حالة التقدم في الفكر السياسي والتجربة السياسية للعالم الذي استقرت انظمته مرت بكم كبير من الاحباطات والفشل الذي اعقبه مراجعات شاملة وعميقة ادت الى تمتع تلك الانظمة بمرونة هائلة واستقرار في التجربة ومعرفة في طبيعة التحولات وكيفية المضي معها بشكل لايخلق قلقآ ولا اخفاقآ لمؤديه .لم يحدث ان خضنا هذا النوع من المراجعات الكثيفة التي تحمل ابعاداً وقيماً فيها نكران للذات ، وتخلٍّ عن مكتسبات جاءت تبعاً لظروفها .ان الكثير من الانظمة التي تبادر لخوض هذه المراجعات يمكن ان تتجنب سقوطاً مدوياً ، والمعرفة التي تنتج التحولات الايجابية تتواجد حيث يمكن ان نجد امكانية لممارسة العقلانية وامتلاك ملحقاتها التي تأخذنا بشكل سلس الى مناطق ذات افكار جديدة وهذا النوع من المراجعات لم يحدث سابقآوان حدث بشكل جزئي فقد حدث تحت ظل ضغط غير بريء او خوف من ردود فعل معينةوغالباً ما يكون هذا النوع من المراجعات للتهدئة لا للتغيير .
ليست المراجعات شيء يمكن ان تقدم على خوضه اي جماعة او جهة او نظام بتلك السهولة لأن الامر يتطلب الخوض في الافكار ودراسة التحولات والتخلي عن الكثير مما يعتقده البعض ثابتاً معرفياً او ايديولوجياً او سياسياً. وانتاج طبقة سياسية تؤمن بهذه المراجعات ايمان وعي لا ايمان اضطرار او محاولة للانحناء للعاصفة امر ليس سهلاً ونذكر هنا التجربة المصرية التي فشل فيها نظام الحزب الوطني بقيادة حسني مبارك في القيام بهذه المراجعاتبسبب دوغمائيته التي اوهمته ان الانظمة التي تستند على (ديكتاتورية عادلة ) لايمكن ان تسقط او ان تؤثر فيها المتغيرات هذا النوع من الوهم انتقل الى حركة الاخوان المصرية التي وجدت نفسها غير مضطرة للقيام بهذه المراجعات لأنها وفق اعتقادها وفهمها للسياسة تقف عند دائرة الصواب وتمتلك مقومات النجاح وحين انتهت الامال بقيامها بمراجعات ذاتية عميقة حدث التحول الاجباري الذي تكفل به الشارع والمؤسسات الداعمة له وكانت حركة النهضة التونسية المتابع الجيد للاحداث ومجرياتها ونتيجة قراءتها للتحولات قررت ان تنفذ بجلدها عبر القيام بنوع من المراجعة الذاتية التي اوصلتها الى ضرورة القيام بتحول استراتيجي في نهجها والتخلي عن الكثير مما امنت به في الماضي وهذا ما دعاها الى القيام بعملية فصل بين الدعوي والسياسي .والنهضة هنا لم تكن راغبة في القيام بهذه المراجعات بل كانت مرغمة عليها وهو نوع من الانحناء للعاصفة لكنه بألنتيجة تحول اخرجها من عنق الزجاجة .والمراجعة ليست تراجع وليست تخل عن مباديء وليست القاءً للقيم في سلة المهملات هي قراءة مختلفة ودراسة للتجاربوتحول تفرضه الافكار والقيم والمباديء ولاشيء اخر.اولئك الذين يعتقدون انهم ليسوا بحاجة لهذه المراجعات مخطئون جداً لأن تراكم الاخطاء او رؤية الامور من زاوية واحدة في النهاية يؤدي الى نتائج سيئةولذلك لابد من الاعتراف بهذه الضرورة وممارستها ايماناً لا اضطرارآ.







وائل الوائلي
منذ 4 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN