1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

القانون العام

القانون الدستوري و النظم السياسية

القانون الاداري و القضاء الاداري

القانون الاداري

القضاء الاداري

القانون المالي

المجموعة الجنائية

قانون العقوبات

قانون العقوبات العام

قانون العقوبات الخاص

قانون اصول المحاكمات الجزائية

الطب العدلي

التحقيق الجنائي

القانون الدولي العام و المنظمات الدولية

القانون الدولي العام

المنظمات الدولية

القانون الخاص

قانون التنفيذ

القانون المدني

قانون المرافعات و الاثبات

قانون المرافعات

قانون الاثبات

قانون العمل

القانون الدولي الخاص

قانون الاحوال الشخصية

المجموعة التجارية

القانون التجاري

الاوراق التجارية

قانون الشركات

علوم قانونية أخرى

علم الاجرام و العقاب

تاريخ القانون

المتون القانونية

القانون : القانون الخاص : القانون الدولي الخاص :

موقف الفقه القانوني من الأساس العائلي النسبي

المؤلف:  اسلام حيدر حمزة

المصدر:  تقرير حق الجنسية العراقية في نطاق الأساس العائلي

الجزء والصفحة:  ص 143-158

2024-08-05

362

انقسم فقهاء القانون الدولي الخاص بين مناهض ومؤيد لتبني المشرع الوطني المنهج التشريعي التقليدي، إضافة إلى ذلك أنّ هناك من الفقهاء من ينكر أي دور للمرأة في نقل جنسيتها لأبنائها لعدة اعتبارات اهمها معالجة ظاهرة الانفجار السكاني وقوامة الرجل على المرأة بوصفه الممثل القانوني لأبنائه القاصرين ، فتختلط مصالحهم دائما بمصالح والدهم ، وكذلك فيرى هذا الإتجاه أنّ الولد ينتسب لأبيه لا لأمه لأن الأب هو رب الأسرة وهو المسؤول عنها (1)
وعلى الرغم من أن لهذا الإعتبار وجهة نظر مقبولة من حيث الدول المكتظة بالسكان كالعراق ومصر الا ان ذلك لا يمنع من منح الأم حقا في نقل جنسيتها لأبنائها في الأحوال التي يتعطل فيها حق دم الأب لجهالته أو انعدام جنسيته أو انتمائه إلى دولة لا يبني قانونها الجنسية على حق الدم، لأنّ منح الأم حقا في هذه الحالة يعتبر حلا تنظيميا يقضي به العقل والمنطق السليم، فلا يمكن أن نعالج مسألة الانفجار السكاني بحرمان من يقضي الواقع القانوني والاجتماعي باعتباره وطنيا والقول بخلاف ذلك يعنـي بـتـر شريحة من جسد المجتمع الوطني والتخلي عنهم وهم فئة المولودين من أم وطنية وأب مجهول أو لا جنسيه له (2)، إضافة إلى ذلك فإنّ الأخذ بهذا الإتجاه (3) يترتب عليه ترك فئة من المجتمع بلا جنسية (انعدام جنسيتهم )والمساهمة في تفشي هذه الظاهرة لا التقليل منها (4) وهذا يتعارض ومبادئ القانون الدولي الخاص .
بينما نجد جانب آخر من الفقهاء ينادي بالأخذ بحق الدم المنحدر من الأم إلّا أنّه ينادي بضرورة تقييده بحق الاقليم (5)، وقد أخذ بذلك العديد من الدول العربية (6) ولاسيما المشرع العراقي في كافة تشريعات الجنسية السابقة.
وما يهمنا في هذه الدراسة هي حجج المناهضين للمبدأ التشريعي التقليدي أي المطالبين بتبني مبدأ المساواة المطلقة بين الابوين في حق نقل الجنسية إلى الأبناء ، وحجج المؤيدين للمنهج التقليدي والمطالبين بتبني مبدأ المساواة النسبية في حق الدم ، وهذا ما سنبحثه بمقتضى مقصدين نتناول في الأول الإتجاه المعارض للمنهج التشريعي التقليدي وحججهم أما في الثاني فنتناول الإتجاه المؤيد له وحججهم .
المقصد الأول : الفقه القانوني المناهض للمنهج التشريعي التقليدي
يرى أصحاب هذا الإتجاه أن للمرأة في جميع المجتمعات الغربية منها والعربية دورا وفعالية لا تقل عن دور وفعالية الرجل لبناء المجتمع والنهوض فيه في كل المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ولاسيما في الآونة الاخيرة وبعد التطور الذي رافق عجلة الحياة ، وهذا ما يؤدي بالضرورة إلى الإعتراف للمرأة بكافة حقوقها ومساواتها في ذلك مع الرجل، ومن مظاهر هذه المساواة الأم في حق نقل الجنسية الأصلية إلى الابناء وعدم التمييز بينها وبين الأب في ذلك ، أي عدم منح الأب أولوية وحقًّا مقدسا في مجال نقل جنسيته إلى أبنائه بينما يتوقف حق الأم في نقل جنسيتها لأبنائها على تعطيل حق الدم من جهة الأم، ومن أجل ذلك ظهرت عدة حركات نسوية للمطالبة بالمساواة ، وقد حققت نتائج وانجازات انتهت الى عقد عدة اتفاقيات دولية بهذا الشأن أهمها اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة ( اتفاقية سيداو ) لعام 1979 (7).
ولم تكن مسألة منح الأم حقا مساويا لحق الأب في مجال نقل جنسيتها لأبنائهـا مـن المسائل المطروحة على نطاق البحث قبل القرن الأخير وانما بدأت بالظهور في الحقبة الأخيرة لكثرة زواج الوطنيات من الأجانب سواء أكانوا عربا أم مـن غـيـر الـعـرب بعد أن كان زواجهن من الأجانب يحدث بصورة نادرة جدا (8).
اما حجج انصار هذا الاتجاه فتكمن بالآتي :
أولا: ذهب أنصار هذا الإتجاه إلى ضرورة تبني المشرع المنهج التشريعي المتطور في حق الدم تماشيا مع الأصول المثالية المستقرة في مادة الجنسية ، حيث ذهبوا إلى أنّ الدراسات الفقهية الحديثة أكدت بأن هناك جملة من المبادئ المثالية المستقرة في مجال الجنسية والتي أصبحت بمثابة أصول وقواعد ينبغي على كل دولة مراعاتها عند سن التشريعات المنظمة لجنسيتها ، وتقع في صدارة هذه المبادئ حق الفرد في التمتع بالجنسية والتي تعتبر من الحقوق الأساسية للأفراد شأنها في ذلك شأن الحق في الحياة والحق في الحرية ، فحياة الأفراد كما ذكر أحد الكتاب (لا) تقوم لها قائمة مالم يكن الفرد منتميا منذ لحظة ميلاده وحتى لحظة وفاته لدولة ما، وقد حرصت على تبني هذا الحق معاهدة لاهاي لعام 1930 وكذلك الإعلان العالمي لحقوق الأنسان لعـــام 1947 وكذلك العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ، وأنّ الحق في الجنسية من أهم حقوق الأنسان الاساسية وبمثالية حق شخصي فعلى الدولة وهي المدين بضمان هذا الحق للأفراد تقريره لهم وفقا لما تقضي به هذه المبادئ ، الأمر الذي يقود إلى تبني المشرع الوطني المنهج المتطور في حق الدم لضمان تمتع كل فرد بجنسية دولة

اصوله (9) إضافة إلى أنّ التطورات الإجتماعية والإقتصادية التي رافقت العصر الحالي أدت إلى تبوء المرأة واعطائها مكانة مهمة في المجتمع بحيث عمدت الدساتير والمواثيق الدولية إلى النص على مساواة المرأة بالرجل في الحقوق العامة كافة وحق الدم بصورة خاصة على اعتبار أن الجنسية متصلة في الحقوق الأساسية للأفراد (10) .
ثانيا : كما يرى أنصار هذه الإتجاه أنّ الجنسية رابطة سياسية بين الفرد والدولة والأخيرة حُرّة في تنظيم أمور جنسيتها وفقا لما يحقق مصالحها العليا ، ولها أن تفرض جنسيتها على أساس عائلي أو إقليمي بحت أو تجمع بين الأساسين معا أو تأخذ لحق الدم من جهة الأب أو من جهة الأم أو كلاهما ، فالأمر يرجع إلى نظرة المشرع لذلك وفقا للأهداف التي تسعى اليها السياسة التشريعية للدولة دون الأخذ باعتبار آخر (11) .
ثالثا : وكذلك يرى أنصار هذا الإتجاه أنّ للأم تأثيرا نفسيا واجتماعيا كبيرا على المولود، وأن إعطاء الأم حقا مطلقا في نقل جنسيتها لأبنائها أسوة في حق الأب يكون ذلك أقرب إلى المنطق السليم وأكثر استجابة للواقع الاجتماعي على اعتبار أن رابطة الطفل بالأم أكثر عمقا من رابطته بأبيه ، وعليه فسيكون ارتباط المولود واندماجه بدولـة جنسية أمه اقوى من ارتباطه واندماجه بدولة جنسية أبيه نتيجة التأثر النفسي والإجتماعي القوي الذي تغرسه الأم في روح ولدها (12).
رابعا : إن إعطاء الأم حق مطلق في نقل جنسيتها لأبنائها ينهي معاناة النساء الوطنيات المتزوجات من أجانب من حيث حصول ابنائهن على جنسية الدولة التي ينتمين اليها وعدم اعتبارهم من الأجانب وبالتالي تمتعهم بالحقوق العامة الأساسية التي تمنحها حق التمتع بالجنسية الأصلية للدولة وأهمها حق الإقامة والعمل والتأمين الصحي والتعليم (13).
خامسا : وقد ذهب أنصار هذا الإتجاه إلى القول بأن ليس هناك نصــا في التشريعات الوطنية ولا في الشريعة الاسلامية يمنع الأم من نقل جنسيتها لأبنائها بناء على حق الدم المنحدر منها ، وأنّ عد الأب رب الاسرة أنّما يكون في المسائل الخاصة بالعلاقات الأسرية ولا علاقة له بموضوع الجنسية، وأن مسألة تعدد الجنسيات ( ازدواج الجنسية ) ما هي إلا مشكلة عالمية لا تنحصر بدولة معنية دون غيرها من الدول إضافة إلى أن أغلب قوانين الجنسية المدنية تؤدي في كثير من الحالات إلى هذه الظاهرة والأكثر من ذلك هناك تشريعات تنص صراحة على جواز ازدواج الجنسية كالقانون العراقي مثلا (14).
المقصد الثاني : الفقه القانوني المؤيد للمنهج التشريعي التقليدي
يرى أنصار المنهج التشريعي التقليدي في حق الدم وهم جانب من المختصين في العراق (15) و جانب من الفقه المصري (16) ، أن إعطاء الأب حقا مطلقا في نقل جنسيته لأبنائه في مقابل حقــا نسبيا احتياطيا يمنح للأم في نقل جنسيتها للأبناء في حالات استثنائية تتمثل في جهالة الأب أو انعدام جنسيته يرجع إلى مراعاة المشرع الوطني في كل دولة للاعتبارات الوطنية والسياسية والاجتماعية ناهيك عن مراعاته للإعتبارات الأمنية والتي ترتبط بالمصالح الوطنية والإجتماعية للبلاد، وكذلك تتصل بفكرة التلاحم الوطني والصالح العام، بحيث يكون للفرد المنحدر من الأب الوطني عضوا طبيعيا في الجماعة الوطنية ويدين لها بالولاء بحكم الوراثة والتربية الوطنية، على اعتبار أن الأب أقدر من الأم في تنشأة المولود النشأة الوطنية التي تغرس فيه روح الولاء للدولة (17).
أما حجج أنصار المذهب التشريعي التقليدي فهي:
أولا: إنّ منح الأم حقًّا مطلقاً في نقل جنسيتها لأبنائها امرا لا يتعلق بأعمال مبدأ المساواة بين الجنسين في مجال الجنسية لأن الجنسية مسألة سياسية وسيادية تتعلق بكيان الدولة وسيادتها وتختلف تماما عن مسألة التسوية بين ابناء المجتمع في الحقوق والمزايا والخدمات، أي إنّ إفاضة أحد الأبوين جنسيته لأبنائه ليست محلا لأعمال مبدأ المساواة المطلقة بينهما ، فعند تعريفنا للجنسية نذكر أنها علاقة قانونية وسياسية واجتماعية وروحية بين الفرد والدولة، أي تربط الفرد بدولته وليس بأسرته ، وعليه فالجنسية ليست حقا خالصا للأب حتى يجب أن تتساوى معه الأم مساواة تامة ومطلقة في نطاقها (18)، وهذا لا يعني أنّ إعمال مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة امرًا منبوذا وغير محبب وإنّما يجب إعماله في مجال الحقوق العامة الأخر كالحق في الحياة والامن والحرية وحق التملك والتعليم ، أما الحقوق المترتبة على نظام الزواج واثبات نسب الأبناء وتبعيتهم لجنسية الدولة فهذه امور متعلقة بالنظام العام وتتكفل ببيان أحكامها قوانين الأحوال الشخصية، لذا فالمشرع الوطني عند تنظيمه المراكز القانونية الناشئة عن عقد الزواج يراعي الأصول العامة للسياسية التشريعية للدولة، والتي ينبغي ان تتوافق مع أهداف المجتمـع مـن جميــع الجوانب الدينية والاجتماعية والاقتصادية ، وأحد أهم هذه الأصول تبعية المولود لوالده وتمتعه بجنسية دولة ابيه (19).
ثانيا : إنّ تبعية الأبناء لأبيهم في الجنسية يضمن وحدة الجنسية بينهم ، وتعد أقوى رابطة وأصدق تعبير على وجود الإنتماء والولاء لدى المولود لأب وطني (20) إضافة إلى أنّها تضمن بدورها ممارسة الأب لحقه في تربية أولاده والإشراف عليهم وتوجيههم، لأن اختلاف الجنسية قد تكون مانعا من ممارسة الأب لحقوقه وواجباته تجاه ابنائه ولاسيما غير البالغين سن الرشد على أنّ العبرة ليست بإكمال سن الرشد من عدمه وإنّما بعدم أهليته أو نقصها لأنّه قد يكمل الفرد سن الرشد الا أنه يبقى بحاجة إلى اشراف أبيه ورعايته كما لو كان مثلاً معدوم الأهلية لجنون أو ناقص الأهلية لعته، وقد لم يبلغ الفرد سن الرشد إلا أنّه يعامل معاملة كامل الأهلية كالمتزوج بموافقة وليه وبإذن من المحكمة قبل بلوغه السن القانوني وهذا يكون مستقلا عن أبيه في شتى المجالات ومنها الجنسية (21)، وهذا ما يتنافى مع المنطق القانوني السليم بالمسائل المتعلقة بالجنسية ولاسيما مبدأ التبعية لصغر السن، وعليه فينبغي ان يتبع الابن ابيه في الجنسية حتى وإن كان بالغا سن الرشد في الأحوال المشار إليها اعلاه .
ثالثا : إن نسبة الإبن إلى الأب هو المعول عليه وفقا لأحكام الشريعة الاسلامية (22) والتي تعد مصدر من مصادر القانون(23) افقد قال تعالى في كتابه الكريم ((ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ ..)) وقال تعالى ((وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَنِ الْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ)) (24) فالذرية (الأبناء) وإذا كان النسب وفقا لقوله تعالى يكون للأب فالعبرة بجنسية الأب قياسا على ثبوت النسب منه، لذلك يجب أن يكون بناء جنسية الدولة وأسسها والأصول الحاكمة عليها منبثقة من الشريعة الاسلامية (25) والقول بخلاف ذلك يتعارض وأحكام الشريعة الاسلامية الغراء (26) فالإسلام يعترف بضرورة الجنسية أكثر من نظام القانون الدولي الخاص ويعترف ايضا بمبدأ وحدة الجنسية وأن ازدواج الجنسية في الإسلام يعد من المستحيل (27)
رابعا : أما بشأن الحجة القائلة بأن للأم تأثيرا نفسيا على المولود من ناحية النشأة والتربية والولاء للدولة فهذا الأمر لا يمكن انكاره فالأم لها أثر في ذلك ولكن أثرها يأتي في المرحلة الثانية بعد دور الأب تماشيا مع الأصول المتعارف عليها في الشريعة الاسلامية (28)، فالشريعة الاسلامية فرقت بين مرحلتين مهمتين من مراحل حياة الطفل مرحلة الحضانة والتي تمتد من لحظة الميلاد إلى سن السابعة والتي يكون فيها للأم دورا كبيرا في رعاية الطفل وتوجيهه ومرحلة الولاية على النفس وهذه المرحلة تكون للأب خاصة فيتعهد الأب بتوجيه الطفل وإرشاده بهدف تنشئته النشأة الصالحة التي تحقق للفرد كماله الديني والخلقي وبالتالي ولائه لوطنه وللمجتمع الذي عاش فيه ، وهذا يعني أن لكلا الأبوين دورا مؤثرا في تنشئة المولود إلا أن دور الأب يكون أقوى وأكثر تأثيرا على إبنه، إضافة إلى ذلك أن الجنسية كما ذكرنا علاقة قانونية وسياسية واجتماعية وروحية بين الفرد والدولة وليست علاقة قائمة على عنصر الولاء فحسب فلا يمكن الإحتجاج بأن للأم دورا مؤثرا على نفسية الطفل وزرع الروح الوطنية والولاء فيه تجاه الدولة وتعظيم ذلك واتخاذه ذريعة دامغة لأجل المطالبة بتبني المنهج التشريعي المتطور في مجال الجنسية ، فالقول بذلك يذهب بالقيمة القانونية والسياسية للجنسية والتي تربط الفرد بالدولة والتي تتمثل بحماية الدولة للفرد وصيانة حقوقه والحفاظ عليها مقابل الزامه بالتكاليف التي تقررها (29).
خامسا: إن منح الأم حقا مطلقا في نقل جنسيتها لأبنائها أسوة في حق الأب يؤدي إلى حالة ازواج الجنسية بالنسبة للمولود ولا يخفى ما لذلك من آثار سلبية للفرد وللدولة فإذا حصل المولود على جنسية أبيه غير العراقي الذي يأخذ قانون بحق الدم وجنسية أمه العراقية فسيكون قد حصل على جنسيتين أصليتين منذ لحظة الميلاد (30) وقد يتناقض ذلك مع الحقوق والإلتزامات التي تفرضها كلا الدولتين التي يحمل المولود جنسيتهما، وهذا ما يتعارض مع قواعد القانون الدولي الخاص ويتقاطع مع المبادئ المثالية في مادة الجنسية .
ويمكننا الذهاب إلــى جانب أنصار المذهب التشريعي التقليدي فــي حــق الــدم لأنـه حـلاً يتوافق مع المنطق القانوني السليم في مجال الجنسية من حيث إنّه لا يحرم الأم من حق نقل جنسيتها لأبنائها إذا ما تعطل حق دم الأب، كما ذهب إلى ذلك جانبا من الفقه ولم يساويها بحق دم الأب مساواة مطلقة ، فهذا المنهج، يكرس مبدأ المساواة التي تتطلبها الضرورة فتتساوى الأم بالأب في حق نقل جنسيتها لأبنائها متى ما تعطل حق دم الأب لعدة أسباب لا تتعلق بجهالة الأب وانعدام جنسيته فحسب بل جهالة جنسية الأب وانتمائه إلى دولة لا يبني قانونها الجنسية على حق الدم أو يبني قانونها الجنسية على حق الدم إلا أنه يضع شروطا لحق الأب في نقل جنسيته لأبنائه لم تتوفر فعلا في المولود كمـا فعل ذلك المشرع السويدي الذي اشترط لحق نقل جنسية الأب أن تقع ولادة إبنه في الإقليم السويدي ، فجميع هذه الحالات تعتبر مبررا لتفعيل حق الدم من جهة الأم وبخلاف ذلك نكون قد ذهبنا بقدسية حق الدم من جهة الأب، وهذا ما يعكسه المنطق السليم فإذا لم يكن حق الدم من جهة الأب معطل ويتمتع المولود من الأب الوطني أو الأجنبي بالجنسية الأصلية لدولة أبيه منذ لحظة ولادته وبقوة القانون، فما داعي إذ ب إذا لحق الأم في نقل جنسيتها لأبنائها في هذه الحالة والتي قد تسبب في أحيان كثيرة إلى ازدواج جنسية المولود الحالة التي تأباه المبادئ المثالية في مادة الجنسية والتي تعتبر حالة غير مثالية وتلقي بضلالها على الفرد والدولة والمجتمع الدولي على السواء، لذلك فحق الدم من جهة الأب حقا مقدسا وهو المعول عليه في غالبية التشريعات ولاسيما التشريعات العراقية منذ اصدار قانون جنسية التأسيس، أما بشأن قانون الجنسية العراقية النافذ فالمتمعن بنص المادة (4) منه سابقة الذكر يلاحظ أن المشرع العراقي لم يمنح الأم العراقية في مجال نقل جنسيتها لأبنائها حقا مساويا لحق الأب العراقي في ذلك.
فعلى الرغم من صياغة نص المادة (1/3) إلّا أنّ المشرع العراقي لا يزال يميل لتطبيق المنهج التقليدي في حق الدم والذي فصح عنه بنص المادة (4) ومفهوم مخالفتها ، وهذا يعني أن المشرع العراقي على الرغم من تأثره بالمطالبات الفقهية لتبني المنهج المتطور في حق الدم إلا أنّه لا يزال متمسكا بالمنهج التقليدي، ولا شك بأن الدافع وراء ذلك هي ذاتها الحجج والإعتبارات التي استند إليها الفقه القانوني المؤيد لهذا المنهج ، وعلى رأسها مراعاة المشرع العراقي لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء المقرة بنسب الإبن لأبيه .
ويتفق الباحث مع الفقه من حيث إنّ المسائل المتعلقة بالجنسية ليست محلا لإعمال مبدأ المساواة المطلقة بين الجنسين لإتصالها بكيان الدولة وسيادتها ، فما هو محلا لإعمال مبدأ المساواة المطلقة بين الأفراد ولم يطبق فعلا في العراق على أرض الواقع (31) فكيف إذا كان الأمر متعلقا بمسائل تنظيمية سيادية؟ إضافة إلى ذلك أن منح الأم حقا مطلقـا فـي نقل جنسيتها لأبنائها أينما ولدوا داخل أو خارج الإقليم الوطني من شأنه أن يزيد من ظاهرة الأولاد غير الشرعيين (32) وهذه ظاهرة غير اخلاقية (33)، ولاسيما بعد ظهور نظام العولمة (34) والتي تعني( اصباغ العالم بصبغة واحدة شاملة لجميع اقوامها وتوحيد انشطتها الاقتصادية والاجتماعية والفكرية من غير اعتبار لاختلاف الأديان والثقافات والجنسيات والأعراق) (35)
وإن مفهوم العولمة ظهر حديثا إلى حيز الوجود واجتازت كافة الظروف المكانية و الزمانية لتكون متاحة على نطاق عالمي ، ولها جانبان ايجابي وسلبي، ويكمن الجانب الايجابي لها في معرفة الأفراد بحقوقهم في مجمل القوانين التي تنظم علاقاتهم في المجتمع ويتم ذلك من خلال اصدار المستمسكات القانونية التي ترتبط الأفراد بالدول التي ينتمون لها ليتسنى لهم معرفة حقوقهم وواجباتهم عن طريق هذا الانتماء، وبالتالي إيجاد المشتركات بين الدول على الصعيد العالمي ، أما الجانب السلبي للعولمة فيكمن في التوسع في مفهوم الحريات التي تخرج عن دائرة المألوف في المجتمعات المحافظة واتخاذ ذلك واقع حال من خلال تشجيع الشذوذ وايجاد مراكز قانونية لها وتعميمها عالميا (36) .
وهذا يعني أنّ للعولمة تأثيرا مباشرا على الإعتبارات الإجتماعية للدولة فهي تكــرس وتعمق الحرية الفردية في العلاقات الإجتماعية ولاسيما بين الجنسين ، الأمر الذي أدّى إلى تشجيع وإنتشار الأفكار الرذيلة في ايجاد علاقات محرمة ينتج عنها ولادات لأطفال غير شرعيين ، وهذا بدوره يؤدي الى التساهل مع الميل والرغبات الجنسية وبالتالي تمرد الأفراد على الأحكام الشرعية ولاسيما في الدول الإسلامية المحافظة كالدولة العراقية .
فتكريس الأساس العائلي وحصره بنسب المولود الأبيه قد يقلل من انتشار هذه الظاهرة أثر ظهور العولمة وإنتشارها، فالعولمة بهذا الشكل ماهي إلا حقيقة تواجهها الأمة الأسلامية شاؤوا أم أبوا، ومن الضروري مواجهة هذه الحقيقة بموقف حكيم يتوافق مع عادات وتقاليد الدول الإسلامية ويحول دون الخروج عن أحكام الشريعة الإسلامية الغراء ولاسيما في مجال الجنسية، ويتم ذلك من خلال إدراك المشرع خطر انتشار العولمة على أحد أهم أركان الدولة ألا وهو ركن الشعب فيها فيسعى إلى تقنين تشريعات الجنسية بما يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية لأن العولمة نظاما غير مشروعا وينبغي مواجهتها والانتصار عليها بالمحافظة على الهوية الاسلامية وقيمها (37).
ومن الجدير بالذكر أنّ الأخذ بالمنهج التشريعي التقليدي يساعد على عدم تشجيع زواج الوطنيات من الأجانب ، فإذا علمت المرأة الوطنية أنّ أولادها ثمرة زواجها من الرجل الأجنبي لن يحصلوا على الجنسية الوطنية (العراقية) فإنّ ذلك يعتبر ردعـا لهـا مـن الإقدام على هذا الزواج (38)ولاسيما أن الدولة العراقية تعد من الدول المعرضة للاحتلال باستمرار وأنّ الأخذ بحق الدم المطلق من جهة الأم يؤدي بالتالي إلى ضمان تمتع ابن الأم العراقية المتزوجة من أجنبي مرتبطا إلى تنظيم ارهابي بالجنسية العراقية ، ويعتبر هذا تكريما له ، على الرغم من أن هذه الفئات لم تجمعهم جنسية معينة أو مكان معين وإنما تجمعهم أفكارهم العقائدية فحسب(39) ولابد من تأثر أبناء الأم العراقية بثقافة والدهم الأجنبي وعاداته وتقاليده البعيدة كل البعد عن عادات وتقاليد دولة الأم العراقية، وبلا شك قد ينعكس ذلك بشكل سلبي على ولاء الأبناء وحسهم الوطني تجاه الدولة التي قد يكون والدهم محتلا فيها وهذا ما يشكل تهديدا لأمن الدولة الداخلي الذي يجاهد ابناءه من أجل حفظ سلامته، الأمر الذي يخشى منه الأمن الوطني (40).
ويسوي في ذلك إذا كانت المرأة العراقية قد تزوجت من هذه الفئات زواج نابع عن رضا أو إكراه، المهم هو ما ينتج عن هذا الزواج من وقوع العديد من الولادات من أصول إرهابية ، لذلك نرى أنّ المشرع العراقي عندما منح الأم العراقية حقا في نقل جنسيتها لأبنائها من الأب المجهول أو الأب عديم الجنسية فيكون قد توجــه مــن بــاب إنساني يكمن في حماية المولود من أن يقع ضحية بيد ظاهرة انعدام الجنسية، أما تقرير حقا اصيلا للأم الوطنية بنقل جنسيتها لأبنائها خاصة في ظل هذه الظروف الحرجة فيعتبر ذلك تشجيعا صريحا من قبل المشرع العراقي للمرأة الوطنية بأبرام عقد زواج من رجال أجانب ولاسيما المنتمين لتنظيمات إرهابية استنادا لنص المادة (3/أ) من قانون الجنسية النافذ، وهذا ما جعل الأم العراقية تطالب باثبات نسب مولودها لأبيــة المنتمي إلى تنظيم داعش واقرارها أمام القضاء بأنها كانت على علم ودراية تامة بانتماء زوجها لتنظيم داعش وانها قد رضيت بالزواج منه (41).
أما بشأن الحجة القائلة بضرورة مساواة المرأة بالرجل في نطاق الأساس العائلي لمسايرة ما جاء في نص المادة (2/18) من دستور العراق 2005 والذي أكد على مبدأ المساواة بين الأبوين في حق الدم ، فيرد عليه بالقول بأن ليس من وظيفة الدستور التطرق للمسائل التفصيلية المتعلقة بالجنسية، فهذه من وظيفة المشرع العادي لأن تناول هذه المسائل بنصوص دستورية يجعل تعديلها متوقفا على تعديل الدستور نفسه (42) وبذات الطرق التي يعدل بها الدستور ولاسيما وأنّ الدستور العراقي يعد من الدساتير الجامدة (43) لذلك فمن الأجدر بالمشرع العراقي تحاشي التطرق لمثل هذه المسائل أسوة ببعض الدساتير العربية.
ولأجل أن نكون منصفين لابد من الإشارة إلى أن المشرع الدستوري رغم تأكيده على مبدأ المساواة في أكثر من موضع إلا أنّه في نفس الوقت قد نص في المادة (2/18) على أن الجنسية مسألة تنظيمية وذلك بالنص على أنّه ( وينظم ذلك بقانون) ، وأنّ المشرع العراقي يعي ذلك تماما والدليل قد قام بصياغة نص المادة (4) من نفس القانون (44) ، والظاهر من الأمر أن المشرع العراقي قد وقع في حيرة من أمره بين اعتناقه المبدأ الدستوري نفسه في المادة (3/أ) وبين ورود نص المادة (4) التي قيد فيها المبدأ الدستوري، لأنه على علم تام بأن هذا التقييد يتوافق وواقع الدولة العراقية وأحكام الشريعة الإسلامية ، وكان ينبغي على المشرع العراقي تنظيم حق نقل جنسية الأم وفقا للضوابط والإعتبارات الإجتماعية والإقتصادية السائدة في البلاد كتقييد حق الدم من جهة الأم بحق الإقليم وعدم اعتناق المبدأ الدستوري في المادة (3/أ) ، لذلك نجد أن لجنة مراجعة الدستور العراقي لعام 2005 التي تشكلت استنادا إلى المادة (142) من الدستور ، قد قدمت اقتراحا إلى مجلس النواب بتعديل نص المادة (2/18) من الدستور ليكون وفقا للآتي ( يعتبر عراقيا كل من ولد لأب عراقي او لأم عراقية وفقا للضوابط ، وينظم ذلك بقانون) (45) ويبدو أنّ المشرع العراقي قد أغفل عن ذلك بسبب ما أدّى إليه تطبيق قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (666) لسنة 1980 وكذلك قرار رقم (314) قبل أحداث عام 2003 فالمشرع وجد نفسه أمام قانون جـائـر مـن حيث إنّـه حــرم الكثير من حق الجنسية العراقية ، لذلك حاول في قانون الجنسية النافذ أن يحرص على إلغاء الأحكام الجائرة ومراعاة المبادئ المثالية والمعايير الدولية في مادة الجنسية مما أدى بالتالي الى صياغة نصوص قانون الجنسية دون مراعاة للضوابط الوطنية بشكل عام ، إلا أنه ومع ذلك حاول أن يكون موفقا نوعا بمراعاة مبدأ الواقعية وأحكام الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بالولادة خارج العراق من أم عراقية وأب مجهول أو عديم الجنسية وذلك في نص المادة (4) من قانون الجنسية العراقي النافذ سابقة الذكر، وقد ذهب المشرع العراقي في مشروع التعديل الأول لقانون الجنسية النافذ لعام 2017 إلى أكثر من ذلك فبالإضافة إلى قيام المشرع بصياغة نص المادة (4) والتي قيدت من نص المادة (3/أ) فإنّ المشرع العراقي في مشروع التعديل المذكور قد وسع من نطاق تطبيق نص المادة (4) وجعل المولود خارج العراق من أم وطنية وأب اجنبي يكتسب الجنسية العراقية ولم تثبت له بقوة القانون ، وقد ذهب القضاء العراقي على الرغم من نص المادة (3/أ) بإحدى قراراته إلى أن نسب الطفل يكون لأبيه استنادا لقوله تعالى ادعوهم لآبائهم هو اقسط عند الله ، ولكون الأب له القوامة على امرأته والولاية على أولاده (46).
أما بشأن قولهم بضرورة مسايرة المشرع الوطني في تشريعات الجنسية المعايير والمواثيق الدولية المؤكدة على مبدأ المساواة بين الجنسين ، فيرد عليهم بالقول إن تقرير حق الجنسية لا يكون إلا وفقا لمبدأ الواقعية والذي يعد قيدا على حرية الدولة في مجال جنسيتها ، وأن حرية الدولة في أمر جنسيتها وإن كانت مقيدة بما التزمت بـه مـن اتفاقيات دولية في مادة الجنسية إلا أن الدول في نفس الوقت قد تحفظت على جزء من بنود وفقرات هذه المواثيق ، وأولى أنواع التحفظات التي أبدتها الدول الإسلامية المشاركة في الإتفاقيات الدولية المقررة لمبدأ المساواة بين الجنسين هي التحفظات الدينية (47) ، ولا شك بأن معظم الدول العربية تدين بالدين الاسلامي والذي يعد مصدرا رئيسيا للتشريع ويلزم اتباع تعاليمه ولا يجوز مخالفته بسن قوانين تخالف احكامه، ولاسيما وان دستور العراق 2005 بما له من علو وسمو على بقية القوانين قد جاء بنص صريح يقضي ببطلان اي قانون يتعارض واحكام الشريعة الاسلامية (48)
بالإضافة إلى ذلك فقد نص الدستور العراق 2005 على إحترام الإلتزامات الدولية (49) ومع ذلك فقد خالف المشرع العراقي في قانون الجنسية النافذ بعض المعاهدات الدولية المؤكدة على حق الفرد في الجنسية كالمادة (24) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والتي فسرتها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان على أن هذه المادة أكدّت على حق الطفل في التمتع بالجنسية سواء أكان ثمرة علاقة شرعية أم غير شرعية وعدم ترك الطفل بلا جنسية ،، بينما المشرع العراقي قد ترك المولود خارج العراق من أم وطنية وأب مجهول أو عديم الجنسية بلا جنسية حتى بلوغه سن الرشد ليحق له عندئذ طلبها وهذه مخالفة صريحة للمادة اعلاه ، وكذلك خالف أحكام المادة (2/9) من اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة اتفاقية (سي داو) لعام 1979 بشأنعدم تقرير حق الجنسية العراقية بالولادة المضاعفة من جهة الأم اسوة بتقريرها من جهة الأب (50).
وأخيرا ذكرنا بأن العراق يعد من الدول المصدرة للسكان ومما لاشك فيه أنّ الدول التي تعاني من ازدهار عنصرها البشري ليس من مصلحتها إعمال المنهج التشريعي المتطور في حق الدم فيعتبر تشريع مثل هكذا دول تشريع طارد للجنسية وليس جاذبـا لها ، وذلك بسبب الزيادة الشديدة في مساحتها السكانية، وبناء على ذلك فإن السماح للأم الوطنية بنقل جنسيتها لأبنائها أسوة في حق الأب فإنّ ذلك قد يؤدي إلى زيادة العناصر البشرية المنتمية للدولة ، وهذا ما يتعارض مع السياسية التشريعية للدول المصدرة للسكان (51) ، ولاسيما الدولة العراقية ، والقول بخلاف ذلك يجعل العراق من الدول المستوردة للسكان بأي شكل من الاشكال (52)
وعليه فإعمال المنهج التشريعي المتطور من شأنه أن يزيد من الأعباء على كاهل هذه الدول فيضيف بذلك عبنا على عبئ وازدحاما على إزدحام قد تعجـز عـن مواجهتـه القدرات الإقتصادية المتواضعة، خاصة أن الزيادة السكانية من شأنها أن تأكل كل فائض في عناصر التنمية (53) .
إضافة إلى ما سبق أن منح الأم حقا مطلقا في نقل جنسيتها لأبنائها المولودين خــارج العراق قد يؤدي إلى انقطاع الصلة الجدية التي تربط المولود خارج العراق من أُمّ وطنية وأب اجنبي بالدولة العراقية ، لأنّ ثبوت الجنسية العراقية في هذه الحالة سوف يستمر جيلا بعد جيل ولن يحول بقائهم خارج العراق دون ثبوت الجنسية العراقية الأصلية لهم (54)، وهذا ما يجعل الجنسية العراقية تثبت لهؤلاء الأفراد على الرغم من عدم تحقق مبدأ الواقعية أي إنّها تثبت دون مسوغ قانوني ولاسيما وأن المشرع العراقي لم يهمل من ولد خارج العراق لأم عراقية وأب مجهول أو عديم الجنسية فقرر لهذه الفئة من المواليد الحق في طلب الجنسية العراقية بعد بلوغهم السن القانوني (55)
__________
1 - د. رزيقة قريشي ، دور الأم في نقل الجنسية الى الابناء في القانون الدولي الخاص بحث منشور في مجلة العلوم القانونية والسياسية ، المجلد (12) ، العدد (01)، 2021، ص502.
2- فؤاد عبد المنعم رياض ، أصول الجنسية في القانون الدولي والقانون المصري المقارن ، دار النهضة العربية، مصر، 1995، ص238.
3- أن قانون الجنسية القطرية رقم (2) لسنة 1961قد أخذ بهذا الإتجاه في المادة الثانية منه والتي نصت على انه ا يكون قطريا كل من ولد في قطر أو في الخارج لأب قطري" ، وتقابها المادة الأولى فقرة رابعا من قانون الجنسية القطري رقم 38 لعام 2005.
4- د. حفيظة السيد الحداد ، الموجز في الجنسية ومركز الاجانب ، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2003 ، ص.110
5- لقد ذهب جانب من الفقه المصري الى ضرورة تقييد حق الدم المنحدر من الأم بإقامة أولاد الأم المصرية بصورة دائمة في مصر ودعا جانب آخر بعدم حصول ابن الأم المصرية على جنسية اجنبية لكي يتمتع بالجنسية المصرية بناء على حق الدم المنحدر من الأم، رغم أن المشرع المصري في قانون الجنسية المصري رقم (26) لسنة 1975 بعد تعديله بالقانون رقم (154) لسنة 2004 قد اخذ بالمساواة المطلقة بين الأبوين في حق نقل الجنسية الى الابناء دون ادنى تمييز بينهما ، انظر : د. هشام علي صادق ، د. حفيظة السيد الحداد ، دروس في القانون الدولي الخاص ، ج 1، الجنسية، دار المطبوعات الجامعية ، الاسكندرية، 2000، ص 61.
6- نصت المادة (2/2) من قانون الجنسية المصري رقم 26 لسنة 1975 على انه يكون مصريا 2- من ولد في مصر من أم مصرية ومن أب مجهول الجنسية أو لا جنسية له " ونصت المادة (4/3) من قانون الجنسية الأردني رقم 6 لسنة 1954 على انه يعتبر أردني الجنسية من ولد في المملكة الأردنية الهاشمية من أم تحمل الجنسية الأردنية وأب مجهول الجنسية أو لا جنسية له أو لم يثبت نسبه إلى أبيه قانونيا".
7- د . رزيقة قريشي ، مصدر سابق، ص 506 .
8- حفيظة السيد حداد ، الموجز في الجنسية ومركز الأجانب ، مصدر سابق ، ص 113 .
9- د. حفيظة السيد الحداد الموجز في الجنسية ومركز الأجانب ، مصدر سابق، ص 121 .
10- بطاهر خديجة ، دور الام في نقل الجنسية الى ابنائها ، بحث منشور في مجلة الدراسات القانونية المقارنة ، المجلة ( 06 ) ، العدد (01) ، 2020 ، ص 269 .
11- د. رعد مقداد محمود ، جنسية أبناء الأم العراقية دراسة في قانون الجنسية العراقية رقم 26 لسنة 2006 بالمقارنة مع بعض قوانين الجنسية العربية ، بحث منشور في مجلة جامعة تكريت للعلوم القانونية والسياسية ، العدد الأول ، السنة الأولى ، 2009 ،ص69
12- عكاشة محمد عبد العال ، احكام الجنسية المصرية، دار الجامعة الجديدة ، مصر ، 1993 ، ص 85 ، وما بعده.
13- جابر جاد عبدالرحمن ، القانون الدولي الخاص ، طا ، شركة النشر والطباعة العراقية المحدودة ، بغداد ، 1949 ،ص120
14- ياسين طاهر الياسري ، القانون الدولي الخاص ، الجنسية العراقية المقارنة ، ط 1، دار الفراهيدي للنشر والتوزيع ، بغداد، 2015 ، ص 85 .
15- علي عبد العالي الاسدي ، الوجيز في احكام الجنسية العراقية في قانون الجنسية العراقية رقم 26 لسنة 2006 ، ط 1 ، مركز المحور للدراسات والتخطيط الاستراتيجي، العراق البصرة، 2017 ، ص 81
16- حفيظة السيد الحداد الموجز في الجنسية ومركز الأجانب ، مصدر سابق، ص 105.
17- د. احمد ابو المجد محمد السيد عفيفي ، اشكالية الحق في الجنسية في ضوء الثغرات السياسية ( دراسة تحليلية لموقف المشرع المصري مقارنة بالنظم القانونية الدولية والداخلية )، بحث منشور في مجلة كلية الحقوق ، جامعة مدينة السادات ، العدد (74)، 2020 ، ص 47 ، وينظر كذلك د. علي عبد العالي الاسدي، مصدر سابق ، ص 85
18- د. حسن الياسري ، بحوث معمقة في الجنسية ، ط1 ، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2018، ص213.
19- د. بدر الدين عبد المنعم شوقي ، العلاقات الخاصة الدولية احكام الجنسية -الموطن مركز الاجانب (دراسة مقارنة مع الفقه الاسلامي)، ط 1، مطبعة العشرى ، بلا مكان نشر ، 2005، ص121.
20- عامر محمود الكسواني ، موسوعة القانون الدولي الخاص الجنسية والموطن ومركز الأجانب ، ط1، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان ، 2010 ، ص 121.
21- د. عبد الله فاضل حامد ، مظاهر المساواة والتمييز بين المرأة والرجل في قانون الجنسية العراقية (دراسة تحليلية مقارنة ( المؤتمر الدولي للقضايا القانونية ، العدد (0-2-9036-9922-978 ILIC2019ISBN) ص 939
22-- د. هشام علي صادق ، القانون الدولي الخاص ، دار المطبوعات الجامعية ، الاسكندرية، 2004 ، ص 33.
23- نصت المادة (2) من دستور العراق 2005 على انه "اولا : الاسلام دين الدولة الرسمي ، وهو مصدر أساس للتشريع"
24- سورة الاحزاب آية (5) سورة الطور آية (21).
25- مصطفى دانش بجوه الجنسية في الفقه الاسلامي، مؤسسة دائرة معارف الفقه الاسلامي ، ايران- قم المقدسة، 2009 ، ص 60 .
26 - د. عباس العبودي ، شرح احكام قانون الجنسية رقم 26 لسنة 2006، مكتبة السنهوري، بيروت، 2015 ، ص70.
27- د. محمد جاسم محمد ،د. آیاد مطشر صيهود، اسس العلاقة بين الشريعة الاسلامية وفكرة الجنسية ( دراسة قانونية معمقة الجدلية العلاقة وفقا لتصورات فقه القانون الدولي الخاص ، بحث منشور في مجلة القانون للدراسات والبحوث القانونية ، العدد (9) ، 2014، ص 13 وما بعدها.
28 - د. حسن الياسري ، بحوث معمقة في الجنسية ، ط1 ، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2018، ص 209.
29- د. بدر الدين عبد المنعم شوقي، العلاقات الخاصة الدولية احكام الجنسية - الموطن - مركز الاجانب (دراسة مقارنة مع الفقه الاسلامي)، مصدر سابق، ص 123- 124
30- د. حيدر أدهم الطائي، أحكام جنسية الشخص الطبيعي والمعنوي في التشريعات العراقيةط1 مكتبة السنهوري بيروت 2016 ، ص 67
31- على الرغم من نص المادة (14) من الدستور والمتعلقة بأعمال مبدأ المساواة بين العراقيين كافة دون ادنى تمييز بينهم الا ان قانون 67 لعام 2017 قد نص على تعيين الثلاثة الأوائل خريجي الجامعات الحكومية ولن يشمل الأوائل خريجي الجامعات الأهلية المعترف بها وزاريا ، فنصت المادة (2) منه على انه " تلزم الجامعات والمعاهد الحكومية كافة بتعيين الطلبة الثلاثة الأوائل على الاقسام العلمية من الدرجات المخصصة لها او من درجات حركة الملاك"
32- ان لفظ المولود غير الشرعي لا تعني الولد الطبيعي فحسب، بل تشمل كل من يولد نتيجة لعلاقة محرمة، بينما نجد ان المشرع الفرنسي ذكر صراحة لفظ الولد الطبيعي دون سواه فقد نصت المادة (18) من القانون المدني الفرنسي على انه " يكون فرنسيا الطفل الشرعي أو الطبيعي الولود لأبوين احدهما على الاقل فرنسيا".
33- د. حسن الياسري ، بحوث معمقة في الجنسية ، ط1 ، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2018 ، ص 208.
34- ظهر مصطلح العولمة لأول مرة خلال عقد التسعينات من القرن العشرين بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية فتميزت هذه الحقبة من الزمن بتشابك وتداخل احداثها السياسية والثقافية والاجتماعية ، فيقول دو مينيل فيرال من هيئة تحرير اللوموند دبلو ميتك الأمريكية ( ليس من باب المفارقة التأكد أن العولمة قد بدأت في 9 تشرين الثاني 1989 سقوط جدار برلین او آب 1991 تاريخ زوال الاتحاد السوفيتي ) للمزيد انظر مثنی مشعان خلف المزروعي ، التأثيرات الجيوبولتيكية للعولمة على الوطن العربي ، مقال منشور على الموقع الالكتروني
131316=https://almerja.com/reading.php?idm ، تاريخ الزيارة 2023/9/2، وقت الزيارة 03:00AM
35- ابتهال كاظم جبار الرماحي ، العولمة وأثرها في التثقيف الديني للشباب ، رسالة مقدمة الى مجلس كلية الآداب ، جامعة القادسية ، 2017، ص12.
36- أحمد حسين طوفان موسى أثر العولمة في صياغة التشريعات لقوانين الجنسية (دراسة مقارنة)، رسالة مقدمة الى معهد العلمين للدراسات العليا، 2023، ص13.
37- المحقق داماد سيد مصطفى ، الأمة الاسلامية والعولمة ، مقال منشور في مجلة آفاق الحضارة الاسلامية ، العدد (11) ، على الموقع الالكتروني 90716/https://hawzah.net/ar/Article/View، تاريخ الزيارة 2023/9/2، وقت الزيارة 03:30AM
38- د. حسن الياسري ، بحوث معمقة في الجنسية ، مصدر سابق ، ص211.
39- هشام الهاشمي ، عالم داعش ، ط 1 ، دار بابل ، بغداد، 2015، ص 140.
40- د. ياسين طاهر الياسري ، القانون الدولي الخاص ، الجنسية العراقية المقارنة ، ط 1، دار الفراهيدي للنشر والتوزيع ، بغداد، 2015 ،ص 83 وما بعدها ، وينظر كذلك : د. محمد ثامر ، محاضرات في القانون الدولي الخاص ، ج 1، مكتبة السنهوري ، بيروت ، 2017 ، ص 28
41- لقد رفضت محكمة التمييز الاتحادية دعوى اثبات نسب طفل من أم عراقية وأب ينتمي الى تنظيم داعش رغم تصريح الأم بأنها كانت على علم ودراية من ان اب الطفل المراد ثبوت نسبه اليه قد ينتمي الى تنظيم داعش وانها قبلت الزواج منه عن رضا واختيار انظر قرار محكمة التمييز الاتحادية العدد /122 الهيئة الموسعة المدنية / منشور على الموقع الالكتروني 721482=https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid ، تاريخ الزيارة 2023/9/24، وقت2021
في الزيارة 02:53PM 2021/3/24
42- د. احمد سلمان شهيب السعداوي ، د. حسن فضالة موسى حسن ، التحول في مبادئ الجنسية في ظل الدستور العراقي وقانون الجنسية رقم 26 لسنة 2006 ، بحث منشور في مجلة القانون للدراسات والبحوث القانونية ، العدد (8) ، 2014 ، ص 183.
43- د. بدر الدين عبد المنعم شوقي، العلاقات الخاصة الدولية ، مطبعة، العشري ، بلا مكان نشر 2006، ص 81
44- نص الدستور اللبناني لعام 1926 في المادة (6) منه على انه ان الجنسية اللبنانية وطريقة اكتسابها وحفظها وفقدانها تحدد بمقتضى القانون وايضا نص الدستور الاردني لعام 1952 المعدل لعام 2016 في المادة ( 5 ) منه على انه ( الجنسية الاردنية تحدد بقانون ) ، وكذلك نص الدستور المصر لعام 2014 في المادة (6) منه على انه ( الجنسية المصرية ينظمها القانون ) .
45 - د. جوتیار محمد رشید ، د. محمد جلال حسن ، إشكاليات قانون الجنسية العراقي رقم (26) لسنة 2006 في مجال منح الجنسية وسحبها ، بحث منشور في مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية ،ص7
46- انظر قرار محكمة التمييز الاتحادية العدد (129) الهيئة الموسعة المدنية في محكمة التمييز الاتحادية بتاريخ 28 / محرم / 51442 الموافق 2020/9/16 م
47- لقد ابدت الدول العربية تحفظاتها الدينية على معاهدة القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة (سي داو) فنجد الجزائر والبحرين ومصر وليبيا والمغرب قد تحفظت على المادة الثانية من الاتفاقية برمتها ، اما العراق فقد ابدى تحفظه على الفقرتين (و) (ز) من نفس المادة ، والفقرتين (1 و 2) من المادة التاسعة الا انه الغي التحفظ على هذه الفقرات في 2008 اما دولة الكويت فقد تحفظت على الفقرة (أ) من المادة التاسعة من الاتفاقية ، وكذلك تحفضت مصر والجزائر والبحرين ولبنان وسوريا والاردن والمغرب على الفقرة ثانيا من المادة التاسعة من الاتفاقية، ناهيك عن رفض المملكة العربية السعودية وموريتانيا من الانضمام لهذه الاتفاقية على اعتبار انها تخالف تعاليم الشريعة الاسلامية بشأن الاخذ بالمساواة المطلقة بين الرجل والمرأة ، للمزيد انظر : أحمد حسين طوفان موسى أثر العولمة في صياغة التشريعات لقوانين الجنسية (دراسة مقارنة)، رسالة مقدمة الى معهد العلمين للدراسات العليا، 2023 ، ص 45.
48- نصت المادة (2 فقره اولا /أ ) من دستور العراق 2005 على انه " لا يجوز من قانون يتعارض مع ثوابت احكام الاسلام"
48- نصت المادة (8) من دستور العراق الحالي 2005 على انه " يرعى العراق مبدأ حسن الجوار ، ويلتزم بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ، ويسعى لحل النزاعات بالوسائل السلمية، ويقيم علاقاته على أساس المصالح المشتركة والتعامل بالمثل ، ويحترم التزاماته الدولية ".
49- Zahra Al-Barazi, THE CAMPAIGN TO END STATELESSNESS IN Iraq, 2022,p19.
50- - نصت المادة (5) من قانون الجنسية العراقي النافذ على انه " للوزير ان يعتبر عراقيا من ولد في العراق وبلغ سن الرشد فيه من اب غير عراقي مولود فيه ايضا وكان مقيما فيه بصورة معتادة عند ولادة ولده ، بشرط ان يقدم الولد طلبا بمنحه الجنسية العراقية".
51- د. حفيظة السيد الحداد ، الموجز في الجنسية ومركز الاجانب ، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2003 ، ص 106.
52- د. عماد خلف الدهام، د. طلعت جياد لجي الحديدي، شرح احكام قانون الجنسية "دراسة مقارنة"، ط1، منشورات زين الحقوقية، بيروت ، 2016، ص 52 .
53- د. عكاشة محمد عبد العال ، الوسيط في احكام الجنسية " دراسة مقارنة"، ط1 ، منشورات الحلبي الحقوقية ، بیروت ، 2002 ، ص 411.
54- د. فؤاد عبد المنعم رياض ، أصول الجنسية في القانون الدولي والقانون المصري المقارن ، دار النهضة العربية، مصر، 1995 ، ص225.
55- د. علي عبد العالي الاسدي ، الوجيز في احكام الجنسية العراقية في قانون الجنسية العراقية رقم 26 لسنة 2006 ، ط 1 ، مركز المحور للدراسات والتخطيط الاستراتيجي، العراق البصرة، 2017، ، ص 58 ، وينظر كذلك : د. حسن الياسري ، بحوث معمقة في الجنسية ، ط1 ، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2018 ، ص 207