Logo

بمختلف الألوان
في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز دورها الديني وتصبح حاضنة حقيقية للطاقات الشابة،... المزيد
أخر المواضيع


مرحبا بكَ زائرنا العزيز
نتمنى أن تكون في تمام الصحة والعافية

تحذير! هل انت متأكد من حذف هذا المقال مع الردود عليه ؟
ساقِي العَطَاشَى

منذ سنتين
في 2023/08/09م
عدد المشاهدات :3534
وَرَدَ فِي بَعضِ المَقَاتِلِ أنَّ أمِيرَ المُؤمِنِينَ كَانَ جَالِسَاً وَإلَى جَنبِهِ الحَسَنُ وَالحُسَينُ (عليهما السلام) وإلى جَنبِهِم أبُو الفَضلِ (عليه السلام) فَعَطِشَ الحُسَينُ وَاحتَاجَ إلى المَاءِ وَأبُو الفَضلِ العَبَّاس لا تَخفَى عَلَيهِ مِثلُ هَكذَا مَواقِف، التَفَتَ وَأدرَكَ أنَّ الإمَامَ الحُسَينَ عَطشَانٌ فَقَامَ وَهُوَ صَبِيٌّ صَغِيرٌ وَأقبَلَ إلى أمِّهِ أمِّ البَنِينِ فَقَالَ: يَا أمَّاه إنَّ سَيِّدِي الحُسَينَ عَطشَانٌ فَهَل لِي إلى إيصَالِ شَربَةٍ مِنَ المَاءِ العَذبِ إليهِ مِن سبِيل فَقَالَت لَهُ أُمُّهُ بِشَغَفٍ وَشَفَقَةٍ: نَعَم يَا وَلَدِي، فَقَامَت مُسرِعَةً وَأخذَت مَعَهَا قَدَحَاً وَمَلأتهُ بِالمَاءِ العَذبِ لكن لاحِظُوا الأدبَ فَقد وَضَعَت المَاءَ على رَأسِهِ وَقَالَت لَهُ: اذهَب بِهِ إلى سَيِّدِكَ وَمَولاكَ الحُسَين، فَأقَبَلَ العَبَّاسُ (عليه السلام) بِالمَاءِ نَحوَ الإمَامِ (عليه السلام) وَالمَاءُ يَتَصَبَّبُ على كَتِفِهِ؛ لأنَّهُ صَغِيرٌ، فَوَقَعَ عَلَيهِ نَظَرُ أبِيِهِ أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام) وَهُوَ بِتِلكَ الحَالَةِ فَتَذَكَّرَ الإمامُ (عليه السلام) فاجعةَ كربلاء، هذهِ الفاجعة التي ما كانَت تُفَارِقُهُم مُنذُ أن أخبَرَهُم بِهَا رسولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله).
فقالَ وَهُوَ يُخَاطِبُهُ وَدُمُوعُهُ تَقطُرُ على وَجنَتَيهِ: وَلدي عبَّاس أنتَ سَاقِي عَطَاشَى كَربَلاء، وَمُنذُ ذلكَ الحِين أخَذَ سِمَةَ (السَّقَّاء)، وهي شَرَفٌ عَظِيمٌ؛ حَيثُ يَسقِي رَحلَ آلِ مُحَمَّدٍ بِالمَاءِ الذي بِهِ حَيَاةُ الأبدَانِ.
ولَمَّا حَمِيَ الوَطِيسُ فِي عَاشُورَاءَ أبدى العَبَّاسُ (عليه السلام) مَوقِفاً كانَ مَدرسةً فِي الشَّهَامَةِ وَفِي الغَيرَةِ فَبَعدَ أن قَدَّمَ إخوَتَهُ الثَّلاثَةَ للهِ (عزّ وجلّ) جَاءَ إلى الحُسَينِ يَطلُبُ الرُّخصَةَ فِي القِتَالِ وَقَالَ كَلامَاً لا يَفهَمُهُ إلا أصحَابُ القُلُوبِ قَالَ: يا أخي لَقَد ضَاقَ صَدرِي وَسَئِمتُ الحياةَ وَأريدُ أن أطلُبَ ثَأري مِن هؤلاءِ.
فَأوكَلَ إليهِ مُهِمَّةً كانَت أصعَبَ مِنَ القِتَالِ؛ لأنَّ القِتَالَ بِالنِّسبَةِ إليهِ لا شيء؛ فهوَ فَارِسٌ مِغوَارٌ لا يَهمّهُ جَندَلَةُ السّيوف، وكانت المهمّة أن يَأتِي (عليه السلام) بِالمَاءِ إلى الأطفَالِ وَالعِيَالِ، وَالأعداءُ قد وَضَعُوا أربعةَ آلافِ مُقَاتِلٍ يَمنَعُونَ المَاءَ عن جيشِ الحُسينِ.
لِذَا قَالَ الحُسَينُ: "اطلُب لِهؤلاءِ الأطفالِ قليلاً منَ الماءِ".
لاحظوا الحكمةَ فِي التّصرّفِ فَهَذَا الرجلُ الغَيُورُ يُغيثُ كُلَّ مَن يَستَغِيثُ بِهِ، وقد حرَّكَ سيّدُ الشُّهَدَاءِ (عليه السَّلام) هذا الشُّعُورَ عِندَ العَبَّاسِ (عليه السلام) بقوله: "اطلُب لِهؤلاءِ الأطفالِ قليلاً منَ الماءِ" فهو يعلمُ أنَّ العبَّاسَ لَو تَفَرَّغَ لِلقِتَالِ حَطَّمَ هذا الجيشَ الذي أمَامَهُ وهم كانوا يعلمون بهذا.
وعندما وصَلَ (عليه السلام) إلى الماءِ كانَ قلبُهُ كَصَالِيَةِ الجَمرِ، وهنا ظهَرَت مَدرَسَةٌ أخرَى لِلقِيَمِ فقد غَرَفَ (عليه السلام) مِنَ الماءِ وَأدنَاهُ لِفَمِهِ لكي يَشرَبَ لكنّه رَمَى الماءَ مِن يدِهِ وقالَ الأبياتَ المَعرُوفَةَ، وهي مَدرَسَةٌ فِي المَعرِفَةِ وَالبَصِيرَةِ وَالفِدَاءِ وَالوَفَاءِ:
يا نَفْسُ من بعدِ الحسينِ هُوني وبعدَهُ لاَ كُنْتِ أنْ تَكوني
هذا حسينٌ واردُ المَـــــــــنون وتَشْربينَ بارِدَ المَــــعينِ
تاللهِ ما هذا فِـــــــــــعالُ دِيني ولا فِعَالُ صَـادِقِ اليقينِ
"بذلُوا مُهَجَهُم دُونَ الحُسَينِ (عليه السلام)" هُنَا تَتَوَقَّفُ العُقُولُ لا يمكن فَهمُهَا إلّا بِالقُلُوبِ؛ لأنَّ الانسانَ الذي قلبه كصاليةِ الجمرِ مِنَ الظمأ لا يتحمّلُ ولا يصبرُ على الماءِ وبُرُودَتِهِ، وَالعَبَّاسُ (عليه السلام) يَأخذُ الماءَ بيدِهِ ولا يشربُ، ونفسُهُ تُنَازِعُهُ إلى الماءِ، والعقولُ تقولُ: لو شربَ (عليه السلام) الماءَ لَكَانَ لَهُ قُدرَةُ المُصَارَعَةِ وَكَسرِ الجَيشِ لَكنَّ العبَّاسَ (عليه السَّلام) يَحسِبُ المَسألَةَ مَسأَلَةَ عِشقٍ وَذَوَبَانٍ فِي المَشرُوعِ الإلهيِّ المُتَمَثِّلِ بِإمَامِ زَمَانِهِ، إنَّه مَدرَسَةٌ عَظيمَةٌ فِي الفَهمِ وَالبَصِيرَةِ.
ولَمَّا ملأ القِربَةَ لِيُوصِلَهَا إلى الخِيَامِ احتَوَشُوهُ مِن كُلِّ جَانِبٍ وَقَطَّعُوهُ بِالسّيوفِ وَلِذَا الإمامُ الحُسَينُ (عليه السلام) لم يَحمِلهُ إلى الخِيَامِ فَمَا يَحمِلُ مِنهُ جَانِب إلا وسَقَطَ الجَانِبُ الآخَرُ، وبهذا واسَى سيِّدَ الشُّهَدَاءِ بَطَرِيقَةِ الشَّهَادَةِ.

اعضاء معجبون بهذا

حين يسقط القناع: قراءة نفسية في تغيّر الصديق الطيّب
بقلم الكاتب : حنين ضياء عبدالوهاب الربيعي
كان يبدو صديقًا حقيقيًا، قريبًا للروح، تتحدث إليه فيفهمك دون أن تشرح كثيرًا. عاش بينك زمنًا من المودّة والصدق الظاهري، حتى ظننت أن صداقتكما من النوع الذي لا يتبدّل. لكنك كنتَ مخدوعًا أو بالأحرى كنت ترى الوجه الذي أراد أن يُريك إياه. فجأة تغيّر. صار يتصرف بسوء، يتحدث عنك في غيابك، يذكرك بأقبح الكلام،... المزيد
المزيد من المقالات الإجتماعية

المزيد من المقالات الثقافية

كان اسمها (زينب)  ويقال إن للإنسان نصيبا من اسمه،وهي كذلك،ترتدي الخُلق وتنطق... المزيد
ونحنُ في المشتاةِ ندعو الجَفَلَىٰ لا تُرى الآدِبَ فينا يُنتَقَرُ طرفة بن العبد... المزيد
مازلتُ غريقا في جيبِ الذكرياتِ المُرّةِ، أحاولُ أن أخمدها قليلا ؛لكنّ رأسها... المزيد
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط... المزيد
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه،... المزيد
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد... المزيد
مازلتُ غريقا في جيبِ الذكرياتِ المُرّةِ، أحاولُ أن أخمدها قليلا ؛لكنّ رأسها شاهقٌ، وعينيها...
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط التاريخ أسماءٌ...
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه، لكنه كان...
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد آلام أمةٍ...


منذ 8 ساعات
2025/11/16
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء السادس والسبعون: كون داخل الكون: العوالم المتعددة...
منذ 8 ساعات
2025/11/16
منذ سنوات برزت ظاهرة من قبل بعض جماهير الاندية الكبيرة ضد نادي الزوراء وانتشرت...
منذ 8 ساعات
2025/11/16
في عالم سريع الإيقاع يزداد فيه الضغط والعمل والسهر أصبحت مشروبات الطاقة جزءاً من...
رشفات
( مَن صبر أُعطي التأييد من الله )