1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

تأملات قرآنية

مصطلحات قرآنية

هل تعلم

علوم القرآن

أسباب النزول

التفسير والمفسرون

التفسير

مفهوم التفسير

التفسير الموضوعي

التأويل

مناهج التفسير

منهج تفسير القرآن بالقرآن

منهج التفسير الفقهي

منهج التفسير الأثري أو الروائي

منهج التفسير الإجتهادي

منهج التفسير الأدبي

منهج التفسير اللغوي

منهج التفسير العرفاني

منهج التفسير بالرأي

منهج التفسير العلمي

مواضيع عامة في المناهج

التفاسير وتراجم مفسريها

التفاسير

تراجم المفسرين

القراء والقراءات

القرآء

رأي المفسرين في القراءات

تحليل النص القرآني

أحكام التلاوة

تاريخ القرآن

جمع وتدوين القرآن

التحريف ونفيه عن القرآن

نزول القرآن

الناسخ والمنسوخ

المحكم والمتشابه

المكي والمدني

الأمثال في القرآن

فضائل السور

مواضيع عامة في علوم القرآن

فضائل اهل البيت القرآنية

الشفاء في القرآن

رسم وحركات القرآن

القسم في القرآن

اشباه ونظائر

آداب قراءة القرآن

الإعجاز القرآني

الوحي القرآني

الصرفة وموضوعاتها

الإعجاز الغيبي

الإعجاز العلمي والطبيعي

الإعجاز البلاغي والبياني

الإعجاز العددي

مواضيع إعجازية عامة

قصص قرآنية

قصص الأنبياء

قصة النبي ابراهيم وقومه

قصة النبي إدريس وقومه

قصة النبي اسماعيل

قصة النبي ذو الكفل

قصة النبي لوط وقومه

قصة النبي موسى وهارون وقومهم

قصة النبي داوود وقومه

قصة النبي زكريا وابنه يحيى

قصة النبي شعيب وقومه

قصة النبي سليمان وقومه

قصة النبي صالح وقومه

قصة النبي نوح وقومه

قصة النبي هود وقومه

قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف

قصة النبي يونس وقومه

قصة النبي إلياس واليسع

قصة ذي القرنين وقصص أخرى

قصة نبي الله آدم

قصة نبي الله عيسى وقومه

قصة النبي أيوب وقومه

قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله

سيرة النبي والائمة

سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام

سيرة الامام علي ـ عليه السلام

سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله

مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة

حضارات

مقالات عامة من التاريخ الإسلامي

العصر الجاهلي قبل الإسلام

اليهود

مواضيع عامة في القصص القرآنية

العقائد في القرآن

أصول

التوحيد

النبوة

العدل

الامامة

المعاد

سؤال وجواب

شبهات وردود

فرق واديان ومذاهب

الشفاعة والتوسل

مقالات عقائدية عامة

قضايا أخلاقية في القرآن الكريم

قضايا إجتماعية في القرآن الكريم

مقالات قرآنية

التفسير الجامع

حرف الألف

سورة آل عمران

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

سورة إبراهيم

سورة الإسراء

سورة الأنبياء

سورة الأحزاب

سورة الأحقاف

سورة الإنسان

سورة الانفطار

سورة الإنشقاق

سورة الأعلى

سورة الإخلاص

حرف الباء

سورة البقرة

سورة البروج

سورة البلد

سورة البينة

حرف التاء

سورة التوبة

سورة التغابن

سورة التحريم

سورة التكوير

سورة التين

سورة التكاثر

حرف الجيم

سورة الجاثية

سورة الجمعة

سورة الجن

حرف الحاء

سورة الحجر

سورة الحج

سورة الحديد

سورة الحشر

سورة الحاقة

الحجرات

حرف الدال

سورة الدخان

حرف الذال

سورة الذاريات

حرف الراء

سورة الرعد

سورة الروم

سورة الرحمن

حرف الزاي

سورة الزمر

سورة الزخرف

سورة الزلزلة

حرف السين

سورة السجدة

سورة سبأ

حرف الشين

سورة الشعراء

سورة الشورى

سورة الشمس

سورة الشرح

حرف الصاد

سورة الصافات

سورة ص

سورة الصف

حرف الضاد

سورة الضحى

حرف الطاء

سورة طه

سورة الطور

سورة الطلاق

سورة الطارق

حرف العين

سورة العنكبوت

سورة عبس

سورة العلق

سورة العاديات

سورة العصر

حرف الغين

سورة غافر

سورة الغاشية

حرف الفاء

سورة الفاتحة

سورة الفرقان

سورة فاطر

سورة فصلت

سورة الفتح

سورة الفجر

سورة الفيل

سورة الفلق

حرف القاف

سورة القصص

سورة ق

سورة القمر

سورة القلم

سورة القيامة

سورة القدر

سورة القارعة

سورة قريش

حرف الكاف

سورة الكهف

سورة الكوثر

سورة الكافرون

حرف اللام

سورة لقمان

سورة الليل

حرف الميم

سورة المائدة

سورة مريم

سورة المؤمنين

سورة محمد

سورة المجادلة

سورة الممتحنة

سورة المنافقين

سورة المُلك

سورة المعارج

سورة المزمل

سورة المدثر

سورة المرسلات

سورة المطففين

سورة الماعون

سورة المسد

حرف النون

سورة النساء

سورة النحل

سورة النور

سورة النمل

سورة النجم

سورة نوح

سورة النبأ

سورة النازعات

سورة النصر

سورة الناس

حرف الهاء

سورة هود

سورة الهمزة

حرف الواو

سورة الواقعة

حرف الياء

سورة يونس

سورة يوسف

سورة يس

آيات الأحكام

العبادات

المعاملات

القرآن الكريم وعلومه : التفسير الجامع : حرف الكاف : سورة الكهف :

تفسير الأية (45-46) من سورة الكهف

المؤلف:  المرجع الإلكتروني للمعلوماتية

المصدر:  تفاسير الشيعة

الجزء والصفحة:  ......

28-8-2020

11388

 

قال تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا (45) الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا } [الكهف: 45-46]

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هاتين الآيتين (1) :

أمر سبحانه نبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) أن يضرب المثل للدنيا تزهيدا فيها وترغيبا في الآخرة فقال { وَاضْرِبْ} يا محمد { لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ } أي: نبت بذلك الماء نبات التف بعضه ببعض يروق حسنا وغضاضة وهذا مفسر في سورة يونس (عليه السلام) { فَأَصْبَحَ هَشِيمًا } أي: كسيرا مفتتا { تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ } فتنقله من موضع إلى موضع فانقلاب الدنيا كانقلاب هذا النبات { وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا } أي: قادرا لا يجوز عليه المنع قال الحسن أي كان الله مقتدرا على كل شيء قبل كونه قال الزجاج وتأويله أن ما شاهدتم من قدرته ليس بحادث وأنه كذلك كأن لم يزل هذا مذهب سيبويه وقيل: إنه إخبار عن الماضي ودلالة على المستقبل وهذا المثل إنما هو للمتكبرين الذين اغتروا بأموالهم واستنكفوا عن مجالسة فقراء المؤمنين أخبرهم الله سبحانه أن ما كان من الدنيا لا يراد الله سبحانه به فهو كالنبت الحسن على المطر لا مادة له فهو يروق ما خالطه ذلك الماء فإذا انقطع عنه عاد هشيما لا ينتفع به.

 ثم قال { الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } أي: يتفاخر بهما ويتزين بهما في الدنيا ولا ينتفع بهما في الآخرة وإنما سماهما زينة لأن في المال جمالا وفي البنين قوة ودفعا فصارا زينة الحياة الدنيا وكلاهما لا يبقى للإنسان فينتفع به في الآخرة { وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ} وهي الطاعات لله تعالى وجميع الحسنات لأن ثوابها يبقى أبدا عن ابن عباس وقتادة { خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا } أي: أفضل ثوابا وأصدق أملا من المال والبنين وسائر زهرات الدنيا فإن من الآمال كواذب وهذا أمل لا يكذب لأن من عمل الطاعة وجد ما يأمله عليها من الثواب وقيل: إن الباقيات الصالحات هي ما كان يأتي به سلمان وصهيب وفقراء المسلمين وهو سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر عن ابن عباس في رواية عطا ومجاهد وعكرمة.

 وروى أنس بن مالك عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال لجلسائه خذوا جنتكم قالوا احذر عدوقال خذوا جنتكم من النار قولوا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فإنهم المقدمات وهن المجيبات وهن المعقبات وهن الباقيات الصالحات ورواه أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن آبائه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) ثم قال ولذكر الله أكبر قال ذكر الله عند ما أحل أوحرم وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال إن عجزتم عن الليل أن تكابدوه وعن العدو أن تجاهدوه فلا تعجزوا عن قول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فإنهن من الباقيات الصالحات فقولوها وقيل: هي الصلوات الخمس عن ابن مسعود وسعيد بن جبير ومسروق والنخعي وروي ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام) وروي عنه أيضا أن من الباقيات الصالحات القيام بالليل لصلاة الليل وقيل إن الباقيات الصالحات هن البنات الصالحات والأولى حملها على العموم فيدخل فيها جميع الطاعات والخيرات.

 وفي كتاب ابن عقدة أن أبا عبد الله (عليه السلام) قال للحصين بن عبد الرحمن يا حصين لا تستصغر مودتنا فإنها من الباقيات الصالحات قال يا ابن رسول الله ما استصغرها ولكن أحمد الله عليها وإنما سميت الطاعات صالحات لأنها أصلح الأعمال للمكلف من حيث أمر بها ووعد الثواب عليها وتوعد بالعقاب على تركها.

___________________

1- تفسير مجمع البيان ،الطبرسي،ج6،ص351-352.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هاتين الآيتين (1) :

{ واضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ } . الدنيا حلوة خضرة في منظرها ، وغرّارة ضرارة في مخبرها ، لا خير في شيء من أزوادها إلا التقوى ، كما قال الإمام علي ( عليه السلام ) ، وهذا هو معنى الآية ، حيث شبه سبحانه الدنيا في نضرتها بمطر نزل على الأرض ، فأخصبت وأنبتت من كل زوج بهيج ، ولكن ما أسرع أن ذوى وجف يابسا وهشيما تنثره الرياح ، وهكذا زينة الحياة الخاصة : منظر جميل ، ومخبر عليل { وكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً } . يقدر على إزالة الكون وإفنائه ، تماما كما قدر على خلقه وإيجاده . . قال ابن عربي في الفتوحات المكية : « ان اللَّه قادر من حيث الأمر ، ومقتدر من حيث الخلق يريد ان اللَّه يتصف بالقدرة من حيث إنه يقول للشيء « كن فيكون » سواء أقال له ذلك ، أم لم يقل ، ويتصف بالاقتدار من حيث أنه قال بالفعل ووجد الشيء كذلك .المال والبنون زينة الحياة

{ الْمالُ والْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا } . زينة الحياة على نوعين ، عامة وخاصة ، والعامة كتيسير المواصلات وبناء السدود ، وما إليه من مشاريع الري ، وكإنشاء الجامعات للعلوم ، والروضات للأطفال ، والمصانع لسد الحاجات ، ونحوها مما ينفع الناس بجهة من الجهات . أما الزينة الخاصة فهي كالدار والسيارة الفارهة ، والولد الناجح المطيع ، والمكانة الاجتماعية وما إلى ذلك من المنافع الشخصية ، وهذه الزينة ليست محرمة ، كيف وهوالقائل جلت حكمته : « قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ والطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ » - 32 الأعراف ج 3 ص 320 .

ولكن الزينة الخاصة لا تستأهل أن يعتز بها الإنسان ويفخر ، لأن عظمته لا تقاس بها ، وانما تقاس بالزينة العامة ، بما ينفع الناس ، ويبقى جيلا بعد جيل ، وهذه هي التي عناها اللَّه بقوله : { والْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وخَيْرٌ أَمَلاً } لأن فاعلها ينال في الآخرة ما يأمل ، إلى جانب الاحترام وخلود الذكر في هذه الحياة .

والخلاصة ان المال وسيلة ، لا غاية ، فيوزن ويقدر بنتائجه وآثاره ، ان خيرا فخير ، وان شرا فشر ، فإذا صرف في وجوه الشر والفساد كسباق التسلح فهو شر ، وان صرف في سد الحاجات فهو خير ، والخير على نوعين : فإن دفع عن صاحبه ضرا أو جلب له نفعا وكفى فهو خير خاص يزول بزوال وقته ، وان عاد بالنفع على الجميع فهوخير عام ، ومن الباقيات الصالحات .

________________

1- التفسير الكاشف، ج 5، محمد جواد مغنية، ص 132-133.

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هاتين الآيتين (1) :

قوله تعالى:{ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ} إلخ هذا هو المثل الثاني ضرب لتمثيل الحياة الدنيا بما يقارنها من الزينة السريعة الزوال.

والهشيم فعيل بمعنى مفعول من الهشم، وهو على ما قال الراغب كسر الشيء الرخوكالنبات، وذرا يذروذروا أي فرق، وقيل: أي جاء به وذهب، وقوله:{ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ} ولم يقل: اختلط بنبات الأرض إشارة إلى غلبته في تكوين النبات على سائر أجزائه، ولم يذكر مع ماء السماء غيره من مياه العيون والأنهار لأن مبدأ الجميع ماء المطر، وقوله:{ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا} أصبح فيه - كما قيل - بمعنى صار فلا يفيد تقييد الخبر بالصباح.

والمعنى: واضرب لهؤلاء المتولهين بزينة الدنيا المعرضين عن ذكر ربهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء وهو المطر فاختلط به نبات الأرض فرف نضارة وبهجة وظهر بأجمل حلية فصار بعد ذلك هشيما مكسرا متقطعا تعبث به الرياح تفرقة وتجيء به وتذهب وكان الله على كل شيء مقتدرا.

قوله تعالى:{ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} إلى آخر الآية الآية بمنزلة النتيجة للمثل السابق وهي أن المال والبنين وإن تعلقت بها القلوب وتاقت إليها النفوس تتوقع منها الانتفاع وتحف بها الآمال لكنها زينة سريعة الزوال غارة لا يسعها أن تثيبه وتنفعه في كل ما أراده منها ولا أن تصدقه في جميع ما يأمله ويتمناه بل ولا في أكثره ففي الآية - كما ترى - انعطاف إلى بدء الكلام أعني قوله:{إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها} الآيتين.

وقوله:{ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} المراد بالباقيات الصالحات الأعمال الصالحة فإن أعمال الإنسان محفوظة له عند الله بنص القرآن فهي باقية وإذا كانت صالحة فهي باقيات صالحات، وهي عند الله خير ثوابا لأن الله يجازي الإنسان الجائي بها خير الجزاء، وخير أملا لأن ما يؤمل بها من رحمة الله وكرامته ميسور للإنسان فهي أصدق أملا من زينات الدنيا وزخارفها التي لا تفي للإنسان في أكثر ما تعد، والآمال المتعلقة بها كاذبة على الأغلب وما صدق منها غار خدوع.

وقد ورد من طرق الشيعة وأهل السنة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن طرق الشيعة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) عدة من الروايات: أن الباقيات الصالحات التسبيحات الأربع: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وفي أخرى أنها الصلاة وفي أخرى مودة أهل البيت وهي جميعا من قبيل الجري والانطباق على المصداق.

______________

1- تفسير الميزان ،الطباطبائي،ج13،ص258.

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هاتين الآيتين (1) :

بداية ونهاية الحياة في لوحة حيَّة:

الآيات السابقة تحدَّثت عن عدم دوام نعم الدنيا، ولأنَّ إِدراك هذه الحقيقة لعمر بطول (60 ـ80) سنة يُعتبر أمراً صعباً بالنسبة للأفراد العاديين، لذا فإِنَّ القرآن قد جسَّدَ هذه الحقيقة مِن خلال مثال حي ومُعبِّر كي يستيقظ الغافلون المغرورون مِن غفلتهم ونومهم عندما يشاهدون تكرار هذا الأمر عدّة مرّات خلال عمرهم.

يقول تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ } هذه القطرات الواهبة للحياة تسقط على الجبال والصحراء، وتعيد الحياة للبذور المستعدة الكامنة في الأرض المستعدَّة بدورها، لتبدأ حركتها التكاملية.

إِنَّ الطبقة الخارجية السميكة للبذور تلين قبال المطر، وتسمح للبراعم في الخروج منها، وأخيراً تشق هذِ البراعم التراب وتخترقه، الشمس تشع، النسيم يهب، المواد الغذائية في الأرض تقدِّم ما تستطيع، تتقوى البراعم بسبب عوامل الحياة هذه ثمّ تُواصل نموها، بحيث ـ بعد فترة ـ نرى أن نباتات الأرض تتشابك فيما بينها: {فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ }.

الجبل والصحراء يتحولان إلى قوّة حياتية دافعة، أمّا البراعم والفواكه والأوراد فإِنّها تزيِّن الأغصان، وكأنَّ الجميع يضحك، يصرخون صُراخ الفرح; يرقصون فرحاً!

لكن هذا الواقع الجذّاب لا يدوم طويلا، حيث تهب رياح الخريف وتلقي بغبار الموت على النباتات، يبرد الهواء، وتشح المياه، ولا تمضي مدّة حتى يمسى ذلك الزرع الجميل الأخضر ذو الأغصان المورقة، ميتاً ويابساً:{ فَأَصْبَحَ هَشِيماً}(2).

تلك الأوراق التي لم تتمكن العواصف الهوجاء مِن فصلها عن الأغصان في فصل الربيع، قد أصبحت ضعيفة بدون روح بحيث أنَّ أي نسيم يهب عليها يستطيع فصلها عن الأغصان ويرسلها إلى أي مكان شاء: {تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ }(3).

نعم: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا}.

الآية التي بعدها تذكر وضع المال والثروة والقوة الإِنسانية اللذين يعتبران ركنين أساسيين في الحياة الدنيا، حيثُ تقول: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا }.

إِنَّ هذه الآية ـ في الحقيقة ـ تُشير إلى أهم قسمين في رأسمال الحياة حيثُ ترتبط الإشياء الأُخرى بهما، إِنّها تشير إلى (القوّة الإِقتصادية) و (القوّة الإِنسانية) لأنَّ وجودهما ضروري لتحقيق أي هدف مادي، خاصّة في الأزمنة السابقة إِذ كان من يملك أبناء أكثر يعتبر نفسهُ أكثر قوة، لأنَّ الأبناءهم رُكن القوّة، وقد وجدنا في الآيات السابقة أنَّ صاحب البستان الغني كان يتباهى بأمواله وأعوانه على الآخرين ويقول: {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا }.

لذا فإِنّهم كانوا يعتمدون على «البنين» جمع (ابن) والمقصود به الولد الذكر، حيث كانوا يعتبرون الولد رأسمال القوّة الفعّالة للإِنسان، وبالطبع ليسَ للبنات نفس المركز أو المقام.

المهم أنَّ {الْمَالُ وَالْبَنُونَ } بمثابة الورد والبراعم الموجودة على أغصان الشجر، إِنّها تزول بسرعة ولا تستمر طويلا، وإِذا لم تستثمر في طريق المسير إلى (الله) فلا يُكتب لها الخلود، ولا يكون لها أدنى اعتبار.

ورأينا أنَّ أكثر الأموال ثباتاً ودواماً والمتمثلة في البستان والأرض الزراعية وعين الماء قد أبيدت خلال لحظات.

وفيما يخص الأبناء; فبالإِضافة إلى أنَّ حياتهم وسلامتهم معرَّضة للخطر دائماً، فهم يكونون في بعض الأحيان أعداءً بدلا مِن أن يكونوا عوناً في إِجتياز المشاكل والصعوبات.

ثمّ يُضيف القرآن: {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا }.

بالرغم مِن أنَّ بعض المفسّرين أرادوا حصر مفهوم (الباقيات الصالحات) في دائرة خاصّة مِثل الصلوات الخمس أو ذكر: سبحان الله والحمد لله ولا إِله إِلاّ الله والله أكبر، وأمثال هذه الأُمور، إِلاَّ أنَّ الواضح أنَّ هذا التغيير هو مِن السعة بحيث يشمل كل فكره وقول وعمل صالح تدوم وتبقى آثاره وبركاته بين الأفراد والمجتمعات.

فإِذا رأينا في بعض الرّوايات أنّ الباقيات الصالحات تفسّر بصلاة الليل، أو مودة أهل البيت(عليهم السلام)، فإِن الغرض مِن ذلك هو بيان المصداق البارز، وليسَ تحديد المفهوم ، خاصّة وإِن بعض هذه الرّوايات استخدمت فيها كلمة (من) التي تدل على التبعيض.

فمثلا في رواية عن الإِمام الصادق(عليه السلام) أنَّهُ قال: «لا تستصغر مودّتنا فإِنّها مِن الباقيات الصالحات».(4)

وفي حديث آخر عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) نقرأ قوله: «لا تتركوا التسبيحات الأربع فإنّها مِن الباقيات الصالحات».

وحتى الأموال المتزلزلة أو الأبناء الذين يكونون احياناً فتنة وإِختباراً، إذ استخدمت في مسير الله تبارك وتعالى فإِنّها ستكون من الباقيات الصالحات، لأنَّ الذات المقدسة الإِلهية ذات أبدية، فكل ما يرتبط بها ويسير نحوها سيكتب له البقاء والابدية.

______________

1- تفسير الامثل،ناصر مكارم الشيرازي،ج7،ص518-520.

2 ـ «هشيم» مِن «هشم» بمعنى محطَّم، وهي هُنا تطلق على النباتات المتيبسة والمتحطِّمة.

3 ـ «تذوره» مِن «ذرو» وتعني التشتيت.

4- بحار الانوار،ج23،ص250.

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي