المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17761 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

Semantic change
2024-01-10
شبيكة متمركزة القاعدة base- centred lattice
4-1-2018
Mitochondrion
23-10-2015
إبن سُكَّرة
25-12-2015
بطاقة الذاكرة Memory Card
18-12-2021
Reverse Sulfonation
23-1-2020


تفسير الاية (20-23) من سورة محمد  
  
4004   04:42 مساءً   التاريخ: 11-10-2017
المؤلف : اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الميم / سورة محمد /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-10-2017 4629
التاريخ: 11-10-2017 5077
التاريخ: 11-10-2017 2768
التاريخ: 11-10-2017 3413

قال تعالى : {وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (20) طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَو صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ (21) فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ } [محمد : 20 - 23].

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

قال سبحانه حكاية عن المؤمنين {ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة} أي هلا نزلت لأنهم كانوا يأنسون بنزول القرآن ويستوحشون لإبطائه ليعلموا أوامر الله تعالى فيهم وتعبده لهم {فإذا أنزلت سورة محكمة} ليس فيها متشابه ولا تأويل وقيل سورة ناسخة لما قبلها من إباحة التخفيف في الجهاد قال قتادة كل سورة ذكر فيها الجهاد فهي محكمة وهي أشد القرآن على المنافقين قيل محكمة بوضوح ألفاظها وعلى هذا فالقرآن كله محكم وقيل هي التي تتضمن نصا لم يختلف تأويله ولم يتعقبه نص وفي قراءة ابن مسعود:  ((سورة محدثة)) أي مجددة.

 {وذكر فيها القتال} أي وأوجب عليهم في القتال وأمروا به {رأيت} يا محمد {الذين في قلوبهم مرض} أي شك ونفاق {ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت} قال الزجاج يريد أنهم يشخصون نحوك بأبصارهم وينظرون إليك نظرا شديدا كما ينظر الشاخص ببصره عند الموت لثقل ذلك عليهم وعظمه في نفوسهم {فأولى لهم} هذا تهديد ووعيد قال الأصمعي معنى قولهم في التهديد أولى لك وليك وقارنك ما تكره وقال قتادة معناه العقاب لهم والوعيد لهم وعلى هذا يكون أولى اسما للتهديد والوعيد ويكون أولى لهم مبتدأ وخبرا ولا ينصرف أولى لأنه على وزن الفعل وصار اسما للوعيد وقول الأصمعي أن معناه وليك ما تكره لا يريد به أن أولى فعل وإنما فسره على المعنى وقيل معناه أولى لهم طاعة الله ورسوله وقول معروف بالإجابة أي لو أطاعوا فأجابوا كانت الطاعة والإجابة أولى لهم وهذا معنى قول ابن عباس في رواية عطاء واختيار الكسائي فيكون على هذا طاعة وقول معروف متصلا بما قبله وكذلك لو كانت صفة لسورة وتقديره فإذا أنزلت سورة ذات طاعة وقول معروف على ما قاله الزجاج وعلى القول الأول يكون طاعة مبتدأ محذوف الخبر تقديره طاعة وقول معروف أمثل أو أحسن أو يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره أمرنا طاعة ويكون الوقف حسنا عند قوله {فأولى لهم} .

{طاعة وقول معروف} قد ذكرنا أن فيه مذهبين ( أحدهما ) أن يكون كلاما متصلا بما قبله وقد مر ذكره ( والآخر ) أن يكون كلاما مبتدأ ثم اختلف في تقديره على وجهين ( أحدهما ) أن يكون مبتدأ محذوف الخبر ثم قيل إن معناه طاعة وقول معروف أمثل وأليق من أحوال هؤلاء المنافقين وقيل معناه طاعة وقول معروف خير لهم من جزعهم عند نزول فرض الجهاد عن الحسن والوجه الآخر أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره قولوا أمرنا طاعة وقول معروف أي حسن لا ينكره السامع وهذا أمر أمر الله به المنافقين عن مجاهد وقيل هو حكاية عنهم أنهم كانوا يقولون ذلك ويقتضيه قوله {فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم}.

