1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

تأملات قرآنية

مصطلحات قرآنية

هل تعلم

علوم القرآن

أسباب النزول

التفسير والمفسرون

التفسير

مفهوم التفسير

التفسير الموضوعي

التأويل

مناهج التفسير

منهج تفسير القرآن بالقرآن

منهج التفسير الفقهي

منهج التفسير الأثري أو الروائي

منهج التفسير الإجتهادي

منهج التفسير الأدبي

منهج التفسير اللغوي

منهج التفسير العرفاني

منهج التفسير بالرأي

منهج التفسير العلمي

مواضيع عامة في المناهج

التفاسير وتراجم مفسريها

التفاسير

تراجم المفسرين

القراء والقراءات

القرآء

رأي المفسرين في القراءات

تحليل النص القرآني

أحكام التلاوة

تاريخ القرآن

جمع وتدوين القرآن

التحريف ونفيه عن القرآن

نزول القرآن

الناسخ والمنسوخ

المحكم والمتشابه

المكي والمدني

الأمثال في القرآن

فضائل السور

مواضيع عامة في علوم القرآن

فضائل اهل البيت القرآنية

الشفاء في القرآن

رسم وحركات القرآن

القسم في القرآن

اشباه ونظائر

آداب قراءة القرآن

الإعجاز القرآني

الوحي القرآني

الصرفة وموضوعاتها

الإعجاز الغيبي

الإعجاز العلمي والطبيعي

الإعجاز البلاغي والبياني

الإعجاز العددي

مواضيع إعجازية عامة

قصص قرآنية

قصص الأنبياء

قصة النبي ابراهيم وقومه

قصة النبي إدريس وقومه

قصة النبي اسماعيل

قصة النبي ذو الكفل

قصة النبي لوط وقومه

قصة النبي موسى وهارون وقومهم

قصة النبي داوود وقومه

قصة النبي زكريا وابنه يحيى

قصة النبي شعيب وقومه

قصة النبي سليمان وقومه

قصة النبي صالح وقومه

قصة النبي نوح وقومه

قصة النبي هود وقومه

قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف

قصة النبي يونس وقومه

قصة النبي إلياس واليسع

قصة ذي القرنين وقصص أخرى

قصة نبي الله آدم

قصة نبي الله عيسى وقومه

قصة النبي أيوب وقومه

قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله

سيرة النبي والائمة

سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام

سيرة الامام علي ـ عليه السلام

سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله

مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة

حضارات

مقالات عامة من التاريخ الإسلامي

العصر الجاهلي قبل الإسلام

اليهود

مواضيع عامة في القصص القرآنية

العقائد في القرآن

أصول

التوحيد

النبوة

العدل

الامامة

المعاد

سؤال وجواب

شبهات وردود

فرق واديان ومذاهب

الشفاعة والتوسل

مقالات عقائدية عامة

قضايا أخلاقية في القرآن الكريم

قضايا إجتماعية في القرآن الكريم

مقالات قرآنية

التفسير الجامع

حرف الألف

سورة آل عمران

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

سورة إبراهيم

سورة الإسراء

سورة الأنبياء

سورة الأحزاب

سورة الأحقاف

سورة الإنسان

سورة الانفطار

سورة الإنشقاق

سورة الأعلى

سورة الإخلاص

حرف الباء

سورة البقرة

سورة البروج

سورة البلد

سورة البينة

حرف التاء

سورة التوبة

سورة التغابن

سورة التحريم

سورة التكوير

سورة التين

سورة التكاثر

حرف الجيم

سورة الجاثية

سورة الجمعة

سورة الجن

حرف الحاء

سورة الحجر

سورة الحج

سورة الحديد

سورة الحشر

سورة الحاقة

الحجرات

حرف الدال

سورة الدخان

حرف الذال

سورة الذاريات

حرف الراء

سورة الرعد

سورة الروم

سورة الرحمن

حرف الزاي

سورة الزمر

سورة الزخرف

سورة الزلزلة

حرف السين

سورة السجدة

سورة سبأ

حرف الشين

سورة الشعراء

سورة الشورى

سورة الشمس

سورة الشرح

حرف الصاد

سورة الصافات

سورة ص

سورة الصف

حرف الضاد

سورة الضحى

حرف الطاء

سورة طه

سورة الطور

سورة الطلاق

سورة الطارق

حرف العين

سورة العنكبوت

سورة عبس

سورة العلق

سورة العاديات

سورة العصر

حرف الغين

سورة غافر

سورة الغاشية

حرف الفاء

سورة الفاتحة

سورة الفرقان

سورة فاطر

سورة فصلت

سورة الفتح

سورة الفجر

سورة الفيل

سورة الفلق

حرف القاف

سورة القصص

سورة ق

سورة القمر

سورة القلم

سورة القيامة

سورة القدر

سورة القارعة

سورة قريش

حرف الكاف

سورة الكهف

سورة الكوثر

سورة الكافرون

حرف اللام

سورة لقمان

سورة الليل

حرف الميم

سورة المائدة

سورة مريم

سورة المؤمنين

سورة محمد

سورة المجادلة

سورة الممتحنة

سورة المنافقين

سورة المُلك

سورة المعارج

سورة المزمل

سورة المدثر

سورة المرسلات

سورة المطففين

سورة الماعون

سورة المسد

حرف النون

سورة النساء

سورة النحل

سورة النور

سورة النمل

سورة النجم

سورة نوح

سورة النبأ

سورة النازعات

سورة النصر

سورة الناس

حرف الهاء

سورة هود

سورة الهمزة

حرف الواو

سورة الواقعة

حرف الياء

سورة يونس

سورة يوسف

سورة يس

آيات الأحكام

العبادات

المعاملات

القرآن الكريم وعلومه : التفسير الجامع : حرف الغين : سورة غافر :

تفسير الآية (36-40) من سورة غافر

المؤلف:  إعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية

المصدر:  تفاسير الشيعة

الجزء والصفحة:  .....

17-8-2020

5208

قال تعالى : {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ (37) وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38) يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَو أُنْثَى وَهُو مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ} [غافر : 36 - 40] .

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

بين سبحانه ما موه به فرعون على قومه لما وعظه المؤمن وخوفه من قتل موسى وانقطعت حجته بقوله {وقال فرعون يا هامان} وهو وزيره وصاحب أمره {ابن لي صرحا} أي قصرا مشيدا بالآجر وقيل مجلسا عاليا عن الحسن {لعلي أبلغ الأسباب} ثم فسر تلك الأسباب فقال {أسباب السموات} والمعنى لعلي أبلغ الطرق من سماء إلى سماء عن السدي وقيل أبلغ أبواب طرق السموات عن قتادة وقيل منازل السموات عن ابن عباس وقيل لعلي أتسبب وأتوصل به إلى مرادي وإلى علم ما غاب عني .

ثم بين مراده فقال {أسباب السموات} {فأطلع إلى إله موسى} أي فانظر إليه فأراد به التلبيس على الضعفة مع علمه باستحالة ذلك عن الحسن وقيل أراد فأصل إلى إله موسى فغلبه الجهل واعتقد أن الله سبحانه في السماء وأنه يقدر على بلوغ السماء {وإني لأظنه كاذبا} معناه وإني لأظن موسى كاذبا في قوله إن له إلها غيري أرسله إلينا .

{وكذلك} أي مثل ما زين لهؤلاء الكفار سوء أعمالهم {زين لفرعون سوء عمله} أي قبيح عمله وإنما زين له ذلك أصحابه وجلساؤه وزين له الشيطان كما قال وزين لهم الشيطان أعمالهم {وصد عن السبيل} ومن ضم الصاد فالمعنى أنه صده غيره ومن فتح فالمعنى أنه صد نفسه أوصد غيره {وما كيد فرعون} في إبطال آيات موسى {إلا في تباب} أي هلاك وخسار لا ينفعه ثم عاد الكلام إلى ذكر نصيحة مؤمن آل فرعون وهو قوله {وقال الذي آمن يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد} أي طريق الهدى وهو الإيمان بالله وتوحيده والإقرار بموسى وقيل إن هذا القائل موسى أيضا عن الجبائي .

{يا قوم إنما هذه الحيوة الدنيا متاع} أي انتفاع قليل ثم يزول وينقطع ويبقى وزره وآثامه {وأن الآخرة هي دار القرار} أي دار الإقامة التي يستقر الخلائق فيها فلا تغتروا بالدنيا الفانية ولا تؤثروها على الدار الباقية .

{من عمل سيئة فلا يجزي إلا مثلها} أي من عمل معصية فلا يجزي إلا مقدار ما يستحقه عليها من العقاب لا أكثر من ذلك {ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن} مصدق بالله وأنبيائه شرط الإيمان في قبول العمل الصالح {فأولئك يدخلون الجنة يرزقون بغير حساب} أي زيادة على ما يستحقونه تفضلا من الله تعالى ولوكان على مقدار العمل فقط لكان بحساب وقيل معناه لا تبعة عليهم فيما يعطون من الخير في الجنة عن مقاتل قال الحسن هذا كلام مؤمن آل فرعون ويحتمل أن يكون كلام الله تعالى إخبارا عن نفسه .

________________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج8 ، ص442-443 .

 

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه الآيات (1) :

 

{وقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى وإِنِّي لأَظُنُّهُ كاذِباً} . طلب فرعون من وزيره هامان أن يبني له برجا عاليا يصعد به إلى السماء ليبحث فيها عن اللَّه ، ويتأكد من قول موسى . . طلب هذا ، وهو على يقين انه أعجز وأحقر ، ولكنه أيضا على يقين ان في مملكته قاصري العقل والوعي يصدقونه فيما يقول ، ولذا موّه ودلَّس ، وليس قوله هذا بأعظم من قوله : أنا ربكم الأعلى . . وما كان ليجرأ على مثله لولا أن يجد من يقول له : أجل ، إنك أنت العلي الكبير ! . . ونحن الآن في القرن العشرين وعصر الفضاء والقمر ، ومع هذا وجد الدالاي لاما من يقول له :

أنت إله . . ووجد آغا خان من يقول له : أنت نصف إله ، (وفي كل قطر كعبة وإمام) .

{وكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ} . أمران يزينان للإنسان سوء أعماله : اتباع الهوى ، والإصرار على الجهل ، وقد زيّن الهوى لفرعون أن يدّعي الربوبية فادّعاها ، وزيّن الجهل طاعة فرعون فأطاعوه {وما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ} أي في خسران . . وكل من حاول أو يحاول أن يخدع الناس ويمكر بهم ويكيد لهم فهو خاسر وان كان له ملك فرعون ومال قارون .

{وقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ} . حذر المؤمن الناصح قومه أولا وثانيا ، وهذه هي المرة الثالثة ، وفيها يرغب إلى قومه أن يقبلوا منه النصيحة لأنه يريد لهم النجاة والخير ، أما غيره فيقودهم إلى الشر والهلاك {يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ وإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ} . متاع الحياة الدنيا زائل بائد ، ما في ذلك ريب ، أما الحياة الآخرة فباقية دائمة ، فأي الحياتين أولى بالعمل لها ؟ وفي نهج البلاغة : ما يصنع بالدنيا من خلق للآخرة ؟ وما يصنع بالمال من عما قليل يسلبه ، وتبقى عليه تبعته وحسابه ؟ وفيه أيضا : مرارة الدنيا حلاوة الآخرة ، وحلاوة الآخرة مرارة الدنيا .

{مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها ومَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَو أُنْثى وهُو مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ} . اللَّه عادل وكريم ، ويتجلى عدله في عقوبة المسئ ، فإنها عند اللَّه تساوي سيئته جزاء وفاقا . وقد تنقص العقوبة رأفة منه تعالى ورحمة ، أما المحسن فيضاعف له الجزاء أضعافا كثيرة وبغير حساب ذكرا كان أو أنثى ، وكفى بالجنة ثوابا ونوالا ، وتدل الآية بوضوح على أن الجنة وقف خاص على من آمن باللَّه واليوم الآخر إيمانا لا يشوبه ريب ، أما من يفعل الخير لوجه الخير ، وهو كافر باللَّه واليوم الآخر ، أما هذا فجزاؤه في غير الجنة لأنها محرمة على الكافرين . انظر ج 2 ص 211 فقرة (الكافر وعمل الخير) . وفي بعض الروايات ان رسول اللَّه (صلى الله عليه واله ) قال : ما أحسن محسن مسلم أو كافر إلا أثابه اللَّه . فقيل يا رسول اللَّه ما إثابة الكافر ؟ قال :

المال والولد والصحة وأشباه ذلك . قيل : فما اثابته في الآخرة ؟ قال : يعذب عذابا دون عذاب .

_________________

1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج6 ، ص452-454 .

 

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

قوله تعالى : {وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا - إلى قوله - في تباب} أمر منه لوزيره هامان أن يبني له بناء يتوصل به إلى الاطلاع إلى إله موسى ولعله أصدر هذا الأمر أثناء محاجة الذي آمن وبعد الانصراف عن قتل موسى ولذلك وقع ذكره بين مواعظ الذي آمن واحتجاجاته .

والصرح - على ما في المجمع ، - البناء الظاهر الذي لا يخفى على عين الناظر وإن بعد ، والأسباب جمع سبب وهوما تتوصل به إلى ما يبتعد عنك .

وقوله : {لعلي أبلغ الأسباب} في معنى التعليل لأمره ببناء الصرح ، والمعنى آمرك ببنائه لأني أرجو أن أبلغ بالصعود عليه الأسباب ثم فسر الأسباب بقوله : {أسباب السموات} وفرع عليه قوله : {فأطلع إلى إله موسى} كأنه يقول : إن الإله الذي يدعوه ويدعو إليه موسى ليس في الأرض إذ لا إله فيها غيري فلعله في السماء فابن لي صرحا لعلي أبلغ بالصعود عليه الأسباب السماوية الكاشفة عن خبايا السماء فأطلع من جهتها إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا .

وقيل : إن مراده أن يبني له رصدا يرصد فيه الأوضاع السماوية لعله يعثر فيها على ما يستدل به على وجود إله موسى بعد اليأس عن الظفر عليه بالوسائل الأرضية وهو حسن ، وعلى أي حال لا يستقيم ما ذكره على شيء من مذاهب الوثنية فلعله كان منه تمويها على الناس أو جهلا منه وما هومن الظالمين ببعيد .

وقوله : {وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل} مفاد السياق أنه في معنى إعطاء الضابط لما واجه به فرعون الحق الذي كان يدعوه إليه موسى فقد زين الشيطان له قبيح عمله فرآه حسنا وصده عن سبيل الرشاد فرأى انصداده عنها ركوبا عليها فجادل في آيات الله بالباطل وأتى بمثل هذه الأعمال القبيحة والمكائد السفيهة لإدحاض الحق .

ولذلك ختمت الآية بقوله : {وما كيد فرعون إلا في تباب} أي هلاك وانقطاع .

قوله تعالى : {وقال الذي آمن يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد} يدعوهم إلى اتباعه ليهديهم ، واتباعه اتباع موسى ، وسبيل الرشاد السبيل التي في سلوكها إصابة الحق والظفر بالسعادة ، والهداية بمعنى إراءة الطريق ، وفي قوله : {أهدكم سبيل الرشاد} تعريض لفرعون حيث قال : {وما أهديكم إلا سبيل الرشاد} والباقي ظاهر .

قوله تعالى : {يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار} هذا هو السناد الذي يستند إليه سلوك سبيل الرشاد والتدين بدين الحق لا غنى عنه بحال وهو الاعتقاد بأن للإنسان حياة خالدة مؤبدة هي الحياة الآخرة وأن هذه الحياة الدنيا متاع في الآخرة ومقدمة مقصودة لأجلها ، ولذلك بدأ به في بيان سبيل الرشاد ثم ذكر السيئة والعمل الصالح .

قوله تعالى : {من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها} إلى آخر الآية .

أي إن الذي يصيبه ويعيش به في الآخرة يشاكل ما أتى به في هذه الحياة الدنيا التي هي متاع فيها فإنما الدنيا دار عمل والآخرة دار جزاء .

من عمل في الدنيا سيئة ذات صفة المساءة فلا يجزى في الآخرة إلا مثلها مما يسوؤه ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى من غير فرق بينهما في ذلك والحال أنه مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب .

وفيه إشارة إلى المساواة بين الذكر والأنثى في قبول العمل وتقييد العمل الصالح في تأثيره بالإيمان لكون العمل حبطا بدون الإيمان قال تعالى : {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} [المائدة : 5] إلى غيرها من الآيات .

وقد جمع الدين الحق وهو سبيل الرشاد في أوجز بيان وهو أن للإنسان دار قرار يجزى فيها بما عمل في الدنيا من عمل سيئ أو صالح فليعمل صالحا ولا يعمل سيئا ، وزاد بيانا إذ أفاد أنه إن عمل صالحا يرزق بغير حساب .

____________________

1- الميزان ، الطباطبائي ، ج17 ، ص269-270 .

 

تفسير الامثل

- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

أريد أن أطلع إلى إله موسى !!

بالرغم من النجاح الذي أحرزه مؤمن آل فرعون في أثناء عزم فرعون عن قتل الكليم(عليه السلام) ، إلاّ أنّه لم يستطع أن يثنيه عن غروره وتكبره وتعاليه إزاء الحق ، لأنّ فرعون لم يكن ليملك مثل هذا الإستعداد أو اللياقة الكافية للهداية ، لذلك نراه يواصل السير في نهجه الشرير ، إذ يأمر وزيره هامان ببناء برج للصعود إلى السماء (!!) كي يجمع المعلومات عن إله موسى ، يقول تعالى في وصف هذا الموقف : {وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب} . أي لعلي أحصل على وسائل وتجهيزات توصلني الى السماوات .

{أسباب السموات فاطلع إلى إله موسى وإنّي لأظنّه كاذباً} .

ولكن ماذا كانت النتيجة ؟! {كذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل وما كيد فرعون إلاّ في تباب} .

«الصرح» في الأصل تعني الوضوح ، و«التصريح» بمعنى التوضيح ، ثمّ عُمّمَ معنى الكلمة على الأبنية المرتفعة والقصور الجميلة العالية ، وذلك لأنّها واضحة ومميّزة بشكل كامل ، وقد ذكر هذا المعنى العديد من المفسّرين واللغويين .

«تباب» تعني الخسارة والهلاك .

إنّ أول ما يطالعنا هنا هو السؤال عن الهدف الذي كان فرعون يرغب بتحقيقه من خلال عمله هذا .

هل كان فرعون بهذا لمقدار من الغباء والحماقة والسذاجة بحيث يعتقد أن إله موسى موجود فعلا في مكان ما من السماء؟ وإذا كان موجوداً في السماء ، فهل يستطيع الوصول إليه بواسطة إقامة بناء مرتفع يعتبر ارتفاعه تافهاً إزاء جبال الكرة الأرضية ؟

إنّ هذا الاحتمال ضعيف للغاية ، ذلك لأنّ فرعون بالرغم من غروره وتكبره ، فقد كان يمتاز بالذكاء والقدرة السياسية التي أهّلته للسيطرة على شعب كبير لسنين مديدة من خلال أساليب القهر والقوة والخداع .

لذلك كلّه نرى الموقف يدعونا إلى تحليل هذا التصرف الفرعوني لمعرفة دواعيه وأهدافه الشيطانية .

فمن خلال عملية التأمّل والتمحيص ، يمكن أن تنتهي إلى ثلاثة أهداف كانت تكمن وراء هذا التصرّف والأهداف هذه هي :

أولا : أراد فرعون أن يختلق وضعاً يعمد من خلاله إلى إلهاء الناس وصرف أذهانهم عن قضية نبوة موسى(عليه السلام) وثورة بني إسرائيل . وقضية بناء مثل هذا الصرح المرتفع يمكن أن تحوز على اهتمام الناس ، وتهيمن على اهتماماتهم الفكرية ، وبالتالي إلى صرفهم عن القضية الأساسية .

وفي هذا الإطار يلاحظ بعض المفسّرين أن فرعون خصص لبناء صرحه مساحة واسعة من الأراضي ، ووظّف في إقامته خمسين ألفأ من العمال والبنائين المهرة ، بالإضافة إلى من انشغل بتهيئة وسائل العمل والتمهيد لتنفيذ المشروع ، وكلما كان البناء يرتفع أكثر كلّما ازداد تأثيره في الناس ، وأخذ يجلب إليه الإهتمام والأنظار أكثر ، إذ أصبح الصرح حديث المجالس ، والخبر الأوّل الذي يتناقله الناس ، وفي مقابل ذلك يتناسون قضية انتصار موسى(عليه السلام) على السحرة ـ ولو مؤقتاـ خصوصاً مع الأخذ بنظر الإعتبار ذلك الإهتزاز العنيف الذي ألحق بجهاز فرعون وأساط الناس .

ثانياً : استهدف فرعون من خلال تنفيذ مشروع الصرح اشتغال أكبر قطّاع من الناس ، وعلى الأخص العاطلين منهم ، لكي يجد هؤلاء في هذا الشغل عزاءٌ ـ ولو مؤقتاًـ عن مظالم فرعون وينسون جرائمه وظلمه . ومن ناحية ثانية فإنّ اشتغال مثل هذا العدد الكثير يؤدي إلى ارتباطهم بخزانة فرعون وأمواله ، وبالتالي ارتباطهم بنظامه وسياساته !

ثالثاً : لقد كان من خطة فرعون بعد انتهاء بناء الصرح ، أن يصعد إلى أعلى نقطة فيه ، ويرمق السماء ببصره ، أو يرمي سهماً نحو السماء ، ويرجع الى الناس فيقول لهم : لقد انتهى كلّ شيء بالنسبة لإله موسى . والآن انصرفوا إلى أعمالكم براحة بال !!

أما بالنسبة إلى فرعون نفسه ، فقد كان يعلم أنّه حتى لو ارتقى الجبال الشامخات التي تتطاول في علوها على صرحه ، فإنّه سوف لن يشاهد أي شيء آخر يفترق عمّآ يشاهده وهو يقف على الأرض المستوية يتطلع نحو السماء !

والطريف في الأمر هنا أنّ فرعون بعد قوله : {فاطلع إلى موسى} رجع خطوة إلى الوراء فنزل عن يقينه إلى الشك ، حيث قال بعد ذلك : {وإنّي لأظنه كاذباً} إذ استخدم تعبير «أظن» !

والجدير بالإشارة هنا أنّ القرآن الكريم من خلال قوله تعالى : {كذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل وما كيد فرعون إلاّ في تباب} ذكر ثلاث قضايا ذات محتوى كبير بجمل قصيرة ، حيث قال أولا : إن السبب الرئيسي في انحراف فرعون عن جادة الصواب يعود إلى تزيين عمله القبيح في نظره بسبب غروره وتكبره .

ثم تناول بعد ذلك نتيجة ذلك متمثلةً بالضلال عن طريق الحق والهدى والنور .

وفي الجملة الثّالثة لخصت الآية مال مخططات فرعون ، هذا المآل الذي تمثل بالفشل الذريع والتباب والخسران .

طبعاً ، يمكن للخطط السياسية والمواقف المضلّلة أن تخدع الناس شطراً من الزمان ، وتؤثر فيهم لفترة من الوقت ، إلاّ أنّها تنتهي بالفشل على المدى البعيد .

فقد ورد في بعض الرّوايات أنّ «هامان» قد زاد في ارتفاع الصرح الفرعوني إلى الدرجة التي باتت الرياح الشديدة مانعاً عن الإستمرار بالعمل وعندها اعتذر هامان لفرعون عن الإستمرار بالبناء .

ولكن لم تمض فترة وجيزة من الزمن حتى حطمت الرياح الشديدة ذلك البناء (2) .

واتضح أن قوة فرعون متعلقة في ثباتها بالرياح .

وقوله تعالى : {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38) يَاقَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ} [غافر : 38 - 40]

 

اتبعوني أهدكم سبيل الرشاد :

أشرنا آنفاً إلى أنّ مؤمن آل فرعون أوضح كلامه في مجموعة من المقاطع ، وفي هذه المجموعة من الآيات الكريمة نقف أولا على المقطع الرابع ، بعد أن أشرنا في الآيات السابقة إلى ثلاثة منها .

إنّ هذا المقطع من كلام مؤمن آل فرعون ينصب في مضمونه على إلفات نظر القوم إلى الحياة الدنيوية الزائلة ، وقضية المعاد والحشر والنشر ، إذ أنّ تركيز هذه القضايا في حياة الناس له تأثير جذري في تربيتهم .

يقول تعالى : {وقال الذي آمن يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد} .

لقد قرأنا سابقاً أنّ فرعون كان يقول : إنّ ما أقوله هو طريق الرشد والصلاح ، إلاّ أنّ مؤمن آل فرعون أبطل هذا الادّعاء الفارغ ، وأفهم الناس زوره ، وحذرّهم أن يقعوا فريسة هذا الإدّعاء ، إذ أنّ خططه ستفشل وسيصاب بسوء العاقبة ; فالطريق هوما أقوله; إنّه طريق التقوى وعبادة الله .

ثم تضيف الآية : {يا قوم إنّما هذه الحيوة الدنيا متاع وإنّ الآخرة هي دار القرار} .

يريد أن يقول لهم : لنفرض أنّنا انتصرنا ببذل الحيل والتوسّل بوسائل الخداع والمكر ، وتركنا الحق وراء ظهورنا ، وارتكبنا الظلم وتورطنا بدماء الأبرياء ; ترى ما مقدار عمرنا في هذا العالم؟ إنّ هذه الأيّام المعدودة ستنتهي وسنقع في قبضة الموت الذي يجرنا من القصور الفخمة إلى تحت التراب وتكون حياتنا في مكان آخر .

إنّ القضية ليست فناء هذه الدنيا وبقاء الآخرة وحسب ، بل الأهم من ذلك هي قضية الحساب والجزاء ، حيث يقول تعالى : {من عمل سيئة فلا يجزى إلاّ مثلها ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنّة يرزقون فيها بغير حساب} .

إنّ مؤمن آل فرعون ـ بكلامه هذاـ آثار أولا قضية عدالة الله تبارك وتعالى ، حيث يقاضي الإنسان بما اكتسبت يداه خيراً أوشرّاً .

ومن جهة ثانية أشار في كلامه إلى الثواب والفضل الالهي لذوي العمل الصالح ، إنّه الجزاء الذي لا يخضع لموازين الحساب الكمية ، إذ يهب الله تبارك وتعالى للمؤمنين بغير حساب ، ممّا لم تره عين أو تسمعه أذن ولا يخطر على فكر إنسان .

ومن جهة ثالثة أشار للتلازم القائم بين الإيمان والعمل الصالح .

ورابعة يشير أيضاً إلى مساواة الرجل والمرأة في محضر الله تبارك وتعالى ، وفي القيم الإنسانية .

لقد استخلص مؤمن آل فرعون من خلال طرحه الآنف الذكر في أنّ الحياة الدنيا وإن كانت متاعاً لا يغني شيئاً عن الحياة الأُخرى ، إلاّ أنّه يمكن أن يكون وسيلة للجزاء اللامتناهي هي والعطايا التي تصدر عن المطلق جلّ وعلا . إذن هل هناك تجارة أربح من هذا ؟

كما ينبغي أن نقول : إنّ عبارة «مثلها» تشير إلى أنّ العقاب في العالم الآخر يشبه نفس العمل الذي قام به الإنسان في هذه الدنيا ، متشابهة كاملة بكل ما للكلمة من دلالة ومعنى أمّا تعبير «غير حساب» فيمكن أن يكون إشارة إلى حساب العطايا يختص بالاشخاص من ذوي المواهب المحدودة ، أمّا المطلق (جلّ وعلا) الذي لا تنقص خزائنه مهما بذل للآخرين (لأن كلّ ما يؤخذ من اللانهاية يبقى بلانهاية) لذلك فهو عطاء لا يحتاج إلى حساب .

وبقيت مسألة بحاجة إلى جواب ، وهي : هل ثمّة تعارض بين هذه الآية وما جاء في الآية (160) من سورة الأنعام ، حيث قوله تعالى : {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [الأنعام : 160] .

في الجواب على هذا التساؤل نقول : إنّ «عشر أمثالها» إشارة للحد الأدنى من العطاء الإلهي ، إذ هناك الجزاء الذي يصل إلى (700) مرّة وأكثر ، ثمّ قد يصل العطاء الإلهي إلى مستوى الجزاء بـ «غير حساب» وهو ممّا لا يعلم حدّه ولا يمكن تصوره .

___________________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج12 ، ص75-79 .

2 ـ يمكن ملاحظة ذلك في بحار الأنوار ، المجلد 13 ، صفحة 125 ، نقلا عن تفسير علي بن إبراهيم .

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي