هناك الكثير من الكلمات المتلازمة في اللغة العربية حيث لا يكتمل المعنى الا بوجود هذه الكلمات ومن امثالها (الإرادة) التي تكون ملازمة لكلمة (النجاح) وانصبت اراء المفكرين على تمجيد الإرادة وتبيان ما تلعب من دور هام في سبيل النجاح، وكل من يخفق كانوا ينسبون اليه ضعف الإرادة وقلة السعي.
وأيضا امتلأت الكتب العربية قديماً وحديثاً بهذه الفكرة والجميع ينصحك ان النجاح بالإرادة والمثابرة وكل من سار على الدرب وصل والجد بالجد، فأخواننا ممن ساعدتهم الظروف او الصدفة اخذوا يُنظّرون على المساكين والبؤساء بعين الكبرياء وانهم وصلوا الى مناصبهم وما هم عليه الان بسعيهم وقوة ارادتهم.
يقول بعض ممن ساعدته الظروف على دخول المدرسة والتعلم انهم جدوا واجتهدوا وقد نالوا أخيرا جزاء ما كانوا عليه من صبر وسعي وإرادة وقد نسي هؤلاء ان ذلك المسكين الذي يكدح في أيام الصيف منذُ بزوغ الشمس الى زوالها ويحمل على ظهره التراب هو أكثر منهم صبرا واقوى إرادة، واغلبهم لا يستطيعون دخول المدارس لفقرهم حالهم حال اقرانهم المدللين وليس لأرادتهم شأن في هذا المصير المؤلم الذي اناخ بهم، انهم ضحايا ظروف ولدوا فيها.
ان من النادر جداً ان نجد شخصا وضع خطة في بداية حياته فسار عليها ثم نال مراده دون ان ينجرف في تيارات الحياة التي تعتبر اقوى من كل إرادة وسعي.
والغريب في الامر ان الفاشل دائماً يعلق فشله على الحظ محاولا ان يعلل سبب فشله الى شماعة الحظ فلا يودّون ان ينسبوا فشلهم الى أنفسهم لضعف رحب صدورهم.
في الحقيقة الناجح ينكر وجود الحظ بينما الفاشل يؤمن بوجوده ونحن نقف بين هذين الموقفين موقفاً وسطياً محاولين تعلم ما يجدر بنا التعلم منه.
يذكر الكاتب الاسكتلندي (صميلز) في كتابه (سر النجاح) وهو يحاول ان يظهر مدى أهمية الإرادة في تحقيق النجاح ويأتي بقصة عن (نابليون) الذي حذف كلمة (مستحيل) من معاجم اللغة ويستعين في بعض بطولات هذا القائد عندما قيل له ان جبال الألب تمنعك من التقدم اجابهم "انها يجب ان تلغى من الأرض".
ويروي الكاتب عن نابليون انه انتصر في احدى المعارك بخمسة وعشرين فارساً مستغلاً في ذلك تعب العدو عندما اقتحمهم في المعركة.
لكن عندما خسر نابليون في معركة (واترلو) علل الكاتب سبب هزيمته الى ضعف طرأ على ارادته ولو كان قوي الإرادة كما سابق عهده لكبد خصمه خسائر جسيمة وهو تبرير اشبه ما يكون بتبرير العجائز عندما يصبها مكروه تفسر ذلك على عدم قيامها بعاداتها البدوية التي ما انزل الله بها من سلطان.
ولو سألنا نابليون عن سبب هزيمته في تلك المعركة حتما سوف يكون جوابه بسبب الظروف الجوية وقطرات المطر التي جعلت انتصاره في المعركة امراً مستحيلاً وهذا هو الواقع بعينه.
في المحصلة ينبغي ان ترجع كلمة (مستحيل) الى معاجم اللغة.
من المحزن ان ثلة من الناجحين يبتلون بداء الغرور ويعزون سبب نجاحهم الى بُعد نظرهم وقوة سعيهم وشدة ارادتهم الا ان النجاح له عوامل أخرى علاوة على العوامل التي يتبجح بها بعض الناجحين.







وائل الوائلي
منذ 1 يوم
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN