بقلم : السيد غيث شبر
هؤلاء السمر الشعث يكدحون كدحا ليلاقوه، حباً أو طمعاً، فلا مكان للخوف تحت قبة الدم الزكي، فقد قتله منذ أمد بعيد، إنهم يلتذون بألم المسير، ويرون أشعة الشمس كظل ممدود، وتكون الأرض لهم سررا موضونة من ريش النعام، وخدم الحسين يطوفون عليهم بأكواب وأباريق وكأس من معين ربما كان شايا أو قهوة، لكن طعمه في طريق الحسين طعم ليس له نظير، وتكون السماء لهم غطاء من حرير، وطعامهم على درب الجنة مما يشتهون ولو كان ممالا يرغبونه في بيوتهم، فإنه هنا أطيب من الشهد والعسل، وفاكهة كثيرة يبذلها الفقير والغني على حد سواء، وهم في ذلك كله سائرون هاربون من الذنوب التي احتطبوها، قاصدين حبيبهم الذي لن يبقي لهم شيئاً من هم دنياهم وأخراهم.
الطريق طويل على المحبين حيث تتفطر قلوبهم لرؤية معشوقهم تحت القبة الذهبية، مشتاقون لأخيه وقِربته الممزقة، مشتاقون للجميع، فالزمان والقرون لا تعني شيئا أمام عشق القلوب، فالحب حاضر واللوعة والألم كأنها اليوم؛ لأن تلك القلوب مازالت حرّى ولم يستطع الزمن أن يغير شيئا من حرارتها وستبقى كذلك ليوم القيامة، والشيء الوحيد الذي يصاحب الحفاة السائرين هو الإنتظار والصبر للوصول إلى حيث تسكب العبرات، لكنهم يكدحون كدحا ويسيرون بهمة تحت خيوط الشمس وضوء القمر ويجرهم قلبهم نحو المعشوق.