أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-4-2016
2615
التاريخ: 2024-04-13
702
التاريخ: 15-8-2017
2169
التاريخ: 28-4-2017
2073
|
يجب على الوالدين بصورة خاصة وعموم المربين ان لا يغفلوا هذه الامور الثلاثة الهامة، وهي: تربية العواطف، وتنمية العقل، وتزكية النفس، اثناء قيامهم بعملهم التربوي والتعليمي والتهذيبي لأطفالهم وابنائهم لان تكامل الانسان لا ينحصر في تكامل عقله فقط وانما يجب ان تتكامل نفسه وعواطفه ايضا فالإنسان لا ينال مكانه اللائق به، ولن يظفر بالسعادة في الحياة مالم يتكامل عقله وعواطفه وتزكو نفسه وتتكامل سويةً ودونما تفريق البتة.
ومن الحقيقة بمكان، ان العقل له دور هام في مسيرة حياة الانسان التكاملية، وضمان سعادته لأنه يلعب دور الدليل والمرشد لذلك وهو ضروري جدا في حياة الفرد والمجتمع لذا اهتم الاسلام بتقوية واستخراج كنوزه اهتماما لا حد له، وخاصة في معرفة اصول العلوم والشريعة، والتربية والحياة. لان تجلي هذه الاصول عند العقل بوضوح كاف يصبح التفقه في الدين والاحكام والسنن التي تنظم الحياة، ومعرفة قوانين التطور والتقدم والسعادة سهلا ميسوراً.
والقرآن الكريم مملوء بالآيات التي تدعونا إلى التدبر فيها، لما تحتويه من احكام وسنن وقوانين وعلوم ووصايا وتوجيهات تستوعب حياتنا الانسانية الطبيعية والميتافيزيقية، والاجتماعية والتربوية والفكرية والسياسية، والاقتصادية والسلوكية والروحية والنفسية، لعلنا نتعقل ونتبصر، ونستنبط فروعا جديدة من تلك الاصول لتعيننا على تنظيم امور الحياة، وتهدينا إلى التكامل والتوازن والخير والسعادة.
فالإسلام سعى سعياً حثيثا يفوق التصور في تربية الانسان وتثقيف عقله وتحرره، والعمل على انطلاقه للنظر إلى الحقائق بلا حجاب وادراكها من دون شك وخوف فدعا إلى التزين بالتواضع والصفات النبيلة والخلق الكريم، والتهجد في الليل، وامر بمجاهدة النفس حتى يزداد المجاهد عقلا وتبصراً وانسانية.
وقد اهتم الانسان ايضا بإيقاظ العقل وزيادة الانسان بمشيئة الله سبحانه، حينما دعاه الله التأمل بآيات القران الكريم التي تدل على البعث والنشور والتوحيد والاستقامة في السلوك والعقيدة.
وحث الاسلام بقوة على العمل، وبإرشاداته ووصاياه الاخلاقية والشرعية والطبية والوقائية التي لها علاقة صميمة بنشاط العقل وعافيته وتقويته الواردة في القرآن والسنة؛ لان العقل قيمة سامية وهو اصل كل القيم الالهية الاخرى، بل هو اصل الدين لذلك دعا الاسلام بجدية إلى محاربة كل ما من شانه انقاص العقل وازالته كالمكسرات والمخدرات والادوية والاطعمة الضارة، وحرم تناولها وشربها لأنه تؤثر على عقل الجنين وتضر بشبكة اعصابه فربما يولد ابلها او ناقصا في عقله وتكوينه.
وكل هذا له دلالة واضحة على حرص الاسلام الشديد بالعقل الانساني، والعمل على تقويته ونموه واثارته وايقاظه وبالتالي استخراج كنوزه المدخرة فيه وتوظيفها في سعادة الانسان وبناء حياته الفكرية والانسانية بناءً سليماً يتسم بالرقي والتكامل والسمو هذا من جهة.
ومن جهة اخرى يروم الاسلام ايجاد الانسان الكامل في عقله وعواطفه وروحه ودينه وحياته ليساهم في معركة الحياة الانسانية بتفاعل وتفاؤل وايجابية وشفافية يحب لأخيه كما يحب لنفسه وليكون حراً وعبداً مطيعاً لله سبحانه مخلصا ملتزما بما هو مفروض عليه بأمر مولوي، وعارفا بانه لم يخلق عبثاً وانما هو خليفة الله في ارضه ومكلف بأداء رسالته واشاعة الخير والولد والفضيلة والسلام بين بني الانسان كافة.
وعليه فان الاسلام الحنيف يملك آليات متعددة، وسبلا كثيرة في المحافظة على العقل والعمل على تنميته وتقويته واستثارته واستخراج كنوزه، وتوظيفها في مرافق الحياة الانسانية المختلفة لكي يتحقق البناء الفكري السليم المتوازن، ويحصل التقدم العقلي المتكامل والتطور الحضاري والمدني المزدهر وبالتالي السعادة في الدنيا والآخرة.
إن العقل من أكبر النعم التي وهبها الله للإنسان فجعله اشرف مخلوق على الارض، مرفوع الرأس كريماً {قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} [الملك: 23]
وقال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) (أفضل حظ الرجل عقله، ان ذل اعزه وان سقط رفعه وان ضل ارشده وان تكلم سدده)(1).
وعوداً على بدء ، قلنا : ان العقل يلعب دور الدليل والمرشد في ضمان سعادة الانسان. نقول: ان العقل يحتاج إلى طاقة لكي يتحرك والطاقة المحركة له هي العواطف والمشاعر لان العاطفة لها الاثر الفاعل في ايجاد الحب والحنان والاخاء والتعاون والايثار وبالتالي هي الاساس المتين في تلاحم المجتمع والربط بين اجزائه وتقويته، وتقدمه، وسعادته.
فالعاطفة تروي ظمأ الفرد والمجتمع من الدفء والحب والحنان، وهي المنبع لجميع التضحيات ومظاهر الايثار، وألوان الود والشفقة والمساعدة والوفاء لان غذاءها الاخلاق والفضيلة. قطعا ان المشاعر العاطفية هي التي تدفعنا إلى الامام ابداً وهي التي تمكننا من التغلب على الصعوبات التي توجهنا والعوائق التي تقف في طريقنا، والحب هو الذي يمتلك القدرة اللازمة لتهديم الحواجز القوية التي تخفي خلفها الاثرة والانانية ، ويشعل نار العشق ،ويفتح اسارير الرضا إلى طريق التضحية والايثار في الانسان.
إذن، يجب على كل مرب ان يلاحظ ذلك ويهتم بعقل الطفل وعواطفه، ويركز بصورة خاصة على غذاء كل منهما. فالعقل غذاؤه العلم كما هو معلوم والعواطف كما مر غذاؤه الاخلاق الحسنة والفضائل لذا يجب الاهتمام بالعلوم والمعرفة والاخلاق والفضائل وعدم التغافل عنها مطلقا في كل عملية تربوية او تعليمية نريد لها النجاح وان تؤتي ثمارها في الحياة.
وبناء على هذا دعا الاسلام بقوة إلى العلم ورغَّب المسلمين في تحصيله، والتاريخ الاسلامي وغير الاسلامي يؤيد ذلك، والآيات والروايات كثيرة بهذا الخصوص، ولا يخفي ان ظهور الحضارة الاسلامية بدأت في القرن الأول للإسلام وان الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله) واهل بيته الأطهار (عليهم السلام) هم اول من اهتم بحركة التعليم والكتابة ونشر العلم والمعرفة، ومحو الامية وتعلم اللغات المختلفة.
وقد بدأت الحركة العلمية من العلوم الدينية ثم وصلت إلى العلوم الطبيعية، وعلوم الفلسفة والطب والاخلاق وغيرها. وكان الاساس في ذلك هو ترغيب الاسلام القوي لتحصيل العلم، حتى اعتبر طلبه فريضة دينية على كل مسلم ومسلمة، وانه امر مقدس بالنسبة لعموم المسلمين.
ولقد حارب الاسلام التكبر والهوى والتعصب بقوة لأنه يوصد باب العلم، وذمه ونهى عنه وذكر مساوئه وكان امير المؤمنين علي ( عليه السلام) ينهى عن التعصب بشدة ويقول : (فاذا كان لابد من التعصب فليكن تعصبكم لمكارم الخصال)(2).
نعم، ينبغي طلب العلم ونبذ الرذائل والتمسك بالفضائل والتعصب لمكارم الخصال. لان الانسان
لا يصير انسانا متكاملات وذا شخصية قوية سليمة ما لم يكن عالما او طالبا للعلم، ونابذا للرذائل ومتمسكا بالفضائل لكي يتمكن من اداء دوره في بناء نفسه ومجتمعه بصورة صحيحة، لذا اهتم الاسلام الحنيف ببناء الشخصية المؤمنة السليمة الهادفة القوية في فكرها وعلمها الثابتة على القيم النبيلة والصفات السامية.
فالإنسان الذي يعرّفهُ الاسلام نموذجا كاملا للتربية التامة الصحيحة انما هو العنصر المتعلم المتفكر الايجابي الفعال المهذب، انه الانسان الذي يُرى فيه المنفعة والاعتدال والانسجام في ادراكه وافكاره وسلوكه وفي كل جوانب حياته ويستطيع ان يمتنع عن الانغماس في عالم المادة والتمتعات الارضية في سبيل اهدافه المقدسة، وله القدرة الكافية على انتشال نفسه من ثقل الحواجز والموانع المادية ويصعد بها إلى اوج الرقي والكمال. وان اولى مراحل الرقي إلى الكمالات والفضائل الانسانية في تعاليم الاسلام هي : تزكية النفس ...
_______________
1- غرر الحكم :312.
2- نهج البلاغة: آخر خطبة له (عليه السلام) تسمى : القاصعة.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|