أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-12-2017
4618
التاريخ: 6-12-2017
2441
التاريخ: 5-12-2017
3103
التاريخ: 18-10-2017
2396
|
إن مشكلة كبيرة واحدة تحدث في حياة الإنسان قد تسلبه القرار والاستقرار ، وتورثه الأرق والقلق والسهر ، وترفض عيناه النوم ، فكيف إذا أحاطت به عشرات المشاكل الكبيرة؟!
من الواضح أن أقل ما يمكن أن تسببه تلك المشاكل هو : الإنهيار العصبي ، وفقدان الوعي ، واختلال المشاعر وتبلبل الفكر ، وتشتت الخاطر.
فهل نستطيع أن نتصور كيف انقضت ليلة عاشوراء على آل رسول الله؟!
فالهموم والغموم ، والخوف والتفكر حول الغد ، وما يحمله من الكوارث والفجائع ، وبكاء الأطفال من شدة العطش ، ـ وغير ذلك من المميزات تلك الليلة ـ جعلت الليلة فريدة من نوعها في تاريخ حياة أهل البيت .
وفي ساعة من ساعات تلك الليلة خرج الإمام الحسين (عليه السلام) من منطقة المخيم ، راكباً جواده ، يبحث في تلك الضواحي حول التلال والربووات ـ المشرفة على منطقة المخيم ـ التي كان من الممكن أن يمكن العدو خلفها غداً ، إذا اشتعلت نار الحرب.
ويرافقه في تلك الجولة الإستطلاعية نافع بن هلال ، وهو ذلك البطل الشجاع المقدام ، وكان من أخص أصحابه وأكثرهم ملازمة له ، فلنستمع إليه . إلتفت الإمام خلفه وقال : من الرجل؟ نافع؟
قلت : نعم ، جعلني الله فداك!! أزعجني خروجك ليلاً إلى جهة معسكر هذا الطاغي.
فقال : يا نافع! خرجت أتفقد هذه التلال مخافة أن تكون مكمناً لهجوم الخيل على مخيمنا يوم تحملون ويحملون.
ثم رجع (عليه السلام) وهو قابض على يساري ، وهو يقول : هي ، هي ، والله ، وعد لا خلف فيه .
ثم قال : يا نافع! ألا تسلك ما بين هذين الجبلين من وقتك هذا ، وتنجو بنفسك؟
فوقعت على قدميه ، وقلت : إذن ثكلت نافعاً أمه!!
سيدي : إن سيفي بألف ، وفرسي مثله ، فو الله الذي من علي بك لا أفارقك حتى يكلا عن فري وجري .
ثم فارقني ودخل خيمة أخته ، فوقفت إلى جنبها رجاء أن يسرع في خروجه منها.
فاستقبلته زينب ، ووضعت له متكئاً ، فجلس وجعل يحدثها سراً ، فما لبثت أن اختنقت بعبرتها ، وقالت : وا أخاه! أشاهد مصرعك ، وأبتل برعاية هذه المـذاعير من النساء؟ والقوم ـ كما تعلم ـ ما هم عليه من الحقد القديم.
ذلك خطب جسيم ، يعز علي مصرع هؤلاء الفتية الصفوة ، وأقمار بني هاشم!
ثم قالت : أخي هل إستعلمت من أصحابك نياتهم؟ فإني أخشى أن يسلموك عند الوثبة ، واصطكاك الأسنة!
فبكى (عليه السلام) وقال : أما والله لقد لهزتهم وبلوتهم ، وليس فيهم إلا الأشوس الأقعس يستأنسون بالمنية دوني إستيناس الطفل بلبن أمه.
قال نافع بن هلال : فلما سمعت هذا منه بكيت ، واتيت حبيب بن مظاهر ، وحكيت له ما سمعت منه ومن أخته زينب.
فقال حبيب : والله لو لا انتظار أمره لعاجلتهم بسيفي هذه الليلة!
قلت : إني خلفته عند أخته وهي في حال وجل ورعب ، وأظن أن النساء أفقن وشاركنها في الحسرة والزفرة ، فهل لك ان تجمع اصحابك وتواجههن بكلام يسكن قلوبهن ويذهب رعبهن؟ فلقد شاهدت منها ما لا قرار لي مع بقائه.
فقال لي : طوع إرادتك ، فبرز حبيب ناحية ، ونافع إلى ناحية ، فانتدب أصحابه.
فتطالعوا من مضاربهم فلما اجتمعوا قال ـ لبني هاشم ـ : إرجعوا إلى منازلكم ، لا سهرت عيونكم!!
ثم خطب أصحابه وقال : يا أصحاب الحمية وليوث الكريهة!
هذا نافع يخبرني الساعة بكيت وكيت ، وقد خلف أخت سيدكم وبقايا عياله يتشاكين ويتباكين. أخبروني عما أنتم عليه؟
فجردوا صوارمهم ، ورموا عمائمهم ، وقالوا : يا حبيب! والله الذي من علينا بهذا الموقف! لئن زحف القوم لنحصدن رؤوسهم ، ولنلحقنهم بأشياخهم أذلاء ، صاغرين ولنحفظن وصية رسول الله في أبنائه وبناته!
فقال : هلموا معي.
فقام يخبط الأرض ، وهم يعدون خلفه حتى وقف بين أطناب الخيم ، ونادى : يا أهلنا ويا سادتنا! ويا معشر حرائر رسول الله! هذه صوارم فتيانكم آلوا أن لا يغمدوها إلا في رقاب من يبغي السوء بكم ، وهذه أسنة غلمانكم أقسموا أن لا يركزوها إلا في صدور من يفرق ناديكم!
فقال الإمام الحسين (عليه السلام) : أخرجهن عليهم يا آل الله!
فخرجن ، وهن ينتدبن ويقلن : حاموا أيها الطيبون عن الفاطميات ، ما عذركم إذا لقينا جدنا رسول الله ، وشكونا إليه ما نزل بنا؟
وكان حبيب وأصحابه حاضرين يسمعون وينظرون ، فو الله الذي لا إله إلا هو ، لقد ضجوا ضجة ماجت منها الأرض ، واجتمعت لها خيولهم وكان لها جولة واختلاف صهيل ، حتى كأن كلاً ينادي صاحبه وفارسه.
وروي عن فخر المخدرات السيدة زينب (عليها السلام) أنها قالت : لما كانت ليلة عاشر من المحرم خرجت من خيمتي لأتفقد أخي الحسين وأنصاره ، وقد أفرد له خيمة ، فوجدته جالساً وحده ، يناجي ربه ، ويتلو القرآن.
فقلت ـ في نفسي ـ : أفي مثل هذه الليلة يترك أخي وحده؟ والله لأمضين إلى إخوتي وبني عمومتي وأعاتبهم بذلك.
فأتيت إلى خيمة العباس ، فسمعت منها همهمة ودمدمة ، فوقفت على ظهرها فنظرت فيها ، فوجدت بني عمومتي وإخوتي وأولاد إخوتي مجتمعين كالحلقة ، وبينهم العباس بن أمير المؤمنين ، وهو جاث على ركبتيه كالأسد على فريسته ؛ فخطب فيهم خطبة ـ ما سمعتها إلا من الحسين ـ : مشتملة على الحمد والثناء لله والصلاة والسلام على النبي وآله.
ثم قال ـ في آخر خطبته ـ : يا إخوتي! وبني إخوتي! وبني عمومتي! إذا كان الصباح فما تقولون؟
قالوا : الأمر إليك يرجع ، ونحن لا نتعدى لك قولاً.
فقال العباس : إن هؤلاء ( أعني الأصحاب ) قوم غرباء ، والحمل ثقيل لا يقوم إلا بأهله ، فإذا كان الصباح فأول من يبرز إلى القتال أنتم.
نحن نقدمهم إلى الموت لئلا يقول الناس : قدموا أصحابهم ، فلما قتلوا عالجوا الموت بأسيافهم ساعة بعد ساعة.
فقامت بنو هاشم ، وسلوا سيوفهم في وجه أخي العباس ، وقالوا : نحن على ما أنت عليه!
قالت زينب : فلما رأيت كثرة إجتماعهم ، وشدة عزمهم ، وإظهار شيمتهم ، سكن قلبي وفرحت ، ولكن خنقتني العبرة ، فأردت أن أرجع إلى أخي الحسين وأخبره بذلك ، فسمعت من خيمة حبيب بن مظاهر همهمة ودمدمة ، فمضيت إليها ووقفت بظهرها ، ونظرت فيها ، فوجدت الأصحاب على نحو بني هاشم ، مجتمعين كالحلقة ، بينهم حبيب بن مظاهر ، وهو يقول :
يا اصحابي! لم جئتم إلى هذا المكان؟ أوضحوا كلامكم ، رحمكم الله .
فقالوا : أتينا لننصر غريب فاطمة!
فقال لهم : لم طلقتم حلائلكم؟
قالوا : لذلك.
قال حبيب : فإذا كان الصباح فما أنتم قائلون؟
فقالوا : الرأي رأيك ، لا نتعدى قولاً لك.
قال : فإذا صار الصباح فأول من يبرز إلى القتال أنتم ، نحن نقدمهم للقتال ولا نرى هاشمياً مضرجاً بدمه وفينا عرق يضرب ، لئلا يقول الناس : قدموا ساداتهم للقتال ، وبخلوا عليهم بأنفسهم.
فهزوا سيوفهم على وجهه ، وقالوا : نحن على ما أنت عليه.
قالت زينب : ففرحت من ثباتهم ، ولكن خنقتني العبرة ، فانصرفت عنهم وأنا باكية ، وإذا بأخي الحسين قد عارضني ، فسكنت نفسي ، وتبسمت في وجهه.
فقال : أخيه.
قلت : لبيك يا أخي.
فقال : يا أختاه! منذ رحلنا من المدينة ما رأيتك متبسمة ، أخبريني : ما سبب تبسمك؟
فقلت له : يا أخي! رأيت من فعل بني هاشم والأصحاب كذا وكذا.
فقال لي : يا أختاه! إعلمي أن هؤلاء أصحابي من عالم الذر ، وبهم وعدني جدي رسول الله (صلى الله عليه واله).
هل تحبين أن تنظري إلى ثبات أقدامهم؟
فقلت : نعم.
فقال : عليك بظهر الخيمة.
قالت زينب : فوقفت على ظهر الخيمة ، فنادى أخي الحسين : إين إخواني وبنو أعمامي ؟
فقال الحسين : أريد أن أجدد لكم عهداً.
فأتى أولاد الحسين وأولاد الحسن ، وأولاد علي وأولاد جعفر وأولاد عقيل ، فأمرهم بالجلوس ، فجلسوا.
ثم نادى : أين حبيب بن مظاهر ، أين زهير ، أين نافع بن هلال؟ أين الأصحاب؟
فأقبلوا ، وتسابق منهم حبيب بن مظاهر ، وقال : لبيك يا أبا عبد الله!
فأتوا إليه وسيوفهم بأيديهم ، فأمرهم بالجلوس فجلسوا.
فخطب فيهم خطبةً بليغة ، ثم قال :
يا أصحابي! إعملوا أن هؤلاء القوم ليس لهم قصد سوى قتلي وقتل من هو معي ، وأنا أخاف عليكم من القتل ، فأنتم في حل من بيعتي ، ومن أحب منكم الإنصراف فلينصرف في سواد هذا الليل.
فعند ذلك قامت بنو هاشم ، وتكلموا بما تكلموا ، وقام الأصحاب وأخذوا يتكلمون بمثل كلامهم.
فلما رأى الحسين حسن إقدامهم ، وثبات أقدامهم ، قال : إن كنتم كذلك فارفعوا رؤوسكم ، وانظروا إلى منازلكم في الجنة.
فكشف لهم الغطاء ، ورأوا منازلهم وحورهم وقصورهم فيها ، والحور العين ينادين : العجل العجل! فإنا مشتاقات إليكم.
فقاموا بأجمعهم ، وسلوا سيوفهم ، وقالوا : يا أبا عبد الله! إئذن لنا أن نغير على القوم ، ونقاتلهم حتى يفعل الله بنا وبهم ما يشاء.
فقال : إجلسوا رحمكم الله ، وجزاكم الله خيراً.
ثم قال : ألا ومن كان في رحله إمرأة فلينصرف بها إلى بني أسد.
فقام علي بن مظاهر وقال : ولماذا يا سيدي؟
فقال : إن نسائي تسبى بعد قتلي ، وأخاف على نسائكم من السبي.
فمضى علي بن مظاهر إلى خيمته ، فقامت زوجته إجلالاً له ، فاستقبلته وتبسمت في وجهه.
فقال لها : دعيني والتبسم!
فقالت : يا بن مظاهر! إني سمعت غريب فاطمة! خطب فيكم وسمعت في آخرها همهمة ودمدمة ، فما علمت ما يقول؟
قال : يا هذه! إن الحسين قال لنا : ألا ومن كان في رحله إمرأة فليذهب بها إلى بني عمها ، لأني غداً أقتل ، ونسائي تسبى.
فقالت : وما أنت صانع؟
قال : قومي حتى ألحقك ببني عمك : بني أسد.
فقامت ، ونطحت رأسها بعمود الخيمة ، وقالت : والله ما انصفتني يا بن مظاهر ، أيسرك أن تسبى بنات رسول الله وأنا آمنة من السبي؟!
أيسرك أن تسلب زينب إزارها من رأسها وأنا استتر بإزاري؟!
أيسرك أن يبيض وجهك عند رسول الله ويسود وجهي عند فاطمة الزهراء؟!
والله أنتم تواسون الرجال ، ونحن نواسي النساء .
فرجع علي بن مظاهر إلى الإمام الحسين (عليه السلام) وهو يبكي.
فقال له الحسين : ما يبكيك؟
قال : سيدي .. أبت الأسدية إلا مواساتكم!!
فبكى الإمام الحسين ، وقال : جزيتم منا خيراً.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|