1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : الحياة الاسرية : الآباء والأمهات :

مسؤولية الآباء

المؤلف:  الشيخ محمد تقي فلسفي

المصدر:  الشاب بين العقل والمعرفة

الجزء والصفحة:  ج2 ص312ــ320

2023-09-11

1304

إن من حقوق الولد على والده في الدين الاسلامي المبين أن يعينه في اختيار العمل ويضعه موضعاً صالحاً .

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي حق الولد على والده أن يحسن اسمه وأدبه ويضعه موضعاً صالحاً(1).

العمل والافتخار:

ليس العمل وتحمل المسؤولية مجرد وسيلة لتأمين لقمة العيش ومواصلة الحياة فقط، بل هو أساس العزة والكرامة الإجتماعية وعامل مؤثر في تعزيز الثقة بالنفس وتوكيد الشخصية. فالشاب الذي يعمل ويستحصل على رزقه بنفسه يجد نفسه حراً مستقلاً ويشعر بالفخر والشموخ ، ويعطي لنفسه الحق في إثبات وجوده في المجتمع، ويعتبر نفسه عضوا مفيدا وفاعلا في مجتمعه.

«يقول «موريس دبس»: إن العمل واختيار العمل لهما دور مباشر في إثبات شخصية الشاب ، لأنهما يدلان على تحرر الشاب واستقلاله ومقدرته على مواصلة حياته معتمداً على نفسه والشاب يسعد ويستمتع بأول مال يستحصل عليه من عرق جبينه ، وهذا ما يزيد ثقته بنفسه ويدفعه لبذل المزيد من السعي والمثابرة».

«كتب أعرف شباباً كانوا مستعدين لتقديم كل ما يحصلون عليه من أجور لأسرهم ، لكنهم كانوا ينزعجون عندما ينظر الأهل إلى خطوتهم هذه على أنها مسألة طبيعية وعادية».

«إن الطالب الجامعي الذي لم يكسب المال بعد ولا يزال بحاجة إلى مساعدة مالية من الآخرين ، غالباً ما يشعر بشيء من الضعة والذل ، وهو يرضى على الأقل بهذه اللذة والسعادة عندما ينفق ما في جيبه حسب مرامه»(2).

العمل وقوة الشخصية:

لم يقف اهتمام أولياء الله الصالحين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين عند الجانب المادي للعمل من أجل الإسترزاق وإدارة الحياة بكل متطلباتها ، بل تخطى ذلك إلى الجاب المعنوي عندما اعتبروا العمل وسيلة لتحقيق الإستقلال الذاتي وتعزيز الشخصية ، وعاملاً مهماً يغني الإنسان عن الناس ويحقق له عزته الاجتماعية.

عن زرارة عن الإمام الصادق (عليه السلام) : أن رجلاً أتاه فقال: إنني لا احسن

أن اعمل عملاً بيدي ولا أحسن ان أتجر وأنا محارف محتاج، فقال (عليه السلام):

إعمل واحمل على رأسك واستغن عن الناس(3).

وروي عن العالم الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) أنه قال : اليأس مما في أيدي الناس عز المؤمن في دينه ومرؤته في نفسه، وشرفه في دنياه، وعظمته في أعين الناس، وجلالته في عشيرته، ومهابته عند عياله، وهو اغنى الناس عند نفسه وعند جميع الناس(4).

الأعمال المشروعة :

وهنا لا بد من القول إن تشجيع الأئمة الأطهار (عليهم السلام) على العمل والكد والمثابرة، ينحصر طبعاً بالأعمال المشروعة والمفيدة التي يراعى فيها خير الأمة وصلاحها. لأن الأعمال التي تضر أرواح الناس وكرامتهم وتتهدد الأخلاق العامة وتتنافى والعزة والكرامة الإنسانية، لا يمكنها أبداً أن تبعث على الفخر والاعتزاز.

فالذي يحصل على قوته من الرشوة أو عن طريق التملق أو عن طريق الزنا واللواط أو إنشاء مراكز للفساد والدعارة أوعن طريق مراكز القمار والمشروبات الكحولية التي هي سبب بؤس وتعاسة الكثير من الناس، أو عن طريق تحقيق أرباح ومكاسب غير مشروعة ، مثل هذا الإنسان لا يمكن أن يكون ذا شخصية شريفة ، لأن أعماله الرذيلة تحط من مكانته وتحطم شخصيته وتمنحه شر الصفات.

العمل والأخلاق:

«يقول «ديموستن» الأديب اليوناني الشهير في حديث له حول كيفية مقاومة فيليب: أعتقد أن الإنسان الذي يعمل عملاً رذيلاً لا يمكنه أن يكون نجيباً أو أن يحظى بمعنويات عالية . فمهما كان نوع عمل الإنسان فإن أخلاقه تصبح متناسقة معه. إن هذه النظرية النفسية صحيحة تماماً وتبين لنا بوضوح ما هي الاجراءات التي يجب أن تتخذ بشأن النظم الاقتصادي الحالي».

«إن نشاط الفرد له نفوذه القوي وتأثيراته المختلفة على مبادئه الأخلاقية ، وتولّد أعماله عادات منتخبة وخاصة ، وتبين بوضوح الأشياء التي سيتجاهلها . إن عمل الإنسان وتكرار بعض الأعمال المحددة والاختبارات الواضحة، كل ذلك يشكل عادات ذلك الإنسان وسلوكه ويقود طموحاته ويبين أي الأشخاص يتخذهم أصدقاء له وأيهم أعداء» .

«ولهذا فإن «ديموستن» عندما قال : إن الإنسان الذي يعمل عملا رذيلاً لا يمكنه أن يكون نجيباً أو أن يحظى بمعنويات عالية ، لم يقلها اعتباطاً لترطيب اسماع أنصاره فقط ، بل إنه تحدث عن كيفية تأثير عمل الإنسان على أخلاقه ، لأن خزانة أموالك أينما تكون يكون قلبك ويكون فكرك ونشاطك وإرادتك. ولما كان نشاط الفرد وعمله يبعث على غروره ، فإنه وبطبيعة الحال لا يستطيع مواساة الآخرين. وإذا كان علم التحليل النفسي يحتوي على قوانين عامة فهذا واحد من تلك القوانين»(5).

وباختصار فإن عمل كل امرى؛ يعتبر من جهة مصدر رزقه وتأمين متطلبات حياته، ومن جهة اخرى باني شخصيته الاجتماعية وصفاته الأخلاقية. ومع الأخذ بعين الاعتبار اختلاف المشاغل والأعمال من ناحية القيمة المعنوية والاجتماعية، وأن كل عمل يستلزم بالضرورة الارتباط بفئة معينة من الناس والتحلي بصفات خاصة ، ما علينا إلا أن نقول إن عمل أي إنسان يترك أثره العميق على شخصيته ، ويبني صفاته الأخلاقية حسبما يقتضيه عمله.

(ان تأثير الطبقة الاجتماعية واسع جداً ، وهو ينعكس على الحياة الاجتماعية من مختلف الجهات، ويترك بصماته على شخصية الإنسان. فالعمل الذي يختاره الإنسان لا بد وأن يحدث عاجلاً ام آجلاً بعض التغييرات في شخصيته. فالمعلم او القاضي أو رجل الدين تتكون شخصيتهم بمقتضى عملهم وتصبح مختلفة تماماً عن شخصية الممثل أو الضابط أو الحرفي. وهكذا فإن الشخص ينتسب إلى الحزب أو الجمعية التي تتناسب ووضع الطبقي ، وهذا الحزب أو الجمعية من شأنهما أن يتركا اثراً على شخصية المنتسب. ومن المسلم به أن شروط الإنتساب إلى الحزب الشيوعي تختلف عن شروط الإنتساب إلى المنظمة الماسونية السياسية أو مجموعة «كوكلاكس كلان» الرجعية»(6).

العمل ولقمة العيش:

ثمة مسألة مهمة حول العمل من أجل اكتساب المال أشارت إليها الروايات الاسلامية واستأثرت باهتمام علماء عصرنا هذا ، وهي إن كان الدافع للعمل وكسب المال هو تأمين لقمة العيش والنهوض بالمستوى المعيشي للأسرة والعيال ، فإن هذا العمل يكون مقدساً ، والمال الذي يحصل عليه الإنسان من ورائه يكون مالاً حلالاً طيباً ، وصاحبه مكرماً معززاً .

