x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
أجر المرأة الحامل
المؤلف: السيد علي عاشور العاملي
المصدر: تربية الجنين في رحم أمه
الجزء والصفحة: ص15ــ20
2024-11-22
195
في الأمالي: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رض) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحكم بن مسكين قال: حدثني أبو خالد الكعبي عن أبي عبد الله أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: أيما امرأة رفعت من بيت زوجها شيئاً من موضع إلى موضع تريد به صلاحاً نظر الله عزّ وجلّ إليها ومن نظر الله إليه لم يعذبه.
فقالت أم سلمة (رض): ذهب الرجال بكل خير فأي شيء للنساء المساكين؟
فقال (عليه السلام): بلى إذا حملت المرأة كانت بمنزلة الصائم القائم المجاهد بنفسه وماله في سبيل الله، فإذا وضعت كان لها من الأجر ما لا تدري ما هو لعظمه، فإذا أرضعت كان لها بكل مصة كعدل عتق محرر من ولد إسماعيل، فإذا فرغت من رضاعه ضرب ملك على جنبها [جنبيها] وقال: استأنفي العمل فقد غفر لك(1).
وفي رواية قال (صلى الله عليه وآله): والذي بعثني بالحق نبياً ورسولاً ومبشراً ما من امرأة تحمل من زوجها ولداً إلا كانت في ظل الله عزّ وجلّ حتى يصيبها طلق يكون بها بكل طلقة عتق رقبة مؤمنة، فإذا وضعت حملها وأخذت في الرضاعة فما يمص الولد مصة من لبن أمه إلا كان بين يديها نوراً ساطعاً يوم القيامة يعجب من رآها من الأولين والآخرين وكتبت صائمة، وإن كانت غير مفطرة كتب لها صيام الدهر كله وقيامه، فإذا فطمت ولدها قال الحق جل ذكره: يا أيتها المرأة قد غفر لك ما تقدم من الذنوب فاستأنفي العمل(2).
وعن زيد بن علي عن آبائه (عليهم السلام) قال: ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله) الجهاد فقالت امرأة: يا رسول الله ما للنساء من هذا شيء؟
فقال: بلى للمرأة ما بين حملها الى فطامها من الأجر كالمرابط في سبيل الله فإن هلكت فيما بين ذلك كان لها مثل منزلة الشهيد(3).
هنيئاً للنساء الحوامل على هذا الأجر الكبير، مضافاً إلى أجر التربية، فإن الأم تؤجر بكل خطوة تؤدي إلى صلاح خلق أو خُلق الجنين، فضلاً عن راحتها النفسية والبدنية في المراحل الأخرى من حياة الطفل، فإن العناية وتأسيس الطفل في رحم أمه يسهل على الوالدين بقية مراحل التربية والتهذيب.
بعض معاناة الحامل
تتعرض المرأة الحامل - أجرها الله - إلى عدة معاناة ومضايقات وذلك بسبب الحمل، منها ما يعود الى الامتناع عن بعض الأعمال القاسية أو الذهاب الى بعض الأمكنة والتقيد بإرشادات الطبيب.
ومنها ما يعود إلى نفس وجود جنين في رحمها يتغذى من أحشائها، ويمكن ذكر بعض ذلك:
1- في الجهاز التنفسي:
قال علماء الطب: (تشكو الحامل في العادة من نهج وضيق في التنفس وخاصة في الأشهر الأخيرة من الحمل.. وذلك لأن الرحم قد ملأ تجويف البطن وبدأ يضغط على الحجاب الحاجز ويعوق حركته في التنفس ولذا تشكو الحامل من ضيق النفس (النسم) وخاصة عندما تستلقي على ظهرها ويرتفع الحجاب الحاجز إلى أعلى مانعاً الرئتين من الحركة أثناء الشهيق والزفير...
2- في الغدد الصماء:
تضطرب بعض وظائف الغدد الصماء في أثناء الحمل.. مثل الغدة الدرقـيـة الـتـي تزداد حاجتها إلى اليود.. ولذا يكثر في أثناء الحمل تضخم الغدة الدرقية وفي أغلب هذه الحالات تعود الغدة الدرقية إلى حالتها الطبيعية بعد الولادة.. وفي أثناء الحمل تكثر الهرمونات المتعلقة بالحمل مثل الاستروجين والبروجسترون وهرمونات المشيمة.. وكلها لها تأثير على الجسم عامة.. كما أن لها تأثيراً خاصاً على الرحم والجنين.. وتزداد بسبب هذه الهرمونات كمية الماء في الجسم.. وتصاب كثير من الحوامل في أواخر الحمل خاصة بتورم القدمين تورماً بسيطاً.. وليس لذلك تأثير ضار إذ يختفي برفع القدمين إلى أعلى كما أنه يختفي بعد الولادة...
3ـ في العظام والأسنان:
تصاب بعض الأمهات الحوامل بلين العظام أثناء الحمل وبعده.. كما تصاب أسنانهن بالالتهابات المتكررة.. والسبب في ذلك أن الجنين لكي يبني عظامه يسحب من دم أمه وعظامها الكالسيوم والمواد الضرورية لبناء عظامه.. حتى ولو تركها هزيلة هشة العظام شاحبة الوجه تعاني من لين العظام ومـن فقر الدم.. كل هذه التغيرات وأكثر منها تحصل في الحمل الطبيعي.. وفي كثير من الأحيان يضاف إلى هذه المتاعب التهابات المجاري البولية التي تزداد زيادة كبيرة أثناء الحمل مما قد يؤدي إلى فقدان الزلال (البروتين) في البول.. ويؤدي ذلك إلى تورم الأقدام وتورم الوجه.. كما يكثر في الحمل اضطراب ضغط الدم.. وأغلب الأمهات يعانين من انخفاض بسيط في ضغط الدم مما يؤدي إلى الشعور بالدوخة.. وهي حالات بسيطة وهينة.. ولا تؤثر على حالة الأم لا في الحمل ولا في ما يستقبل من الأيام.. ولكن الشي الخطير هو حصول ارتفاع في ضغط الدم.. وإذا لم يعالج فإنه قد يؤدي إلى حالات تسمم الحمل الخطيرة المعروفة باسم (إكلامبسيا) التي تصحبها تشنجات شديدة.. وهذه الحالات إذا لم تعالج بسرعة وعناية فائقة فإنها تؤدي إلى وفاة الجنين. وأخطر من ذلك تؤدي إلى وفاة الأم ذاتها.. ولن نتحدث عن حمل التوائم ومضاعفاته.. ولا عن الحمل خارج الرحم وخطورته على حياة الأم.. ولا عن أمراض القلب.. وأمراض الكلى.. والبول السكري وكيف أنها تحتاج إلى عناية خاصة فائقة أثناء الحمل.. وكل هذه الأمراض خارجة عن نطاق حديثنا إذ إننا نشير هنا فقط إلى ما تكابده الأم من مشاق في الحمل الطبيعي.
وفي أثناء الحمل الطبيعي يزداد وزن الأم عشرة كيلو جرامات (في المعدل) سبعة منها للجنين والأغشية وثلاثة منها زيادة فعلية في وزن الحامل.. وفي هذه الأثناء يأخذ الجنين من أمه كل ما يحتاج إليه من غذاء وهواء... ومناعة.. ويعطيها إفرازاته من المواد السامة لتطردها بدلاً منه إلى خارج الجسم...
يقول مجموعة من أساتذة طب النساء والولادة في كتاب ((الحمل الولادة – العقم عند الجنسين)) ((والطفل يعتبر كالنبات الطفيلي الذي يستمد كل ما يحتاج إليه من الشجرة التي يتعلق بها.. يعيش ويأخذ غذاءه من الأم مهما كانت حالتها أو ظروفها حتى ولو تركها شبحاً)).
وفي موضع آخر يقول: ((يعتبر معظم الأطباء أن الجنين داخل الرحم متطفل على أمه لأن المواد الغذائية كالأحماض الأمينية والجلوكوز وكذا الفيتامينات والأملاح كالحديد والكالسيوم والفسفور وغيرها تنتقل من الأم إلى الجنين من خلال المشيمة... والمعروف ان طلبات الجنين تلبى بصفة إلزامية حتى وإن كان هناك نقص في كل أو بعض هذه المواد الحيوية عند الأم...)).
والحلول السليمة لهذه المعاناة هي بمراجعة الطبيب المختص لتفادي بعض هذه العوارض أو تخفيفها.
مضافاً الى التحمل والتصبر الذي يزيد من أجر الحامل.
نسأل الله تعالى أن يعين كل امرأة حامل ويصبرها حتى تضع جنينها سالماً، وسوف نتعرض للأدعية الدينية والآيات القرآنية التي تسهل ذلك، إن شاء الله.
4ـ في الحالة النفسية:
لا تعاني الأم من كل هذه المصاعب الجسدية فحسب.. ولكن حالتها النفسية تضطرب أيما اضطراب.. فهي بين الخوف والرجاء... وبين الحزن والفرح.. الخوف من الحمل.. ومصاعبه.. والولادة ومتاعبها.. والرجاء بالفرج والتيسير من الله تعالى... وهي بين حالات القلق والكآبة تتأرجح تارة وتارة تغمرها فرحة وسعادة بالمولود الجديد...
ويقول مؤلفو كتاب ((الحمل والولادة)): ((تحتاج الحامل إلى عناية شديدة من المحيطين بها في هذه الفترة بالذات.. إذ تكون أكثر حساسية من أي فترة مضت... سريعة التأثر والانفعال.. والميل إلى الهموم والأحزان لأتفه الأسباب.. وذلك بسبب التغير الفسيولوجي في كل أجزاء الجسم لذا يجب أن تحاط بجو من الحنان.. والبعد عن الأسباب التي تؤدي إلى تأثرها وانفعالها.. وخاصة من ناحية الزوج.. أو الذين يعيشون ويتعاملون معها)). وصدق الله العظيم: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ} [لقمان: 14] {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا} [الأحقاف: 15] فهي في وهن من أول الحمل إلى آخره ... وهي في آلام وأوجاع وأوصاب من أول حمله إلى أن تضعه.. أفلا تكون بعد ذلك كله جديرة بالرعاية والإجلال والتكريم.. وهي التي تعطي جنينها كل ما يحتاجه ولو هزيلة شاحبة تعاني من فقر الدم ولين العظام.. وتسوس الأسنان.. وهبوط القلب.. وهي التي تمنع عنه كل أذى.. ولا تسمح للميكروبات بالدخول إليه بواسطة ذلك الحاجز المنيع المسمى المشيمة...
ثم هي بعد ذلك تعطيه الغذاء مهضوماً جاهزاً وتعطيه الأوكسجين.. وتأخذ منه السموم مثل البولينا وثاني أوكسيد الكربون.. تأخذها منه راضية فرحة لتطردها بدلاً عنه.. وتعطيه كذلك مواد المناعة حتى إذا خرج إلى الدنيا خرج إليها بجهاز يستطيع أن يقاوم الأمراض والميكروبات المحيطة به.. ألا تستحق بعد ذلك أن يبرها ويكرمها ويجلها.. بلى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 23، 24].
{حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان: 14].
{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15].
والرسول الكريم يقول للسائل: ((من أحق الناس بحسن صحبتي يا رسول الله))؟
((قال أمك)) قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟
قال: أمك، قال: ثم من؟ قال أبوك ثم أدناك فأدناك))(4).
وقال للذي حمل أمه على ظهره وأخذ يطوف بها بالبيت وهي على ظهره: هل قضيت حقها؟ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ((لا ولا بزفرة واحدة))(5).
فهذا المقام العظيم للأمومة وجعل الجنة تحت أقدامها.. يعوض هذا التعب والمشقة الذي تلاقيه في الحمل والولادة والرضاعة والتربية(6).
_________________________________
(1) أمالي الصدوق: 335 ح7.
(2) مستدرك الوسائل: 14 / 245 ح 16604.
(3) من لا يحضره الفقيه: 3 / 561 ح 4926.
(4) انظر صحيح ابن حبان: 2 / 177 ح 433.
(5) انظر تفسير الأمثل: 8/ 454.
(6) خلق الإنسان بين الطب والقرآن، الدكتور محمد علي البار: 446 - 451.