الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
نظرة في التعاليم الدينية
المؤلف: مجتبى اللّاري
المصدر: المشاكل النفسية والأخلاقية في المجتمع المعاصر
الجزء والصفحة: ص79 ــ 82
18/12/2022
1605
يحذر القرآن الكريم المستهزئين من مصيرهم الأسود ويخوفهم من مغبة عملهم السيء هذا فيقول: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ}[الهمزة: 1].
إن الإسلام فرض على المسلمين رعاية أصول الآداب والأخلاق لحفظ وحدتهم، ومنعهم عن الهمز واللمز من بعضهم لبعض مما يسبب التفرقة وتوتر العلاقات والروابط الأخوية بينهم، فيجب على المسلمين أن يكون كل واحد منهم محافظا على شؤون الآخرين ومحترزاً عن تحقيرهم وإهانتهم.
قال الإمام الصادق (عليه السلام): (إن المؤمن ليسكن إلى المؤمن كما يسكن الظمآن إلى الماء البارد)(1).
وقال والده الإمام الباقر (عليه السلام): (كفى بالمرء عيباً ان يبصر من الناس ما يعمي عنه من نفسه، أو يعير بما لا يستطيع تركه، أو يؤذي خليله بما لا يعنيه)(2).
وقال جدهم الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (إياك ومعاشرة مبتغي عيوب الناس، فإنهم لم يسلم مصاحبهم منهم)(3).
والإنسان وإن كان طبعه ابياً عن قبول النقد والاستماع إلى عيوبه، لكنه يجب عليه ان يلتفت إلى النقد الصحيح البنّاء يبالغ السرور، فإننا في ظل هذه الانتقادات وبالإلتفات إلى نواقصنا نستطيع أن نهيئ لأنفسنا موجبات الصلاح والإصلاح وتزكية النفس وتهذيبها إن شاء الله.
ويذكّرنا الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بهذا الصدد إذ يقول: (ليكن آثر الناس عندك من أهدى إليك عيبك وأعانك على نفسك)(4).
والدكتور دايل كارنيجي يقول في كتابه (كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس): (إننا يجب علينا أن نستقبل النقد بطلاقة الوجه ونقبله، إذ نحن لا نرجو أن يكون أكثر من ثلثي أعمالنا وأفكارنا صحيحاً، فإن (آينشتن) وهو من أعمق المفكرين المعاصرين كان يعترف بأن 99%، من أفكاره واستنتاجاته كانت خاطئة إنني إن لم أراقب نفسي عندما يبدأ أحد في نقدي أتأهب للدفاع عن نفسي من دون أن أعرف ماذا يريد أن يقول. ولكني كلما فعلت هكذا تنفرت عن نفسي. إننا جميعاً نحب التحسين والتمجيد ونكره التقبيح والتنقيد من دون ان نلتفت إلى ان أياً من ذلك كان في محله أم لا!، نحن لسنا أبناء الدليل والمنطق بل ابناء الأحاسيس، وقد اصبحت عقولنا كقوارب شراعية صغيرة تتقاذفها أمواج الأحاسيس في بحر عميق مظلم ومتلاطم إلى هنا وهناك. إن أكثرنا يحسن الظن بنفسه في حاضره الآن، ولكنّا سنرجع بعد اربعين سنة مثلاً وننظر إلى ما نحن عليه الآن فنضحك على أنفسنا).
قال الإمام امير المؤمنين (عليه السلام): (من بحث عن عيوب الناس فليبدأ بنفسه)(5).
ويقول الدكتور هلن شاختر: (يا حبذا لو كنا بدل أن نشكل على قول أو عمل الآخرين كنا ننظر في أدوائهم وآلامهم فإن قدرنا هديناهم، وإلا وجب من هذا أن ننظر في أدواء أنفسنا فنضع عيوبنا ونقائصنا نصب اعيننا فنعالجها إن استطعنا)(6).
إن الجاهل بدل أن يبادر إلى رفع معايبه يسعى في إخفائها.
قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (كفى بالمرء غباوة أن ينظر من عيوب الناس ولا ينظر إلى ما خفى من عيوبه)(7).
ويقول الدكتور آويبوري: (أننا لجهلنا كثيراً ما نغضي عن معايبنا ونسترها بستار من الغفلة والتجاهل، لنخدع أنفسنا بهذه الطريقة انه لمن العجب أن الناس يسعون في ستر معايبهم عن أعين الناظرين ولا يفكرون في إصلاحها ابداً، وإذا ظهرت إحدى معايبهم بحيث لا يقدرون على إخفائها خلقوا لأنفسهم ألوف الأعذار ليرضوا أنفسهم ويموهوا على الآخرين، محاولين أن يقللوا من ثقل عيوبهم في أعين الناس، غافلين عن ان العيب وإن كان خفيفاً فسيثقل بمرور الأيام، كما أن البذرة تكبر حتى تصبح شجرة عظيمة)(8).
إن مطالعة النفس هي الطريقة الوحيدة اليوم عند علماء النفس للوصول إلى أمراضها وعلاجها. وكان الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) يوصي بعلاج الأمراض النفسية من هذا السبيل فيقول: (على العاقل أن يحصي على نفسه مساوئها في الدين والرأي والأخلاق والأدب، فيجمع ذلك في صدره أو في كتاب ويعمل في إزالتها)(9).
وكتب أحد علماء النفس بهذا الصدد يقول: (اجلس وحدك في غرفة هادئة في راحة وفراغ بال، وأوص الأهل أن لا يزاحمك أحد، وكلما كان المكان مطمئناً وكنت مرتاحاً فهو أحسن، فإن ما تقصده يشترط فيه شرط أساسي وهو أن لا يضطرب فكرك بالتوجه إلى أي شيء سوى ما تقصد، وأن لا يتوجه ذهنك إلى حاجاتك الجسدية.
خذ معك مقداراً من الورق الأسمر الزهيد الثمن وقلماً سريعاً. وإنما قلت ورقاً أسمر زهيد الثمن حتى لا تمتنع من أن تصرف كمية منه بالكتابة من دون احتياط في مقداره، وإنما قلت قلماً سريعاً لأنك الآن في حالة تحوطك آلاف العوامل الروحية والنفسية حتى تصرفك عن عملك المطلوب وهي مطالعة نفسك.
أكتب قائمة عن أنواع الإحساسات والآثارات التي وجدتها في نفسك في يومك الحاضر والأمس الدابر.
فإذا كتبت قائمة لأحاسيسك وإثاراتك في يومك أو أمسك، فارجع إليها مرة أخرى واحدة فواحدة، ثم فكر فيها واكتب ما خطر ببالك بمناسبتها من دون أي تقيد أو تحديد، ولا تبال حتى ولو طال.
وبعد أن كتبت أعمالك وأفكارك وأحاسيسك وإثاراتك في يومك كما مر فاجعل غرائز حب النفس، والانزواء والكبر، أمام عينك، ثم احضر في نظرك كل شيء من أعمالك وأفكارك وإحساساتك وإثاراتك واحدة فواحدة ، ثم اسئل نفسك على أثر أي واحد من هذه الغرائز والميول كان هذا العمل المعين مع هذه الأحاسيس الخاصة؟ والهدف من هذه المطالعة النفسية هو أن يغير المريض من شخصيته الروحية ما تستطيع به قواه الروحية الحية والإيجابية البناءة أن تفقده من حالاته العصبية والمضادات النفسية، فيحس في قرارة نفسه بشخصية جديدة. فيجد لنفسه في الحياة أهدافاً ومعاني جديدة، فيتخذ لنفسه في الحياة طريقة جديدة غير السابقة(10).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ الكافي: ج2، ص247.
2ـ المصدر السابق: ج2، ص459.
3ـ غرر الحكم: ص148.
4ـ المصدر السابق: ص558
5ـ المصدر السابق: ص659.
6ـ عن الترجمة الفارسية: رشد شخصيت.
7ـ غرر الحكم: ص559.
8ـ عن الترجمة الفارسية: درجستجوي خوشبختي.
9ـ غرر الحكم: ص448.
10ـ عن الفارسية: روانكاوي.