الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
العجب المفرط
المؤلف: مجتبى اللّاري
المصدر: المشاكل النفسية والأخلاقية في المجتمع المعاصر
الجزء والصفحة: ص159 ـ 160
30-8-2022
1572
إن (حب الدنيا)، من الغرائز الأساسية في الإنسان وخصائصه الذاتية التي غرست في وجوده من أول يوم، وهي التي تدفعه إلى السعي الدائم في الحياة وتجعله يحافظ على نفسه وإن كان يتمنى الموت، وعلى أثر وجود هذه الغريزة نرى البشر يفر مما يضره إلى ما يحكم ثباته وحياته. ولذلك فهو في شطر كبير من تقدمه وتكامله وتعاليه رهين لهذه الظاهرة الروحية التي لها الأثر القاطع في نظام الحياة وتقدم مستوى الحضارة البشرية.
ولكن السعادة البشرية إنما تتم فيما إذا كان الإنسان في العمل بها وتركها بعيداً عن التفريط او الإفراط، بعيداً عن عبودية غرائزه. وعلى هذا فلكي تشبع هذه الغريزة إشباعا صحيحاً ينمو في ظلها سائر الملكات الحميدة والسجايا الأخلاقية يجب أن تعدل في معمل العقل، فإن العقل هو الهادي للإنسان لا الغرائز، فالعقل هو الذي يعقل الغرائز المفرطة عن إفراطها وتعديها وتجاوزها عن حدها، وهو الذي يهدي الغرائز عن طغيانها المدمر، وهو الذي يواجهنا بحقائق الخطأ والصواب. إن قوة العقل التي لها الوظيفة الكبرى في بناء شخصية الإنسان هي التي تصلح هذه النقطة المنحرفة الغريزية في وجودنا، وتهب لذلك بصيرتنا الكامنة قوة كافية.
إن غريزة (حب الذات) إذا خرجت عن الاعتدال وسلكت جانب الإفراط أصابت بخروجها هذا عن اعتدالها جهاز العقل الإنساني في الصميم، فمنعته عن درك واقعيات الحياة وأن الذين يصابون بهذه التحريفة النفسية فيسعون جاهدين في قضاء حوائجها كما تهوى سيقعون في حضيض الضلال والضياع والفساد والشقاء في النهاية. وأن ما يقال في هذه الغريزة من السوء فإنما هو على الجانب الإفراطي منها، وليس الهدف من ذم هذه الغريزة إلا ما لم يعدله منها العقل بأحكامه العادلة.
إن انحطاط الافراد ورقيهم يرتبط بمكانتهم الروحية وأخلاقياتهم ارتباطاً مباشراً، والرذائل الأخلاقية منتشرة في شتى مراحل الحياة بأشكال مختلفة، ينشأ كثير منها من مشاكل الحياة عن ميولنا الخاطئة غير المعتدلة.
إن ما مكن فيه الإنسان لكثير جداً، ولكل إنسان ارضية مساعدة على اتباع عواطفه المعقولة الأصيلة، ولكن لا شيء للإنسان أهم ولا أثقل من تعديل أحاسيسه وعواطفه وغرائزه، ومنها - وعلى الخصوص - غريزة حب الذات والعجب والكبر والغرور.
وعلى هذا فيجب علينا أن نصرف أكثر مساعينا في سبيل تعديل هذه الخصيصة الذاتية، إذ لو اهملناها بلا حد محدود ولا قيد ممدود عجزنا عن اي تقدم في طريق التخلق بالأخلاق الحميدة، وبدون تنظيم للنفس الإنسانية لا يمكننا أن نعيش عيشة راضية مرضية محمودة.