النحو
اقسام الكلام
الكلام وما يتالف منه
الجمل وانواعها
اقسام الفعل وعلاماته
المعرب والمبني
أنواع الإعراب
علامات الاسم
الأسماء الستة
النكرة والمعرفة
الأفعال الخمسة
المثنى
جمع المذكر السالم
جمع المؤنث السالم
العلم
الضمائر
اسم الإشارة
الاسم الموصول
المعرف بـ (ال)
المبتدا والخبر
كان وأخواتها
المشبهات بـ(ليس)
كاد واخواتها (أفعال المقاربة)
إن وأخواتها
لا النافية للجنس
ظن وأخواتها
الافعال الناصبة لثلاثة مفاعيل
الأفعال الناصبة لمفعولين
الفاعل
نائب الفاعل
تعدي الفعل ولزومه
العامل والمعمول واشتغالهما
التنازع والاشتغال
المفعول المطلق
المفعول فيه
المفعول لأجله
المفعول به
المفعول معه
الاستثناء
الحال
التمييز
الحروف وأنواعها
الإضافة
المصدر وانواعه
اسم الفاعل
اسم المفعول
صيغة المبالغة
الصفة المشبهة بالفعل
اسم التفضيل
التعجب
أفعال المدح والذم
النعت (الصفة)
التوكيد
العطف
البدل
النداء
الاستفهام
الاستغاثة
الندبة
الترخيم
الاختصاص
الإغراء والتحذير
أسماء الأفعال وأسماء الأصوات
نون التوكيد
الممنوع من الصرف
الفعل المضارع وأحواله
القسم
أدوات الجزم
العدد
الحكاية
الشرط وجوابه
الصرف
موضوع علم الصرف وميدانه
تعريف علم الصرف
بين الصرف والنحو
فائدة علم الصرف
الميزان الصرفي
الفعل المجرد وأبوابه
الفعل المزيد وأبوابه
أحرف الزيادة ومعانيها (معاني صيغ الزيادة)
اسناد الفعل الى الضمائر
توكيد الفعل
تصريف الاسماء
الفعل المبني للمجهول
المقصور والممدود والمنقوص
جمع التكسير
المصادر وابنيتها
اسم الفاعل
صيغة المبالغة
اسم المفعول
الصفة المشبهة
اسم التفضيل
اسما الزمان والمكان
اسم المرة
اسم الآلة
اسم الهيئة
المصدر الميمي
النسب
التصغير
الابدال
الاعلال
الفعل الصحيح والمعتل
الفعل الجامد والمتصرف
الإمالة
الوقف
الادغام
القلب المكاني
الحذف
المدارس النحوية
النحو ونشأته
دوافع نشأة النحو العربي
اراء حول النحو العربي واصالته
النحو العربي و واضعه
أوائل النحويين
المدرسة البصرية
بيئة البصرة ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في البصرة وطابعه
أهم نحاة المدرسة البصرية
جهود علماء المدرسة البصرية
كتاب سيبويه
جهود الخليل بن احمد الفراهيدي
كتاب المقتضب - للمبرد
المدرسة الكوفية
بيئة الكوفة ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في الكوفة وطابعه
أهم نحاة المدرسة الكوفية
جهود علماء المدرسة الكوفية
جهود الكسائي
الفراء وكتاب (معاني القرآن)
الخلاف بين البصريين والكوفيين
الخلاف اسبابه ونتائجه
الخلاف في المصطلح
الخلاف في المنهج
الخلاف في المسائل النحوية
المدرسة البغدادية
بيئة بغداد ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في بغداد وطابعه
أهم نحاة المدرسة البغدادية
جهود علماء المدرسة البغدادية
المفصل للزمخشري
شرح الرضي على الكافية
جهود الزجاجي
جهود السيرافي
جهود ابن جني
جهود ابو البركات ابن الانباري
المدرسة المصرية
بيئة مصر ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو المصري وطابعه
أهم نحاة المدرسة المصرية
جهود علماء المدرسة المصرية
كتاب شرح الاشموني على الفية ابن مالك
جهود ابن هشام الانصاري
جهود السيوطي
شرح ابن عقيل لالفية ابن مالك
المدرسة الاندلسية
بيئة الاندلس ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في الاندلس وطابعه
أهم نحاة المدرسة الاندلسية
جهود علماء المدرسة الاندلسية
كتاب الرد على النحاة
جهود ابن مالك
اللغة العربية
لمحة عامة عن اللغة العربية
العربية الشمالية (العربية البائدة والعربية الباقية)
العربية الجنوبية (العربية اليمنية)
اللغة المشتركة (الفصحى)
فقه اللغة
مصطلح فقه اللغة ومفهومه
اهداف فقه اللغة وموضوعاته
بين فقه اللغة وعلم اللغة
جهود القدامى والمحدثين ومؤلفاتهم في فقه اللغة
جهود القدامى
جهود المحدثين
اللغة ونظريات نشأتها
حول اللغة ونظريات نشأتها
نظرية التوقيف والإلهام
نظرية التواضع والاصطلاح
نظرية التوفيق بين التوقيف والاصطلاح
نظرية محاكات أصوات الطبيعة
نظرية الغريزة والانفعال
نظرية محاكات الاصوات معانيها
نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية
نظريات تقسيم اللغات
تقسيم ماكس مولر
تقسيم شليجل
فصائل اللغات الجزرية (السامية - الحامية)
لمحة تاريخية عن اللغات الجزرية
موطن الساميين الاول
خصائص اللغات الجزرية المشتركة
اوجه الاختلاف في اللغات الجزرية
تقسيم اللغات السامية (المشجر السامي)
اللغات الشرقية
اللغات الغربية
اللهجات العربية
معنى اللهجة
اهمية دراسة اللهجات العربية
أشهر اللهجات العربية وخصائصها
كيف تتكون اللهجات
اللهجات الشاذة والقابها
خصائص اللغة العربية
الترادف
الاشتراك اللفظي
التضاد
الاشتقاق
مقدمة حول الاشتقاق
الاشتقاق الصغير
الاشتقاق الكبير
الاشتقاق الاكبر
اشتقاق الكبار - النحت
التعرب - الدخيل
الإعراب
مناسبة الحروف لمعانيها
صيغ اوزان العربية
الخط العربي
الخط العربي وأصله، اعجامه
الكتابة قبل الاسلام
الكتابة بعد الاسلام
عيوب الخط العربي ومحاولات اصلاحه
أصوات اللغة العربية
الأصوات اللغوية
جهود العرب القدامى في علم الصوت
اعضاء الجهاز النطقي
مخارج الاصوات العربية
صفات الاصوات العربية
المعاجم العربية
علم اللغة
مدخل إلى علم اللغة
ماهية علم اللغة
الجهود اللغوية عند العرب
الجهود اللغوية عند غير العرب
مناهج البحث في اللغة
المنهج الوصفي
المنهج التوليدي
المنهج النحوي
المنهج الصرفي
منهج الدلالة
منهج الدراسات الانسانية
منهج التشكيل الصوتي
علم اللغة والعلوم الأخرى
علم اللغة وعلم النفس
علم اللغة وعلم الاجتماع
علم اللغة والانثروبولوجيا
علم اللغة و الجغرافية
مستويات علم اللغة
المستوى الصوتي
المستوى الصرفي
المستوى الدلالي
المستوى النحوي
وظيفة اللغة
اللغة والكتابة
اللغة والكلام
تكون اللغات الانسانية
اللغة واللغات
اللهجات
اللغات المشتركة
القرابة اللغوية
احتكاك اللغات
قضايا لغوية أخرى
علم الدلالة
ماهية علم الدلالة وتعريفه
نشأة علم الدلالة
مفهوم الدلالة
جهود القدامى في الدراسات الدلالية
جهود الجاحظ
جهود الجرجاني
جهود الآمدي
جهود اخرى
جهود ابن جني
مقدمة حول جهود العرب
التطور الدلالي
ماهية التطور الدلالي
اسباب التطور الدلالي
تخصيص الدلالة
تعميم الدلالة
انتقال الدلالة
رقي الدلالة
انحطاط الدلالة
اسباب التغير الدلالي
التحول نحو المعاني المتضادة
الدال و المدلول
الدلالة والمجاز
تحليل المعنى
المشكلات الدلالية
ماهية المشكلات الدلالية
التضاد
المشترك اللفظي
غموض المعنى
تغير المعنى
قضايا دلالية اخرى
نظريات علم الدلالة الحديثة
نظرية السياق
نظرية الحقول الدلالية
النظرية التصورية
النظرية التحليلية
نظريات اخرى
النظرية الاشارية
مقدمة حول النظريات الدلالية
أخرى
الادغام
المؤلف: عداد/راجي الأسمر،مراجعة/د: إميل بديع يعقوب
المصدر: المعجم المفصّل في علم الصّرف
الجزء والصفحة: ص49-77
13-4-2021
7803
الادغام: هو، في اللغة، مصدر ادغم الشيء في الشيء: أدخله فيه، وهو في الاصطلاح الإدغام.
راجع: (الإظهار)، و (الإدغام).
الإدغام
هو، في اللغة، مصدر أدغم الشيء في الشيء: أدخله فيه. وهو في الاصطلاح إدخال حرف في حرف آخر من جنسه بحيث يصيران حرفا واحدا مشددا نحو: مر (مرر)، أو مقارب له في المخرج، نحو: ادعى (ادتعى)، وهو نوعان :
أ ـ الإدغام الصغير.
ب ـ الإدغام الكبير.
أ ـ الإدغام الصغير: هو ما كان أول الحرفين المثلين ساكنا والثاني متحركا، نحو: (الشد) (شدد). وسمي صغيرا لأن فيه عملا واحدا، وهو إدخال الحرف الأول في الثاني.
ب ـ الإدغام الكبير: هو ما كان الحرفان المثلان فيه متحركين، فيسكن الأول بحذف حركته، نحو: شد (شدد)، أو بنقلها إلى الحرف الساكن قبله، نحو: يشد (يشدد) وسمي كبيرا لأن فيه عملين وهما: الإسكان، والإدغام.
وجاء في كتاب (الممتع في التصريف) :
(الإدغام هو رفعك اللسان بالحرفين رفعة واحدة ووضعك إياه بهما موضعا واحدا. وهو لا يكون إلا في المثلين أو المتقاربين.
والسبب في ذلك أن النطق بالمثلين ثقيل، لأنك تحتاج فيهما إلى إعمال العضو الذي يخرج منه الحرف المضعف مرتين، فيكثر العمل على العضو الواحد. وإذا كان الحرفان غيرين لم يكن الأمر كذلك. لأن الذي يعمل في أحدهما لا يعمل في الآخر. وأيضا فإن الحرفين إذا كانا مثلين، فإن اللسان يرجع في النطق بالحرف الثاني إلى موضعه الأول، فلا يتسرح اللسان بالنطق كما يتسرح في الغيرين، يل يكون في ذلك شبيها بمشي المقيد. مما كان فيه من الثقل ما ذكرت لك رفع اللسان بهما رفعة واحدة، ليقل العمل، ويخف النطق بهما على اللسان.
وأما المتقاربان فلتقاربهما أجريا مجرى المثلين، لأن فيهما بعض الثقل ؛ ألا ترى أنك تعمل العضو وما يليه كما كنت في المثلين تعمل العضو الواحد مرتين. فكأن العمل باق في العضو لم ينتقل. وأيضا فإنك ترد اللسان إلى ما يقرب من مخرج الحرف الأول، فيكون في ذلك عقلة للسان وعدم تسريح له في وقت النطق بهما. فلما كان فيهما من الثقل هذا القدر فعل بهما ما فعل بالمثلين، من رفع اللسان بالحرفين رفعة
50
واحدة، ليخف النطق بهما.
فهذا الباب إذا ينقسم قسمين: إدغام المثلين، وإدغام المتقاربين.
ذكر إدغام المثلين
اعلم أن كل مثلين قد يدغمان إلا الألفين والهمزتين. أما الألف فلم يمكن الإدغام فيها، لأنه لا يدغم إلا في متحرك والألف لا تتحرك. وأما الهمزة فثقيلة جدا، ولذلك يخففها أهل التخفيف منفردة. فإذا انضم إليها غيرها ازداد الثقل، فألزمت إحداهما البدل، فيزول اجتماع المثلين فلا يدغم إلا أن تكونا عينين نحو: (سأل) و (رأس) فإنك تدغم ولا تبدل، لما ذكرناه من أنك لو أبدلت إحداهما لاختلفت العينان، والعينان أبدا في كلام العرب لا يكونان إلا مثلين. وقد يجوز الإدغام في الهمزتين على ما حكي عن ابن أبي إسحاق (1) وناس معه، من أنهم كانوا يحققون الهمزتين، إذا كانتا في كلمتين نحو: (قرأ أبوك) لأنه يجتمع لهم مثلان وقد تكلمت العرب بذلك وهو رديء. فعلى هذا إذا اجتمع لك مثلان، وكان المثلان مما يمكن الإدغام فيهما فلا يخلو من أن يكون الثاني منهما متحركا أو ساكنا فإن كان الثاني متحركا فلا يخلو من أن يجتمعا في كلمة واحدة أو في كلمتين، فإن اجتمعا في كلمة واحدة فلا يخلو من أن يكونا حرفي علة أو حرفين صحيحين، فإن كانا حرفي علة فقد تقدم حكمهما في باب القلب وإن كانا حرفين صحيحين فلا يخلو من أن يجتمعا في اسم أو في فعل.
فإن اجتمعا في فعل فالإدغام ليس إلا، فإن كان الأول من المثلين ساكنا أدغمته في الثاني، من غير تغيير، نحو: (ضرب) و (قطع). وإن كان الأول منهما متحركا فإما أن يكون أولا في الكلمة أو غير أول. فإن كان غير أول سكنته بحذف الحركة منه، إن كان ما قبله متحركا أو ساكنا هو حرف مد ولين، أو بنقلها إلى ما قبله، إن كان ساكنا غير حرف مد ولين. وحينئذ تدغم، نحو (رد) و (احمر) و (استقر) و (احمار). الأول من المثلين في الأصل متحرك ؛ ألا ترى أنك إذا رددت الفعل إلى نفسك تقول (رددت) و (شممت) و (لببت) و (استقررت) و (احمررت) و (احماررت)، فتحرك لما زال الإدغام. وإنما سكنته لأن النية بالحركة أن تكون بعد الحرف، فتجيء فاصلة بين المثلين، ولا يمكن الإدغام في المثلين مع الفصل.
هذا ما لم تكن الكلمة ملحقة ويكون الإدغام مغيرا لها ومانعا من أن تكون على مثل ما ألحقت به. فإنك حينئذ لا تدغم، نحو: (جلبب) و (اسحنكك) (2)، لأنهما
51
ملحقان بـ (قرطس) و (احرنجم) (3). فلو أدغمت، فقلت: (جلب) و (اسحنك) لكنت قد حركت ما في مقابلته من بناء الملحق به ساكن، وسكنت ما في مقابلته متحرك ؛ ألا ترى أنك كنت تحرك العين من (جلبب) وهي في مقابلة الراء من (قرطس)، وتسكن الباء الأولى وهي في مقابلة طاء (قرطس)، وتحرك النون من (اسحنكك) وهي في مقابلة نون (احرنجم)، وتسكن الكاف الأولى منها وهي في مقابلة الجيم من (احرنجم).
أو يكون أحد المثلين في أول الكلمة أو تاء (افتعل). فإن كان أحد المثلين في أول الكلمة فإنه لا يخلو من أن يكون الثاني إذ ذاك زائدا، أو غير زائد. فإن كان زائدا لم تدغم نحو: (تتذكر)، لأنك إذا استثقلت اجتماع المثلين حذفت الثاني فقلت (تذكر) لأنه زائد وليس في حذفه لبس. وإن كان الثاني أصليا فإن شئت أدغمت. وذلك بتسكين الأول تحتاج إذ ذاك إلى الإتيان بهمزة الوصل، إذ لا يبتدأ بساكن. وإن شئت أظهرت. وذلك نحو: (تتابع) و (اتابع).
فإن قيل: ولأي شيء لم تحذف إحدى التاءين كما فعلت ذلك في (تذكر)؟ فالجواب أن التاء هنا أصل، فلا يسهل حذفها، وأيضا فإن حذفها يؤدي إلى الالتباس ؛ ألا ترى أنك لو قلت (تابع) لم يدر أهو (فاعل) في الأصل أو (تفاعل).
فإن قال قائل: فلأي شيء لم يدغم في (تتذكر) وأمثاله؟ فالجواب أن الذي منع من ذلك شيئان :
أحدهما أن الفعل ثقيل، فإذا أمكن تخفيفه كان أولى وقد أمكن تخفيفه بحذف أحد المثلين، فكان ذلك أولى من الإدغام الذي يؤدي إلى جلب زيادة.
والآخر أنك لو أدغمت لاحتجت إلى الإتيان بهمزة الوصل، وهمزة الوصل لا تدخل على الفعل المضارع لاسم الفاعل أصلا. كما لا تدخل على اسم الفاعل. وليس كذلك (تتابع) لأنه ماض، والماضي قد تكون في أوله همزة الوصل، نحو: (انطلق) و (استخرج) و (احمر).
فإن قال قائل: فلأي شيء لم يلزم (تتابع) الإدغام و (تتذكر) الحذف، ويرفض اجتماع المثلين كما رفض ذلك في (رد)؟ فالجواب أن التاء في مثل: (تفاعل) و (تفعل) لا تلزم، لأنها دخلت على (فاعل) و (فعل) ؛ ألا ترى أن الأصل في (تتابع): (تابع) وفي (تذكر): (ذكر). فلما لم يلزم صار اجتماع المثلين غير لازم. وما لا يلزم، وإن كان ثقيلا، قد يحتمل لعدم لزومه ؛ ألا ترى أن (جيلا) لم يعل لأن الأصل (جيئل) (4)، والتخفيف المؤدي إلى النقل
52
عارض، فلذلك لم يلحظ ومن أدغم في (اتابع) وحذف في (تذكر) اعتد باجتماع المثلين، وإن كان ذلك غير لازم، لأن العرب قد تعتد بغير اللازم ؛ ألا ترى أن الذي قال: (لحمر جاءني) فحذف همزة الوصل اعتد بالحركة التي في اللام، وإن كان التخفيف عارضا والأصل (الأحمر).
وإن كان أحد المثلين تاء (افتعل) نحو: (اقتتل) فإنه يجوز فيه الإظهار والإدغام. أما الإظهار فلأنه يشبه اجتماع المثلين من كلمتين في أنه لا يلزم تاء (افتعل) أن يكون ما بعدها مثلها، كما لا يلزم ذلك في الكلمتين لأنك تقول: (اكتسب) فلا يجتمع لك مثلان. وإنما يجتمع المثلان في (افتعل) إذا بنيت من كلمة عينها تاء نحو: (اقتتل) و (افتتح) فكما لا تدغم إذا كان ما قبل الأول من المثلين المنفصلين ساكنا صحيحا، فكذلك لا تدغم في (افتعل). وأما الإدغام فلأن المثلين على كل حال في كلمة واحدة فتدغم كما تدغم في الكلمة الواحدة.
فإن أظهرت جاز لك في الأول من المثلين البيان والإخفاء لأنه وسيطة بين الإظهار والإدغام. وإذا أدغمت جاز لك ثلاثة أوجه: أحدها أن تنقل الفتحة إلى فاء (افتعل) فتحرك الفاء وتسقط ألف الوصل، ثم تدغم، فتقول (قتل) بفتح القاف. والثاني أن تحذف الفتحة من تاء (افتعل) فتلتقي ساكنة مع فاء الكلمة، فتحرك الفاء بالكسر على أصل التقاء الساكنين فتذهب همزة الوصل لتحرك الساكن، ثم تدغم فتقول: (قتلوا) بكسر القاف وفتح التاء، والثالث ـ وهو أقلها ـ أن تكسر التاء في هذه اللغة الثانية اتباعا للكسرة التي قبلها، فتقول (قتلوا) بكسر القاف والتاء وقد حكي عنهم (فتحوا) في (افتتحوا).
فإن قال قائل: فلأي شيء لما تحركت فاء الكلمة ذهبت همزة الوصل، وهلا جاز فيها الأمران: من الحذف لأجل تحريك الساكن، والإثبات رعيا للأصل لأن الحركة عارضة كما قالوا (الحمر) تارة و (لحمر) بإذهاب الهمزة أخرى؟ فالجواب أن الذي سهل إثبات الهمزة في مثل (الحمر) أنها مفتوحة فأشبهت همزة القطع لأن همزة الوصل بابها أن تكون مكسورة أو مضمومة إن تعذر كسرها.
فمن فتح التاء والقاف قال في المضارع (يقتل) بفتح القاف وكسر التاء لأن الأصل (يقتتل) فنقل الفتحة في المضارع كما نقلها في الماضي، ويقول في اسم الفاعل: (مقتل) بفتح القاف وكسر التاء وفي اسم المفعول: (مقتل) بفتحهما، لأن الأصل (مقتتل) و (مقتتل) ؛ فنقلت الفتحة إلى الساكن قبلها كما نقلت في الفعل.
ومن قال (قتل) بكسر القاف وفتح التاء قال في المضارع: (يقتل) بكسر القاف والتاء
53
لأن الأصل (يقتتل) فسكن التاء الأولى وكسر القاف لالتقاء الساكنين، كما فعل ذلك في الماضي. ومنهم من يكسر حرف المضارعة إتباعا للقاف، أو على لغة من يقول في مضارع (افتعل): (يفتعل) فيكسر حرف المضارعة، ومنه قول أبي النجم :
تدافع الشيب، ولم تقتل
ويقول في اسم الفاعل (مقتل) بكسر القاف والتاء والأصل (مقتتل) فكسر القاف بعد تسكين التاء الأولى لالتقاء الساكنين ومنهم من يستثقل الخروج من ضم إلى كسر فيضم القاف اتباعا للميم فيقول (مقتل) ولا يستثقل الخروج من ضمة القاف إلى كسرة التاء لأن بينهما حاجزا وهو التاء الساكنة ويقول في اسم المفعول (مقتل) بكسر القاف وفتح التاء لأن الأصل (مقتتل)، فسكن التاء الأولى وحرك القاف بالكسر على أصل التقاء الساكنين. ومنهم أيضا من يستثقل الخروج من ضم إلى كسر، فيضم القاف اتباعا للميم فيقول (مقتل) بضم القاف وفتح التاء.
ومن قال (قتل) بكسر القاف والتاء فإن قياس المضارع منه واسم الفاعل واحد، وإنما يخالفه في اسم المفعول فتقول في المضارع (يقتل) بكسر القاف والتاء لأن الأصل (يقتتل) فتسكن التاء الأولى وتحرك القاف بالكسر على أصل التقاء الساكنين ولا تحتاج إلى إتباع حركة ما بعد القاف القاف لأنها مكسورة مثلها وإن شئت أيضا كسرت حرف المضارعة إتباعا أو على لغة من يكسر حرف المضارعة من (افتعل) فتقول: (يقتل) بكسر القاف والتاء التي بعدها وحرف المضارعة. وتقول في اسم الفاعل (مقتل) بكسر القاف والتاء والأصل (مقتتل) فسكنت التاء الأولى وكسرت القاف لالتقاء الساكنين ثم أدغمت ولم تحتج إلى إتباع التاء لأن حركتها من جنس حركة القاف. وإن شئت ضممت القاف اتباعا لحركة الميم كراهية الخروج من ضم إلى كسر فتقول: (مقتل) وتقول في اسم المفعول (مقتل) كما تقول في اسم الفاعل. لأن الأصل (مقتتل) فسكنت التاء الأولى وكسرت القاف لالتقاء الساكنين وأدغمت ثم كسرت التاء الثانية اتباعا لحركة القاف، فلا يقع فرق بين اسم الفاعل على هذه اللغة واسم المفعول إلا بالقرائن، فيكون نظير (مختار) في أنه يحتمل أن يكون اسم فاعل واسم مفعول حتى يتبين بقرينة تقترن به. ومن استثقل الخروج من ضم إلى كسر من غير حاجز، ضم القاف فقال: (مقتل).
وقياس المصدر في اللغات الثلاث (قتالا) بفتح التاء وكسر القاف والأصل (اقتتال). فمن فتح القاف نقل كسرة التاء إليها، ومن كسرها سكن التاء الأولى وكسر القاف لالتقاء الساكنين، ومن كسر التاء اتباعا للقاف فقال (قتل) ينبغي له أن يقول في
54
المصدر (قتيلا) فيكسر التاء إتباعا للقاف فتنقلب الألف لانكسار ما قبلها.
وإن اجتمعا في اسم فلا يخلو من أن يكون على ثلاثة أحرف أو على أزيد، فإن كان على ثلاثة أحرف فلا تخلو من أن يكون الأول ساكنا أو متحركا. فإن كان ساكنا فالإدغام ليس إلا نحو: (رد) و (ود) وأمثالهما إلا أن يضطر شاعر فيفك ويحرك الأول نحو قوله (5) :
ثم استمروا وقالوا إن موعدكم
ماء بشرقي سلمى فيد أو ركك
يريد: ركا.
وإن كان متحركا فلا يخلو من أن يكون على وزن من أوزان الفعل، أو لا يكون.
فإن لم يكن على وزن من أوزانها فلا يدغم نحو: (سرر) (6) و (درر) (7)، لأن الأسماء بابها ألا تعتل لخفتها بكثرة دورها في الكلام، وأخفها ما كان على ثلاثة أحرف لأنه أقل أصول الكلمة عددا ولهذه الخفة لم يعل مثل: (ثورة) و (بيع) و (صير) وأشباه ذلك فلو بنيت من (رد) مثل (إبل) صححته ؛ تقول فيه (ردد).
فإن كان على وزن من أوزان الأفعال فلا يخلو من أن يكون على (فعل) أو (فعل) أو (فعل). فإن كان على وزن (فعل) لم تدغم لخفة البناء، نحو: (طلل)، (شرر) فإن كان على وزن (فعل) و (فعل) أدغمت لشبه الفعل في البناء مع ثقل البناء، فتقول في (فعل) و (فعل) من رددت: (رد).
والدليل على أن (فعلا) يدغم قولهم (طب) (8) و (صب) والأصل (طبب) و (صبب) لأن الفعل منهما على وزن (فعل) تقول (صببت) و (طببت) واسم الفاعل من (فعل) إذا كان على ثلاثة أحرف إنما يكون على وزن (فعل) نحو: (حذر) و (أشر).
والدليل على أن (فعلا) أيضا يدغم أنه لم يجيء مظهرا في موضع من كلامهم ؛ لا يحفظ من كلامهم مثل (ردد) فإما أن تقول إن (فعلا) لم يأت في المضعف، وإما أن تقول إنه موجود في المضعف إلا أنه لزمه فالأولى أن يدعى أنه يلزمه الإدغام لأن المعتل والمضعف الغالب فيهما أن يجيء فيهما من الأوزان ما يجيء في الصحيح وأيضا فإن (فعلا) مثل (فعل) في أنه على بناء الفعل الثقيل وقد قام الدليل على أنهم يدغمون (فعلا) لقولهم: (صب) و (طب) فكذلك (فعل).
وزعم أبو الحسن بن كيسان أن ما كان على وزن (فعل) أو (فعل) لا يدغم واستدل على ذلك بأنك لو أدغمت لأدى
55
ذلك إلى الإلتباس لأنه لا يعلم أهو في الأصل متحرك العين أو ساكنه. وهذا الذي ذهب إليه فاسد، لأنه إذا أدى القياس إلى ضرب ما من الإعلال استعمل، ولم يلتفت إلى التباس إحدى البنيتين بالأخرى ؛ ألا ترى أن العرب قد قالت (مختار) في اسم الفاعل واسم المفعول ولم يلتفت إلى اللبس. وأيضا فإنه قد قام الدليل على أن (صبا) و (طبا): (فعل) في الأصل، وقد أدغم. فدل ذلك على فساد مذهبه.
فإن كان الاسم على أزيد من ثلاثة أحرف فلا يخلو من أن يكون الذي زاد به على ثلاثة أحرف: تاء التأنيث، أو علامتي التثنية، أو جمع السلامة، أو يائي النسب، أو الألف والنون الزائدتين، أو ألفي التأنيث، أو غير ذلك، فإن كان شيئا مما ذكر أجري مجراه قبل لحاقه إياه. فتقول (شررة) و (شرران) و (طللان) و (مللي) فلا تدغم، كما لا تدغم في (شرر) و (طلل) و (ملل). وقالوا: (الدججان) من الدجيج فلم يدغموا. أنشد القالي (9) :
تدعو بذاك الدججان الدارجا
ولو بنيت (فعلان) من (رددت) لقلت (ردان) فأدغمت. ولو بنيت (فعلاء) من (رد) لقلت (ردداء) فلم تدغم ... خششاء فلم يدغموا، لأنه لا يدغم (فعل) نحو (غرر). فإن كان الذي زاد به على ثلاثة غير ذلك أدغمت، كان الاسم على وزن من أوزان الفعل أو لم يكن، وسواء كان الأول ساكنا أو متحركا إلا أنك تسكن المتحرك، لما ذكرنا في الفعل بنقل حركته لما قبله إن كان ساكنا غير حرف مد ولين، أو بحذفها إن كان ما قبله متحركا، أو حرف مد ولين. نحو (خدب) و (مكر) و (فار) (وضار).
فأما (خدب) فالأول من المثلين ساكن في الأصل والأصل في (مكر) و (مستقر): (مكرر) و (مستقرر) فنقلت الحركة إلى ما قبله لأنه ساكن غير حرف مد ولين. والأصل في (فار) و (ضار): (فارر)، و (ضارر) فسكنت ولم تنقل الحركة لأن الساكن حرف مد ولين، ولو بنيت مثل (فعلان) من (رددت) لقلت (ردان) فأدغمت ولم تنقل الحركة إلى ما قبلها لأنه متحرك
هذا ما لم يمنع من الإدغام أن يكون الإدغام مؤديا إلى تغيير بناء الملحق عما ألحق به، نحو (قردد) (10) فإنه ملحق بـ (جعفر) ولو أدغمت فقلت (قرد) لحركت الراء وهي في مقابلة العين من (جعفر) وسكنت الدال الأولى وهي في مقابلة الفاء من (جعفر). فكنت تضع متحركا في مقابلة ساكن وساكنا في مقابلة متحرك.
أو يكون أحد المثلين التاء من اسم جار على (افتعل) فإنه لا يلزم فيه الإدغام بل
56
يجوز في الاسم من الأوجه ما تقدم ذكره.
أو يكون أيضا أحد المثلين من اسم جار على (تفاعل) نحو (تتابع) فإنه لا يلزم أيضا فيه الإدغام بل يجوز فيه الفك والإدغام كما جاز في فعله. فتقول (متابع، وتتابعا واتابعا) كما يجوز (تتابع واتابع).
أو يشذ شيء، فيحفظ ولا يقاس عليه نحو (محبب) و (تهلل) أو تدعو إلى ذلك ضرورة، نحو قوله (11) :
الحمد لله، العلي، الأجلل
وقوله (12) :
تشكو الوجى، من أظلل، وأظلل
فإن التقيا في كلمتين، فلا يخلو من أن يكونا معتلين أو صحيحين. فإن كانا صحيحين فلا يخلو من أن يكون الأول منهما ساكنا أو متحركا. فإن كان ساكنا فالإدغام ليس إلا نحو: (اضرب بكرا) لأنه لا فاصل بين المثلين، فهو أثقل من أن لو فصلت بينهما حركة ؛ وأيضا فإن الإدغام لا يؤدي إلى تغيير شيء.
وإن كان الأول متحركا فإنه لا يخلو من أن يكون ما قبله ساكنا أو متحركا. فإن كان ما قبله متحركا جاز الإدغام والإظهار وإذا أدغمت فلا بد من حذف الحركة، لما ذكرناه قبل. وكلاهما حسن، والبيان لغة أهل الحجاز.
وإنما لم يلتزم الإدغام هنا لأن الأول من المثلين لا يلزم أن يكون ما بعده من جنسه، ويلزم ذلك في الكلمة الواحدة، فكأن اجتماع المثلين فيهما عارض، فلذلك اعتد به مرة ولم يعتد به أخرى. وذلك نحو (جعل لك) و (يد داود) و (خاتم موسى) وأقوى ما يكون الإدغام وأحسنه إذا أدى الإظهار إلى اجتماع خمسة أحرف بالتحريك فأكثر، نحو (جعل لك) و (فعل لبيد) لثقل توالي الحركات. وكلما كان توالي الحركات أكثر كان الإدغام أحسن.
وإن كان ما قبله ساكنا ـ أعني ما قبل الأول من المثلين ـ فلا يخلو من أن يكون الساكن حرف علة أو لا يكون، فإن كان الساكن حرف علة حذفت الحركة من المثلين وأدغمته في الثاني، وإن شئت أظهرت وذلك نحو (دار راشد) و (ثوب بكر) و (جيب بشير) و (يظلموني).
وإنما جاز الجمع بين ساكنين لما في الساكن الأول من اللين ولما في الحرف المشدد من التشبث بالحركة، ولأن التقاء الساكنين فيها غير لازم إذ قد يزول بالإظهار. والبيان هنا أحسن من البيان في مثل (جعل لك) لسكون ما قبله، فلم يتوال فيه من الحركات ما توالى في (جعل لك) وأيضا فإن الإدغام يؤدي إلى اجتماع ساكنين.
57
فإن كان الساكن حرفا صحيحا لم يجز الإدغام، نحو (اسم موسى) و (ابن نوح) وإنما لم يجز الإدغام فيه لأن الإدغام في الكلمتين أضعف منه في الكلمة الواحدة ؛ ألا ترى أنه يلزم في الكلمة الواحدة، ولا يلزم في الكلمتين. فلما كان أضعف لم يقو على أن يغير له الحرف الساكن بالتحريك.
إذ لو أدغمت لم يكن بد من تحريك سين (اسم) وباء (ابن). ولكنك تخفي إن شئت، وتحقق إن شئت. والمخفى بزنة المحقق، إلا أنك تختلس الحركة اختلاسا.
فأما قول بعضهم في القراءة (نعما) فحرك، فلم يحرك العين للإدغام، بل جاء على لغة من يقول (نعم) فيحرك العين، وهي لغة هذيل.
فإن كانا معتلين فإنه لا يخلو من أن يكون الأول منهما ساكنا، أو متحركا. فإن كان ساكنا فلا يخلو من أن يكون حرف لين أو حرف مد ولين. فإن كان حرف لين أدغمت، إذ لا مانع من الإدغام، نحو (اخشي ياسرا) و (اخشوا واقدا) وإن كان حرف مد ولين لم تدغم نحو (يغزو واقد) و (اضربي ياسرا) لئلا يذهب المد بالإدغام، مع ضعف الإدغام في الكلمتين ـ فأما مثل (مغزو) فاحتملوا فيه ذهاب المد لقوة الإدغام ـ وأيضا فإنه يشبه (قوول) في أن الأول حرف مد ولين، ولا يلزم المثلان فيهما كما لا يلزمان في (قوول) إذ قد يزول المثلان في (قوول) إذا أسندته إلى الفاعل كما يزول المثلان في (يغزو واقد) إذا لم تأت بعد (يغزو) بكلمة أولها واو، نحو (يغزو راشد).
وإن كان الأول متحركا فلا يخلو من أن يكون ما قبله ساكنا أو متحركا.
فإن كان ما قبله متحركا جاز الإدغام والإظهار، على حسب ما ذكر في مثله من الصحيح، نحو (ولي يزيد) و (لقضو واقد).
وإن كان ما قبله ساكنا فلا يخلو من أن يكون حرف علة، أو حرفا صحيحا.
فإن كان حرفا صحيحا لم تدغم. كما فعلت في مثله من الصحيح، نحو (ظبي ياسر) و (غزو واقد).
وإن كان حرف علة فلا يخلو من أن يكون مدغما، أو غير مدغم.
فإن كان غير مدغم جاز الإظهار والإدغام، كما جاز في نظيره من الصحيح، نحو (واو واقد) و (آي ياء سين) (13).
وإن كان مدغما لم يجز الإدغام، لأن المد الذي كان فيه قد زال بالإدغام فصار بمنزلة الساكن الصحيح. فكما لا تدغم إذا كان الساكن صحيحا فكذلك لا تدغم إذا كان معتلا. وذلك نحو: (ولي يزيد) و (عدو واقد).
والدليل على أن المد قد زال بالإدغام وقوع (لي) و (قو) في القوافي مع (ظبي) و (غزو)، ولو كانت غير مدغمة لم يجز ذلك كما لا يجوز وقوع (عين) في قافية مع
58
(جون). فدل ذلك على أن الإدغام يصيرها بمنزلة الحرف الصحيح.
فإن كان الثاني ساكنا فلا يخلو من أن يجتمعا في كلمتين أو في كلمة واحدة. فإن اجتمعا في كلمتين لم يجز الإدغام أصلا نحو (اضرب ابن زيد)، لأن سكون الحرف الثاني من المثلين إذ ذاك لا تصل إليه الحركة، فلا يتصور فيه الإدغام، بل يكونان مفكوكين.
وقد شذ العرب في (علماء بنو فلان) فحذفت الألف لالتقاء الساكنين، فاجتمعت اللامان: لام (على) مع لام التعريف. واستثقل ذلك، مع أنه قد كثر استعمالهم له في الكلام، وما كثر استعماله فهو أدعى للتخفيف مما ليس كذلك فحذفت لام (على) تخفيفا، لما تعذر التخفيف بالإدغام.
وإن اجتمعا في كلمة واحدة فلا يخلو الثاني من أن يكون حرف علة، أو حرفا صحيحا. فإن كان حرف علة فقد تقدم حكمه في باب القلب، فأغنى ذلك عن إعادته.
وإن كان حرفا صحيحا فلا يخلو من أن يكون تصل إليه الحركة في حال، أو لا تصل :
فإن وصلت إليه الحركة فإن أهل الحجاز لا يدغمون، لأن الإدغام يؤدي إلى التقاء الساكنين، لأنك لا تدغم الأول في الثاني حتى تسكنه، لئلا تكون الحركة فاصلة بين المثلين كما تقدم، والثاني ساكن فيجتمع ساكنان. فلما كان الإدغام يؤدي إلى ذلك رفضوه وذلك نحو: (إن تردد أردد) و (لا تضارر) و (اشدد).
فإن قلت: فهلا حركوا الثاني من الساكنين إذا التقيا، ثم أدغموا الأول فيه فالجواب أن حركة التقاء الساكنين عارضة فلم يعتد بها كما لم يعتد بها في نحو: (قم الليل)(14) ؛ ألا ترى أنهم لا يردون الواو المحذوفة من (قم) لالتقاء الساكنين، وإن كانت الميم قد تحركت، لأن الحركة عارضة.
وأما غيرهم من العرب فيدغم ويعتد بالعارض، لأن العرب قد تعتد بالعارض في بعض الأماكن. وأيضا فإنه حمل ما سكونه جزم على المعرب بالحركة، لأنه معرب مثله فكما أن المعرب بالحركة تدغمه نحو (يفر) فكذلك المعرب بالسكون. وحمل ما سكونه بناء على ما سكونه جزم لأنه يشبهه ؛ ألا ترى أن العرب قد تحذف له آخر الفعل في المعتل كما تحذفه للجزم فتقول (اغز) كما تقول (لم يغز) وأيضا فإنك قد تحرك لالتقاء الساكنين فتقول (اردد القوم) فصار بذلك يشبه المعرب بتعاقب الحركة والسكون على آخره كما أن المعرب كذلك في نحو (يضرب) ولم (يضرب). فلما أشبه المعرب في ذلك حمل في الإدغام عليه.
59
والذين من لغتهم الإدغام يختلفون في تحريك الثاني :
فمنهم من يحركه أبدا بحركة ما قبله إتباعا فيقول (رد) و (فر) و (عض) ما لم تتصل به الهاء والألف التي للمؤنث، فإنه يفتح على كل حال نحو (ردها) و (عضها) و (فرها) (15)، أو الهاء التي هي للمذكر فإنه يضمه نحو: (رده) و (فره) و (عضه) وذلك لأن الهاء خفية فكأنك قلت (ردا) أو (ردوا) فكما أنك تفتح مع الألف وتضم مع الواو فكذلك تفعل هنا لأن الهاء خفية أو لم تجىء بعد الفعل لكلمة أولها ساكن فإنه يكسر أبدا نحو: (رد ابنك) و (رد القوم) وذلك لأنك قد كنت تحرك الآخر قبل الإدغام بالكسر على أصل التقاء الساكنين نحو (اردد القوم) فلما أدغمت في هذا الموضع حركت بالحركة التي كانت له قبل الإدغام، كما أنهم لما حركوا (مذ) لالتقاء الساكنين فقالوا: (مذ اليوم) ضموا لأن الأصل فيه (منذ) فلما حركوا أتوا بالحركة التي كانت له في الأصل.
ومنهم من يفتح على كل حال. إلا إذا كان بعده ساكن وذلك لأنه آثر التخفيف واعتد بالهاء في مثل (رده) ولم يلتفت إلى خفائها إلا إذا كان بعده ساكن لأنه آثر حركة الأصل على التخفيف.
ومنهم من يفتح على كل حال ـ كان بعده ساكن أو لم يكن ـ وذلك لأنه آثر التخفيف في جميع الأحوال.
ومنهم من يكسر ذلك أجمع على كل حال. وهؤلاء حركوا بالحركة التي هي لالتقاء الساكنين في الأصل.
هذا ما لم يتصل بشيء من ذلك ألف أو واو أو ياء فإن الحركة إذ ذاك تكون من جنس الحرف المتصل به لا خلاف بينهم في شيء من ذلك. نحو: (ردا) و (ردي) و (ردوا).
فأما (هلم) فللتركيب الذي دخلها التزمت العرب فيها التخفيف لذلك، فحركوها بالفتح على كل حال إلا مع الألف والواو والياء نحو: (هلما) و (هلموا) و (هلمي).
وإن لم تصل الحركة إلى الساكن الثاني فإن العرب الحجازيين وغيرهم، لا يدغمون ذلك نحو: (رددت) وكذلك (ارددن) لأن سكون الدال هنا لا يشبه سكون الجزم، ولا سكون الأمر والنهي، وإن كان (ارددن) أمرا لأنها إنما سكنت من أجل النون كما سكنت من أجل التاء في (رددت).
والسبب في أنه لم يدغم مثل هذا كما أدغم (رد) أن السكون في (اردد) ـ وإن كان بناء ـ أشبه المعرب من الوجهين المتقدمين فحمل عليه في الإدغام وليس بين سكون الدال في (رددت) وأمثاله وبين المعرب شبه فلم يكن له ما يحمل عليه.
إلا ناسا من بكر بن وائل فإنهم يدغمون
60
في مثل هذا فيقولون (ردت) و (ردن) كأنهم قدروا الإدغام قبل دخول النون والتاء فلما دخلتا أبقوا اللفظ على ما كان عليه قبل دخولهما.
فإن كان الثاني من المثلين ساكنا فالإظهار. ولا يجوز الإدغام لأن ذلك يؤدي إلى اجتماع الساكنين. وقد شذ العرب في شيء من ذلك فحذفوا أحد المثلين تخفيفا لما تعذر التخفيف بالإدغام. والذي يحفظ من ذلك: (أحست) و (ظلت) و (مست) وسبب ذلك أنه لما كره اجتماع المثلين فيها حذف الأول منها تشبيها بالمعتل العين.
وذلك أنك قد كنت تدغم قبل الإسناد للضمير فتقول: (أحس) و (مس) و (ظل) والإدغام ضرب من الاعتلال ؛ ألا ترى أنك تغير العين من أجل الإدغام بالإسكان، كما تغيرها إذا كانت حرف علة فكما تحذف العين إذا كانت حرف علة في نحو (قمت) و (خفت) و (بعت) كذلك حذفت في هذه الألفاظ تشبيها بذلك.
ومما يبين ذلك أن العرب قد راعت هذا القدر من الشبه، لأنهم يقولون (مست) بكسر الميم، فينقلون حركة السين المحذوفة إلى ما قبلها كما يفعلون ذلك في (خفت) ؛ ألا ترى أن الأصل (خوفت) فنقلوا حركة الواو إلى الخاء وحذفوها لالتقاء الساكنين، على حسب ما أحكم في بابه.
وأما (ظلت) و (مست) في لغة من فتح الميم فحذفوا، ولم ينقلوا فيهما الحركة، تشبيها لهما بـ (لست) لما كان لا يستعمل لهما مضارع إذا حذفا لا يستعمل لـ (ليس) مضارع، ولأن المشبه بالشيء لا يقوى قوة ما يشبه به.
وأما (علماء بنو فلان) فأصله (على الماء) فحذفت الألف لالتقاء الساكنين، فاجتمع اللامان: لام (على) مع لام التعريف فاستثقل ذلك مع أن ذلك قد كثر استعمالهم له في الكلام. وما يكثر استعماله فهو أدعى للتخفيف مما ليس كذلك، فحذفت لام (على) تخفيفا لما تعذر التخفيف بالإدغام.
فهذا وجه هذه الأسماء التي شذت.
ذكر إدغام المتقاربين
اعلم أن التقارب الذي يقع الإدغام بسببه قد يكون في المخرج خاصة، أو في الصفة خاصة، أو في مجموعهما فلا بد إذا قبل الخوض في هذا الفصل، من ذكر مقدمة في مخارج الحروف وصفاتها.
فحروف المعجم الأصول تسعة وعشرون أولها الألف وآخرها الياء على المشهور من ترتيب حروف المعجم لا خلاف في ذلك بين أحد من العلماء إلا أبا العباس المبرد فإنها عنده ثمانية وعشرون أولها الباء وآخرها الياء ويخرج الهمزة من حروف المعجم، ويستدل على ذلك بأنها لا تثبت على صورة (16)
61
واحدة فكأنها عنده من قبيل الضبط، إذ لو كانت حرفا من حروف المعجم لكان لها شكل واحد لا تنتقل عنه كسائر حروف المعجم.
وهذا الذي ذهب إليه أبو العباس فاسد؛ لأن الهمزة لو لم تكن حرفا لكان (أخذ) و (أكل) وأمثالهما على حرفين خاصة، لأن الهمزة ليست عنده حرفا وذلك باطل، لأنه أقل أصول الكلمة ثلاثة أحرف: فاء وعين ولام.
فأما عدم استقرار صورتها على حال واحدة فسبب ذلك أنها كتبت على حسب تسهيلها. ولو لا ذلك كانت على صور واحدة وهي الألف. ومما يدل على ذلك أن الموضع الذي لا تسهل فيه تكتب فيه ألفا، بأي حركة تحركت وذلك إذا كانت أولا، نحو (أحمد) و (أبلم) و (إثمد).
ومما يبين أيضا أنها حرف أن واضع أسماء حروف المعجم وضعها، على أن يكون في أول الاسم لفظ الحرف المسمى بذلك الاسم نحو (جيم) و (دال) و (ياء) وأمثال ذلك. فـ (الألف) اسم للهمزة لوجود الهمزة في أوله فأما الألف التي هي مدة فلم يتمكن ذلك في اسمها لأنها ساكنة، ولا يبتدأ بساكن، فسميت ألفا باسم أقرب الحروف إليها في المخرج، وهو الهمزة.
ومما يبين أيضا أنها حرف، وليست من قبيل الضبط، أن الضبط لا يتصور النطق به إلا في حرف، والهمزة يتصور النطق بها وحدها كسائر الحروف. فدل ذلك على أنها حرف.
وقد تبلغ الحروف خمسة وثلاثين حرفا بفروع حسنة تلحقها يؤخذ بها في القرآن وفصيح الكلام وهي: النون الخفيفة ـ وهي النون الساكنة إذا كان بعدها حرف من الحروف التي تخفى معه ـ والهمزة المخففة، وألف التفخيم، وألف الإمالة، والشين التي كالجيم نحو (أجدق) في (أشدق) والصاد التي كالزاي في نحو (مصدر) وسيبين بعد، إن شاء الله تعالى.
وقد تبلغ ثلاثة وأربعين حرفا بفروع غير مستحسنة، ولا مأخوذ بها في القرآن ولا في الشعر ولا تكاد توجد إلا في لغة ضعيفة مرذولة وهي :
الكاف التي كالجيم: وقد أخبر أبو بكر ابن دريد أنها لغة في اليمن، يقولون في (كمل): (جمل) وهي كثيرة في عوام أهل بغداد.
والجيم التي كالكاف: وهي بمنزلة ذلك فيقولون في (رجل) (ركل) فيقربونها من الكاف.
والجيم التي كالشين: نحو (اشتمعوا) و (أشدر) يريدون (اجتمعوا) و (أجدر).
والطاء التي كالتاء: نحو (تال) تريد (طال) وهي تسمع من عجم أهل المشرق كثيرا لأن الطاء في أصل لغتهم معدومة.
62
فإذا احتاجوا إلى النطق بها ضعف نطقهم بها.
والضاد الضعيفة: يقولون في (اثرد له): (اضرد له) يقربون الثاء من الضاد وكأن ذلك في لغة قوم ليس في أصل حروفهم الضاد فإذا تكلفوها ضعف نطقهم بها لذلك.
والصاد التي كالسين: نحو (سائر) في (صائر) قربت منها لأن الصاد والسين من مخرج واحد.
والباء التي كالفاء: وهي كثيرة في لغة الفرس وغيرهم من العجم. وهي على لفظين: أحدهما لفظ الباء أغلب عليه من لفظ الفاء والآخر بالعكس نحو (بلح) و (برطيل).
والظاء التي كالثاء: يقولون في (ظالم): (ثالم).
(وكأن الذين تكلموا بهذه الحروف المسترذلة خالطوا العجم، فأخذوا من لغتهم) (17).
ذكر أحكام حروف الحلق في الإدغام
(للحلق ثلاثة مخارج: فمن أقصاه الألف، والهمزة والهاء، ومن وسطه العين والحاء، ومن أدنى مخارج الحلق إلى اللسان مخرج الغين والخاء).
أما الألف والهمزة فلا يدغمان في شيء، ولا يدغم فيهما شيء والسبب في ذلك أن إدغام المتقاربين محمول على إدغام المثلين. فلما امتنع فيهما إدغام المثلين امتنع فيهما إدغام المتقاربين.
وأما الهاء فليس لها من مخرجها ما يدغم فيها أو تدغم فيه، لأنها من مخرج الألف والهمزة، فلم يبق لها ما تدغم فيه إلا ما هو من المخرج الذي يلي مخرجها.
فإذا اجتمعت مع الحاء فلا يخلو أن تتقدم الحاء أو تتقدمها الحاء. فإن تقدمت على الحاء جاز الإدغام والبيان، نحو: (اجبه حاتما): إن شئت لم تدغم، وإن شئت قلبت الهاء حاء، وأدغمت الحاء في الحاء فقلت: (اجبحاتما)، لأنهما متقاربان ليس بينهما شيء، إلا أن الحاء من وسط الحلق، وهما مهموسان. وإنما قلبت الأول إلى جنس الثاني ولم تقلب الثاني إلى جنس الأول. لأن الذي ينبغي أن يغير بالقلب الأول كما غير بالإسكان ؛ ألا ترى أن الذي يسكن لأجل الإدغام إنما هو الأول. فإن قلب الثاني إلى جنس الأول في موضع ما فلعلة، وسيبين ما جاء من ذلك في موضعه. والبيان وترك الإدغام أحسن لاختلاف المخرجين، ولأن حروف الحلق ليست بأصل للإدغام لقلتها، والتصرف بابه أن يكون فيما يكثر.
وإن تقدمتها الحاء، نحو: (امدح هلالا) فالبيان، ولا يجوز الإدغام. والعلة في ذلك أن المخرجين، كما تقدم، قد اختلفا مع أن
63
الإدغام في حروف الحلق ليس بأصل.
وأيضا فإنك لو أدغمت لوجب أن تقلب الأول إلى الثاني على أصل الإدغام، فكنت تقلب الحاء هاء، وذلك لا يجوز لأن الهاء أدخل في الحلق من الحاء ولا يقلب الأخرج إلى الفم إلى جنس الأدخل في الحلق. والسبب في ذلك أن حروف الفم أخف من حروف الحلق، ولذلك يقل اجتماع الأمثال في حروف الحلق. وما قرب من حروف الحلق إلى الفم كان أخف من الذي هو أدخل منه في الحلق. فكرهوا لذلك تحويل الأخرج إلى جنس الأدخل، لأن في ذلك تثقيلا، فإن أردت الإدغام قلبت الهاء حاء. وأدغمت، فقلت: (امد حلالا) وجاز قلب الثاني لما تعذر قلب الأول، وليكون الإدغام فيما هو أقرب إلى حروف الفم التي هي أصل للإدغام في مثل هذا أقل من الإدغام في مثل (اجبه حاتما) لأن الباب ـ كما تقدم ـ أن يحول الأول إلى الثاني.
فإن اجتمعت مع العين فالبيان ـ تقدمت العين أو تأخرت ـ ولا يجوز الإدغام إلا أن تقلب العين والهاء حاء، ثم تدغم الحاء في الحاء. وذلك نحو قولك: (اجبحتبة) و (اقطحاذا) و (ذهب محم) تريد: (اجبه عتبة) و (اقطع هذا) و (ذهب معهم). وهي كثيرة في كلام بني تميم. وإنما لم تدغم إلا بتحويل الحرفين، لأنك لو قلبت العين إلى الهاء كنت قد قلبت الأخرج إلى جنس الأدخل. وقد تقدم ذلك. ولو قلبت الهاء إلى العين لاجتمع لك عينان، وذلك ثقيل، لأن العين قربية من الهمزة، فكما أن اجتماع الهمزتين ثقيل فكذلك اجتماع العينين. وأيضا فإنها بعيدة من الهاء لأنها ليست من مخرجها وتباينها في الصفة، لأن العين مجهورة والهاء مهموسة، والعين بين الشدة والرخاوة والهاء رخوة. فكرهوا أن يقلبوا واحدة منهما إلى الأخرى، للتباعد الذي بينهما. فلذلك أبدلوا منهما الحاء، لأن الحاء من مخرج العين، وتقارب الهاء في الهمس والرخاوة.
وأما العين إذا اجتمعت مع الحاء، فلا يخلو أن تتقدم أو تتقدم الحاء. فإن تقدمت كنت بالخيار: إن شئت أدغمت فقلبت العين حاء، وإن شئت لم تدغم، نحو: (اقطع حبلا). وحسن الإدغام هنا كونهما من مخرج واحد.
وإن تقدمت الحاء بينت ولم تدغمها في العين، لأن العين أدخل في الحلق. ولا يقلب الأخرج إلى الأدخل لما تقدم. وأيضا فإن اجتماع العينين ثقيل كما تقدم فإن أردت الإدغام قلبت العين حاء، وأدغمت الحاء في الحاء، لأنه قد تقدم أن الثاني قد يقلب إذا تعذر قلب الأول.
وأما الغين مع الخاء فإنه يجوز فيهما البيان والإدغام، وكلاهما حسن، لأنهما من مخرج واحد. وإذا أدغمت قلبت الأول منهما إلى الثاني، كائنا ما كان، نحو (اسلخ
64
غنمك) و (ادمغ خلفا) وإنما جاز قلب الخاء غينا، وإن كانت أخرج إلى الفم منها، لأن الغين والخاء لقرب مخرجهما من الفم، أجريا مجرى حروف الفم، وحروف الفم يجوز فيها قلب الأخرج إلى الأدخل.
ومما يبين أنهما يجريان مجرى حروف الفم أن العرب قد تخفي معهما النون، كما تفعل بها مع حروف الفم، على ما يبين بعد.
ولهذه العلة بنفسها لم يجز إدغام واحد من الحاء، والعين، والهاء في الغين والخاء، أعني لكونهما قد أجريا مجرى حروف الفم. فكما أن حروف الحلق لا تدغم في حروف الفم، فكذلك لا تدغم الهاء، والحاء ولا العين.
هذا مذهب سيبويه. وحكى المبرد أن من النحويين من أجاز إدغام العين والحاء في الغين والخاء. نحو قولك (امد غالبا) و (امد خلفا)، و (اسمغالبا) و (اسمخلفا). تريد: امدح غالبا، وامدح خلفا، واسمع غالبا، واسمع خلفا. وزعم أن ذلك مستقيم في اللغة، معروف جائز في القياس، لأن الخاء والغين أدنى حروف الحلق إلى الفم. فإذا كانت الهاء تدغم في الحاء، والهاء من المخرج الأول من الحلق، والحاء من الثاني، وليست حروف الحلق بأصل للإدغام، فالمخرج الثالث أولى أن يدغم فيما كان بعده، لأن ما بعده متصل بحروف الفم، التي هي أصل للإدغام ؛ ألا ترى أنهم أدغموا الباء في الفاء من الشفة السفلى وأطراف الثنايا العليا، فقالوا: (إذهفي ذلك) و (اضر فرجا)، لقرب الفاء من حروف الفم.
ذكر حكم حروف الفم في الإدغام
فأولها مما يلي حروف الحلق ـ كما تقدم ـ القاف والكاف وكل واحد منهما يدغم في صاحبه، فتقول: (الحق كلدة)، و (انهك قطنا) ترفع اللسان بهما رفعة واحدة. والبيان والإدغام في (الحق كلدة) حسنان. والبيان في (انهك قطنا) أحسن من الإدغام، لقرب القاف والكاف من حروف الحلق، وحروف الحلق ـ كما تقدم ـ لا يجوز إدغام الأخرج منها في الأدخل. فلذلك ضعف إدغام الكاف، التي هي الأخرج، في القاف التي هي أدخل، كما شبه أقرب حروف الحلق إلى اللسان، وهما الغين والخاء، بحروف اللسان، فأخفيت النون الساكنة عندهما كما تقدم.
ولا يجوز إدغام كل واحد من القاف والكاف في غيرهما، ولا غيرهما فيهما.
ثم الجيم والشين والياء :
أما الجيم فإنها تدغم في الشين خاصة، كقولك: (ابعج شبثا) ويجوز البيان، وكلاهما حسن. وإنما جاز إدغامها فيها لكونهما من حروف وسط اللسان.
ولم يجز إدغامها في الياء وإن كانت من
65
مخرجها، لأن الياء حرف علة وحروف العلة بائنة من جمع الحروف، بأنها لا يمد صوت إلا بها، ولأن الحركات بعضها. ولذا كانت منفردة بأحكام لا توجد لغيرها، ألا ترى أنك تقول (عمرو) و (بكر) و (نصر) وما أشبه ذلك في القوافي، فيعادل الحروف بعضها بعضا، ولو وقعت ياء أو واو بحذاء حرف من هذه الحروف نحو (جور) و (خير) لم يجز.
وكذلك تكون القافية مثل (سعيد) و (قعود)، ولو وقع مكان الياء والواو غيرهما لم يصلح، وتحذف لالتقاء الساكنين في الموضع الذي يحرك فيه غيرها، نحو: (يغزو القوم) و (يرمي الرجل) و (مثنى القوم) فصارت لذلك قسما برأسه. فلذلك لم تدغم في غيرها، ولا أدغم غيرها فيها، ما عدا النون فإنها أدغمت فيها، لعلة تذكر في موضعها.
ولا يدغم في الجيم من مخرجها شيء: أما الشين فلم تدغم فيها لأن فيها تفشيا، فكرهوا إذهابه بالإدغام، وأيضا فإن الشين بتفشيها لحقت بمخرج الطاء والدال، فبعدت عن الجيم. وأما الياء فلم تدغم لما تقدم من ذكر العلة المانعة من إدغام الياء والواو في حروف الصحة.