 {فإذا عزم الأمر} معناه فإذا جد الأمر ولزم فرض القتال وصار الأمر معزوما عليه والعزم العقد على الأمر بالإرادة لأن يفعله فإذا عقد العازم العزم على أن يفعله قيل عزم الأمر على طريق البلاغة وجواب إذا محذوف ويدل عليه قوله {فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم} وتقديره فإذا عزم الأمر نكلوا وكذبوا فيما وعدوا من أنفسهم فلو صدقوا الله فيما أمرهم به من الجهاد وامتثلوا أمره لكان خيرا لهم في دينهم ودنياهم من نفاقهم {فهل عسيتم} يا معشر المنافقين {إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم} معناه إن توليتم الأحكام ووليتم أي جعلتم ولاة أن تفسدوا في الأرض بأخذ الرشاء وسفك الدم الحرام فيقتل بعضكم بعضا ويقطع بعضكم رحم بعض كما قتلت قريش بني هاشم وقتل بعضهم بعضا وقيل إن توليتم معناه إن أعرضتم عن كتاب الله والعمل بما فيه أن تعودوا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية فتفسدوا بقتل بعضكم بعضا قال قتادة كيف رأيتم القوم حين تولوا عن القرآن أ لم يسفكوا الدم الحرام وقطعوا الأرحام وعصوا الرحمن؟

 ثم ذم الله سبحانه من يريد ذلك فقال {أولئك الذين لعنهم الله} أي أبعدهم من رحمته {فأصمهم وأعمى أبصارهم} ومعناه أنهم لا يعون الخبر ولا يبصرون ما به يعتبرون فكأنهم صم عمي عن أبي مسلم وقيل أنهم في الآخرة لا يهتدون إلى الجنة بمنزلة الأصم الأعمى في الدنيا عن أبي علي الجبائي ولا يجوز حمله على الصمم والعمى في الجارحة بلا خلاف لأنهم لو كانوا كذلك لما ذموا على أنهم لا يسمعون ولا يبصرون وإنما أطلق الصمم لأنه لا يكون إلا في الأذن وقرن العمي بالأبصار لأنه قد يكون بالبصر وبالقلب .

_____________________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج9، ص171-174.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآيات (1) :

{ويَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَولا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ } .

ومن أجل استقامة الكلام لا بد من تقدير جار ومجرور متعلق بنزلت ، والتقدير لولا نزلت سورة بالقتال ، أما الدليل على هذا المحذوف فقوله تعالى : {وذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ} والنحاة يعبرون عن مثله بأنه حذف من الأول لدلالة الثاني عليه .

ومحكمة واضحة بنصها على القتال ، والمعنى ان المؤمنين الخلص كانوا يتمنون أن يأمرهم القرآن بجهاد أهل الكفر والبغي ، ويتهافتون - إذا دعوا إليه - على بذل الأنفس في سبيل اللَّه فرحين مستبشرين بلقاء اللَّه وثوابه ، أما الذين في قلوبهم مرض وهم المنافقون فقد كانوا أشد الناس كراهية للجهاد والقتال ، وإذا نزلت فيه آية انهارت أعصابهم من الخوف ، ونظروا إلى النبي ( صلى الله عليه واله ) نظرة الحنق والهلع تماما كالذي ينظر إلى الموت وهو نازل به { فَأَوْلى لَهُمْ } قال كثير من المفسرين :

معناه الويل لهم أي الموت والهلاك ، ويتفق هذا مع سياق الآية .

{طاعَةٌ وقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} . هذه جملة مستأنفة ، ومعناها طاعة اللَّه وقول يقبله الرسول من {المنافقين} خير لهم من شحن الصدور بالغيظ والنفاق ، والنظر إلى الرسول بحقد وخوف { فَإِذا عَزَمَ الأَمْرُ فَلَو صَدَقُوا اللَّهً لَكانَ خَيْراً لَهُمْ } .

لوان المنافقين أخلصوا للَّه واستجابوا لدعوة الرسول حين واجهوا الأمر الواقع

بإعلان الجهاد ، وأصبح فرضا لازما ، لو فعلوا ذلك لكان خيرا لهم دنيا وآخرة ، ولكنهم أبوا إلا الفساد والضلال .

{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ } . أظهرتم الإسلام أيها المنافقون كرها له وخوفا من قوته وسلطانه . . ولعلكم لو ملكتم القوة والسلطان لملأتم الأرض فسادا بعبادة الأصنام وسفك الدماء ونهب الأموال وقطع الأرحام {أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ } بالبعد عن رحمته { فَأَصَمَّهُمْ وأَعْمى أَبْصارَهُمْ } .

لما تصاموا عن نداء الحق ، وتعاموا عن رؤيته أصم اللَّه أسماعهم وأعمى أبصارهم ، وبكلمة سلكوا طريق الهلاك مختارين فأهلكهم اللَّه . {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} [هود: 101]

_____________________

1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج7، ص72-73.

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى: {ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة} إلى آخر الآية، لولا تحضيضية أي هلا أنزلت سورة يظهرون بها الرغبة في نزول سورة جديدة تأتيهم بتكاليف جديدة يمتثلونها، والمراد بالسورة المحكمة المبينة التي لا تشابه فيها، والمراد بذكر القتال الأمر به.

والمراد بالذين في قلوبهم مرض، الضعفاء الإيمان من المؤمنين دون المنافقين فإن الآية صريحة في أن الذين أظهروا الرغبة في نزولها هم الذين آمنوا، ولا يعم الذين آمنوا للمنافقين إلا على طريق المساهلة غير اللائقة بكلام الله تعالى فالآية كقوله تعالى في فريق من المؤمنين: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً } [النساء: 77].

والمغشي عليه من الموت هو المحتضر، يقال: غشيه غشاوة إذا ستره و غطاه وغشي على فلان - بالبناء - للمفعول - إذا نابه ما غشي فهمه، ونظر المغشي عليه من الموت إشخاصه ببصره إليك من غير أن يطرف.

وقوله: {فأولى لهم} لعله خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: أولى لهم ذلك أي حري بهم أن ينظروا كذلك أي أن يحتضروا فيموتوا، وعن الأصمعي أن قولهم: {أولى لك} كلمة تهديد معناه وليك وقارنك ما تكره، والآية نظيرة قوله تعالى: { أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (34) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} [القيامة: 34، 35].

ومعنى الآية: ويقول الذين آمنوا هلا أنزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة لا تشابه فيها وأمروا فيها بالقتال والجهاد رأيت الضعفاء الإيمان منهم ينظرون إليك من شدة الخشية نظر المحتضر فأولى لهم ذلك.

قوله تعالى: {طاعة وقول معروف فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم} عزم الأمر أي جد وتنجز.

وقوله: {طاعة وقول معروف} كأنه خبر لمبتدأ محذوف والتقدير أمرنا – أو أمرهم وشأنهم - أي إيمانهم بنا طاعة واثقونا عليها وقول معروف غير منكر قالوا لنا وهو إظهار السمع والطاعة كما يحكيه تعالى عنهم بقوله: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ- إلى أن قال - وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا } [البقرة: 285].

وعلى هذا يتصل قوله بعده: {فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم} بما قبله اتصالا بينا، والمعنى: أن الأمر هوما واثقوا الله عليه من قولهم: سمعنا وأطعنا فلو أنهم حين عزم الأمر صدقوا الله فيما قالوا وأطاعوه فيما يأمر به ومنه أمر القتال لكان خيرا لهم.

ويحتمل أن يكون قوله: {طاعة} إلخ، خبرا لضمير عائد إلى القتال المذكور والتقدير القتال المذكور في السورة طاعة منهم وقول معروف فلو أنهم حين عزم الأمر صدقوا الله في إيمانهم وأطاعوه به لكان خيرا لهم.

أما كونه طاعة منهم فظاهر، وأما كونه قولا معروفا فلأن إيجاب القتال والأمر بالدفاع عن المجتمع الصالح لإبطال كيد أعدائه قول معروف يعرفه العقل والعقلاء.

وقيل: إن قوله: {طاعة{ إلخ، مبتدأ الخبر والتقدير طاعة وقول معروف خير لهم وأمثل، وقيل: مبتدأ خبره {فأولى لهم{ في الآية السابقة فالآية من تمام الآية السابقة، وهو قول ردي، وأردأ منه ما قيل: إن {طاعة{ إلخ، صفة لسورة في قوله: {فإذا أنزلت سورة} وقيل غير ذلك.

قوله تعالى: {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم} الخطاب للذين في قلوبهم مرض المتثاقلين في أمر الجهاد في سبيل الله، وقد التفت إليهم بالخطاب لزيادة التوبيخ والتقريع، والاستفهام للتقرير، والتولي الإعراض والمراد به الإعراض عن كتاب الله والعمل بما فيه والعود إلى الشرك ورفض الدين.

والمعنى: فهل يتوقع منكم أن أعرضتم عن كتاب الله والعمل بما فيه ومنه الجهاد في سبيل الله أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم بسفك الدماء ونهب الأموال وهتك الأعراض تكالبا على جيفة الدنيا أي إن توليتم كان المتوقع منكم ذلك.

وقد ظهر بذلك أن الآية في مقام التعليل لقوله في الآية السابقة: {لكان خيرا لهم} ولذا صدر بالفاء.

وقيل: المراد بالتولي التصدي للحكم والولاية، والمعنى: هل يتوقع منكم إن جعلتم ولاة أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم بسفك الدماء الحرام وأخذ الرشاء والجور في الحكم هذا، وهو معنى بعيد عن السياق.

قوله تعالى: {أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم} الإشارة إلى المفسدين في الأرض المقطعين للأرحام وقد وصفهم الله بأنه لعنهم فأصمهم وأذهب بسمعهم فلا يسمعون القول الحق وأعمى أبصارهم فلا يرون الرأي الحق فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور.

____________________
1- الميزان ، الطباطبائي ، ج18، ص195-197.

 

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه  الآيات (1) :

يخافون حتى من اسم الجهاد!

تبيّن هذه الآيات المواقف المختلفة للمؤمنين والمنافقين تجاه الأمر بالجهاد، تكملة للأبحاث التي مرّت في الآيات السابقة حول هذين الفريقين.

تقول الآية الأولى: {ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة} سورة يكون فيها أمر بالجهاد، يوضح واجبنا تجاه الأعداء القساة الجلاّدين الذين لا منطق لهم.. سورة تبعث آياتها نور الهداية في قلوبنا، وتضيء أرواحنا بنورها الوهّاج، هذا حال المؤمنين.

وأمّا المنافقون: {فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت}.

فعند سماع اسم الحرب يصيبهم الهلع، ويضطرب كيانهم أجمع، وتتوقف عقولهم عن التفكير، وتتسمّر عيونهم، وينظرون إليك كمن يوشك على الموت، وهذا أبلغ وأروع تعبير عن حال المنافقين الجبناء الخائفين.

إنّ سبب اختلاف تعامل المؤمنين والمنافقين مع أمر الجهاد، ينبع من أن الفريق الأوّل قد علقوا آمالهم بالله سبحانه لإيمانهم القوي به، فهم يرجون عنايته ولطفه ونصرته، ولا خوف لديهم من الشهادة في سبيله.

إنّ ميدان الجهاد بالنسبة إلى هؤلاء ميدان إظهار عشقهم لمحبوبهم، ميدان الشرف والفضيلة، ميدان تفجّر الإستعدادات والقابليات، وهو ميدان الثبات والمقاومة والإنتصار، ولا معنى للخوف في مثل هذا الميدان.

إلاّ أنّه بالنسبة إلى المنافقين ميدان موت وفناء وتعاسة، ميدان هزيمة ومفارقة لذائذ الدنيا، وهو أخيراً ميدان مظلم يعقبه مستقبل مرعب غامض!

والمراد من «السورة المحكمة» ـ باعتقاد بعض المفسّرين ـ هي السور التي ذكرت فيها مسألة الجهاد. لكن لا دليل على هذا التّفسير، بل الظاهر أنّ «المحكم» هنا بمعنى المستحكم والثابت والقاطع، والخالي من أي غموض أو إبهام، حيث يقع المتشابه في مقابلة أحياناً، ولمّا كانت آيات الجهاد تتمتّع عادة بحزم استثنائي، فإنّها تنسجم مع مفهوم هذه اللفظ أكثر، إلاّ أنّها ليست منحصرة فيه.

والتعبير بـ {الذين في قلوبهم مرض} تعبير يستعمل في لسان القرآن في شأن المنافقين عادةً، وما احتمله بعض المفسّرين من أنّ المراد ضعفاء الإيمان لا ينسجم مع سائر آيات القرآن، بل ولا مع الآيات السابقة لهذه الآيات والتي بعدها، التي تتحدّث جميعاً عن المنافقين.

وعلى أية حال، فإنّ الآية تضيف في النهاية جملة قصيرة، فتقول: {فأولى لهم}.

إنّ جملة {أولى لهم} تعبّر في الأدب العربي عن التهديد واللعنة، وتمنّي التعاسة والفناء للآخر(2).

وفسّرها البعض بأنّها تعني: الموت أولى لهم، ولا مانع من الجمع بينها كما أوردنا في تفسير الآية.

وتضيف الآية التالية: {طاعة وقول معروف}(3).

إنّ التعبير بـ(قول معروف) يمكن أن يكون في مقابل الكلمات الهزيلة المنكرة التي كان يتفوّه بها المنافقون بعد نزول آيات الجهاد، فقد كانوا يقولون تارةً {لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ} [التوبة: 81] ، وأخرى: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} [الأحزاب: 12] ، وثالثة كانوا يقولون: {هَلُمَّ إِلَيْنَا} [الأحزاب: 18] ، من أجل إضعاف المؤمنين وإعاقتهم عن التوجّه إلى ميدان الجهاد.

ولم يكونوا يكتفون بعدم ترغيب الناس في أمر الجهاد، بل كانوا يبذلون قصارى جهودهم من أجل صدّهم عن الجهاد، أو تثبيط معنوياتهم وعزائمهم على الأقل.

ثمّ تضيف الآية: {فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم} وسيرفع رؤوسهم في الدنيا، ويمنحهم العزّة والفخر، ويؤدّي إلى أن ينالوا الثواب الجزيل، والأجر الكبير، والفوز العظيم في الآخرة.

وجملة (عزم الأمر) تشير في الأساس إلى استحكام العمل، إلاّ أنّ المراد منها هنا الجهاد، بقرينة الآيات التي سبقتها والتي تليها.

وتضيف الآية التالية: {فهل عسيتم إن توليّتهم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم}(4) لأنّكم إن أعرضتم عن القرآن والتوحيد، فإنّكم سترجعون إلى جاهليّتكم حتماً، ولم يكن في الجاهلية إلاّ الفساد في الأرض، والإغارة والقتل وسفك الدماء، وقطيعة الرحم، ووأد البنات. هذا إذا كانت «توليّتم» من مادة «تولّي» بمعنى الإعراض.

غير أنّ كثيراً من المفسّرين احتمل أن تكون من مادة «ولاية»، أي: الحكومة، فيكون المعنى: إنّكم إذا توليّتم زمام السلطة فلا يتوقع منكم إلاّ الضلال والفساد وسفك الدماء وقطيعة الرحم.

وكأنّ جمعاً من المنافقين قد اعتذر من أجل أن يفرّ من ميدان الجهاد بأنّا كيف نطأ ساحة الحرب ونقتل أرحامنا ونسفك دماءهم، وعندها سنكون من المفسدين في الأرض؟

فيجيبهم القرآن قائلاً: ألم تقتلوا أرحامكم وتسفكوا دماءهم، ولم يظهر منكم إلاّ الفساد في الأرض يوم كانت الحكومة بأيديكم؟ إن هذا إلاّ تذرّع وتهرّب، فإنّ الهدف من الحرب في الإسلام هو إخماد نار الفتنة، لا الفساد في الأرض، والهدف اقتلاع جذور الظلم وإزالته من الوجود، لا قطع الرحم.

وقد ورد في بعض الروايات الواردة عن أهل البيت(عليهم السلام) أنّ هذه الآية في بني أُمية الذين لم يرحموا صغيراً ولا كبيراً، بل سفكوا دماء الجميع حتى أقاربهم لمّا تسلّموا زمام الحكم(5).

من المعلوم أنّ بني أمية جميعاً، اتبداءً من أبي سفيان إلى أبنائه وأحفاده، كانوا مصداقاً واضحاً لهذه الآية، وهذا هو المراد من الرواية، إذ أنّ للآية معنى واسعاً يشمل كلّ المنافقين الظالمين والمفسدين.

وتوضح الآية التالية المصير النهائي لهؤلاء القوم المنافقين المفسدين المتذرّعين بأوهى الحجج فتقول: {أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم}.

إنّ هؤلاء يظنّون أنّ الجهاد الإسلامي القائم على أساس الحق والعدالة، قطيعة للرحم، وفساداً في الأرض، أمّا كلّ الجرائم التي ارتكبوها في الجاهلية، والدماء البريئة التي سفكوها أيّام تسلطهم، والأطفال الأبرياء الذين وأدوهم ودفنوهم وهم أحياء يستغيثون، كانت قائمة على أساس الحق والعدل! لعنهم الله إذ لا أذن واعية لهم، ولا عين ناظرة بصيرة!

ونقرأ في رواية عن الإمام علي بن الحسين، أنّه قال لولده الإمام الباقر (عليه السلام): «إيّاك ومصاحبة القاطع لرحمه، فإنّي وجدته ملعوناً في كتاب الله عزَّوجلّ في ثلاثة مواضع، قال الله عزَّ وجلّ: فهل عسيتم...»(6).

«الرحم» في الأصل محل استقرار الجنين في بطن أمّه، ثمّ أطلق هذا التعبير على كل الأقرباء، لأنّهم نشأوا وولدوا من رحم واحد.

وجاء في حديث آخر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «ثلاثة لا يدخلون الجنّة: مدمن خمر، ومدمن سحر، وقاطع رحم»(7).

ولا يخفى أنّ لعن الله تعالى لهؤلاء القوم، وطردهم من رحمته، وكذلك سلبهم القدرة على إدراك الحقائق، لا يستلزم الجبر، لأنّ ذلك جزاء أعمالهم، وردّ فعل لسلوكهم وأفعالهم.

___________________________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج12 ، ص638-642.

2 ـ اعتقد جماعة أنّ معنى الجملة يصبح: يليه مكروه، وهو يعادل معنى ويل لهم.

3 ـ (طاعة) مبتدأ، وخبره محذوف، والتقدير: طاعة وقول معروف أمثل لهم، واعتبرها البعض خبراً لمبتدأ محذوف، وكان التقدير: أمرنا طاعة، إلاّ أنّ المعنى الأوّل هو الأنسب.

4 ـ بالرغم من أنّ القليل من المفسّرين قد بحث في تركيب هذه الآية، لكن يبدو أنّ {إن توليّتم} جملة شرطية وقعت بين اسم «عسى» وخبرها، وجزاء إن الشرطية مجموع جملة {فهل عسيتم أن تفسدوا في الأرض}، والتقدير: إن توليّتم عن كتاب الله فهل يترقب منكم إلاّ الفساد في الأرض؟

 5ـ راجع: نور الثقلين، المجلد 5، صفحة 40.

6 ـ أصول الكافي، المجلد 2، باب «من تكره مجالسته»، الحديث 7. أمّا الآيتان اللتان وردتا في بقية الحديث فإحداهما الآية (25) من سورة الرعد، والأُخرى الآية (27) من سورة البقرة، وقد ورد اللعن في إحداهما صريحاً، وفي الأُخرى كناية وتلميحاً.

7 ـ التّفسير الأمثل ذيل الآية (77) من سورة المائدة (نقلاً عن الخصال ، ج1 ، ص179 ، وتفسير نور الثقلين ، ج5 ، ص41.).

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .