علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
البحث حول الراوي أحمد بن محمد بن يحيى العطّار.
المؤلف: الشيخ محمد طالب يحيى آل الفقيه
المصدر: سدرة الكمال في علم الرجال
الجزء والصفحة: ص 343 ـ 347.
12/12/2022
1628
أحمد بن محمد بن يحيى العطّار:
صحّح العلامة الطريق الذي هو فيه واعتمده ووصف الخبر الذي هو في طريقه بالصحيح، كما وثّقه البهائي في مشرق الشمسين وثاني الشهيدين في الدّراية والشيخ حسن في المنتقى، والمجلسيّ في الوجيزة والسيّدان بحر العلوم في الفوائد والدّاماد في الرواشح وغيرهم، بل نُسب التوثيق إلى مشهور المتأخّرين.
وذهب صاحب المدارك والمحقّق الكاظمي في التكملة والخوئيّ في المعجم إلى ضعفه، بل نسبه إلى البهائيّ في الحبل المتين.
هذا ومن المعلوم أنّه من أعلام القرن الرابع، ومن مشايخ الصدوق، وروی عنه التلعكبريّ والحسين بن عبيد الله بن الغضائريّ وابن أبي جيد وغيرهم من الأجلاء، بل قال المجلسيّ: "إنّه من مشايخ الإجازة وحكم الأصحاب بصحة حديثه".
وقد استدلّ القوم على القول بالوثاقة بأدلّة ستة وهي:
أولا: أنّه من مشايخ الإجازة، وهم بغنىً عن التوثيق لذلك، وقد صرّح الشهيد الثاني بذلك في درايته كما تقدّم البحث في وثاقة "مشايخ الإجازة".
بل قال المحقّق البحرانيّ الماحوزيّ: "بأنّ مشايخ الإجازة في أعلى درجات الوثاقة والجلالة".
بينما قال السيد الخوئي: "والصحيح أنّ شيخوخة الإجازة لا تكشف عن وثاقة الشيخ كما لا تكشف عن حسنه" (1).
والصحيح ما أفاده القائلون من عدم كفاية الشيخوخة للقول بالوثاقة، وذلك للنص على تضعيف جملة منهم، ولكون شيخ الإجازة في كثير من حالاته مجرد واسطة في اتصال السند، وعليه لا يضرّ ضعفه مع توسّطه لا أكثر في السند...
ثانيا: تصحيح العلّامة للسند الذي هو فيه، والتصحيح دالّ على وثاقة أصحاب السند (2).
وقد أجاب السيد الخوئي عن ذلك بقوله: "ويردّه.. أنّ تصحيح العلّامة مبني على بنائه على أصالة العدالة، وعلى أنّ أحمد من مشايخ الإجازة وكلا الأمرين لا يمكن الاعتماد عليه" (3).
وفيه: أنّ العلّامة لم يصرّح بأنّ تصحيحه مبنيّ على أصالة العدالة في الراوي أو لكون العطار من مشايخ الإجازة، إذ احتمال التصحيح مبنيّ على كونه من مشايخ الصدوق المترضّى عنهم، أو لرواية الأجلّاء عنه أو لكونه كثير الرواية وهكذا، لكنّه على كلّ حال فإنّ توثيق العلّامة - على القول بأنّ تصحيح السند يعني توثيق الراوي - حدسيّ لوضوح أنّ مَن تقدّمه من القدماء لم يصرّح أي منهم بوثاقته، بل سكتوا عنه كما هو معلوم.
ثالثا: رواية الأجلّاء عنه كالشيخ الصدوق والتلعكبري وابن الغضائري وابن أبي جيد وغيرهم فإنّ رواية الأجلاء تكشف لا أقل عن حسن حال المروي عنه إن لم تكشف عن الوثاقة، وقد قال المولى البهبهاني (رحمه الله) "الرواية عن الأجلاء من أمارات الجلالة والقوة" وكذا رواية الأجلاء عنه، وقد مال إليه المامقاني في التنقيح.
لكنّ.. المتقدّمين من الأصحاب عليهم الرحمة لم يتبنّوا خصوص الرواية عن الصحيح من الرجال وإنّما كان دأبهم الرواية التي يعتقدون بصدورها عن المعصوم (عليه السلام) سواء أكانت القرينة على صحّة الصدور هي السند أم القرائن الخارجيّة التي يطمئنون بموجبها بصحّة الخبر وصدوره، وعليه لا يصحّ الدليل الثالث لإثبات وثاقة العطّار (رحمه الله).
رابعا: ترضّي الصدوق عنه عند ذكره، والترضّي لا يصلح للفاسق، فلا بدّ حينئذ أن يكون ثقة، وإذا لاحظنا طرق الصدوق للأصحاب في المشيخة نجد أنّه كلّما روى بواسطة العطّار ترضّى عنه، وهو قرينة على وثاقته.
لكنّنا نقول: بأنّ كثرة الترضّي دليل على الوثاقة إلّا أنّه كثيرا ما روي عنه في معاني الأخبار ولم يترضَّ عنه، وهذا المقدار لا يكشف عن الوثاقة.
خامسا: جعله الصدوق واسطة في المشيخة إلى كتب الأصحاب، والكتب تلك اعتمدها الصدوق في الفقيه، فلو كان أحمد بن محمد ضعيفا كيف صحّ له توسيط العطّار في أسانيد الكتب.
.. وإنّ الصدوق إنّما اعتمد على الكتب المشهورة، والتي عليها المعتمد وإليها المرجع، وذكر السند لمجرّد إخراج الكتاب من الإرسال إلى الإسناد وليس لتصحيح الكتاب.
سادسا: ما ذكره النجاشيّ في ترجمته الحسين بن سعيد بن مهران عن طريق السيرافيّ إلى الحسين بن سعيد، فكتب إليه: "فأمّا ما عليه أصحابنا والمعوّل عليه كما رواه عنهما أحمد بن محمد بن عيسى.
أخبرنا الشيخ الفاضل أبو عبد الله الحسين بن علي بن سفيان البزوفريّ فيما كتب إليّ في شعبان سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة، قال: حدّثنا أبو علي الأشعريّ أحمد ابن إدريس بن أحمد القميّ، قال: حدّثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد بكتبه الثلاثين كتابا.
وأخبرنا أبو علي أحمد بن محمد بن يحيى العطّار القمّي، قال: حدّثنا أبي وعبد الله بن جعفر الحميريّ وسعد بن عبد الله جميعا عن أحمد بن محمد بن عيسى.." (4).
ومحلّ الكلام هنا هو: هل أنّ أحمد بن محمد بن يحيى مشمول بقول السيرافيّ أصحابنا والمعوّل عليه" ليكون هذا الكلام دالّاً على توثيقه أم لا؟
أو أنّه حتّى معه فهل تدلّ العبارة على التوثيق؟
وقد حاول السيد الخوئي (رحمه الله) الجواب عمّا قيل من عدم دلالة العبارة على التوثيق بقوله "أولا: ما عرفت من أنّ اعتماد القدماء على رواية شخص لا يدلّ على توثيقهم إيّاه، وذلك لما عرفت من بناء ذلك على أصالة العدالة التي لا نبني عليها.
وثانيا: إنّ ذلك إنّما يتمّ لو كان الطريق منحصراً برواية أحمد بن محمد بن يحيى، لكنّه ليس كذلك بل إنّ تلك الكتب المعوّل عليها قد ثبتت بطريق آخر صحيح، وهو الطريق الأول الذي ينتهي إلى أحمد بن محمد بن عيسى، ولعلّ ذكر طريق آخر إنّما هو لأجل التأييد".
إلا أنّ محاولته (رحمه الله) لا يمكن الالتزام بها، إذ أن أحمد بن محمد بن يحيى شيخ السيرافيّ ومقتضى ذلك معاشرته ومعرفته عن قرب، فالقول بأنّ التوثيق يمكن أن يكون معتمدا على أصالة العدالة التي تقتضي مجهوليّة أحمد بن محمد عند السيرافيّ في غاية البعد.
أضف إلى ذلك أنّ مسلك أصالة العدالة لم يكن مشهوراً، ولذا اعتمد القوم في التوثيقات على الرجال، وهذه كتبهم تظهر ذلك.
نعم، محاولته الثانية للخدشة بالاستدلال ممكنة، إلا أنّها خلاف الظاهر من إطلاق كلام السيرافي بقوله: "فأمّا ما عليه أصحابنا والمعوّل عليه.." فإنّها شاملة للطريقين معا إلى كتب الحسين بن سعيد، ومقتضى الاعتماد توثيق أحمد بن محمد بن يحيى، إلا أنّ ذلك يبقى ظنّاً والظنّ لا يغني من الحق شيئا.
وبعدما بينتُ لك الوجوه الستة المستدلّ بها على الوثاقة والنقاش فيها، يبقى القول بأنّ مجموع ما تقدّم يفيد الاطمئنان بالوثاقة، إذ أنّ الدليل لا تسقط جميع محتملاته عند نقاشه بحيث يصبح كالعدم، وإنّما احتمال إصابته وكونه صحيحاً واقعاً - كما فيما نحن فيه - يبقى قائما، فإذا اجتمعت الأدلة الستة المتقدّمة وتراكمت تلك الاحتمالات أفادت الاطمئنان بلا شك عند الفقيه، وهو الحجّة لديه عند تحقّقه؛ لأنّها تؤخذ على نحو المجموع لا الجميع، وأمّا أنّ الأدلة المتقدمة برمّتها تسقط عن الاعتبار لما قيل فيها فإنّها دقّة عقليّة ووسوسة لا أكثر.
ولهذا نقول: إنّ كون أحمد بن محمد بن يحيى من مشايخ الإجازة وتوثيق العلّامة له ورواية الأجلّاء عنه وترضّي الصدوق عنه وجعله واسطة إلى كتب الأصحاب واحتيال كونه مشمولا لقول السيرافيّ "والمعوّل عليهم" كافٍ للقول بوثاقته وإن كان في كل من الأدلّة خدشة، إلا أنّها على نحو المجموع كافية للقول بالوثاقة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) معجم رجال الحديث، ج 2، ص61.
(2) خلاصة العلّامة، ص435.
(3) معجم رجال الحديث، ج2، ص328.
(4) رجال النجاشي، ج 1، ص 173.