x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
علي (عليه السلام) سبب بقاء الاسلام
المؤلف: الأستاذ مظاهري
المصدر: تربية الطفل في الاسلام
الجزء والصفحة: ص185 ــ 195
2023-04-20
1550
يصادف اليوم ذكرى استشهاد من ولد في بيت الله ومن استشهد فيه وعمل لله ستين عاماً اما بالجهاد او بالصبر. وذكرى استشهاد من اجمع له جميع رواة التاريخ وروايات اهل البيت (عليه السلام) ان لولاه لما كان الإسلام فهو العلة الموجدة وهو العلة المبقية للإسلام. وذكرى من تتحدث عنه ثلاثمائة آية في القرآن. ومن يقول عند القرآن ان الاسلام ناقص من دون علي. عندما رفع النبي (صلى الله عليه وآله) يد الامام علي (عليه السلام) وقال: (من كنت مولاه فهذا علي مولاه)، عندها نزلت الآية الشريفة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]، اي ان الاسلام كان ما يزال ناقصاً وقد اكتمل بعلي وكما يقول معلمنا الأعظم قائد الثورة العظيم اننا نستفيد من هذه الآية ان علياً فصل للإسلام.
الاسلام نوع وعلي الفصل. يستفاد من الآية ان علي (عليه السلام) مقوم الاسلام والنوع بلا فصل ولا قوام له والآية الثانية التي نزلت قبل ان ينصب النبي (صلى الله عليه وآله) علياً (عليه السلام) تتحدث عن ذلك ايضاً.
{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [المائدة: 67]، فالإسلام من دون علي مع ما تحمله النبي (صلى الله عليه وآله) من مشقات طوال 23 عاماً ليس شيئاً ولا يبقى ولا يدوم الا عندما يكون علي (عليه السلام) معه (الحق مع علي وعلي مع الحق يدور حيث ما دار)(1)، وهذه المسألة هي التي قد ذكرها النبي (صلى الله عليه وآله) في حديث الثقلين الذي تناقله الشيعة والسنة بتواتر. ينقل المرحوم آية الله الأميني ذلك الرجل العظيم صاحب كتاب (الغدير) النفيس ينقل 502 سند للراوي وهذه رواية متواترة عند الشيعة والسنة. ولقد ذكرها الرسول (صلى الله عليه وآله) مئة مرة، مئتين او الف مرة وفي كل مناسبة كان يقول: (اني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ما ان تمسكتم فلن تضلّوا أبداً)(2)، اي القرآن وعلي ولقد ذكر ذلك في بداية بعثته وحتى عند احتضاره (صلى الله عليه وآله)، وعلي فرضاً انه لم يكتب شيئاً طوال حياته. الا انه كان في تلك اللحظات ينوي ان يكتب وهذا ما تعترف به الشيعة والسنة حيث طلب احضار دواة ويتوضح من الجملة التي قالها (صلى الله عليه وآله) انه كان يريد ان يكتب بخطه المبارك (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض).
هذه الشخصية المنيرة، هذه الشخصية التي تعد افتخاراً لعالم البشرية وعلى كل من يريد ان يتفاخر او يظهر علمه عليه ان يكتب عنها.
ألف جورج جرداق كتاب جيد عن الامام علي (عليه السلام) ذكر فيه عدة أشعار يقول في أحدها لا تسألني لماذا انت النصراني تكتب عن علي وليس عن غيره كعيسى ومريم (عليهما السلام)؟ فسأجيب: لأني اعشق الفضيلة وبحثت في العالم فوجدت ان مصدرها علي، فكتبت له الشعر.
والشاعر والكاتب جميعاً يفتخرون بأنهم استطاعوا ان يكتبوا شيئاً عن علي (عليه السلام).
هذا العظيم الذي قضى ثلاثة وثلاثين عاماً من عمره مع النبي (صلى الله عليه وآله) وباعتراف السنة والشيعة ان لم يكن علي (عليه السلام) لقضي على الاسلام منذ ايامه الاولى وكما نقول نحن الطلبة ان علياً (عليه السلام) العلة الموجدة للإسلام، وعندما برز (عليه السلام) لعمر بن عبد ود قال الرسول (صلى الله عليه وآله) (برز الاسلام كله مع الكفر كله) أي ان علياً إذا غلب فسيغلب الاسلام كله وإذا غُلب فسيُغلب الاسلام كله. وان لم يكن (عليه السلام) في حرب أحد وحنين لقتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولو لم يكن علي لانطفأ الاسلام ولهزم والحروب السبعة والثمانين انما انتصرت بيد علي (عليه السلام) المباركة والعدو والصديق يعترف بأن الإسلام اذا وصل إلى المسلمين وانتشر في الحجاز وهز العالم في خمسين عاماً فبسبب العلة الموجدة أي علي (عليه السلام).
هذا كان في عهد النبي لكن الأهم من ذلك - بعد رحلة النبي (صلى الله عليه وآله). فكان اليهود والمنافقين وغيرهم من الخونة قد تآمروا على ان يقضوا على الاسلام بعد رحلة النبي (صلى الله عليه وآله). فكان اليهود والمنافقين وغيرهم من الخونة قد تآمروا على ان يقضوا على الاسلام بعد رحلة الرسول (صلى الله عليه وآله) بعد ان لم يظفروا بذلك في حياته. فأخذوا يخططون من داخل المدينة ومن خارجها حتى من خارج الحجاز اي القدرتان المستكبرتان كروسية وأمريكا اليوم اي القيصر وكسرى في ذلك العهد وكذلك كان يخطط المنافقين في المدينة وخارجهما واليهود الذين كانوا قد شتتوا او هجروا او قبلوا بأيدي المسلمين. وكان مخططهم ان يوقعوا بين المسلمين في مركز الاسلام اي المدينة وينفذ العدو دوره من الخارج. لذلك قال علي (عليه السلام) بعد قضية ثقيفة بني ساعدة قرر ان يحافظ على الاسلام بالصبر والاستقامة والجلوس في البيت. لأنه إذا عارض وخالف وطالب بحقه فان وحدة المسلمين ستتفكك وسيهاجم المتآمرين كملك الروم وكسرى إيران والمنافقين كمسيلمة الكذاب وغيره واليهود الاسلام. لذلك صبر علي (عليه السلام) وكان صبره أعظم من سيفه لأن سيفه اعطى للإسلام وجوداً وصبره اوصل الاسلام الينا. صبر علي سبب بقاء الاسلام والا لقضي عليه في شهر واحد ولصار (على الاسلام السلام). وصبره كان اصعب عليه من حمل السيف في عهد الرسول (صلى الله عليه وآله) ويذكر ذلك في نهج البلاغة فيقول: (صبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجا)(3).
ومن الطبيعي ان لا أغرق في كلامه (عليه السلام) لكن قطعاً ان نتيجة صبره أعظم من نتيجة سيفه كصبر الامام الحسن وثورة الامام الحسين. ان صبر الامام الحسن (عليه السلام) ان لم يكن اعظم من قيام الامام الحسين (عليه السلام) فليس بأقل. يقول النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): (ابناي هذان امامان قاما أو قعدا)(4).
كان (عليه السلام) حساساً جداً بالنسبة للآخرين وللمظلومين يقول الراوي: رأيت أمير المؤمنين (عليه السلام) يبكي بشدة ودموعه على الأرض وهو يخطب في الناس: (ألا واني قد دعوتكم الى قتال هؤلاء القوم ليلاً ونهاراً وسراً واعلاناً، ثم يقول: ولقد بلغني أن الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة فينتزع حجلها وقلبها وقلائدها ورعاثها ما تمتنع منه الا بالاسترجاع والاسترحام.. فلو ان امرءاً مسلماً مات من بعد هذا اسفاً ما كان به ملوماً بل كان به عندي جديراً)(5).
ومع ذلك يرى علي (عليه السلام) انه يجب ان يصبر على حادثة (مالك بن نويرة) هذه الحادثة وكما يقول ابن ابي الحديد المعتزلي: (نقطة سوداء في تاريخ الاسلام. (مالك بن نويرة) هو مهم قال عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) انه من اهل الجنة. جاء ذات يوم إلى المسجد. وقال للنبي (صلى الله عليه وآله) وهو على المنبر يا رسول الله: لا أستطيع ان أحضر دائماً فعلمني الدين. فقال له النبي (صلى الله عليه وآله) الدين يعني الشهادتين اي ان الدين عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) العمل ويعني التشهد بالولاية. واشار الى النبي (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي كان يجلس قرب المنبر وقال هذا وصي من بعدي. مضت عدة شهور بلغ فيها خبر وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) إلى مالك، فحضر إلى المدينة فوجد ان الوضع قد اختلف وعلي ليس حاضرا فقال: الا تتذكروا ان النبي (صلى الله عليه وآله) قد علمني الدين؟ فأجابوا: بلى. قال: أوليس علي وصي رسول الله من بعده؟. قالو: بلى لكننا لم نر ان من الصلاح ان يتولى علي منصبه! وعندما اعترض مالك. أخرجوه بالضرب والشتائم من المسجد ثم ذهب خالد بن الوليد مع فريق منهم الى البادية ليغطوا على القضية ولا يعترض أحد منهم على ما فعلوه ونزلوا ضيوفاً عند مالك وتظاهروا ان ذلك بقصد أخذ الزكاة منه. فاحترمهم كثيراً وقال لهم: اعطيكم الزكاة من اجل وحدة المسلمين مع انكم خالفتم أوامر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لكنهم هجموا عليه في الليل وقتلوا جميع رجاله ونال مالك الشهادة ويكتب رواة التاريخ ان خالد بن الوليد اعتدى على زوجة مالك في نفس الليلة التي قتله فيها ويذكر ابن ابي الحديد انهم طبخوا للعشاء ووضعوا برأس مالك على النار الا انه لم يحترق، عندما بلغ علي (عليه السلام) هذا الخبر انهمرت دموعه بالبكاء، ان عليه (عليه السلام) ان يرى جميع هذه المصائب وان يصبر، عليه ان يبكي في غرفته لوحده، إلى ان كانت عنده الزهراء (عليها السلام) كان يبثها همومه، لكنه بما ان الزهراء (عليها السلام) ليست موجودة فقد كان يبث همومه للحائط، للحفرة كما كان يقول كميل انه كان (عليه السلام) يحفر حفرة ويبثها همومه وكان (عليه السلام) حساس جدا بالنسبة لبيت مال المسلمين حيث يقول للعاملين تحت امرته (ادقوا أقلامكم وقاربوا بين سطوركم واحذفوا عن فضولكم فان اموال المسلمين لا تتحمل الأضرار)(6).
ويقول في خطبة الشقشقية: (وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خفتم الإبل نبتة الربيع.
كان على علي (عليه السلام) أن يرى نفي أبو ذر، وأن يرى رجليه المقرحتين، أن يرى جميع هذه المشاهد وأن يصبر، لقد صبر مدة خمس وعشرين عاماً بهذا الشكل لكن صبره كان كصبر الامام الحسن (عليه السلام) العلة المبقية للإسلام. والا لطعن المتآمرين والمنافقين من داخل الحجاز ظهر الاسلام ولهجم عليه اليهود وقيصر الروم وكسرى ولجعلوا الحجاز قلة من تراب ولقضوا على الاسلام نهائياً وما ان انتهت الخمس وعشرين عاماً حتى استيقظ المسلمون وعرفوا خطأهم الا ان الامر كان قد انقضى، لكنهم أصروا على علي (عليه السلام) فتولى الخلافة لمدة خمسة سنوات والمصائب والمشقات التي تحملها (عليه السلام) في هذه الفترة كانت أعظم وأصعب مما جرى عليه في مدة خمس وعشرين عاماً وكانت تجري عليه مصيبة عظيمة في كل يوم منها. ولقد قام بثلاث حروب في هذه المدة. لقد سقى شجرة الاسلام حتى قويت.
كان استاذنا العظيم المرحوم آية الله العظمى الداماد (قدس سره) هذا الرجل الكبير الذي له حق عظيم على التجار وعلى العلماء وعلى الحوزة العلمية في قم. لقد كان يجهش بالبكاء وتنهمر عيونه بالدمع وهو ينصحنا، كان يقول لنا ان البشر أمره عجيب قد يأتي الشيطان وأمره عجيب ايضاً او النفس الأمارة اي قد يأتي شيطان الداخل والخارج لكن بالتبرير كان يقول رحمه الله: يأتي إلي انا ويقول لي إذا قويتك سيتقوى الاسلام لأنك ممثله. ولك كل من يقويك فانه يقوي الاسلام وكل شخص يضعفك فانه يضع من الاسلام وهذا لا يبالي بالإسلام فعليك ان تساعد وتحترم من يرفع من شأنك وان تضع من شأن من لا يحترمك.
كان يقول السيد داماد جملة محقة ودقيقة جداً إذا قصد الانسان الرئاسة، فإنه يعتمد على التبرير حتى يقضي على دينه. او إذا أحب المال فانه يأخذ الرب بغطاء شرعي، فان هذا ليس بإنسان صالح حتى لو كان قد قضى ثلاثين عاما من عمره في الصف الأول من مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) او صاحب علي (عليه السلام).
وفي حرب الجمل، انه تقدمت جحافل الحسد وحب الرئاسة والجاه والمال وانتهت على يدي أمير المؤمنين (عليه السلام) لكن علي (عليه السلام) كان يأن من قتل المسلمين حيث قتل ما يقارب العشرين ألف مسلم. ولكن ماذا يفعل بالفتنة فاذا لم يحارب فسيقضى على الاسلام. ثم كانت حرب صفين وكانت أسوأ من الجمل اذ كان معاوية قائدها وكان شخصاً منافقاً ولم يكن هو أو أحد من أنصاره قد آمن بالله عز وجل هذا الشخص الذي استولى على البلاد الاسلامية. يروي عنه أحد اصحابه انه رآه ذات يوم متأثراً فسأله ما بالك. عندها ارتفع صوت المؤذن (أشهد ان لا اله الا الله) فسأبقى مهموماً ما دام هذا الصوت موجود وسأبتهج عندما أقضي عليه. ولقد عزل علي (عليه السلام) هذا السياسي الداهية الذي كان يخطط للمستقبل.
جاء إلى المدينة فرأى ان عثمان قد وقع في ورطة عجيبة فقال له: هل تريد ان ابعث من يحرسك فقال لا. قال: اذن اطرد عدد منهم خارج المدينة، فأجاب عثمان: لا أستطيع ذلك. فقال معاوية: اذن دعني أثأر لدمك. فكتب له عثمان بذلك. وأعطى معاوية امرأة عجوز مقدار من الدراهم على ان تجلب له قميص عثمان بعد ان تقتل علي ان يقدم لها جائزة في الشام ومن هنا بدأت قصة قميص عثمان. ولقد استفاد معاوية من هذه القضية واشاع ان علياً قتل عثمان والتف حوله نفر من الجهلة وأخذ يتهيأ لقتال علي (عليه السلام). كان معاوية يعرف الناس وتفكيرهم الا انه اراد ان يطمئن فأمره بالصلاة يوم الجمعة في يوم الاربعاء. ولبى الناس دعوته ولم يعترض عليه شخص واحد عندها علم انه يمكنه قتال علي (عليه السلام) بهؤلاء الناس. فعلي (عليه السلام) قد ذهب ضحية الجهل وسياسة معاوية والأهم من ذلك علي ضحية حب الجاه والمال امثال عمرو بن العاص عندما طلب معاوية من عمرو بن العاص المجيء. كان عمرو يعرف الحق والباطل. وأخذ يفكر من المساء حتى الصباح وكان يسمعه ابناءه وخدمه يقول لنفسه: هل أذهب إلى الشام فان ذهبت فسأحصل على الرئاسة والمال ولكن سأخسر الآخرة والجنة وإذا لم أذهب فسأرضي الله عز وجل ونبيه (صلى الله عليه وآله) وسأحصل على الجنة ولكني سأخسر الآخرة الى ان قرر مع آذان الصبح ان يذهب الى معاوية وعندما جاء اليه سأله بماذا تريد ان تقابل علياً؟! فوضع مقداراً من المال أمامه فأجاب عمرو: أما بهذا فيمكن، فطلب منه معاوية ان يضع يده بيده ويبايعه على حرب علي (عليه السلام) فقال عمرو: هذا معناه إني أعطيك ديني فماذا تعطيني في مقابله؟! فأجاب معاوية: اطلب ما شئت. فطلب ان يكون والياً على مصر مع خراجها. لم يقبل معاوية في البدء الا ان عمراً أصر: إني اعطيك ديني. فبايع معاوية وغلبوا علي (عليه السلام) لكن كيف؟. لقد هزم علي (عليه السلام) واستشهد علي (عليه السلام) لكن بسيف حب الجاه والمال.
استمرت هذه الحال اي حالة الحرب اربعة أشهر وقتل في هذه الفترة العديد من الطرفين كالجمل في فريق معاوية او مثل ذلك العجوز الذي في التسعين من عمره وقد كان النبي (صلى الله عليه وآله) قد أخبر عنه انه من اهل الجنة. واستمرت الحرب الى ان كان سيتحقق النصر على يد مالك الأشتر. فكان لا بد من ان يقوم المنافقين الموجودين في جيش الامام علي (عليه السلام) ان يقوموا بشيء.
لقد كان هناك العديد من هؤلاء الاشخاص المعاندين. وكان هناك امثال عمرو بن العاص السياسي المكار في جيش معاوية. فأخبر معاوية. ان الحل في ان يحملوا القرآن على الرماح وطالبوا بالصلح (الصلح المفروض)، وأنفذ إلى المنافقين كي يتحركوا. فبدأوا يشيعون انه لا يمكن ان نحارب القرآن يجب ان يتوقف القتال. فجاء المعاندين البسطاء والجهلة الى الامام (عليه السلام) وقالوا: لا يمكننا ان نقاتل القرآن.. فأخبرهم علي (عليه السلام): ان هذه خدعة. لكنهم أصروا وهددوه ان لم يرجع مالك الأشتر فسيقتلوا الامام علي (عليه السلام) فبعث إلى مالك فقال مالك اعطني فرصة صغيرة يا سيدي وسينتهي الأمر فقال له ارجع والا فلن تراني فعاد وذهب الأمل بدحر معاوية، وقرروا ان يتصالحوا وان يرجعوا إلى الحكم اي ان يضعوا المنبر بين الفريقين ويصعد عليه شخصان من كل طرف وان يقبلوا بما يقولوا فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ان يذهب ابن العباس لكنهم لم يقبلوا لأنه من اقاربه. وضغطوا على علي (عليه السلام) ليقبل بأبي موسى الأشعري. واتفق عمرو بن العاص ومعاوية على خدع أبي موسى. فقال لابي موسى تعال لنتسلم انا واياك زمام الأمور فتخلع علياً من الخلافة واخلع انا معاوية، فأعجبته الفكرة وقد غره المقام. فقال له اصعد انت فقال عمرو: لا يحق لي ذلك وانت الشيخ فاحترمه واصعده إلى المنبر فقال: ايها الناس اشهدوا (ثم خلع خاتمه من اصبعه) إني كما خلعت خاتمي هذا فلقد خلعت علياً (عليه السلام) من الخلافة.
ثم صعد عمرو بن العاص فخطب وقال: ايها الناس (وخلع خاتمه) اشهدوا إني كما خلعت خاتمي هذا فقد خلعت علياً من الخلافة، (ثم وضعه في اصبعه وأضاف) واني كما وضعته فاني انصب معاوية للخلافة. فالتف الذين كانوا قد أصروا على الامام (عليه السلام) ان يعيد مالك الأشتر. وأخذوا يقولون: لقد أخطأنا. فقال (عليه السلام): هل أنا اخطأت ام أنتم؟ من قال لكم ان تعينوا حكماً. فأخذ يصرخ المنافقين والمعاندين والجهلة (لا حكم الا لله) وقالو ان علياً قد ارتكب هذا الخطأ وراحوا يكفرون علياً وقالوا له يجب ان تتوب والا فسنحاربك فأنت كافر!(7).
فما الذي يجعل الانسان يبلغ هذه المرحلة، فلو سألوكم ما هو سبب حرب صفين؟ فعليكم ان تقولوا حب الجاه والمال كان سبب حرب صفين التي اصبحت عاراً على المسلمين ولا نجد أعظم منها في تاريخ المسلمين. ان علياً (عليه السلام) كان ضحية الجهل وانزوى (عليه السلام) بسبب الجهل والعناد عند الناس. الأمان من المعاندة والجهل، لقد تطاول الشيطان على الله عز وجل والعياذ بالله وقال: بما أنك طردتني فسأغوي جميع عبادك وأضلهم اي ان الانسان إذا أصر وعاند فانه سيتطاول على الله ولو كان مسلما فسيتطاول على القرآن وعلى علي وسيكفر علياً (عليه السلام) ومن ثم سيقتله في محراب العبادة.
هل تظنون ان ابن ملجم لم يكن يعرف علياً، من المسلم به انه كان يعرف علياً أفضل منا كان متنسكاً، عابداً، وكان إثر السجود واضحاً على جبينه وكان يصلي في الصف الأول وراء الامام علي (عليه السلام) وكان يحسب من جماعته. الا انه عاند وأدى به ذلك الى ان يقتل علي (عليه السلام) وعندما يسألونه عن فعلته؟ يقول: لقد كان ذلك مقدراً.
ان الذي يكون شقياً مهما كان لا يمكن ان يصبح سعيداً فإنه يعاند ويرمي بحمله على الله. هذه هي حرب صفين.
من ثم كانت حرب النهروان: حيث انفصل اربعة آلاف من جند أمير المؤمنين (عليه السلام) وكانوا الخوارج وكان شعارهم (ان الحكم الا لله) وكما يقول الامام علي (عليه السلام): ما أحسن هذا الشعار وملأوا ما يستغلونه؟. هل رأيتم كيف يحملون راية ما ليجلبوا المصائب لقد حملوا قميص عثمان وأشعلوا حرب صفين وقاتلوا علي بشعار (ان الحكم الا لله) وقد اضطر (عليه السلام) لمحاربتهم ولقد شنعوا كثيراً بكتب المؤرخين ان أتي بعضهم الى رجل من شيعة علي (عليه السلام) وزوجته حامل فسألوه عن علي (عليه السلام) وصفاته؟ فأخبرهم، ثم قطعوا رأسه امام زوجته. ثم سألوها عن الجنين غلام ام فتاة فأجابت لا أعلم. فمزقوا بطنها بالخنجر وأخرجوا الطفل وأخذوا يمثلون به امام أعينها وهي تحتضر. لقد اضطر أمير المؤمنين (عليه السلام) ان يبيدهم على آخرهم. لقد عاندوا وكان من الصعب على علي (عليه السلام) ان يحاربهم. لكنه كما يقول في نهج البلاغة لولا علي لما تجرأ أحد ان يطفئ هذه الفتنة. الى ان استشهد (سلام الله عليه)، لكنه فاز وارتاح.
خلاصة الكلام ان أمير المؤمنين (عليه السلام) قد صبر ثلاثين عاماً وعمل فيها للإسلام وبصعوبة كبيرة. والأشخاص الذين قاموا ضد علي (عليه السلام) كانوا يعرفون
عليا جيدا لكنه حب الجاه والمال والمعاندة والجهل والعواطف المزيفة اجتمعت كلها لتصبح سيف ابن ملجم الذي ضرب رأس علي (عليه السلام) المبارك. وارتاح علي حتى انه قال عند ذلك (فزت ورب الكعبة) ومع ان مصيبة علي (عليه السلام) قاسية على البشر اجمع الا ان علياً ارتاح.
يكفي للتاريخ ووجهه المظلم انهم غسلوا الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) وكفنوه ودفنوه في الليل ولا يعرف قبره. اي قبر هذين الزوجين الطاهرين قبر الزهراء (عليها السلام) وأمير المؤمنين (عليه السلام) حيث ان قبر الزهراء (عليها السلام) لا يعرف مكانه حتى اليوم بينما قبر الإمام علي (عليه السلام) ظل مخفياً عن الأعداء حتى عهد هارون الرشيد. حيث أظهرته الغزلان وأيد مكانه الأئمة الطاهرين مثل الامام موسى بن جعفر (عليه السلام). والامام الرضا (عليه السلام).
اليس عار على الانسان ان يكون قبر شخص مثل علي مخفي، لئلا ينبشوا القبر أليس هذا ألم وحزن للشيعة. الا تعتصر القلوب عندما ترى ان قبر الزهراء (عليها السلام) لا يزال مخفياً؟! ما هذه المصائب الذي تحملها هذين الزوجين للإسلام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ شرح ابن ابي الحديد، مجلد2، ص297.
2ـ البحار، مجلد23، ص106، خبر907 / 10.
3ـ الخطبة الشقشقية، 30.
4ـ البحار، مجلد43، ص278.
5ـ نهج البلاغة، من خطبة له في الحث على الجهاد وذم القاعدين.
6ـ البحار، مجلد73، ص49.
7ـ مقتبسة عن شرح ابن ابي الحديد، مجلد2، ص23.