بعد النظر في الاسلام
المؤلف:
السيد عبد الحسين دستغيب
المصدر:
الذنوب الكبيرة
الجزء والصفحة:
ج1 ، ص204-208
25-9-2019
2545
جاء في كتاب (برهان القرآن) في موضوع حد الزنى اخذ الاسلام بعين الاعتبار مسألة القوة الجنسية وجماحها، وعين لاشباعها طرقا سهلة ومشروعة، وأمر اتباعه بالتبكير في
الزواج، حتى قال رسول الله (صلى الله عليه واله): (النكاح سنتي، فمن رغب عن سنتي فليس مني).
ولهذا الغرض قرر الشرع الاسلامي تسهيلات مختلفة للزواج، وفرض على الدولة – في صورة عدم تمكن الشخص – تقديم المساعدات من بيت المال لأداء هذه المهمة، واضافة الى ذلك اتخذ قراراً بتطهير المحيط الاجتماعي لأداء هذه المهمة، واضافة الى ذلك اتخذ قراراً بتطهير المحيط الاجتماعي من عوامل الاغراء وإثارة الشهوة، وفي عين الوقت وضع أهدافاً سامية لقوى الشباب الجبارة من قبيل مكافحة الفساد، وتعليم الاميين، ومساعدة الفقراء والعاجزين، والعمل على تطوير مستوى المعيشة، والجد في طريق التعمير واحياء العالم، ومن جهة اخرى شرع الصوم الواجب والمستحب والصلاة الواجبة والنافلة، والاعتكاف والعبادات المماثلة، من اجل كسر طغيان الغريزة، وصرف الذهن والبال عن الافكار الشهوانية، من اجل كسر طغيان الغريزة، وصرف الذهن والبال عن الافكار الشهوانية والوساوس الشيطانية، وتوجيه الفكر نحو المعارف الالهية العالية، وبجميع هذه الوسائل يصد موجبات الذنوب وعللها، ومع وجود كل هذه الضوابط والتدابير التي اتخذت من اجل حفظ وصيانة الغريزة، فانه لم يتسرع في اجراء الحدود والعقوبات للمذنبين، بل اجراء الحد انما هو في موقع اطلاق عنان الانفلات، واهمال القوانين الاجتماعية، والسقوط في مستنقع الفساد، بحيث يقدم الشخص على ارتكاب العمل المنافي للعفة بدون اي اعتناء واي احتشام، وفي محضر جميع فيه اربعة اشخاص عدول، وكالحيوانات ذوات الاربع يباشر عملية الزنى، وهؤلاء الشهود الاربعة العدول يشهدون بيقين وقطع، وبكامل الصراحة وبصدور العمل منه ورؤيتهم له، في هذه الصورة يقرر الاسلام ان من يرتكب الزنى ويخدش العفة العامة عليه اجراء الحد الشرعي، وحتى في هذه المرحلة راعى جانب الرأفة، واخذ بالنظر احوال واوضاع الشخص المذنب، وقرر ان مرتكب الزنى اذا كان مجردا واعزب يكتفى له بمائة جلدة، واما بالنسبة للزاني المتزوج، في حال عدم اضطراره، بل لمجرد الشهوة والهوى اقدم على ارتكاب هذا العمل القبيح فإن حكمه الرجم.
والنكتة التي تجلب الانتباه هي ان الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والاخلاقية الموجودة في العصر الحاضر، تدفع الشباب عن الزواج وتحبذ لهم ارتكاب الفحشاء، بل تضطرهم اليها.
وبالطبع فان هذا الامر حقيقة قائمة؛ إلا ان العلة التي اوجدت هذا الوضع القاسي هي عدم الالتزام بالقوانين والمقررات الاسلامية، وعدم اجرائها، والا ففي الوقت الذي تراعى فيه هذه القوانين بشكل مناسب، ويلتزم باجرائها، فان من المسلم انها تقف بوجه انتشار عوامل الفساد وتفاقم الشهوة، وتهيئ سبل الزواج وظروف الرفاه والراحة، وتصون الشباب الذي هو قبله آمال المستقبل من السقوط في هذه الوديان الموحشة.
إنه في اي وقت تحكم القوانين الاسلامية فانه لا وجود حينئذ للأفلام المثيرة، والنشرات الخليعة، والموسيقى التي تسلب الغيرة، وتهيج الشهوة وبارات الخمر وباعة العرق، والملاهي والمراقص، وسائر دوافع الفسق ومظاهر الفجور، ولا يضطر الشباب بدافع الفقر والعوز لتحمل العزوبة، ويتهيأ لهم محيط يدفعهم من جميع الجهات نحو التقوى والشرف، ومن هذه الجهة فان حد الزنى في القانون الجنائي في الاسلام على ثمانية أقسام، تبعاً لظروف ارتكاب المعصية واحوال واوضاع المرتكبين:
الرجم بالحجارة، والجمع بين الجلد والرجم مائة جلدة، حلق شعر الرأس، النفي من البلد، خمسون جلدة، خمس وسبعون جلدة، الضغث، وهو يعني الضرب بمجموعة سياط مرة واحدة، الجمع بين الحد والتعزيز (1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- ضمناً ننقل للقارئ العزيز لأجل مزيد من الاطلاع الشروط التي ذكرت لحد الزنى في كتب الفقه والحديث.
