1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : التربية والتعليم : التربية الروحية والدينية :

دعم وتأييد الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) للشباب

المؤلف:  الشيخ محمد تقي فلسفي

المصدر:  الشاب بين العقل والمعرفة

الجزء والصفحة:  ج1 ص14 ــ 22

2023-05-06

1290

كان الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) يولي قبل أربعة عشر قرناً هذه المسألة الاجتماعية المهمة اهتماماً خاصاً وكان يعتمد في أكثر الأعمال حساسية في دولته الصغيرة الفتية على عنصر الشباب.

وقد أناط (صلى الله عليه وآله) العديد من المسؤوليات المهمة في تلك الحقبة بشبان أكفاء وكان يعلن صراحة عن تأييده ودعمه لهم قولاً وعملاً، ومثل هذه الخطوة لم يكن من السهل تحقيقها بسبب تفشي الجهل والتعصب في نفوس الناس آنذاك، إذ لم يكن الطاعنون في السن مستعدين لإطاعة أوامر الشباب وتسليم أمورهم لمن هو أصغر منهم سناً. ولهذا عندما كان الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله) يختار شاباً ويوكل إليه منصباً ما كان الشيوخ والكهول (صلى الله عليه وآله) ألمون وينزعجون ويعتبون على النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) الذي كان يزداد تمسكاً بسياسته ومقاومة لكل الأفكار غير السليمة والتعصب الأعمى، وذلك بهدف تركيز دعائم هذه السياسة ، وكان (صلى الله عليه وآله) بكلماته وخطبه وإرشاداته الحكيمة يقنع أولئك أو على لأقل يرغمهم على السكوت. إن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)  عندما كان يعتلي المنبر كان يدافع علانية عن الأكفاء من الشباب الذين كان يوكل إليهم مناصب ومسؤوليات مهمة. ولكي نتعرف أكثر على موقف الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) من الشباب نذكر على سبيل المثال ثلاث قصص:

الأولى - كان مصعب بن عمير أحد أصحاب النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) من الشباب قبل الهجرة ، وكان مصعب جميلاً ونبيلاً وهماماً وسخياً ، وكان عزيزاً عند أبويه ، وكان أهل مكة يكنون له الاحترام والتقدير، كان يرتدي من الثياب أجملها وكان يعيش في نعيم ورغد ، كان يعشق خطب الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وكلماته وينشدّ إليها بكل حواسه ، وقد أدت لقاءاته المتكررة بالنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وسماعه لآيات من القرآن الكريم إلى اعتناقه الإسلام. وكانت مسألة الاقتداء بالرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) واعتناق الإسلام في تلك الأوضاع الخطيرة التي كانت تسود مكة وبين قوم يعبدون الأصنام ويغرقون في جهلهم – وضلالهم - تعتبر ذنباً كبيراً يعاقب عليه. وكان من يؤمن بالنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) ورسالته ودعوته لا يجرؤ على الجهر بإيمانه حتى أمام أهله وأقاربه. ومن هذا المنطلق لم يفش مصعب أمر اعتناقه الإسلام لأحد وكان يؤدي فرائضه الدينية في الخفاء.

وذات يوم وبينما كان مصعب يصلي رآه عثمان بن طلحة فأيقن بإسلامه، ونقل الخبر إلى ام مصعب، ولم يمض وقت طويل حتى انتشر الخبر بين الناس ، وأخذ الجميع (صلى الله عليه وآله) حدثون عن اعتناق مصعب الإسلام ، وقد أثار هذا الأمر غضب أم مصعب وأقاربه مما دفعهم إلى حبسه في المنزل عسى أن يعدل عن رأيه ويهجر الإسلام و(صلى الله عليه وآله) رك صحبة محمد (صلى الله عليه وآله). لكن هذا العقاب لم يترك أدنى أثر في نفس مصعب ولم يستطع أن يثنيه عن مواصلة الدرب الذي اختاره لنفسه، لأن مصعباً الشاب قد اختار الإسلام على أساس من العقل والمنطق واعتنقه وهو في كامل وعيه، فكيف يمكن أن يغير عقيدته ويخسر سعادة بلغها بسبب أيام معدودة قضاها مسجوناً؟.

لقد بقي مصعب متمسكاً بإسلامه مقتدياً بالرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وبنهجه حتى آخر عمره. (وشهد مصعب بدراً مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وشهد احداً ومعه لواء رسول الله (صلى الله عليه وآله)  وقُتِل بأحد شهيداً)(1).

لقد ثابر النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) على نشر دعوته في الخفاء مدة من الزمن، وبعد أن اعتنق عدد كبير من الناس الإسلام ولبوا دعوة الرسول (صلى الله عليه وآله) ، أشهر دعوته إلى الإسلام بأمر من الله سبحانه وتعالى، ومن حينها بدأ بتلاوة القرآن بين أوساط الناس في مكة وأخذ ينشر دعوته بينهم. وكان المسافرون الوافدون على مدار السنة إلى مكة من الخارج للعبادة والزيارة يشارك غالبيتهم في المجالس العامة التي كان يقيمها الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) ويستمعون إلى خطبه ومواعظه ، وبعد عودتهم إلى ديارهم كان كل منهم يروي لأهله وأقاربه ما شاهده من رسول اله (صلى الله عليه وآله) وسمعه منه ، وأخذت دعوة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) تنتشر تدريجياً في كافة مناطق الجزيرة العربية لا سيما في المدينة المنورة ، وبدأ الناس يتعرفون على الإسلام وعلى منهجية هذا الدين السماوي المقدس .

وكانت النتيجة أن ازداد عدد المؤيدين للإسلام حتى ان بعضهم قد انشد إلى دعوة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) قبل أن يراه.

وذات يوم قدم إلى مكة رجلان من أشراف المدينة من قبيلة الخزرج هما أسعد بن زرارة وذكوان بن عبد قيس ودخلا على الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) في ظروف صعبة للغاية، وبعد استماعهما لحديث الرسول (صلى الله عليه وآله) أعلنا إسلامهما صراحة (ثم قالا: يا رسول الله ابعث معنا رجلاً يعلمنا القرآن ويدعو الناس إلى امرك).

وكانت المدينة يومها من أهم مدن جزيرة العرب، وكانت تقطنها قبيلتان معروفتان هما الأوس والخزرج، وكات هاتان القبيلتان وللأسف تكنان العداء لبعضهما البعض وتخوضان معارك ضد بعضهما البعض استمرت سنين طويلة.

وقد كان هذا الطلب فرصة مناسبة ومهمة للرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) والمسلمين الذين كانوا يعيشون ظروفاً صعبة ، وكان الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وأنصاره وموالوه يدركون جيداً أنهم إذا استغلوا هذه الفرصة بشكل جيد، وإذا استطاع مبعوث الرسول (صلى الله عليه وآله) تعريف الإسلام إلى أهل المدينة بطريقة صحيحة وحكيمة وجعلهم يعتنقونه ويؤمنون بما جاء به القرآن الكريم، فإن نجاحاً عظيماً ومكسباً مهماً سيكون من نصيب المسلمين الذين ستكون المدينة بالنسبة إليهم قاعدة مهمة ينطلقون منها لنشر دعوتهم وجهادهم ضد المشركين الذين كانوا يحكمون مكة بالظلم والاستبداد والكبت والضغط ، وسيكون بإمكان المسلمين التعاون مع أهل المدينة في نشر المعارف الإسلامية وزلزلة كيان الشرك والظلم في مكة.

وكانت المرة الأولى التي يطلب فيها أهل مدينة كبيرة يسودهم الخلاف من النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) إرسال مبعوث لهم، وكانت المرة الأولى التي يقرر فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) إرسال مبعوث خارج مكة. ومما لا شك فيه أن الذي يتم اختياره لهذه المهمة الخطيرة ينبغي أن يكون كفؤا من جميع الجهات وأهلاً لهذه المهمة حتى يستطيع تسوية الخلافات المزمنة بين قبيلتي الأوس والخزرج ونشر جو من المحبة والأخوة بين أفرادها من جهة، ويعمل من جهة ثانية على نشر الإسلام والتبليغ له بشكل صحيح يترك أثره في القلوب ويشد إليه الألباب.

وقد اختار النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) الشاب مصعب بن عمير من بين كافة المسلمين شيوخاً وشباناً ومن بين جميع أصحابه وأنصاره ، مبعوثاً له إلى المدينة لأداء هذا الامر المهم. (فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لمصعب بن عمير وكان فتى حدثاً... وأمره رسول الذ بالخروج مع أسعد، وقد كان تعلم من القرآن كثيراً)(2).

وقد دخل مصعب المدينة وهو في عنفوان شبابه وقلبه مفعم بالإيمان وبدأ مهامه بشوق وخلوص نية . وكان لبراعته في الخطابة وحرارة تلاوته القرآن وحسن أخلاقه في معاشرة الناس وتدبره العقلاني في حل المشاكل وإزالة الخلافات، الأثر البالغ في نفوس الناس الذين انشدوا إليه وإلى ملكاته الحسنة من حيث لا يشعرون. ولم يمض وقت طويل حتى توجه إليه الناس نساء ورجالا، شيوخاً وشباناً، رؤوساء عشائر وأفراد عاديين ليعلنوا اعتناقهم الإسلام ويتعلموا القرآن مطهرين قلوبهم من الأحقاد والأضغان، متآلفين متآخين، وأقاموا صلاة الجماعة في صفوف متراصة.

لقد نفذ مصعب بن عمير الشاب مهمته في المدينة على أفضل وجه ونال فخراً عظيماً. (إنه أول من جمع الجمعة بالمدينة وأسلم على يده أسيد بن خضير وسعد بن معاذ وكفى بذلك فخراً واثراً في الإسلام)(3).

الشبان الأكفاء:

لقد كان الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) يعلم جيداً ان هناك في المدينة رجالا مسنين وشخصيات لها مكانها من الصعب جداً ان يمتثلوا لأوامر شاب بعمر مصعب ، وكان بمقدور النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أن يختار من بين أصحابه أكبرهم سناً ليكون مبعوثاً له الى المدينة، أو أن يختار عدداً من الرجال ليشكلوا بعثة تتولى هذه المسؤولية، ولكن الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله) لم يختر سوى مصعب بن عمير الشاب لتحميله هذه المسؤولية وإيفاده الى المدينة التي كان الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وقتها يعتبرها بلداً غريباً ، ليثبت لأنصاره ومواليه أن الشرط الأساسي الذي يخول المرء لتسلم أهم المناصب والمسؤوليات في الإسلام هو اللياقة والكفاءة وليس سنوات العمر، فإذا يوجد بين جيل الشباب لبلد ما من هم أكفاء يجب الاعتماد عليهم وتسليمهم زمام الأمور لإدارة البلاد.

الثانية: كانت مدينة مكة المكرمة مركز جزيرة العرب وكانت تستأثر باحترام واهتمام كافة القبائل والعشائر العربية ، وكانت لمكة منزلة خاصة عند الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) الذي ولد فيها وبلغ النبوة فيها، ولكن ضغوط المشركين وتصرفاتهم جعلت العيش في مكة بالنسبة للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وأصحابه غير قال للتحمل ، مما اضطره الى مغادرة أرض عشقها مهاجراً الى المدينة .

وكان مصعب بن عمير قد مهد الأرضية من قبل لدخول النبي الأكرم (صلى اله عليه وآله) الى المدينة التي كان أهلها على استعداد تام لاستقبال نبي الله (صلى الله عليه وآله) وأنصاره.

ووصل رسول الله (صلى الله عليه وآله) المدينة ، ولحقت به جموع من المسلمين في مكة، وبدأ الإسلام يتنامى ويقوى تدريجياً في المدينة، وشكل المسلمون في مكة والمدينة مجموعتين سمّيتا بالمهاجرين والأنصار، وواصلت هاتان المجموعتان العمل تحت لواء رسول الله (صلى الله عليه وآله) لبسط الإسلام ونصرة المسلمين في جو تسوده الألفة والأخوة والمحبة .

فتح مكة:

لقد كانت قلوب المسلمين يومذاك تهفو لتحقيق أمل كبير، ألا وهو فتح مكة وتخليص الكعبة الشريفة من يد المشركين وتطهيرها من دنس الأصنام ، إذ انهم كانوا يعلمون أن فتح مكة وهي مركز جزيرة العرب (الحجاز) هو السبيل لاتساع رقعة انتشار الإسلام وتطبيق الأحكام الإلهية التي حملها رسول الله (صلى الله عليه وآله) الى البشر.

وفعلا تحقق هذا الأمل الكبير بمشيئة الله ، حيث باغت رسول الله (صلى الله عليه وآله)  ومن كان معه، المشركين، ودخلوا مكة بإيمانهم دون الحاجة لسفك دماء ، وحطموا الأصنام وأزالوا وصمة العار وطهروا بيت الله الحرام من الشرك والمشركين ورفعوا من فوق الكعبة نداء : الله أكبر ليدوي في شتى أرجاء المدينة. ولم يمض وقت طويل على فتح مكة حين اندلعت معركة حنين، وكان لابد للرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) ورجاله أن يتركوا مكة قاصدين جبهة القتال، ولم يكن من الممكن أن تترك مكة دون والٍ كفوء ومتدبر يتكفل تنظيم أمر هذه المدينة التي تحررت تواً من المشركين، ويعتني بشؤون الرعية ويتربص بالمرصاد لكل مؤامرة قد يدبرها العدو .

قائد شاب:

لقد احتار الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) من بين المسلمين شاباً في الحادية والعشرين من العمر يدعى عناب بن أسيد ليشغل هذا المنصب الهام ويكون واليا على مكة – (وولى صلى الله عليه وآله عتاب بن اسيد وعمره إحدى وعشرون سنة أمر مكة ، وأمره (صلى الله عليه وآله) أن يصلي بالناس وهو أول امير صلى بمكة بعد الفتح جماعة)(4).

(وقال له صلى الله عليه وآله : يا عتاب تذري على من استعملتك ؟ استعملتك على أهل الله غز وجل، ولو أعلم لهم خيراً منك استعملته عليهم وكان عمره لما استعمله رسول الله (صلى الله عليه وآله) نيفاً وعشرين سنة)(5).

وقد واجه اختيار عتاب بن اسيد لإشغال هذا المنصب الهام موجة احتجاج عارمة من قبل كبار رجال العرب ونبلاء مكة الذين أخذوا يشيعون في أوساطهم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يحب أن يجعل لهم قيمة ومنزلة ولهذا عين شابا لم يكتمل نضوجه والياً على رؤساء القبائل ونبلاء مكة وقائداً لهم.

ميزان الفضيلة :

وقد طرق ما أشاعه هؤلاء مسامع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكتب النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) يخاطب أهل مكة مبيناً كفاءة ولياقة عتاب بن اسيد، ومؤكداً على الجميع وجوب الامتثال لأوامره ، وختم (صلى الله عليه وآله) رسالته بجملة قصيرة رداً على احتجاج الناس فقال: (ولا يحتج محتج منكم في مخالفته بصغر سنه فليس الأكبر هو الأفضل، بل الأفضل هو الأكبر)(6).

وكان الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) يدافع دائماً عن عتاب بن اسيد الذي ظل والياً على مكة حتى آخر عمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وقد قدم طيلة فترة ولايته خدمات جليلة في جميع المجالات. إن إصرار النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) على إبقاء عتاب بن أسيد والياً على مكة رغم احتجاج كهولها ونبلائها ، ورسالته الجوابية على هذا الاحتجاج يبينان النهج لإسلامي في حماية الشبان الأكفاء. وقد جاء أسلوب النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) ودعمه الصريح لعتاب بن اسيد ليبين لمواليه وأنصاره وجوب مكافحة الجهل والتعصب الأعمى الذي لا يقوم على أساس قولاً وعملاً ، وضرورة الاعتماد على الأكفاء من الشباب لإدارة شؤون البلاد مهما كانت أهميتها ، وتسخير طاقات جيل الشباب في خدمة البلاد والعباد.

الثالثة: إن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) في أواخر عمره الشريف أقدم على تعبئة طاقات المسلمين لمحاربة بلاد الروم ، وشكل جيشاً عظيماً ضم كبار قادة الجيش وامرائه وكبار وجهاء المهاجرين والأنصار وكافة رؤساء القبائل العربية.

ويوم خرج الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) من المدينة ليستعرض جيشه، لاحظ وجود كبار وجهاء المسلمين في صفوف الجيش. (فلم يبق من وجوه المهاجرين والأنصار إلا انتدب في تلك الغزاة، فيهم أبو بكر وعمر وسعد بن أبي وقاص وسعد بن زيد وابو عبيدة وقتادة النغمان)(7) .

قيادة الجيش:

مما لا شك فيه أن قيادة جيش عظيم كالذي شكله الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) لمحاربة الروم، مسألة دقيقة وحساسة للغاية، إذ كان على النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أن يختار حتماً الأنسب والأكثر كفاءة ولياقة لتعيينه قائداً للجيش. فكان أن دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) اسامة بن زيد ونصبه قائداً للفرقة وشد له الراية بيديه الشريفتين (واستعمله النبي (صلى الله عليه وآله) وهو ابن ثماني عشر سنة)(8).

ومثل هذا الاختيار إن لم نقل إن التاريخ العسكري في العالم لم يشهد نظيراً له لا بد من القول : إنه يندر حصوله.

وبالرغم من أن عالمنا المعاصر يولي اهتماماً بالغاً لجيل الشباب ويوفر له الدعم الكامل، وبالرغم من أن البلدان المتطورة تسعى جاهدة إلى تكليف شبابها بمسؤوليات جسام ، إلا أننا لا يمكننا حتى أن نتصور أن تُقدِمَ أي من البلدان الأوروبية والأمريكية على تعيين شاب في الثامنة عشرة من العمر قائداً لجيشها لمحاربة بلد آخر له جيش مقتدر عدة وعدداً .

________________________

(1) اسد الغابة ج 4 ، ص 369 . 

(2) بحار الانوار ج 6 ص 405.

(3) أسد الغابة ج4، ص369.

(4) السيرة الحلبية ج30 ، ص 120.

(5) أسد الغابة ج 3 ، ص 358 .

(6) ناسخ التواريخ ، أحوال الرسول (صلى الله عليه وآله) ، ص 387 .

(7) بحار الأنوار ج6 ص670 .

(8) أسد الغابة ج1 ، ص 64 . 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي