x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
لغز جريمة قتل
المؤلف: البروفيسور روي تايلور
المصدر: حياة بلا داء السكّري
الجزء والصفحة: ص 77 ــ 81
2024-10-29
149
من الجاني؟
كانت هناك اختفاءات وتم الاشتباه بجريمة قتل. الضحايا هم خلايا بيتا. عندما نظر إلى نسيج البنكرياس لأناس مصابين بالسكّري من النوع الثاني تحت المجهر، بدا ببساطة أن نصف خلايا بيتا مختفية، وافترض أنها ميتة. وفي الناس الذين كان داؤهم السكّري طويل الأمد، كان ثلثا الخلايا تقريبا قد تلاشى. بدا قطعيا أن خلايا بيتا قد قتلت واحدة تلو الأخرى. ما الذي كان يجري؟ هل يمكن تقديم القاتل للعدالة؟
في العام 2006، رأيت صدفة أن مستويات غلوكوز الدم المرتفعة في السكّري من النوع الثاني يمكن أن تعود إلى طبيعتها في غضون سبعة أيام. كانت الورقة العلمية التي أوردت هذه المعلومة تناقش جراحة علاج البدانة، التي تجرى لإنقاص الوزن في الناس ذوي الوزن الثقيل جدا. اقترح المؤلفون أن التغير السريع في غلوكوز الدم قد يكون نتيجة للهرمونات التي ينتجها المعي؛ هرمونات الإنكرتين. مرت 35 سنة منذ أن استمعت كطالب طب إلى البروفيسور رغينالد باسمور وهو يتنبأ بوجود هذه الهرمونات، وقد تم بعد ذلك تعيينها. كنت مسرورا فقط لأن أرى كم كان استنتاجه العلمي صحيحًا. ولكن كان من المستبعد للغاية أن تكون هرمونات الإنكرتين هذه هي السبب وراء التغير السريع في مستويات غلوكوز الدم في الصباح الباكر، كما ذكر في الورقة. لا يمكن ببساطة أن تكون هرمونات الإنكرتين قد فعلت ذلك، لأن تأثيرها ضعيف على غلوكوز الدم أثناء الليل وفي الصباح الباكر وهي تعمل بشكل كامل تقريبا بعد وجبات الطعام. وقد عرفنا أن أولئك الناس الذين خضعوا لجراحة المعدة لم يأكلوا شيئًا في الأيام السبعة الأولى التالية للعملية. لا وجبات طعام، لا زيادة في هرمونات الإنكرتين كان كل هذا بمثابة معرفة عميقة قيمة بما أن هرمونات الإنكرتين لم تكن السبب وراء تغير الغلوكوز، فثمة شيء آخر حتماً.
تفاصيل القضية
في السكّري من النوع الثاني، بدا أن نصف خلايا بيتا قد قتلت. من كان المشتبه بهم؟ من معارف باسمور العميقة، بدا أن السيد انكرتين لديه دفع بالغيبة. اشتملت قائمة الأشرار الآخرين على الأنسة نشواني الغامضة والسيد التهاب.
النشواني عبارة عن مادة تلاحظ أحيانا في الجزيرات في الناس المصابين بالسكّري من النوع الثاني في ثمانينيات القرن الماضي، وبالاستناد إلى أضعف الأدلة، بات الاعتقاد بأن النشواني سبب لموت خلايا بيتا في داء السكّري من النوع الثاني راسخاً على نطاق واسع، ومنذ ذلك الحين توارى النشواني كجانٍ محتمل، ولكن على الرغم من أن الآنسة نشواني قد تملك الوسيلة على أسس نظرية، إلا أنها لا تكون حاضرة إلا لمامًا على مسرح الجريمة.
يمكن للالتهاب أن يسبب الكثير من المشاكل في أجزاء عديدة مختلفة من الجسم يمكن أحيانا أن يكون قاتلا، على سبيل المثال، في سكري الأطفال أو النوع الأول في ذلك النوع المختلف جدا من السكّري، يكون الهجوم المناعي من قبل الخلايا الالتهابية محوريا قطعا في مشكلة موت خلايا بيتا. ولكن في السكّري من النوع الثاني، يبدو أن حجم الالتهاب ليس كافيا ليكون مهدداً كسلاح قتل، ولهذا لم يكن السيد التهاب في رأس قائمة المشتبه بهم، سواء لجهة الوسيلة أو الحضور على مسرح الجريمة.
دعنا نأخذ تلميحًا من المحققين البارعين في الأفلام الروائية علينا أن نتوقف ونعيد تقييم الجريمة ماذا عن ذلك التعافي الظاهر لخلايا بيتا بعد سبعة أيام؟ هل كان للانخفاض في غلوكوز الدم أي علاقة بنفس خلايا بيتا؟ لا تنس أن السكّري من النوع الثاني ينشأ على مدى سنوات عديدة. والانبعاث المفاجئ لا يحدث على مسرح جريمة قتل ما الذي كان يحدث؟
خطوة إلى الأمام السيد كبد، اظهرت الأبحاث في نيوكاسل وأماكن أخرى كيف يتحكم الكبد بسكر الدم في جميع الأوقات يتحكم العبد بتدفق الغلوكوز أثناء الليل وبعد الأكل بشكل ضعيف نوعا ما في الناس المصابين بالسكّري من النوع الثاني. ونحن نعرف أن الكبد يحدد مستوى غلوكوز الدم استجابة للإنسولين. على مدى الثماني سنوات المؤدية إلى ذلك اليوم الهام في العام 2006، كنّا نبحث في تأثير الدهن داخل الكبد واكتشفنا أن الدهر الزائد كان فعالا في منع الإنسولين من القيام بوظيفته. أدى الدهن نفسه إلى جعل الكبد مقاوماً للإنسولين.
كان زميلاي المقرّبان في جامعة يال في الولايات المتحدة كيت بترسون وجيري شولمان، قد أظهرا في السنة السابقة فقط أن التقييد المعتدل الطعام على مدى بضعة أشهر يمكن أن يحسن مستويات دهن الكبد، وأن هذا بدوره يحسن استجابة الكبد للإنسولين. عملت مع جيري وكيت في العامين 1990 و1991، وعرفت مدى دقتهم في إجراء دراساتهم العلمية تكامل عملي، وعملهما، وكل الملاحظات السابقة حول دهن الكبد بنجاح لتفسير التطبيع الدراماتيكي لسكّر الدم بعد سبعة أيام فقط من جراحة علاج البدانة، وأيضاً لتفسير ما يحتمل أنه بحدث الخلايا بيتا.
الاستنتاج
جرى الأمر على هذا النحو الناس المشمولون في دراسة جراحة علاج البدانة كانوا بالطبع ثقيلي الوزن جداً، ولهذا السبب كانوا يخضعون للجراحة كان من السهل حساب عدد السعرات الحرارية التي سيحتاجونها كل 24 ساعة للبقاء على قيد الحياة. سيتطلبون 2700 سعرة حرارية على الأقل كل يوم، مُستلقين على أسرتهم طوال اليوم، لا يحرّكون ساكنا هذا أكثر مما يأكله الشخص العادي حتى أثناء حركته قبل أن يجري الجراح العملية على المعدة لا يسمح بالأكل طبعا لمدة 12 ساعة على الأقل. انخفض مأخوذ الطعام المعتاد لهؤلاء الناس فجأة، من مقدار كبير جداً إلى صفر في مساء اليوم قبل الجراحة، عندما علّقت الممرضة لافتة على السرير: (لا شيء عبر الفم) يجب أن يبقى الجسم حيا، وسيبقى بحاجة إلى 2700 سعرة حرارية لفعل ذلك كل يوم. على مدى الأيام السبعة التالية للعملية، لا بد من إيجاد سبعة أضعاف هذا المقدار، أي 19,000 سعرة حرارية سيتم التزويد بعدد صغير من السعرات الحرارية من خلال السوائل الداعمة المعطاة في الوريد، ولكن الغالبية العظمى منها يجب أن توجد من مكان آخر.
من حسن حظنا جميعا أن أجسامنا مبنية للنجاة، مع مخازن لوقت الحاجة، وانظر فقط إلى ذلك الوقود المتوفر، قابعا هناك في الكبد على أهبة الاستعداد للعمل كلما كان الشخص أثقل وزنا، كان أكثر احتمالا لأن تكون لديه مقادير كبيرة من الدهن داخل الكبد. أن مخزن الدهن هذا يستخدم أولا من الأسهل كثيرا للجسم أن يعبئ الطاقة من عضو الأيض الرئيسي بدلا من استرداد الدهن من مستودع التخزين الطويل الأمد تحت الجلد. ولهذا بدا من المرجّح أن تكون مستويات دهن الكبد في أولئك المرضى الخاضعين لجراحة علاج البدانة قد انخفضت بسرعة. ماذا لو سبب ذلك انخفاض مقاومة الإنسولين في الكبد بنفس السرعة؟ ستؤدي العودة المفاجئة للاستجابة الطبيعية للإنسولين إلى إيقاف السكب السابق للغلوكوز، على نحو مفاجئ جداً. وفقا لهذا التفكير المنطقي، يمكن أن يكون التغير السريع في غلوكوز الدم ناتجا ببساطة عن استنفاد الدهن الزائد في الكبد ولا علاقة له بخلايا بيتا.
ولهذا هل يمكن أن يكون التطبيع السريع لغلوكوز الدم ليس نتيجة لمهارة الجراح الرائعة والموثوقة وإنما انعكاس فقط لتلك اللافتة المعلقة على السرير لا شيء عبر الفم؟ بالطبع، بإمكان الناس أن يأكلوا مرة ثانية بعد أسبوع أو نحوه من الخضوع لذلك النوع من الجراحة، ولكن معداتهم ستكون قد قصت إلى جزء من حجمها الأصلي (إلى حجم إبهامك تقريبا). يستمر المرضى في كونهم مقيدين جدا في ما يتعلق بكمية الطعام التي يمكنهم استهلاكها. ولهذا فإن التحسن المفاجئ في غلوكوز الدم سيستمر.
ولكن ماذا عن مسرح جريمة القتل المفترضة؟ ماذا عن خلايا بيتا من المؤكد أن التغير في غلوكوز الدم في الأيام السبعة لا علاقة له بها لا يمكن أن تتوقع منها أن تتعافى بطريقة سحرية خلال أسبوع، بغض النظر عمّن عساه يكون الجاني.
تذكّر أن سلوك السكّري من النوع الثاني في المجموعات يكون على نحو كما لو كان السبب واحدا. ماذا لو - فقط ماذا لو - تم عكس الانخفاض في دهن الكبد بانخفاض في محتوى الدهن في البنكرياس؟ هل يمكن لهذا أن يتيح عودة الوظيفة الطبيعية للبنكرياس بطريقة يمكن بها صنع الإنسولين بشكلٍ طبيعي مرة أخرى إذا كان الأمر كله نتيجة للدهن الفائض، كما في الكبد، فقد يكون هناك بالفعل سبب واحد بسيط للسكري من النوع الثاني، وليس أسبابا منفصلة في أعضاء مختلفة، كما كان يعتقد سابقاً.
ظهرت رؤى للكبد، والدهن، وخلايا بيتا، والحياة في توليفة بهية، يتم فيها تبادل المواقع كل الأفكار الصحيحة كانت هناك، ولكن باستعارة مصطلح من اريك موركامب، ليست بالضرورة بالترتيب الصحيح إحدى أهم مجموعات المعدات العلمية أقلها تكلفة: ورقة بيضاء فارغة، وقلم رصاص، والدماغ البشري. يمكن كتابة كل تفصيل على الورقة، ودراسته في ما يتعلق بالتفاصيل الأخرى، ومحوه. هل كانت هناك جريمة قتل؟ ما الذي تسبب فعليا بماذا؟ أيّها حصل أولا؟ كيف ترتبط الأحداث كلها معاً؟ استغرق الأمر عدة أشهر لجمع الأفكار في رسم تخطيطي.
سيداتي وسادتي، لم تكن هناك جريمة قتل. كانت خلايا بيتا لا تزال حية بالتأكيد، رغم أنها اختفت.