ويدغم فيها من غير مخرجها ستة أحرف، وهي: الطاء، والدال، والتاء، والظاء، والذال، والثاء، نحو: (لم يربط جملا) و (قد جعل) و (وجبت جنونها) و (احفظ جابرا)، و (انبذ جعفرا) و (ابعث جامعا).
وإنما جاز إدغام هذه الأحرف في الجيم، وإن لم تكن من مخرجها، لأنها أخت الشين وهي معها من مخرج واحد. فكما أن هذه الأحرف تدغم في الشين، فكذلك أدغمت في أختها، وهي الجيم، حملا عليها. والبيان في جميع ذلك أحسن للبعد الذي بينها وبينهن. وإذا أدغمت الطاء والظاء في الجيم، فالأحسن أن تبقي الإطباق الذي فيهما، لئلا تخل بهما وتضعفهما، بزوال الإطباق منهما. وقد يجوز أن تذهب الإطباق جملة.
وأما الشين فإنها لا تدغم في شيء.
وسبب ذلك أنها متفشية، كما تقدم، والإدغام في مقاربها يذهبه، فيكون ذلك إخلالا بها.
وتدغم فيها الجيم ـ وقد تقدم ذكر ذلك ـ والطاء، والدال، والتاء، والظاء، والذال، والثاء، واللام. أما إدغام الجيم فيها فلكونهما من مخرج واحد. وأما إدغام سائر الحروف فيها فلأنها استطالت بالتفشي الذي فيها، حتى اتصلت بمخرجها، فجرت لذلك مجرى ما هو من مخرج واحد. والبيان عربي جيد، لبعد ما بينها وبينهن.
وأما الياء فلا تدغم في حرف صحيح أصلا، وقد تقدم سبب ذلك. وتدغم في الواو، لأنها شابهتها في اللين والاعتلال، إلا أن الواو هي التي تقلب لجنس الياء، تقدمت أو تأخرت، لأن القصد بالإدغام
66
التخفيف والياء أخف من الواو، فقبلوا الواو ياء على كل حال ـ وأيضا فإن الواو من الشفة، والياء من حروف الفم، وأصل الإدغام أن يكون في حروف الفم، نحو: (سيد) و (ميت). الأصل فيهما: (سيود) و (ميوت)، و (طي)، و (لي) الأصل فيهما: (طوي)، و (لوي).
ولا يدغم فيها حرف صحيح أصلا، إلا النون نحو (من يوقن). والسبب في أن أدغمت النون وحدها، من بين سائر الحروف الصحاح، في الياء، أن النون غناء فأشبهت بالغنة التي فيها الياء، لأن الغنة فضل صوت في الحرف، كما أن اللين فضل صوت في حروف العلة وأيضا فإن النون قربية في المخرج من الواو التي هي أخت الياء. ويدغم فيها الواو لتشاركهما في الاعتلال واللين، كما تقدم. وذلك نحو: (طويت طيا) و (لويت ليا).
ثم الضاد ولا تدغم في شيء من مقارباتها. وسبب ذلك أن فيها استطالة وإطباقا واستعلاء، وليس في مقارباتها ما يشركها في ذلك كله. فلو أدغمت لأدى ذلك إلى الإخلال بها، لذهاب هذا الفضل الذي فيها.
فأما إدغام بعضهم لها في الطاء بقوله: (مطجع) يريد: (مضطجعا). فقليل جدا، ولا ينبغي أن يقاس. والذي شجعه على ذلك أشياء، منها: موافقة الضاد للطاء في الإطباق الذي فيها والاستعلاء وقربها منها في المخرج ووقوعها معها في الكلمة الواحدة أكثر من وقوعها في الانفصال، لأن الضاد التي تكون آخر كلمة لا يلزمها أن يكون أول الكلمة التي تليها طاء، ولا يكثر ذلك فيها بخلاف (مضطجع). فلما اجتمعت هذه الأسباب أدغموا، واغتفروا لها ذهاب الاستطالة التي في الضاد.
وتدغم فيها الطاء، والدال، والتاء، والظاء، والذال، والثاء، واللام. وذلك نحو: (هل ضل زيد)، و (ابعث ضرمة) قال سبيويه: (وسمعنا من يوثق بعربيته قال :
ثار، فضجت ضجة ركائبه (18)
(فأدغم التاء في الضاد)، و (اضبط ضرمة)، و (احفظ ضرمة)، و (خذ ضرمة)، و (قد ضعف). أما اللام فأدغمت فيها، لقربها منها في المخرج. وأما سائر الحروف فإن الضاد، بالاستطالة التي فيها، لحقت مخرج الطاء، والدال، والتاء، لأنها اتصلت بمخرج اللام، وتطأطأت عن اللام حتى خالطت أصول ما اللام فوقه، إلا أنها لم تقع من الثنية موقع الطاء لانحرافها، لأنك تضع لسانك للطاء بين الثنيتين. وقربت بسبب ذلك من الظاء، والذال، والثاء، لأنهن من حروف طرف اللسان والثنايا، كالطاء وأختيها. والبيان عربي جيد، لتباعد ما بينها وبينهن.
67
68
تقول إذا استهلكت مالا للذة
فكيهة: هشيء بكفيك لائق؟
يريد: هل شيء.
وإدغامها في النون دون ذلك كله، والبيان أحسن منه. وإنما قبح إدغامها في النون، وإن كانت أقرب إلى اللام من غيرها من الحروف التي تقدم ذكرها، لأنه قد امتنع أن يدغم في النون من الحروف التي أدغمت هي فيها إلا اللام. فكأنهم استوحشوا الإدغام فيها وأرادوا أن يجروا اللام مجرى أخواتها من الحروف التي يجوز إدغام النون فيها، فكما أنه لا يجوز إدغام شيء منها في النون كذلك ضعف إدغام اللام فيها.
ولا يدغم إلا النون على ما يبين في فصل النون.
وأما النون فلها خمسة مواضع: موضع تظهر فيه، وموضع تدغم فيه، وموضع تخفى فيه، وموضع تقلب فيه ميما، وموضع تظهر فيه وتخفى :
فالموضع الذي تظهر فيه خاصة إذا كان بعدها هاء أو همزة أو حاء أو عين، نحو: (منها)، و (ينأى)، و (منحار)، و (منعب) (19).
والموضع الذي تظهر فيه وتخفى إذا وقعت بعدها الغين أو الخاء، نحو (منغل) (20)، و (منخل).
والموضع الذي تدغم فيه إذا كان بعدها حرف من حروف (ويرمل).
والموضع الذي تقلب فيه إذا كان بعدها باء.
والموضع الذي تخفى فيه إذا كان بعدها حرف من سائر حروف الفم الخمسة عشر.
فأدغمت في خمسة الأحرف المتقدمة الذكر لمقاربتها لها: أما مقاربتها للراء واللام ففي المخرج. وأما مقاربتها للميم ففي الغنة، ليس حرف من الحروف له غنة إلا النون والميم. ولذلك تسمع النون كالميم ويقعان في القوافي المكفأة فلا يكون ذلك عيبا، نحو قوله (21) :
ما تنقم الحرب العوان مني
بازل عامين، حديث سني
لمثل هذا ولدتني أمي
وأما مقاربتها للياء والواو فلأن في النون غنة تشبه اللين في الياء والواو، لأن الغنة فضل صوت في الحرف كما أن اللين كذلك. وهي من حروف الزيادة كما أن الياء والواو كذلك، وتزاد في موضع زيادتهما تقول (عنسل)، و (جحنفل)، و (رعشن) كما تقول: (كوثر)، و (صيقل)، و (جدول)، و (عثير)، و (ترقوة) ،
راجع: لسان العرب (بزل) و (عون) وتاج العروس (عون) ؛ والعقد الفريد 6 / 310 ؛ والمقتضب 1 / 218.
69
و (عفرية). وأيضا فإنها قد أدغمت فيما قارب الواو في المخرج، وهو الميم، وفيما هو على طريق الياء وهو الراء ؛ ألا ترى أن الألثغ بالراء يجعلها ياء. فأدغمت النون في الياء والواو كما أدغمت في الميم والراء. فلما قاربت النون هذه الحروف الخمسة أدغمت فيها.
ولا يجوز البيان إن كانت النون ساكنة. فإن كانت متحركة جاز، لفصل الحركة بين المتقاربين، لأن النية بالحركة أن تكون بعد الحرف، وذلك نحو: (ختن موسى).
وإذا أدغمت في الراء، واللام، والواو، والياء، كان إدغامها بغنة، وبغير غنة. أما إدغامها بغير غنة فعلى أصل الإدغام، لأنك إذا أدغمتها صار اللفظ بها من جنس ما تدغم فيه. فإذا كان ما بعدها غير أغن ذهبت الغنة، لكونها تصير مثله. ومن أبقى الغنة، فلأنها فصل صوت، فكره إبطالها. فحافظ عليها بأن أدغم، وأبقى بعضا من النون وهو الغنة. وإبقاؤها عندي أجود، لما في ذلك من البيان للأصل والمحافظة على الغنة.
وإذا أدغمت في الميم قلبت إلى جنسه، ولم يبق لها أثر ولست بمحتاج إلى غنة النون، لأن الميم فيها غنة، فإذا قلبتها ميما محضة لم تبطل الغنة.
وزعم سيبويه أنها مع ما تدغم فيه مخرجها من الفم، لا من الخياشيم، لأنها لو كانت تدغم في حروف الفم، وهي من الخياشيم، لتفاوت ما بينها، ولا يدغم الأبعد في الأبعد. ووافقه المبرد في جميع ذلك، إلا الميم لأنها من الشفة، فلو كانت النون المدغمة فيها من الفم لبعدت من الميم. قال: ولكن مخرجها مع الميم من الخياشيم، لأن الميم تخرج من الشفة، وتصير إلى الخياشيم للغنة التي فيها، فأدغمت فيها النون لتلك المجاورة.
ومذهب سيبويه عندي أولى، لأن النون التي في الفم تصير أيضا إلى الخياشيم، للغنة التي فيها، كما كان ذلك في الميم.
وقلبت مع الباء ميما، ولم تدغم فيها، لأن الباء لا تقارب النون في المخرج كما قاربتها الراء واللام، ولا فيما يشبه الغنة وهو اللين، ولا في الغنة كما قاربتها الميم. فلما تعذر إدغامها في الباء قلبت معها ميما، لأن الباء من مخرج الميم فعوملت معاملتها، فلما قلبت النون مع الميم ميما قلبت ميما أيضا مع الباء. وأمن الالتباس، لأنه ليس في الكلام ميم ساكنة قبل باء.
وأظهرت مع الهمزة، والهاء، والعين، والحاء، لبعد ما بينها وبينهن، فلم تغير النون بإدغام، ولا بشبهه الذي هو الإخفاء. وأيضا فإن حروف الحلق أشد علاجا، وأصعب إخراجا، وأحوج إلى تمكين آلة الصوت من غيرها. فإخراجها لذلك يحتاج إلى اعتمادات تكون في اللسان، والنون الساكنة الخفية مخرجها من الخيشوم، فلا
70
علاج في إخراجها ولا اعتماد. فإذا كانت قبل حروف الحلق تعذر النطق بحروف الحلق، لأن النون تستدعي ترك الاعتماد، وحروف الحلق تطلب الاعتماد. فإذا بينت النون قبلها أمكن إخراجها، لأن النون البينة مخرجها من اللسان، فهي أيضا تطلب الاعتماد كسائر حروف اللسان.
وأما جواز خفائها وإظهارها مع الخاء والغين، فلأنهما من أقرب حروف الحلق إلى الفم. فمن أجراهما مجرى ما تقدمهما من حروف الحلق أظهر النون معهما. ومن أجراهما مجرى ما يليهما من حروف الفم ـ وهو القاف والكاف ـ أخفى النون معهما كما يخفيها مع القاف والكاف.
وأما إخفاؤها مع الخمسة عشر حرفا من حروف الفم الباقية فلأنها اشتركت معها في كونها من حروف الفم. وأيضا فإنها ـ وإن كانت من حروف اللسان ـ فبالغنة التي فيها، التي خالطت الخياشيم، اتصلت بجميع حروف الفم. فلما أشبهتها فيما ذكرنا، وكانت قد أدغمت في بعض حروف الفم، غيروها بالإخفاء معها كما غيروها بالإدغام والقلب مع حروف (ويرمل) من حروف الفم، لأن الإخفاء شبيه بالإدغام. ولم يغيروها بالإدغام، لأنهم أرادوا أن يفرقوا بين ما يقاربها من حروف الفم في المخرج ـ كاللام والراء ـ وفي الصفة ـ كالميم والياء والواو ـ وبين ما ليس كذلك، فجعلوا التغيير الأكثر للأقرب، والتغيير الأقل للأبعد.
ولم يسمع من كلامهم تسكين النون المتحركة، إذا جاءت قبل الحروف التي تخفى معها، كما تسكن مع الحروف التي تدغم معها. فلم يقولوا: (ختن سليمان) كما قالوا: (ختن موسى). لكن إن جاء ذلك لم يستنكر، لأن الإخفاء نوع من الإدغام.
ولا يدغم في النون شيء إلا اللام. وقد تقدم ذلك في فصل اللام.
وأما الراء فلا تدغم في شيء، لأن فيها تكريرا ؛ ألا ترى أنك إذا نطقت بها تكررت في النطق. فلو أدغمتها فيما يقرب منها ـ وهو اللام والنون ـ لأذهب الإدغام ذلك الفضل الذي فيها من التكرير، لأنها تصير من جنس ما تدغم فيه، وما تدغم فيه ليس فيه تكرير. فلما كان الإدغام يفضي إلى انتهاكها بإذهاب ما فيها من التكرار لم يجز، وقد روي إدغامها في اللام، وسأذكر وجه ذلك في إدغام القرآن إن شاء الله تعالى.
ولا يدغم فيها إلا اللام والنون، وقد تقدم ذكر ذلك في فصليهما.
ثم الطاء، والدال، والتاء، والظاء، والذال، والثاء. كل واحدة منهن تدغم في الخمسة الباقية، وتدغم الخمسة الباقية فيه.
وتدغم أيضا هذه الستة في الضاد، والجيم، والشين، والصاد، والزاي، والسين. ولم يحفظ سيبويه إدغامها في
71
الجيم. ولا يدغم فيهن من غيرهن إلا اللام. وسواء كان الأول منهما متحركا أو ساكنا، إلا أن الإدغام، إذا كان الأول منهما ساكنا أحسن منه إذا كان الأول متحركا لأنه يلزم فيه تغييران: أحدهما تغيير الإدغام، والآخر تغيير بإسكان الأول.
وإنما جاز إدغامها فيما ذكر لتقاربها في المخرج بعضها من بعض، ولمقاربتها حروف الصفير في المخرج أيضا كما بين في مخارج الحروف.
وأما الضاد والشين ـ وإن لم تقاربهما في المخرج ـ فإن التقارب بينهما وبينها من حيث لحقت الضاد، باستطالتها، والشين، بتفشيها مخرجها. والضاد أشبه بها من الشين، لأن الضاد قد أشبهتها من وجه آخر، أنها مطبقة كما أن الطاء والظاء كذلك.
وأما إدغامها في الجيم فحملا على الشين، لأنهما من مخرج واحد. والإدغام في جميع ما ذكر أحسن من البيان. والسبب في ذلك أن أصل الإدغام لحروف طرف اللسان والفم، بدليل أن حروف الحلق يدغم منها الأدخل في الأخرج، لأنه يقرب بذلك من حروف الفم. ولا يدغم الأخرج في الأدخل، لأنه يبعد بذلك من حروف الفم، ويتمكن في الحلق.
وإنما كان الإدغام في حروف الفم وطرف اللسان أولى لكثرتها، وما كثر استدعى التخفيف. وأكثر حروف الفم من طرف اللسان، لأن حروف الفم تسعة عشر. منها اثنا عشر حرفا من طرف اللسان. فلذلك حسن الإدغام في هذه الحروف.
والبيان في بعضها أحسن منه في بعض، وذلك مبني على القرب بين الحرفين. فما كان أقرب إلى ما بعده كان إدغامه أحسن. وذلك أن الإدغام إنما كان بسبب التقارب، فإذا قوي التقارب قوي الإدغام، وإذا ضعف ضعف الإدغام.
فتبيين هذه الستة الأحرف إذا وقعت قبل الجيم أحسن من بيانها إذا وقعت قبل الشين، لأن إدغامها في الجيم بالحمل على إدغامها في الشين. بل لم يحفظ سيبويه إدغامها في الجيم كما تقدم.
وتبيينها إذا وقعت قبل الشين أحسن من تبيينها إذا وقعت قبل الضاد، لأن الشين أبعد منها من الضاد، لأن الشين أشبهتها من جهة واحدة، وهو اتصالها بمخرجها بالتفشي الذي فيها ـ كما تقدم ـ والضاد أشبهتها من وجهين، وهما: اتصالها بها بسبب الاستطالة، وشبهها بالطاء والظاء بسبب الإطباق كما ذكر.
وتبيينها قبل الضاد أحسن من تبيينها قبل الصاد والسين والزاي، لأن الضاد أبعد منها لأنها لا تقاربها في المخرج، وحروف الصفير تقاربها في المخرج.
وتبيينها قبل حروف الصفير أحسن من
72
تبيين بعضها قبل بعض، لأن بعضها أقرب إلى بعض في المخرج من حروف الصفير إليها.
وتبيين الطاء، والدال، والتاء، إذا وقعت قبل الظاء، والثاء، والذال، أو وقعت الظاء، والثاء، والذال، قبلها، أحسن من تبيين الطاء، والدال، والتاء، إذا وقع بعضها قبل بعض، والظاء، والثاء، والذال، إذا وقع بعضها قبل بعض. لأن الظاء وأختيها بعضها أقرب إلى بعض منها إلى الطاء وأختيها، وكذلك الطاء وأختاها بعضها أقرب إلى بعض منها إلى الظاء وأختيها.
وتبيين الظاء وأختيها إذا وقع بعض منها قبل بعض أحسن من تبيين الطاء وأختيها إذا وقع بعض منها قبل بعض، لأن في الظاء وأختيها رخاوة فاللسان يتجافى عنهن ؛ ألا ترى أنك إذا وقفت عليهن رأيت طرف اللسان خارجا عن أطراف الثنايا، فكأنها خرجت عن حروف الفم إذ قاربت الشفتين. والطاء وأختاها ليست كذلك ؛ ألا ترى أن الأسنان العليا منطبقة على الأسنان السفلى، واللسان من وراء ذلك فلم يتجاوز الفم. والإدغام ـ كما تقدم ـ أصله أن يكون في حروف الفم.
وإذا أدغمت التاء، والدال، والثاء، والذال في شيء مما تقدم أنهن يدغمن فيه، قلبت إلى جنسه. قال :
ثار. فضجت ضجة ركائبه (22)
فقلب التاء ضادا. وقال ابن مقبل (23) :
وكأنما اغتبقت صبير غمامة
بعرا، تصفقه الرياح، زلالا
فقلبت التاء صادا.
وإذا أدغمت الطاء والظاء في مطبق، مثل أن يدغما في الصاد والضاد، أو يدغم أحدهما في الآخر، قلب المدغم إلى جنس ما يدغم فيه.
وإذا أدغما في غير مطبق، مثل أن يدغما في الدال والتاء، فالأفصح ألا يقلبا إلى جنس ما يدغمان فيه بالجملة، بل يبقى الإطباق، وبعض العرب يذهب الإطباق.
وإذهاب الإطباق منهما، مع ما كان من غير المطبقات أشبه بهما أحسن من إذهابه مع ما لم يكن كذلك. فإذهاب الإطباق من الطاء مع الدال، لأنهما قد اجتمعا في الشدة، أحسن من إذهابه مع التاء لأنها مهموسة. وإذهاب الإطباق من الظاء مع الزاي، لأنهما مجهوران، أحسن من إذهابه مع الثاء لأنها مهموسة. وتمثيل الإدغام في ذلك بين لا يحتاج إليه.
ولا يدغم في الحروف المذكورة من
73
غيرها إلا اللام. وقد تبين ذلك في فصل اللام.
ثم الصاد والسين والزاي: كل واحدة منهن تدغم في الأخرى، لتقاربهن في المخرج، واجتماعهن في الصفير، فإذا قلبت الأول منهما إلى جنس الثاني، قلبته إلى مقاربه في المخرج وصفيري مثله، فلم يكن في الإدغام إخلال به. وسواء كان الأول متحركا أو ساكنا، إلا أن الإدغام إذا كان الأول ساكنا أحسن منه إذا كان الأول متحركا، لأنه يلزم فيه تغييران: أحدهما تغيير الحرف بقلبه إلى جنس ما يدغم فيه، والآخر تغييره بالإسكان. وإذا كان الأول ساكنا لا يلزم فيه إلا تغيير واحد، وهو قلب الأول حرفا من جنس ما يدغم فيه. والإدغام أحسن فيهن من الإظهار. لأنهن من حروف طرف اللسان والفم، والإدغام ـ كما تقدم ـ أصله أن يكون في حروف الفم وطرف اللسان. وذلك نحو قولك: (احبس صابرا)، و (حبس صابر)، و (احبس زيدا)، و (حبس زيد)، و (أوجز صابرا)، و (أوجز صابر)، و (أوجز سلمة)، و (أوجز سلمة)، و (افحص زردة)، و (فحص زردة)، و (افحص سالما)، و (فحص سالم).
وإذا أدغمت الصاد في الزاي أو في السين، قلبتها حرفا من جنس ما أدغمتها فيه، فتقلبها مع السين سينا، ومع الزاي زايا، إلا أنك تبقي الإطباق الذي في الصاد محافظة عليه. وقد يجوز ترك الإطباق، حملا على الأصل في الإدغام، من أن يقلب الحرف إلى جنس ما يدغم فيه ألبتة. وإذهاب الإطباق منها مع السين أحسن من إذهابه مع الزاي، لأن السين تشاركها في الهمس، ولا تخالفها الصاد بأكثر من الإطباق.
وإذا أدغمتهما في الصاد قلبتهما صادين ألبتة لأنه ليس في ذلك إخلال بهما. وكذلك إذا أدغمت السين في الزاي، والزاي في السين، قلبت كل واحدة منهما إلى جنس ما يدغم فيه ألبتة، لأنه ليس في ذلك إخلال.
ولا يدغم شيء من هذه الصفيريات في شيء مما يقاربها من الحروف، لأن في ذلك إخلالا بها، لأنها لو أدغمت لقلبت إلى جنس ما تدغم فيه فيذهب الصفير، وهو فضل صوت في الحرف.
ويدغم فيها من غيرها اللام ـ وقد تقدم ذلك في فصل اللام ـ والطاء، والدال، والتاء، والظاء، والذال، والثاء، وقد تقدم ذلك في فصل الطاء وأخواتها.
ثم الفاء: ولا تدغم في مقاربها، لأن فيها تفشيا، فلو أدغمتها لذهب ذلك التفشي. ويدغم فيها مما يقاربها الباء، فتقول: (إذهب في ذلك)، لأنه ليس في ذلك إخلال بالباء، بل تقوية بقلبها حرفا متفشيا.
فأما الميم والواو، وإن كانتا تقاربان الفاء
74
في المخرج لأنهما من الشفتين كالفاء، فلم تدغما في الفاء، لأن الميم فيها غنة والواو فيها لين، والغنة واللين فضل صوت في الحرف، فلو أدغمتها فيها لقلبتهما فاء، فتذهب الغنة واللين فيكون ذلك إخلالا بهما.
ثم الباء: وهي تدغم في الفاء والميم، لقربهما منها في المخرج. وذلك نحو: (اذهب في ذلك)، و (اصحب مطرا). ولا يدغم فيها شيء، وسبب ذلك أن الذي يقاربها في المخرج إنما هو الفاء والميم والواو: فأما الفاء فلم تدغم فيها للعلة التي تقدم ذكرها في فصل الفاء. وأما الميم والواو فلم تدغما في الباء للعلة التي منعت من إدغامهما في الفاء. وأيضا فإن النون الساكنة تقلب قبل الباء ميما، فإذا كانوا يفرون من النون الساكنة إلى الميم قبل الباء فالأحرى أن يقروها إذا وجدوها.
ثم الميم: ولا تدغم في شيء مما يقاربها، لأنها إنما يقاربها في المخرج الفاء، والباء، والواو، وقد تقدم ذكر السبب المانع من إدغام الميم في هذه الأحرف الثلاثة. ولا يدغم فيها إلا النون ـ وقد تقدم ذلك في فصل النون وأخواتها ـ والياء، وقد تقدم ذلك في فصل الياء وأخواتها.
ثم الواو وهي لا تدغم إلا في الياء، لاجتماعها معها في الإعلال واللين. ولا تدغم في شيء مما يقاربها، لأنها حرف علة والمقارب لها حروف صحة ـ وهي الميم والباء والفاء ـ وقد تقدم أن حروف العلة لا تدغم في حروف الصحة، وإعطاء السبب في ذلك. ولا يدغم فيها من غيرها إلا النون، وقد تقدم ذلك في فصل النون وأخواتها.
واعلم أن الإدغام في المتقاربين إنما يجوز إذا كانا من كلمتين، لأنه لا يلتبس إذ ذاك بإدغام المثلين، لأن الإدغام فيما هو من كلمتين لا يلزم، بل يجوز الإظهار فيكون في ذلك بيان للأصل. فإن اجتمع المتقاربان في كلمة واحدة لم يجز الإدغام لما في ذلك من اللبس بإدغام المثلين، لأن الإدغام في الكلمة الواحدة لازم. فإذا أدغمت لم يبق ما يستدل به على الأصل ؛ ألا ترى أنك لو أدغمت النون من (أنملة) في الميم فقلت: (أملة) لم يدر: هل الأصل (أنملة) أو (أمملة)؟
ولأجل اللبس، الذي في إدغام المتقاربين من كلمة واحدة بينت العرب النون الساكنة، إذا وقعت قبل الميم، أو الواو، أو الياء في كلمة، نحو: (زنم) (24)، و (أنملة)، و (قنواء) (25)، و (كنية) ولم تخفها كما تفعل بها مع سائر حروف الفم، لأن الإخفاء يقربها من الإدغام، فخافوا أن يلتبس الإخفاء بالإدغام، فقلبوا لذلك.
75
ولذلك أيضا لم يوجد في كلامهم نون ساكنة قبل راء أو لام، نحو: (عنل) و (قنر) في كلمة واحدة، لأنك إن بينت ثقل لقرب النون من الراء واللام وإن أدغمت التبس بإدغام المثلين.
إلا أن يجتمع المتقاربان في (افتعل)، أو (تفاعل)، أو (تفعل)، نحو: (اختصم)، و (تطير)، و (تطاير) فإنه، يجوز الإدغام فيها. والسبب في ذلك ما ذكرناه في إدغام المثلين، من أن التاء من هذه الأبنية الثلاثة تنزلت مما بعدها منزلة المنفصل، لأنه لا يلزم أن يكون بعدها مثلها. وكذلك أيضا لا يلزم أن يكون بعدها مقاربها كما لا يلزم ذلك في الكلمتين. فلما أشبه اجتماع المتقاربين فيها اجتماعهما في الكلمتين لم يلزم الإدغام كما لا يلزم ذلك في الكلمتين، فأمن التباس إدغام المتقاربين في هذه الأبنية بإدغام المثلين، لأن الإظهار يبين الأصل، كما كان ذلك في الكلمتين.
فإذا أردت الإدغام قلبت أحد المتقاربين إلى جنس الآخر ـ على حسب ما أحكم في الفصول المتقدمة ـ ثم أدغمت. فتقول في (تطير) و (تدارأ) إذا أردت الإدغام: (اطير) و (ادارأ)، فتقلب التاء حرفا من جنس ما بعدها وتسكنه بسبب الإدغام. ثم تدغم وتجتلب همزة الوصل، إذ لا يمكن الابتداء بالساكن. وتقول في (اختصم) إذا أردت الإدغام: (خصم) فتقلب التاء صادا وتسكنها بنقل حركتها إلى ما قبلها ثم تدغم.
هذا في لغة من قال (قتل) بفتح القاف والتاء. ومن قال: (قتل) بفتح التاء وكسر القاف قال: (خصم) بكسر الخاء وفتح الصاد. ومن قال: (قتل) بكسرهما قال: (خصم) بكسر الخاء والصاد. والعلة في ذلك كالعلة في (قتل) وأمثاله.
وحكم اسم الفاعل والمفعول والمصدر والمضارع أن يكون مثله من (قتل) وأمثاله، وقد تقدم إذ ليس بين إدغام التاء من هذه الأمثلة فيما بعدها، إذا كان مماثلا لها وبين إدغامها فيه إذا كان مقاربا لها فرق أكثر من أنك تقلب التاء إلى جنس ما يقاربها، ولا تحتاج إلى ذلك إذا أدغمتها في مثلها.
فإن قال قائل: فهلا أجريت التاء من (استفعل) مجرى التاء من (افتعل) فأدغموها فيما يقاربها كما فعلرا بتاء (افتعل) لأنها لا يلزمها أن يكون بعدها ما يماثلها ولا ما يقاربها، كما لا يلزم ذلك بتاء (افتعل)! فالجواب أن الذي منع من ذلك أنهم لو أدغموا لاحتاجوا إلى تحريك السين كما احتاجوا إلى تحريك فاء (افتعل) فكرهوا أن يحركوا حرفا لم تدخله الحركة في موضع، لأن السين لا تزاد في الفعل إلا ساكنة وأما فاء (افتعل) فإنها قد كانت متحركة قبل لحاق الفعل الزيادة، فلم تكره الحركة فيها لذلك ؛ ألا ترى أن الخاء من (اختصم) متحركة في (خصم).
76
ولأجل تعذر الإدغام شذ بعضهم، فحذف التاء من (يستطيع) لما استثقل اجتماع المتقاربين، فقال: (يسطيع).
وكذلك أيضا يجوز الإدغام في المتقاربين، وإن كانا في كلمة واحدة، إذا كان بناء الكلمة مبينا أن الإدغام لا يمكن أن يكون من قبيل إدغام المثلين. وذلك نحو: (انفعل) من (المحو) فإنك تقول فيه: (امحى) لأنه لا يمكن أن يكون من قبيل إدغام المثلين، لأنه ليس في الكلام (افعل) فعلم أنه (انمحى) في الأصل.
فهذا جميع ما يجوز فيه إدغام المتقاربين، مما هو في كلمة واحدة، إلا ما شذ من خلاف ذلك، فيحفظ ولا يقاس عليه. فمن ذلك (ست)، و (ود)، و (عدان).
أما (ست)، فأصلها (سدس) بدليل قولهم في الجمع: (أسداس). فأبدلوا من السين تاء، لأن السين مضعفة وليس بينهما حاجز إلا الدال، وهي ليست بحاجز قوي لسكونها. وأيضا فإن مخرجها من أقرب المخارج إلى مخرج السين، فكأنه قد اجتمع فيه ثلاث سينات. وكرهوا إدغام الدال في السين، لأنهم لو فعلوا ذلك لقالوا: (سس) فيزداد اللفظ سينا. فأبدلوا من السين حرفا يقرب منها ومن الدال، وهو التاء، لأن التاء تقارب الدال في المخرج والسين في الهمس، فقالوا: (سدت) فكرهوا أيضا اجتماع الدال ساكنة مع التاء، لما بينهما من التقارب حتى كأنهما مثلان، مع أن الكلمة قد كثر استعمالها، فهي مستدعية للتخفيف من أجل ذلك. فأدغموا الدال في التاء، ليخف اللفظ، فقالوا: (ست).
وأما (ود) و (عدان) فأصلهما: (وتد) و (عتدان) جمع (عتود). فاستثقلوا في (عتدان) اجتماع التاء الساكنة مع الدال، للتقارب الذي بينهما حتى كأنهما مثلان، وليس بينهما حاجز كما تقدم. وكذلك أيضا (وتد) لما سكنت التاء في لغة بني تميم ـ كما يقولون في (فخذ): فخذ ـ اجتمعت التاء ساكنة مع الدال، فاستثقلوا ذلك كما استثقلوا في (عتدان) البيان حين أدغموا فقالوا (عدان) والبيان فيه جائز. ولو كانت التاء متحركة لم تدغم، لأن الحركة في النية بعد الحرف، فتجيء بينهما.
ومما يبين استثقالهم التاء ساكنة قبل الدال اجتنابهم (وتدا) و (وطدا) في مصدر (وتد) و (وطد) وعدولهم عن ذلك إلى (تدة)، و (طدة)، كـ (عدة).
فإن كان الثاني من المتقاربين ساكنا بينا ولم يجز الإدغام. وقد شذت العرب في شيء من ذلك فحذفوا أحد المتقاربين، لما تعذر التخفيف بالإدغام لأنه يؤدي إلى اجتماع ساكنين، لأنه لا يدغم الأول في الثاني حتى يسكن كما تقدم، فقالوا :
77
(بلحارث)، و (بلعنبر)، و (بلهجيم) في (بني الحارث)، و (بني العنبر)، و (بني الهجيم). وكذلك يفعلون في كل قبيلة ظهر فيها لام المعرفة، نحو: (بلهجيم)، و (بلقين) في (بني الهجيم) و (بني القين).
فإن لم تظهر فيها لام المعرفة لم يحذفوا، نحو: (بني النجار)، و (بني النمر)، و (بني التيم) لئلا يجتمع عليه علتان: الإدغام والحذف. وذلك أنه لما حذفت الياء من (بني) لالتقائها ساكنة مع لام التعريف اجتمعت النون مع اللام وهما متقاربان، فكره اجتماعهما لما في ذلك من الثقل، مع أنه قد كثر استعمالهم لذلك، وكثرة الاستعمال مدعاة للتخفيف. فخففوا بالحذف، إذ لا يمكن التخفيف بالإدغام) (26).
الإدغام الأصغر أو الإدغام الصغير
راجع ؛ الإدغام (أ).
الإدغام الأكبر أو الإدغام الكبير
راجع: الإدغام (ب).
الإدغام الصغير
راجع: الإدغام (أ).
الإدغام الكبير
راجع: الإدغام (ب).
__________________
(1) هو عبد الله بن أبي إسحاق الزيادي الحضرمي الذي هجاه الفرزدق.
(2) اسحنكك الليل: اشتد ظلامه.
(3) احرنجم القوم: تجمعوا.
(4) الجيئل: الضخم من كل شيء أو القبيح.
(5) البيت لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص 167.
(6) السرر: ج السرير.
(7) الدرر: ج الدرة.
(8) الطب: الحاذق، والعالم.
(9) الدججان: الدبيب في السير. والبيت لهميان بن قحافة.
(10) القردد: ما ارتفع من الأرض وغلظ.
(11) البيت لأبي النجم في خزانة الأدب 2 / 390 ؛ والدرر 6 / 138.
(12) البيت للعجاج في ديوانه ص 47.
والوجى: الحفا. الأظلل: الأظل، أي باطن خف البعير.
(13) أي سورة يس.
(14) المزمل: 2.
(15) فر الدابة: كشف عن أسنانها ليعرف عمرها.
(16) عن الممتع في التصريف ص 631 ـ 662.
(18) البيت لأبي خالد القناني في شرح أبيات سيبويه 2 / 416.
(19) المنعب: الفرس الكريم يمد عنقه كالغراب.
(20) منغل: من (انغل) بمعنى: دخل في الشيء.
(21) الرجز لأبي جهل، وينسب إلى الإمام علي.
(22) سبق تخريج البيت منذ قليل.
(23) البيت لابن مقبل في الكتاب 2 / 419.
والصبير: ما تراكب من السحاب. العرا: العراء.
(24) زنم: جمع زنماء، وهي الشاة التي لها زنمة، وهي اللحمة المتدلية كالقرط من الأذن.
(25) القنواء: المحدودبة الأنف.