1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الجغرافية الطبيعية

الجغرافية الحيوية

جغرافية النبات

جغرافية الحيوان

الجغرافية الفلكية

الجغرافية المناخية

جغرافية المياه

جغرافية البحار والمحيطات

جغرافية التربة

جغرافية التضاريس

الجيولوجيا

الجيومورفولوجيا

الجغرافية البشرية

الجغرافية الاجتماعية

جغرافية السكان

جغرافية العمران

جغرافية المدن

جغرافية الريف

جغرافية الجريمة

جغرافية الخدمات

الجغرافية الاقتصادية

الجغرافية الزراعية

الجغرافية الصناعية

الجغرافية السياحية

جغرافية النقل

جغرافية التجارة

جغرافية الطاقة

جغرافية التعدين

الجغرافية التاريخية

الجغرافية الحضارية

الجغرافية السياسية و الانتخابات

الجغرافية العسكرية

الجغرافية الثقافية

الجغرافية الطبية

جغرافية التنمية

جغرافية التخطيط

جغرافية الفكر الجغرافي

جغرافية المخاطر

جغرافية الاسماء

جغرافية السلالات

الجغرافية الاقليمية

جغرافية الخرائط

الاتجاهات الحديثة في الجغرافية

نظام الاستشعار عن بعد

نظام المعلومات الجغرافية (GIS)

نظام تحديد المواقع العالمي(GPS)

الجغرافية التطبيقية

جغرافية البيئة والتلوث

جغرافية العالم الاسلامي

الاطالس

معلومات جغرافية عامة

مناهج البحث الجغرافي

الجغرافية : الجغرافية البشرية : الجغرافية الاقتصادية : الجغرافية الزراعية :

إشكالية تدهور الأراضي والتصحر

المؤلف:  هاشم محمد صالح

المصدر:  الجغرافية الزراعية

الجزء والصفحة:  ص134 ــ139

2024-07-16

449

تشهد العديد من الأراضي في الوطن العربي توسعا زراعيا غير محافظ على الثروات يسمح بانطلاق مسلسل للتدهور قد يصل إلى بلوغ درجة التصحر، وهذا يدعونا إلى التذكير بخواص البيئة الجافة وما تتسم به من هشاشة.

(1)  الأراضي الجافة خواصها: تتلقى الأراضي الصحراوية العربية أقل من 100مم من الأمطار سنويا، وتضاف إليها المجالات نصف الجافة الهامشية والتي تستقبل أقل من 400-300 مم. عنف التشميس وارتفاع الحرارة مسؤولان عن قوة التبخر وبالتالي ضعف حضور المياه السطحية. فالتشميس السنوي يتعدى 3250 ساعة في وسط الصحراء ولا ينزل دون 3000 ساعة سنوية إلا في الهوامش المتوسطية . هذا الصفاء الجوي يسمح بتسجيل حرارات جد عالية قد تصل إلى 50 درجة تحت المخبا، لتصل حتى 78 فوق الرمال أو الصخور العارية. وحرارات الليل تبقى عالية في المجالات المدارية بينما تنخفض في الهوامش الشمالية حيث تسجل حرارات دنيا تحت الصفر، وتتعد أيام الصقيع. أما قلة الأمطار فهي راجعة لديمومة الضغط الجوي المرتفع وندوة وصول اضطرابات جوية من أصل قطبي أو مداري. وتغطي" الصحراء الإفريقية العربية مساحة 12 مليون 2 كلم وتمتد على مسافة 7500 كلم بين المحيط الأطلنتي والخليج العربي". وهي صحراء دائمة الجفاف قد تنزل أمطارها إلى ما دون 10مم سنويا في بعض أجزاء الصحراء المصرية. أما المظاهر الصحراوية فهي موروثة عن فترات مطيرة، كانت فيها المجاري أوفر وأعم، خلال الهلوسيين، والرباعي والثلاثي الأعلى ويتضح ذلك من خلال توفر أودية وخوانق في المناطق الجبلية والهضبية، وحقول من الجلاميد والحصى تكون الرق الصحراوي الغريني عند سافلة الأوديةالكبرى، وكلها أشكال غير نشيطة حاليا بها عتبات مملوءة بتراكمات رملية. ذلك أن آليات النقل الريحي وترسيب الرمال معممة في مجالات ممتدة. فهناك التراكمات الواسعة (عروق ) والسطوح المنحوتة من طرف الرمال، أما عروق الجنوب (موريتانيا - السودان) فهي تتميز باستقرارها النسبي، الشيء الذي تدل عليه ظاهرة التحام الرمال، وتعرضها للتفسخ والاحمرار تحت ظروف أرطب من الحالية. وقد عرفت هذه العروق المثبتة في سنوات الجفاف، تراجعا للغطاء النباتي أدى إلى إعادة تحريك رمالها. وفي الهامش الشمالي من الحزام الجاف العربي، توجد صحاري أصل جفافها راجع لموقعها وراء حاجز تضاريسي. تلك حالة عدد من المنخفضات الداخلية في شمال إفريقيا، مثل السهول العليا المغربية الجزائرية وسهول الشام والعراق، وهي مجالات توجد عند عروض متوسطية، تتميز حرارتها بالاعتدال وبنزول رياح جافة إليها على إثر مرور اضطرابات تصيب المرتفعات التي تحدها.

(2) تدهور الأراضي الهامشية والتصحر: تصيب الأراضي غير الصحراوية آليات تدهور جد متنوعة، يدخل ضمنها تراجع المراعي، وتأثر الأراضي الزراعية وخاصة المسقية منها. وهذه العوامل مجتمعة تهدد ساكنة مهمة بتضاؤل المردودية والمدخول، كما تهدد المنظومات الحيوية بالتقهقر والإفقار والتصحر هو النهاية القصوى لهذا التدهور، عندما يضطر الإنسان إلى مغادرة تلك المجالات القاحلة بعد نضوب كل إمكانات الحياة بها. وهكذا يصبح التصحر نتاجاً لاستعمال مفرط، دهور الموارد وقضى عليها . والإنسان هو المسؤول أصلاً، لكنه يصبح بعد ذلك ضحية في سنة 1977 اقترح مؤتمر الأمم المتحدة التعريف التالي للتصحر واعتبر أنه تضاؤل تهدم الإمكانات البيولوجية للأرض بشكل يؤدي إلى بروز مظاهر صحراوية، في وقت كانت فيه الحاجة إلى مزيد من الموارد والإنتاج لإشباع الحاجيات المتزايدة للسكان (منظمة الفاو، روما) . أما تعريف 1992 فهو كالتالي": التصحر عبارة عن تدهور الأراضي في المنظومات البيئية الجافة، نصف الجافة وشبه الرطبة، تحت تأثير عوامل متعددة تضم إلى جانب الأنشطة البشرية التغيرات المناخية (مؤتمر الأمم المتحدة حول البيئة والتنمية). وهذا التعريف الثاني نتاج اصطدامات فكرية وسياسية بين دول الجنوب والشمال ويضم في طياته اتهاماً للمعطيات المناخية الكونية ونوعا من تبرئة الإنسان كما يضم هذا التعريف ظاهرة استحالة الرجعة في إطار الظروف الاقتصادية والتنمية الحالية. ذلك أن التصحر يؤدي إلى المجاعة في المناطق الفقيرة (السودان - الصومال) بينما تأثيره الاقتصادي محدود في البلدان الغنية وله مفعول بيئي واجتماعي في البلدان المتوسطة وامتداد المجالات المتصحرة لا يتم بالإلزام عند الهوامش المباشرة للصحراء، بل على شكل جيوب بعيدة في بعض الحالات. ذلك أن التدهور يصيب بعض النقاط الهشة من سطح الأرض، حيث تتخذ الآليات الطبيعية سرعة وعنفا خاصين بسب الظروف المحلية للمجال هذه الجيوب قد تتصل فيما بينها بعد ذلك مؤدية إلى تعميم ظاهرة التصحر في الهوامش الأصلية للصحراء. ومن بين مؤشرات التدهور هذا : تراجع الغطاء النباتي تحت وطأة الاستغلال إلى حين انطلاق عوامل انجراف مائية تقتلع التربة أو عوامل ريحية تقتلع من تلك التربة عناصرها الدقيقة الخصبة. من هذه المؤشرات كذلك تمليح الأراضي تحت وطأة نمط سقي غير رشيد لم يرافقه تصريف دائم للمياه في مجالات أصلا غنية. كما أن نزول مستوى الفرشة المائية الباطنية وتجفيف القطاع الترابي، يعتبر مؤشرا هاما لانطلاق مسلسل التصحر. وتوالي السنوات الجافة (مثلا الثمانينات في السودان كردفان - رهين بإبراز ميكنزمات التصحر). لقد اعتبر الرعي من الأسباب الأساسية لتوسع ظاهرة التصحر باعتبار أن المراعي موجودة بحاشية الصحراء وتضم أراضي جد هشة. لكن الأبحاث الحديثة أظهرت عكس ذلك بمعنى أن التصحر يصيب أساسا الأراضي التي بحثت وتستعمل للزراعة.

(3) التصحر في العالم، محاولة تقويم: حسب معطيات برنامج الأمم المتحدة للبيئة، مجموع الأراضي المتصحرة بلغت 950 مليون هكتار في نهاية الثمانينات، بينما توجد 4500 مليون هكتار أخرى مهددة بالتصحر،وإذا اعتبرنا المجالات الجافة وحدها، فإن 61% من 3.3 مليار هكتار من الأراضي المنتجة قد بلغت حد التصحر. ويضاف إليها الأراضي التي هي في طور التدهور والتي تضاءلت إنتاجيتها . أما عن عدد السكان الذين تصيبهم آفة التصحر، فهم يقدرون بحوالي سدس ساكنة الأرض (حوالي 900 مليون من السكان). وحسب برنامج الأمم المتحدة للبيئة لقد مرت تكلفة إصلاح الأراضي المتدهورة من 26 إلى 42 مليار دولار في السنة ما بين 1980 و 1991. أما الخسارات السنوية الناجمة عن تدهور الأراضي في المجالات الجافة فهي تقدر بستة وعشرين مليار دولار وهو ما يمثله تراجع الإنتاجية الفلاحية .

(4) الجفاف والتصحر في الوطن العربي: لقد عرفت الصحراء العربية الإفريقية وهوامشها عدة مراحل جفاف خطيرة منذ بداية القرن، كانت أخطرهاالفترة ما بين 1985 و 1988 . بالنسبة لعدد من البلدان يجب اعتبار لتفسير هذه الظاهرة" ظرف الأزمنة الاقتصادية والأسباب السياسية مثل عدم الاستقرار ( حالة السودان والصومال) بالنسبة للرعي، تدهور المراعي يجب اعتبار تزايد أعداد الماشية وعدم تطبيق مبدأ التناوب عند استعمال المراعي، وبالنسبة لتضاؤل الموارد المائية في الفرشات الباطنية يجب اعتبار تكاثر الآبار وتزايد الضخ في حالات كثيرة سياسات فلاحية غير متكيفة مثلا.التشجيعات المعطاة للزراعات غير الغذائية القطن - الفول السوداني). وهي زراعات وحيدة تنهكـ التربة ولا تساهم في تغذية السكان والماشية. تمليح الأراضي من بين الأسباب للتصحر مثال ذلك ما أصاب أراض واسعة من سهول العراق، فكثافة القنوات وآثار المباني المهدمة في سهول الفرات ودجلة تدل على زراعة كانت نامية في منطقة صحراوية حاليا . وقد تأكد بأن تمليح الأرض وترسب الغرين هما سبب الأزمة التي أصابت الحضارات القديمة. وتوجد ظاهرة التمليح كأصل لتدهور الأراضي موصوفة في عدة نصوص تاريخية، والقنوات المبنية بانحدار ضعيف جدا هي الأصل في التدهور. لأنها كانت تمتلئ بسرعة بالأوحال. وتتطلب المزيد من اليد العاملة ومن مجهود الإصلاح. أما السقي المفرط بدون ضمان التصريف فقد تسبب في تراكم الأملاح في التربة وبالتالي تحولها إلى أرض عقيمة. استمرار النمو الديموغرافي المفرط بشكل يتعدى الإمكانات الإنتاجية للغذاء والنمو الديموغرافي يتسبب في الضغط المتزايد على الأرض (حرث أراضي غير صالحة، هامشية)، تضاؤل كثافة الغطاء النباتي، تراجع المدة المخصصة لاستراحة الأراضي، وبالتالي تناقص خصوبة الأراضي ومدى مقاومتها لمكنزمات التدهور والإزالة العوينة 3 ودراسة الصور الجوية توضح أن المجالات نصف الجافة هي الأكثر تضررا بآليات التصحر، لأن هذه المناطق الصاحة نسبيا هي التي تتركز بها الماشية ويجتمع بها الرعاة والمزارعون الفارون من المناطق الأكثر جفافاً، فهي إذن قابلة لأن تتحول من أراضي منتجة في إطار رعي متنقل إلى أراضي قاحلة تماما بعد زرعها بعلية وتعقيم أثريتها ونضوب مياهها واقتلاع كل غطائها النباتي.

(5) العلاقة بين التصحر، مستوى النمو والمجاعة: المجاعة في بعض الدول العربية - الإفريقية (الصومال - السودان) نتائج سلسلة من التطورات السالبة والتي انطلقت بجفاف نهاية الستينات في الساحل الإفريقي. وقد تأثر القرن الإفريقي خاصة خلال الثمانينات هذه المجاعات ليست نتاج تناقص المطر وحده، فالمزدوج جفاف - مجاعة لا يتم إلا في حالة تهيئة غير متزنة للمجال وعدم انتظام الإطار الاقتصادي والسياسي والتصحر يصيب خاصة البلدان الفقيرة حيث الإمكانات المالية والتقنية محدودة وحيث الاختيارات السياسية لا تضع التنمية في المقام الأول. ولذا فالخطوات اللازم إتباعها هي قبل كل شيء سياسية واقتصادية واجتماعية. لقد توالت على بلدان الوطن العربي عدة تجارب (الفاو، 1992) تسعى إلى تنمية الأراضي الجافة، تنمية زراعية ورعوية، تهدف إلى سن أنظمة ريفية مستديمة في مجالات تتسم بالهشاشة من جهة وبارتفاع الساكنة من جهة ثانية. ومن أهم هذه التجارب، تلك البرامج التي أعدتها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة والتي كان الهدف منها في نفس الوقت، البحث عن توازن بين الضغط السكاني وإنتاج الغذاء وإيقاف مسلسل تدهور التربة والغطاء النباتي. وهذا الهدف ينبني على سن أنماط لاستعمال الأراضي، تتوخى الرفع من المردود المحلي لكل نوع من الأراضي والإنتاج الشمولي للبلد، بشكل مستديم أي غير مهدد لاستمرارالإنتاجية ويدون آثار سلبية على جودة وتوازن الأوساط البيئية.وهذا يقتضي تدخلا شموليا يراعي كل المعطيات في تعقيدها وتداخلها :

فهو أولاً تدخل تقني متكيف مع الظروف البيئية الجافة ومع هشاشة الأراضي بحيث لا يستوردها كما هي، تقنيات صالحة في المجالات الرطبة، ويطبق بدون تكييفها مع الأوضاع المحلية.

وهو تدخل يراعي الواقع البشري والاجتماعي ولا يتعارض مع استراتيجيات المجتمعات البشرية المختلفة داخل الأرياف العربية، بل يدخل هذه الاستراتيجيات ضمن رؤيا شمولية مستقبلية.

وهو يهيئ الجوانب المؤسساتية والقانونية الكفيلة بتسهيل التطورات الإيجابية ويزيل المعوقات التنظيمية من أجل ضمان نجاح التهيئة والإعداد.

•وهو أخيراً يشرك المجتمع المحلي في الاختيارات وكذا في تطبيقها ضماناً لرضى السكان عن أساليب التهيئة وتشجيعا لهم على تنفيذها، بل توسيعها وإنجاحها، ويمكن القول، إن هذه البرامج تجعل الإنسان العربي في مقدمة أهدافها، وتؤكد على ضرورة سن تنمية شمولية اقتصادية واجتماعية وثقافية.

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي