Logo

بمختلف الألوان
في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز دورها الديني وتصبح حاضنة حقيقية للطاقات الشابة،... المزيد
أخر المواضيع


مرحبا بكَ زائرنا العزيز
نتمنى أن تكون في تمام الصحة والعافية

تحذير! هل انت متأكد من حذف هذا المقال مع الردود عليه ؟
الإمام علي عليه السلام... صوت العدالة وروح المساواة الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي

منذ 7 ساعات
في 2025/11/09م
عدد المشاهدات :15
الإمام علي عليه السلام... صوت العدالة وروح المساواة
الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي
7/11/2025
حين تُثار مفردة العدالة مع مفردة المساواة، يلتبس الأمر على كثير من الناس، إذ يُخيَّل إليهم أنّهما مترادفتان في المعنى والغاية، بينما يكشف الواقع الفكري والإنساني عن اختلافٍ جوهري بينهما. فالعدالة والمساواة تسيران في طريقٍ واحد نحو الحق والإنصاف، غير أنّ لكلٍّ منهما جوهره الخاص وحدوده التي تميّزه عن الآخر. ومن أجل استجلاء هذا التمايز، لا بدّ من العودة إلى فكر الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، الذي قدّم رؤيةً متكاملةً للعدالة والمساواة بوصفهما أساس قيام الدولة، وركيزة سموّ الإنسان، ومعيارًا لصدق الحاكم في تعامله مع الناس.
في نظر الإمام علي، العدالة ليست مجرّد قيمةٍ أخلاقية أو شعارٍ يُرفع في وجه الظلم، بل هي قاعدة وجودٍ للحكم والمجتمع على السواء. فالحكم الذي لا يقوم على العدل حكمٌ هشّ، مهما بدا قويًا في ظاهره، إذ العدل هو روح النظام وطمأنينة الرعية وثقة الناس بسلطتهم. ولعلّ قوله عليه السلام: العدل أساسٌ به قوام العالم (مطالب السؤال، ص 61) يختصر فلسفته في الحكم والسياسة، فالقوة ليست في السيف ولا في الجند، بل في عدل الحاكم وإنصافه. ومن هنا كان يرى أنّ السياسة العادلة هي أعظم أشكال الرياسة. وقد لخّص الدكتور طه حسين هذه الرؤية حين قال عن الإمام علي: "كان مؤمنًا بالخلافة، يرى أن من الحق عليه أن يقيم العدل بأوسع معانيه بين الناس، لا يؤثر منهم أحدًا على أحد، ويرى أن من الحق عليه أن يحفظ على المسلمين مالهم، لا ينفقه إلا بحقه، فهو لا يستبيح لنفسه أن يصل الناس من بيت المال، بل لا يستبيح أن يأخذ منه لنفسه وأهله إلا ما يقيم الأود لا يزيد عليه." ومن جوهر هذا الفهم العميق قال الإمام: لا رياسة كالعدل في السياسة، إذ حين تُبنى السياسة على العدالة تنشأ الثقة بين الحاكم والمحكوم، وتستقيم الموازين في البلاد، أما إذا نُزعت منها العدالة انقلبت إلى ظلمٍ واضطرابٍ وسقوطٍ سريع.
ويبلغ الإمام ذروة الفهم الإنساني حين يربط بين عدالة الحاكم ومحبّة الناس له، إذ يقول: من عدل في حكمه ملك قلوب الناس. فالعدالة هنا ليست مجرّد إجراءٍ إداري، بل فعلٌ وجدانيّ يزرع المودّة بين القائد والرعية، لأنّ القلوب تُملك بالإنصاف لا بالقهر. ومن أروع ما ورد عنه في هذا المعنى قوله: إنّ العدل ميزان الله الذي وضعه للخلق ونصبه لإقامة الحقّ، فلا تخالفه في ميزانه، ولا تعارضه في سلطانه (غرر الحكم ودرر الكلم، 88). إنه توصيفٌ يجعل العدالة مبدأً إلهيًا يتجاوز حدود السياسة إلى أفقٍ كونيٍّ شامل، فهي ليست فقط وسيلةً لضبط المجتمع، بل هي سنّة الله في خلقه وميزانه الذي لا يختل. وفي قوله الآخر: فليكن أمر الناس عندك في الحق سواء، فإنه ليس في الجور عوض من العدل، يضع قاعدةً خالدة تؤكد أنّ الظلم مهما زُيِّن لا يمكن أن يكون بديلاً عن العدل، وأنّ استقامة المجتمع لا تُقاس بكثرة الشعارات بل بمدى تحقق العدالة في الأرض. أما قوله: العدل يضع الأمور مواضعها (ميزان الحكمة، ج 3، ص 1839)، فهو تعريفٌ بليغ للعدالة بوصفها نظام ترتيبٍ للحقوق وتثبيتٍ للقيم في مواضعها الصحيحة. ويختصر الإمام جوهرها الاجتماعي حين يقول: العدل قوام الرعية وجمال الولاة (غرر الحكم، 2/863)، إذ لا ازدهار للأمة إلا بعدل الحاكم، ولا هيبة للسلطة إلا إذا اكتست ثوب الإنصاف.
أما المساواة في فكر الإمام علي عليه السلام فهي الوجه الآخر للعدالة، لا تعارضها بل تكملها وتُتمّ معناها. فالمساواة عنده تعني الاعتراف بالكرامة الإنسانية المشتركة بين البشر، دون نظرٍ إلى الدين أو اللون أو الطبقة أو النسب أو الجنس. وقد عبّر الإمام عن هذا المبدأ في واحدة من أروع كلماته التي صارت قاعدة إنسانية خالدة: الناس صنفان: إمّا أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق. ففي هذا القول تختصر فلسفة المساواة كلّها، إذ يجعل الإمام الأصل الإنساني الجامع مقدّمًا على الفوارق الطارئة، ويجعل من الأخوّة والمماثلة الإنسانية ميزانًا للتعامل. كما يقول عليه السلام: عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به، وهي قاعدة ذهبية تؤسس للمساواة السلوكية قبل أن تكون مبدأً قانونيًا، فالمساواة لا تُقاس بما يُكتب في الدساتير، بل بما يُمارس في الحياة اليومية. ويضيف الإمام قوله: لا يحسن للمرء أن يظلم أحدًا ولو كان ضعيفًا، ليثبت أن المساواة لا تكتمل إلا بحماية الضعفاء، لأنّ العدالة التي لا تشمل الضعيف امتياز لا مبدأ. ومن قوله الآخر: إنّ آدم لم يلد عبدًا ولا أمة، وإنّ الناس كلّهم أحرار، تتجلّى رؤيته التحررية العميقة التي تنفي الطبقية وتُعيد الإنسان إلى فطرته الأولى: كرامة وحرية ومساواة.
بهذا الفهم المتكامل تتضح العلاقة بين العدالة والمساواة في فكر الإمام علي عليه السلام؛ فالعدالة تقوم على إعطاء كل ذي حق حقه وفق استحقاقه، أما المساواة فتركّز على معاملة الجميع على قدم الكرامة والحقوق. العدالة تراعي الفروق الواقعية بين الناس لتضمن التوازن، بينما المساواة تتعامل مع الإنسان من حيث هو إنسان دون تفريقٍ أو تمييز. العدالة مرنة لأنها تستجيب للظروف والحاجات، والمساواة ثابتة لأنها تتمسك بالمبدأ الأخلاقي الأعلى. فحين يُعطي الحاكم الفقير أكثر لأنه محتاج، يكون عادلًا لا مفرّقًا؛ وحين يعامل الناس جميعًا باحترامٍ متساوٍ، يكون مساويًا لا متهاونًا.
لقد جمع الإمام بين المبدأين في نسقٍ واحد منسجم، فكان العدل عنده أساس الحكم، والمساواة روح التعامل، ومن جمع بينهما نجا من الظلم ومن التفرقة معًا. وهكذا أراد الإمام أن يُعلّم الإنسانية أن الدولة العادلة لا تُبنى على القهر، والمجتمع المتساوي لا يقوم على التناحر، بل على ميزانٍ دقيقٍ من العدل يُقيم الحقوق، ومساواةٍ أخلاقيةٍ تُصون الكرامة. ففلسفته في الحكم باقية في كل عصر، لأنها تنبع من فطرة الإنسان وتستمدّ سلطانها من ميزان الله الذي لا يختل: العدل أساس الملك، والمساواة أساس الإنسان.
الانقسام الاجتماعي في العراق من التناحر إلى الوحدة الإيمانية رؤية قرآنية
بقلم الكاتب : وائل الوائلي
إن العراق، ذلك البلد المبارك الذي ازدان بضياء النهرين وتراث الأنبياء، ظلّ عبر تاريخه الحديث يعاني من آفة التناحر والانقسام، حتى كادت نيران الفرقة أن تلتهم أخضرَه ويابسَه. ولئن تعددت مظاهر هذا الانقسام بين حزبيةٍ طاغية، وعشائريةٍ متجذرة، وطائفيةٍ مميتة، فإن المنهج القرآني يظلّ المنار الوضاء الذي... المزيد
المزيد من المقالات الإجتماعية

المزيد من المقالات الثقافية

مازلتُ غريقا في جيبِ الذكرياتِ المُرّةِ، أحاولُ أن أخمدها قليلا ؛لكنّ رأسها... المزيد
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط... المزيد
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه،... المزيد
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد... المزيد
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى.... المزيد
حين نتحدث عن الأجناس الأدبية التي تتصدر المشهد الثقافي العربي عامة، والعراقي... المزيد
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه، لكنه كان...
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد آلام أمةٍ...
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى. كان اسمه...
حين نتحدث عن الأجناس الأدبية التي تتصدر المشهد الثقافي العربي عامة، والعراقي خاصة، نُشَخِّص...


منذ 6 ايام
2025/11/03
عندما نقرا تاريخ الكرة الاسيوية ونحدد فترة معينة يمكن من خلالها معرفة من هم كبار...
منذ 1 اسبوع
2025/11/02
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء الثالث والسبعون: عودة الميكانيكا البوهمية: لماذا...
منذ 1 اسبوع
2025/10/31
عندما نفكّر اليوم في القنبلة النووية تنبثق أمامنا صورة طاقة هائلة تُطلق في لحظات...
رشفات
( مَن صبر أُعطي التأييد من الله )