x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

القانون العام

القانون الدستوري و النظم السياسية

القانون الاداري و القضاء الاداري

القانون الاداري

القضاء الاداري

القانون المالي

المجموعة الجنائية

قانون العقوبات

قانون العقوبات العام

قانون العقوبات الخاص

قانون اصول المحاكمات الجزائية

الطب العدلي

التحقيق الجنائي

القانون الدولي العام و المنظمات الدولية

القانون الدولي العام

المنظمات الدولية

القانون الخاص

قانون التنفيذ

القانون المدني

قانون المرافعات و الاثبات

قانون المرافعات

قانون الاثبات

قانون العمل

القانون الدولي الخاص

قانون الاحوال الشخصية

المجموعة التجارية

القانون التجاري

الاوراق التجارية

قانون الشركات

علوم قانونية أخرى

علم الاجرام و العقاب

تاريخ القانون

المتون القانونية

دساتير الدول

بطلان بنود الإعفاء من المسؤولية العقدية

المؤلف:  قصي جعفر موسى سلمان

المصدر:  احكام الاعفاء من المسؤولية المدنية

الجزء والصفحة:  ص23-33

14-10-2021

3167

أن التشريعات المقارنة أجمعت على مبدأ صحة البند النافي للمسؤولية العقدية عن الخطأ اليسير"، مع بعض الخروقات التي أدت إلى عدم إعماله بالرغم من كون الخطأ يسيرة.

وإذا كان المدين يستطيع إبراء نفسه عن خطئه اليسير، فبالمقابل لا يستطيع ذلك في حال ارتكب خطأ فادحا أو غشا.  

وبما إن العقد شريعة المتعاقدين، ولذلك، فإنه للأطراف الحق في تنظيم الموجبات المترتبة عنه، فإراداتهم هي التي تحدد نطاقه ومضمونه وآثاره، وتعد المسؤولية العقدية إحدى آثاره المترتبة عن الإخلال بعدم تنفيذ العقد ما يعطي الحق لهم بتعديل آثاره، شرط عدم مخالفة النظام العام، والآداب العامة، والقواعد القانونية الإلزامية؛ ويمكن تصنيف هذه الاستثناءات إلى ما يلي:

أولا: وقوع البند النافي على موجب أساسي في العقد:  

بصورة عامة، لا يعمل بالبند النافي للمسؤولية إذا كان يعفي المدين من موجبات أساسية في العقد، لأن مثل هذا البند يعطل اقتصاديات العقد، وبذلك يحرر أحد أطرافه من مسؤولية تنفيذ موجبات لولا الالتزام بها لما قام العقد.

فالعقود أنشئت لتنقذ. فقد نصت المادة (195) من قانون الموجبات والعقود اللبناني، على أن سبب الموجب في العقود المتبادلة، هو الموجب المقابل، ونصت المادة (196) منه على أن: "الموجب الذي ليس له سبب، او له سبب غير صحيح او غير مباح يعد كأنه لم يكن ويؤدي إلى اعتبار العقد الذي يعود إليه غير موجود أيضا. وما تفع يمكن استرداده .

وبالتالي، إن إخلال أحد طرفي العقد بموجباته، يؤدي إلى سقوط سبب الموجب المقابل؛ حيث إن سبب الموجب هو من أركان العقد(1)، وأي خلل في أي ركن من هذه الأركان، يؤدي إلى إبطال العقد أو إلى انعدامه.

لذلك، من الطبيعي أنه لا يصح إدراج بند ناف من المسؤولية عن عدم تنفيذ المدين لموجب أساسي في العقد، مثل: الشروط الضمنية المتعلقة بنقل الملكية، وهذه الشروط لا يمكن استبعاد المسؤولية عن الإخلال بها مطلقا (2) .

وهذا ما أكدته المادة (139) من القانون ذاته، والتي سبق ذكرها، فقد أقرت أنه لا يمكن، عملية تصور البند النافي إلا في العقود التي تتضمن عنصر المخاطرة أو المجازفة، بحيث لا تكون إمكانية تنفيذ العقد قابلة للتوقع بصورة جازمة. فإذا تعاقد متعهد بحفر بئر في أرض معاقده، وأدرج في العقد بند ناف للمسؤولية إذا لم يتمكن من الحفر بسبب عدم توفر الآلات في الوقت المحدد في العقد، أو عدم تمكنه من الحصول على الرخصة، يكون البند النافي صحيحة أيضا.

أما في العقود العادية الأخرى، فلا يمكن تصور مثل هذا البلد، لأنه يعطل العقد، فيعتبر بندة تعسفية بل شرطة إرادية محضة، فيكون باطلا أصلا، عملا بالمادة (84) من قانون الموجبات والعقود اللبناني (3) مثال ذلك، أن يحصل عقد بيع، ويدرج فيه بند ناف للمسؤولية إذا لم يسلم البائع البضاعة، أو إذا لم يستلمها الشاري، فيكون تنفيذ العقد قد توقف على إرادة أحد طرفيه.

وكذلك نصت المادة (1131) من القانون المدني الفرنسي على أن "الالتزام الذي لا سبب له، أو له سبب غير صحيح، أو غير مشروع، لا يمكن أن يكون له أي أثر".

وقد يرد أحيانا في العقد بند محدد للمسؤولية بأنها ذات قيمة زهيدة تجاه الموجب الأصلي، فيكون بمثابة براءة ذمة للمدين بهذا الموجب في حال لم ينفذ موجبة. مثال على ذلك ما طرح أمام القضاء الفرنسي، وهو أن متعهدة أودع في شركة لنقل البريد السريع أودع ظرفا تضمن اشتراكه في مناقصة، وقد ورد في عقد النقل السريع أن المسؤولية محددة بأجرة النقل فقط، أي في حال عدم إيصال الرسالة إلى المرسل إليه لا تتحمل الشركة الناقلة سوى الأجرة التي دفعها لها المرسل، وبالفعل لم تصل هذه الرسالة، ففاتت على المتعهد فرصة الاشتراك في المناقصة، فأقام دعوى على شركة النقل السريع التي تذرعت بالبند المحدد للمسؤولية بأجرة النقل، بينما الضرر يفوق بكثير هذه الأجرة.

رفعت القضية أمام القضاء الفرنسي فقررت محكمة التمييز (4) أن مثل هذا البند المحدد يناقض الموجب الأصلي الذي تعهد به الناقل، فيعتبر باطلا (5).

يتضح أن الاجتهاد الفرنسي قد اعتبر في هذا القرار، (قرار   chronopost  ) أن إخلال شركة البريد بموجب إيصال الرسالة المسلمة إليها في وقت معين، يرتب عليها المسؤولية، ولا يمكنها الترع بالبند المحدد للمسؤولية، لأنه ينافي هذا الموجب.

وجاء في هذا القرار أنه " يقتضي اعتبار البند النافي غير مكتوب"، وذلك لتعارضه(6)  مع نص المادة (1131) من القانون المدني الفرنسي، والتي تنص

على أن الالتزام الذي لا سبب له، أو له سبب غير صحيح، أو غير مشروع، لا يمكن أن يكون له أي أثر"  

ثانيا: البند النافي المبني على الغش أو الخطأ الجسيم:

من أهم الاستثناءات أو القيود على مبدأ حرية المتعاقدين في جواز الاتفاق على اشتراط الإعفاء من المسؤولية العقدية، عدم جواز ذلك الاتفاق إذا كان مبنية على غش المدين، أو خطئه الجسيم، وقد أجمعت التشريعات على ذلك.

...أن المشرع العراقي أجاز الاتفاق على الإعفاء من المسؤولية في حالات معينة، وذلك في نص المادة (259) من القانون المدني العراقي (7)، إلا أن هذه المادة أضافت في فقرتها الثانية أنه "وكذلك يجوز الاتفاق على إعفاء المدين من كل مسؤولية تترتب على عدم تنفيذ التزامه التعاقدي إلا التي تنشأ عن غشه أو عن خطأه الجسيم؛ ومع ذلك، يجوز للمدين ان يشترط عدم مسؤوليته من الغش أو الخطأ الجسيم الذي يقع من أشخاص يستخدمهم في تنفيذ التزامه".

وبين هذه المادة عدم جواز البند النافي المبني على الغش أو الخطأ الجسيم، إلا أنه يجوز ذلك إذا وقع هذا الغش أو الخطأ الجسيم من الغير.

بمعنى أن هذا الاستثناء المذكور، ينطبق على الخطأ الشخصي، ولا يطال خطة الغير. إذ إنه يستطيع المدين اشتراط عدم مسؤوليته عن خطأ الغير الجسيم.

ومن تطبيقات هذا الاستثناء أيضا ما جاء في نص المادة (759) من القانون المدني العراقي: "يقع باطلا كل اتفاق يتضمن الإعفاء أو الحد من ضمان التعرض أو العيب، إذا كان المؤجر قد أخفى عن غش سبب هذا الضمان".

فمضمون هذه المادة، يقضي بجواز الاتفاق أو اشتراط المؤجر براعته من التزامه بضمان التعرض أو العيب، إذا لم يكن المؤجر متعمدا في إخفاء ذلك عن غش.

وكذلك عالجت المادة (559) من القانون المدني العراقي موضوع تعمد قيام البائع بإخفاء عيب في المبيع، وتعهده بخلو المبيع من أي عيب؛ حيث نصت على أنه لا يضمن البائع عيبة قديما كان للمشتري يعرفه أو كان يستطيع أن يتبينه لو أنه فحص المبيع بما ينبغي من العناية، إلا إذا أثبت أن البائع قد أكد له خلو المبيع من هذا العيب، أو أخفي العيب غشا منه".

أما المشرع اللبناني، فقد بين ذلك بكل وضوح من خلال المادة (138) من قانون الموجبات والعقود اللبناني؛ حيث نصت على أنه "ما من أحد يستطيع أن يبرئ نفسه إبراء كليا أو جزئية من نتائج احتياله أو خطأه الفادح بوضعه بندة ينفي عنه التبعة، أو يخفف من وطأتها، وكل بند يدرج لهذا الغرض في أي عقد كان، هو باطل أصلا" وكذلك أجاز المشرع المصري البند النافي إلا ما ينشأ عن غش المدين أو خطئه الجسيم(8) . إلا أن الفقرة الثانية من المادة (217) من القانون المدني المصري، أضافت ما يلي "يجوز للمدين أن يشترط عدم مسؤوليته عن الغش أو الخطأ الجسيم الذي يقع من أشخاص يستخدمهم في تنفيذ التزامه".

وبذلك، يكون قد اعترف المشرع المصري كنظيره العراقي بصحة البند النافي عندما ينتج الخطأ الجسيم عن الغير. أما القضاء الفرنسي، فهو لم يميز بين الخطأ الجسيم للمدين أي الخطأ الشخصي الجسيم، وبين الخطأ الجسيم لتابعه. وهذا ما أقره المشرع اللبناني(9).

ونحن نؤيد هذا الاتجاه، عند معاملة البند النافي عن المسؤولية عن فعل الغير، أسوة بالبند النافي عن الخطأ الشخصي، وبالتالي لابد من الاعتراف بفكرة البند النافي عن خطأ الغير اليسير، فلا بد إذن من شمول هذه المعاملة الخطأ الجسيم. وبذلك، وبما أنه لا يجوز الإعفاء من المسؤولية عن الخطأ الشخصي الجسيم (خطأ المدين) فلا يجوز بالتالي إعفاؤه عن خطأ الغير الجسيم.  

فالمدين، حسب رأينا، في جميع الأحوال يجب أن يسأل عن خطأ الغير، سواء أكان يسيرة أم جسيمة فهو من يستخدمهم، وهم يعملون تحت إدارته وسيطرته، وكما لا يجوز الاتفاق على الإعفاء من المسؤولية عن الخطأ الشخصي الجسيم كذلك لا يجوز الاتفاق على الإعفاء من المسؤولية عن خطا الغير الجسيم.

ثالثا: بطلان البند النافي الواقع على الأضرار الجسدية:

نصت المادة (139) من قانون الموجبات والعقود اللبناني (10) في المقطع الثاني منها " على أن الإبراء ينحصر في الأضرار المادية لا في الأضرار التي تصيب الأشخاص؛ إذ إن حياة الإنسان وسلامته الشخصية، هما فوق كل الآفاق".

وهذا يعني أن البند النافي يقتصر على الأضرار الواقعة على الأموال .

وبذلك يكون القانون اللبناني، قد كرس في المادتين (138) و (139) مبدأ جواز التنصل من المسؤولية باستثناء الحالات الآتية:

-  وقوع الحادث بسبب غش أو خطأ جسيم. وقد تكلمنا سابقا عن ذلك.

-  وقوع الضرر بالأشخاص في سلامتهم.

وميز "جوسران" بين الأضرار اللاحقة بالأموال، والأضرار اللاحقة بالأشخاص، وخلص إلى القول بجواز الاتفاق على رفع المسؤولية عن الخطأ الطفيف بالنسبة للأضرار التي تصيب الأموال، ويمنع الاتفاق على رفع المسؤولية عن الأضرار اللاحقة بجسم الإنسان، باعتبار أن سلامته تبقى خارج اتفاقات الفردية(11)

رابعا: البند النافي المخالف للنظام العام والقواعد القانونية الإلزامية:

من الاستثناءات على مبدأ حرية التعاقد في الاتفاق على التخفيف أو الحد من المسؤولية العقدية ما يتمثل في عدم جواز مثل هذا الاتفاق، إذا ما كان تطبيقه إخلالا بالنظام العام، فالقوانين التي تعد من النظام العام، تهدف إلى تحقيق غاية معينة، وهي تحقيق المصلحة العامة، بغض النظر عما إذا كانت هذه المصلحة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية، وهذه المصلحة تعلو بطبيعة الحال على مصلحة الأفراد، ومن ثم يتوجب على الأفراد مراعاتها في علاقاتهم العامة والخاصة، بحيث لا يجوز لهم الاتفاق على ما يخالفها، حتى لو كان في ذلك مصلحة شخصية لهم، لأن المصلحة العامة تعلو على المصالح الفردية. وقد أورد المشرع العراقي هذا الاستثناء أو القيد على المبدأ في القانون المدني بنص صريح، أجاز فيه اقتران العقد بشرط يؤكد مقتضاه، ويرتب على إعماله منفعة لأحد العاقدين أو الغير، ولكن بشرط عدم كون هذا الشرط مخالفة للنظام العام، أو الآداب العامة (12).

كما نصت المادة (166) من قانون الموجبات والعقود اللبناني على أن قانون العقود خاضع المبدأ حرية التعاقد،... بشرط أن يراعوا مقتضى النظام العام، والآداب العامة، والأحكام القانونية الإلزامية. .....، أن الالتزام بضمان وضع اليد، هو أن هذا الضمان يتوجب على البائع، ولو لم يشترط ذلك وقت البيع، إذ هو مفترض ضمنا، ولا يستطيع البائع التملص منه بحجة أنه لم يجر اتفاق على ترتب الضمان عليه، إلا أن هذا الضمان ليس مرتبطة بالانتظام العام، ويجوز التنازل عنه، ولكن ما لا يجوز الاتفاق عليه، هو تحرير البائع من ضمان فعله الشخصي إذ؛ هو مسألة مرتبطة بالانتظام العام .

وبالتالي، عندما يفرض المشرع موجبا معينا بنص قانوني إلزامي، لا يجوز الإبراء من المسؤولية الناجمة عن الإخلال به. وذلك لأن حرية الفرقاء في التعاقد تتوقف عند إلزامية النظام العام، والقواعد القانونية الإلزامية، فعلى سبيل المثال: يكون البند النافي من الضمان للمهندس المعماري والمقاول باطلا على ما جاء في المادة (669) موجبات وعقود والتي تنص

على أن: "كل نص يرمي إلى نفي الضمان المنصوص عليه في المواد السابقة أو إلى تخفيفه يكون باطلا". يقابل هذه المادة في القانون المدني المصري، ما جاء في المادة (653) التي نصت على أنه: "لا يجوز للمقاول أو للمهندس المعماري أن يشترط في عقد المقاولة إبراء ذمته من هذا الضمان، لمجرد تسليم رب العمل للبناء".

وهذا ما أكده القانون المدني الفرنسي أيضا. حيث نصت المادة (1792) منه على أن: كل بان المنشأ، مسؤول حكما اتجاه صاحب العمل أو من آل إليه، عن الأضرار، حتى الناتجة عن عيب في الأرض، والتي تهدد صلابة المشروع أو تجعله غير صالح للاستخدام الذي أعد له، عندما تصيبه في أحد عناصره الأساسية أو في أحد تجهيزاته. ولا محل لتلك المسؤولية إذا أثبت الباني أن الأضرار ناتجة عن سبب أجنبي(13).

يتضح لنا من خلال هذه النصوص، أن أي بند يؤدي إلى رفع أو تخفيف مسؤولية البائع، يكون بند باط، فإذا وجد في العقد بند يؤدي إلى رفع أو تخفيف المسؤولية التي تقع على عاتق البائع ذي المهنة، كالتزامه بالتسليم، أو بضمان الاستحقاق، أو بضمان العيب، يعتبر هذا البند باطلا، لتعلقه بالنظام العام الذي يقصد به الحماية للمشتري أو المستهلك.

فإذا هلك المبنى بكامله أو بجزء منه لعيب في البناء، وحتى لعيب في الأرض، كان المهندسون والمقاولون، وغيرهم من الأشخاص المرتبطين بصاحب العمل بعقد مقاولة، مسؤولين لمدة عشر سنوات.

خامسا: حالة بطلان البند النافي للمسؤولية عند اعتباره بندا تعسفيا:  

نصت المادة (26) من قانون حماية المستهلك اللبناني على" تعتبر بنودة تعسفية البنود التي ترمي، أو التي قد تؤدي إلى الإخلال بالتوازن فيما بين حقوق وموجبات المحترف، والمستهلك لغير مصلحة هذا الأخير.

ويقدر الطابع التعسفي للبند بتاريخ التعاقد، وبالرجوع إلى أحكام العقد وملاحقه باستثناء تلك المتعلقة بالثمن.

تعتبر بنودة تعسفية على سبيل المثال لا الحصر أي من البنود التالية:

- البنود النافية لمسؤولية المحترف

 - تنازل المستهلك عن أي من حقوقه المنصوص عليها في القوانين والأنظمة.

- وضع عبء الإثبات على عاتق المستهلك في غير الحالات التي نص عليها القانون.

- منح المحترف بصورة منفردة صلاحية تعديل كل أو بعض أحكام العقد لا سيما تلك المتعلقة بالثمن أو تاريخ أو مكان التسليم.

- منح المحترف حق إنهاء العقد غير المحدد المدة، دون إبلاغ المستهلك عن رغبته بذلك  ضمن مهلة معقولة. إلزام المستهلك في حال عدم إنفاذه أيا من موجباته التعاقدية، بتسديد المحترف تعويضا لا يتناسب مع الأضرار الناتجة عن ذلك . - منح المحترف حق تفسير أحكام العقد. الزام المستهلك بإنفاذ موجباته في حال امتناع  المحترف عن إنفاذ ما تعهد القيام به عدم جواز اللجوء للوساطة، أو التحكيم لحل الخلافات، وفقا لأحكام هذا القانون. أو تحميل المستهلك المصاريف التي قد تترتب على إتباع الإجراءات المذكورة تعتبر البنود التعسفية باطلة بطلانا مطلقا، على أن ينتج أحكام العقد الأخرى كافة مفاعيلها".

وهذه الحالات، محددة في نص المادة (26) على سبيل المثال، وهي تعتبر خطة مرنة كون البنود التعسفية يصعب حصرها بصورة مطلقة على الصعيد العملي، وتعتبر في حال توافر عناصرها باطلة بطلانا مطلقا على أن تنتج أحكام العقد الأخرى كافة مفاعيلها القانونية(14) . ونجد أن قانون حماية المستهلك الفرنسي يهدف الى مكافحة الخلل في التوازن العقدي الناشئ عن البنود الثانوية، ويبدو أن مفهوم سبب الموجب هو المفهوم الذي يكمن وراء هذا التوجه بما أن تطبيق الفقدان الجزئي لسبب الموجب يكون على صعيد البنود التبعية التي تنتقص من إثراء فريق في العقد، وبالتالي، تنتقص من سبب موجبه، يستبعد إذن الخلل في التوازن المباشر الناتج عن عدم المطابقة الاقتصادية للموجبات المتلازمة، لتعارضه مع الفقرة السابعة من نص المادة (ل 1-132) التي نصت على أن تحديد الطابع التعسفي للبند لا يتم بالاستناد إلى موضوع العقد الأساسي أو إلى الثمن(15) ، وبالمعنى ذاته أشارت المادة (26) من قانون الاستهلاك اللبناني أنه يقدر الطابع التعسفي للبند بتاريخ التعاقد، وبالرجوع الى أحكام العقد باستثناء تلك المتعلقة بالثمن، ذلك لأن الخلل الذي يصيب الموجبات الأساسية في العقد ينشأ بشكل مباشر عن تطبيق النصوص المتعلقة بالسبب، وليس عن نظام البنود التعسفية التي تدرج في عقود الاستهلاك أما بخصوص تعريف الشرط التعسفي فنجد أن المشرع العراقي لم يعرف الشرط التعسفي على الرغم من حداثة قانون حماية المستهلك.  

اما المشرع اللبناني فقد عرف البنود التعسفية في الفقرة الأولى من المادة (26) من قانون حماية المستهلك اللبناني بأنها: (البنود التي ترمي أو قد تؤدي إلى الإخلال بالتوازن بين حقوق وموجبات المحترف والمستهلك لغير مصلحة هذ الأخير). أما المشرع الفرنسي فقد عرف الشروط التعسفية وفقا للمادة (ل 1-132) من قانون الاستهلاك الفرنسي بانها: (الشروط التي يكون من شأنها أن تنشئ ضد مصلحة غير المهني أو المستهلك تفاوتا واضحا بين حقوق والتزامات الطرفين) ونلاحظ من خلال هذا التعريف تبني المشرع لمعيار عدم التوازن العقدي بين طرفي عقد الاستهلاك كمعيار محدد للشروط التعسفية. وهذا لا يعني إغفال معيار إساءة استعمال القوة الاقتصادية، أو النفوذ الاقتصادي، وذلك لما بين المعيارين من تلازم (16).

أما المشرع المصري فقد عرف الشرط التعسفي من خلال المادة العاشرة من قانون حماية المستهلك بأنه "...كل شرط يرد في عقد أو وثيقة أو مستند أو غير ذلك، يتعلق بالتعاقد مع مستهلك, إذا كان من شأن هذا الشرط إعفاء مورد سلعة أو مقدم الخدمة من أي من التزاماته الواردة بهذا القانون".

والبند لا يكون تعسفية إلا عندما يسبب وجوده في العقد فقدانا جزئية لسبب الموجب، وذلك عندما يقلل من الإثراء المتلازم الأحد الفرقاء؛ حيث إن هذه البنود التي تهدف إلى إزالة، أو تخفيض الحق بالتعويض لغير المحترف عند تخلف المحترف عن القيام بأحد موجباته تشكل غيابة جزئية للسبب بما أنها تسبب انتقاصا في إثراء المستهلك.

بالنتيجة، إن تطبيق قانون حماية المستهلك، هو قانون خاص يرتبط بصفة الفرقاء (مستهلك ومحترف)، أما مفهوم البنود التعسفية فهو مستقل عن صفة الفرقاء المفروضة طبقا لقانون المستهلك، إذ بمجرد أن يتوفر الخلل المؤثر في التوازن العقدي يكون البند تعسفيا (17). وهنا نستعيد ما ورد في القرار المتعلق بقضية: (CHRONOPOST)؛ حيث يرى المعلق (18) على هذا القرار أنه يتميز بحداثة أساسه القانوني، وبحداثة الجزاء الذي اعتمده، في وقت كان بإمكان المحكمة اعتماد أسس قانونية أخرى (كالخطأ الجسيم والإلغاء لعدم التمييز...) ولكنها فضلت التجديد باعتمادها كأساس قانوني نص المادة (1131) ق. م. ف، التي قلما يستند إليها الاجتهاد الفرنسي لتحديد ما إذا كان البند تعسفيا أم لا.

واللافت أن المحكمة التجارية حددت وجود السبب من خلال مقارنة الموجبات المتبادلة للفرقاء في العقد تباعا، وليس بطريقة شاملة؛ في المقابل، إذا أجرينا تحقيقا توزيعية لوجود السبب، فإن الثمن الزائد المدفوع لا تقابله زيادة متلازمة لتعهد المتخصص في النقل (الذي وصفته المحكمة بموجب النقل المرتكز على الثقة في الشركة والدقة بالمواعيد).

ويلاحظ أن التجديد الثاني، يكمن في الجزاء المستعمل، وهو إعلان البند المحدد للمسؤولية بندة غير مكتوب، وذلك على خلاف الاجتهاد الفرنسي الكلاسيكي الذي يعتبر أن فقدان السبب يترتب عليه بطلان العقد بكامله. فالقرار فضل اعتماد جزاء البطلان الجزئي للبند وحده بحجة أن بطلان العقد يؤدي الى الاضرار بالضحية.

إن الجزاء الذي اعتمده القضاء، أخذ به المشرع الفرنسي في نظام البنود التعسفية، ولكن الحل استند الى نص المادة (ل 1-132) من قانون حماية المستهلك، ما يترتب عليه نتيجة أساسية، وهي أن لا يقتصر تطبيق هذا الجزاء - أي جزاء اعتبار البند غير مكتوب - على عقود الاستهلاك وحدها، إنما بالعكس توسيعه ليشمل البنود كافة، مهما كان موضوعها، متى أبرمت بين المتعاقدين، ومست بموجب أساسي في العقد (19)، فيظهر السبب كأداة لإزالة البنود التعسفية في العقود المبرمة كافة بين الفرقاء، ما يستتبع نتيجة مفادها أن العقود المبرمة بين مهنيين، لا تستبعد؛ بل تقع تحت نطاق الحماية.

ويبدو بالنتيجة أن القرار قد فتح المجال لمكافحة البنود التعسفية استنادا إلى نصوص القانون المدني العام، في الحالات التي لا يمكن تطبيق نصوص القانون الخاص فيها.

وهذا التحليل المعتمد من الاجتهاد الفرنسي الذي يعتبر السبب كأداة مراقبة وجزاء للبنود التعسفية في العقود، يرتكز على فكرة أنه في العقود المتبادلة، كل بند أو أداء يقتضي أن يكون له بشكل خاص ومستقل سبب في موجب مقابل خاص به (20).

وتجدر الإشارة إلى أن بنود الإعفاء من المسؤولية مشروعة عندما تكون بين محترفين (21). لأنهما يعتبران متساويين اقتصاديا. ولا أثر في ذلك على مسألة التوازن الاقتصادي.

____________

1- المادة (177) من قانون الموجبات والعقود اللبناني.

2- وليد خالد عطية، علي حسين منهل، تفسير شروط الإعفاء من المسؤولية العقدية، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الأولى، بيروت، 2016، ص: 31.

3- مصطفى العوجي، القانون المدني  الجزء الثاني المسؤولية المدنية، منشورات الحلبي الحقوقية الطبعة الثالثة 2007 ، ص : 95.

4- Cass.com 220ct. 1996 notej. PacalChazal-JCP 1996.D. 1152 (Arret chronopost)

وورد نص قرار 1996/10/22 على الشكل التالي:

" ... alors que spécialiste du transport rapide garantissant la fiabilité et la célérité de

son service. la société chronopost s'était engagée à livrer les plis de la société Banchereau dans un délai determiné. et quis en raison du manquement à cette obligation essentielle. la clause limitative de responsabilité du contrat qui contredit la portée de l'engagement pris, devrait être réputée non écrite".

إن شركة (chronopost) المتخصصة في النقل السريع، والمشهورة بسمعتها الجيدة، تعهدت بتسليم رسائل في مدة محددة، وأنه بسبب تخلفها عن تنفيذ موجبها الأساسي بالتسليم، فإن البند الذي يحد من مسؤوليتها في العقد ، والذي يتعارض مع تعهدها بالتسليم، يقتضي أن يعتبر بندا غير مكتوب".

5-وقد تأييد هذا القرار بقرارات لاحقة، أهمها: القرار الصادر عن محكمة التمييز التجارية الفرنسية

Cass.com, 13 juin 2006, n:05-12619. Arret Chronopost 6".            

وقد جاء في هذا القرار ما يلي:

"c'est à nouveau le problème de la faute lourde qui se pose. il y a retard dans l'acheminement du plicontenantunes ou mission à un appel d'offres, retard qui a s'apprécie Elle soumissionnaire. l'expéditeur- de l'élimination entrainé uniquement par rapport à la gravité du comportement et non de la difficulté objective d'accomplir la mission. Sinon on confound faute ordinaire et faute lourde (enadmettant la faute lourde dès lorsque la mission qui ne posait pas de difficulté n'a pas été accomplice). La force majeure peut aussi être soulevée'. V.JCPG 2006, ll, 10123.

6- ريما فرج مكي، تصحيح العقد، دراسة مقارنة، المؤسسة الحديثة للكتاب، لبنان، الطبعة الأولى، 2011، ص: 333 .

7- تقابلها المادة (139) من قانون الموجبات والعقود والتي تنص على أن البنود النافية للتبعة، وبنود المجازفة، تكون صالحة معمولا بها على قدر إيرائها لذمة واضع البند من نتائج عمله أو خطأه غير المقصود، ولكن هذا الإبراء ينحصر في الأضرار المادية لا في الأضرار التي تصيب الأشخاص؛ إذ إن حياة الإنسان وسلامته الشخصية هما فوق كل اتفاق".

8- المادة (217)، مذكورة سابقا .

9- سعدي البر زنجي، شروط الإعفاء من المسؤولية العقدية في القانونين الفرنسي والعراقي، مطبعة جامعة صلاح الدين، أربيل، الطبعة الأولى، 2003، ص 157.  

10- تقابلها المادة (1150) مدني فرنسي، والتي تنص على ما يلي :Article 1150 C.civ

"Le débiteur n'est tenu que des dommages et intérêts qui ont été prévu sous qu'on a puprévoir lors du contrat. Lorsque ce n'est point par son dol que l'obligation n'est point execute".

" لا يلزم المدين إلا بالعطل والضرر الميين في العقد، أو الذي كان يمكن ترقيه لدي إبرام العقد، عندما لا يكون عدم التنفيذ قد حصل بسبب تدليسه".

11-  خليل جريج، النظرية العامة للموجبات، الجزء الرابع، الطبعة الرابعة، 2004، صادر ، ص 44.

12- فرهاد حاتم حسبن، عوارض المسؤولية المدنية، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الأولى، 2014، ص: 348.

13- المادة (1792) من القانون المدني الفرنسي غلت سنة (1978)، وجاء في النص القديم لهذه المادة ما يلي:

"si l'edifice perit en tout ou en partie par le vice de la construction, même par le vice du sol, les architects, entrepreneurs et autres personnes liées au maître de l'ouvrage par un contrat de louage d'ouvrage en sont responsables pendant dix ans".

14-علي جعفر، المبادئ الأساسية في قانون العقوبات الاقتصادي وحماية المستهلك، مجد للنشر، الطبعة الأولى 2009، ص:96

15- ريما فرج مكي، تصحيح العقد، مرجع سابق، ص :330

16- مصطفى أحمد أبو عمرو، موجز أحكام قانون حماية المستهلك، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الأولى، بيروت، 2011، ص170

17- ريما فرج مكي، تصحيح العقد، مرجع سابق، ص: 331.

18- المرجع نفسه، ص: 333.

19- L'article R. 132-1 du code de la consummation prévoit la nullité de toute clause visant à limiter ou exclure le droit à réparation du consommateur.

20- ريما فرج مكي، تصحيح العقد, مرجع سابق, ص 335.

21- Cass. Com.23 novembre 1999 (JCP 2000.11. 10236. note Chazal): "Est licité une clause d'irresponsabilité dès lorsqu'elle figure sur toutes les factures du débiteur et que le contrat l'incluant unit deux professionnels".

 

 شعار المرجع الالكتروني للمعلوماتية




البريد الألكتروني :
info@almerja.com
الدعم الفني :
9647733339172+