أما إذا كان الدافع اكتناز المال من أجل منافسة الآخرين والتباهي بضخامة الثروة، فإن مثل هذا العمل يفقد قدسيته، والمال المتأتي منه يفقد طيبه ولذته، وصاحبه ينحرف عن صراط الفضيلة والأخلاق باتجاه الحرص والطمع.

دوافع العمل:

كان الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) جالساً مع اصحابه ذات يوم فنظر إلى شاب ذي جلد وقوة وقد بكر يسعى ، فقالوا : ويح هذا لو كان شبابه وجلده في سبيل الله، فقال (صلى الله عليه وآله): لا تقولوا هذا، فإنه إن كان يسعى على نفسه ليكفها عن المسئلة ويغنيها عن الناس فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى على أبوين ضعيفين او ذرية ضعافاً ليغنيهم ويكفيهم فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى تفاخراً وتكاثراً فهو في سبيل الشيطان(7).

وقال رجل لأبي عبد الله الإمام الصادق (عليه السلام) : والله إنا لنطلب الدنيا ونحب أن نؤتاها ، فقال (عليه السلام) :تحب أن تصنع بها ماذا ؟، قال: أعود بها على نفسي وعيالي وأصل بها وأتصدق بها وأحج واعتمر، فقال (عليه السلام) : ليس هذا طلب الدنيا ، هذا طلب الآخرة (8).

وعن عمرو بن جميع قال : سمعت أبا عبد الله الإمام الصادق (عليه السلام) يقول : لا خير فيمن لا يجب جمع المال من حلال يكف به وجهه ويقضي به دينه ويصل به رحمه(9).

من خلال الأحاديث والروايات الآنفة الذكر نستشف أن سعي كل إنسان إذا كان بهدف تأمين لقمة عيشه وتحسين وضع أسرته المعيشي ومساعدة الآخرين بما زاد عن ذلك ، فهو سعي مقدس يرضي الله ورسوله. أما إذا كان الهدف منه اكتناز المال وجمع ثروة يتباهى بها أمام الآخرين ويفتخر بمنافستهم ، فإنه سعي مذموم، وهو كما وصفه الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) سعي في سبيل الشيطان لا يرضي الله. وهذا الموضوع بات بعد اربعة عشر قرناً يستأثر باهتمام العلماء والمفكرين كأساس للاقتصاد السليم.

(يقول (اور استريت) وهو أستاذ في الجامعات الأمريكية : اينما يجري الحديث عن النظم الاقتصادي يقول انصاره إن النظم المذكور يساهم في رفع المستوى المادي للحياة في كل البلدان التي تم فيها تطبيق هذا النظم. إن ذكر هذه المسألة يولد في ذهننا فكرة مفادها أن الهدف الأساس من وراء سعي الإنسان في الدول الرأسمالية الصناعية هو الارتقاء بمستوى المعيشة).

(لو كان الأمر كذلك حقاً لكان بمقدورنا أن نقول إن الرأسمالية تستطيع ان تعتبر نفسها عنصراً مهماً في طريق التكامل النفسي الإنساني ، وتدعو البشرية إلى تحمل مسؤولياتها الخلاقة ، وتستخدم قوة تصورها لفهم احتياجات الشعوب الأخرى ، وتعتبر الإنسان عنصراً متكاملا او جزءاً في كل متكامل - واكل هنا معناه البشرية ـ. ولكن الحقيقة شيء آخر ، فرفع المستوى المعيشي لم يكن في الحقيقة أساس العمل، بل كان يعتبر أمراً ثانوياً ليس إلا، والهدف الرئيسي من العمل الأساسي لم يكن سوى الحصول على المال ، وأينما برز تناقض بين هدف الحصول على المال وهدف رفع المستوى المعيشي ، وحصلت منافسة بينهما تغلب الأول على الثاني).

(يمكننا أن نتطرق إلى مسألة المنازل السكنية كدليل ونموذج في الوقت ذاته عما أشرنا إليه أعلاه ، فلو كان الهدف الأساس لسماسرة المنازل السكنية وشركات المقاولات إعداد وبناء أفضل وأجود المنازل والمباني في أقصر مدة ممكنة بحيث يستطيع الرجل الانتفاع منها وتأمين منزل يأويه وأسرته بتسهيلات مغرية ، هل كانت تسعى شركات المقاولات الهندسية إلى استئجار عدد من المحامين بمبالغ طائلة ليعلنوها حرباً ضد المشاريع السكنية الرخيصة الثمن» ؟.

(ويعتبر ساذجاً من يتصور أن هدف رؤساء الاتحادات الحرفية وأعضاء مجالس إدارة نقابات الصلب والفحم والنسيج والمحامين او السماسرة حتى، هو رفع المستوى المعيشي للناس، ومسألة الحصول على المال ليست سوى مسألة ثانوية بالنسبة لهم).

(وثمة وثائق كثيرة يمكن جمعها بسهولة تثبت أن الهدف الأساس للرأسمالية الصناعية هو الحصول على المال. ويمكننا أن نشير على سبيل المثال إلى مسألة استغلال النساء والأطفال في المصانع والمعامل التي يسعى أصحابها إلى إفشال وإلغاء كل القوانين التي تضمن حقوق العاملين لديهم ، ولا بد أن نذكر هنا أن أصحاب هذه المصانع والمعامل قد عملوا ما بوسعهم للحيلولة دون المصادقة على قوانين تصب في مصلحة العامل))(10) .

«لقد جلب النظام الرأسمالي لاسيما في عصرنا الحاضر الكثير من المشاكل والويلات للناس. فغالبية المشاكل التي تعاني منها الشعوب من فقر وبطالة وانتحار وطلاق وبيع الهوى والاتجار بالبشر والاستغلال وحتى الاستعمار والحروب العالمية ، هي من مخلفات النظام الرأسمالي».

«وفي عصرنا الحاضر ثمة أخطار محدقة واجهت الرأسمالية أهمها اتساع الهوة بين الطبقات الاجتماعية وتصاعد أزمة التجارة أو الأزمة الاقتصادية»(11).

وفي عالمنا اليوم باتت مسألة البحث عن عمل وتأمين لقمة العيش وتكيف وانسجام الفرد مع الحياة الصناعية الآلية تشكل أهم القضايا الاجتماعية. وهنا سنتحدث باختصار عن بعض المشاكل التي تعترض الشاب في بحثه عن عمل وشروط تكيفه مع الوضع الحالي.

تقسيم العمل:

منذ قرون عديدة والعلماء والفلاسفة يشبهون المجتمع بالإنسان ويذكرون العشرات من أوجه الشبه بينهما، منها ان الأعمال مقسمة في جسم الإنسان، ولكل عضو يتألف من مجموعة خلايا معينة عمله الخاص به. وفي المجتمع يجب أن يتم تقسيم العمل ، وكل فئة تتحمل مسؤولية عمل معين. ونعود ثانية الى جسم الإنسان، فمجموعة الخلايا الخاصة بكل عضو تليق بطبيعة تركيبها بالعمل الموكل إليها.

والفئة الاجتماعية ينبغي أيضاً أن تليق بطبيعة استعداداتها وتركيبتها العقلية والجسمانية بالعمل الموكل إليها.

فكلمة عضو تطلق بالتساوي على كافة أعضاء جسم الإنسان ، رغم الاختلاف القائم بين مجموعة الخلايا الخاصة بكل عضو وسائر المجموعات الخليوية الأخرى.

«عندما تخضع أنواع مختلفة من الخلايا لتربية داخل المختبرات ، تظهر مميزاتها بوضوح كسائر الفضائل الميكروبية والجرثومية . فلكل مجموعة من الخلايا صفات خاصة تحتفظ بها لسنين طويلة حتى وإن تم فصلها عن جسم الإنسان . وتتميز أنواع الخلايا بطريقتها في الحركة وكيفية اتحادها ودرجة نموها والمواد التي ترشح عنها والغذاء الذي تحتاجه وكذلك بشكلها الظاهري»(12).

___________________________

(1) نفس المصدر 17، ص 18.

(2) ماذا اعرف ؟ ، البلوغ، ص 78.

(3) المحجة البيضاء3 ،ص 143 .

(4) سفينة البحار، «غنى» ، ص 327 .

(5) العقل الكامل، ص 168.

(6) مبادئ علم الاجتماع، ص90.

(7) المحجة البيضاء3، ص140.

(8و9) الكافي5، ص72.

(10) العقل الكامل، ص169.

(11) مبادئ علم الإجتماع، ص 288.

(12) الإنسان ذلك المجهول، ص 69. 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي