عجز المتنعمين عن أداء حق الشكر
المؤلف:
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
المصدر:
تسنيم في تفسير القرآن
الجزء والصفحة:
ج1 ص391-392.
2023-04-27
1675
عجز المتنعمين عن أداء حق الشكر
إن توفيق الحمد والشكر للذات المقدسة الإلهية هو من أعظم نعم الله، وقد وصفه الإمام السجاد(عليه السلام) بالفوز والفلاح: "يا من ذكره شرف للذاكرين، ويا من شكره فوز للشاكرين"(1).
والمتنعمون عاجزون عن شكر وثناء هذا الفوز وهذه النعمة، لأن كل حمد يحتاج إلى حمد آخر وكل شكر يلزم له شكر آخر: "... فكيف لي بتحصيل الشكر وشكري إياك يفتقر إلى شكر، فكلما قلت لك الحمد وجب علي لذلك أن أقول لك الحمد"(2) وعليه فإن شكر الشاكر هو بنفسه تمتع بالنعمة وليس أداء للحق.
ولهذا فإن القرآن الكريم يقول في بيان حكمة لقمان الحكيم: إن شكر الله نعمة يحظى بها الشاكر، كما أن كفر الكافرين نقمة وخسارة تصيب الإنسان نفسه: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [لقمان: 12].
فقوله: {فإن الله غني حميد}في ذيل الآية هو بمنزلة التعليل لكلا الادعاء ين؛ فلا شكر الشاكرين مفيد لله، ولا كفر الكافرين مضر به، لأن الله غني عن كل شيء ومحمود بالذات، والمحمود بالذات ليس بحاجة إلى شكر الحامد ولا يضره كفر الكافر. وينبغي الالتفات جيدة إلى هذه المسألة وهي أن الله تعالى من حيث إنه وجود محض وغني صرف، فهو غني عن كل شيء حتى عن نفسه، لأنه إذا كان محتاجة لنفسه وإذا كان بسعيه يسد حاجات نفسه فلن يكون غنيا بالذات. ولذلك يقول سيد الشهداء(عليهم السلام) في دعاء عرفة: "إلهي... أنت الغني بذاتك، أن يصل إليك الفع منك، فكيف لا تكون غنيا عني" (3).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. الصحيفة السجادية، دعاء 11.
2. البحار، ج94، ص146، مفاتيح الجنان مناجاة الشاكرين.
3. مفاتيح الجنان، دعاء عرفة.
الاكثر قراءة في مقالات قرآنية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة