x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

النحو

اقسام الكلام

الكلام وما يتالف منه

الجمل وانواعها

اقسام الفعل وعلاماته

المعرب والمبني

أنواع الإعراب

علامات الاسم

الأسماء الستة

النكرة والمعرفة

الأفعال الخمسة

المثنى

جمع المذكر السالم

جمع المؤنث السالم

العلم

الضمائر

اسم الإشارة

الاسم الموصول

المعرف بـ (ال)

المبتدا والخبر

كان وأخواتها

المشبهات بـ(ليس)

كاد واخواتها (أفعال المقاربة)

إن وأخواتها

لا النافية للجنس

ظن وأخواتها

الافعال الناصبة لثلاثة مفاعيل

الأفعال الناصبة لمفعولين

الفاعل

نائب الفاعل

تعدي الفعل ولزومه

العامل والمعمول واشتغالهما

التنازع والاشتغال

المفعول المطلق

المفعول فيه

المفعول لأجله

المفعول به

المفعول معه

الاستثناء

الحال

التمييز

الحروف وأنواعها

الإضافة

المصدر وانواعه

اسم الفاعل

اسم المفعول

صيغة المبالغة

الصفة المشبهة بالفعل

اسم التفضيل

التعجب

أفعال المدح والذم

النعت (الصفة)

التوكيد

العطف

البدل

النداء

الاستفهام

الاستغاثة

الندبة

الترخيم

الاختصاص

الإغراء والتحذير

أسماء الأفعال وأسماء الأصوات

نون التوكيد

الممنوع من الصرف

الفعل المضارع وأحواله

القسم

أدوات الجزم

العدد

الحكاية

الشرط وجوابه

الصرف

موضوع علم الصرف وميدانه

تعريف علم الصرف

بين الصرف والنحو

فائدة علم الصرف

الميزان الصرفي

الفعل المجرد وأبوابه

الفعل المزيد وأبوابه

أحرف الزيادة ومعانيها (معاني صيغ الزيادة)

اسناد الفعل الى الضمائر

توكيد الفعل

تصريف الاسماء

الفعل المبني للمجهول

المقصور والممدود والمنقوص

جمع التكسير

المصادر وابنيتها

اسم الفاعل

صيغة المبالغة

اسم المفعول

الصفة المشبهة

اسم التفضيل

اسما الزمان والمكان

اسم المرة

اسم الآلة

اسم الهيئة

المصدر الميمي

النسب

التصغير

الابدال

الاعلال

الفعل الصحيح والمعتل

الفعل الجامد والمتصرف

الإمالة

الوقف

الادغام

القلب المكاني

الحذف

المدارس النحوية

النحو ونشأته

دوافع نشأة النحو العربي

اراء حول النحو العربي واصالته

النحو العربي و واضعه

أوائل النحويين

المدرسة البصرية

بيئة البصرة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في البصرة وطابعه

أهم نحاة المدرسة البصرية

جهود علماء المدرسة البصرية

كتاب سيبويه

جهود الخليل بن احمد الفراهيدي

كتاب المقتضب - للمبرد

المدرسة الكوفية

بيئة الكوفة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الكوفة وطابعه

أهم نحاة المدرسة الكوفية

جهود علماء المدرسة الكوفية

جهود الكسائي

الفراء وكتاب (معاني القرآن)

الخلاف بين البصريين والكوفيين

الخلاف اسبابه ونتائجه

الخلاف في المصطلح

الخلاف في المنهج

الخلاف في المسائل النحوية

المدرسة البغدادية

بيئة بغداد ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في بغداد وطابعه

أهم نحاة المدرسة البغدادية

جهود علماء المدرسة البغدادية

المفصل للزمخشري

شرح الرضي على الكافية

جهود الزجاجي

جهود السيرافي

جهود ابن جني

جهود ابو البركات ابن الانباري

المدرسة المصرية

بيئة مصر ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو المصري وطابعه

أهم نحاة المدرسة المصرية

جهود علماء المدرسة المصرية

كتاب شرح الاشموني على الفية ابن مالك

جهود ابن هشام الانصاري

جهود السيوطي

شرح ابن عقيل لالفية ابن مالك

المدرسة الاندلسية

بيئة الاندلس ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الاندلس وطابعه

أهم نحاة المدرسة الاندلسية

جهود علماء المدرسة الاندلسية

كتاب الرد على النحاة

جهود ابن مالك

اللغة العربية

لمحة عامة عن اللغة العربية

العربية الشمالية (العربية البائدة والعربية الباقية)

العربية الجنوبية (العربية اليمنية)

اللغة المشتركة (الفصحى)

فقه اللغة

مصطلح فقه اللغة ومفهومه

اهداف فقه اللغة وموضوعاته

بين فقه اللغة وعلم اللغة

جهود القدامى والمحدثين ومؤلفاتهم في فقه اللغة

جهود القدامى

جهود المحدثين

اللغة ونظريات نشأتها

حول اللغة ونظريات نشأتها

نظرية التوقيف والإلهام

نظرية التواضع والاصطلاح

نظرية التوفيق بين التوقيف والاصطلاح

نظرية محاكات أصوات الطبيعة

نظرية الغريزة والانفعال

نظرية محاكات الاصوات معانيها

نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية

نظريات تقسيم اللغات

تقسيم ماكس مولر

تقسيم شليجل

فصائل اللغات الجزرية (السامية - الحامية)

لمحة تاريخية عن اللغات الجزرية

موطن الساميين الاول

خصائص اللغات الجزرية المشتركة

اوجه الاختلاف في اللغات الجزرية

تقسيم اللغات السامية (المشجر السامي)

اللغات الشرقية

اللغات الغربية

اللهجات العربية

معنى اللهجة

اهمية دراسة اللهجات العربية

أشهر اللهجات العربية وخصائصها

كيف تتكون اللهجات

اللهجات الشاذة والقابها

خصائص اللغة العربية

الترادف

الاشتراك اللفظي

التضاد

الاشتقاق

مقدمة حول الاشتقاق

الاشتقاق الصغير

الاشتقاق الكبير

الاشتقاق الاكبر

اشتقاق الكبار - النحت

التعرب - الدخيل

الإعراب

مناسبة الحروف لمعانيها

صيغ اوزان العربية

الخط العربي

الخط العربي وأصله، اعجامه

الكتابة قبل الاسلام

الكتابة بعد الاسلام

عيوب الخط العربي ومحاولات اصلاحه

أصوات اللغة العربية

الأصوات اللغوية

جهود العرب القدامى في علم الصوت

اعضاء الجهاز النطقي

مخارج الاصوات العربية

صفات الاصوات العربية

المعاجم العربية

علم اللغة

مدخل إلى علم اللغة

ماهية علم اللغة

الجهود اللغوية عند العرب

الجهود اللغوية عند غير العرب

مناهج البحث في اللغة

المنهج الوصفي

المنهج التوليدي

المنهج النحوي

المنهج الصرفي

منهج الدلالة

منهج الدراسات الانسانية

منهج التشكيل الصوتي

علم اللغة والعلوم الأخرى

علم اللغة وعلم النفس

علم اللغة وعلم الاجتماع

علم اللغة والانثروبولوجيا

علم اللغة و الجغرافية

مستويات علم اللغة

المستوى الصوتي

المستوى الصرفي

المستوى الدلالي

المستوى النحوي

وظيفة اللغة

اللغة والكتابة

اللغة والكلام

تكون اللغات الانسانية

اللغة واللغات

اللهجات

اللغات المشتركة

القرابة اللغوية

احتكاك اللغات

قضايا لغوية أخرى

علم الدلالة

ماهية علم الدلالة وتعريفه

نشأة علم الدلالة

مفهوم الدلالة

جهود القدامى في الدراسات الدلالية

جهود الجاحظ

جهود الجرجاني

جهود الآمدي

جهود اخرى

جهود ابن جني

مقدمة حول جهود العرب

التطور الدلالي

ماهية التطور الدلالي

اسباب التطور الدلالي

تخصيص الدلالة

تعميم الدلالة

انتقال الدلالة

رقي الدلالة

انحطاط الدلالة

اسباب التغير الدلالي

التحول نحو المعاني المتضادة

الدال و المدلول

الدلالة والمجاز

تحليل المعنى

المشكلات الدلالية

ماهية المشكلات الدلالية

التضاد

المشترك اللفظي

غموض المعنى

تغير المعنى

قضايا دلالية اخرى

نظريات علم الدلالة الحديثة

نظرية السياق

نظرية الحقول الدلالية

النظرية التصورية

النظرية التحليلية

نظريات اخرى

النظرية الاشارية

مقدمة حول النظريات الدلالية

كتاب مغني اللبيب عن كتب الاعاريب

المؤلف:  سعيد الافغاني

المصدر:  من تاريخ النحو العربي

الجزء والصفحة:  ص192- 203

12-08-2015

6413

الكتاب القيم المشهور، الحافل بالمسائل والشواهد والمناقشات وحكايات الخلاف بين المذاهب النحوية وبين النحاة أنفسهم، رزق الشهرة في حياة المصنف, فكثر الإقبال عليه وحظي بخدمة بعد وفاته فكثرت عليه الشروح والحواشي، وكرم حياله الزمان فلم يأت على نسخه، وبقي محفوظا في دور الكتب في كل البلدان.
وانفرد في تأليفه بنسق استطاع أن يضم أشتاتا كثيرة في نظام، وأن يجمع قواعد كلية تنطبق على ما لا يحصى من أجزاء وأنواع، وحشد له من الشواهد العظام كثرة قل أن تجتمع في كتاب. وكانت له على كتب النحويين المشهورة ملاحظ ومآخذ نعاها عليهم واجتهد في اجتنابها في كتابه هذا، ولا بأس في التعجيل بواحدة منها لتضمنها هدفه المزدوج من تأليفه، قال:
"
الحذف الذي يلزم النحوي النظر فيه هو ما اقتضته الصناعة، وذلك بأن يجد خبرا بدون مبتدأ، أو بالعكس، أو شرطا بدون جزاء أو بالعكس, أو معطوفا بدون معطوف عليه، أو معمولا بدون عامل نحو ... وأما قولهم في نحو ﴿سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ﴾
(1) : إن التقدير: " ... والبرد"، ونحو

ص192

{وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} (2): إن التقدير: "ولم تعبدني" ففضول في فن النحو، وإنما ذلك للمفسر. وكذا قولهم: "يحذف الفاعل لعظمته وحقارة المفعول أو بالعكس, أو للجهل به, أو للخوف عليه أو منه" ونحو ذلك، فإنه تطفل منهم على صناعة البيان؛ ولم أذكر بعض ذلك في كتابي جريا على عادتهم, وأنشد متمثلا:

وما أنا إلا من غزية إن غوت ... غويت وإن ترشد غزية أرشد

بل لأني وضعت الكتاب لمتعاطي التفسير والعربية جميعا"(3). وقد كان المؤلف قيل له: "هلا فسرت القرآن أو أعربته؟ " فقال: "أغناني المغني".
وكما تفرد الزمخشري بنهج خاص في تفسيره "الكشاف" ومعجمه "أساس البلاغة" سلك ابن هشام في "مغني اللبيب" طريقا فريدا امتاز به بين النحاة, بل أربى -في تفرده- على تفرد الزمخشري بالكثير الطيب.
أما خطة التأليف, فقد جعل كتابه قسمين: القسم الأول أداره على "الأدوات في اللغة العربية"، فبعد أن أحصاها وحصرها عاملة وغير عاملة، جعل يجمع كل ما استطاع من شواهدها أداة أداة؛ حتى إذا تم له جمع الشواهد على أداة ما، أمعن فيها وفي شواهدها ثم نسق معانيها المختلفة وأحكامها تبعا لهذه المعاني، وبذلك يخرج الدارس بفائدتين عظيمتين:

ص193

أما الأولى فمادة قيمة غزيرة في النحو الحي المؤسس على الشواهد الصحيحة، وأما الثانية فوقوفه على المعاني المختلفة والاستعمالات الصحيحة للأدوات في اللغة العربية.
ومعظم اعتماده في استنباط معاني الحروف وأحكامها على القرآن الكريم، إذ كان المصدر الوحيد الصافي المجمع على الوثوق بصحته وسلامة أدائه وتنزهه عن التحريف, ويعتمد بعده على الشواهد من الأحاديث الشريفة والأمثال والأشعار كغيره من النحاة. ونستطيع إجمال قيمة الكتاب بقولنا: هو ثقافة شواهد ومعانٍ كما هو ثقافة قواعد وأحوال.
والقسم الثاني يظهر لك من نظرة تبويب الكتاب، وإليك مضمون أبوابه الثمانية:
الباب الأول: في تفسير المفردات "حروفا وأفعالا وأسماء" وذكر أحكامها.
وقد استغرق جميع الجزء الأول في طبعتنا المشار إليها آنفا، وهو معظم الكتاب.
الباب الثاني: في الجملة وأقسامها وأحكامها.
البالب الثالث: في شبه الجملة وأحكامها.
الباب الرابع: في ذكر أحكام يكثر دورها.

ص194

الباب الخامس: في ذكر الجهات التي يدخل الاعتراض على المعرب من جهتها.
الباب السادس: في التحذير من أمور اشتهرت بين المعربين, والصواب خلافها.
الباب السابع: في كيفية الإعراب.
الباب الثامن: في ذكر أمور كلية يتخرج عليها ما لا ينحصر من الصور الجزئية
(4).
ألف الكتاب لطبقة حظيت من العلم بقسط وافر، في ثقافتها العامة من علوم شريعة وتاريخ وفلسفة ومن علوم اللغة العربية وآدابها على المستوى المألوف في عصر المؤلف، وهو مستوى يعلو كثيرا على المستوى الميسر لطبقة المثقفين اليوم ثقافة رسمية "بدرجة الدكتوراه مثلا"، وهذا يكلف دارس الكتاب جهدا لتدارك بعض ما ينقصه، كما عليه أن يلقي باله إلى مآخذ

ص195

ومزايا فيه؛ ليستطيع أن يحظى منه بفائدة واسعة؛ فمما ينبغى أن يتنبه إليه:
1- أن عبارته تحتاج إلى تدقيق نظر، فلا يسرعن في القراءة، بل ليتروَّ ويمعن ولا يجاوز جملة إلى غيرها حتى يستوعب المقصود منها.
2- وأنه كثير الاستطراد على غير ما نألف في تآليفنا الحديثة، فبينما هو -مثلا- يبين الفرق بين الجملة والكلام(5), إذ ينقل عن الزمخشري تجويزه الاعتراض بين المتعاطفين بسبع جمل، فيورد الشاهد ويورد وجهة النظر الثانية على الشاهد نفسه، ثم يعترض على كل من الفريقين في صميم مذهبه بنظرات فرعية. وكثيرا ما يجره الشاهد إلى تعليق، فعرض خلاف في التعليق، فمناقشة وجهات النظر بما يبعد بالذهن عن أصل الحكم الذي بدأ به، ولا بد أن نتحلى بشيء من الصبر وحسن الصحبة لتتم لنا الفائدة، إذ لا شك أن في استطراداته وشواهده وتمريناته وتدريباته وتوهيماته وترجيحاته رياضة ذهنية ممتعة في كثير من الأحيان، وإن ذلك لأعود على نشأة الملكة وتقويتها من حفظ القواعد بلا نقاش, ولا محاسبة.
3- يزخر هذا الكتاب بشواهد من القرآن الكريم، إلا أنه كثيرا ما يقتصر من الآية على موضع الشاهد ويكون أحيانا كلمتين أو جملة مبتورة منه لا نجد صلة لها بما قبلها وما بعدها

ص196

في الكتاب, فعلى الدارس أن يتمم في صفحة على حدة شواهد(6) كل بحث قبل قراءته ليكون من المعنى العام للشاهد معين له على فهم القاعدة وموضع الاستشهاد, فتتسنى له مشاركة قيمة.
وإنما كان يفعل ذلك ابن هشام وغيره من القدامى لسبب يرجع إلى تاريخ التعليم، فنحن نعلم أن أول ما كان يبدأ به طالب العلم قديما حفظ القرآن الكريم، فإذا أتم ذلك حفظ طرفا من الأحاديث، ثم أخذوه بتعلم النحو والصرف والبلاغة والتفسير وفن الحديث وبقية العلوم. فدارس المغني قديما مفروض فيه استظهار القرآن، فإذا مر ببعض آية كان أسرع إلى إكمالها من حفظه، وليس الأمر كذلك اليوم، وإنما يتم الدارس الباحث نقصه بتحضير الشواهد قبل تمثل البحث، وإذًا سيكون نفعه من هذه الشواهد الكاملة عظيما.
4- يحسن ألا يقتصر الدارس على موضع الشاهد الذي أتي به من أجله، بل عليه أن يقف منه في مواضع قد تتعدد؛ ليقوي مرانته النحوية واللغوية والبيانية.
5- المصنف قوي الشعور بقيمة كتابه وبالمكانة العظمى التي له بين كتب العربية, وعلينا أن نتحرى المزايا التي تحدث عنها بصدق في مقدمته. وقد كان ضاع تأليفه الأول مع بقيه كتبه ثم استأنف العمل، يقول: "ثم شمرت عن ساعد الاجتهاد ثانيا، واستأنفت العمل لا كسلا ولا متوانيا، ووضعت هذا التصنيف

ص197

على أحسن إحكام وترصيف، وتتبعت فيه مقفلات مسائل الإعراب فافتتحتها، ومعضلات يستشكلها الطلاب فأوضحتها ونقحتها، وأغلاطا وقعت لجماعة من المعربين وغيرهم, فنبهت عليها وأصلحتها.
فدونك كتابا تشد الرحال فيما دونه، وتقف عنده فحول الرجال ولا يعدونه، إذ كان الوضع في هذا الغرض لم تسمح قريحة بمثاله، ولم ينسج ناسج على منواله.
واعلم أني تأملت كتب الإعراب, فإذا السبب الذي اقتضى طولها ثلاثة أمور:
أحدها: كثرة التكرار، فإنها لم توضع لإفادة القوانين الكلية بل للكلام على الصور الجزئية.
والأمر الثاني: إيراد ما لا يتعلق بالإعراب، كالكلام في اشتقاق "اسم" أهو من السمة كما يقول الكوفيون، أم من "السمو" كما يقول البصريون؟
والثالث: إعراب الواضحات.
وقد تجنبت هذين الأمرين
(7) وأتيت مكانهما بما يتبصر به الناظر، ويتمرن به الخاطر من إيراد النظائر القرآنية، والشواهد الشعرية، وبعض ما اتفق في المجالس النحوية(8).

ص198

الكتاب متداول بكثرة في البيئات التعليمية بحيث كان من الممكن الاستغناء عن إيراد نص منه نموذجا، لكني رأيت الاكتفاء بنص صغير عن حرفي "السين وسوف" لتظهر لك النواحي التي يعنى المصنف بها من الأداة وأسلوبه في بحثها، وتقابل ذلك بما مر معك عن الأداة نفسها من كتاب "الإنصاف لابن الأنباري" وبهذا النص الآتي نستتم الكلام على الكتاب.

ص199

حرف السين المهملة (9):
السين المفردة: حرف يختص بالمضارع، ويخلصه للاستقبال وينزل منه منزلة الجزء؛ ولهذا لم يعمل فيه مع اختصاصه به.
وليس مقتطعا من "سوف" خلافا للكوفيين، ولا مدة الاستقبال معه أضيق منها مع "سوف" خلافا للبصريين، ومعنى قول المعربين فيها "حرف تنفيس": حرف توسيع، وذلك أنها نقلت المضارع من الزمن الضيق -وهو الحال- إلى الزمن الواسع وهو الاستقبال، وأوضح من عبارتهم قول الزمخشري وغيره: "حرف استقبال". وزعم بعضهم أنها تأتي للاستمرار لا للاستقبال، ذكر ذلك في قوله تعالى: {سَتَجِدُونَ آخَرِينَ}
(10) الآية، واستدل عليه بقوله تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ} (11) مدعيا أن ذلك إنما نزل بعد قولهم: {مَا وَلَّاهُمْ} قال: "فجاءت السين إعلاما بالاستمرار لا بالاستقبال" انتهى.
وهذا الذي قاله لا يعرفه النحويون، وما استند إليه من

ص200

أنها نزلت بعد قولهم: ﴿مَا وَلَّاهُمْ﴾ غير موافق عليه. قال الزمخشري: "فإن قلت: أي فائدة في الإخبار بقولهم قبل وقوعه؟ قلت: فائدته أن المفاجأة للمكروه أشد، والعلم به قبل وقوعه أبعد عن الاضطراب إذا وقع" انتهى.
ثم لو سلم، فالاستمرار إنما استفيد من المضارع كما تقول: "فلان يقري الضيف ويصنع الجميل" تريد أن ذلك دأبه. والسين مفيدة للاستقبال, إذ الاستمرار إنما يكون في المستقبل.
وزعم الزمخشري أنها إذا دخلت على فعل محبوب أو مكروه أنه واقع لا محالة، ولم أر من فهم وجه ذلك، ووجهه أنها تفيد الوعد بحصول الفعل، فدخولها على ما يفيد الوعد أو الوعيد مقتضٍ لتوكيده وتثبيت معناه، وقد أومأ إلى ذلك في سورة البقرة فقال في {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ}
(12) : "ومعنى السين أن ذلك كائن لا محالة, وإن تأخر إلى حين". وصرح به في سورة براءة فقال في {أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ}(13): السين مفيدة وجود الرحمة لا محالة؛ فهي تؤكد الوعد كما تؤكد الوعيد إذا قلت: سأنتقم منك.

ص201

سوف (14):
مرادفة للسين، أو أوسع منها، على الخلاف
(15). وكأن القائل بذلك نظر إلى أن كثرة الحروف تدل على كثرة المعنى وليس بمطرد.
ويقال فيها "سف" بحذف الوسط، و"سو" بحذف الأخير، و"سي" بحذفه وقلب الوسط ياء مبالغة في التخفيف, حكاها صاحب المحكم.
وتنفرد عن السين بدخول اللام عليها نحو: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}
(16) وبأنها قد نفصل بالفعل الملغى كقوله:

وما أدري وسوف -إخال- أدري ... أقوم آل حصن أم نساء(17)

ملاحظة: الذين خدموا كتاب المغني شرحا واختصارا وتعليقا وعناية بالشواهد كثيرون, وأكثر كتبهم مخطوطة محفوظة في دور الكتب، والذي طبع منها حتى الآن فيما علمنا:
1- حاشية الشيخ محمد الأمير على مغني اللبيب، طبعت في جزأين سنة 1372هـ بمطبعة حجازي

ص202

في القاهرة، والمؤلف شديد العناية بالناحية الأدبية فهو يكمل أبيات الشواهد, ساردا ما قبلها وما بعدها مع بعض الشرح، وهذه مزية حاشيته على غيرها.
2- تحفة الغريب بشرح مغني اللبيب للدماميني وصل فيه إلى حرف الفاء، وقد طبع على متن مغني اللبيب، وعليه حاشية الشمني "لا تاريخ" طبع في المطبعة البهية بالقاهرة.
3- المنصف من الكلام على ابن هشام، وهو حاشية للشمني طبعت بهامش الكتاب السابق, مطول جدا.
4- حاشية الدسوقي على مغني اللبيب لابن عرفة الدسوقي، طبعت على هامش المغني في جزأين سنة 1301هـ بدار الطباعة الأميرية بالقاهرة, وهي تعنى كثيرا بتوضيح عبارة المؤلف.
5- القصر المبني على حواشي المغني للشيخ الأبياري, وهو تقرير على حاشية الأمير المتقدمة, مطولة كثيرة الفوائد.

ص203

_________________

(1) سورة النحل 16/ 81.

(2) سورة الشعراء: 26/ 22.
(3) مغني اللبيب ص724, مطبعة دار الفكر بدمشق سنة 1384هـ-1964م.

(4) وصف ابن خلدون كتاب المغني في مقدمته فقال: "وصل إلينا بالمغرب لهذه العصور ديوان من مصر منسوب إلى جمال الدين بن هشام من علمائها، استوفى فيه أحكام الإعراب مجملة ومفصلة، وتكلم على الحروف والمفردات والجمل، وحذف ما في الصناعة من المتكرر في أكثر أبوابها، وسماه بالمغني في الإعراب، وأشار إلى نكت إعراب القرآن كلها، وضبطها بأبواب وفصول وقواعد انتظم سائرها، فوقفنا منه على علم جم يشهد بعلو قدره في هذه الصناعة ووفور بضاعته منها، ينحو في طريقته منحاة أهل الموصل الذين اقتفوا أثر ابن جني واتبعوا مصطلح تعليمه، فأتى من ذلك بشيء عجيب دال على قوة ملكته, واطلاعه".

(5) ص419.

(6) تداركنا ذلك في طبعتنا بإتمام الشواهد في الحواشي على قدر الحاجة التي قدرناها.

(7) كذا، والذي عده أمور ثلاثة لا اثنان.
(8) ص2-4.

(9) ص1/ 147.
(10) سورة النساء 4/ 91: {سَتَجِدُونَ آَخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا ... { 
(11) سورة البقرة 2/ 142: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} .

(12) سورة البقرة: 2/ 137.
(13) سورة التوبة: 9/ 71.

(14) ص1/ 148.
(15) يعني الخلاف على مدة الاستقبال في السين وسوف، وقد أشار إليه في أول حديثه عن السين.
(16) سورة الضحى 5 /93.
(16) لزهير بن أبي سلمى.