x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
التربية اللائقة التي تقدمها المدرسة للطفل
المؤلف: د. علي القائمي
المصدر: تربية أولاد الشهيد
الجزء والصفحة: ص107 ــ 112
2023-04-18
1310
دلّت الدراسات الوفيرة أن تجارب السنوات الأولى للطفل تشكل الأساس لتكوّن شخصيته وتكامله النفسي. ولها الأهمية الكبرى. لذلك فعلى الوالدين والمربين أن يضعوا كل جهودهم في هذه المرحلة لبناء شخصية الطفل بالشكل الأفضل.
من قبيل تنمية قدراته واستعداداته الفطرية بنحو متناغم ومتعادل، إلى فتح المجال أمام الطفل لتنمية قابلياته، ففي النهاية تربية الإنسان الكامل الحر لا تكون من مسؤولية الوالدين أو المدرسة فقط، بل بتضافر كل الجهود في سبيله، فكم من التدبيرات والتربيات التي تمت في المنزل ولكنها ضاعت في المدرسة والعكس صحيح. لذلك فمن الضروري أن يتكامل دور هاتين المؤسستين المنزل والمدرسة مع بعضهما لتأمين البرنامج الصحيح والأمان لتقدم الطفل.
فوضع الطفل بمحيط غير محيط أسرته الذي يأنسه، مهما تعلم فيه فإنه ليس من مصلحته. يمكن أن يدرس هناك ويتقدم ولكنه قد لا يجد عواطف الإنسان الحرّ.
فحياته ضمن إطار الأسرة المألوف هو الأفضل حتى يصل إلى الوقت الذي يدخل به إلى المدرسة وهنا يجب أن يتعرف إلى المربي لمتابعة تربيته التي نريدها.
ـ حسب الأصول يحتاج الأطفال فاقدو الأب، والمحرومون من الأم، لجهد أكبر في تربيتهم وبناء شخصياتهم. والمربي بحاجة للفرصة الكافية لهذا الأمر، لذلك فدور المدرسة لا يكون بالتعليم وبرامجه المخصصة بل يجب أن يؤمن له النقص العاطفي كذلك.
وبما أن أولاد الشهداء يحتاجون للتربية الافضل، فيجب أن يتحلى المعلم والمدير وكل من له علاقة بأمر الرعاية والإرشاد لهم بالصلاحية لمثل هذا العمل، أن يزيلوا مشاكلهم ويوفروا لهم الحياة الأفضل.
فمعلمو هؤلاء الأطفال يجب أن يتحلوا باللياقة والشرف ليربونهم تربية فاضلة. فوظيفة المدرسة تكمن في طرح الطرق الصحيحة للتفكير وتحريك استعدادات الطفل. إنها تنمي استعداداته وتربيها، وتسد الطريق على الإنحرافات والمنزلقات وتعطيه الفرصة لينمي استعداداته ويتمرس في مسائل الحياة.
وإن كان أبناء الشهداء معوزين، فعلى بيت مال المسلمين أن يتكفلهم من قبيل تأمين مستلزمات الحياة كالمأكل والملبس والمسكن أو بتوفير المتطلبات اللازمة التي تليق بمقام الشهيد.
ـ محبة الطفل:
المسألة المهمة على طريق تصميمنا واقدامنا على تربية اليتيم هي بالسعي لمحبته وذلك لا يكون فقط بأن تختصر المحبة بتدليله ورعايته وتأمين متطلباته المادية. فهذا أحد أبعاد القضية. لأن الأطفال يتعرفون على الحب والعطف من خلاصة المذاق والإمام علي أمير المؤمنين (عليه السلام) كان عند تقسيمه للأموال والعسل من بيت المسلمين بين المسلمين يدهن اصبعه بالعسل ويضعه في أفواه الأطفال الأيتام ويقول إنني أعطف عليهم مكان أبيهم.
أما بعد القضية الآخر في موضوع محبته فهي أن نؤمن له مستلزمات تربيته السليمة ورشده. نعلمه ضروريات الحياة، نطلعه ونوعّيه على كل ما يساعده لمتابعة الحياة. نؤمن له فرصة للعمل، للتعلم بالتجربة، وأن يدرك أسرار وحقائق الظواهر، وأن يكتسب الفن والمهارة ويوظفهما في مستقبله.
ـ إعلان إحتضان الطفل:
بعد استشهاد الأب وفي اليوم الأول الذي يذهب فيه الطفل إلى المدرسة على المعلم أن يهمس في أذنه أنني مكان أبيك، ومن اليوم فصاعداً اعتبر رعايتك من وظيفتي. سأحميك. سأهتم بمسألة درسك وبرامجك الدراسية وحضورك وفي النهاية أريدك أن تتقبلني كأب لك. على المدير والناظر أن يقولا له، صحيح أنك فقدت والدك، ولكننا صممنا أن نكون لك مثله، نتابع تصرفاتك، ولن نسمح لك بالخطأ والانزلاق سنحفظك من تعديات الآخرين والأذى. ولكن لن نسمح لك بالكسل والبلادة. من اليوم فصاعداً شأنك معنا وأنت تحت نظرنا.
هذه وظيفة المدرسة وعلى هذا الأساس تسد أمامه طرق التفلت والإهمال ويعلم أنه من الآن فصاعداً مطالب ومراقب. وتذكر أن المحبة وطريقتها يجب أن لا تدفع إلى أن يصبح الطفل موضع اهتمام خاص يؤدي إلى الإنحراف وأن لا نقبّله ونتركه وشأنه.
ـ التحضير للحياة:
وظيفة المدرسة أن تحضّر الطفل للإستفادة والتمتع بالحياة، كما يستفيد ويتمتع بنصيبه من هذه الدنيا. ولكن هذا لا يمنع أن يذوق طعم المصاعب والشدائد. فالحياة توأم للملذات وللعذابات، للسقوط والنهوض. فقضاء العمر في الفقر والحرمان يحمل العذاب بالشدة نفسها لمن يقضيه بالتنعم والرفاه.
تعليم المدرسة يندرج ضمن إطار البرنامج الرسمي ولكن بالنسبة للأيتام علينا أن نعلمهم بدرجة أعم وأشمل من المواضيع والبرامج المقررة، ليستطيع الطفل بأسرع وقت أن يتعرف إلى العمل، إلى الاستقلالية والاكتفاء الذاتي والوقوف على قدميه. فمع المقررات الرسمية علينا توعيته كيفية النظر والحكم على الأمور المحيطة به، طريقة التصرف، مواجهة الأمور، حفظ نفسه قبال الصراعات النفسية، الإمتناع عن التصرفات المرفوضة اجتماعياً.
إن وسائل التربية وبناء شخصية الطفل الموضوعة بإختيار المعلم هي بمثابة عمر الطفل وهو المسؤول عن هذا الرأسمال أمام الله. إذا علم المعلم والمربي هذه الحقيقة فإنه سيصرف وقته بشكل قطعي لمراقبته وتعليمه دروس الحياة ويبذل قصارى جهده في ذلك.
ـ الدور النموذجي لمسؤولي المدرسة:
المطلوب من مسؤولي المدرسة أن يكونوا النموذج المحتذى للطفل، ليس فقط من ناحية الجوانب الأخلاقية والممارسة العملية، بل في تعليمه كيتيم فمواقفهم وتصرفاتهم يجب أن تكون للطفل نموذجا يحتذي به في المستقبل.
إبعاده عن الفوضى والاختلالات، وصونه من الاضطرابات ترتبط إلى حد كبير برؤية المعلم ومواجهته للمسائل والأحداث، فبطريقته وتصرفه يستطيع ضمان رشد الطفل وحثه على السعي للعمل بحرية.
وعلى مسؤولي المدرسة كذلك أن يكونوا مثالاً ونموذجاً عملياً للثورة ويعلمون الأطفال مواجهة الفوضى والظلم والجور والتفرقة ويعلمونهم طرق ومناهج الحياة.
ـ حماية الطفل:
من وظائف المدرسة والمعلم معرفة ميول الطفل، فالأطفال الشريرون غير المؤدبين عند لقائهم لأطفال ضعفاء في المدرسة يهينونهم ويضربونهم ويؤذونهم، وهنا وظيفة المعلم والناظر والمدير أن يعرفوا أنفسهم أمام الطفل، وأن يعرف جميع الأطفال، أنهم حماة وملاذ لهم.
فعندما يضرب طفل ولا يهتم مسؤولو المدرسة بذلك فسيؤدي هذا الموقف إلى ضياع الطفل الذي يؤدي إلى تغيير روحيته، فعدم حماية الطفل من قبلهم يبعث اليأس والحسرة في قلبه، وتنقص قوته وفعاليته، وتنكسر شوكته، كالدجاجة تمتلك الجناحين ولكن لا قدرة لها على الطيران.
كذلك وبعد ذكر هذه النقاط فإن نظرات التأسي والحزن والرحمة قد يعتبرها هؤلاء الأيتام نوعاً من الإهانة ويتولد لديهم إحساس بالحقارة. فعلى المعلمين والمربين أن يبتعدوا عن النظرات المشفقة لليتيم حتى لا يسببوا له الأذية.
ـ الإلتفات لخفة الدم والمهارة:
تحتاج تربية الأطفال لخفة الدم لأن رعايتهم تعتبر نوعاً من الفن، فالطفل مع إدراكه لوضعه يجب ألا يحس بالضعف وأن لا يتوقع من الآخرين الكثير. وأن تكون تربيته في المدرسة على أساس أن لا يبتلى بالنقص العاطفي وأن لا يبتلى بالدلع وتطبيق هذا الأمر صعب بحد ذاته.
أحيانا في المدرسة يواجه الطفل وضعاً ظاهره حمايته ولكن عملياً فإن الطفل يحس إزاءه بالخجل. يريدون حمايته وطمأنته ولكن طريقتهم في ذلك تؤدي إلى أن تصبح عزة نفسه موضع مساءلة. وهذا خطر ومشكلة يجب الإلتفات إليها والاعتناء بها.
يجب أن يسعى مسؤولو المدرسة إلى أن لا تؤدي حياته التحصيلية والإجتماعية إلى حرمانه التربوي، وفي هذه الحال يصل إلى حد تهديد وجوده وينجر عمله إلى عصيان القوانين، التعدي، الإنحراف في حياته. فالكثير من هذه حصلت للتلاميذ وكان منشؤها ليس الإضطرابات النفسية ونتائجها بل لتعرضه لعدم الدمج بين حياته الإجتماعية والمدرسية.
ـ المسائل الإنضباطية:
مع معزتنا لهؤلاء الأيتام ومع كل الرعاية التي نوليهموها علينا أن لا نتخذ موقفاً معه يجره إلى سوء الخلق والسلوك السيئ. فأدبه وتربيته من أعز وأهم المسائل. إنه نسل رجل شريف يتوقع منه الناس أن يكون مهماً وينتظرون منه أن يتصرف التصرف الصحيح في التعامل والقول والعمل.
لهذا فعلينا حفظ شروط التربية من تذكيره والفات نظره، إلى تهديده وتوبيخه ولومه، فإن لم يكن كل ذلك مؤثرا فيتوجب علينا ضربه وبشكل جدي ولكن الضرب يجب مراعاة أصوله وموارد استعماله. وعلى المعلم أن يلفت نظره بأنه لو لا محبته له وعدم رغبته بوقوعه في الهفوات والأخطاء لما عاقبه. ولأنني مكان أبيك فلا أريدك أن تقع في الخطأ ثانية.
ـ العلاقة مع ولي الطفل:
من الضروري أن تتواصل المدرسة مع ولي أمر الطفل لجهة تربيته، وخصوصاً مع امه، تطلب منها شرحاً لوضعه، وتتباحث معها حوله، ويتفقان على الخطط والطرق الملائمة لتربيته.
على المربّين للطفل الإهتمام بغذائه النفسي وإصلاحه وتوسعة ثقافته عبر الكتب، الصحف، المجلات، الرحلات، المناظرات.
وأن لا يلقوه في طريق المسؤولية والتكليف دون أن يسلحوه بالسلاح اللازم لقطع هذا الطريق الصعب ولتحمل المسؤولية الثقيلة، وأخيراً فعلى الكفين والجناحين أن يحضنا الطفل نحو الصراط المستقيم للحياة، كف وجناح المنزل وكف وجناح المدرسة.