص أو المجتمعات الّتي كانت غارقة في مستنقع الشهوات فإنّها فقدت طاقاتها البنّاءة وقواها الحيوية وبالتالي أضحت مستسلمة لتداعيات قوى الإنحراف والسقوط الحضاري.
وطبقاً لنظر الحقوقيين فإنّ «الشهوة الجنسية» تعتبر دعامة رئيسية في التورط في الجريمة والعدوان إلى درجة أنّه قيل : إنّ في كلّ جريمة هناك عنصر «الشهوة الجنسية» ، ولعلّ هذا التعبير مبالغٌ فيه ، ولكن الحقيقة أنّ طغيان «الغريزة الجنسية» وطلب الشهوة يعتبر منشأً ومصدراً للكثير من الجرائم والانحرافات الفردية والاجتماعية ، فقد سفكت بسببها الكثير من الدماء واتلفت الكثير من الأموال والثروات ، وتم تسريب الكثير من الأسرار المهمة للحكومات والدول بواسطة النساء الجاسوسات من خلال استخدامهن لعنصر الجمال والجاذبية الجنسية ، وبالتالي كانت هذه الغريزة هي السبب في التورط في الفضائح الأخلاقية على مستوى الشخصيات والدول.
ومن خلال الآيات والروايات الشريفة ، يمكننا أن نستوحي هذه الحقيقة ، وهي أنّ «الشهوة الجنسية» تعتبر إحدى الوسائل والأدوات المهمة للشيطان ، ونجد في القرآن الكريم اشارات متعددة لمفهوم العفة والشهوة في موارد مختلفة ، وفيما يلي بعض الآيات الكريمة الّتي تستنطق هذا المفهوم القرآني :
1 ـ (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا* إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً)([1])
2 ـ (وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً)([2]).
3 ـ (وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ* أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)([3]).
4 ـ (وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ* وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ* قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ* قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ* قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ* فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ* مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ)([4]).
5 ـ (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ* إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ)([5]).
6 ـ (وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ* إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ* وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ* فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ* وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ)([6]).
تفسير واستنتاج :
آثار اتباع الشهوات في التاريخ البشري
«الآية الاولى» بعد أن تذكر أسماء بعض الأنبياء الإلهيين وتستعرض صفاتهم الكريمة وخصالهم الحميدة تقول : (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا)([7]).
وهنا تستثني الآية المذكورة فوراً بعض الأشخاص الّذين يحملون صفات متميزة وتقول : (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً)([8]).
والجدير بالذكر أنّ الآية محل البحث تتحدّث عن اتباع «الشهوات» بعد مسألة إضاعة الصلاة وتتبعها حالة الضلال والغي ، ويمكن أن نستوحي من هذه العبارة انها تشير من جهة إلى أنّ الصلاة تعد عاملاً مهماً في الحدّ من طغيان الشهوات وبالتالي العمل على تقويم سلوك الإنسان في طريق الحقّ والانفتاح على الله بعيداً عن اشكال الإنحراف الأخلاقي وافرازات الأهواء النفسانية ، وكما جاء في الآية 45 من سورة العنكبوت : (... إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) ومن جهة اخرى تشير الآية إلى أنّ عاقبة «اتباع الشهوة» هي الضلال والانحراف ، كما نجد ذلك في الآية 10 من سورة الروم : (ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ).
أجل أنّ عاقبة هؤلاء هي الضلالة والزيغ وما يستتبع ذلك من النتائج الوخيمة ، أي الغضب الإلهي والعقاب الاليم في الآخرة.
ومعلوم أنّ «الشهوات» في الآية محل البحث لها مفهوم واسع ولا تنحصر في «الشهوة الجنسية» ، بل تستوعب في مفهومها كلّ أشكال الميول النفسانية والنوازع الدنيوية والأهواء الشيطانية ، وطبعاً فإنّ الأشخاص الّذين تابوا من بعد ذلك واستدركوا تورطهم في الذنوب بالعمل الصالح وتحركوا على مستوى تقوية إيمانهم القلبي الّذي تعرض للاهتزاز بسبب الولوغ في الخطيئة فإنّ عاقبتهم أنّهم سيكونون من أهل الجنّة بعد تطهير قلوبهم من الآثار السلبية لاضاعة الصلاة واتباع الشهوات.
«الآية الثانية» وضمن بيان التقابل بين «الرجوع إلى الله» و«اتباع الشهوات» ، والإشارة إلى أنّ هذين المفهومين لا يلتقيان في الإنسان في جهة واحدة بل يسيران به في جهتين مختلفتين تقول : (وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً)([9]).
أجل فالأشخاص الّذين غرقوا في وحول الخطايا والشهوات يريدون أن يورطوا الآخرين في الخطيئة وممارسة الاثم ليكونوا من أمثالهم ويتلوثوا بالذنوب ، في حين أنّ الله تعالى يريد للناس الطهر والنقاء القلبي بتركهم الشهوات وبعودتهم إلى الله ، وبالتالي لينالوا المعرفة والصفاء والتقوى والسعادة الدائمة ، ويقول الأعاظم من المفسّرين أنّ المراد من «الميل العظيم» هو هتك الحدود الإلهية والتلوث بأنواع الذنوب والخطايا ، والبعض منهم يرى أنّ المقصود منها هو نكاح المحارم وأمثال ذلك الّتي ورد النهي عنها في الآية السابقة والّتي هي في الواقع أحد مصاديق المفهوم أعلاه.
والجدير بالذكر أنّ اتباع الشهوات الوارد في الآية الكريمة يمكن أن يكون له مفهوم عام ، وكذلك يمكن أن يكون إشارة إلى الشهوة الجنسية بالخصوص ، لأن هذه الآية وردت بعد آيات تحدثت عن حرمة نكاح المحارم والنساء المحصنات والجواري والبغايا من الجواري ، وعلى أي حال فإنّ هذه الآية تقرر حقيقة مهمة في هذا المجال ، وهي أن طريق «اتباع الشهوات» تتقاطع تماماً مع طريق «الانفتاح على الله».
الآيات الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة من الآيات محل البحث تتحدّث عن قصة قوم لوط وتورطهم في إنحراف أخلاقي في دائرة الغريزة الجنسية ، فالشهوة هنا امتزجت مع انحرافات جنسية كثيرة على طول التاريخ ، وفي كلّ آية من هذه الآيات الكريمة هناك نكتة خاصّة تشير إليها الآية القرآنية حيث نستعرضها ونشير إلى هذا المضمون الكامن فيها :
«الآية الثالثة» تتحدّث عن النبي لوط وتستعرض خطابه لقومه في اطار التوبيخ الشديد حيث تقول : (وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ)([10]).
«الفاحشة» كلمة تطلق على كلّ عمل قبيح جداً ، رغم أنّ المتعارف في المفهوم منها هو «الفحشاء الجنسي» ، والآية الكريمة تشير إلى أنّ هذه الفاحشة قد بدأت من قوم لوط وأنّ إتيان المذكر أو ما يعبر عنه باللواط لم يكن قبل ذلك متداولاً في المجتمعات البشرية.
ويستمر لوط في التحدث مع قومه بلسان الذم والتقريع ويقول : (أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ ...)([11]).
في هذه الآية نجد انها تشير إلى أحد العلل والأسباب لتحريم «اللواط» ألا وهو ظاهرة انقطاع النسل ، لأنّه لو تصورنا سريان هذا السلوك المنحرف إلى جميع أفراد المجتمع فإنّ هناك خطر انقطاع النسل البشري ، وسوف تعيش الإنسانية حالة التهديد بالفناء والاندثار.
بعض المفسّرين ذهبوا إلى أنّ جملة «وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ» المذكورة في الآية أعلاه هي إشارة إلى عمل السرقة وقطع الطريق الّذي كان يمارسه قوم لوط ، وبعض ذهب انها إشارة إلى التعرض الجنسي للآخرين وللمارة الّذين كانوا يمرون في طريقهم.
«نادي» من مادّة «ندى» بمعنى المجلس العام أو مجلس التفريح والترفيه حيث يتنادى الناس فيه وينادي بعضهم الآخر في مثل هذه المجالس.
وبالرغم من أنّ القرآن الكريم لم يذكر أنّ قوم لوط في مجالسهم الترفيهية هذه ما ذا كانوا يرتكبون من منكرات اخرى ، ولكن من الواضح أنّ أعمالهم الاخرى كانت متناغمة مع عملهم الشنيع هذا ، وقد ورد في الروايات الشريفة أنّهم كانوا يخلعون ملابسهم أمام الآخرين ويمارسون حالة التعري والتلفظ بالألفاظ الموهنة والركيكة ويتحدّثون بالكلمات القبيحة في ما بينهم ويقومون بأعمال وقحة وممارسات قبيحة يخجل القلم عن ذكرها.
قوم لوط هؤلاء كانوا قد غرقوا في مستنقع الشهوة إلى درجة أنّهم أخذوا يستهزئون بالقيم الأخلاقية والمثل الإنسانية ، ولهذا السبب فعند ما سمعوا كلام لوط تعجبوا من ذلك وأنكروا عليه هذا التوبيخ والذنب لأفعالهم وقالوا له كما تقول الآية : (... فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)([12]).
وبهذا فإنّهم استهزؤا بعذاب الله وسخروا من كلام النبي لوط.
وفي «الآية الرابعة» من الآيات محل البحث نجد إشارة إلى جانب آخر من قصة قوم لوط حيث تتحرك الآية لبيان حادثة الضيوف الإلهيين الّذين نزلوا بمهمة انزال العذاب في قوم لوط وجاءوا على شكل شباب ذي وجوهٍ مليحة وجميلة إلى النبي لوط (عليه السلام) الّذي لم يكن يعرفهم ، ولهذا أبدى خوفه وانزعاجه لهذه الضيافة لما يعلم من سوء نية قومه اتجاه الغلمان والشبان فتقول الآية (وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ)([13]).
وفي هذه الاثناء تسامع قوم لوط بالخبر فأرادوا السوء بهؤلاء الضيوف الكرام : (وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ ...)([14]).
فلمّا رأى لوط ذلك منهم تألم بشدة لهذا الموقف المخزي من قومه تجاه ضيوفه وأراد التخلص منهم بشتى الطرق ، ومنها انه عرض على هؤلاء الأشرار وبايثار عجيب بناته ليتم الحجّة عليهم ويكفوا عن ممارساتهم الشنيعة : (قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ)([15]).
إن هؤلاء الأشرار أجابوه بمنتهى الوقاحة (قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ)([16]).
أي انك تعلم إننا لا نحب مقاربة النساء وتعلم انحرافنا عن هذا المسلك الطبيعي في إشباع الغريزة.
وعند ما رأى لوط هذه الوقاحة من قومه وتملكه اليأس من إصلاحهم أو دفعهم عن ضيوفه نادى من صميم قلبه ووجوده : (قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ)([17]).
أي يا ليتني كنت امتلك القوّة لأُريكم جزاء عملكم الشنيع هذا أو أنّ لي عشيرة واتباع أقوياء يعينونني على دفعكم عن ضيوفي ..
وتتحرك الآيات في هذا السياق لتبين أنّ هؤلاء الضيوف الكرام اخبروا لوطاً بأنّهم رسل الله لإنزال العذاب على قومه وأنّهم مانعوه عن إيذاء قومه وعن أي تحرك عدواني اتجاهه واتجاه ضيوفه ، وأخبروه أنّ العذاب نازل على قومه حتماً غداً صباحاً ، وسوف لا يفلت أحد منهم من هذا العذاب الإليم والعقاب المخيف حيث ستنقلب مدينتهم رأساً على عقب وتمطر السماء عليهم حجارةً من سجيل ، وحين ذاك امروا لوطاً بالخروج مع أهلهِ من هذه القرية باستثناء زوجته الّتي كانت مداهنة مع الأشرار ويتركوا مدينتهم إلى حيث ينجوا بأنفسهم من العذاب الإلهي.
«الآية الخامسة» من الآيات محل البحث وضمن الإشارة إلى إنزال العذاب الإلهي على قوم لوط بسبب أعمالهم الشنيعة تقول : (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ* إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ)([18]).
وهكذا تم اهلاك هؤلاء القوم الظالمين وإنقاذ آل لوط من هذا العذاب الإلهي المقيم وطبعاً باستثناء زوجته الخائنة الّتي شملها العذاب مع قوم لوط.
وبالطبع كما ذكر في هذه الآية كان يمثل قسماً من العذاب الإلهي على هؤلاء الأشرار ، لأن القرآن الكريم يقول في آية اخرى : (فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها ...)([19]).
أي أنّ الزلزلة الّتي أصابتهم لم تدع لهم بناءاً ولا أرضاً إلّا قلبته رأساً على عقب ثمّ يقول : (وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ)([20]).
هذا المطر من الحجارة يمكن أن يكون قسماً من الشهب المتناثرة في الفضاء حيث نزلت هذه الشهب والنيازك بأمر من الله على اطلال هذه المدينة وأجساد أهلها المتناثرة.
وهناك احتمال آخر في معنى هذه الجملة ، وهو أنّ كلمة «حاصب» تعني العاصفة من الرمل حيث تنقل الرياح العاتية في الصحراء كثبان الرمل من منطقة إلى اخرى فتظهر في منطقة من الصحراء تلال من الرمل لم تكن موجودة قبل ذلك ، بل تتكون فجأة من خلال مطر من الرمال والحجارة الّتي تحملها العاصفة الرملية بحيث تدفن معها قرى كاملة ، وأحياناً تدفن تحتها قافلة من القوافل التجارية الّتي تجوب الصحراء.
والجدير بالذكر أنّ هذه العواصف الرملية أو أمطار الحجارة قد تحدث بين الفينة والاخرى في عالم الطبيعة ، ولكن هذه المرة حدثت هذه العاصفة الرملية بأمر من الله تعالى بوقتٍ مخصوص ومكان معين كما أخبر بذلك ملائكة الله الّذين ارسلوا إلى نبي لوط (عليه السلام).
ويوجد احتمال آخر في هذا الصدد ، وهو انه من الممكن أن تكون الزلزلة الشديدة قد أصابت هذه المدن والقرى ودمرتها عن آخرها ثمّ نزل عليهم مطر الحجارة السماوية ، ثمّ حلت بهم العاصفة الرملية لتمحوا آثارهم وتفني ما تبقى من وجودهم ، وهذا العذاب الإلهي بهذه المراحل الثلاثة الشديدة يبين غضب الله تعالى على هؤلاء القوم الظالمين.
«الآية السادسة» والأخيرة في هذه الآيات وضمن الإشارة الموجزة إلى قصة قوم لوط من بدايتها إلى منتهاها تقول : (وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ)([21]).
أجل ، فإنكم تأتون الذكور لاشباع غريزتكم الجنسية دون النساء ، ولذلك فأنتم منحرفون عن السبيل القويم لأنكم تركتم القوانين والمقررات الطبيعية والسنن الإلهية لاشباع الغريزة وسلكتم مسلك الإنحراف والزيغ الّذي من شأنه أن يؤدي إلى انقطاع النسل واشاعة أنواع المفاسد الاجتماعية والأمراض التناسلية ، ورغم أن مرض «الايدز» الموحش يعتبر أحد الأمراض العصرية الّذي اكتشف مؤخراً ، ولكن لا يبعد أن يكون هذا المرض موجوداً من ذلك الزمان أيضاً وقد اصيب به بعض هؤلاء الأشرار من قوم لوط ، ولهذا السبب فإنّ الله تعالى بحكمته ورحمته قد دفن أجسادهم تحت كثبان الرمل والحجارة ليكون ذلك عبرة للآخرين من جهة ، ونعمة للناس من جهة اخرى لمنع انتشار وسراية هذا المرض إلى أنحاء اخرى من المعمورة.
وعلى أي حال فإنّ هؤلاء القوم المجرمين كانوا على درجة من الوقاحة وعدم الحياء بحيث أنّهم مضافاً إلى عدم اصغائهم لكلمات لوط (عليه السلام) ، أرادوا إخراجه مع أهله من مدينتهم بتهمة الطهر والنقاء حيث تتحدّث الآية القرآنية في هذا السياق عن موقفهم المخزي هذا وتقول : (وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ)([22]).
ولكن الله تعالى يحكي لنا عاقبة قوم لوط هؤلاء ومصير نبيّهم الكريم حيث يقول : (فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ* وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ)([23]).
أجل ، إن هؤلاء كانوا قد غرقوا في وحول الخطيئة وتلوثوا بأدران الإثم إلى درجة أنّهم كانوا يعتبرون أنّ الطهر والنقاء من الإثم والذنب اثماً وخطيئة بحد ذاته ، ولهذا كانوا يرون إنزال العقوبة على الأبرياء والطاهرين من الناس بتهمة الطهر وعدم التلوث بالمعاصي ويحكمون عليهم بالنفي إلى مناطق بعيدة ويخرجوهم من بيوتهم ولكن العذاب الإلهي كان لهم بالمرصاد ، وقد حلّ بهم قبل أن يطبقوا أحكامهم المزرية على لوط وأهله.
إن القسم المهم من هذه الآيات وضمن بيان العاقبة المخزية لاتباع الأهواء والشهوات بالمعنى والمفهوم العام والخاصّ يشير إلى أنّ هذا العمل الشنيع يعد منبعاً للكثير من الذنوب والممارسات الخاطئة الّتي تورث الفرد والمجتمع الانحطاط والسقوط الأخلاقي والاجتماعي وتذُم وتُشنع على من يمارسون هذه الخطيئة.
اتباع الشهوات في الروايات الإسلامية :
لقد أولت الأحاديث والروايات الإسلامية هذه المسألة اهتماماً كبيراً حيث نجد أنّ الكثير من المصادر الروائية تشير إلى عواقب هذا الفعل الشنيع وتحذر الناس من افرازات مثل هذه الممارسات الخطرة على الصعيد الدنيوي والاخروي بحيث يجد القاريء نفسه متأثراً بشدة من عمق مدلول هذه الروايات الشريفة ، فهي تقرر أنّ التلوث بالشهوات سواءً بمفهومها العام أو الخاص يعد من الموانع الأساسية الّتي تصد الإنسان عن سلوك طريق السعادة والكمال ، وكذلك من الأسباب المهمة لاشاعة الفحشاء والمنكر في المجتمعات البشرية ، وفيما يلي نستعرض بعض هذه الروايات والأحاديث الشريفة :
1 ـ ورد عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : «مَا تَحْتَ ظِلِّ السَّماءِ مِن الَه يُعبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ اعْظَمُ عِنْدَ اللهِ مِنْ هَوىً مُتَّبِع» ([24]).
وبهذا يتضح أنّ اتباع الشهوة وهوى النفس يُعَدُّ من أخطر العوامل الّتي تقود الإنسان نحو منزلقات الخطيئة والانحطاط الأخلاقي.
2 ـ ويقول الإمام علي (عليه السلام) «الشَّهَوَاتُ سُمُومٌ قَاتِلاتٌ» ([25]) (حيث تقتل وتدمر شخصية الإنسان وايمانه ومروته).
3 ـ وجاء في حديث آخر عن هذا الإمام (عليه السلام) أنّه قال : «الشَّهَوَاتُ مَصائِدُ الشَّيْطانِ» ([26]) (حيث يصطاد الشيطان أفراد البشر بهذه الوسيلة بكلّ زمان ومكان وفي جميع سنوات العمر).
4 ـ وورد أيضاً عن هذا الإمام (عليه السلام) قوله «امْنَعْ نَفْسَكَ مِنَ الشَّهَواتِ تَسْلَمْ مِنَ الآفاتِ» ([27]).
5 ـ وجاء في حديث آخر عن الإمام «تَرْكُ الشَّهَوَاتِ افْضَلُ عِبَادَةٍ وَاجْمَلُ عَادَةٍ» ([28]).
6 ـ يقول الإمام الصادق (عليه السلام) «مَنْ مَلَكَ نَفْسَهُ اذا غَضِبَ وَاذا رَغِبَ وَاذَا رَهِبَ وَاذا اشْتَهى ، حَرَّمَ اللهُ جَسَدَهُ عَلَى النَّارِ» ([29]).
7 ـ يقول الإمام علي (عليه السلام) في حديث آخر «ضَادُّوا الشَّهْوَةَ مُضادَّةَ الضِّدِ ضِدَّهُ وَحَارِبُوهَا مُحَارِبَةَ الْعَدُوِّ العَدُّوَ» ([30]).
وهذا الكلام يقرر بمنتهى الصراحة هذه الحقيقة وهي أن اتباع الشهوة يقع في الطريق المقابل للسعادة والكمال الإنساني.
عواقب اتباع الشهوة في كلمات أمير المؤمنين (عليه السلام) :
اما بالنسبة إلى عواقب اتباع الشهوات والأهواء الشيطانية فقد وردت تعبيرات عميقة للأحاديث الإسلامية ونحن نكتفي في هذا المجال ببعض ما ورد عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) :
1 ـ يقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام) «اهْجُرُوا الشَّهَوَاتِ فَانَّهَا تَقودُكُمْ الى رُكُوبِ الذُّنُوبِ وَالْتَهَجُّمِ عَلَى السَّيئاتِ» ([31]).
2 ـ وفي حديث آخر نجد أنّ هذه المسألة تشتد لعاقبة اتباع الشهوات أنّ الإنسان يخرج من الدين والايمان كلياً فتقول الرواية «طَاعَةُ الشَّهْوَةِ تُفْسِدُ الدِّينَ» ([32]).
3 ـ ويقول (عليه السلام) أيضاً : «طَاعَةُ الْهَوى تُفْسِدُ الْعَقلَ» ([33]).
4 ـ «الْجَاهِلُ عَبْدُ شَهْوَتِهِ» ([34]) يعني إن الإنسان الجاهل يكون كالعبد الذليل المطيع لشهواته ونوازعه الرخيصة فلا اختيار له ولا حرية في مقابلها.
5 ـ وفي حديث آخر «عَبْدُ الشَّهْوَةِ اسيرٌ لَا يَنْفَكُّ اسْرُهُ» ([35])
6 ـ ويُقرر الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) عاقبة اتباع الشهوة وانها تمثل الفضيحة والعار على صاحبها «حَلاوَةُ الشَّهْوَةِ يُنَغِّصُهَا عارُ الْفَضيحَةِ» ([36]).
7 ـ وفي حديث آخر يقرر الإمام (عليه السلام) أنّ الشهوة هي مفتاح جميع الشرور «سَبَبُ الشَّرِّ غَلَبَةُ الشَّهْوَةِ» ([37]).
ونظراً إلى أنّ كلمة «الشر» وردت بالألف واللام للجنس وذكرت بشكل مطلق فانها تدلّ على العموم وأنّ اتباع الشهوة يمثل منبعاً لجميع الشرور وأنواع الشقاء.
8 ـ ويشير الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث آخر إلى هذه الحقيقة وهي أنّ غلبة الأهواء والشهوات على الإنسان تفضي إلى إيصاد سبيل السعادة والهدى أمام الإنسان ويقول كيف يستطيع الهدى من يغلبه الهوى ([38]).
9 ـ يقول هذا الإمام في حديث آخر مشيراً إلى أنّ غلبة الشهوات يؤدي إلى ضعف شخصية الإنسان فيقول «مَنْ زَادَت شَهْوَتُهُ قَلَّتْ مُرُوّتُهُ» ([39]).
10 ـ وفي حديث آخر يبين الإمام (عليه السلام) هذه الحقيقة وهي أن طريق الجنّة يقع في الجهة المقابلة لاتباع الشهوة فيقول «مَن اشْتَاقَ الَىَ الْجَنَّةِ سَلا عَنِ الشَّهَوَاتِ» ([40]).
11 ـ وفي رواية اخرى يُقرر الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) هذه الحقيقة ، وهي أنّ الحكمة تتقاطع دائماً مع الشهوة في قلب الإنسان ويقول «لا تَسْكُن الْحِكْمَةَ قَلْباً مَعَ شَهْوَةٍ» ([41]).
النتائج الوخيمة لاتباع الشهوة :
ومن خلال الأبحاث السابقة اتضح بأن «الشهوة» لها مفهوم عام وواسع بحيث يشمل كلّ رغبة وميل نفساني يتيح للإنسان اللّذة ، وبهذا لا تختص بالشهوة الجنسية رغم انها أحياناً وردت بمعنى الشهوه الجنسية بالخصوص.
وقد ورد هذا المفهوم في القرآن الكريم في أحد عشر مورداً بالمفهوم العام ، ولكن يستفاد المفهوم الخاص في موردين ، وأما في الروايات الإسلامية وكلمات علماء الأخلاق فقد وردت هذه الكلمة في الأغلب بمفهومها العام ، وفي مقابل مفردة «العفة» الّتي تعني الجام النفس وغض الطرف عن اللذائذ والذنوب.
وقد ورد هذا المفهوم في النصوص الدينية في الأغلب بمعناه السلبي ، ولكن أحياناً ورد بمعناه الإيجابي من قبيل قوله تعالى مخاطباً لأهل الجنّة (... وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ ...)([42]) أو يقول في مكان آخر (... وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ ...)([43]).
وعلى أي حال فإنّ هذه المفردة وردت في الأغلب بمعناه السلبي والّذي يدلّ على الافراط في اتباع الأهواء والنوازع النفسانية وغلبة الميول المخربة والمفضية إلى الوقوع في الخطيئة والمعصية.
وهكذا نجد أنّ هذه المفردة ومشتقاتها قد وردت في ثلاثة عشر مورداً في القرآن الكريم ، ستة موارد منها تحمل المفهوم الإيجابي عن هذه المفردة ، وسبعة اخرى تحمل في مضمونها المعنى السلبي.
وعلى أي حال فإنّ «الشهوة» بأي معنىً كانت إذا قصد منها المفهوم الخاصّ فإنّها تستبطن الأفراط في اشباع الشهوة وبالتالي يترتب عليها الآثار المخربة والنتائج الوخيمة المترتبة على هذا السلوك المفرط في طلب اللّذة ، وقد مرّت الإشارة إلى هذه العواقب الوخيمة في الروايات والأحاديث المذكورة آنفاً ، ولا بدّ من الاذعان إلى أنّ مسيرة التاريخ مملوءة من هذه النتائج والعواقب الوخيمة للأفراط في اشباع الشهوات ويمكننا الإشارة إلى هذه العواقب بشكل مختصر في ما يلي :
1 ـ التلوث بالذنب
إن طلب اللّذة وعبادة الشهوة يسوق الإنسان باتجاه منزلقات الإثم وارتكاب أنواع الذنوب ، وفي الحقيقة انه يعد المصدر الأساس للذنب ومعصية الله تعالى لأن الشهوات إذا تغلبت على الإنسان فبإمكانها أن تعمي وتصم الإنسان عن رؤية المخاطر ويكون مصداقاً للحديث النبوي الشريف حبُّك للشَّيء يُعمي ويُصم» ([44]) وبذلك تنقلب المفاهيم والحقائق لدى العقل فيصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً.
ولهذا السبب بالذات رأينا في الروايات السابقة الواردة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) (الرواية الثامنة) أنّ الإمام (عليه السلام) يصرح متسائلاً «كَيْفَ يَسْتَطيعُ الهُدى مَنْ يَغلِبُه الهَوى» ([45]).
ويشير الإمام (عليه السلام) في الحديث العاشر أيضاً إلى هذه الحقيقة وهي أنّ اتباع الشهوة يفسد شخصية الإنسان ويضعف مروئته ، وكذلك قرأنا قوله في الحديث التاسع أنّ اتباع الشهوات بمثابة عبادة الوثن وبإمكانه أن يحطم إيمان الفرد ويتلف دينه ، هذا وقد اورد المفسّرون وأرباب الحديث في ذيل الآيات 16 و 17 من سورة الحشر قصة العابد من بني إسرائيل والذي يدعى «برصيصا» الّذي يُعَدُ شاهداً حيّاً على هذا المدعى ولا بأس من استعراض هذه القصة النافعة رغم انها قد وردت في الكثير من الكتب المعروفة حيث نقل بعض المفسّرين أنّ رجلاً من بني إسرائيل يدعى «برصيصا» قد عبد الله زماناً من الدهر حتّى كان يؤتى بالمجانين يداويهم ويعوذهم فيبرؤون على يديه ، وانه أُتي بامرأة قد جُنّت وكان لها أخوة فأتوه بها فكانت عنده ، فلم يزل به الشيطان يزيّن له حتّى وقع عليها فحملت ، فلما استبان حملها قتلها ودفنها ، فلما فعل ذهب الشيطان حتّى لقى أحد اخوتها فأخبره بالّذي فعل الراهب وانه دفنها في مكان كذا ، ثمّ أتى بقية أخوتها ، وهكذا انتشر الخبر فساروا إليه فاستنزلوه فأقرّ لهم بالّذي فعل ، فأمر به فصلب ، فلمّا رفع على خشبة تمثل له الشيطان فقال : أنا الّذي ألقيت في قلوب أهلها ، وأنا الّذي أوقعتك في هذا ، فأطعني فيما أقول أخلصك ممّا أنت فيه ،
قال : نعم.
قال : اسجد لي سجدة واحدة.
فقال : كيف أسجد لك وأنا على هذه الحالة ،
فقال : اكتفي منك بالإيماء ، فأومى له بالسجود فكفر بالله وقتل. فهو قوله تعالى : (كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر ...).
نعم هكذا هو مصير من ابتلي بوسوسة الشيطان وسار في خطّه.
2 ـ فساد العقل
إن اتباع الشهوات والأهواء النفسانية يُلقي على عقل الإنسان وفكره حجاباً قائماً يمنعه من التمييز بين الحقّ والباطل ، وأكثر من ذلك حيث يقلب الحقّ في نظره إلى باطل ويجعل الباطل حقّاً ، وقد قرأنا في الروايات السابقة قوله (عليه السلام) «طَاعَةُ الهَوى تُفْسِدُ الْعَقلَ» ([46]) ولهذا السبب فإنّ الكثير من طلاب الشهوة واتباع الهوى بعد ما يرتكبون الممارسات القبيحة وتهدأ في باطنهم سورة الشهوة وتخمد نار الهوى فإنّهم يعيشون حالة الندم الشديد على ما صدر منهم وأحياناً يتعجبون من أنفسهم على الحماقة الّتي ارتكبوها.
وفي هذا الصدد نقرأ قول أمير المؤمنين (عليه السلام) «اذا ابْصَرَتِ الْعَينُ الشَّهْوَةَ عَمِىَ الْقَلْبُ عَنْ العَاقِبَةِ» ([47]).
3 ـ تحقير شخصية الإنسان الاجتماعية
إن طلب الإنسان على اللّذة من شأنه أن يهدم شخصية الإنسان ويحطم كيانه ومكانته الاجتماعية ويسوقه إلى هاوية الذلّة والمسكنة ، لأن مثل هذا الإنسان يسعى في تحقيق رغبته وارضاء شهوته إلى تحطيم الاطر الاجتماعية والثقافية السائدة في المجتمع ويرتكب الحماقات الّتي تفضي إلى أن يكون مهاناً وحقيراً في أنظار الناس ، ومن البديهي أنّ الإنسان الّذي يعيش احترام الذات والمروءة فإنه يشعر بنفسه على مفترق طرق عند اشتداد النوازع والشهوات ، فأما أن يرضخ لمتطلبات الشهوة ويذعن لتحديات الهوى ، أو يحتفظ باحترامه لذاته وكيانه الاجتماعي بين الناس ، ومن العسير غالباً الجمع بين هذين الاتجاهين.
وفي حديث ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال : «زيَادَةُ الشَّهْوَةِ تُزري بِالْمُرُوَّةِ» ([48]).
4 ـ اسر النفس
وأحد النتائج الوخيمة لاتباع الشهوات والأهواء هو أنّ الإنسان يقع اسيراً لنوازع النفس ومقيداً بقيود الشهوة ، فالإنسان الشهواني نجده يرزح تحت اغلال الشهوات إلى درجة أنّ الابتعاد عنها وكسر هذه القيود يضحى بالنسبة له أمراً قد يصل إلى درجة المحال أحياناً ، والمثال الواضح على هذه الحقيقة هو ما نراه من الحياة التعيسة والذليلة للمدمنين على المواد المخدرة ، فإنّهم في ظاهر الحال أحرار ، ولكنهم في الواقع أسرى العادة والادمان الناشيء من أتباعهم لدواعي الشهوه فيعيشون حالة الأسر ويرزحون تحت قيود المواد المخدرة بحيث تمنعهم من أي حركة إيجابية ونافعة لأنفسهم ومجتمعهم وتطوقهم بأطواق حديدية تمنعهم عن أي انفلات ونجاة من هذا السجن المظلم ، وخاصة إذا كان الهوى لدى الإنسان بمثابة أنواع من العشق الجنسي والشهوة الرخيصة للجنس الآخر ، فحينئذٍ يصل الإنسان في عبودية الشهوة إلى الحدّ الأقصى.
يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذا الصدد : «عَبْدُ الشَّهْوَةِ اسيرٌ لا يَنَفَّكُ اسْرُهُ» ([49]).
وفي حديث آخر يقول هذا الإمام (عليه السلام) : «وَكَمْ مِنْ عَقْل اسيرٌ تَحتَ هَوى أميرٍ» ([50]).
وأيضاً ورد في حديث آخر أنّه قال : «الشَّهَوَاتُ تَستَرِقُ الْجَهُولُ» ([51]).
5 ـ الفضيحة والعار
الفضيحة الاجتماعية هي أحد نتائج وافرازات الشهوة والرضوخ تحت مطاليبها الرخيصة ، وتاريخ البشرية مفعم بنماذج من حياة الشخصيات الممتازة والّتي لها رصيد اجتماعي وافر ولكنهم وقعوا تحت تحديات الشهوة ومطاليب الهوى فافضى بهم الحال إلى الفضيحة والعار.
وقد ورد في هذا الصدد الكثير من النصوص الدينية والأدبية في تراثنا الإسلامي
والشعبي والّتي توضح هذه العلاقة بين اتباع الشهوة وبين الفضيحة والمذلة والمهانة الّتي تصيب هذا الإنسان المنحرف كما نقرأ ذلك في قصة يوسف وزوجة عزيز مصر وكيف أنّ زوجة العزيز قد أدّى بها الأمر إلى الفضيحة والخزي رغم مقامها الشامخ لدى المجتمع المصري وكما يقول الشاعر :
انَ الْهَوى هُوَ الهَوانِ قُلِبَ اسمُهُ |
|
فَاذا هَوَيْتَ فَقَدْ لَقَيْتَ هَوانا ([52]) |
عوامل وأسباب عبادة الشهوة :
سبق وقلنا في البحوث السابقة ، أنّ علاج المفاسد الأخلاقية يجب أن يبدأ من أسباب العلل والجذور ، وتقدّم أنّ علماء الأخلاق يهتمون اهتماماً كبيراً في مباحث هذا العلم بالبحث عن العلل والدوافع للسلوك الأخلاقي لدى الفرد ، ولهذا السبب لا بدّ من التطرق إلى العوامل والأسباب المؤدية إلى أن يسلك الإنسان طريق عبادة الشهوة.
إن الرغبات والميول النفسانية والّتي يعبر عنها بالشهوات وخاصّة الشهوة الجنسية أمر طبيعي وموهبة الهية ومن عوامل حركة الإنسان نحو الكمال والتقدّم في حركة الحياة والمجتمع ، ولهذا لا يمكن إزالتها نهائياً من واقع الإنسان ولا يصحّ كبتها والسعي إلى تهميشها والغائها ، والتحرّك في سبيل ارضاء هذه الشهوات بالمستوى المطلوب وفي حد الإعتدال ليس فقط لا يوجد أيَّ مشكلة في حركة الإنسان بل يُعد أحد العوامل الّتي توجب للإنسان التكامل والرقي على المستوى التربوي والاجتماعي.
وامّا المفاسد الأخلاقية المترتبة على اشباع هذه الشهوات فتكمن في طغيان الشهوة وخروجها عن موازين العقل والاعتدال في ارضائها.
والآن لا بدّ من النظر في العوامل الّتي تسبب خروج هذه الرغبات والميول الباطنية من سيطرة العقل بحيث تشكل للإنسان قوّة مخربة وتكون من أدوات الانحراف ، وهذه العوامل المؤثرة في ازدياد ظاهرة الانحراف في سلوك الإنسان الأخلاقي هي كما يلي :
1 ـ ضعف الإيمان
إن ضعف الإيمان هو العلّة الأصلية لتغافل الإنسان عن الأوامر والتشريعات الإلهية ، فلو أنّ الإنسان كان يعيش بوجود الله دائماً في واقعه وقلبه ويراه حاضراً وناظراً إلى سلوكياته وأفعاله ، ويرى محكمة العدل الإلهية يوم القيامة بعين البصيرة فإنه لا يمكن أن يتجرأ على كسر طوق الحدود الإلهية ويتجاوز على التشريعات الدينية ويتلوث بالشهوات والمفاسد الأخلاقية.
وهذا المعنى هو البرهان الإلهي الّذي رافق يوسف في أحلك الظروف وانقذه من التورط في الإثم والمعصية الّتي توفرت جميع متقضيات ارتكابها وارتفعت جميع الموانع لممارستها مع امرأة العزيز.
فمع ضعف الإيمان وضعف التوجه إلى المبدأ والمعاد تتوفر حينئذٍ الأرضية الكافية لطغيان الشهوات بحيث يضحى الإنسان كالوحش الّذي خرج لتوّه من القفص ، فلا يرى أمامه أي رادع ومانع حيث يهجم على كلّ شخص ويفترس كلّ ما يجده في طريقه من الأحياء.
وهنا نلقي نظرة فاحصة على ما ورد في الحديث الشريف الّذي قرأناه فيما سبق «مَنِ اشتَاقَ الَى الجَنَّةِ سَلا عَنِ الشَّهواتِ» ([53]).
أحياناً يتحرك الإنسان لاشباع الشهوة والتحرر من قيود الدين والأخلاق إلى كسر سد الإيمان ، وفي هذا يقول القرآن الكريم (بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ ـ يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ)([54]) ؛ الإنسان هنا يريد أن يتحرر من القيود المعنوية ليمارس الخطايا بدون خوف من يوم القيامة ، ولهذا يسأل سؤال انكار وترديد.
2 ـ عدم الاهتمام بالكرامة الاجتماعية والشخصية الإنسانية
إن عدم اهتمام البعض بالكرامة الاجتماعية وعدم اهتمامهم بشخصيتهم الإنسانية هو أحد العوامل الّتي تسبب للإنسان التلوث بأنواع الخطايا والتورط في وحل الشهوات ، في حين أنّ احترام الإنسان لنفسه ولشخصيته الإنسانية وحيثيته الاجتماعية بإمكانه أن يقف حاجزاً ورادعاً عن ممارسة الخطيئة وطغيان الشهوة حتّى عُدَّ من عدم الإيمان بالله والآخرة.
ولهذا السبب نجد أنّ الأشخاص الّذين يتمتعون بمكانة اجتماعية في المجتمعات غير الدينية لا يستسلمون لطغيان الشهوة بسهولة ولا يقعون ضحية الأهواء والنوازع الرخيصة وخاصةً التحلّل الجنسي أو غريزة الغذاء واشباع البطن ، لأن مكانتهم الاجتماعية وسمعتهم وماء وجههم يقف سداً قوياً أمام طغيان هذه الشهوات ، وعليه فإنّ من يستسلم لنداء الشهوات ويرضخ لتحدياتها هم فقط الأشخاص الّذين يعيشون الحقارة وضعف الشخصية والدناءة.
3 ـ الغفلة والجهل
وأحد العوامل الاخرى للتلوث بهذه الرذيلة الأخلاقية هو الغفلة والجهل عن معطيات اتباع الشهوة وتأثيراتها السلبية في حركة الإنسان والحياة ، لأن أكثر الرذائل الأخلاقية تترتب عليها آثار سلبية في دائرة السلامة البدنية والصحية ، الشخص الّذي يُفرط في الطعام ويعيش حالة النهم إلى الغذاء واشباع البطن فإنه يبتلى بأنواع الأمراض البدنية ، وكذلك الشخص الّذي يفرط في الغريزة الجنسية فإنه يبتلى بضعف القوى البدنية ويورثه هذا السلوك تدميراً لشبكة الأعصاب ويورثه قصر العمر ، وبالتالي يعرض سلامته الروحية والجسمية إلى الارباك والخلل.
ولهذا نجد كثيراً من الأشخاص في المجتمعات غير الدينية يلتزمون في حياتهم بالموازين الصحية ويقيدون انفسهم برعاية الاعتدال بالأكل والجنس ، لأن الأطباء يوصون كثيراً في رعاية هذه الامور وينبهون الناس إلى نتائج الأفراط في إشباع هذه الشهوات وعواقبها الوخيمة ، وكذلك فإنّ المشكلات الاجتماعية الناشئة من اتباع الشهوات غير قابلة للانكار ، فمن المعلوم أنّ افراط البعض في طلب التنوع في الأطعمة والاكثار من الغذاء هو السبب في أن يعيش البعض الآخر من الناس حالة الجوع وقلّة الغذاء ، وهكذا الحال في التحلل الأخلاقي في المسائل الجنسية حيث يسبب القلق والاضطراب لدى أفراد الاسرة ، وما أكثر ما يتسبب في سريان التلوث بالخطيئة إلى داخل الاسرة الواحدة.
وعلى هذا الأساس فإنّ كلّ إنسان يلتفت جيداً إلى هذه الامور فسوف يحصل لديه العلم اليقيني بضرورة تقييد هذه الشهوات وضبطها من الانفلات والتحلل.
4 ـ المعاشرة مع رفاق السوء
ومن العوامل الاخرى للانحراف في اشباع الشهوات هو العشرة مع رفاق السوء والمحيط الملوث وادوات الأعلام الفاسد وأمثال ذلك ، فإنّ الغالب على رفاق السوء أنّهم يدفعون من يعاشرهم إلى ارتكاب المحرمات والتلوث بالذنوب من خلال تعليمهم على الطرق المتنوعة لاشباع الشهوات بطرق ممنوعة بحيث يمكن القول أنّ أهم أسباب التلوث بالخطيئة والانحراف في اشباع الشهوة هو الاختلاط مع الملوثين والمنحرفين.
وهكذا بالنسبة إلى أدوات الأعلام الفاسد والمحيط الاجتماعي الملوث تعتبر من العوامل المهمة للتلوث والانحراف ، وفي هذا المجال تحدّثنا في الجزء الأوّل عن «الأرضية المساعدة للفساد الأخلاقي) بشكل وافر وذكرنا بشكل مفصل أنّ العشرة والاختلاط مع الملوثين لا تفسد أخلاق الإنسان فحسب ، بل قد تصل به إلى حدّ الكفر في دائرة العقيدة أيضاً ، ويتحدّث القرآن الكريم عن بعض أهل النار شارحاً لحالهم (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً* يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً* لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً)([55]).
وهكذا نرى أنّ البيئة الفاسدة وعنصر التربية وما يقوم به الوالدان من أساليب خاطئة في مجال تربية الطفل بسبب ممارستهم للذنوب وانحرافهم عن الحقّ تعتبر من العوامل المؤثرة في تلوث الإنسان بظاهرة الإنحراف وعبادة الشهوة ، ولهذا نرى أنّ أغلب الأشخاص الّذين كانوا يعيشون الأمان والطهر في حياتهم عند ما يلج في مثل هذه البيئة الفاسدة والمحيط المنحرف سوف يتلوثون بالخطيئة ويفقدون إيمانهم السابق ويغرقون في بحر الذنوب والمفاسد الأخلاقية.
وبما إننا بحثنا هذا المطلب في الجزء الأوّل في موضوع «كليات المسائل الأخلاقية» بشكل مفصل ، فلذلك نكتفي بهذا المقدار من الإشارة إلى هذا المطلب المهم.
طرق علاج اتباع الشهوات :
إن الطرق الكفيلة بعلاج المفاسد الأخلاقية تكاد تكون متشابهه في الاصول في جميع الموارد ، وتتلخص هذه الطرق بنحوين : علمي وعملي.
أ) الطريق العلمي
والمراد من الطريق العلمي هو أن الإنسان يفكر ويتدبر بالنتائج والآثار السلبية لطلب اللّذة واشباع الشهوة ويرى كيف إن الإنسان المستسلم لشهواته يعيش الذلّة والأسر وانهزام الشخصية والشعور بالدونية والحقارة والابتعاد عن الله تعالى ، وهذا المعنى نجده واضحاً على سلوك اتباع الشهوة وطلاب اللّذة الرخيصة وأنّهم كيف يعيشون الضعف والوهن في شخصيتهم الإنسانية وكرامتهم الاجتماعية.
وعلى هذا الأساس فإنّ التأمل في هذه الظاهرة النفسية والاجتماعية وكذلك التفكر في حال وسيرة «اولياء الله» واتباعهم المخلصين وكيف أنّهم وصلوا مقامات سامية من التكامل الإنساني والأخلاقي بسبب محاربتهم للشهوات وامتناعهم عن سلوك طريق الخطيئة وصمودهم أمام تحديات الشهوة ، مضافاً إلى ذلك فإنّ تقوية أركان العقل ودعائم الإيمان في قلب الإنسان يجعله قادراً على كبح جماع شهواته وغرائزه ، وفي هذا المجال قال أمير المؤمنين (عليه السلام) «مَنْ كَمُلَ عَقْلُهُ استِهَانَ بِالشَّهَوَاتِ» ([56]).
وفي حديث له (عليه السلام) «مَنْ غَلَبَ شَهْوَتَهُ ظَهَرَ عَقْلُهُ» ([57]).
وكذلك قال (عليه السلام) «كُلَّمَا قَوِيَتِ الْحِكْمَةُ ضَعُفَتِ الشَّهْوَةُ» ([58]).
وفي حديث آخر يقول (عليه السلام) «اذْكُرْ مَعَ كُلِّ لَذَّةٍ زَوَالَهَا وَمَعَ كُلِّ نِعْمَةٍ انْتِقَالَهَا وَمَعَ كُلِّ بليَّةٍ كَشْفَها ، فَانَّ ذَلِكَ ابْقى لِلنِّعمَةِ ، وَانْفى لِلشَّهْوةِ ، وَاذْهَبُ لِلبَطَرِ ، وَاقرَبُ الَى الْفَرَجِ وَاجْدَرُ بِكَشفِ الغُمَّةِ وَدَرْكِ الْمَأمُولِ» ([59]).
وعليه فإنّ التفكر في العاقبة السيئة والآثار المخربة لاتباع الشهوات بإمكانه أنّ يصد الإنسان عن سلوك هذا الطريق ، ولذلك نجد أنّ الأنبياء والقادة الإلهيين بذلوا جهوداً كبيرة في هذا السبيل ليخلصوا الناس من التورط في الخطايا والذنوب وينقذوهم من أسر الشهوات والأهواء.
وفي حديث شريف عن رسول الله يقول «خَمْسٌ انْ ادْرَكْتَمُوهُنَّ فَتَعَوَّذُّوا بِاللهِ مِنْهُنَّ : لَمْ تَظْهَرِ الفَاحِشَةُ فِي قَومٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوهَا ، الّا ظَهَرَ فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالاوَجَاعُ الَّتي لَمْ تَكُنْ فِي اسْلافِهِم الَّذِينَ مَضَوُا ، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكيَالَ وَالْميزانَ الّا أُخِذُوا بِالسِّنينَ وَشِدَّةِ الْمَؤُنَةِ وَجَوْرِ السُّلطانِ ، وَلَمْ يَمْنَعُوا الزَّكاةَ الَّا مُنِعُوا الْمَطَرَ مِنَ السَّماءِ ، وَلَوْلا البَهَائِمُ لمْ يُمْطَرُوا وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ الّا سَلَّطَ اللهُ عَلَيهِمْ عَدُوَّهُم وَاخَذُوا بِعضَ مَا فِي ايْديهِمْ ، وَلَمْ يَحْكُمُوا بِغَيرِ مَا انْزَلَ اللهُ الّا جَعَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِأسَهُمْ بَيْنَهُمْ» ([60]).
ولا شكّ أنّ التأمل والتدبر في هذه المعطيات والنتائج الخطيرة لها تأثير مستمر أو مؤقت في منع الإنسان عن ممارسة الخطيئة لارتكاب الذنب.
ب) الطريق العملي
ومن جهة اخرى فإنّ الطريق العملي لعلاج حالة «عبادة الشهوة» له وجوه وانحاء مختلفة منها :
1 ـ إن أفضل الطرق العملية للنجاة من مستنقع الشهوة هو الاشباع الصحيح للغرائز البدنية والرغبات الجنسية بالخصوص ، لأنّه إذا تم اشباع هذه الرغبات الباطنية والميول البدنية من طرق سليمة وبأدوات صحيحة فإنّ بإمكانها أن تنقذ الإنسان من النتائج السلبية والمخربة المترتبة على اتباع الشهوات ، وبعبارة اخرى انه لا ينبغي للإنسان كبت هذه الغرائز والرغبات والتغافل عن ارضائها بل يجب أن يسير بها المسار الصحيح والبنّاء لتكون مفيدة ونافعة في حركة الحياة ، وفي غير هذه الصورة يمكنها أن تتبدل إلى سيل مدمر ومخرب يهلك الحرث والنسل ولا يبقى للإنسان أي أثر من آثار الخير والصلاح.
ولهذا السبب نرى أنّ الإسلام لم يهتم بالتسلية والترفية السليم والمعتدل فحسب بل عمل على حث الناس وترغيبهم في هذا الطريق لارضاء الغرائز ، ومن ذلك ما ورد في خطبة معروفة للإمام الجواد الّتي قرأها عند عقد زواجه حيث قال «امّا بَعْدُ فَقَدْ كَانَ مِنْ فَضْلِ اللهِ عَلَى الْانَامِ انْ اغْناهُم بِالْحَلالِ عَنِ الْحَرامِ» ([61]).
وفي هذا الحديث المعروف هناك إشارة إلى هذا المعنى أيضاً حيث تقول «لِلْمُؤمِنِ ثَلاثُ سَاعَاتٍ ، فَسَاعَةٌ يُنَاجِي فيهَا رَبَّهُ ، وَسَاعَةٌ يَرُمَّ مَعَاشَهُ ، وَساعَةٌ يُخَلّي بَيْنَ نَفْسِهِ وَبينَ لَذَّتِهَا فيمَا يَحِلُّ وَيَجْمُلُ» ([62]).
2 ـ ومن الطرق الاخرى للنجاة من قيود الشهوات هو أن يضع الإنسان لنفسه برنامجاً دقيقاً لحياته ، لأنّه كلما سعى لبرمجة أوقاته في اليوم والليلة «حتّى لو كان البرنامج يتضمّن جانب الترفية والرياضة البدنية» فإنه لا يكاد يجد برنامج للإنسياق وراء طلب اللّذة وفراغاً كافياً لسلوك طريق الشهوة.
3 ـ ومن العناصر الاخرى لعلاج هذه الظاهرة أو الوقاية منها هو إزالة عوامل التلوث بالخطيئة ، لأن إمكانية التلوث بالشهوات في البيئة الملوثة يكون أكثر ، أي لو كانت أسباب المعصية متوفرة وطرق الإنحراف مفتوحة ووجود الحرية النسبية في ارتكاب الذنوب واتباع الشهوات فإنّ النجاة من التلوث بالخطيئة ولا سيّما للشباب الّذين لا يمتلكون من المعرفة الدينية إلّا القليل سيكون أمراً عسيراً للغاية.
4 ـ احياء الشخصية المعنوية والإنسانية لأفراد المجتمع يعد من الطرق المهمة للعلاج أو الوقاية من التلوث بالشهوات ، لأنّه عند ما يدرك الإنسان قيمة وجوده واعتباره وشخصيته ويعلم بانه يمثل عصارة الخلقة والغاية العليا بعالم الكائنات وخليفة الله في الأرض فلا يبيع نفسه بسهولة ولا يسلمها إلى عناصر الشهوة وقوى الإنحراف.
يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذا المجال «مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ هَانَتْ عَلَيْهِ شَهْوَتُهُ» ([63]) وفي حديث آخر يقول (عليه السلام) «مَنْ عَرَفَ شَرَفَ مَعْنَاهُ صَانَهُ عَن دَنَائَةِ شَهْوَتِهِ ...» ([64]).
وآخر ما يقال في هذا المجال هو انه لا بدّ من الاهتمام بالطريق العملي ليس للتصدّي إلى الشهوات فحسب بل في جميع موارد مكافحة المفاسد الأخلاقية لدى الفرد والمجتمع ، بمعنى انه كلّما سلك الإنسان طريق مكافحة أهوائه الفاسدة وأخلاقه المنحرفة وسار في الطريق القويم فإنّ هذه القوى والعناصر السلبية ستخف وستندثر في وجوده ونفسه وسوف ينتقل الإنسان في هذا السلوك إلى أن يعيش الحالة النفسية السليمة ، ومن هذه الحالة ينتقل إلى العادة ، ومن العادة ينتقل إلى الملكة حيث تتحول هذه الحالة والعادة إلى ملكة راسخة في نفسه وتكون بمثابة الطبع الكامل له ، وعلى سبيل المثال إذا تحرّك الإنسان البخيل في علاج هذا المرض الأخلاقي نحو البذل والعطاء في دائرة الفعل والعمل ، فإنّ نار البخل ستضعف وتخبو تدريجياً في باطنه إلى أن تنطفىء تماماً.
فإذا تحرّك اتباع الشهوة أيضاً في هذا الطريق وسلكوا مسلك التصدي والمقاومة أمام طغيان الشهوات ، فإنّ هذه الشهوات والقوى المنحرفة الموجودة في باطنهم ستضعف وتخبو تدريجياً ويحل بدلها عنصر العقيدة ويعيش الإنسان حينئذٍ روح الطهارة والنقاء والانفتاح على الله والمعنويات السامية.
وهذا المعنى نجده واضحاً بكلام أمير المؤمنين (عليه السلام) «قَاوِمِ الشَّهْوَةَ بِالْقَمْعِ لَهَا تَظْفُرْ» ([65]).
شهوة الأكل والجنس :
لقد أورد الأعاظم من علماء الأخلاق كالفيض الكاشاني في «المحجّة البيضاء» والمحقّق النراقي في «معراج السعادة» والعلّامة السيّد شبّر في كتاب «الأخلاق» كلاً من شهوة البطن وشهوة الجنس بصورة مستقلة وبحثوهما كلاً على انفراد ، وفي الحقيقة اتبعوا في ذلك ما ورد في الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة في هذا المجال حيث ورد الاهتمام الكبير بهاتين الغريزتين.
الفيض الكاشاني يذكر في كتابه «المحجّة البيضاء» هاتان الشهوتان ويقول : «أما بعد ، فأعظم المهلكات لابن آدم شهوة البطن ، فبها أخرج آدم (عليه السلام) وحواء من دار القرار إلى دار الذلّ والافتقار ، إذ نهيا عن أكل الشجرة فغلبتهما شهواتهما حتّى أكلا منها فبدت لهما سوآتهما ، والبطن على التحقيق مصدر الشهوات ومنبت الأدواء والآفات. إذ يتبعها شهوة الفرج وشدّة الشبق إلى المنكوحات ، ثمّ تتبع شهوة المطعم والمنكح شدّة الرغبة في المال والجاه اللذين هما الوسيلة إلى التوسع في المطعومات والمنكوحات ، ثمّ يتبع استكثار المال والجاه أنواع الرعونات وضروب المنافسات والمحاسبات ، ثمّ يتولد من ذلك آفة الرياء وغائلة التفاخر والتكاثر والكبرياء ، ثمّ يتداعى إلى ذلك الحسد والحقد والعداوة والبغضاء ، ثمّ يفضي ذلك بصاحبه إلى اقتحام البغي والمنكر والفحشاء.
وكلّ ذلك ثمرة إهمال المعدة وما يتولد منها من بطر الشبع والامتلاء ، ولو ذلّل العبد نفسه بالجوع وضيّق به مجاري الشيطان لأذعنت لطاعة الله ولم تسلك سبيل البطر والطغيان ولم ينجر به ذلك إلى الانهماك في الدنيا وايثار العاجلة على العقبي ، ولم يتكالب كلّ هذا التكالب على الدنيا.
وإذا عظمت آفة شهوة البطن إلى هذا الحدّ وجب شرح غوائلها وآفاتها تحذيراً منها ، ووجب ايضاح طريق المجاهدة لها والتنبيه على فضلها ترغيباً فيها» ([66]).
والأخطر من ذلك أنّ الأشخاص من اتباع شهوة البطن والفرج يفقدون دينهم ويتركون إيمانهم في هذا السبيل حيث نقرأ في ذيل الآية القرآنية (وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ)([67]).
إنّ الله تعالى يذم اليهود الّذين كانوا يشترون بآيات الله ويبيعونها بثمن بخس ، فقد كانت هناك مجموعة من علماء اليهود وأحبارهم يقومون بتحريف آيات الله من أجل اشباع نهم شهواتهم لغرض دعوتهم لمجالس البذخ وموائد الترف الّتي كان يقوم بها اليهود اتجاه علمائهم ، وبهذا فهم باعوا عملياً آيات الله بثمن بخس «ولهذا انكروا وجود ذكر النبي الّذي يظهر آخر الزمان والّذي كان ينتظره اليهود والمذكور عندهم بالتوراة».
وفي الروايات الإسلامية نجد بحوثاً واسعة عن اخبار هاتين الشهوتين حيث تشير إلى بعض هذه الموارد :
1 ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) «ثَلاثٌ اخَافُهُنَّ بَعدي عَلَى امَّتي الضَّلالَةُ بَعْدَ المَعْرِفَةِ وَمُضِلّاتُ أَلْفِتَنِ وَشَهْوَةُ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ» ([68]).
المقصود من الضلالة بعد المعرفة هو أن يترك الإنسان الحقّ والطريق المستقيم بسبب وساوس المنحرفين وشبهات المخالفين ويسلك سبيل الانحراف والزيغ والضلالة ، وهذا المعنى موجود دائماً وفي كلّ زمان وخاصة في زماننا هذا.
والمقصود من «مضلات الفتن» هو اشكال الامتحان الإلهي والاختبار الرباني لعباده حيث يقع الإنسان أحياناً بسبب اتباعه للشهوات والأهواء في الخطيئة ويسقط في الامتحان ، والمراد من «شهوة البطن والفرج» هو الأفراط في الأكل وطلب اللّذة والأفراط في طلب اللّذة الجنسية.
إن سياق الحديث الشريف يوحي لنا بهذه الحقيقة ، وهي أنّ الخطر المتوجه للناس والّذي يهدد وجودهم بسبب هذه الامور الثلاثة هو خطر عميق وجدي.
2 ـ يقول الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) في حديث آخر «اكْثَرُ مَا تَلِجُ بِهِ امَّتي النَّارَ الْاجْوَفَانِ الْبَطْنُ وَالْفَرْجُ» ([69]).
3 ـ ويقول الإمام الباقر (عليه السلام) «اذا شَبَعَ البَطْنُ طَغى» ([70]).
4 ـ وأيضاً يقول هذا الإمام في حديث آخر «مَا مِنْ شَيءٍ ابْغَضُ الَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ بَطْنٍ مَمْلُوءٍ» ([71]).
5 ـ وورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال : «لا يُفْسِدُ التَّقوى الّا بِغَلَبَةِ الشَّهْوَةِ» ([72]).
6 ـ وورد في حديث آخر عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال : «لا تَجْتَمِعُ الحِكْمَةُ وَالشَّهْوَةُ» ([73]).
7 ـ وقال هذا الإمام (عليه السلام) أيضاً في حديث آخر «مَا رَفَعَ امَرءاً كَهِمَّتِهِ وَلَا وَضَعَهُ كَشَهْوَتِهِ» ([74]).
[1] سورة مريم ، الآية 59 و 60.
[2] سورة النساء ، الآية 27.
[3] سورة العنكبوت ، الآية 28 و 29.
[4] سورة هود ، الآية 77 ـ 83.
[5] سورة القمر ، الآية 33 و 34.
[6] سورة الأعراف ، الآية 80 ـ 84.
[7] سورة مريم ، الآية 59.
[8] سورة مريم ، الآية 60.
[9] سورة النساء ، الآية 27.
[10] سورة العنكبوت ، الآية 28.
[11] سورة العنكبوت ، الآية 29.
[12] سورة العنكبوت ، الآية 29.
[13] سورة هود ، الآية 77.
[14] سورة هود ، الآية 78.
[15] سورة هود ، الآية 78.
[16] سورة هود ، الآية 79.
[17] سورة هود ، الآية 80.
[18] سورة القمر ، الآية 33 و 34.
[19] سورة هود ، الآية 82.
[20] سورة هود ، الآية 82.
[21] سورة الأعراف ، الآية 80.
[22] سورة الأعراف ، الآية 82.
[23] سورة الأعراف ، الآية 83 و 84.
[24] الدرّ المنثور ، ج 6 ، ص 261 نقلاً من ميزان الحكمة ، ج 4 ، ص 3478 ، رقم 21400.
[25] غرر الحكم ، ح 876.
[26] غرر الحكم ، ح 2121.
[27] غرر الحكم ، ح 2440.
[28] غرر الحكم ، ح 4527.
[29] بحار الأنوار ، ج 75 ، ص 243.
[30] شرح غرر الحكم ، ح 5934.
[31] غرر الحكم ، ح 2505.
[32] شرح غرر الحكم ، ح 5985.
[33] شرح غرر الحكم ، ح 5983.
[34] غرر الحكم ، ح 449.
[35] غرر الحكم ، ح 6300.
[36] غرر الحكم ، ح 4885.
[37] شرح غرر الحكم ، ح 5533.
[38] شرح غرر الحكم ، ح 7001 ، ص 566.
[39] غرر الحكم ، ح 8022.
[40] غرر الحكم ، ح 8591.
[41] غرر الحكم ، ح 10915.
[42] سورة فصلت ، الآية 31.
[43] سورة الزخرف ، الآية 71.
[44] بحار الأنوار ، ج 74 ، ص 165.
[45] شرح غرر الحكم ، ح 7001 ، ص 566.
[46] شرح غرر الحكم ، ح 5983.
[47] شرح غرر الحكم ، ح 4063.
[48] شرح غرر الحكم ، ح 5507.
[49] غرر الحكم ، ح 6300.
[50] نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، ح 211.
[51] غرر الحكم ، ح 922.
[52] أدب الدنيا والدين.
[53] شرح غرر الحكم ، ح 8591 (بالفارسية) ، نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، ح 31.
[54] سورة القيامة ، الآية 5 و 6.
[55] سورة الفرقان ، الآية 27 ـ 29.
[56] شرح غرر الحكم ، ح 8226.
[57] المصدر السابق ، ح 7953.
[58] المصدر السابق ، ح 7205.
[59] ميزان الحكمة ، ج 4 ، ص 3484 ، ح 21507.
[60] اصول الكافي ، ج 2 ، ص 373.
[61] بحار الأنوار ، ج 50 ، ص 76.
[62] نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، الجملة 390.
[63] بحار الأنوار : ج 78 ، ص 71.
[64] غرر الحكم ، ح 9069.
[65] شرح غرر الحكم ، ج 4 ، ص 514 ، ح 6803 (بالفارسية).
[66] المحجّة البيضاء ، ج 5 ، ص 145.
[67] سورة البقرة ، الآية 41.
[68] اصول الكافي ، ج 2 ، ص 79.
[69] المصدر السابق.
[70] اصول الكافي ، ج 6 ، ص 270 ، ح 10.
[71] سفينة البحار ، ج 1 ، ص 25.
[72] شرح غرر الحكم ، ح 10606.
[73] غرر الحكم ، ح 10573.
[74] غرر الحكم ، ج 6 ، ص 114 ، ح 9707.