- من أجل اثبات وقوع الزنى وبالتالي استحقاق الحد، يشترط شهادة اربعة شهود عدول، او ثلاثة رجال وامرأتين، او رجلين واربع نساء عادلات يشهدون برؤيتهم، وفي اي وقت يكون الشهود رجلان واربع نساء فإنه يكتفى بالجلد لا الرجم، حتى اذا كان الزاني والزانية محصنين (متزوجين).
- يجب ان يكون محل الزنى حسب شهادة الشهود واحداً.
- يجب ان يكون زمان وقوع الزنى حسب شهادة الشهود واحداً.
- يجب ان تكون شهادة الشهود في مجلس واحد.
- لا يكفي ان ينقل اربعة اشخاص عدول عن اربعة اشخاص اخرين.
- متى ما كانت شهادة الشهود الاربعة بوقوع الزنى بامرأة مجهولة عندهم، فان شهادتهم غير مقبولة، إذ لعل المرأة زوجة احدهم وهم لا يعرفونها.
- متى شهد ثلاثة وامتنع الرابع عن الادلاء بالشهادة، او كان بيانه مخالفاً، فانه يلزم اجراء حد القذف على اولئك الثلاثة.
- لا يجري الحد باعتراف الزاني ثلاث مرات، بل لابد من الاعتراف أربع مرات.
- لا يجري الحد عليه اذا اعترف في مجلس واحد اربع مرات، بل يجب ان تكون هذه الاعترافات الاربعة في اربعة مجالس.
- لا يحق للقاضي تشجيع المتهم على الاعتراف ومساعدته في أداء بيانه، بل يجب ان يجهد مهما أمكن في ان لا يثبت الذنب، وذلك من اجل حفظ الحياء العام والستر والعفة والطهارة، ومن اجل المنع من حالة التجري. هو مكلف بتفسير الشبهات لصالح المتهم، وتلقينه بانكار الذنب.
- اذا انكر الرجل المحصن بعد ان اعترف اربع مرات، يسقط عنه الرجم وتخفف عليه الحدود.
- من أسلم جديدا ،ولا اطاع له بالحدود والعقوبات الإسلامية ،لا تجرى عليه الحدود.
13- الزاني غير المحصن – اذا كان مريضا- يحق للحاكم ان يستعمل جمعاً من اعواد المكنسة او عثق التمر، على ان يحسب كل واحدة من تلك الاعواد بمثابة سوط.
14- في عملية اجراء الحد لا يجوز ان تكون السياط موجبة لتحطيم لحم البدن وافساده، كما ان من شروط اجراء الحد البلوغ والعقل، وان لا يكون مكرهاً ومجبوراً على ارتكاب المعصية.
15- لا حدّ على من واقع امرأة بخيال انها زوجته.
هذه خلاصة الشروط والقيود والآداب المقررة من قبل المشرع الرؤوف الرحيم المصلح الحكيم حول جريمة الزنى، وضمنا ننقل عدة روايات عن ائمة الدين (عليهم السلام) حول ذلك ليثبت بالدليل مدى اجتناب اولياء الاسلام عن الهتك، ومدى مراعاتهم للاحتياط في اجراء الحدود.أيام خلافة عمر: (أتت امرأة الى عمر فقالت: يا امير المؤمنين إني فجرت فأقم في حد الله، فأمر برجمها، وكان علي (عليه السلام) حاضرا فقال له: سلها كيف فجرت؟ قالت: كنت في فلاة من ارض، فأصابني عطش شديد، فرفعت لي خيمة فأتيتها فأصبت فيها رجلا اعرابيا، فسألته الماء فأبى ان يسقيني الا ان امكنه من نفسي، فوليت منه هاربة، فاشتد بي العطش حتى غارت عيناي وذهب لساني، فلما بلغ أتيته فسقاني ووقع علي.
فقال له علي (عليه السلام): هذه التي قال الله عز وجل: (فمن اضطر غير باغ ولا عاد) هذه غير باغية ولا عادية، فخل سبيلها، فقال عمر: (لولا علي لهلك عمر). (برهان القرآن).
تنبيه: حيث ان الزنى موجب لفساد النظام الاجتماعي واختلاله، وموجب للخسران الاخروي، من هنا فقد أوجب الله بحكمته البالغة عدة امور، بحيث اذا رعاها المسلمون فأنهم سوف لا يبتلون بمثل هذا الذنب الكبير.
الاكثر قراءة في أخلاقيات عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة