من توقيعات الناحية المقدّسة ردًا على الغلاة الكفرة

وممّا خرج عن صاحب الزّمان (صلوات الله عليه) ردّا على الغلاة من التّوقيع جوابًا لكتاب كتب إليه على يدي محمّد بن عليّ بن هلال الكرخيّ:
((يا محمّد بن عليّ، تعالى الله (عزَّ وجلَّ) عمّا يصفون، سبحانه وبحمده، ليس نحن شركاءه في علمه، ولا في قدرته، بل لا يعلم الغيب غيره، كما قال في محكم كتابه تبارك وتعالى: ﴿قُلْ لاَ يَعْلَمُ مَنْ فِي اَلسَّمَاوَاتِ واَلْأَرْضِ اَلْغَيْبَ إِلّا اَللهُ﴾، وأنا وجميع آبائي من الأوّلين: آدم، ونوح، وإبراهيم، وموسى، وغيرهم من النّبيّين، ومن الآخرين: محمّد رسول الله، وعليّ بن أبي طالب، والحسن، والحسين، وغيرهم ممّن مضى من الأئمّة (صلوات الله عليهم) أجمعين، إلى مبلغ أيّامي ومنتهى عصري، عبيد الله (عزَّ وجلَّ)، يقول الله (عزَّ وجلَّ): ﴿ومَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً ونَحْشُرُهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ أَعْمى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وكَذَلِكَ اَلْيَوْمَ تُنْسى﴾.
يا محمّد بن عليّ، قد آذانا جهلاء الشّيعة وحمقاؤهم، ومَن دينه جناح البعوضة أرجح منه.
وأشهد الله الّذي لا إله إلّا هو، وكفى به شهيدًا، ومحمّدًا رسوله، وملائكته، وأنبياءه، وأولياءه، وأشهدك، وأشهد كلّ من سمع كتابي هذا، أنّي بريء إلى الله، وإلى رسوله، ممّن يقول: إنّا نعلم الغيب، أو نشارك الله في ملكه، أو يحلّنا محلاًّ، سوى المحلّ الّذي نصبه الله لنا، وخلقنا له، أو يتعدّى بنا، عمّا قد فسّرته لك، وبيّنته في صدر كتابي.
وأشهدكم أنّ كلّ من نتبرّأ منه، فإنّ الله يبرأ منه، وملائكته، ورسله، وأولياءه.
وجعلت هذا التّوقيع، الّذي في هذا الكتاب، أمانة في عنقك، وعنق من سمعه، أن يكتمه من أحد من مواليّ وشيعتي، حتّى يظهر على هذا التّوقيع الكلّ من الموالي، لعلّ الله (عزَّ وجلَّ) يتلافاهم فيرجعون إلى دين الله الحقّ وينتهوا [ينتهون] عمّا لا يعلمون منتهى أمره، ولا يبلغ منتهاه.
فكلّ مَن فهم كتابي، ولم يرجع إلى ما قد أمرته ونهيته، فلقد حلّت عليه اللّعنة من الله، وممّن ذكرت من عباده الصّالحين)) (1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الاحتجاج، ج 2، ص 288 ـ 289؛ بحار الأنوار، ج 25، ص 266 ـ 268.
1