الجغرافية الطبيعية
الجغرافية الحيوية
جغرافية النبات
جغرافية الحيوان
الجغرافية الفلكية
الجغرافية المناخية
جغرافية المياه
جغرافية البحار والمحيطات
جغرافية التربة
جغرافية التضاريس
الجيولوجيا
الجيومورفولوجيا
الجغرافية البشرية
الجغرافية الاجتماعية
جغرافية السكان
جغرافية العمران
جغرافية المدن
جغرافية الريف
جغرافية الجريمة
جغرافية الخدمات
الجغرافية الاقتصادية
الجغرافية الزراعية
الجغرافية الصناعية
الجغرافية السياحية
جغرافية النقل
جغرافية التجارة
جغرافية الطاقة
جغرافية التعدين
الجغرافية التاريخية
الجغرافية الحضارية
الجغرافية السياسية و الانتخابات
الجغرافية العسكرية
الجغرافية الثقافية
الجغرافية الطبية
جغرافية التنمية
جغرافية التخطيط
جغرافية الفكر الجغرافي
جغرافية المخاطر
جغرافية الاسماء
جغرافية السلالات
الجغرافية الاقليمية
جغرافية الخرائط
الاتجاهات الحديثة في الجغرافية
نظام الاستشعار عن بعد
نظام المعلومات الجغرافية (GIS)
نظام تحديد المواقع العالمي(GPS)
الجغرافية التطبيقية
جغرافية البيئة والتلوث
جغرافية العالم الاسلامي
الاطالس
معلومات جغرافية عامة
مناهج البحث الجغرافي
مشكلة توفير عناصر الإنتاج الصناعي
المؤلف: د. عبد الزهرة علي الجنابي
المصدر: الجغرافية الصناعية
الجزء والصفحة: ص 327 ــ 332
2024-10-31
326
من البديهي القول أن وفرة مدخلات الإنتاج الصناعي تمثل ثروة لموطنها سواء أكانت مستثمرة جزءاً أو كلاً، أو أنها تنتظر الاستثمار. ووفرتها تنبئ عن حافز قائم أو مستقبلي لإقامة نشاط صناعي هنا أو هناك يستثمر ويدخلها في عجلة الإنتاج، مما يضيف ثروة ومنفعة لاقتصاد البلاد.
ومن وجهة نظر الصناعة فإن عملية الاستثمار لعناصر الإنتاج تتأثر بمجموعة من المتغيرات المتداخلة أهمها:
أولاً: التوزيع الجغرافي والمكاني غير المتجانس لعناصر الإنتاج في تنوعها وفي مقاديرها القابلة للاستثمار مباشرة أو التي يمكن أن تستثمر بعد التطوير.
ثانياً: التباين في القدرة على استثمار عناصر الإنتاج في العملية الإنتاجية بين بلد وآخر وإقليم وغيره ومنشأة صناعية وسواها إن هذه القدرة تعتمد على مجموعة من المتغيرات أهمها : مرحلة النمو الاقتصادي التي يمر بها البلد، حجم الاقتصاد، حجم الطلب على السلع والمستلزمات الإمكانات الفنية والقدرة على استخدام تقنيات متطورة الاندماج مع الاقتصاد العالمي أو الانفتاح عليه المنظومات الاقتصادية، السياسات الاقتصادية، وبالنتيجة المرونة في التدفق السلعي داخل وخارج البلد.
ثالثاً: التباين المكاني في كلف الحصول على عناصر الإنتاج، فكلفة العمل والإنتاج الزراعي واستخراج المعادن وإنتاج المواد نصف المصنعة ومصادر الطاقة وغيرها لا تتيسر لمنشآت الصناعة بأسعار متماثلة ليس فقط فيما بين الدول، بل بين أقاليم الدولة الواحدة، لارتباط هذه الأسعار بمجموعة من المتغيرات أهمها مستوى الدخل وكلف العمل كفاءة شبكة النقل والاتصال وتسهيلاتها وثم كلفها وما تمثله من إجمالي كلف الإنتاج، الموقع من خطوط النقل العالمية باعتبار القرب والبعد منها، والأوضاع السياسية والأمنية السائدة.
رابعاً: التباين الزماني في كلف الحصول على عناصر الإنتاج، والتي تتغير بتغير العديد من العوامل منها: التطورات التقنية في العمليات الصناعية في سرعتها وكفاءتها ونسب المنتجات العرضية تطور تقنيات النقل وسائطها وطرقها سرعة وطاقات ووسائط الحفظ والتبريد فتح مداخل نحو استثمار عناصر إنتاج في مواقع جديدة، اكتشاف وتطوير مصادر جديدة، التطورات التقنية في عمليات الكشف والاستخراج للمعادن، إيجاد بدائل لعناصر الإنتاج أو موادها الأولية. إن هذه المعطيات قد تجعل ما هو استثمار غير اقتصادي لعناصر الإنتاج في زمن ما اقتصادياً في وقت آخر وبالعكس.
خامساً : القرارات والتوجهات السياسية والاقتصادية للحكومات الاتحادية والمحلية وخاصة في نظرتها لدور القطاع الخاص في الصناعة، وفي الاقتصاد عامة، ومنه مقدار السماح بتدفق رؤوس الأموال والسلع وعناصر الإنتاج من والى الدولة وأقاليمها.
إن النقص في عوامل الإنتاج أو ندرتها كلاً أو جزءاً، حالاً أو مستقبلاً، أو ارتفاع كلف الحصول عليها يُعد محبطاً لجهود التنمية الصناعية أو معيقاً لها، إلا أن التساؤلات تظل قائمة عما إذا كان بالإمكان تجاوز هذه المعضلة أو التخفيف من وطأتها بأقل تقدير، وماهية الوسائل التي يمكن اعتمادها في هذا السبيل. ليس من السهل الإجابة باقتضاب عن هذه التساؤلات، كما أن ليس متعذراً الإتيان بافتراضات تجيب عن هذه التساؤلات. فمن المنطقي أن نبدأ بمسلمة أساسية مفادها أن وفرة عناصر الإنتاج المتاحة للاستثمار الصناعي يشجع على قيام الصناعة وعلى تطورها لاحقاً، وكلما كانت هذه الوفرة غزيرة في تنوعها ومقدارها كلما قدمت للصناعة منافع اقتصادية وإمكانية أفضل للتطور والتوطن. وفي نفس الوقت إن هذه الوفرة لا تعني حتمية قيام الصناعة حالاً، لأن قيامها يرتبط بجملة من العناصر الأخرى قد لا تكون في ذات القدر من اليسرة. ومن جهة أخرى فإن اليسرة المطلقة لا تُعد كافية لوحدها ما لم تكن بأسعار معقولة أو مقبولة للصناعة لضمان نجاح الصناعة اقتصادياً باعتبــار الكلفة والربحية الاقتصادية .
أسهمت بعض نظريات التوطن الصناعي في هذا النقاش في محاولة لوضع إطار نظري لتعقيداته، فقد حاول فيبر في نظريته الوصول الى مثل ذلك بتأكيده أولاً على أن الموقع الأمثل هو الذي يتمثل بحد أدنى من كلف النقل، إلا أن موقعاً آخراً يتوفر فيه حد أدنى من كلف العمل قد يوفر بديلاً عن موقع يتصف بكلفة نقل عالية، وقد يمكن أن تكون مواقع أخرى تتميز بوفورات للتكتل بديلاً عن هذه وتلك.
أما كرينهات فقد جاء بمبدأ الإحلال Replace أو التعويض بين عناصر الإنتاج، وأكد على أن هدف العمليات الصناعية هو تعظيم الأهداف Aim Maximization، وإن أعظم الأهداف يتحقق من خلال توزيع مثالي للعوامل النادرة بين الأهداف المتنافسة.
وتطرق Isard الى ذات المبدأ وهو الإحلال بين عناصر الإنتاج Substitution Principles وأشار الى أنه لا يوجد موقع واحد لكلفة النقل الدنيا بل خط ما بين نقطتين على طوله توجد مواقع متماثلة الكلفة لعامل أو آخر من عناصر الإنتاج. وإذا ما انتقلنا من التوصيف النظري للمشكلة الى الواقع العملي، فإن من الممكن الإشارة الى بعض التجارب العالمية وأقدمها التجربة في المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا حيث ابتدأت فيها الصناعة وقامت على أساس وفرة عناصر الإنتاج الأساسية محلياً، وهي المواد الخام ومصادر الطاقة، وقد يعود الفضل أيضاً من إحدى الزوايا لتجاور مواقع هذه المصادر من بعضها في أقاليم معروفة مثل الرور والسامبرمين وربما كان الفصل الأول لقيام القاعدة الصناعية الأساسية متمثلة بصناعات الحديد والصلب في الولايات المتحدة الى ذات الوفرة والمجاورة لخامات الحديد والفحم في قدمات الابلاش مثلاً.
أما دول المعسكر الاشتراكي فقد اعتمدت على مجموعة متداخلة من عناصر الإنتاج المحلية، إلا أن عامل النجاح الأساسي في البداية كان في التأكيد على مبدأ حماية الإنتاج المحلي حتى لو كان بكلف مرتفعة نسبياً.
وفي دول أخرى مثل الصين وكوريا الجنوبية تم استثمار عنصر هام من عناصر الإنتاج متيسر محلياً وهو قوة العمل التي تتميز بانخفاض الكلفة مع إنتاجية عالية.
ومما لا شك فيه أن لا ضمانة لاستمرار عناصر الإنتاج ذاتها في تقديم الحوافز للصناعات القائمة مدة طويلة، فالخامات ومصادر الطاقة قابلة للنفاذ، أو أن كلف الحصول عليها تتزايد باطراد، ولهذا لابد من أن يتسم النشاط الصناعي بالديناميكية - وهو كذلك بالفعل - في اقتناص الفرص والبحث عن بدائل لما قد يتسبب في رفع كلف الإنتاج. إن مثل هذا قد حصل بالفعل في المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية واليابان وألمانيا ، فالخامات عالية الرتبة التي قامت عليها صناعات الحديد والصلب في أقاليمها المشهورة قد نفذت، فاضطرت معها الى استثمار واطئة للرتبة منها ، أو بدأت باستيرادها من الخارج أو من مواقع أخرى، فاتجهت صناعات كثيرة فيها الى استثمار قدرتها على تطوير تقنيات الإنتاج الصناعي باستمرار مما تعجز عن مجاراتها فيه صناعات أو دول أخرى. وبهذا فقد دخل عنصر الإنفاق الاستثماري على تطوير تقنيات الإنتاج الصناعي كعنصر أساسي ينافس عناصر الإنتاج التقليدية في إكساب الصناعات قدرتها على التنافس في السوق وفي ضمان الاستحواذ على سوق واسعة والحفاظ على هذه السوق وتوسيعها أيضاً وبهذا تحول التطور التقني في وسائل الإنتاج من عامل مساعد في العملية الإنتاجية الى عامل حسم أساسي يعوض عن ندرة عناصر الإنتاج أو عجزها عن إمداد الصناعة بمتطلباتها منها بكلف مناسبة. ونتيجة لما تقدم لابد من التأكيد على أن الاعتماد على المتاح للاستثمار الصناعي من عناصر الإنتاج المحلية يمثل مفتاح النجاح الأول، وأن يكون القطاع الصناعي مرناً وقادراً على استيعاب التغيرات التي قد تطرأ في مجال وفرة عناصر الإنتاج وكلفها، وهذا يتطلب أن تكون الإدارات الصناعية بكفاءات غير تقليدية، تعاونها على الحركة قوانين وإجراءات إدارية تتيح مجالاً واسعاً للحركة، على أن يبقى رافد التطور التقني قادراً على الإسهام المستمر في تطوير العمليات الصناعية من خلال توثيق العلاقة بين البحث والتطوير .R.D في مؤسسات خاصة بها أو المنشآت الصناعية الكبيرة القادرة على إنجاز البحوث وتطبيق نتاجاتها من الابتكارات Innovations والاختراعات Inventions موضع التطبيق في منشآتها.