مع بزوغ فجر يوم السابع عشر من شهر ربيع الأول أشرقت الدنيا بولادة فاتح الخير بالوحي والتنزيل، وهادي الأمة ومُنقذها من الظلمات إلى النور النبي الأكرم محمد"صلّى الله عليه وآله وسلم"، وولادة المؤتمن على الشرع المُبين والمُدافع عن عقيدة سيد المرسلين الإمام جعفر بن محمد الصادق"عليه السلام"، واحتفاءً بهاتين المناسبتين المباركتين، أقامت الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة حفلها المركزي البهيج, بحضور معالي رئيس ديوان الوقف الشيعي سماحة السيد علاء الموسوي والأمين العام للعتبة الكاظمية المقدسة الأستاذ الدكتور جمال عبد الرسول الدباغ، وأعضاء مجلس الإدارة، ووفود العتبات المقدسة والمزارات الشريفة، ووفد المجمع الفقهي العراقي في جامع الإمام الأعظم، ووفد الحضرة القادرية، وعدد من القيادات الأمنية والشخصيات الحكومية والدينية والاجتماعية وزائري الإمامين الكاظمين "عليهما السلام".
استهلّ الحفل بتلاوة مباركة من الذكر الحكيم شنّف بها أسماع الحاضرين القارئ الدكتور الشيخ رافع العامري، تلتها كلمة لمعالي رئيس ديوان الوقف الشيعي بيّن فيها قائلاً: ثمرة جهود النبوة تركت إلينا أهل البيت "عليهم السلام" القدّوة للأمة والكلّ يسلّم بفضلهم وصَبرهم وعطائِهم وجهادهم وعلمِهم ونزول المحبّة بإتباعهم، فلهم حقّ علينا جميعاً في إحياء تراثهم وآثارهم وتشيّيد مراقدهم، تلك الأماكن التي يلجأ إليها المُستغيث وصاحب الحاجة والقوي والضعيف والكبير والصغير والغني والفقير، حيث أن أهل البيت "عليهم السلام" كَهف للناس في حياتِهم ومماتِهم.
وأضاف: نشهد اليوم افتتاح مشروع جديد مبارك من مشاريع العتبة الكاظمية المقدسة، فهو حقّاً يثلج الصدور ويضفي علينا الفرحة والسرور، فالشكر والثناء الجزيل إلى العتبة الكاظمية المقدسة وإدارتها الموقّرة، وخدّامها المُخلصين لمتابعتهم وحرّصهم على إنجاز هذا المشروع المبارك، والشكر موصول لكلّ المؤمنين الذين ساهموا في إعمار وتجديد صرح الإمامين الكاظمين "عليهم السلام" ونسأل الله تبارك وتعالى لهم بمزيد من التوفيق والسداد.
تلتها كلمة العتبة الكاظمية المقدسة وألقاها أمينها العام الأستاذ الدكتور جمال عبد الرسول الدباغ قائلاً: " عندما نحتفلُ بذكرى ولادةِ خاتمِ الأنبياءِ محمدٍ المصطفى " صلى الله عليه وآله وسلم"، فإنَّ هذا يعني أننا نحتفلُ بولادةِ القدوةِ المتمثلَةِ بالأنموذجِ الأمثلِ للإنسانِ الكاملِ، والمنظومةِ الأخلاقيةِ الكاملةِ المهداةِ إلى العالمِ أجمعَ، فإنّ اللهَ تعالى ادّخرَهُ ليختِمَ بهِ أنبياءَهُ ورسلَهُ ويختِمَ بهِ رسالاتِهِ، ويكونَ شاهداً على أمتِهِ وجميعِ الأممِ.
وتابع حديثه: عن الإمامِ الصادق "عليه السلام"، فهو سادسُ الأئمةِ المعصومينَ والحججِ الميامينَ "عليهم السلام". أجمعَ واصفوهُ بأنّهُ لُقّبَ بالصادقِ لأنّهُ عُرِفَ بصدقِ الحديثِ والقولِ والعملِ. واتّصفَ مع ذلك بنُبل المقصدِ وسموِ الغايةِ والتجردِ في طلبِ الحقيقةِ من كلّ هوى أو غرضٍ من أغراضِ الدنيا.
مبيّناً ما قال فيه مالك بن أنس: (ما رأتْ عينٌ ولا سمعتْ أذنٌ ولا خَطَرَ على قلبِ بشرٍ أفضلَ من جعفرِ بن محمدٍ الصادق عِلْماً وعبادةً وورعاً).
ودعا إلى مشاركةِ الحضور خدّامِ الإمامينِ الجوادين"عليهما السلام" أفراحَهم برفع الستارِ عن طارمةِ بابِ القبلةِ، بعد إعادةِ تذهيبِها لتتزينَ ببركةِ مَنْ حلَّ في هذهِ البقعةِ الطيبةِ المباركةِ "عليهما السلام" وتضيفَ الهيبةَ والجلالَ لروضتِهما المطّهرةِ، وتشرحَ صدورَ المؤمنين.
ويُعدُّ هذا المشروعُ (بفضله تعالى ومَنّه) خاتمةَ مشاريعِ إعادةِ التذهيبِ في العتبة المقدّسة (وختامه مسك) بعد إعادةِ تذهيبِ القبتين والمآذنِ وطارمتيِّ المرادِ وقريشٍ والتي تمّتْ جميعُها بدعمٍ من رئاسةِ ديوانِ الوقفِ الشيعي الموقّر، وبالتعاونِ مع مؤسسةِ الكوثرِ لإعمارِ العتباتِ المقدسةِ.
وكانت هناك كلمة لمؤسسة الكوثر لإعمار العتبات ألقاها رئيسها المهندس حسن بُلارك جاء فيها: اجتمعنا اليوم بعد إنجاز مراحل إعمار إيوان طارمةِ باب القبلة للعتبة الكاظمية المقدسة، لنشهد تُحفةً فنيةً أخرى أضيفت لمجموعة مشاريع الإعمار والتوسعة، حيث بدأت مراحل المشروع بصناعة البلاطات في مطلع عام 2015م وكان عدد البلاطات (7500) بلاطة بأبعاد وقياسات مختلفة وبمساحة تقدر بـ (230) م2 أجريت عليها عمليات الصيانة والتجديد ليتم بعد ذلك نصبها وتثبيتها من قبل ملاكات هندسية وفنية وحرّفية متخصصة، إذ تضافرت جهودهم وهممهم ليقدّموا لنا روائع الفنّ الإسلامي الذي تتلاطم أمواجه في كلّ أرجاء هذه العتبة المقدسة.
وشهد الحفل مشاركة لخادم الإمامين الجوادين الشاعر الأستاذ رياض عبد الغني الكاظمي بقصيدة ولائية ومنها هذه الأبيات:
شمسَ الهدى يا رسول الله كمْ نِعَمٍ ************ أوليتَها، عن بني الإنسانِ لم تغبِ
فاضتْ فأتحفَتْ الدنيا بما نشرتْ ************* غرّاء في عجمٍ سارتْ وفي عربِ
لا زال فضلك تاريخاً يشعُّ بهِ ************* في كلِّ عصرٍ مِدادُ العلمِ في الكتبِ
وُلدتَ فانزاحَ ليلُ الجهلِ منحسراً ************** بفجر طلعتِكَ الغرّا من الحُجُبِ
واختتم الحفل بمشاركة المُنشد كريم الموسوي من جمهورية الإسلامية الإيرانية بمجموعة من الموشحات الدينية في حقّ سيد الكونين وعترتهِ الطاهرة "عليهم السلام"، بعدها توجّه السادة الحضور من الضيوف والزائرين الكرام لمراسم افتتاح طارمةِ باب القبلة بعد إعادة تأهليها وتذهيبها.