اساسيات الاعلام
الاعلام
اللغة الاعلامية
اخلاقيات الاعلام
اقتصاديات الاعلام
التربية الاعلامية
الادارة والتخطيط الاعلامي
الاعلام المتخصص
الاعلام الدولي
رأي عام
الدعاية والحرب النفسية
التصوير
المعلوماتية
الإخراج
الإخراج الاذاعي والتلفزيوني
الإخراج الصحفي
مناهج البحث الاعلامي
وسائل الاتصال الجماهيري
علم النفس الاعلامي
مصطلحات أعلامية
الإعلان
السمعية والمرئية
التلفزيون
الاذاعة
اعداد وتقديم البرامج
الاستديو
الدراما
صوت والقاء
تحرير اذاعي
تقنيات اذاعية وتلفزيونية
صحافة اذاعية
فن المقابلة
فن المراسلة
سيناريو
اعلام جديد
الخبر الاذاعي
الصحافة
الصحف
المجلات
وكالات الاخبار
التحرير الصحفي
فن الخبر
التقرير الصحفي
التحرير
تاريخ الصحافة
الصحافة الالكترونية
المقال الصحفي
التحقيقات الصحفية
صحافة عربية
العلاقات العامة
العلاقات العامة
استراتيجيات العلاقات العامة وبرامجها
التطبيقات الميدانية للعلاقات العامة
العلاقات العامة التسويقية
العلاقات العامة الدولية
العلاقات العامة النوعية
العلاقات العامة الرقمية
الكتابة للعلاقات العامة
حملات العلاقات العامة
ادارة العلاقات العامة
الزمن الميدياتيكي (الزمن العالمي)
المؤلف: دكتور عبد الله علي الزلب
المصدر: مدخل الى الإعلام الجديد
الجزء والصفحة: ص 24-28
2023-04-13
913
الزمن الميدياتيكي (الزمن العالمي)
إن التقاء كل الأجناس البشرية على الشبكة، بجميع مفارقاتها، يعني كذلك اتخاذها سرعة التحول ذاتها المعتمدة في الاتصال الجماهيري لنقل الرسائل والمضامين للمضامين الإعلامية، كما للأجسام، سرعة تحول يمكن قياسها بالمعنى الرياضي للكلمة، وهي سرعة تراوح بين السرعة اللحظية وسرعة الطواف. ومراتب التأثير تتحقق وفقا لطبيعة السرعة التي يتخذها المضمون الإعلامي وهي التي يحددها القائمون بالاتصال. ونرى اليوم أن من الخصائص البارزة للإنترنت، خصائص لم تستوعبها بحوث الإعلام العربية، تتجلى في قيام نظام الإنترنت على معادلة زمنية تجمع في الوقت ذاته، السرعة اللحظية، وسرعة الطواف، وهذا ما عبر عنه البعض بالزمن العالمي الذي هو بمثابة "الزمن العابر للحدود بين القارات والمجتمعات واللغات عبر طرقات الإعلام المتعدد وشبكات الاتصال الفوري التي تنقل الصور والرسائل والعلامات بالسرعة القصوى من أي نقطة في الأرض إلى أي نقطة أخرى.. " ويقابل هذا الزمن ما أسماه الباحث التونسي عبد الله الحيدري بالزمن الميدياتيكي" ، Temps mediatique) المتشكّل في عصرنا من تقاطع الزمن اللحظي وزمن الطواف.
وصورة ذلك هو أن حياة الفرد اليوم ظلت متصلة اتصالاً لا فكاك منه بوسائل الإعلام والاتصال الإلكترونية إلى حد تفكك الروابط الحميمية الأسرية والاجتماعية الأخرى التي ساد الاعتقاد، مع ظهور التلفزيون، أنها بالفعل قد بدأت في التلاشي فوسائط الإعلام والاتصال الموغلة في التطور والتغير بدأت تغمر كلّ حياتنا من دون استثناء، وباتت تمثل المجال النشط الذي تتشكل منه حياة الفرد والمجتمع.
لقد اتاحت تقنيات الاتصال الحديثة للإنسان مجالا أرحب للتفكير، وللإنتاج، وللتبادل، وللإبداع، وللتواصل... ولم يكن هذا متاحا في حضور الوسائل التقليدية بالصورة التي نشهدها اليوم . إننا نعيش منظومة جديدة نصنع من خلالها زمنا جديدا، هو زمن الوسائط الإعلامية والاتصالية.
فالزمن الميدياتيكي "هو الزمن الذي نحققه في صلاتنا المستمرة مع وسائل الإعلام والاتصال بوصفنا أفرادا اجتماعيين ولا يعدو أن يكون زمنا وسائطيا لاعتمادنا، في الإنتاج والتفكير والتواصل والتفاعل، على تقنيات الإعلام والاتصال الزمن الميدياتيكي هو كذلك الزمن الذي يحتضن ميول الأفراد واتجاهاتهم بوصفهم متابعين مستهلكين ومنتجين للصناعات الإعلامية المتدفقة بأقدار لم يشهدها تاريخ صناعة المضامين.
كل مجتمع ينتج تمثله للزمن من خلال مختلف الأنشطة التي يقوم بها . في المقابل كل مجتمع تقوده منظومة القيم الميدياتيكية إلى بناء تمثله للزمن. وإذا أردنا أن نفهم طبائع مجتمع ما ، ينبغي أن ندرس أنشطته في الزمن الذي يعيشه. مجتمعنا اليوم يجوز أن نفهمه أكثر عندما نحقق في الأنشطة التي تؤثث أوقاته وندرس الفعل الذي يحققه والفعل في تقديرنا، ضمن هذا السياق، هو صلة المجتمع بوسائط عصره.
إن الإعلام الجديد الذي احتل مراتب بارزة في التفكير، في العديد من فروع المعرفة، يمكن عده نظاما اتصاليا مركبا، مؤلفا من إمكانات فائقة على التأثير لم يشهدها النظام القديم للاتصال الجماهيري، وهو محمول على أنه البديل للنظام السابق، بل إن النظام السابق لم يعد يملك أدوات الحسم في القضايا المصيرية الكبرى، خصوصا في الديمقراطيات الليبيرالية، وقد أثبتت الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي فاز فيه مرشح الحزب الجمهوري ترامب نجاعة المدونات والشبكات الاجتماعية في تغيير الفكر الانتخابي، وتغيير المشهد السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية، لأن السؤال الذي يطرح اليوم في الأوساط السياسية والاقتصادية في العالم، لا يتمثل في كيفية بناء الرسالة الإعلامية لبلوغ الأهداف، بقدر ما يتعلق باختيار التكنولوجيا التي تحقق الفوز والانتصار. ولقد راهن المرشح الجمهوري ترامب، في حملته الانتخابية، على تكنولوجيا غيرت من هندسة الويب ومن تضاريس الإنترنت، ما حولها إلى ظاهرة اجتماعية بارتفاع عدد مستخدميها .. والدلالة البارزة في مثال الحال، هو أن الإنترنت بمختلف أنسجتها لا تعمل بفعل السرعة الخطية، بل إن الأصل في التشكل الجديد الذي تحدثه يعود لكونها فضاء تواصليا تفاعليا تسيره سرعتان متلازمتان: سرعة طواف يعمل بها نظام الإبحار في الشبكة، وسرعة لحظية تعمل بها وتيرة الإبحار.
في ضوء هذه المعادلة الزمنية المزدوجة تأسست حقيقة ما يعرف بصحافة الفرد أو صحافة المواطن، وهو الشكل الإعلامي والاتصالي المنبثق عن التدوين لتنفرد إلى حد بعيد بأسلوب جديد في إنتاج الرسائل والمضامين، ذلك أن الأفراد الاجتماعيين أصبح بإمكانهم تحميل تفاعلاتهم، وإنتاجهم الفكري، وإبداعهم، وخبراتهم، وفق المعادلة الزمنية المتمثلة بالسرعة اللحظية وسرعة الطواف في حدود شبكة الأنترنت، ومتى توفر للمضامين هذا المعطى في سرعة الانتشار والتغلغل، كانت نافذة ومحدثة للتأثير . فكلما ازدادت سرعة الانتشار والتغلغل كانت دوائر التأثير مهمة.
لقد كانت هذه المعادلة الزمنية التي فرضتها تكنولوجيا رقمية متطورة، أساس ظهور صحافة المواطن، ومنحت المدوّن صفة الصحفي، والصحفي المخبر الناقل للصورة، وظلت بمقتضى ذلك المدونات ومواقع الويب ومنتديات الحوار. الوسط الجديد لصناعات المضمون، الذي وضع حدا لنماذج الإعلام والاتصال الخطية، وجرد المضامين من مناهج البناء (بناء المعنى) وقواعده فالصحفي، ضمن هذا الوسط الذي يحرك العالم لا يلتزم بقواعد صحفية في نقل الأخبار وتحليلها، ولا يتقيد بالقوانين التي تسمى اللغة، بقدر ما يلتحم بالوجه الوظيفي لهذه اللغة ليبلغ مراتب في التعبير والكشف عن مادة الفكر، فضلا عن كونه متحررا من متطلبات الضغوط التي يفرضها عنصرا الزمن والمساحة في الأعمال الصحفية، والضغوط المهنية الأخرى بما في ذلك أخلاقيات المهنة والرقابة.
إن من عوامل تجذير هذا المفهوم، مفهوم صحافة المواطن، في الأوساط الاجتماعية بالخصوص، هو اعتبارها انتصارا على مأسسة الإعلام والاتصال ومجالا تتجسد فيه الحقائق التي لا يجرؤ الإعلام التقليدي على عرضها وطرحها وشكلا من أشكال الاهتمام بالمحيط القريب المباشر المعروف في أدبيات الإعلام بإعلام القرب.