الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
المقابلة
المؤلف:
أبو هلال العسكري
المصدر:
كتاب الصناعتين الكتابة والشعر
الجزء والصفحة:
ص337-340
25-03-2015
2427
المقابلة إيراد الكلام ثم مقابلته بمثله في المعنى واللفظ على جهة الموافقة أو المخالفة فأما ما كان منها في المعنى فهو مقابلة الفعل بالفعل مثاله قول الله تعالى! (فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا)! فخواء بيوتهم وخرابها بالعذاب مقابلة لظلمهم ونحو قوله تعالى! (ومكروا مكرا ومكرنا مكرا)! فالمكر من الله تعالى العذاب جعله الله عز وجل مقابلة لمكرهم بأنبيائه وأهل طاعته وقوله سبحانه! (نسوا الله فنسيهم)! وقوله تعالى! (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)! ومن ذلك قول تأبط شرا (أهزُّ به في نَدْوَة الحيِّ عِطْفه ** كما هزَّ عطفي بالهِجان الأواركُ) وقول الآخر (ومَنْ لَو أراه صادياً لسقيتُه ** ومَنْ لو رآني صادياً لسقاني) (ومَنْ لو أراه عانِياً لفديتُه ** ومَنْ لَو رآني عانياً لفَداني) فهذا مقابلة باللفظ والمعنى وأما ما كان منها بالألفاظ فمثل قول عدي بن الرقاع (ولقد ثنيتُ يد الفتاةِ وِسادةً ** لِي جاعلا إحدى يديَّ وسادَها) وقول عمرو بن كلثوم (ورثنَاهُنَّ عن آباءِ صدقٍ ** ونُورِثُها إذا مُتْنَا بَنِينَا)
ومن النثر قول بعضهم فإن أهل الرأي والنصح لا يساويهم ذو الأفن والغش وليس من جمع إلى الكفاية الأمانة كمن أضاف إلى العجز الخيانة فجعل بإزاء الرأي الأفن وبإزاء الأمانة الخيانة فهذا على وجه المخالفة وقيل للرشيد إن عبد الملك بن صالح يعد كلامه فأنكر ذلك الرشيد وقال إذا دخل فقولوا له ولد لأمير المؤمنين في هذه الليلة ابن ومات له ابن ففعلوا فقال سرك الله يا أمير المؤمنين فيما ساءك ولا ساءك فيما سرك وجعلها واحدة بواحدة ثواب الشاكر وأجر الصابر فعرفوا أن بلاغته طبع وكتب جعفر بن محمد بن الأشعث إلى يحيى بن خالد يستعفيه من عمل شكري لك على ما أريد الخروج منه شكر من نال الدخول فيه وكتب بعض الكتاب إلى رجل فلو أن الأقدار إذ رمت بك في المراتب إلى أعلاها بلغت بك من أفعال السؤدد منتهاها لوازنت مساعيك مراقيك وعادلت النعمة عليك النعمة فيك ولكنك قابلت رفيع المراتب بوضيع الشيم فعاد علوك بالاتفاق إلى حال دونك بالاستحقاق وصار جناحك في الانهياص إلى مثل ما عليه قدرك في الانخفاض ولا عجب أن القدر أذنب فيك فأناب وغلط بك فعاد إلى الصواب فأكثر هذه الألفاظ مقابلة وقال الجعدي ( فتًى كان فيه ما يسرُّ صديقَه ** على أنّ فيه ما يسوءُ الأعاديا ) وقال آخر ( وإذا حديث ساءني لم أكتئبْ ** وإذا حديثٌ سرني لم أَشِر ) وهذا في غاية التقابل ومن مقابلة المعاني بعضها لبعض وهو من النوع الذي تقدم في أول الفصل قول الآخر ( وذي أخوةٍ قَطَّعت أقرانَ بينهم ** كما تركوني واحداً لا أخا لِيا )
وقول الآخر ( أسرناهم وأنعمنا عليم ** وأسقينا دماءهمُ الترابا ) ( فما صبروا لبأس عند حرب ** ولا أدّوا لحسْن يد ثوابا ) فجعل بإزاء الحرب أن لم يصبروا وبإزاء النعمة أن لم يثيبوا فقابل على وجه المخالفة وقال آخر ( جزى الله عنا ذات بعلٍ تصدقتْ ** على عَزَبٍ حتى يكونَ له أهلُ ) ( فإنا سنجزيها بمثل فعالِها ** إذا ما تزوجنا وليس لها بَعْلُ ) فجعل حاجته وهو عزب بحاجتها وهي عزب ووصاله إياها في حال عزبتها كوصالها إياه في حال عزبته فقابل من جهة الموافقة ومن سوء المقابلة قول امرئ القيس ( فلو أنها نفس تموت سويّةً ** ولكنها نفس تُساقط أنفُسا ) ليس ( ( سوية ) ) بموافق ( ( لتساقط ) ) ولا مخالف له ولهذا غيره أهل المعرفة فجعلوه ( ( جميعة ) ) لأنه بمقابلة ( ( تساقط ) ) أليق وفساد المقابلة أن تذكر معنى تقتضي الحال ذكرها بموافقة أو مخالفة فيؤتى فساد المقابلة بما لا يوافق ولا يخالف مثل أن يقال فلان شديد البأس نقي الثغر أوجواد الكف أبيض الثوب أو تقول ما صاحبت خيرا ولا فاسقا وما جاءني أحمر ولا أسمر ووجه الكلام أن تقول ما جاءني أحمر ولا أسود وما صاحبت خيرا ولا شريرا وفلان شديد البأس عظيم النكاية وجواد الكف كثير العرف وما يجري مع ذلك لأن السمرة لا تخالف السواد غاية المخالفة ونقاء الثغر لا يخالف شدة البأس ولا يوافقه فاعلم ذلك وقس عليه
ومما يقرب من هذا قول أبي عدي القرشي ( يا بن خيرَ الأخيار من عَبْد شمس ** أنت زينُ الورى وغَيْثُ الجنودِ ) فوضع ( ( زين الورى ) ) مع ( ( غيث الجنود ) ) في غاية السماجة وقريب منه قول الآخر ( خُودٌ تكامل فيها الدلُّ والشنبُ ** ) ومثله قول أبي تمام ( وزيرُ حق ووالي شُرْطه ورَحى ** دِيوان مُلك وشيعيٌّ ومحتسِبُ ) ومن مختار المقابلة وكان ينبغي تقديمه فلم يتفق ما كتب الحسن بن وهب لا ترض لي بيسير البر فإني لم أرض لك بيسير الشكر ودع عني مؤونة التقاضي كما وضعت عنك مؤونة الإلحاح وأحضر من ذكرى في قلبك ما هو أكفى من قعودي بصدرك فإني أحق من فعلت به كما أنك أحق من فعله بي وحقق الظن فليس وراءك مذهب ولا عنك مقصر
الاكثر قراءة في البديع
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
