x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية والجنسية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
البيئة والتحديات التكنولوجية
المؤلف: د. أحمد عادل عبد العظيم
المصدر: البيئة والتنمية المستدامة
الجزء والصفحة: ص 108 ــ 131
2023-06-12
1116
بتقدم العلوم والمعرفة والتكنولوجيا كان التحضر والانتقال من حياة البداوة إلى التمديُن، ومن مرحلة الصيد إلى مرحلة الزراعة، ثم استخدام مصادر الطاقة، ثم التحول من الصناعات اليدوية إلى الصناعات الآلية، ثم السيطرة على الطاقة والانطلاق بها إلى المجال النووي، ثم الفضاء، وأمكن التعرف على حركات الرياح والتنبؤ بظروف الجو، واستخدام كل هذا لدفع عجلة التنمية الزراعية والصناعية زاد من تلوث الهواء المحلي والإقليمي، وهكذا يستمر التلوث في الزيادة المطردة، ويتفاقم معه الموقف البيئي ما يتطلب معه أهمية التعرف على البيئة وكيفية حمايتها من التلوث؛ لأن التلوث الذي صنعه الإنسان أصبح يهدد حياته، ومن المعروف أن للبيئة طاقه محددة على استيعاب التغيرات التي تطرأ عليها نتيجة النشاط الإنساني، فإذا تجاوزت حد طاقتها، أدى ذلك إلى خلل يصعب علاجه أو تعويض خسائره، وتجدر الإشارة هنا إلى أن التلوث من جراء نشاط الإنسان في سبيله إلى التنمية - قد أصاب جميع العناصر المكونة لبيئته المحيطة من هواء وماء وتربة وغذاء في مختلف الأماكن المحلية والإقليمية، حيث ينبغي أن تكون التنمية من أجل البيئة، والبيئة من أجل التنمية.
إن هذا يتطلب مرة أخرى إعادة التصالح بين البيئة والإنسان، بدلا من الصراع بينهما، وذلك يتطلب حماية البيئة من التلوث - أفعال الاعتداء على البيئة - باعتباره أكبر المشكلات البيئية انتشارا وخطرا، وباعتباره أيضاً أكثر أفعال الاعتداء على البيئة وعناصرها المختلفة بفعل الإنسان الإرادي واللاارادي؛ لذا سنقوم بعرض لمفهوم كل من البيئة محل الحماية، وعناصرها المختلفة والمترابطة، والإشارة لمفهوم التلوث، وأبعاده المتكاملة حيث إن العلاقة بين البيئة والتلوث محورية، سواء في حالة الصراع وحالة التوافق بين الإنسان والبيئة وتأثير التقدم التكنولوجي على البيئة سلباً و إيجاباً.
1ـ البيئة المعنى والمضمون:
البيئة لفظة شائعة يرتبط معناها بطبيعة العلاقة بينها وبين مستخدمها فرحم الأم بيئة الإنسان الأولى - البيت بيئة - والمدرسة بيئة - والبلد بيئة - والكرة الأرضية بيئة - والكون كله بيئة.
ويمكن تعريف البيئة من خلال الأنشطة البشرية المختلفة، فنقول: البيئة الزراعية والبيئة الصناعية والبيئة الثقافية والبيئة الصحية والبيئة الاجتماعية والبيئة السياسية.
فالبيئة إذن هي إطار متكامل يشمل الكرة الأرضية - وهي كوكب الحياة - وما يؤثر فيها من المكونات الأخرى للكون ومحتويات هذا الإطار ليست جامدة ولكنها متأثرة ومؤثرة فيه والإنسان واحد من مكونات البيئة يتفاعل مع كل مكوناتها مثل أقرانه من بني البشر.
وهذا يعني أن البيئة عبارة عن مجموعة الظروف والمؤثرات الخارجية والداخلية، فالبيئة المحيطة بأي كائن من إنسان أو حيوان أو نبات تشمل الظروف وتشمل الآثار الطبيعية والكيماوية والصحراوية والبحرية والجوية والنباتية.
وهي - أي الظروف والمؤثرات - مترابطة بعضها بالبعض الآخر، وهي متفاعلة بعضها في بعض تأثيراً وتأثرا، بمعنى أنه إذا حدث تغير في أحد منها فسيتبعه تغير في بعض النظم الاخرى على شكل سلسلة تفاعلات بحسب القوانين والعلاقات التي جعلها الله سبحانه وتعالى في الكون، فإذا أصبح الهواء باردا فوق الحد الطبيعي ازدادت الأمراض، وإذا كثرت الأشجار واتسعت مساحات المياه انخفضت درجة الحرارة.
فالبيئة إذن هي وحدة متكاملة تتجشع فيها الكثير من العلوم التي اكتشفها الإنسان من سياسة واجتماع واقتصاد وغير ذلك، فالبيئة بالمعنى الأعم تشمل البيئة الوراثية والبيئة الاجتماعية والبيئة الثقافية والبيئة الاقتصادية والبيئة الطبيعية وغير ذلك، ويمكن تعريف البيئة بحيث تدل على أكش من مجرد عناصر طبيعية (ماء وهواء وتربة ومعادن ومصادر للطاقة ونباتات وحيوانات).....، بل هي رصيد الموارد المادية و الاجتماعية المتاحة في وقت ما و في مكان ما لإشباع حاجات الإنسان وتطلعاته.
والتمييز بين الموارد المادية والاجتماعية التي تتكون منها البيئة الطبيعية والاجتماعية يساعد على الفهم، ولكن هناك صلات شتى ومعقدة بين هذين النظامين فالبيئة الطبيعية تتكون من الماء والهواء والتربة والمعادن ومصادر الطاقة والنباتات والحيوانات، وهذه جميعها مثل الموارد التي أتاحها الله للإنسان كي يحصل فيها على مقومات حياته - غذاء وكساء ودواء ومأوى - أما البيئة الاجتماعية فتكون البنية الأساسية المادية التي شيدها الإنسان - البيئة المشيدة - ومن النظم الاجتماعية والمؤسسات التي أقامها.
ومن ثم يمكن النظر للبيئة الاجتماعية على أنها الطريقة التي نظمت بها المجتمعات البشرية حياتها والتي غيرت البيئة الطبيعية لخدمة الحياة البشرية وتشمل العناصر المشيدة للبيئة استعمالات الأراضي (للزراعة وإقامة المناطق السكنية والتنقيب عن الثروات الطبيعية) والمناطق الصناعية والمراكز التجارية والمستشفيات والمعاهد والطرق والموانئ والنشاط الاقتصادي.
