وضعت عنوان مقالتي سؤال، لانه هو كذلك، لكن سأجيب عنه أنا، فسائل يجيب عن سؤاله حين لا يجد من يجيبه،من خلال قراءتي للواقع الذي هو يعيشه.
بعد ان شاهدنا ما تؤول إليه الأوضاع التي تعصف ببلدنا الحبيب العراق يمكن أن نشخص إن الثقافة هي ليس بتحصل علمي ولا بقراءة كتب كما يذهب إلى ذلك العلمانيون واللبراليون والشيوعيون والتنويريون وغيرهم، بل الثقافة موقف تقفوه ينّم عن وعيّك ويصدح بحقيقة فهمك للواقع الذي تعيشه، لا أن تقرأ مجموعة كتب وتجلس تنظر لنظام او إدارة او بناء منظومة حياة قد تكون جبتها من حياة شخصيات تراها بمفهومك هي أسطورة، تريد أن تحتذي انت به وتجر الناس للسلوك بنفس تلك الطريق التي انت سالكها، وان خالفك الآخرون رميتهم بالجهل والرجعة والمعدنة.
الثقافة هي أن تكون صاحب موقف يتسم بالعقلانية، حين يحتاج إلى ذلك بلدك وشعبك ومجتمعك، الثقافة معناها تدارك الأخطاء ووضع الحلول الناجعة، الثقافة معناها إدراك الواقع ودراسة نواحيه وما يشوب خطوات المقابل من عمل وتدابير مكر لأن يضعوك بدائرة العمى التي لاتبصر الحقيقة لو إنطلاقة بمنزلق مكيدتهم، لا ان ترفع شعارك وهو لا يحمل المصداقية ولم يفهم الأحداث ليشخص الغث من السمين.
أقول وأنا اطالع ما يجري في العراق، وأنا ليس ضد ما يجري بل انا مع التغيير من وضع العراق، الذي يملك من الخيرات ما لا تعده الاعداد، من النفط، والغاز، والكبريت، والأرض الحصبة التي لها القدرة على رفد العالم بخيراتها الزراعية، وليس سد حاجة البلد فقط، هنا تكمن حقيقة المثقف، المثقف من يستثمر هذه الموارد ويجعل بلده يزهر بنتاجه، ويتقدم بصناعته، وهو يملك من الموارد البشرية التي يشهد لها العدوا قبل الصديق والتي تنعم بخدماتها بلدان العالم، بسبب سوء إدارة من يدعي الثقافة، وفقر التدبير لمن يرى نفسه عالم، وغيره جاهل.
أعود وأقول المثقف من يقوم بواجب نبيل ليسجل له التاريخ تلك الوقفة المشرفة، وانا أشاهد واسمع ما ينشر من مشاهد حول ما يجري في قلب العالم النابض العراق، الذي دوماً ما يكون بأبها صورة، وأريد أن اشخص صنوفهم، واحدد هويتهم، أولئك الذي يصفوهم مدعي الثقافة بالجهل والمعدنة، هم من كان لهم اليد الطولى بأن يجعلوا العراق بمصاف الدول الأكثر مواقف إيجابية من ناحية الجمال والاناقة، والفاكهة، وكرم الضيافة، كما أشارت بعض المؤسسات الدولية لذلك بتقريراتها، مع ما يحمله أهل هذا البلد من ويلات واهات ومحن، فلم تفتر تلك المؤسسات عن تصيد الكثير من الإيجابيات لهذا الشعب، الذي غالبية أبناءه يقتله العوز والفقر، والحرمان، وفقد التعليم المناسب، هؤلاء هم صناع تاريخ العراق، هم من حمل السلاح وقاتل العدو الأكثر ضراسة على مدى تاريخ العراق، داعش الكفر والدمار، هم من حرر العراق من سطوات الاحتلال الإنكليزي في عشرينيات القرن الماضي، في حين كان بعض المثقفين يرتمون بأحضانه، ويدافعون عن كيانه، والمشهد الذي لعل جميعكم او بعضكم رأه في بعض مدارس العراق والذي ينم عن انعكاس نظرية مدعي الثقافة حيث شاهدنا وشاهدتم تلك المديرة التي تنم شخصيتها عن جهل لدفع صبية للخروج إلى الشارع بتهديد طلابها والمتمعن في المشهد يلاحظ مدى خوف الطلبة ورعبهما من صراخاتها متناسية نبل رسالة التعليم وقداستها، وفي مقابل ذلك رأينا في نفس ذلك المشهد صورة للثقافة الحقيقة لا المدعاة، لرجل الأمن، الذي لعله لم يكمل دراسته، كيف وقف سداً منيعاً، ليمنع الأطفال من الخروج إلى الشارع، وهو قد أدرك مسأوليته الذي عين لأجلها، وهي حفظ الأرواح، التي لها يقف الجميع اجلاً وتقديرا، هذه هي الثقافة التي لابد أن يتحلى بها مدعيها، الثقافة ان تكون مدركاً لمسؤولياتك الحقيقية، وتقف عندها حين يراد منك الوقوف بحزم لتعطي حق ما كلفت به، فسلام لك أيها البطل أينما كنت، والخذلان لتلك المرأة التي أرادة بابناءنا الخطر.
وان كان هناك انصاف من اهل القرار، فليكرم على فعلته ذلك البطل، ولتعاقب هي على فعلتها الشنيعة.







وائل الوائلي
منذ يومين
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN