x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

النحو

اقسام الكلام

الكلام وما يتالف منه

الجمل وانواعها

اقسام الفعل وعلاماته

المعرب والمبني

أنواع الإعراب

علامات الاسم

الأسماء الستة

النكرة والمعرفة

الأفعال الخمسة

المثنى

جمع المذكر السالم

جمع المؤنث السالم

العلم

الضمائر

اسم الإشارة

الاسم الموصول

المعرف بـ (ال)

المبتدا والخبر

كان وأخواتها

المشبهات بـ(ليس)

كاد واخواتها (أفعال المقاربة)

إن وأخواتها

لا النافية للجنس

ظن وأخواتها

الافعال الناصبة لثلاثة مفاعيل

الأفعال الناصبة لمفعولين

الفاعل

نائب الفاعل

تعدي الفعل ولزومه

العامل والمعمول واشتغالهما

التنازع والاشتغال

المفعول المطلق

المفعول فيه

المفعول لأجله

المفعول به

المفعول معه

الاستثناء

الحال

التمييز

الحروف وأنواعها

الإضافة

المصدر وانواعه

اسم الفاعل

اسم المفعول

صيغة المبالغة

الصفة المشبهة بالفعل

اسم التفضيل

التعجب

أفعال المدح والذم

النعت (الصفة)

التوكيد

العطف

البدل

النداء

الاستفهام

الاستغاثة

الندبة

الترخيم

الاختصاص

الإغراء والتحذير

أسماء الأفعال وأسماء الأصوات

نون التوكيد

الممنوع من الصرف

الفعل المضارع وأحواله

القسم

أدوات الجزم

العدد

الحكاية

الشرط وجوابه

الصرف

موضوع علم الصرف وميدانه

تعريف علم الصرف

بين الصرف والنحو

فائدة علم الصرف

الميزان الصرفي

الفعل المجرد وأبوابه

الفعل المزيد وأبوابه

أحرف الزيادة ومعانيها (معاني صيغ الزيادة)

اسناد الفعل الى الضمائر

توكيد الفعل

تصريف الاسماء

الفعل المبني للمجهول

المقصور والممدود والمنقوص

جمع التكسير

المصادر وابنيتها

اسم الفاعل

صيغة المبالغة

اسم المفعول

الصفة المشبهة

اسم التفضيل

اسما الزمان والمكان

اسم المرة

اسم الآلة

اسم الهيئة

المصدر الميمي

النسب

التصغير

الابدال

الاعلال

الفعل الصحيح والمعتل

الفعل الجامد والمتصرف

الإمالة

الوقف

الادغام

القلب المكاني

الحذف

المدارس النحوية

النحو ونشأته

دوافع نشأة النحو العربي

اراء حول النحو العربي واصالته

النحو العربي و واضعه

أوائل النحويين

المدرسة البصرية

بيئة البصرة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في البصرة وطابعه

أهم نحاة المدرسة البصرية

جهود علماء المدرسة البصرية

كتاب سيبويه

جهود الخليل بن احمد الفراهيدي

كتاب المقتضب - للمبرد

المدرسة الكوفية

بيئة الكوفة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الكوفة وطابعه

أهم نحاة المدرسة الكوفية

جهود علماء المدرسة الكوفية

جهود الكسائي

الفراء وكتاب (معاني القرآن)

الخلاف بين البصريين والكوفيين

الخلاف اسبابه ونتائجه

الخلاف في المصطلح

الخلاف في المنهج

الخلاف في المسائل النحوية

المدرسة البغدادية

بيئة بغداد ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في بغداد وطابعه

أهم نحاة المدرسة البغدادية

جهود علماء المدرسة البغدادية

المفصل للزمخشري

شرح الرضي على الكافية

جهود الزجاجي

جهود السيرافي

جهود ابن جني

جهود ابو البركات ابن الانباري

المدرسة المصرية

بيئة مصر ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو المصري وطابعه

أهم نحاة المدرسة المصرية

جهود علماء المدرسة المصرية

كتاب شرح الاشموني على الفية ابن مالك

جهود ابن هشام الانصاري

جهود السيوطي

شرح ابن عقيل لالفية ابن مالك

المدرسة الاندلسية

بيئة الاندلس ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الاندلس وطابعه

أهم نحاة المدرسة الاندلسية

جهود علماء المدرسة الاندلسية

كتاب الرد على النحاة

جهود ابن مالك

اللغة العربية

لمحة عامة عن اللغة العربية

العربية الشمالية (العربية البائدة والعربية الباقية)

العربية الجنوبية (العربية اليمنية)

اللغة المشتركة (الفصحى)

فقه اللغة

مصطلح فقه اللغة ومفهومه

اهداف فقه اللغة وموضوعاته

بين فقه اللغة وعلم اللغة

جهود القدامى والمحدثين ومؤلفاتهم في فقه اللغة

جهود القدامى

جهود المحدثين

اللغة ونظريات نشأتها

حول اللغة ونظريات نشأتها

نظرية التوقيف والإلهام

نظرية التواضع والاصطلاح

نظرية التوفيق بين التوقيف والاصطلاح

نظرية محاكات أصوات الطبيعة

نظرية الغريزة والانفعال

نظرية محاكات الاصوات معانيها

نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية

نظريات تقسيم اللغات

تقسيم ماكس مولر

تقسيم شليجل

فصائل اللغات الجزرية (السامية - الحامية)

لمحة تاريخية عن اللغات الجزرية

موطن الساميين الاول

خصائص اللغات الجزرية المشتركة

اوجه الاختلاف في اللغات الجزرية

تقسيم اللغات السامية (المشجر السامي)

اللغات الشرقية

اللغات الغربية

اللهجات العربية

معنى اللهجة

اهمية دراسة اللهجات العربية

أشهر اللهجات العربية وخصائصها

كيف تتكون اللهجات

اللهجات الشاذة والقابها

خصائص اللغة العربية

الترادف

الاشتراك اللفظي

التضاد

الاشتقاق

مقدمة حول الاشتقاق

الاشتقاق الصغير

الاشتقاق الكبير

الاشتقاق الاكبر

اشتقاق الكبار - النحت

التعرب - الدخيل

الإعراب

مناسبة الحروف لمعانيها

صيغ اوزان العربية

الخط العربي

الخط العربي وأصله، اعجامه

الكتابة قبل الاسلام

الكتابة بعد الاسلام

عيوب الخط العربي ومحاولات اصلاحه

أصوات اللغة العربية

الأصوات اللغوية

جهود العرب القدامى في علم الصوت

اعضاء الجهاز النطقي

مخارج الاصوات العربية

صفات الاصوات العربية

المعاجم العربية

علم اللغة

مدخل إلى علم اللغة

ماهية علم اللغة

الجهود اللغوية عند العرب

الجهود اللغوية عند غير العرب

مناهج البحث في اللغة

المنهج الوصفي

المنهج التوليدي

المنهج النحوي

المنهج الصرفي

منهج الدلالة

منهج الدراسات الانسانية

منهج التشكيل الصوتي

علم اللغة والعلوم الأخرى

علم اللغة وعلم النفس

علم اللغة وعلم الاجتماع

علم اللغة والانثروبولوجيا

علم اللغة و الجغرافية

مستويات علم اللغة

المستوى الصوتي

المستوى الصرفي

المستوى الدلالي

المستوى النحوي

وظيفة اللغة

اللغة والكتابة

اللغة والكلام

تكون اللغات الانسانية

اللغة واللغات

اللهجات

اللغات المشتركة

القرابة اللغوية

احتكاك اللغات

قضايا لغوية أخرى

علم الدلالة

ماهية علم الدلالة وتعريفه

نشأة علم الدلالة

مفهوم الدلالة

جهود القدامى في الدراسات الدلالية

جهود الجاحظ

جهود الجرجاني

جهود الآمدي

جهود اخرى

جهود ابن جني

مقدمة حول جهود العرب

التطور الدلالي

ماهية التطور الدلالي

اسباب التطور الدلالي

تخصيص الدلالة

تعميم الدلالة

انتقال الدلالة

رقي الدلالة

انحطاط الدلالة

اسباب التغير الدلالي

التحول نحو المعاني المتضادة

الدال و المدلول

الدلالة والمجاز

تحليل المعنى

المشكلات الدلالية

ماهية المشكلات الدلالية

التضاد

المشترك اللفظي

غموض المعنى

تغير المعنى

قضايا دلالية اخرى

نظريات علم الدلالة الحديثة

نظرية السياق

نظرية الحقول الدلالية

النظرية التصورية

النظرية التحليلية

نظريات اخرى

النظرية الاشارية

مقدمة حول النظريات الدلالية

علوم اللغة العربية : المدارس النحوية : المدرسة الاندلسية : جهود علماء المدرسة الاندلسية : كتاب الرد على النحاة :

ثورة ابن مضاء (كتاب الرد على النحاة)

المؤلف:  د. محمد المختار ولد أباه

المصدر:  تاريخ النحو العربي في المشرق والمغرب

الجزء والصفحة:  ص257- 263

29-03-2015

11706

و في عهد أبي القاسم السهيلي، يطالعنا مفكر نحوي آخر، هو أحمد بن عبد الرحمن اللخمي المعروف بابن مضاء الأزدي الإشبيلي، و هو من بين من درسوا كتاب سيبويه على ابن الرماك(1) في الأندلس، ثم اجتاز إلى المغرب و عين قاضيا بمراكش في أوج دولة الموحدين. لكن تفقهه و ممارسته للقضاء لم يحولا بينه و بين التفكير في النحو و الكتابة في قضاياه، فذكر له المؤرخون ثلاث مصنفات، منها «المشرق في النحو» ، و هو الذي رد عليه ابن خروف بكتاب (تنزيه أئمة النحو عما نسب إليهم من الخطإ و السهو)(2)، و كتاب الرد على النحاة، و هو المؤلف الوحيد الذي وصل إلى أيدي الباحثين، بعد ما اكتشفه و نشره الدكتور شوقي ضيف، مع مدخل حول ما سماه «ثورة ابن مضاء» ، فهالته تلك الطرفة النفيسة، و اعتبرها امتدادا لثورة الموحدين على فقهاء المشرق، و على آرائهم و مذاهبهم في التشريع، و اعتقد أن كتاب الرد على النحاة يقصد به نحو المشرق على الخصوص، ذلك أن ابن مضاء أبطل نظرية العامل، فأنكر أن يكون في الكلام عامل و معمول و استهجن في كتب النحويين كثرة التقديرات في العوامل و الصيغ غير المستعملة في أمثلة التنازع، و البنية الصرفية المصطنعة.

و يقول إنه شرع في كتاب يشتمل على أبواب النحو كلها فإن قضى اللّه تعالى بإكماله انتفع به من لم يعقه عنه التقليد، و إلا فيستدل بهذه الأبواب على غيرها(3).

ص257

و تطرق الدكتور شوقي ضيف إلى آراء ابن مضاء في منع العوامل، «و في تهجين نظرية العامل و ما تجره من تقدير قد يؤدي في كثير من الأحوال إلى رفض أساليب صحيحة في العربية، و قال إن هذه النظرية تجر وراءها حشدا من علل و أقيسة يعجز الثاقب الحس و العقل عن فهم كثير منها، ثم ذكّرنا بقول الخليل إنه لا يصل أحد من علم النحو إلى ما يحتاج إليه حتى يتعلم ما لا يحتاج إليه. و ختم مقدمة الكتاب بقوله إننا حين نطبق على أبواب النحو ما دعا إليه ابن مضاء من منع التأويل و التقدير في الصيغ و العبارات، كما تطبق على هذه الأبواب ما دعا إليه من إلغاء نظرية العامل نستطيع أن نصنف النحو تصنيفا جديدا يحقق ما نبتغيه من تيسير قواعده تيسيرا محققا(4).

كان هذا في عام 1947 م، و بعد خمس و ثلاثين سنة، أي في عام 1982 م أخبرنا الأستاذ شوقي ضيف أنه قد منّ اللّه عليه بتأليف كتاب يعرض النحو عرضا حديثا ينسق أبوابه، و يذلل صعابه و ييسر قواعده. و أنه الثمرة النهائية لمباحثه المتصلة بتحقيق كتاب ابن مضاء، و سنتحدث عن الكتاب فيما بعد.

و في كتاب أصول النحو العربي للدكتور محمد عيد، يظهر المؤلف إعجابا فائقا و تحمسا كبيرا لآراء ابن مضاء، الذي قال عنه إنه «لم ينل من التقدير ما يستحقه مجتهد مثله، هذا مع أن تلك الكتب قد خصصت كثيرا من الصحائف لنحاة لا يرقى-بأي حال-محصولهم الابتكاري إلى مرتبته، و ربما كانت الفكرة القائلة إن الناس أصدقاء المألوف و أعداء الجديد، صادقة في هذا المقام)(5)،

ثم قال مرة أخرى إن ابن مضاء (يكشف لنا منذ البداية طريقه الذي اختار في النحو من بين النحاة. لقد اختار طريق الرواد المتمردين على التبعية المتحمسين لاكتشاف جديد مجهول. إن مأساة العلم-و الفن أيضا-تكمن في التبعية المطلقة التي ترتّل الأقوال الجاهزة و تتعبد بها ثم لا شيء)(6).

و يقول أيضا: (لقد سار ابن مضاء في طريق الحرية الفكرية التي تعرّف و تقوّم ثم تحكم، حرية تغلغلت في روحه مع مذهبه الظاهري حتى الأعماق) (7).

و قد تناول محمد حسن عواد، في مقدمته لكتاب الكوكب الدرّي لجمال الدين الأسنوي آراء الدكتور العيد، فقال إنها مدعاة للحيرة لما تضمنت من مبالغات لا مبرر لها، ثم أوضح ما فيها من مغالاة في تقديم ابن مضاء و كأنه المفكر العظيم و المظلوم (8).

ص258

و قد قام الأستاذ علال الفاسي بمقارنة بين آراء ابن مضاء في النحو، و بين مذهب ابن حزم الظاهري، فقال: «الثورة الظاهرية على المذهب المالكي في الفقه زمن ابن حزم، و لا سيما زمن الموحدين، صاحبتها فيما يظهر ثورة ظاهرية على المدارس النحوية، لا أقول المشرقية كما يقول الأستاذ شوقي ضيف في مقدمة نشره لكتاب ابن مضاء في الرد على النحويين، و لكن على جميع الذين جنحوا إلى القياس و إلى التعليلات و ما يضمه النحو من الحشويات التي سبق أن قال عنها الخليل بن أحمد حسبما نقله الجاحظ في كتابه الحيوان (لا يصل أحد من علم النحو إلى ما يحتاج إليه حتى يتعلم ما لا يحتاج إليه) « .

(و لقد أشار ابن حزم في كتابه التقريب لحد المنطق إلى أن علم النحو يرجع إلى مقدمات محفوظة عن العرب الذين يريد معرفة تفهمهم المعاني بلغتهم، و أما العلل فيه ففاسدة جدا) .

(و مفهوم ما يرمي إليه ابن حزم بإظهاره فساد العلل النحوية، لأنه إذا فسدت العلل لم يبق مجال للقياس، و هو ما يريد ابن حزم أن يطبق فيه مذهبه الفقهي بعدم القول بالقياس على النحو، و لم يستطع السيد سعيد الأفغاني أن يتصور نحوا لا قياس فيه، كما لم يستطع الفقهاء أن يتصوروا فقها لا قياس فيه، مع أن وجهة نظر الظاهرية واضحة لمن أراد، لأن عدم القول بالقياس يبقى ما لم يجئ فيه نص على فطرته اللغوية أي سليقته العربية، كما أن ما لم يرد فيه نص يبقي على أساس إباحته الشرعية، فالمذهب الظاهري في النحو توسعة في اللغة تمكن المجتمع من اعتماد السليقة في ابتكار ما لم يقل لا في القياس على ما قيل) .

و يزيد الأستاذ قائلا: (فقد ظل الميل المغربي لمذهب الكوفة في النحو قائما حتى بدت نظرية ابن حزم أولا ثم جاءت الثورة الموحدية فصرف نظارها النظر فيما يجب تغييره من علم الكلام. و ذهب آخرون منهم إلى نقض الفقه المالكي، و طائفة ثالثة يتزعمها ابن مضاء اتجهت إلى محاولة تفجير الرأي الذي عبر عنه ابن حزم تفجيرا ينبع بنحو ظاهري مستقر، و قد لا يكون ابن مضاء نجح كل النجاح و لكنه على كل حال فتح باب العمل على تعديل النحو بكيفية إيجابية أو فتح باب الاجتهاد في النحو للتقدم به إلى الأمام) .

(و من العبث أن يقال إن هذه المحاولات لا شيء، لأن ابن مضاء لم يوفق في بعض ادعاءاته، فالنظرية لا تخرج كاملة من أول مرة، و لذلك نجد ابن مضاء الموحدي الظاهري ينصح النحاة و لا سيما البصريين أن يغيروا منهجهم في دراسة النحو)(9).

ص259

آراء ابن مضاء

و بعد الإشارات إلى الآراء حول منهج ابن مضاء، نعود إلى كتابه الوحيد، الذي اعتمد عليه كل من تحدث عنه، لنقدم مقتطفات منه قد تكون معالم على طريق من يروم فهم منهجه، و هي تمثل رأيه في عمل النحاة و في نظرية العوامل و العلل. و يقول ابن مضاء: و إني رأيت النحويين-رحمة اللّه عليهم-قد وضعوا صناعة النحو لحفظ كلام العرب من اللحن، و صيانته عن التغيير، فبلغوا من ذلك إلى الغاية التي أموا، و انتهوا إلى المطلوب الذي ابتغوا، إلا أنهم التزموا ما لا يلزمهم و تجاوزوا فيه القدر الكافي فيما أرادوه منها، فتوعرت مسالكها، و وهنت مبانيها، و انحطت عن رتبة الإقناع حججها، حتى قال شاعر فيها:

ترنو بطرف ساحر فاتر                      أضعف من حجة نحوي 
ثم مثّل ما عندهم بمن امتلك الزجاج الذي صفي حتى ظن زبرجدا و النحاس الذي عولج حتى حسب عسجدا. ثم نصحهم قائلا: هذا الذي اتخذتموه بعضه مال و بعضه آل.

ثم قال: و لعل قائلا يقول «أيها الأندلسي المسرور بالإجراء بالخلاء، المضاهي بنفسه الحفي ذكاء و أي ذكاء، أتزاحم بغير عود، و تكاثر برذاذك الجود.

و ابن اللبون إذا مالز في قرن                 لم يستطع صولة البزل القناعيس 
هل أنت إلا كما قال:
كناطح صخرة يوما ليفلقها                    فلم يضرها و أوهى قرنه الوعل 
أتزري بنحويي العراق؟ و فضل العراق على الآفاق كفضل الشمس في الإشراق على الهلال في المحاق، و أنت أخمل من بقة في شقة، و أخفى من تبنة في لبنة.

فيقال له: إن كنت أعمى لا تنهض إلا بقائد، و لا تعرف الزائف من الخالص إلا بناقد، فليس هذا بعشك فادرجي:

خل الطريق لمن يبني المنار به             و ابرز ببرزة حيث اضطرك القدر(10) 
ثم انتقل ابن مضاء إلى القضايا التي عابها على النحاة محاولا أن ينبه على ما أدخلوه من حشو في النحو، و على ما ارتكبوه من أغلاط مثل قولهم بتأثير العامل.

ص260

يقول ابن مضاء: (قصدي في هذا الكتاب أن أحذف من النحو ما يستغنى عنه، و أنبه على ما أجمعوا على الخطإ فيه. فمن ذلك ادعاؤهم أن النصب و الخفض و الجزم لا يكون إلا بعامل لفظي، و أن الرفع منها يكون بعامل لفظي و بعامل معنوي» . ثم ينكر على سيبويه قوله إنه ذكر ثمانية مجار، أي حركات أواخر الكلم، لما يحدثه فيها العامل لأن القول إن العامل أحدث الإعراب قول بيّن الفساد. و قد صرح بخلافه ابن جني و غيره، و عمل الأعمال إنما هو للمتكلم نفسه لا لشيء غيره، و القول بأن الألفاظ يحدث بعضها بعضا فباطل عقلا و شرعا)(11) و إذا كان ابن مضاء ينفي كون العامل يحدث إعرابا. فإنه لا ينفي نوعا من الترابط المؤثر بين الكلم، الذي سماه تعليقا، إذ في كلامه عن التنازع يقول: «و أنا في هذا الباب لا أخالف النحويين إلا في أن أقول «علقت» ، و لا أقول «أعلمت» و التعليق يستعمله النحويون في المجرورات، و أنا أستعمله في المجرورات و الفاعلين و المفعولين. تقول قام و قعد زيد، فإن علقت «يد» بالفعل الثاني، فبين النحويين في ذلك اختلاف، الفراء لا يجيزه و الكسائي بجيزه على حذف الفاعل. و يرجح ابن مضاء مذهب الكسائي قائلا: و من الدليل على صحة مذهب الكسائي قول علقمة:

تعفق بالأرطى لها و أرادها           رجال فبذت نبلهم و كليب(12)
و يقول: و مما يجب أن يسقط في النحو العلل الثواني و الثوالث و ذلك مثل سؤال السائل عن زيد من قولنا «قام زيد» لم رفع؟ قيل لأنه فاعل و كل فاعل مرفوع. فيقال لم رفع الفاعل؟ فالصواب أن يقال له، كذا نطقت به العرب، ثبت ذلك بالاستقراء من الكلام المتواتر(13).

و يقول: و كان الأعلم رحمه اللّه على بصره بالنحو مولعا بهذه العلل الثواني و يرى أنه إذا استنبط منها شيئا فقد ظفر بطائل. و كذلك كان صاحبنا أبو القاسم السهيلي على شاكلته رحمه اللّه يولع بها و يخترعها، و يعتقد ذلك كمالا في الصنعة و بصرا بها (14).

و كما أنا لا نسأل عن عين عظلم و جيم جعفر و باء برثن لم فتحت هذه و ضمت هذه و كسرت هذه فكذلك أيضا لا نسأل عن رفع «زيد» فإن قيل «زيد» متغير الآخر قيل كذلك عظلم يقال في تصغيره بالضم، و في جمعه على فعالل بالفتح.

ص261

لكن ابن مضاء لم يقل بإلغاء جميع العلل الثواني لأنه ذكر أنها على ثلاثة أقسام: قسم مقطوع به و قسم فيه إقناع، و قسم مقطوع بفساده.

فمثال القسم المقطوع به: قول القائل كل ساكنين التقيا في الوصل و ليس أحدهما حرف لين فإن أحدهما يحرك مثل «أكرم القوم» ، و قال تعالى:  (قُمِ اَللَّيْلَ ) (المزمل-الآية 1) و يقال مدّ، فيقال لم حركت من «أكرم» و هو أمر فيقال له لأنه لقي ساكنا. فإن قيل و لم لم يتركا ساكنين فالجواب لأن النطق بهما ساكنين لا يمكن الناطق فهذه قاطعة. و هي ثانية و من العلل الثواني المقبولة عنده تعليل دخول همزة الوصل على الأمر في نحو «اكتب» لأن الابتداء بالساكن لا يمكن. و ذكر من العلل الثواني الواضحة، إبدال الواو ياء في نحو «مويزين» لأن ذلك أخف على اللسان. و لكنه قال إنه يمكن الاستغناء عن هذه العلة.

و القسم الذي قال إن فيه إقناعا: هو قولهم إن المضارع أعرب لشبه الاسم في العموم و في قابلية التخصيص، فالاسم يكون نكرة، و يعرّف، و الفعل يدل على عموم الزمان، و يخصص بالسين و سوف، و إن كلا منهما تدخل عليه لام الابتداء نحو إن زيدا ليقوم كما يقول إن زيدا لقائم. ورد ابن مضاء هذا التعليل بأن العلة الموجبة لإعراب الاسم هي موجودة في الفعل، و كما أن للأسماء أحوالا مختلفة فإن للأفعال أحوالا مختلفة فحاجتها إلى الإعراب كحاجة الأسماء و أن الشيء لا يقاس على الشيء إلا إذا كان حكمه مجهولا، و الشيء المقيس عليه معلوم الحكم. و كانت العلة الموجبة للحكم في الأصل موجودة في الفرع.

و مثال ما هو بيّن الفساد قول محمد بن يزيد (المبرد) إن نون ضمير جماعة المؤنث إنما حرك لأن ما قبله ساكن، نحو «ضربن و يضربن» ، و قال فيما قبلها أنه أسكن لئلا تجتمع أربع حركات، لأن الفعل و الفاعل كالشيء الواحد، فجعل سكون الحرف الذي قبل النون من أجل حركة النون، و جعل حركة النون من أجل سكون ما قبلها. فجعل العلة معلولة لما هي علة له، و هذا بين الفساد (15).

و كلامه عن القياس هنا يظهر أنه لا ينكره أساسا، و لكن يشترط وجود أركانه المعروفة ليكون قياسا صحيحا.

و لنعد إلى رأي الدكتور شوقي ضيف حول ابن مضاء، في كتابه المدارس النحوية، و بدلا من الحماس الفائق في مقدمة «الرد على النحاة» ، نرى بحثا رزينا استطاع الكاتب فيه، أن يعيد «ثورة» ابن مضاء إلى آراء أئمة النحو السابقين.

ص262

ففي معرض نظرية العامل، بيّن الكاتب أن ابن جني لاحظ قبل ابن مضاء أن المتكلم هو الذي يعمل الرفع و النصب و الجر، و أن الكسائي لا يقول بأن تقدم الفاعل في قولنا «زيد قام» يدعو إلى تقدير فعل سابق. و أن الأخفش يرى أن الألف و الواو و النون، في قولنا «قاما» و «قاموا» و قمن، ليست ضمائر، و إنما هي محض علامات تدل على التثنية و الجمع، و إن الجرمي سبقه إلى إنكار التنازع في الأفعال المتعدية إلى أكثر من مفعول، لما في ذلك من تكلف صيغ لم تأت عن العرب، كما استلهم من الجرمي أيضا إنكار إضمار «أن» في نصب المضارع بعد (الفاء) و (الواو)(16).

و هكذا يظهر أن ثورة ابن مضاء ليست سوى محاولة إصلاح محدود مستلهم من أراء الظاهرية في نفي القياس و التعليل، فرمى إلى استبعاد العوامل التقديرية و العلل الثواني و الثوالث، و الصيغ التمرينية غير المسموعة و أنكر منها كل ما ليس له نظير، و مثل له بقولهم في باب التنازع: «أعلمت و أعلمونيهم إياهم الزيدين العمرين منطلقين» ، و رأيه في هذه المسألة و ما شاكلها أنها لا تجوز لأنه لم يأت لها نظير في كلام العرب، و في أبنية الصرف قولهم: «ابن مثال كذا من كذا» . و هذه المحاولة، بالرغم من طرافتها، كان مصيرها شبيها بمصير المذهب الظاهري نفسه، و لعل ذلك يعود أن هذه العيوب التي ثار ضدها ليست في الحقيقة بالحجم الذي يتصوره دعاتها.

فالقضايا التمرينية محدودة جدا، قليل منها في أبنية الصرف، و بعضها في تراكيب التوابع و تداخلها مع صلة الموصول، و قد أوردنا نموذجا منها في كتاب المقتضب.

______________________

(1) ابن الرماك عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن الأموي الأشبيلي المتوفى سنة 542 ه‍، ترجمته في بغية الوعاة 2 /86.

(2) شوقي ضيف: مقدمة الرد على النحاة ص 20 نقلا عن ارتشاف الضرب لأبي حيان.

(3) الردّ على النحاة.

(4) شوقي ضيف: مقدمة الرد على النحاة ص 67.

(5) محمد عيد: أصول النحو العربي، ص 45.

(6) المرجع نفسه، ص 49.

(7) المرجع نفسه، ص 50.

(8) محمد حسين عواد مقدمة الكوكب الدري للأسنوي.

(9) علال الفاسي: محاضرة في ملتقى الذكرى الألفية لسيبويه.

(10) ابن مضاء: الرد على النحاة، ص 72-75.

(11) ابن مضاء: الرد على النحاة. ص 74-77.

(12) المصدر نفسه، ص 74-75.

(13) المصدر نفسه، ص130.

(14) المصدر نفسه، ص137.

(15) ابن مضاء: الرد على النحاة. ص 131-138.

(16) المدارس النحوية ص 304.