أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-17
449
التاريخ: 7-6-2017
3011
التاريخ: 5-7-2017
3054
التاريخ: 11-12-2014
3574
|
لقد وقع المستشرقون عند تحليلهم لهذه العمليّات [-المناورات العسكرية-] في خطأ كبير، وتفوّهوا نتيجة ذلك بكلام يخالف القرائن والشواهد الموجودة في التاريخ.
فهم يقولون : لقد كان هدف النبيّ (صلى الله عليه واله) من مصادرة أموال قريش، والسيطرة عليها هو تقوية نفسه.
في حين أنّ هذا الرأي لا يلائم نفسيّة أهل يثرب لأنّ الغارة، وقطع الطريق، واستلاب الأموال، من شيم الاعراب أهل البوادي، البعيدين عن روح الحضارة، وقيم المدنية وأخلاقها، بينما كان مسلمو يثرب عامة، أهل زرع، وفلاحة، ولم يعهد منهم أن قطعوا الطرق على القوافل، أو سلبوا أموال القبائل التي كانت تعيش خارج حدودها.
وأما حروب الأوس والخزرج فقد كان لها أسباب وعلل محليّة، وقد كان اليهود هم الذين يؤججون نيرانها، بغية إضعاف القوى والصفوف العربية وتقويه نفسها وموقعها.
ومن جانب آخر لم يكن المسلمون المهاجرون الذين كانوا حول الرسول (صلى الله عليه واله) ينوون ملافاة ما خسروه، رغم أنّ ثرواتهم وممتلكاتهم كانت قد صودرت من قبل المكيين، ويدل على ذلك أنهم لم يتعرضوا بعد معركة بدر لأيّة قافلة تجارية لقريش.
كيف لا وقد كان الهدف وراء أكثر هذه البعوث والارساليات العسكرية هو تحصيل وجمع المعلومات، عن العدوّ وتحركاته وخططه، والمجموعات التي لم يكن يتجاوز عدد أفرادها غالبا الثمانية أو الستين أو الثمانين رجلا لا يمكنها قطع الطريق، واستلاب الاموال، ومصادرة القوافل التجارية الكبرى التي كان يقوم بحراستها رجال أكثر عددا وأقوى عدّة من تلك السرايا، بأضعاف المرات غالبا.
فاذا كان الهدف هو الحصول على المال والثروة من هذا الطريق فلما ذا خصّت قريش بذلك، ولم يعترض المسلمون تجارة غيرهم من القبائل المشركة؟ ولما ذا لم يمس المسلمون شيئا من أموال غير قريش.
واذا كان الهدف هو الغارة، وقطع الطريق واستلاب الأموال، فلما ذا كان النبيّ (صلى الله عليه واله) يبعث المهاجرين فقط، ولا يستعين بأحد من الأنصار في هذا المجال غالبا؟
وربما قال هؤلاء المستشرقون : ان المقصود من هذه العمليات الاعتراضية كان هو الانتقام من قريش، لأنّ النبيّ (صلى الله عليه واله) وأصحابه تعرّضوا على أيدي المكيين لألوان التعذيب والاضطهاد والأذى، فدفعتهم غريزة الانتقام والثأر ـ بعد أن حصلوا على القوة ـ الى تجريد سيوفهم، للانتقام من الذين طالما اضطهدوهم، وليسفكوا منهم دما!!
ولكن هذا الرأي لا يقل في الضعف والوهن والسخافة عن سابقه، لأنّ الشواهد والقرائن التاريخية الحيّة العديدة، تكذّبه وتفنّده، وتوضّح ـ بجلاء ـ أن الهدف من بعث تلك السرايا والدوريات العسكرية لم يكن أبدا القتال والحرب، والانتقام وسفك الدماء.
وإليك ما يدلّ على بطلان هذه النظرية :
أوّلا : اذا كان هدف النبيّ (صلى الله عليه واله) من بعث تلك المجموعات العسكرية هو القتال واستلاب الاموال واخذ المغانم، وجب أن يزيد في عدد أفراد تلك المجموعات، ويبعث كتائب ـ عسكرية مسلّحة، ومجهزة تجهيزا قويا، إلى سيف البحر، وشواطئه على حين نجد أنه (صلى الله عليه واله) بعث مع حمزة بن أبي طالب ثلاثين شخصا، ومع عبيدة بن الحارث ستين شخصا، ومع سعد بن أبي وقاص أفرادا معدودين لا يتجاوزون العشرة، بينما كانت قريش قد أناطت حراسة قوافلها إلى أعداد كبيرة جدا من الفرسان، تفوق عدد أفراد المجموعات العسكرية الاسلامية.
فقد واجه حمزة ثلاثمائة، وعبيدة مائتين رجلا من قريش، وقد ضاعفت قريش من عدد المحافظين والحرس على قوافلها خاصة بعد أن عرفت بالمعاهدات والتحالفات التي عقدها رسول الله (صلى الله عليه واله) مع القبائل القاطنة على الشريط التجاريّ؟!
هذا مضافا إلى أنّه لو كان قادة هذه البعوث والدوريات مكلّفين بمقاتلة العدوّ فلما ذا لم يسفك من أحد قطرة دم في أكثر تلك البعوث والعمليات ولما ذا انصرف بعضهم لوساطة قام بها مجدي بن عمرو بين الطرفين؟!
ثانيا : ان كتاب رسول الله (صلى الله عليه واله) الذي كتبه لعبد الله بن جحش شاهد حيّ على أن الهدف لم يكن هو القتال، والحرب.
فقد جاء في ذلك الكتاب : انزل نخلة بين مكة والطائف فترصّد بها قريشا وتعلم ( اي حصّل ) لنا من أخبارهم.
إن هذه الرسالة توضّح بجلاء أنّ مهمة عبد الله وجماعته لم تكن القتال قط، بل كانت جمع المعلومات حول العدوّ وتنقلاته وتحركاته، أي مهمة استطلاعية حسب.
واما سبب الصدام في نخلة ومصرع عمرو الحضرمي فقد كان القرار الذي أخذته الشورى العسكرية التي عقدتها نفس المجموعة، وليس بقرار وأمر من رسول الله (صلى الله عليه واله).
ومن هنا انزعج رسول الله (صلى الله عليه واله) بمجرد سماعه بنبإ هذا الصدام الدموي ولا مهم على فعلتهم وقال : ما أمرتكم بقتال.
ويؤيّد هذا ما ورد في مغازي الواقدي عن سليمان بن سحيم أنه قال : ما أمرهم رسول الله (صلى الله عليه واله) بالقتال في الشهر الحرام، ولا غير الشهر الحرام إنما أمرهم أن يتحسّسوا أخبار قريش.
والعلة في أن النبيّ (صلى الله عليه واله) كان يختار لهذه الدوريات والبعوث رجالا من المهاجرين دون الأنصار هي أن الانصار قد بايعوا في العقبة على الدفاع، أي أن معاهدتهم مع رسول الله (صلى الله عليه واله) كانت معاهدة دفاعية تعهّدوا بموجبها بأن يمنعوه من أعدائه ويدافعوا عنه إذا قصده عدوّ.
من هنا ما كان رسول الله (صلى الله عليه واله) يريد أن يفرض عليهم مثل هذه المهمات، ويبقى هو في المدينة، ولكنه عند ما خرج ـ فيما بعد ـ بنفسه أخذ معه جماعة من رجال الانصار تقوية لروابط الاخوة والوحدة بين المهاجرين والأنصار، ولهذا كان رجاله في غزوة بواط أو ذات العشيرة يتكونون من الأنصار والمهاجرين.
وعلى هذا الاساس يتضح بطلان نظرية المستشرقين حول الهدف من بعث الدوريات العسكرية.
كما أنّ بالتأمل والامعان في ما قلناه يتضح أيضا بطلان ما قالوه في هذا المجال في تلك العمليات التي شارك فيها رسول الله (صلى الله عليه واله) بنفسه، إذ أن الذين خرجوا معه ما كانوا ينحصرون في المهاجرين خاصه بل كانوا خليطا من المهاجرين والأنصار، والحال أن الأنصار لم يبايعوا النبيّ على القيام بأية عملية هجوميّة ابتدائية، بل كل ما بايعوا عليه النبيّ كما قلنا هو : العمل الدفاعي،
فكيف يصح أن يدعوهم النبيّ (صلى الله عليه واله) إلى عمليات قتالية ابتدائية هجوميّة.
وتشهد بما نقول حادثة وقعة بدر التي سنشرحها في ما بعد، فما لم يعلن الأنصار عن موافقتهم على قتال قريش لم يقرر النبيّ (صلى الله عليه واله) الحرب، في تلك الواقعة.
هذا والسبب في تسمية أصحاب السير والتواريخ هذا النوع من العمليات التي خرج فيها النبيّ بنفسه ( غزوة ) وان لم يقع فيها قتال وغزو، هو أنّهم أرادوا أن يجمعوا كل الحوادث تحت عنوان واحد، وإلاّ فلم يكن الهدف الاساسيّ من هذه العمليات هو الحرب والقتال، أو السيطرة على الأموال وسلبها.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|