رابعاً: أهم العوامل والمتغيرات المؤثرة في نظام الإنتاج الدولي⁽⁶⁰⁾ 

تطورت إدارة الإنتاج الدولي تطوراً كبيراً منذ أواخر عام 1970، بفعل تأثير الثورة الصناعية الثالثة ثورة الحاسبات الآلية، والتي ساعدت على ظهور نظام  التصنيع المرن، واستخدام الإنسان الآلي Robots في اداء العمليات الإنتاجية بسرعة وكفاءة عالية وبدرجة عالية من الجودة مع زيادة الكمية المنتجة واستخدام الحاسبات الآلية في مجال التخطيط والرقابة على الإنتاج والمخزون، وزيادة درجة الآلية في الإنتاج التي أدائها، الأمر الذي يتطلب تغيير أسلوب إدارة وتخطيط وتنفيذ خطط وبرامج الإنتاج، وبخاصة في المجال الدولي حتى تتمكن الشركات الدولية والمتعددة الجنسية من مواجهة المنافسة العالمية.  

ولقد ترتب على هذه المتغيرات الصناعية الفنية والتكنولوجية العديد من الآثار  والنتائج السلبية والإيجابية على نظام الإنتاج الدولي ، وعلى إدارة الإنتاج في الشركة الدولية والمتعددة الجنسية بشكل خاص ، على سبيل المثال كانت اليابان من أول الدول الصناعية التي توسعت في استخدام الإنسان الآلي في إنتاج السيارات، الأمر الذي أدى إلى تقوية مركزها التنافسي وإحكام سيطرتها على الأسواق الدولية، حيث ساعد هذا التطور في تكنولوجيا الإنتاج في اليابان على تحقيق مستوى عال من الاقتصادية في الأداء، مع زيادة كمية الإنتاج والارتفاع بمستوى الجودة والرقابة على الإنتاج والمخزون ، مع أداء العمليات الإنتاجية في وقت قياسي وبأقل تكلفة ممكنة، بالرغم من ارتفاع مستوى أجور العاملين لإرتفاع مقدرتهم ومستوى كفاءتهم الفنية والإنتاجية.

وعلى الجانب الآخر حجم خبرة الشركات الدولية والمتعددة الجنسية المنافسة للشركات اليابانية أصبح قاصراً وعاجزاً، حتى تتمكن من مواجهة هذه المنافسة وإحكام سيطرتها على الأسواق الدولية مرة أخرى ، مما دفع بهذه الشركات إلى تطبيق نظام التصنيع المرن، عن طريق اختيار  دولة مضيفة أو أكثر تنشئ بها فروع أو شركات تابعة لها أو من خلال شركات الاستثمار المشترك، للقيام إما بعمليات التجميع لأجزاء المنتج وتسويقه في السوق المحلي للدول المضيفة وتصديره للخارج، أو تقوم هذه الفروع والشركات بالتخصص في إنتاج جزء من أجزاء المنتج وتصديره إلى الشركات الأم أو إلى فروع وشركات تابعة في دول مضيفة أخرى، لكل تتولى عملية التجميع والتسويق أو التصدير للأسواق الدولية، وبذلك تستطيع الشركة الاستفادة من اقتصاديات الإنتاج والتسويق الدولي الواسع، وتخفيض تكلفة إنتاج الوحدة معتمدة على انخفاض تكلفة الإنتاج بكل دولة مضيفة، مع التغلب على القيود والعقبات التي تضعها الدول المضيفة على نشاط هذه الشركات. 

ولقد ساعد التطور في وسائل الاتصال وفي نظم إدارة المعلومات على زيادة مقدرة الإدارة في الشركات الدولية والمتعددة الجنسيات على الرقابة وضبط وتنظيم نشاط الإنتاج فيما وراء البحار، للحد من ارتفاع التكاليف وخفض مستوى المخزون، تنميط أجزاء المنتجات وتبسيط عمليات التخطيط وجدولة العمليات الإنتاجية والرقابة على مدخلات ومخرجات نظام الإنتاج، مما يزيد من فعالية نظام التصنيع المرن وتبادل تصنيع الأجزاء بين الفروع والشركات التابعة، الأمر الذي يزيد من اقتصادية الأداء ومرونتة للشركة الأم على التكيـف مـع أي تغير في أحوال السوق باستخدام نظام التصنيع المرن، ويتطلب ذلـك مـن الشركة الدولية والمتعددة الجنسية إتباع نظام المركزية في اتخاذ قرار الإنتاج لكل جزء من أجزاء المنتج وتحويله من دولة مضيفة لأخرى طبقاً لاحتياجات السوق بها لزيادة العائد الإجمالي لنشاط الإنتاج.

وكلما كانت المتغيرات المؤثرة في نشاط الإنتاج للشركة الدولية والمتعددة الجنسية مرنة فإن ذلك يساعدها على فتح أسواق جديدة والاستجابة لكل زيادة في الطلب، وتخفيض أسعار البيع، وزيادة درجة الآلية في العمليات الصناعية، وتحقيق هدف الاقتصاد في التكاليف Economise of Scope الذي يعبر عن مقدار أو نسبة التخفيض في الاقتصاد في التكاليف الناتجة من إنتاج منتجات متمثلة مع ثبات حجم وكمية الإنتاج من كل منتج من هذه المنتجات، والذي يتوقف تحقيقه على مدى الاقتصاد أو التخفيض في التكاليف Economise of scale، وعلى درجة الاتساق بين هذه المنتجات عند استخدام مدخلات الإنتاج من آلات وعمالة ومواد خام، والتي يترتب عليها إنتاج هيكل مزيج إنتاجي يتضمن العديد من المنتجات، التي يتم إنتاجها مجتمعة بأقل تكلفة عما إذا تم إنتاج كل منتج على حدة. 

وفي الإنتاج الدولي بالشركات الدولية والمتعددة الجنسية يظل الهدف القصير لها متمثلاً في مفهوم هدف الاقتصاد في التكاليف بينما مدى التخفيض أو الاقتصاد في التكاليف لا يتحقق إلا في الأجل الطويل، ولذلك فهي تعنى مفهوم اللامركزية، والمرونة، ورغبات المستهلك، والإنتاج المرتبطة بالطلب، حيث تساعد المهارة التسويقية الشركة الدولية والمتعددة الجنسيات على تخفيض تكلفة المعلومات التسويقية البيعية في مختلف الأسواق بسرعة تغذية الأسواق باحتياجاتها من المنتجات والسلع المختلفة وفقاً لنظام مرونة التصنيع أو مرونة أداء العمليات الإنتاجية، والدليل على ذلك مقارنة نظام الإنتاج الدولي في الشركات اليابانية والأمريكية، كما سنوردها بإيجاز. 

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(60) أ.د/ محمد عثمان إسماعيل - د. مصطفى محمود هلال، مرجع سابق، ص 235.

مواضيع ذات صلة

نماذج مختلفة لدورة حياة المنظمة ومسببات انحدار المنظمات والآثار السلبية الناشئة عن الانحدار وكيفية ادارتـها

تـحليـل العـوامـل والخـصائـص الاقـتصاديـة للـدول الناميـة

المؤشرات المرتبطة بانجاز الأعمال الدولية وتدفق الاستثمارات الأجنبية

مـناخ الإستثمـار فـي الدول الناميـة ودول الشـرق الأوسـط (خـصائـص وسمـات الدول النـاميـة)

أشـكال الاستـثمـارات فـي مـجـال التـسويـق والتـصديـر ( التـجارة )

عقـود / امتيـازات الإنـتاج والتـصنيـع الدولـي مـن البـاطـن (المـزايـا والعـيـوب)

عـقـود التـصنيـع وعـقـود الإدارة (المـزايـا والعـيـوب)

أشكال الاستثمار الأجنبي غير المباشر (أشكال الاستثمارات غير المباشرة في مجالات التصنيع والإنتاج)

مـفهـوم التـسويـق الـدولـي ومـجالات أنـشطتـه

نـظرة مـستقـبليـة للإنـتـاج الـدولـي

نـظـم المـعلـومـات الإنـتـاج الـدولـي

أسـاليـب تـخـطيـط عـمليـات الـنقـل والتـخـزيـن الدولـي