وبالتالي يمكننا أن نضع من خلال ذلك تعريفا محددا للبيئة على أنها الإطار الذي يعيش فيه الإنسان، ويحصل منه على مقومات حياته من غذاء ودواء وكساء ومأوى ويمارس فيها علاقاته مع أقرانه من بني البشر.
ووفقا لهذا التعريف يتبين لنا أن البيئة ليست مجرد موارد يتجه إليها الإنسان ليستمد منها مقومات حياته وإنما تشمل البيئة أيضا علاقة الإنسان بالإنسان التي تنظمها المؤسسات الاجتماعية والعادات والأخلاق والقيم والأديان.
تدرجت حدة الصراع بين الإنسان والبيئة الطبيعية بمرور الأجيال والأزمان، حيث كان الإنسان في بداية نشأته يستخدم الأدوات اليسيرة في تعامله مع الطبيعة، وفي ظل التقدم الحضاري، ونمو القدرات البشرية الخلاقة، والتطور التدريجي على مر العصور - ظهرت الآثار المدمرة على البيئة من جانب، وعلى الإنسان نفسه من جانب آخر حيث أن الصراع الجديد من أجل الحياة، ثم من أجل تحقيق الرفاهية والرخاء في المعيشة - أصبح يلهيه عن الأخطار المحيطة به، والتي تهدد أمنه وبقاءه، وتهدد البيئة من حوله، وهذا أدركه الكثر من دول العالم في مجال علاقة (المواجهة بين التحدي البيئي ومستقبل كوكب الأرض).
فيعيش الإنسان في البيئة، ويتعامل مع مكوناتها، ويؤثر فيها ويتأثر بها، محاولا توفير حاجاته الضرورية لبقائه واستمراره، ففي الماضي كان هناك وفاق بين الإنسان وبيئته، بحيث كانت تكفيه مكوناتها ومواردها وثرواتها؛ إلا أن الزيادة الكبيرة في أعداد السكان انعكست على البيئة في ظهور كثير من المشكلات، مثل: استنزاف وإهدار الموارد والثروات الطبيعية، وانحسار التربة الزراعية، وتدني خصوبته، وبالتالي نقص الغذاء وزيادة حجم الفضلات والمخلفات والنفايات.
بذلك التلوث الذي نخشى عواقبه بالنسبة لتكوين المياه أو الهواء أو التربة - تتأثر سلبيا الموارد الأساسية التي يعتمد عليها الإنسان في حياته، وغالبا ما تنشأ هذه المتغيرات البيئية كناتج فرعي لعمليات التقدم التكنولوجي في المجالات المختلفة والتي حدثت بعد الثورة الصناعية في أوروبا واكتشاف النفط في الشرق الأوسط، وما صاحب ذلك من عمليات واسعة في مجال قطع الأخشاب وتعدين الحديد وإنتاج النفايات وصيد الحيوانات وغيرها من الأنشطة المؤثرة على البيئة، والتي لم تشهدها القرون السابقة أو بفعل الإنسان نفسه، ولكن الواضح أن إدراك أهمية حماية البيئة من هذه المكونات جاء متأخرا بعد أن تعرضت معظم عناصرها للتخريب والتبديد.
إن الإنسان أمض نصف تاريخه على الأرض يحمي نفسه من تهديدات ومخاطر البيئة، وسيمضي النصف الآخر يحمي البيئة من آثار نشاطه الزراعي والصناعي، وأصبحت البيئة هي التي تعاني تهديد الإنسان لها وتأثيره الضار عليها.
2ـ البيئة والتلوث
فالتلوث إذن هو كل ما يؤثر في جميع العناصر البيئية بما فيها من نبات وحيوان وإنسان، وكذلك كل ما يؤثر في تركيب العناصر الطبيعية غير الحية مثل الهواء والتربة والبحيرات والبحار وغيرها. وأصبح تلوث البيئة ظاهرة نحس بها جميعاً فلم تعد البيئة قادرة على تجديد مواردها الطبيعية.
واختل التوازن بين عناصرها المختلفة، ولم تعد هذه العناصر قادرة على تحليل مخلفات الإنسان أو استهلاك النفايات الناتجة من نشاطاته المختلفة، وأصبح جو المدن ملوثا بالدخان المتصاعد من عوادم السيارات وبالغازات المتصاعدة من مداخن المصانع ومحطات القوى، والتربة الزراعية قد تلوثت نتيجة الاستعمال المكثف للمخصبات الزراعية والمبيدات الحشرية، وحتى الكائنات الحية لم تخل من هذا التلوث.
ولم تسلم المجاري المائية من التلوث فمياه الأنهار والبحيرات في كثير من الأماكن أصبحت في حالة يرثى لها نتيجة ما يلقي فيها من مخلفات الصناعة من فضلات الإنسان كما أصاب التلوث البحيرات المقفلة والبحار المفتوحة على السواء.
وقد برزت مشكلة التلوث وتعاظم خطرها مع تقدم الصناعة واستخدام الآلات الحديثة وأسلحة الحرب المدمرة على نطاق واسع، وكانت الدول الصناعية الكبرى سباقة إلى اكتشاف المشكلة ومخاطرها والبحث عن الحلول المناسبة لمعالجتها، كما كانت سباقة في إحداث التلوث والإخلال بالتوازن البيئي.
3ـ مظاهر التلوث:
إن تلوث البيئة ظاهرة خطيرة، ومصادرها كثيرة دخلت على الإنسان من مختلف جوانب حياته، حتى ليكاد يعجز عن تقدير حجم أخطارها التي تغلغلت في كل مجال مع تيار المدنية والتكنولوجيا الدافق بخيره وشره.
ليس هناك مصدر واحد للتلوث بل هناك عدة مصادر كثيرة منها: أحد نتائج التلوث هو الاحتباس الحراري - تلوث الهواء والذي أدى إلى اتساع ثقب الأوزون وتلوث المياه وتلوث التربة.
هذا التلوث؛ الإنسان هو المسئول عنه وهو الذي يسبب لنفسه الخطر، ولهذا فان البيئة تحتاج إلى أناس يحبونها ويعرفون العناية بها جيدا فكل مكان توجد فيه النفايات والفضلات فهو نوع من التلوث، وكل دخان منتشر في الهواء فهو نوع آخر من التلوث، وكل ماء ملوث متجه نحو النهر فهو نوع جديد من التلوث. وكل مبيد يرش فهو ملوث للهواء.
إن تلوث الهواء مشكلة خطيرة يجب علاجها في القريب العاجل، لأنها تتسبب للبشر في مشاكل التنفس، ومرض الرئتين......الخ.
وهذه ظاهرة موجودة، نراها كل يوم، مثل: دخان المصانع ودخان السيارات كل منها ينتج عنها تلوث الهواء.
تلوث الماء يشكل خطرا على البيئة، فإن لم يكن نظيفا فسنموت عطشا، والنفايات التي ترميها المصانع في الأنهار والبحار وفي الوديان، كلها مضرة تضر البيئة والإنسان، ولا ننسى الحيوان وأيضا النبات، كل هذه الكائنات تضر بسبب طرف واحد، وإذا بقينا هكذا فسيدمر العالم كله وستموت كل الكائنات.
فتلوث المياه هي مشكلة في جميع أنحاء العالم؛ تذكر بعض المصادر أن المياه الملوثة تتسبب في وفاة ما يقارب من 14000 شخص سنويا. وعلى الرغم من استفحال المشكلة وضخم حجمها إلا أنها تزداد سوءاً يومياً سواء في الدول النامية أو الدول المتقدمة، حيث وضح أحد التقارير في الولايات المتحدة أن حوالي 45% من مياه الجداول و47% من مياه البحيرات، و32% من مياه الخلجان تعد ملوثة.
تعتبر المياه ملوثة عندما تحتوي على مكونات تفسدها بحيث لا تصلح للاستهلاك البشري كمياه الشرب أو بحيث تؤثر على الأحياء التي تعيش فيها كالأسماك والأحياء المائية الأخرى.
تلوث الأرض مشكلة خطيرة يمكن أن تودي بحياة الجميع، فإذا تلوثت الأرض بالنفايات سوف تنقل الأمراض إلى الناس، وإذا تلوثت الأراضي الزراعية بالأسمدة الكيماوية وغيرها فستتلف المنتجات الزراعية والمحاصيل ويمكن أن نموت بالمجاعة.
فتلوث التربة هو التدمير الذي يصيب طبقة التربة الرقيقة الصحية المنتجة، حيث ينمو معظم غذائنا ولولا التربة الخصبة لما استطاع المزارعون إنتاج الغذاء الكافي لدعم سكان العالم. حيث تعتمد التربة الصحية على البكتيريا والفطريات والحيوانات الصغيرة لتحليل المخلفات التي تحتويها، وإنتاج المغذيات. وتساعد هذه المغذيات في نمو النباتات وقد تحد الأسمدة والمبيدات من قدرة الكائنات العضوية التي في التربة على معالجة المخلفات.
وبناء عليه، فإن في مقدور المزارعين الذين يفرطون في استخدام الأسمدة والمبيدات أن يعملوا عل تدمير إنتاجية التربة.
وهناك عدد من النشاطات البشرية الأخرى التي يمكنها تدمير التربة. وقد يؤدي ري التربة في المناطق الجافة، مع وجود نظام تصريف سيئ، إلى ترك الماء راكدا في الحقول. وإذا ما تبخر هذا الماء الراكد فإنه سيخلف الرواسب الملحية من ورائه جاعلا التربة شديدة الملوحة، ما يؤثر في نمو المحاصيل. وتؤدي عمليات التعدين والصهر إلى تلويث التربة بالفلزات الثقيلة السامة. كما يرى كثير من العلماء أن في إمكان المطر الحمضي أن يقلل من خصوبة التربة.
المخلفات الصلبة ربما تكون أكبر أشكال التلوث ظهورا للعيان ففي كل عام يلقي الناس ببلايين الأطنان من المخلفات الصلبة. وتسهم المخلفات الصناعية بنصيب وافر من هذه المواد المطروحة. وتسمى المخلفات الصلبة الصادرة عن المنازل والمكاتب والمخازن المخلفات البلدية الصلبة، وتشمل الورق والبلاستيك والقوارير والعلب والنفايات الغذائية ونفايات الحدائق. ومن المخلفات الأخرى خردة السيارات والمعادن ومخلفات العمليات الزراعية ومخلفات التعدين المسماة نفايات الحفر.
ويكون الاحتراق غير المراقب للمخلفات الصلبة دخانا وملوثات جوية أخرى (مثل ما نعاني منه سنويا من حرق مخلفات الزراعة كقش الأرز). وحتى حرق المخلفات في المحارق قد يطلق الكيميائيات السامة والرماد والفلزات الضارة إلى الهواء.
المخلفات الخطرة تتكون من المواد التي قد تهدد صحة البشر والبيئة. وتعد المخلفات خطرا إذا ما تسببت في تآكل المواد الأخرى، أو انفجر، أو اشتعل بسهولة، أو تفاعل بشدة مع الماء، أو كان ساما. وتشمل مصادر المخلفات الخطرة المصانع والمستشفيات والمعامل، وفي مقدورها أن تتسبب في إحداث الإصابات الفورية إذا ما تنفسها الناس أو ابتلعوها أو لمسوها.
ويمكن لبعض المخلفات الخطرة أن تحدث الأذى الشديد لصحة الناس والحياة البرية والنباتات، ومن هذه المخلفات الإشعاع والمبيدات والفلزات الثقيلة.
الإشعاع ملوث غير منظور يمكنه تلويث أي جزء من البيئة. وينتج معظم الإشعاع عن مصادر طبيعية مثل المعادن وأشعة الشمس، كما أن في وسع العلماء إنتاج العناصر المشعة في معاملهم وقد يسبب التعرض لكميات كبيرة من الإشعاع تلف الخلايا، وقد يؤدي إلى الإصابة بالسرطان.
وتمثل المخلفات المشعة الناتجة عن المفاعلات النووية ومصانع الأسلحة مشكلة بيئية كامنة الخطورة، حيث تبقى بعض هذه المخلفات نشطة في إشعاعها آلاف السنين، كما أن التخزين الآمن للمخلفات المشعة صعب وباهظ التكاليف.
وأول ما يمكن ملاحظته هو أن هذا التلوث أدى إلى حدوث انقلاب خطير في النظام الكوني، حيث اختلطت الفصول فلا يعرف الصيف من الشتاء أو الخريف أو الربيع وذلك بسبب التزايد المستمر لغاز ثاني أكسيد الكربون، وهو السبب أيضاً في تحريك الكتل الهوائية المحيطة بالكرة الأرضية وهبوب العواصف وحلول كثير من الكوارث الطبيعية، كهطول الأمطار حول الكرة الأرضية وحدوث الفيضانات وانحسار حزام الأمطار حول الكرة الأرضية عن أماكن أخرى فيصيبها الجفاف.
أيضا التلوث بالضجيج ينتج عن الآلات مثل الطائرات والمركبات ومعدات الإنشاءات والمعدات الصناعية ولا يسبب الضجيج اتساخ الهواء أو الماء أو اليابسة، لكنه قادر على تنغيص الحياة وإضعاف السمع لدى البشر والحيوانات الأخرى.
ومع التزايد المستمر في عدد سكان العالم تتفاقم مشكلة التلوث وتتضخم مخاطرها ويتحتم البحث عن حلول جذرية لحماية البشرية من كوارث محققة.
4ـ أساليب حماية البيئة من التلوث
تعتمد مكافحة التلوث على جهود الحكومات والعلماء والمؤسسات والمصانع والمنظمات البيئية والأفراد ومن بينها النشاط الحكومي حيث يجب أن تعمل الحكومات - القومية والمحلية - في مختلف أرجاء العام على التخلص من التلوث الذي يسبب التلف لأرضنا من يابسة وهواء وماء.
وفي مقدور الحكومات سن القوانين الخاصة بعملية إعادة التدوير (إعادة التصنيع) وإعادة التدوير عملية تهدف إلى استرداد المواد وإعادة استخدامها بدلا من التخلص منها. ويجب وضع الاستراتيجيات الحكومية التي يمكن أن تساعد في مكافحة التلوث، مثل فرض الغرامات على الشركات المسببة للتلوث.
ويصعب التحكم في العديد من أنواع التلوث، ويرجع السبب في ذلك إلى أن ملكية الموارد العالمية، أي المحيطات والغلاف الجوي، ليست فردية، ولا تخص أمة بعينها. ولابد لسكان العالم، والحالة هذه، من أن تتضافر جهودهم من أجل مكافحة التلوث، بعقد المؤتمرات واتخاذ القرارات وعلى سبيل المثال في عام 2001م، وقّعت 127 دولة على اتفاقية حظر استخدام 12 من الملوثات العضوية المداومة.
وتنتقل هذه المواد الكيميائية ومن بينها مادة د.د.ت. بالهواء والماء عبر الدول مهددة الإنسان والحيوان على حد سواء.
وحثت الاتفاقية العلماء والشركات الصناعية والحكومية على التقليل من وجود الملوثات العضوية المداومة في البيئة.
ومن أهم هذه الأساليب:
ـ الاهتمام بالوعي البيئي: ينبغي رفع مستوى الوعي البيئي لدى السكان لتفادي مخاطر الجهل بأهمية الحفاظ على البيئة ومواجهة حالات التلوث التي تكون الرذيلة فيها جهلا، ويتم ذلك عن طريق إدخال حماية البيئة ضمن برامج التعليم في المدارس والجامعات واستخدام أجهزة الإعلام العصرية واسعة الانتشار أهمها التلفاز وكذلك تقديم المعلومات لرجال الأعمال التقنية السلمية بيئياً ومزاياها.
ـ إعداد الفنيين الأكفاء: يجب إعداد الفنيين الأكفاء في مجالات علوم البيئة بالقدر الكافي للعمل على حماية البيئة ووقايتها من كل أنواع التلوث وذلك في مجالي التخطيط والتنفيذ على السواء حتى تكون حماية البيئة من عناصر دراسة الجدوى بالنسبة للمشروعات المراد أقامتها، ومن أهم ضبط السلوك البشري في المجالات التنفيذية وفي حياة الناس وعاداتهم بصفة عامة.
ـ سن القوانين اللازمة: يلزم سن القوانين اللازمة لحماية البيئة من الاعتداءات التي يمكن أن تقع على أي عنصر من عناصرها، والقوانين الاكثر فعالية هي تلك التي تقي من التلوث وتحول دون وقوعه، فموضوع العقوبات الرادعة -على مخالفات البيئة وذلك ليس بقصد معاقبة المعتدين بقدر ما هو بهدف منع الآخرين من الاعتداء على البيئة خشية العقاب.
ـ منح الحوافز البيئية: يمكن الاستفادة من طموحات الإنسان ورغبته في تحقيق المكاسب المادية في حماية البيئة، وذلك عن طريق تقديم القروض الميسرة لتحول إلى تقنيات البيئية النظيفة، وتقديم المساعدة التقنية المؤدية إلى حماية البيئة عن طريق السماح بالمتاجرة في تصاريح التلوث، بحيث تستطيع المنشأة قليلة التلوث أن تبيع حصتها من التلوث المسموح به إلى منشأة يفوق تلوثها الحدود المسموح بها.
ـ مجازاة وعقاب ملوثي البيئة: إن خوف الإنسان من العقاب كثيرا ما يدفعه إلى تقويم سلوكه، لذلك ينبغي تنمية قدرات المؤسسات المسئولة عن الكشف عن المخالفات البيئية وعدم التراخي في توقيع العقوبات البيئية على المخالفين لقوانين البيئة.
5ـ التكنولوجيا والبيئة
التكنولوجيا هي الطرق المختلفة المستخدمة في التطبيق العملي للعلم والمعرفة وبمعني آخر فهي الجهد الإنساني وطريقة التفكير في استخدام المعلومات والخبرات والمهارات البشرية المتاحة في مجال من المجالات وتطبيقها لاكتشاف وسائل تكنولوجية لراحة الإنسان وحل ما يواجهه من مشكلات لجعل الحياة أكثر سهولة ومتعة.
فالتكنولوجيا ليست قاصرة على مجال واحد من مجالات البيئة ولكنها تستخدم في المجالات البيئية المختلفة، فيتمثل دورها في التعليم والبحث العلمي والزراعة والصناعة وفي المصالح الحكومية ومن هنا يظهر الدور البارز للتكنولوجيا في البيئة وعلاقتها بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
والتكنولوجيا علم تطبيقي له أصوله حيث يشتمل على مجموعة من المدخلات (أفراد ـ نظريات ـ أبحاث - آلات ومعدات....) والمخرجات (الطريقة المستحدثة لحل المشكلة) والتكنولوجية ليست هدف وإنما هي وسيلة لتطور المجتمعات ومن خلالها نستطيع الوصول لأهداف كثيرة مثل تطوير التعليم والبحث العلمي والاتصالات والطب والهندسة بكافة مجالاتها وشتى مجالات الحياة الأخرى بلا استثناء.
وعلى هذا فان هدف التكنولوجيا هو الوصول إلى عالم أكثر راحة ورفاهية وهو عالم أكثر ذكاء ومرونة.
6ـ الآثار الايجابية للتكنولوجيا على البيئة:
ساهمت التكنولوجيا في إسقاط الحواجز بين البشر أي كانت أماكنهم ولغاتهم وأصبح الإنسان يتعامل مع التكنولوجيا بشكل مستمر حيث أصبحت التكنولوجيا تلازم الإنسان في كل خطاه ومن أمثلة تعامل الإنسان مع التكنولوجيا:
في التعليم:
يستطيع الآباء والأمهات معرفة مستوى أبنائهم التعليمي يوميا، من التقارير اليومية التي تصل عبر شبكة الانترنت كذلك التعليم عن بعد، حيث يستطيع الطالب أن يلتحق بالجامعة التي يريدها والعديد من المجالات العلمية.
في الزراعة:
تستطيع الطرق التكنولوجية تحليل مكونات التربة وتحديد ما يناسبها من محاصيل وابتكار الطرق المختلفة للري.
في المواصلات والاتصالات:
يتم التحكم في حركة الطائرات وتوجيهها عن طريق الكمبيوتر وأبراج المراقبة يمكن للشخص معرفة كافة الأخبار أو عمل اتصال بأشخاص في أماكن مختلفة من بيته عن طريق الانترنت وتطوير وسائل المواصلات المختلفة.
في الصحة:
يمكن مشاهدة العمليات الجراحية أثناء إجراؤها في بلد آخر عبر الانترنت عن طريق الانترنت كي يراقب أطباء العملية مع الجراح ويبدون استشاراتهم أو يتعلمون كما استخدمت التكنولوجيا في اكتشاف الأمراض وطرق علاجها وفي الهندسة الوراثية.
في البحث العلمي:
حيث يمكن للباحث الاطلاع على الأبحاث السابقة والكتب من خلال الانترنت ليتمكن من أن يبدأ من حيث انتهى الآخرون.
وفي أوجه كثيرة في مناحي الحياة وقد أدى كل ذلك إلي زيادة إنتاجية السلع وأيضا توفر الخدمات بسهولة ويسر ورفع مستوي المعيشة للأفراد وتقدم الصحة العامة وسهولة اكتشاف الأمراض وعلاجها.
7ـ الجهود التكنولوجية في مسيرة حماية البيئة:
دفع الاهتمام الواسع بالبيئة العلماء والمهندسين إلى البحث عن الحلول التقنية لهذه المسألة فبعض الأبحاث تحاول إيجاد طرق للتخلص من التلوث أو تدبيره وبعضها الآخر يهدف إلى منعه ويحمل الحديد من الباحثين الصناعيين على إيجاد المزيد من الطرق الاقتصادية لاستخدام الوقود والمواد الخام الأخرى.
ونتيجة لهذه الأبحاث تستخدم بعض المدن الأوروبية حاليا حرارة المخلفات الناتجة عن محطات القدرة ومحارق النفايات، في تدفئة البيوت.
وتحرق المحركات الحديثة الوقود بطريقة أنظف وأكثر فعالية من المركبات القديمة.
ويبحث العلماء والمهندسون في طرق لتوليد الطاقة الكهربائية بتكلفة أقل من الموارد المتجددة مثل الرياح والشمس، والتي قلما نتج عنها أي تلوث.
وتزود حقول واسعة من طواحين الهواء، تسمى مزارع الريح الحديد من الأقطار بالكهرباء، حيث تحول الخلايا الفولتية الضوئية أشعة الشمس مباشرة إلى الكهرباء.
اكتشفت العديد من الشركات أن الحد من التلوث أمر مطلوب من المنظور التجاري. فقد وجد بعضها أن الحد من التلوث يحسن صورتها لدى الجماهير كما أنه يوفر المال.
وطور آخرون منتجات أو وسائل لا تشكل خطورة على البيئة، وذلك سعيا لكسب رض المستهلكين، كما طور البعض الآخر أنظمة لمكافحة التلوث لاعتقادها بأن القوانين سترغمهم على فعل ذلك، آجلا أو عاجلا. وتحد بعض الشركات من التلوث لأن القائمين على هذه الشركات آثروا أن يفعلوا ذلك.
لقد كان التخلص من المخلفات في الماضي رخيصا نسبيا لمعظم المؤسسات. أما اليوم فإن المواقع المصرح بها للتخلص من النفايات أضحت نادرة، وزادت تكاليف استخدامها. ونتيجة لذلك ابتدعت العديد من المؤسسات طرقا لإنتاج أقل قدر ممكن من المخلفات.
فمثلاً قد يستخدم المصنعون حدا أدنى من التغليف، ومواد تغليفية يمكن إعادة تدويرها، إذ كلما خف التغليف قل استهلاك موزعي المنتجات للوقود، وقل ما يلقي به المستهلكون من التغليف في النفايات.
وتتخصص العديد من المؤسسات في أنواع مختلفة من وسائل إدارة التلوث ويتوقع لأعمال الحد من التلوث، أو القضاء عليه، أن تكون واحدة من أسرع الصناعات المستقبلية نمواً فمثلاً، طورت بعض مؤسسات إدارة التلوث أجهزة للتخلص من الأبخرة الضارة المنطلقة من المداخن. فالأبخرة يمكن احتجازها باستخدام المرشحات، أو المصائد التي تستخدم الكهرباء الساكنة.
وتدير بعض المؤسسات برامج إعادة التدوير وحفظ الطاقة كما تساعد بعض المؤسسات الأخرى في تطوير عمليات تقلل من الملوثات.
وعندما تضاف تكلفة التخلص من التلوث الناتج عن طرق الإنتاج الحالية إلى تكاليف التصنيع، يتضح أن الطرق قليلة التلوث هي الأفضل من الناحية الاقتصادية.
ففي مجال الزراعة:
يطور العلماء والمزارعون طرقا لتنمية الغذاء تتطلب القليل من الأسمدة والمبيدات. ويستخدم الكثير من المزارعين الدورات الزراعية، أي المناوبة بين المحاصيل من سنة لأخرى، لتقليل الحاجة إلى الأسمدة الكيميائية.
فالمناوبة بين الذرة والقمح والمحاصيل الأخرى والبقول، تساعد في تعويض النيتروجين المفقود من التربة وتساعد الدورات الزراعية أيضاً في مكافحة الآفات والأمراض الزراعية.
ويستخدم بعض المزارعين خليط التسميد والأسمدة الأخرى التي لا تضر التربة.
وبدلا من رش المحاصيل بالمبيدات الضارة يكافح بعض المزارعين الحشرات بإطلاق أنواع من البكتيريا أو الحشرات الأخرى التي تفترس هذه الآفات.
ويعكف العلماء على تطوير نباتات مهندسة وراثيا تقاوم الآفات الزراعية ويسمى استخدام الدورات الزراعية واستخدام الأعداء الطبيعيين للآفات معاً المكافحة الطبيعية للآفات.
ويطلق على التجميع بين الاستخدام المحدود للمبيدات الحشرية الكيميائية والمكافحة الطبيعية الادارة المتكاملة لمكافحة التلوث للآفات. ويستخدم الذين يلجأون إلى هذا النوع من المكافحة كميات قليلة من المبيدات الكيميائية.
وفي المنظمات البيئية:
تساعد في مكافحة التلوث عن طريق محاولة التأثر على المشرعين وانتخاب القادة السياسيين الذين يولون اهتماها بالبيئة.
وتقوم بعض الجماعات بجمع الأموال لشراء الأراضي وحمايتها من الاستغلال وتدرس جماعات أخرى تأثيرات التلوث على البيئة، وتطور نظما لإدارة ومنع التلوث وتستخدم ما توصلت إليه من نتائج لإقناع الحكومات والصناعات بالعمل على منع التلوث أو الحد منه. وتقوم المنظمات البيئية أيضا بنشر المجلات والمواد الأخرى لإقناع الناس بضرورة منع التلوث.
جهود الأفراد:
يعد الحفاظ عل البيئة من المهام الصعبة ولكنه ليس بالمستحيل وعلى الإنسان دور كبير في الحفاظ على البيئة وذلك عن طريق عدم إلقاء المخلفات والنفايات بكل صورها وعدم الإفراط في استخدام المبيدات الحشرية الضارة المؤثرة على البيئة سلبيا والعناية بالتربة والمياه مما يشكل مصدر الحياة لكل الكائنات الحية. يعد حفظ الطاقة من أهم الطرق التي يمكن للفرد أن يتبعها للحد من التلوث. فحفظ الطاقة يحد من التلوث الهوائي الناجم عن محطات القدرة.
وقد تؤدي قلة الطلب على الزيت والفحم الحجري إلى التقليل من انسكاب الزيت، ومن التلف الحاصل للمناطق المشتملة على الفحم الحجري. والتقليل من قيادة السيارات يعد أيضا أحد أفضل طرق توفير الطاقة وتجنب التلوث الحاصل للهواء.
وفي مقدور الناس توفير الطاقة الكهربائية عن طريق شراء مصابيح الإنارة والأجهزة المنزلية ذات الكفاءة العالية فمصابيح الفلوريسنت، على سبيل المثال تستهلك 25% فقط من الطاقة التي تستهلكها المصابيح المتوهجة. ويمكن أيضا توفر الطاقة بالتقليل من استخدام الأجهزة، وبإطفاء الأجهزة والمصابيح في حالة عدم وجود حاجة إليها، وبتوقيت ضابط الحرارة المنزلي على 20م أو أقل في الشتاء، وعلى 26م أو أكثر في الصيف.
وبالإضافة إلى ذلك، تحتاج المباني التي عولجت نوافذها بطريقة خاصة، وذات العزل الجيد، إلى قدر من الوقود والكهرباء - بغرض التدفئة أو التبريد - أقل بكثير من المباني التي تخلو من هذه الميزات.
وفي مقدور الناس أيضا شراء المنتجات التي لا تشكل خطراً على البيئة فبإمكان الأسر، على سبيل المثال، أن تحد من التلوث عن طريق تقليل استخدام المنظفات السامة، والتخلص الصحيح من هذه المنتجات. فإذا ما امتنع المستهلكون عن شراء المنتجات الضارة فلسوف يتوقف المصنعون عن إنتاجها.
والتدوير طريقة أخرى لإعادة استخدام المواد. فالعديد من المدن والبلدات تنظم عملية تجميع المخلفات من أجل إعادة معالجتها. ويوفر التدوير كلا من المادة والطاقة، ويمنع التلوث.
وهناك الكثير من المخلفات المتنوعة التي يمكن تدويرها.
ومن المخلفات الشائع تدويرها:
العلب والزجاج والورق والأوعية البلاستيكية والإطارات القديمة. فالعلب يمكن صهرها واستخدامها في تصنيع علب جديدة. والزجاج يمكن سحقه وتصنيع أوعية جديدة منه، أو استخدامه في مواد البناء. والورق يمكن معالجته إلى منتجات ورقية مختلفة.
ويمكن صهر البلاستيك وإعادة تشكيله إلى سياج أو ألواح أو مناضد أو سجاد. أما الإطارات القديمة فيمكن حرقها لإنتاج الطاقة، أو تقطيعها وإضافتها إلى الأسفلت، أو صهرها وقولبتها إلى منتجات مثل الحصائر الأرضية ومعدات الملاعب.
وأهم الطرق التي يمكن للناس أن يكافحوا بها التلوث، أن يتعلموا قدر استطاعتهم كيف يمكن لنشاطاتهم أن تؤثر على البيئة. وفي مقدورهم بعد ذلك، أن يلجأوا إلى خيارات ذكية، للتقليل من التلوث.
8ـ الآثار السلبية للتكنولوجيا على البيئة:
8 ـ (1) استنزاف في المصادر الطبيعية:
أدى التقدم في الصناعة الهائل الذي صحب الثورة الصناعية إلى إحداث ضغط هائل على كثير من الموارد الطبيعية، خصوصا تلك الموارد غير المتجددة مثل الفحم وزيت البترول وبعض الخامات المعدنية والمياه الجوفية، وهي الموارد الطبيعية التي احتاج تكوينها إلى انقضاء عصور جيولوجية طويلة ولا يمكن تعويضها في حياة الإنسان.
ولقد صحب هذا التقدم الصناعي الهائل الذي أحرزه الإنسان ظهور أصناف جديدة من المواد الكيميائية لم تكن تعرفها البيئة من قبل، فتصاعدت بعض الغازات الضارة من مداخن المصانع ولوثت الهواء وألقت هذه المصانع مخلفاتها الكيميائية السامة في البحيرات والأنهار.
أسرف الناس في استخدام المبيدات الحشرية ومبيدات الآفات والمخصبات الزراعية وأدى كل ذلك إلى تلويث البيئة بكل صورها، فتلوث الهواء وتلوث الماء وتلوثت التربة واستهلكت، وأصبحت بعض الأراضي الزراعية غير قادرة على الإنتاج، كذلك ازدادت مساحة الأراضي التي جردت من الأشجار والغابات، وارتفعت أعداد الحيوانات والنباتات التي تنقرض كل عام، كما ارتفعت نسبة الأنهار والبحيرات التي فقدت كل ما بها من كائنات حية وتحولت إلى مستنقعات.
8- (2) تأثير تلوث البيئة على الكائنات الحية:
يؤدي تلوث البيئة (بأنواعه المختلفة) والناشئ عن آثار التقدم التكنولوجي إلى أمراض تصيب الحيوان والنبات والإنسان مثل التطور في استخدام المواد المشعة في المجالات الصناعية المختلفة وماله من إثر على البيئة وما حدث من استخدام للأسلحة البيولوجية -على صعيد الحروب وما يخلفه من دمار وتلوث.
وكل هذا يسبب تكلفة اقتصادية غير مباشرة فالأمراض التي يسببها التلوث للإنسان غالبا تكون أمراض مستعصية مثل أنواع السرطان المختلفة والأمراض الصدرية وأمراض القلب، وهذا يؤدي إلى تدمير في البيئة البشرية.
8ـ (3) البطالة الناتجة عن التكنولوجيا:
نتيجة التطور الهائل في المعدات وآلات التصنيع وطرق التصنيع واستخدام تكنولوجيا التحكم الرقمي وماكينات التحكم الرقمي في الصناعة برغم ما أحدثته من طفرة عالية في دقة الانتاج إلا أنها أدت إلى تقليل العمالة بنسبة كبيرة مما أدى لإحداث بطالة وكان لذلك تأثيره على البيئة البشرية.
9ـ البعد التربوي للبيئة
يعتبر البعد التربوي من أبعاد مشكلة التلوث البيئي التي لها أهمية كبيرة، وذلك من خلال نشر الوعي البيئي المرتكز على أخلاقيات بيئية تدعو الجميع لضرورة الانتماء إلى هذه القرية الكونية بإيجابية وتفاؤل وإن نقطة انطلاق الاهتمام في هذا الجانب بدأت من مؤتمر ستوكهولم، الذي عقد في 5 يونيو 1972 تحت عنوان (عالم واحد فقط!)، حيث تضمن المؤتمر إن الإنسان صنيع بيئته وصانعها في آن واحد. وأن بين المجتمع والبيئة علاقة وثيقة، فهي المصدر الطبيعي الذي يوفر له فرصة للنمو الفكري والاجتماعي والروحي.
وتهدف التربية البيئية كمفهوم إلى بناء المواطن الإيجابي الواعي بمشكلات البيئة وتنمية الوعي بأهمية البيئة، وتنمية القيم الاجتماعية، ودراسة المشكلات البيئية وتحليلها، من خلال منظور القيم، وتنمية المهارات اللازمة لفهم وتقدير العلاقات التي تربط بين الإنسان وبيئته الطبيعية، وتهدف أيضا إلى تنمية أخلاق بيئية تسعى إلى إيجاد التوازن البيئي ورفع مستوى المعيشة للأفراد، وتنمية مفهوم جماهيري أساسي للعلاقات الإنسانية والتفاعلات البيئية ككل، بالإضافة إلى تزويد المواطنين بمعلومات دقيقة وحديثة عن البيئة ومشكلاتها بهدف معاونتهم على اتخاذ القرارات السليمة لأسلوب التعايش مع البيئة وتوعية المجتمع، وبأن من حنق كل مواطن اتخاذ القرارات بشأن المشكلات البيئية.
ويقع على عاتق التربية البيئية مسؤوليات ضخمة لتحقيق التعاون بين الدول لتوفير حياة كريمة لكل البشر، عن طريق الاستغلال العلمي للموارد المتاحة، وتوجيه الاهتمام إلى المشكلات البيئية المعاصرة، وضرورة دراسة المشكلات الناجمة عن التغيرات التكنولوجية التي أحدثها الإنسان وكانت لها آثار سيئة على الأنظمة البيئية كالتلوث.
وتتمثل مسؤولية التربية البيئية أيضاً في دراسة المشكلات البيئية وتحليلها من خلال منظور شامل وجامع لفروع المعرفة يتيح فهمها على نحو سليم كما دعت ندوة بلجراد عام 1975 إلى أهمية التربية البيئة التي تهدف إلى تكوين جيل واع مهتم بالبيئة وبالمشكلات المرتبطة بها، ولديه المعارف والقدرات العقلية، والشعور بالالتزام يما يتيح له أن يمارس، فردياً أو جماعياً، حل المشكلات القامة، وأن يحول بينها وبين العودة للظهور.
ومن هنا فان الزبية البيئية أصبحت بعداً مهباً من أبعاد حل مشكلة التلوث البيئي من خلال غرسها لأخلاقيات بيئية عند الأفراد.
والتربية البيئية المرتكزة على وعي بيئي كبير وأخلاق بيئية رفيعة، كفيلة في أن تسهم في الحد من التلوث وتدهور الحياة، بالإضافة إلى دور العقيدة التربوية في غرس القيم الايمانية والسلوكيات الإيجابية للتعامل مع البيئة.
10ـ التربية البيئية
البيئة مصطلح شائع الاستخدام في الأوساط العلمية، كما يشيع استخدامه أيضا عند عامة الناس، وفي ضوء تلك العمومية نجد تعاريف عديدة تختلف باختلاف علاقة الإنسان بالبيئة، فالمدرسة بيئة، والجامعة بيئة، والمصنع بيئة، والمجتمع بيئة والعالم كله بيئة.
كذلك يمكن النظر إلى البيئة من خلال النشاطات البشرية المختلفة، كأن نقول البيئة الزراعية، الصناعية، الثقافية، الصحية، الاجتماعية، السياسية، الروحية.
تعني بالعلاقات بين الإنسان والطبيعة وتشمل علاقة السكان والتلوث وتعدد السكان والتلوث وتوزيع الموارد، واستنفاذها، وصيانتها، والنقل، والتكنولوجيا والتخطيط الحضري والريفي مع البيئة البشرية الكلية.
فهي التربية التي يتم من خلالها تنمية الوعي البيئي عند الفرد، فمساهمة التربية عموما من خلال نشر المعلومات الخاصة بها من منطلق التعريف بالمشكلات البيئية والدعوة إلى استخدام مواردها استخداما سليا وغير هدام، يشكل أهمية بالغة في تنمية الوعي فهذه الموارد وذلك الاستخدام إما يتعرضان لمشكلات هي من صنع الإنسان نفسه.
وما دام الأمر كذلك، فلا بد من حماية هذه البيئة من الإنسان ذاته. وهذا يتطلب تنمية الوعي البيئي لديه، وغرس الشعور بالمسؤولية تجاه البيئة.
ولا سبيل إلى ذلك إلا بالتربية البيئية التي من خلالها نستطيع خلق إدراك واسع للعلاقة بين البيئة والإنسان، على أن لا تكون إدراكية فحسب، وإنما ينبغي أن تكون سلوكية أيضا، تشعره بمسئوليته في المشاركة في حماية البيئة الطبيعية وتحسينها، وتجنب الاخلال بها، وذلك بتبني سلوك ملائم يمارس بصفة دائمة على المستوى الفردي والجماعي.
ـ التربية البيئية تتجه عادة إلى حل مشكلات محدودة للبيئة البشرية عن طريق مساعدة الناس على إدراك هذه المشكلات.
ـ التربية البيئية تسعى لتوضيح المشكلات البيئية المعقدة وتؤمن تضافر أنواع المعرفة اللازمة لتفسيرها.
ـ التربية البيئية تأخذ بمنهج جامع لعدة فروع علمية في تناول مشكلات البيئة.
ـ التربية البيئية تحرص على أن تنفتح على المجتمع المحلي إيماناً منها بأن الأفراد لا يولون اهتمامهم لنوعية البيئة ولا يتحركون لصيانتها أو لتحسينها بجدية وإصرار إلا في غمار الحياة اليومية لمجتمعهم.
ـ التربية البيئية تسعى بحكم طبيعتها ووظيفتها لتوجه شتى قطاعات المجتمع إلى بذل جهودها بما تملك من وسائل لفهم البيئة وترشيد إدارتها وتحسينها، وهي بذلك تأخذ بفكرة التربية الشاملة المستديمة والمتاحة لجميع فئات الناس.
ومهما كانت النظرة إلى البيئة ومجالاتها، فإن التعاريف الواردة بشأنها هي كالآتي:
1ـ البيئة هي الإطار الذي يعيش فيه الإنسان، ويحصل منه على مقومات حياته من غذاء وكساء ودواء ومأوى، ويمارس فيه علاقاته مع أقرانه من بني البشر.
2ـ نعني بالبيئة كل ما هو خارج عن كيان الإنسان، وكل ما يحيط به من موجودات، فتشمل الهواء الذي يتنفسه، والماء الذي يشربه، والأرض التي يسكن عليها ويزرعها، وما يحيط به من كائنات أو جماد وباختصار هي الإطار الذي يمارس فيه حياته وأنشطته المختلفة.
3ـ البيئة بالمعنى العلمي المتداول تتمثل في ثلاث جوانب رئيسية، جانب اقتصادي واجتماعي، وجانب فيزيائي (طبيعي).
ومن خلال التعاريف السابقة يتضح لنا مدى العلاقة الوثيقة بين الإنسان والبيئة، فهي إطار وجوده، ومحددة أنشطته ومستويات معيشته، ولذا ينبغي على الإنسان أن يكون عاملا إيجابيا، يؤثر في البيئة حتى يحافظ على ذاته ومحيطه.
ومن هذا المنظور، تأتي ضرورة تنمية الوعي البيئي عند الفرد من خلال التربية البيئية، فمساهمة التربية عموما من خلال نشر المعلومات الخاصة بها من منطلق التعريف بالمشكلات البيئية والدعوة إلى استخدام مواردها استخداما سليما وغير هدام يشكل اهمية بالغة في تنمية الوعي فهذه الموارد وذلك الاستخدام إنما يتعرضان لمشكلات هي من صنع الإنسان نفسه وما دام الأمر كذلك، فلا بد من حماية هذه البيئة من الإنسان ذاته. وهذا يتطلب تنمية الوعي البيئي لديه.
ولا سبيل إلى ذلك إلا بالتربية البيئية التي من خلالها نستطيع خلق إدراك واسع للعلاقة بن البيئة والإنسان على أن لا تكون ادراكية فحسب، وإنما ينبغي أن تكون سلوكية أيضا تشعر الإنسان بمسئوليته في المشاركة في حماية البيئة الطبيعية وتحسينها وتجنب الإخلال بها، وذلك بتبني سلوك ملائم يمارس بصفة دائمة على المستوى الفردي والجماعي.
ولأهمية الموضوع عملت العديد من الدول إلى تدريب الكوادر اللازمة التي تقوم على نشر وتنمية الوعي البيئي لدى المتعلمين، وإشباع صفة الممارسة البناءة لسلوكيات الأداء لديهم تجاه مواردهم وبيئتهم.
وأخيراً؛ فالتربية البيئية، هي مفهوم تربوي أساسا، يجعل من عناصر البيئة مجتمعة موردا علميا وجماليا في آن واحد، ومن ثم ينبغي استخدامه في كل فروع التربية حتى يكون المتعلم مدركا للمعارف حول البيئة ولدوره حيال عناصرها.
لمحة عن البيئة
انتقلت قضية البيئة خلال السبعينات من مشكلة تتعاطى معها مجموعات ضيقة من العلماء والخبراء إلى مشكلة سياسية عامة تتطلب معرفة وتحركاً أساسين من قبل الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني والجمهور العام بصورة أشمل.
لقد ظلت البشرية لآلاف السنين تسعى لأهدافها في التنمية والتوسع من دون المبالاة بالخطر الذي أوجدته على التوازن الطبيعي في العالم؛ ففي الواقع، معظم معارك الإنسان للتقدم كانت معارك ضد الطبيعة - ضد المرض وضد الغابات المقتحمة وضد الحيوانات المفترسة وضد قسوة المناخ وما شابه - أو معارك لانتزاع ما يحتاج البشر إليه من الطبيعة - معادن وطاقة وموارد الخ، مع التصنيع والنمو المذهل في الإنتاج وفي السكان في جميع أنحاء العالم، وصلت البشرية في الواقع ـ أو تخطت - حدود التوازن بينها وبن محيطها الطبيعي وكان ثمن النجاح الصناعي تلوث الهواء والماء والأرض واستنزاف الموارد الطبيعية وانقراض المئات من الفصائل الأخرى فضلا عن الاختلال الخطير في توازن نظام الكوكب البيئي. وحتى الآن لم تلحق الأيديولوجيا ولا القيم ولا الدين ولا السياسة بعد، بالحاجات والوقائع الجديدة للأزمة البيئية فأيديولوجيا العالم الحديث، سواء أكانت رأسمالية أم اشتراكية، تركز على الإنسان وحاجاته وليس لديها مكان للمتطلبات الطبيعية. وأنظمة قيمنا هي أيضأ استهلاكية ومادية ولا تعطي أهمية كبرى للتوازن الطبيعي والنظام البيئي على المدى البعيد.
إن موجة التمدن السريع والهجرة الداخلية والنمو الاقتصادي والآثار التخريبية للحرب؛ وغياب الرقابة والتخطيط على صعيد إدارة النفايات وتصريف المياه وتلوث الهواء وتآكل التربة والتوسع العمراني وإزالة الأحراج والتصحر والصيد وعمليات أخرى، أدت كلها إلى تدهور سريع وكارثي في الوضع البيئي إن نتائج الدراسات والأبحاث يجب أن تترجم إلى سياسات واضحة يجب أن تتبع ليس من قبل الدولة والجهات التابعة لها فقط بل من قبل رواد القطاع الخاص كذلك ومن قبل قياديي المجتمع المدني وأعضاء المجتمع بوجه عام.
إن الوعي البيئي يجب أن يصبح طريقة عيش، يجب أن يندمج بوعينا العام، بنظم قيمنا وتصرفاتنا اليومية ويجب أن ينعكس على التخطيط والتحرك في كل قطاعات المجتمع المدني والقطاع الخاص والدولة. وهو في الواقع، يتطلب أيديولوجيا جديدة وربما قراءة جديدة لتراثنا الأخلاقي والروحي لتكييفه مع بقاء الحياة على الأرض.