التعصب الأعمى وغياب العقل والمنطق سبب الأقوال في تحريم إحياء ذكرى الصالحين |
1965
12:59 مساءً
التاريخ: 8-2-2017
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-07-2015
4744
التاريخ: 1-07-2015
1650
التاريخ: 5-12-2018
2046
التاريخ: 1-07-2015
1521
|
جاء في هامش كتاب «فتح المجيد» ما نصه :
«وهي التي يسميها الناس اليوم «الموالد والذكريات» التي ملأت البلاد باسم الأولياء، وهي نوع من العبادة لهم وتعظيمهم، ولذلك لا يذكر الناس ويعرفون إلا من أقيمت له هذه الذكريات، ولو كان أجهل خلق الله وأفسقهم.
فلكما كسدت سوق طاغوت من هؤلاء، قامت السدنة بهذا العيد لتحيي في نفوس العامة عبادته، وتكثر الهدايا والقرابين باسمه.
وقد امتلأت البلاد الاسلامية بهذه الذكرانات، وعمت المصيبة، وعادت بها الجاهلية الى بلاد الإسلام، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولم ينج منها إلا نجد والحجاز، فيما تعلم، بفضل الله، ثم بفضل آل سعود، الذين قاموا بحماية دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب» (1).
وقال: «في قرة العيون: وقد أحدث هؤلاء المشركون أعيادا عند القبور، التي تعبد من دون الله، ويسمونها عيدا، كمولد البدوي بمصر، وغيره، بل هي أعظم، لما يوجد فيها من الشرك، والمعاصي العظيمة». (2)
وقالوا أيضا: «والمستقرئ لشؤون البشر، وما يطرأ عليها من التطورات الصالحة والفاسدة، يعرف حقيقة هذه الأعياد الجاهلية، بما يرى اليوم من الأعياد التي يسميها أهل العصر «الموالد»، أو يسمونها الذكريات، لمعظميهم من موتى الأولياء، وغيرهم، ولحوادث يزعمون: إنها كان لها شأن في حياتهم، من ولادة ولد، أو تولي ملك، أو رئيس، أو نحو ذلك.
وكل ذلك إيما هو إحياء لسنن الجاهلية، وإماتة لشرائع الاسلام من قلوبهم، وإن كان أكثر الناس لا يشعرون بذلك، لشدة استحكام ظلمة الجاهلية على قلوبهم، ولا ينفعهم ذلك الجهل عذرا، بل هو الجريمة كل الجريمة، التي تولد عنها كل الجرائم، من الكفر، والفسوق، والعصيان». (3)
وقال المرشيدي : «... وقد ابتلي الناس بهذا، لاسيما مولد البدوي...». (4)
والمراد: انهم ابتلوا بنقل الدراهم والشمع.
وحول مولد البدوي، فقد قالوا أيضا: «ويقام له كل عام ثلاثة موالد» يشد الرحال إليها الناس من أقصى القطر المصري، ويجتمع في المولد اكثر من ثلاث مئة ألف حاج إلى هذا الصنم الأكبر، عجل الله بهدمه، وحرقه، هو وغيره من كل صنم في مصر وغيرها...». (5)
وقد استدلوا أيضا بما روي عن ابي هريرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله) : لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا علي، فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم».
وروي بمعناه عن النبي، عن السجاد زين العابدين عليه السلام، وعن الحسن بن الحسن بن علي، وعن أبي سعيد مولى المهري. (6)
«وقد نهى عمر عن اتخاذ آثار الانبياء أعيادا...». (7)
قال ابن تيمية : «... وقد تقدم أن اتخاذ المكان عيدا هو اعتياد إتيانه للعبادة عنده، أو غير ذلك...». (8)
وقال: «... وفي الحديث دليل على منع شد الرحل الى قبره (صلى الله عليه واله) ، والى قبر غيره من القبور والمشاهد، لأن ذلك من اتخاذها أعيادا». (9)
وقال: «... يشير إلى أن ما ينالني منكم من الصلاة والسلام يحصل مع قربكم من قبري، وبعدكم منه، فلا حاجة بكم الى اتخاذه عيدا». (10)
وقال: «... ربما اجتمع القبوريون عندها اجتماعات كثيرة في مواسم معينة، وهذا بعينه الذي نهى عنه النبي (صلى الله عليه واله) بقوله: لا تتخذوا قبري عيدا. وبقوله: لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد». (11)
«... وقال المناوي في فتح القدير: معناه: النهي عن الاجتماع لزيارته، واجتماعهم للعيد، إما لدفع المشقة، أو كراهة أن يتجاوزوا حد التعظيم...». (12)
وقال ابن القيم: «... نهيه لهم أن يتخذوا قبره عيدا، نهي لهم ان يجعلوه مجمعا، كالأعياد التي يقصد الناس الاجتماع إليها للصلاة، بل يزار قبره صلوات الله وسلامه عليه كما يزوره الصحابة رضوان الله عليهم، على الوجه الذي يرضيه ويحبه، صلوات الله وسلامه عليه...». (13)
وقال ابن عبد الهادي الحنبلي: «... وتخصيص الحجرة بالصلاة والسلام جعل لها عيدا، وقد نهاهم عن ذلك...». (14)
وقال المناوي: « يؤخذ منه : أن اجتماع العامة في بعض أضرحة الأولياء في يوم أو شهر مخصوص من السنة، ويقولون: هذا يوم مولد الشيخ، ويأكلون ويشربون وربما يرقصون فيه، منهي عنه شرعا. وعلى ولي الشرع ردعهم عن ذلك، وإنكاره عليهم وإبطاله». (15)
وقال العظيم آبادي: «... وإن من سافر إليه، وحضر من ناس آخرين، فقد اتخذه عيدا، وهو منهي عنه بنص الحديث، فثبت منع شد الرحل لأجل ذلك بإشارة النص، كما ثبت النهي عن جعله عيدا بدلالة النص. الخ...». (16)
وقالوا كذلك: «... فاتخاذ القبر عيدا هو مثل اتخاذه مسجدا، والصلاة اليه، بل هو أبلغ، وأحق بالنهي، فإن اتخاذه مسجدا يصلى فيه لله ليس فيه من المفسدة ما في اتخاذ نفسه عيدا، بحيث يعتاد انتيابه والاختلاف اليه، والازدحام عنده، كما يحصل في أمكنة الأعياد وازمنتها، فان العيد يقال في لسان الشارع على الزمان والمكان...». (17)
قال ابن القيم: «ونهى أمته أن يتخذوا قبره عيدا... إلى أن قال عن القبور: ولا تعظم بحيث تتخذ مساجد، فيصلى عندها واليها، وتتخذ ايعادا وأوثانا». (18)
وقال ابن القيم والبركوي : «وكان للمشركين أعياد زمانية، ومكانية. فلما جاء الله بالإسلام أبطلها، وعوض الحنفاء منها عيد الفطر، وأيام منى، كما عوضهم من أعياد المشركين المكانية بالكعبة، ومنى، ومزدلفة، وعرفة، والمشاعر». (19)
وقال ابن تيمية: «... وكذلك ما يحدثه بعض الناس، إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام، وأما محبة للنبي (صلى الله عليه واله) والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد، لا على البدع ، من اتخاذ مولد رسول الله (صلى الله عليه واله) عيدا، مع اختلاف الناس في مولده، فان هذا لم يفعله السلف، مع عدم قيام المقتضي له، وعدم المانع منه، ولو كان هذا خيرا محضا، أو راجحا لكان السلف (رض) احق به منا، فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله وتعظيما له منا...». (20)
وقال: «حتى أن بعض القبور يجتمع عندها القبوريون في يوم السنة، ويسافرون لإقامة العيد، إما في المحرم، أو رجب، أو شعبان أو ذي الحجة، أو غيرها. وبعضها يجتمع عندها في عاشوراء، وبعضها في يوم عرفة، وبعضها في النصف من شعبان الخ...». (21)
وقال: «... فان اعتياد قصد المكان المعين في وقت معين، عائد بعد السنة، أو الشهر، أو الأسبوع هو بعينه معنى العبيد. ثم ينهى عن دق ذلك، وجله. وهذا هو الذي تقدم عن الإمام احمد إنكاره. قال: وقد أفرط الناس في هذا جدا، وأكثروا، وذكر ما يفعل عند قبر الحسين.
وقد ذكرت فيما تقدم: أنه يكره اعتياد عبادة في وقت إذا لم تجئ بها السنة فكيف اعتياد مكان معين في وقت معين.
ويدخل في هذا ما يفعل بمصر عند قبر نفيسة وغيرها، وما يفعل بالعراق عند القبر الذي يقال: إنه قبر علي رضي الله عنه، وقبر الحسين، وحذيفة بن اليمان، وسلمان الفارسي وقبر موسى بن جعفر، ومحمد بن علي الجواد ببغداد... (22).
وقال: «وأما اتخاذ قبورهم أعيادا فهو ما حرمه الله ورسوله، واعتياد قصد هذه القبور في وقت معين، والاجتماع العام عندها في وقت معين هو اتخاذها عيدا، ولا أعلم بين المسلمين أهل العلم في ذلك خلافا». (23)
وقال عن يوم عرفة: «... وأيضا فان التعريف عند القبر اتخاذ له عيدا، وهذا بنفسه محرم، سواء كان فيه شد الرحل، أو لم يكن، وسواء كان في يوم عرفة، أو في غيره، وهو من الأعياد المكانية مع الزمان». (24)
وقال في كراهة قصد القبور للدعاء: «إن السلف (رض) كرهوا ذلك، متأولين في ذلك قوله (صلى الله عليه واله): لا تتخذوا قبري عيدا». (25)
وقال حول عيد الغدير بعد أن ذكر أن السلف لم يفعلوه، ولا أهل البيت ولا غيرهم: «الأعياد شريعة من الشرائع... فيجب فيها الاتباع لا الابتداع، وللنبي خطب وعهود، ووقائع في أيام متعددة، مثل يوم بدر وحنين، والخندق وفتح مكة، وخطب له متعددة يذكر فيها قواعد الدين ثم لم يوجب ان يتخذ أمثال تلك الأيام أعيادا». (26)
وقال: «ما احدث من الأعياد والمواسم فهو منكر، وان لم يكن فيه مشابهة لأهل الكتاب، لوجهين: أحدهما: إنه داخل في مسمى البدع والمحدثات...».
ثم ذكر روايات النهي عن الابتداع في الدين، مثل ما في صحيح مسلم عنه (صلى الله عليه واله): «شر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة». وفي رواية النسائي: «وكل ضلالة في النار».
وفي نص آخر: «إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة».
وفي الصحيح عنه (صلى الله عليه واله): «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» وفي لفظ الصحيحين: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد».
وقال تعالى: (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله). ثم قال:
«... فمن ندب إلى شيء يتقرب به إلى الله، أو أوجبه بقوله، أو فعله، من غير أن يشرعه الله، فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله».
«نعم... قد يكون متأولاً في هذا الشرع، فيغفر له لأجل تأويله، إذا كان مجتهدا الاجتهاد الذي يعفى فيه عن المخطئ، ويثاب أيضا على اجتهاده».
«لكن لا يجوز اتباعه في ذلك، إذ قد علم أن الصواب في خلافه». (27)
وقال: «الأصل في العبادات: أن لا يشرع منها إلا ما شرعه الله، والأصل في العادات أن لا يحظر مها إلا ما حظره الله. وهذه المواسم المحدثة، إنما نهي عنها لما حدث فيها من الدين الذي يتقرب به». (28)
كما أن ابن الحاج رغم اعترافه بما ليوم مولد النبي (صلى الله عليه واله) من الفضل، لا يوافق على الاحتفال بالمولد لما فيه من المنكرات، ولأن النبي أراد التخفيف عن امته، ولم يرد في ذلك شيء وبخصوصه، فيكون بدعة. (29)
وقد استدلوا على عدم جواز الاحتفال بالمولد النبوي بأن السلف الذين كانوا أشد محبة لرسول الله (صلى الله عليه واله) وتعظيما له منا وأحرص على الخير لم يفعلوه ولم يكن منه عندهم عين ولا أثر. (30)
وقالوا: «... وأما اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية كبعض ليالي شهر ربيع الأول التي يقال إنها ليلة المولد، وبعض ليالي رجب أو ثامن عشر ذي الحجة وأول جمعة من رجب أو ثامن شوال الذي يسميه الجهال عيد الابرار فإنها من البدع التي لم يستحبها السلف ولم يفعلوها». (31)
وقال السكندري الفاكهاني: «لا أعلم لهذا المولد أصلا في كتاب ولا سنة، ولا ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة الذين هم القدوة في الدين، المتمسكون بآثار المتقدمين، بل هو بدعة أحدثها البطالون».
واعتبر الفاكهاني أن المولد منه محرم وهو ما دخله بعض الأعمال المحرمة كاجتماع الرجال مع النساء ونحوه.
ومنه مكروه وهو الاجتماع على أكل الطعام ولا يصحبه اقتراف شيء من الآثام فهذا «بدعة مكروهة وشناعة»، إذ لم يفعله أحد من متقدمي اهل الطاعة الذين هم فقهاء الاسلام وعلماء الأنام وسرج الأزمنة وزين الأمكنة». (32)
«هذا مع أن شهر ربيع الأول الذي ولد فيه الرسول (صلى الله عليه واله) قد مات فيه، فليس الفرح بأولى من الحزن فيه». (33)
وقال الحفار: «ليلة المولد لم يكن السلف الصالح، وهم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه واله) والتابعون لهم يجتمعون فيها للعبادة، ولا يفعلون فيها زيادة على سائر ليالي السنة، لأن النبي (صلى الله عليه واله) لا يعظم إلا بالوجه الذي شرع به تعظيمه، وتعظيمه من أعظم القرب إلى الله، لكن يتقرب إلى الله جل جلاله بما شرع».
والدليل على أن السلف لم يكونوا يزيدون فيها زيادة على سائر الليالي أنهم اختلفوا فيها فقيل انه (صلى الله عليه واله) ولد في رمضان وقيل في ربيع الأول إلخ... الى أن قال: فلو كانت تلك الليلة التي ولد في صبيحتها تحدث فيها عبادة بولادة خير الخلق (صلى الله عليه واله) لكانت معلومة مشهورة لا يقع فيها اختلاف». (34)
كما أن محمد بن عبد الوهاب قد أنكر «تعظيم الموالد والاعياد الجاهلية، التي لم ينزل في تعظيمها سلطان، ولم ترد به حجة شرعية ولا برهان لأن لك مشابهة للنصارى الضالين في أعيادهم الزمانية والمكانية وهو باطل مردود في شرع سيد المرسلين». (35)
«إن النصارى يحتفلون بعيد ميلاد المسيح وميلاد أفراد اسرتهم وعنهم أخذ المسلمون هذه البدعة فاحتفلوا بمولد نبيهم وبمولد أفراد اسرتهم، ورسولهم يحذرهم قائلا من تشبه بقوم فهم مهم (صحيح رواه أبو داود). (36)
كما ان الشيخ عبد الرحمان بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب اعتبرها من البدع المنهي عنها، حيث لم يأمر بها الرسول، ولا فعلها الخلفاء الراشدون، ولا الصحابة، ولا التابعون». (37)
كما ان الشيخ محمد بن عبد اللطيف قد اعتبر ذلك من البدع. (38)
وقال محمد بن عبد السلام خضر الشقيري عن الاحتفال بالمولد:
«بدعة منكرة ضلالة، لم يرد بها شرع ولا عقل. ولو كان في هذا خير كيف يغفل عنه أبو بكر وعمر وعثمان، وعلي وسائر الصحابة، والتابعون، وتابعوهم، والأئمة وأتباعهم». (39)
وقد ردوا على الاستدلال على حلية إقامة الموالد بآية: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا) ـ ردوا على ذلك ـ بأنه من قبيل حمل كلام الله على ما لم يحمله عليه السلف الصالح وهو غر مقبول، لأن الشاطبي قد قرر: أن الوجه الذي لم يثبت عن السلف الصالح العمل بالنص عليه، لا يقبل ممن بعدهم دعوى دلالة النص الشرعي عليه، قال: «إذ لو كان دليلا عليه لم يعزب عن فهم الصحابة، والتابعين، ثم يفهمه من بعدهم، فعمل الأولين ـ كيف كان ـ مصادم لمقتضى هذا المفهوم، ومعارض له، ولو كان ترك العمل. قال: فما عمل به المتأخرون من هذا القسم مخالف لإجماع الأولين، وكل من خالف الاجماع. فهو مخطئ، وأمة محمد لا تجتمع على ضلالة، فما كانوا عليه من فعل أو ترك، فهو السنة... إلى أن قال: فكل من خالف السلف الأولين، فهو على خطأ». (40)
وقال محمد بن جميل زينو: «الاحتفال لم يفعله الرسول (صلى الله عليه واله)، ولا الصحابة، ولا التابعون، ولا الأئمة الأربعة، وغيرهم من أهل القرون المفضلة، ولا دليل شرعي عليه...». (41)
ثم ذكر بعض الأشياء التي تحصل في الموالد مما رآه خلاف الشرع، وزعم أن هذه الامور كافية لتحريم الاحتفال، من قبيل الزيادة في مدحه (صلى الله عليه واله)، وصرف الاموال، والاستغاثة به (صلى الله عليه واله) الخ....
تلخيص لابد منه :
ومن أجل التسهيل على القارئ، ومن أجل استيفاء الكلام على ما ذكره المانعون من أسباب ذهابهم إلى المنع من الذكريات ونحوها... فإننا نقوم بتلخيص واف لمختلف الجهات التي دعتهم إلى إصدار حكمهم ذاك، حسبما وردت في كلماتهم آنفة الذكر، مع إعادة الإشارة إلى المصادر من جديد... فنقول:
إننا نستطيع أن نلخص الأسباب التي رأوا أنها كافية للحكم بحرمة الاجتماعات والاحتفالات ما عدا الفطر والأضحى... على النحو التالي:
1 ـ إن الموالد والذكريات للأولياء، نوع من العبادة لهم، بدليل: ان الناس لا يعرفون إلا من أقيمت لهم الذكريات، ولو كان أجهل وأفسق الناس... (42)
2 ـ مضافا إلى ما فيها من المعاصي العظيمة. (43)
3 ـ إنها إحياء لسنن الجاهلية، وإماتة لشرائع الإسلام من القلوب. (44)
4 ـ لا يجوز اتخاذ مولد رسول الله (صلى الله عليه واله) عيدا مع اختلاف الناس في مولده.. (45)
5 ـ إن ذلك لم يرد به عقل (46) ولا شرع، ولا أصل له لا في كتاب ولا سنة. (47)
6 ـ إن ذلك لم يفعله السلف، ولم ينقل عن أحد منهم، وهم كانوا أشد حبا للرسول منا. (48)
وكل ما لم يكن على عهد رسول الله (صلى الله عليه واله) وأصحابه دينا، لم يكن ممن يعدهم دينا. والمولد لم يكن في عهده ولا في عهد القرون المفضلة إلى القرن السابع. (49)
واستدلوا على أن السلف لم يفعلوه باختلافهم في تاريخ مولده، فلأجل ذلك لم يخصوا ليلة المولد بشيء زيادة عما يفعلونه في سائر الأيام. (50)
7 ـ إن السلف كرهوا ذلك، متأولين في ذلك قوله (صلى الله عليه واله): «ولا تتخذوا قبري عيدا». (51)
8 ـ إن يوم مولده (صلى الله عليه واله) وإن كان عظيما ولكن لم يرد عن النبي (صلى الله عليه واله) فيه شيء بخصوصه، لأنه (صلى الله عليه واله) أراد التخفيف عن أمته، فيكون بدعة. (52)
9 ـ إن الله سبحانه لا يعظم الا بالوجه الذي شرع تعظيمه به. (53)
هذا كله... عدا عن تفسيرهم العيد باجتماع الناس في مكان معين لأجل العبادة، وعن ادعائهم أن الصلاة عند القبور اتخاذ لها أعيادا وأوثانا، إلى غير ذلك مما يلاحظه المتتبع لكلماتهم السابقة...
10 ـ «في ذم المواسم والاعياد المحدثة: ما تشتمل عليه من الفساد في الدين». (54)
11 ـ «هذه الموالد ما ابتدعت إلا لضرب الاسلام وتحطيمه، والقضاء عليه، ومن هنا كان حكم الاسلام على هذه الموالد، والمواسم، والزرد، والحضرات، المنع والحرمة، فلا يبيح منها مولدا ولا موسما للحج». (55)
12 ـ إن الذكريات تعظيم وعبادة لغير الله.
13 ـ إن تفسير آية بحيث يظهر منها جواز عمل هذه الموالد والاحتفالات غير جائز، لأنه حمل لكلام الله على ما لم يحمله عليه السلف الصالح فيكون فهم المتأخرين مصادما لإجماع المتقدمين، ومن خالف الإجماع فهو مخطئ، لأن أمة محمد لا تجتمع على ضلالة، فما كانوا عليه من فعل أو ترك فهو السنة. (56)
14 ـ إن في ذلك مشابهة للنصارى في أعيادهم الزمانية والمكانية، وهو باطل مردود في الشرع. (57)
15 ـ ما سيأتي من أن يوم وفاته (صلى الله عليه واله) هو يوم ولادته، فلا معنى للفرح فيه.
قد يكون الذنب... للتعصب الأعمى :
كانت تلك خلاصة رأينا أنها وافية بإعطاء صورة متكاملة عن الجهات المؤثرة في إصرار هؤلاء على اعتبار الموالد والذكريات من البدع المرفوضة جملة وتفصيلا.
وإن كان ربما يظهر من بعض كلماتهم: أنهم ينطلقون في موقفهم ذاك من دوافع أخرى، لا تبعد كثيرا عن المشاعر التعصبية الدينية في مقابل الرافضة وأعيادهم (58) ومواسمهم، فحاولوا أن يجدوا المبررات الشرعية والعلمية لمواقفهم تلك. وإن كانوا قد خانهم التوفيق في هذا المجال...
ونحن... لا نستطيع أن نوافق المانعين في استدلالاتهم المتقدمة ! لأننا لا نجد فيها ما يكفي لتوفير الحد الأدنى من القناعة بما يريدون تكريسه كحكم شرعي، إلهي، له بعد عقائدي، بنحو أو بآخر.
بل قد نجد في كلماتهم المتناثرة، هنا وهناك، ما يشعرنا بأن القضية لا تعدو عن أن تكون استسلاما لمشاعر طائفية، أفرزت هذا الإصرار الذي يصل إلى حد التحدي، على إطلاق شعارات قوية، وصاخبة ومبهمة كذلك، بهدف التأثير على حالة التوازن العاطفي لدى الآخرين، ليمكن من ثم إعطاء صفة الشرعية لأمر قد يكون أبعد ما يكون عن منطق الشرع، والعقل والفطرة...
الأدلة.. وبعض الشواهد..
نستطيع أن نستخلص مما سبق، الأمور التالية:
أولا: إن ما ادعوا: انه يصلح دليلا للمنع عن المواسم والمراسم على اختلافها، لا يصلح للاستدلال به على ذلك، من وجوه مختلفة...
وثانيا: إن الابتكار والابتداع في العادات والتقاليد، وأمور المعاش، والمعاد يمكن أن يكون حسنا تارة، وقبيحا أخرى، وقد تعرض له الاحكام الخمسة، تبعا للعناوين المختلفة التي يمكن أن يتعنون بها، حينما تكون تلك العناوين محكومة بأي من تلك الأحكام.
وما نحن فيه من هذا القبيل.. فإن جاء به على أنه من الدين، فإنه يكون حراما لتعنونه بعنوان البدعة المحرمة، وإن جاء به لا على أنه عبادة ولا من الدين، فلا يكون حراما.
وثالثا: قول ابن تيمية ـ وكذلك قال غيره أيضا ـ ان الاشياء ماعدا العبادات كلها على الإباحة، حتى يرد ما يوجب رفع اليد عنها، ولا سيما ما كان من قبيل العادات.
وما نحن فيه من قبيل العادات أيضا، حيث قد جرت عادة الناس على إقامة الذكريات والمواسم، بمناسبة يوم الاستقلال وفي الأيام التي هي مثل أيام ولادة عظمائهم، وغير ذلك من مناسبات ...
ورابعا: بل إن ما نحن فيه داخل في قسم ما أمر الله سبحانه، حيث ان الاحتفالات بيوم مولد النبي (صلى الله عليه واله) أو أحد الأئمة (عليهم السلام)، أو الاحتفال بيوم الهجرة أو يوم المبعث، أو حتى يوم عاشوراء، إلى غير ذلك من المناسبات إنما هو داخل تحت عناوين عامة ورد الأمر بها والحث عليها. و... أن اختيار المكلف لمصداق العنوان العام لا يعد ابتداعا، ولا إحداثا في الدين، وادخالا في امره ما ليس منه ...
وما ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم: «من سن سنة حسنة الخ..» قد طبقه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على اختيار البعض لمصداق عنوان عام مأمور به ...
وخامسا: قول بعض المانعين ـ وهو أبو بكر جابر الجزائري :
«ان الفطرة قاضية : ان الانسان يفرح بالمولود يوم ولادته، ويحزن عليه يوم موته، فسبحان الله كيف يحاول الانسان ـ غرورا ـ تغيير طبيعته».
ونحن نوضح هذا الأمر هنا، بمقدار ما تسمح لنا به الفرصة، ويسعفنا به البيان.. فنقول:
قضاء الفطرة والسجية الانسانية :
إن مما لا شك فيه هو: أن الناس ـ كل الناس ـ يولون ما يرتبطون به عقائديا وفكريا وعاطفيا أهمية خاصة، وعلى أساس ذلك يتخذون مواقفهم، ويكون الفعل، ورد الفعل... والتأثير والتأثر، بصورة تلقائية، وعفوية وطبيعية.
وكذلك، فان للناس بالنسبة لما يرفضونه، ويدينون به عقائديا، وفكريا، وعاطفيا موقفا آخر، وتأثيرا وتأثرا من نوع آخر كذلك.
وقد اعتاد الناس انطلاقا من احترامهم للمثل والقيم التي يؤمنون بها، على احترام الاشخاص الذين بشروا بها، وضحوا في سبيلها، وارتبطوا بهم عاطفيا وروحيا كذلك.. ورأوا: أن إحياء الذكرى لهؤلاء الاشخاص، لم يكن من أجل ذواتهم كأشخاص، وإنما من أجل أنهم بذلك يحيون تلك القيم والمثل في نفوسهم، وتشد الذكرى من قوة هذا الارتباط فيما بينهم وبينها، وترسخها في نفوسهم وتعيدهم إلى واقعهم.
وهكذا يقال بالنسبة للاحترام الذي يخصون به بعض الأيام، أو بعض الأماكن، وقديما قيل:
مررت على الديار ديار ليلى * أقبل ذا الجدار وذا الجدارا
وما حب الديار شغفن قلبي * ولكن حب من سكن الديارا .
ويلاحظ أن الاهتمام بإقامة الذكريات والاحتفال بالمناسبات، التي تمثل تحولا من نوع ما في حياة الناس عامة، لا يقتصر على فئة دون فئة، ولا يختص بفريق دون فريق فالكبير والصغير، والغني والفقير، والملك والسوقة، والعالم والجاهل، والمؤمن والكافر، وغيرهم وغيرهم، الكل يشارك في إقامة الذكريات للمثل والقيم، ومن يمثلها حسب قدراته وإمكاناته.
فهذه الشمولية تعطينا: أن هذا الأمر لا يعدو عن أن يكون تلبية لحاجة فطرية، تنبع من داخل الإنسان، ومن ذاته، وتتصل بفطرته وسجيته، حيثما يشعر: أنه بحاجة إلى أن يعيش مع ذكرياته وآماله، وإلى أن يتفاعل مع ما يجسد له طموحاته.
فيوم ولادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو يوم فرح للمسلمين، ويوم عيد وبهجة لهم. ولابد وأن يستجيب الإسلام لنداء الفطرة، ويلبي رغباتها ما دامت منسجمة مع منطلقاته وأهدافه، ولا يحرمها من عطاء رحمته وبره، ما دام انه دين الفطرة، الذي يوازن بين جميع مقتضياتها ويعطيها حجمها الطبيعي، من دون أن يكون ثمة إهمال مضر، أو طغيان مدمر.
وهذه هي عظمة تعاليم الاسلام، وهذا هو رمز الخلود له، وفقنا الله للسير على هدى هذا الدين، والالتزام بشرعية رب العالمين، إنه خير مأمول، وأكرم مسؤول.
توضيح العلامة الأميني رحمه الله :
هذا.. وقد قال العلامة الأميني رحمه الله تعالى: «لعل تجديد الذكرى بالمواليد والوفيات، والجري على مواسم النهضات الدينية أو الشعبية العامة، والحوادث العالمية الاجتماعية، وما يقع من الطوارق المهمة، في الطوائف والأحياء بعد سنيها، وأتخاذ رأس كل سنة بتلكم المناسبات أعيادا وأفراحا، أو مآتم وأحزانا، وإقامة الحفل السار، أو التأبين، من الشعائر المطردة، والعادات الجارية منذ القدم، دعمتها الطبيعة البشرية، وأسسها الفكرة الصالحة لدى الأمم الغابرة، عند كل ملة ونحلة، قبل الجاهلية وبعدها، وهلم جرا حتى اليوم.
هذه مواسم اليهود، والنصارى، والعرب، في أمسها ويومها، وفي الاسلام وقبله، سجلها التاريخ في صفحاته.
وكأن هذه السنة نزعة إنسانية، تنبعث من عوامل الحب والعاطفة، وتسقى من منابع الحياة، وتتفرع على أصول التبجيل والتجليل، والتقدير والإعجاب، لرجال الدين والدنيا، وأفذاذ الملأ، وعظماء الأمة، إحياء لذكرهم وتخليدا لا سمهم. وفيها فوائد تاريخية، إجتماعية، ودروس اخلاقية ضافية راقية، لمستقبل الأجيال، وعظات وعبر، ودستور عملي ناجع للناشئة الجديدة، وتجارب واختبارات، تولد حنكة الشعب، ولا تختص بجيل دون جيل، ولا بفئة دون اخرى.
وإنما الأيام تقتبس نورا وازدهارا، وتتوسم بالكرامة والعظمة، وتكتسب سعدا ونحسا، وتتخذ صيغة مما وقع فيها من الحوادث المهمة، وقوارع الدهر ونوازله الخ...» (59).
كلام السيد الامين (رحمه الله) :
وقال السيد الأمين رحمه الله:«.. وأما جعل التذكار لمواليد الأنبياء والأولياء، الذي يسميه الوهابية بالأعياد والمواسم، بإظهار الفرح والزينة في مثل يوم ولادتهم، التي كانت نعمة من الله على خلقه، وقراءة حديث ولادتهم، كما يتعارف قراءة حديث مولد النبي (صلى الله عليه واله)، وطلب المنزلة والرفعة من الله لهم، وتكرار الصلوات والتسليم على الأنبياء، والترحم على الصلحاء، فليس فيه مانع عقلي ولا شرعي، إذا لم يشتمل على محرم خارجي، كغناء، أو فساد، أو استعمال آلات اللهو، أو غير ذلك، كما يفعل جميع العقلاء، وأهل الملل في مثل أيام ولادة عظمائهم وأنبيائهم، وتبوأ ملوكهم عروش الملك، وكل ذلك نوع من التعظيم الذي ان كان صاحبه أهلا للتعظيم كان طاعة، وعبادة لله تعالى، وليس كل تعظيم عبادة للمعظم، كما بيناه مرارا، فقياس ذلك بفعل المشركين مع أصنامهم قياس فاسد...» (60). انتهى.
وسادسا: أنهم يقولون: إن الإجماع نبوة بعد نبوة، ولا يختص عندهم زمان الاجماع بوقت دون وقت، ولا بزمان، دون زمان، وقد انعقد الإجماع على إقامة أعياد أخرى غير الفطر والأضحى، مثل عيد النوروز، والمهرجان، وعيد المولد النبوي، ولا سيما في عهد حاكم أربل وبعده إلى قرب ظهور ابن تيمية ...
كل يوم عيد :
وسابعا: وقد ادعى أولئك المانعون أنه لا يوجد إلا عيدان: الفطر والاضحى، ولكننا نقول: الفرح حينما يوجد ما يقتضي الفرح، والحزن حينما يوجد ما يقتضي الحزن، هو مقتضى النزعة الانسانية، والسجية والفطرة البشرية.
وبما أن الانسان يفرح ويبتهج، حينما ينتصر في معركة ما..
ولأن خسران المعركة مع الشياطين، معناه خسارة الانسان لأعز شيء يملكه، وإلى الأبد.. ألا وهو نفسه وذاته..
نعم.. من أجل ذلك نجد أمير المؤمنين عليه السلام يقول في بعض الأعياد:
«إنما هو عيد لمن قبل الله صيامه، وشكر قيامه، وكل يوم لا يعصى الله فيه، فهو عيد...». (61)
نعم... وهذا بالذات، هو سر تشريع عيد الفطر، وعيد الأضحى، بعد تلك الرحلة التربوية الجهادية مع النفس الأمارة، وضد كل الشياطين، حينما يفترض بالإنسان أن يترك ـ مختارا ـ أمورا تدعوه إليها غرائزه، وتدفعه نحوها شهواته، كما ويزيده شوقا إلى بعضها حنين الإلف والعادة، الناشئ عن طول الممارسة لها..
وقد أشار عليه السلام إلى أن انتصار الإنسان في رحلته الجهادية التربوية تلك في شهر رمضان المبارك، وفي أيام الحج، حيث مراعاة تروك الإحرام، هو الذي جعل يوم أول شوال، ويوم العاشر من ذي الحجة عيدا يفرح به الانسان الصابر المجاهد.
يوم الجمعة.. عيد :
ومما يدل ايضا على عدم انحصار العيد في الفطر والأضحى، ما روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم حول يوم الجمعة: «ان هذا يوم جعله الله للمسلمين عيدا» (62) والروايات المصرحة بكون يوم الجمعة عيدا كثيرة، فليراجعها من أراد. (63)
ويلاحظ: أن عددا من الروايات، قد صرحت بأنه إنما اعتبر عيدا، بسبب ما حصل فيه من الأمور المهمة، مثل خلق آدم، ودخوله الجنة، وخروجه منها، وتوبة الله عليه، وموته، وقيام الساعة فيه الخ. (64)
كما أنه ورد الأمر بالتزين، ولبس الثياب الجديدة وغير ذلك من مظاهر السرور في هذا اليوم. (65)
ثامنا: عاشوراء في القرون الثلاثة الأولى.
ويقول أتباع ابن تيمية، والمدعون لحرمة المواسم والمراسم: «البدعة وهي ما حدثت بعد القرون الثلاثة مذمومة مطلقا» (66) وتقدم تكرار المانعين لقولهم: إن ذلك لم يكن في القرون الثلاثة الأولى التي هي خير القرون، ومعنى ذلك هو ان ما حدث في القرون الثلاثة الأولى لا يكون مذموما بل هو مقبول عند هؤلاء.. وعليه فنقول:
قد تقدم: أن بني أمية وهم في القرن الأول (!!) قد اتخذوا يوم عاشوراء عيدا..
أما غيرهم.. فقد اتخذوه يوم حزن، وأسى، وعزاء.
وعلى هذا.. فقد انعقد الإجماع المركب من السلف، على موسمية يوم عاشوراء ـ وحسب زعم هؤلاء القائلين بعصمة الإجماع ـ فلابد من قبولهم بكونه موسما، ولا يجوز لهم إحداث قول ثالث فيه.
تاسعا: أعياد أخرى في القرون الثلاثة الاولى.
هذا.. وإذا كان ما يحدث في القرون الثلاثة الأولى، ليس من البدع المذمومة، وإذا كانوا يحتجون للمنع عن المواسم والمراسم بأنها لم تكن في تلك القرون..
فإن معنى ذلك هو أن كل ما كان في تلك القرون يكون شرعيا ومقبولا، ويمكن ذكر أمور كثيرة كانت آنئذ، ونكتفي هنا بذكر الأعياد التالية :
عيد النوروز :
فبالاستناد إلى أبي أسامة، عن حماد بن زيد، عن هشام بن محمد بن سيرين، قال: «أتى علي رضي الله عنه بهدية بمثل النيروز، فقال:
ما هذا؟
قالوا: يا أمير المؤمنين، هذا يوم النيروز.
قال: فاصنعوا كل يوم نيروزاً.
قال أسامة: كره رضي الله عنه أن يقول: النيروز».
قال البيهقي: وفي هذا، الكراهة لتخصيص يوم لذلك، لم يجعله الشرع مخصوصاً به»(67).
وقال ابن تيمية: «وأما علي رضي الله عنه، فكره موافقتهم في اسم يوم العيد، الذي ينفردون به، فكيف بموافقتهم في العمل؟! (68)
ولكننا بدورنا لم نفهم مما تقدم: أنه عليه السلام كره موافقتهم بالاسم، بل نراه عليه السلام قد صرح باسمه، وأحب أن يطلقه على كل يوم، وإلا لكان عليه أن يقول مثلاً: «فاصنعوا كل يوم مثل هذا».
ونرى أنه عليه السلام قد شجعهم على أعمال من هذا القبيل، ولم ينههم عنها.. وإلا.. فقد كان اللازم عليه أن يصرح لهم بالنهي عن هذا التخصيص، لا أن يكتفي بطلب عمل ذلك في كل يوم.
كما أنه لو كان عليه السلام قد كره ذلك، فقد كان عليه أن يرفض هديتهم النيروزية تلك. ولكنه لم يفعل ذلك.
هذا.. وقد «كانت العادة عامة في الاحتفال بعيد النيروز، وهو مبدأ السنة الشمسية، بتبادل الهدايا، فكان الخليفة في بغداد يفرق على الناس أشياء منها صور مصنوعة من عنبر، منها ورد احمر مثلا» (69).
والمقصود بالخليفة الذي كان يفعل ذلك هو هو الذي يلقبه الحنابلة وأهل الحديث بـ «محيي السنة» وكان أحمد بن حنبل من أقرب المقربين إليه.
وأعني به المتوكل العباسي، (70) وقيل إنه أول من أخر النيروز رفقاً بأهل الخراج (71) وقيل: بل أخره المعتضد. (72)
وكذلك الحال بالنسبة لأم المقتدر العباسي. (73) وقبل ذلك في زمن المأمون، (74) والواثق (75) والمنصور. وقبل هؤلاء جميعا الحجاج (76).
ولعيد النيروز في مصر وغيرها مراسم خاصة، لا مجال لذكرها فضلا عن التفصيل فيها.
عيد المهرجان :
كما أن عيد المهرجان ـ الذي كان في القرون الثلاثة الأولى ـ قد كانت له أهمية خاصة أيضا، وكانوا يحتفلون به في طول البلاد الإسلامية وعرضها (77).
«وكان الناس يتهادون فيه كما يتهادون في النيروز، وكان القواد، ورجال دار الخلافة تخلع عليهم فيه ملابس الشتاء الخ..» (78).
وأول من رسم هدايا النيروز والمهرجان الحجاج. (79)
والمقصود: أنه رسمها بشكل واسع، وأخذ الناس بالعمل بها، وإلا فقد تقدمت الرواية عن أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام: أنه قبل هدايا النيروز.
هذا.. ولا بد من التذكير هنا بأن علياً عليه السلام قد قبل هدية النيروز، وبعد ذلك وابتداء من الحجاج أصبح الاحتفال بالنيروز والمهرجان رسميا عند الخلفاء ورجال الدولة والعامة على حد سواء، حتى عند حامل لقب «محيي السنة» والصديق الحميم لأحمد بن حنبل. وقد كان العلماء، والصلحاء، والفقهاء، وغيرهم حاضرين وناظرين، ولم ينقل لنا أي اعتراض من أحد منهم على ذلك، لا في ذلك الزمان ولا بعده. فاذا كان هؤلاء يستدلون لعدم جواز الاحتفال بعيد المولد النبوي ونحوه بأنه لم يكن في زمن السلف، أعني الذين عاشوا في القرون الثلاثة الاولى، فإن عليهم والحالة هذه: أن يعتبروا عيد النيروز، والمهرجان من الأعياد الإسلامية، لأنها قد كانت في القرون الثلاثة، ولم يعترض عليها أحد، حتى أحمد بن حنبل نفسه، فضلا عن غيره.
عيد الغدير :
هذا.. ولا حاجة بنا إلى إثبات أن عيد الغدير إسلامي أصيل، وقد كان في العصور الثلاثة الأولى وعدم صحة قول المقريزي: «أول ما عرف في الإسلام بالعراق، أيام معز الدولة علي بن بويه، فإنه أحدثه في سنة اثنتين وخمسين وثلاث مئة، فاتخذه الشيعة من حينئذ عيدا. (80)
فإن هذا القول لا يصح ولا يمكن قبوله، فقد قال المسعودي: «ولد علي رضي الله عنه، وشيعته يعظمون هذا اليوم». (81)
والمسعودي قد توفي قبل التاريخ المذكور، أي في سنة 346 هـ.
وروى فرات بن إبراهيم، وهو من علماء القرن الثالث عن الصادق، عن أبيه عن آبائهم عليهم السلام، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله): «يوم غدير خم أفضل أعياد أمتي الخ...» (82).
ونجد أمير المؤمنين عليا عليه السلام قد اعتبره عيدا، حيث أنه عليه السلام خطب في سنة اتفق فيها الجمعة والغدير، فقال: «إن الله عز وجل جمع لكم معشر المؤمنين في هذا اليوم عيدين عظيمين كبيرين...» والخطبة طويلة يأمرهم فيها تفصيلا بفعل ما ينبغي فعله في الأعياد، وبإظهار البشر والسرور، فمن أراد فليراجع.. (83)
وقد روى فرات بسنده عن فرات بن أحنف، عن أبي عبد الله عليه السلام: قال: قلت: جعلت فداك، للمسلمين عيد أفضل من الفطر والأضحى، ويوم الجمعة، ويوم عرفة، قال: فقال لي: «نعم، أفضلها، وأعظمها، وأشرفها عند الله منزلة، هو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين، وأنزل على نبيه محمد: اليوم أكملت لكم دينكم الخ...» (84).
وفي الكافي: عن الحسن بن راشد، عن الامام الصادق (عليه السلام) أيضا: أنه اعتبر يوم الغدير عيدا، وفي آخره قوله: «فإن الأنبياء صلوات الله عليهم كانت تأمر الأوصياء باليوم الذي كان يقام فيه الوصي أن يتخذ عيدا»، قال قلت: فما لمن صامه ؟ قال: «صيام ستين شهرا». (85)
ويؤيده ما رواه الخطيب البغدادي، بسند رجاله كلهم ثقات، عن أبي هريرة: من صام يوم ثماني عشر من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهرا، وهو يوم غدير خم الخ.» (86).
وفي رواية أخرى: أن رسول الله (صلى الله عليه واله) أوصى عليا ان يتخذوا ذلك اليوم عيدا. (87) وليراجع ما رواه المفضل بن عمر، عن الصادق عليه السلام (88).. وما روي عن عمار بن حريز العبدي عنه عليه السلام (89) وعن أبي الحسن الليثي عنه عليه السلام (90) وعن زياد بن محمد عن الصادق (عليه السلام) (91).
«وقال الفياض بن عمر الطوسي سنة تسع وخمسين ومئتين، وقد بلغ التسعين: أنه شهد أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام في يوم الغدير، وبحضرته جماعة من خاصته، قد احتبسهم للإفطار، وقد قدم الى منازلهم الطعام والبر والصلات، والكسوة حتى الخواتيم والنعال، وقد غير من احوالهم، وأحوال حاشيته وجددت لهم آلة غير الآلة التي جرى الرسم بابتذالها قبل يومه، وهو يذكر فضل اليوم وقدمه. (92)
وفي مختصر بصائر الدرجات، بالإسناد، عن محمد بن علاء الهمداني الواسطي، ويحيى بن جريح البغدادي، قالا في حديث: قصدنا جميعا أحمد بن اسحاق القمي، صاحب الإمام أبي محمد العسكري، (المتوفى 260) بمدينة قم، وقرعنا عليه الباب، فخرجت الينا من داره صبية عراقية، فسألناها عنه، فقالت: هو مشغول بعيده، فإنه يوم عيد، فقلنا: سبحان الله ! أعياد الشيعة أربعة: الأضحى والفطر، والغدير، والجمعة الخ...» (93).
وبعد... فقد حشد العلامة الأميني، في كتابه القيم «الغدير» عشرات النصوص عن عشرات المصادر الموثوقة عند أهل السنة، والتي تؤكد على عيدية يوم الغدير في القرون الأولى، وأنه قد كان شائعا ومعروفا في العصور الإسلامية الأولى.. وتكفي مراجعة الفصل الذي يذكر فيه تهنئة الشيخين أبي بكر وعمر لأمير المؤمنين عليه السلام بهذه المناسبة، فقد ذكر ذلك فقط عن ستين مصدرا...
هذا... عدا عن المصادر الكثيرة التي ذكرت تهنئة الصحابة له عليه السلام بهذه المناسبة، وعدا عن المصادر التي نصت على عيدية يوم الغدير، فإنها كثيرة أيضا... فراجع كتاب: الغدير ج 1 من ص 267 حتى ص 289.
ومن ذلك كله يعلم: أن ما ذكره ابن تيمية عن عيد الغدير: «إن اتخاذ هذا اليوم عيدا لا أصل له، فلم يكن في السلف، لا من أهل البيت، ولا من غيرهم، من اتخذ ذلك عيدا» (94). لا يصح، ولا يستند إلى دليل علمي ولا تاريخي على الإطلاق... وإنما الأدلة كلها على خلافه.
أضف إلى ذلك: أننا نجد أنه قد كان في القرون الثلاثة ما هو اهم، ونفعه أعم، فإن:
رسول الله (صلى الله عليه واله) كان يتيمن بسنة ولادة علي عليه السلام .
قال ابن أبي الحديد المعتزلي الحنفي:
«وقد روي: أن السنة التي ولد فيها علي عليه السلام، هي السنة التي بدى فيها برسالة رسول الله صلى الله عليه وآله، فأسمع الهتاف من الاحجار، والاشجار، وكشف عن بصره، فشاهد أنوارا وأشخاصا، ولم يخاطب فيها بشيء.
وهذه السنة هي السنة التي ابتدأ فيها بالتبتل والانقطاع، والعزلة في جبل حراء، فلم يزل به حتى كوشف بالرسالة، وأنزل عليه الوحي، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يتيمن بتلك السنة، وبولادة علي عليه السلام فيها، ويسميها سنة الخبر والبركة..) (95) .
عام الحزن :
وفي مقابل ذلك نجد رسول الله صلى الله عليه وآله في محاولة منه لتخليد جهاد أبي طالب وخديجة عليهما السلام، وليذكر الناس بأن الاسلام لا ينسى ما لهما من أياد بيضاء، وتضحيات كبرى ـ نجده (صلى الله عليه واله) ـ يسمي عام وفاتهما بـ «عام الخزن». (96)
ليس من الحنظل يشتار العسل :
إننا مهما توقعنا، فلا يمكن أن نتوقع من أهل البادية، ورعاة الإبل، والأعراب، إلا الجهل الذريع، والا الحماقات المخجلة، مع مزيد من الجمود والجحود، والعنجهية والإدعاء...
فإن هؤلاء الذين يتوقفون في مسألة البرق «التلغراف» على اعتبار أنه أمر حادث في آخر الزمان، ولا يعلمون حقيقته، ولا رأوا فيه كلاما لأهل العلم ـ حسب زعم علماء نجد، الذين استفتاهم السلطان ابن سعود (97) ـ ويعتبرون عيد الأم بدعة، كما ورد في لسان علمائهم، وهم يجيبون على الأسئلة الشرعية عبر الإذاعة.
وإن كان قد عاد التلغراف، والطائرة، والمدفع، والكمبيوتر وو الخ.. ليكون حلالا يمارسه كبار شيوخهم، وحكامهم وملوكهم...
إن هؤلاء الذين يتوقفون في التلغراف، لا يتوقفون في إهانة المسلمين، وضرب مقدساتهم، وهتك حرماتهم، وحتى سفك دمائهم، من أجل خيالات زائفة، وترهات وأباطيل، لا أصل لها في الشرع، ولا حجة لها من العقل.
كما أنهم لا يتوقفون في السخرية بالنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، والهزء به حيث يستبعدون أسم أبي طالب عن شعبه المعروف على مدى التاريخ بـ «شعب أبي طالب» ويكرمون كهف المنافقين ويطلقون على الشارع الذي في ذلك الشعب، ويسمونه بـ «شارع أبي سفيان».
بل هم يسخرون كل المقدسات، ويهزؤون بالذات الإلهية ـ والعياذ بالله ـ فيكرمون عدو الله وعدو رسوله فيطلقون اسم ـ أبي لهب لعنه الله ـ على أحد شوارع مكة المكرمة، فما ندري ما نقول حول هذه العقلية الجامدة، وهذ النفوس الحاقدة !! وهذا التصرف السافل !!
فهل هو النصب ؟ أم هي لحماقة ؟. (98)
ولا نعرف لهذا مثيلا إلا احتياط أهل العراق بالنسبة لدم البعوض، مع استحلالهم لقتل سيد شباب أهل الجنة، وأهل بيته وأصحابه... كما ذكره ابن عمر. (99)
وما ذلك إلا واحدة من ممارساتهم المخجلة، ومهازلهم وترهاتهم الباطلة، التي لسنا بصدد تتبعها واستقصائها.
وما أحراهم بما وصف به بشر بن المعتمر، رئيس معتزلة بغداد، سلفهم الخوارج ـ الذين يشبهونهم في أربعة عشر وجها من مميزاتهم وخصائصهم (100) ـ قال بشر بن المعتمر:
ما كان من أسلافهم أبو الحسن * ولا ابن عباس ولا أهل السنن
غير مصابيح الدجى مناجب * أولئك الأعلام لا الأعارب
كمثل حرقوص ومن حرقوص ؟ * فقعة قاع حولها قصيص
ليس من الحنظل يشتار العسل * ولا من البحور يصطاد الورل
هيهات ما سافلة كعالية * ما معدن الحكمة أهل البادية . (101)
أعياد ومناسبات أخرى :
وبعد... فإننا نجد في القرون الثلاثة الأولى أعيادا ومناسبات أخرى، يحتفل الناس بها، ويهتمون بشأنها، ويتهادون فيها، مثل: عيد الختان، ويوم الاحتجام (102).
وقد اتفق محيي السنة (!!) المتوكل، في حقل ختان أبي عبد الله المعتز سنتة وثمانين مليونا من الدراهم (103)، حتى أنسى الناس، يوم زواج المأمون ببوران، وغيره من الأيام المشهورة.
ولسنا هنا في صدد التتبع لشواهد ذلك، وكتب التاريخ والادب مليئة بها، فليراجعها من أراد.
وأخيرا...
فإننا نجد نفس المانعين أيضا يبتكرون ـ انطلاقا من دوافعهم الفطرية، ومن سجيتهم الانسانية ـ:
اليوم الوطني عند الوهابيين :
وان ذلك لمن المفارقات حقا، حيث اننا نجد نفس هؤلاء الذين يوزعون أوسمة الشرك والابتداع على هذا الفرق أو ذاك، ممن يقيمون الذكرى بمولد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، أو بيوم عيد الغدير، أو بيوم عاشوراء، أو المبعث أو غير ذلك...
نجدهم أنفسهم يبتدعون عيدا جريا على مقتضيات الفطرة والسجية، لم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا في عهد السلف، لا في القرون الثلاثة الأولى، ولا في الثلاثة التي بعدها.. ولا ولا. الخ.
وهذا العيد هو العيد الوطني، الذي هو يوم تأسيس الدولة الوهابية في الحجاز، ويعلنون ذلك في مختلف وسائل الإعلام التي تقع تحت اختيارهم، ويلقي أولياء الأمور في المملكة على أعلى مستويات خطابات بهذه المناسبة. ويتلقون برقيات التهنئة ويحييون عليها....
كما أن نفس ملك الوهابيين يبعث ببرقيات التهنئة إلى ملوك ورؤساء العالم، بالأعياد الوطنية لتلك البلاد، وكذلك يفعل سائر وزرائه وأعوانه.
شواهد أخرى على القبول بالمواسم :
ويكفي أن نذكر: أن خادم الحرمين الشريفين (!!) يرسل من خلال ثلاثة أيام فقط (وافقت كتابة هذا الوريقات) البرقيات التالية، ويذيعها عبر وسائل إعلامه.
1 ـ الجمعة 28 تشرين الثاني سنة 1986 م يذاع من إذاعة: «نداء الاسلام من مكة المكرمة» أن الملك فهد يبرق لرئيس جمهورية موريتانيا، مهنئا له بالعيد الوطني لبلاده.
2 ـ جواب رئس النمسا ببرقية شكر على تهنئة الملك فهد له، بمناسبة العيد الوطني لبلاده.
3 ـ السبت 29 تشرين الأول سنة 1986 ـ خوان كارلوس ملك أسبانيا يبعث ببرقية لخادم الحرمين الشريفين جوابا على تهنئته له بمناسبة أعتلائه العرش في اسبانيا.
4 ـ الأحد 30 تشرين الثاني 1986 خادم الحرمين الشريفين يبعث ببرقية تهنئة لأبي بكر العطاس رئيس اليمن الديمقراطية، بمناسبة عيد استقلال بلاده.
5 ـ خادم الحرمين يبعث ببرقية تهنئة لرئيس جمهورية يوغسلافيا، بمناسبة اليوم الوطني لبلاده.
6 ـ تلقى خادم الحرمين الشريفين برقية جوابية من رئيس الجمهورية اللبنانية ردا على برقية له بمناسبة استقلال بلاده.
هذه من علاه إحدى المعالي * وعلى هذه فقس ما سواها .
ولا ندري ما الذي أحل ذلك لهم، ولملوكهم، ولوزرائهم، وقوادهم، وسائر حكامهم وحرمه على غيرهم !! ؟
وإذا كان ذلك حراما مطلقا فلماذا لا ترتفع أصوات وعاظ السلاطين في وجوه سلاطينهم أولا ؟ أم أنهم يرون الشعرة في عين غيرهم، ولا يرون الخشبة في أعينهم !!
من يدري !! ولعل الفطن الذكي هو الذي يدري.
شواهد أخرى :
بعد أن ذكرنا طائفة من الدلائل والشواهد التي من شأنها أن تساهم الى حد كبير في تكوين الانطباع المشروع والواعي عن حقيقة : ان الشرع والدين منسجم تماما مع مقتضيات الفطرة ومتطلباتها، وأنه يعتبر نفسه مسؤولا عن المحافظة عليها، وتنمية قدراتها الذاتية، مع حفظ التوازنات الضرورية في روافدها... من أجل ضمان سلامة الانسان وسعادته، وتقدمه المطرد في مدارج المجد والكمال المنشودين.
فمن المناسب هنا أن نعرض لبعض الشواهد الأخرى، التي ربما يقال إنها ليس لها ذلك الوضوح، الذي يؤهلها للاعتماد عليها وحدها، ولكنها ـ على الأقل تستطيع أن تحتل موقع المؤيد والمناصر، الذي يقوى تارة ويضعف أخرى.
فإلى الشواهد التالية:
ذكرى المصائب وخاصة عاشوراء :
هذا... وإذا كنا نعلم: أن من أصيب بمصيبة، ثم عفى عليها الزمن وتقادم عهدها فإنه سوف ينساها، أو على الأقل لا تبقى لها في قلبه تلك الحرقة... فإذا مرت بخاطره، فيمكن أن لا يعيرها أي اهتمام يذكر، ولا يحتاج إلى القيام بأي عمل تجاهها..
1 ـ فإننا مع ذلك نجد الرواية عن فاطمة بنت الحسين، عن أبيها الحسين بن علي (رض) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله): «من أصيب بمصيبة، فذكر مصيبته، فأحدث لها استرجاعا، وإن تقادم عهدها كتب الله له من الأجر مثلها يوم أصيب». (104)
فلربما يستفاد من ذلك: ان هذا معناه جواز تجديد الذكرى للأموات مهما تقادم عهدهم شرط أن يفعل ما فيه الثواب والأجر، لا ما يوجب العقاب والوزر.
2 ـ ذرية (105)، خادمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إذا كان يوم عاشوراء دعا مراضيبع الحسين، ويقول لهن: تسقون شيئا مرا، إشارة إلى ما وقع في أولاده يوم عاشوراء. (106)
فنجده عليه السلام يتحرى المناسبة، ويأمر بذلك. فإنكار تحري يوم في السنة لإظهار الحزن فيه، أو الفرح، ليس في محله... والنصوص الدالة على مطلوبية البكاء على الحسين ومصائب أهل البيت (عليهم السلام) كثيرة، فعن الربيع بن المنذر، عن أبيه، قال: كان الحسين بن علي يقول: «من دمعت عيناه فينا دمعة بقطرة، أعطاه الله تعالى الجنة» وبمعناه غيره. (107)
وفي نص آخر: عن الصادق عليه السلام: «من ذكرنا عنده، أو ذكرنا، فخرج من عينه دمع مثل جناح بعوضة غفر الله له ذنوبه» الخ. (108)
وعنه (عليه السلام): «ان يوم عاشوراء أحرق قلوبنا، وأرسل دموعنا وأرض كربلاء أورثتنا الكرب والبلاء، فعلى مثل الحسين فليبك الباكون، فإن البكاء عليه يمحو الذنوب أيها المؤمنون» (109) ولسنا هنا في صدد استقصاء ذلك.
3 ـ عن النبي (صلى الله عليه واله): «ما من قوم اجتمعوا يذكرون فضائل آل محمد، إلا هبطت ملائكة من السماء حتى لحقت بهم تحدثهم الخ» (110). فيلاحظ هنا: أنه نص على مطلوبية الاجتماع لذلك.
وليراجع حول إقامة المآتم في عاشوراء كتاب: دعوة الحسينية، ومقتل الحسين للمقرم، وسيرتنا وسنتنا وغير ذلك.
إبن الحاج يستدل... ويرد :
قال ابن الحاج: «... تقدم ما في قوله عليه الصلاة والسلام للسائل الذي سأله عن صوم يوم الاثنين، فقال (صلى الله عليه واله): ذلك يوم ولدت فيه.
ولما ان صرح (صلى الله عليه واله) بقوله في يوم الاثنين ذلك يوم ولدت فيه علم بذلك ما اختص به يوم الاثنين من الفضائل، وكذلك الشهر الذي ظهر فيه (صلى الله عليه واله).
فان كان يوم الجمعة فيه ساعة لا يصادفها عبد مسلم، يسأل الله تعالى شيئا إلا أعطاه إياه وقد قال الامام ابو بكر الفهري المشهور بالطرطوشي رحمه الله تعالى، معظم العلماء والاخيار: أنها بعد صلاة العصر الى غروب الشمس، وقوى رحمه الله ذلك بحديث قال في كتابه: «رواه مسلم في الصحيح، وذكر فيه: أن آدم خلق بعد العصر من يوم الجمعة، في آخر ساعة من ساعات الجمعة، ما بين العصر إلى الليل الخ.» (111).
إلى أن قال: «إذ ان المعنى، الذي فضل الله به تلك الساعة في يوم الجمعة هو خلق آدم عليه الصلاة والسلام، فما بالك بالساعة التي ولد فيها سيد الأولين والآخرين (صلى الله عليه واله)... إلى أن قال: ووجه آخر: أن يوم الجمعة فيه اهبط آدم وفيه تقوم الساعة ويوم الاثنين خير كله وأمن كله، فلله الحمد والمنة». (112)
وقال أيضا: «... لكن أشار عليه الصلاة والسلام إلى فضيلة هذا الشهر العظيم بقوله عليه الصلاة والسلام للسائل، الذي سأله عن صوم يوم الاثنين، فقال له عليه الصلاة والسلام: «ذلك يوم ولدت فيه» (113).
فتشريف هذا اليوم متضمن لتشريف هذا الشهر الذي ولد فيه، فينبغي أن نحترمه حق الاحترام ونفضله بما فضل الله الأشهر الفاضلة...».
إلى أن قال: «لما قد علم أن الأمكنة والأزمنة، لا تشرف لذاتها، وانما يحصل لها التشريف بما خصت به من المعاني....».
إلى أن قال: فينبغي إذا دخل هذا الشهر الكريم: أن يكرم ويعظم، ويحترم الاحترام اللائق به، وذلك بالاتباع له (صلى الله عليه واله) في كونه عليه الصلاة والسلام كان يخص الأوقات الفاضلة بزيادة فعل السر فيها، وكثرة الخيرات الخ...».
ثم يذكر: «أنه (صلى الله عليه واله) أراد التخفيف على أمته، فلم يلزمهم في هذا الشهر بشيء (114)، فيكون بدعة.
وقد تقدم: أن هذه الارادة لم تثبت، ولا يصح الاستدلال بها، فلا نعيد.
كما أن البعض قد علق على ما روي عنه (صلى الله عليه واله): «فيه ولدت وفيه أنزل علي» بقوله:
«.... هذا في معنى الاحتفال به، إلا أن الصورة مختلفة، ولكن المعنى موجود، سواء كان ذلك بصيام، أو إطعام، أو اجتماع على ذكر، أو صلاة على النبي (صلى الله عليه واله)، أو سماع شمائله الشريفة». (115)
كما أن ابن رجب قد قرر استحباب صوم يوم المولد، استنادا إلى هذه الرواية. (116)
يوم الغار.. ويوم مصعب :
وقال ابن العماد في حوادث سنة 389 هـ. وكذا قال غيره أيضا:
«تمادت الشيعة في هذه الأعصر في غيهم، بعمل عاشوراء، باللطم والعويل، والزينة، وشعار الاعياد يوم الغدير، فعمدت غالية السنة، وأحدثوا في مقابلة يوم الغدير، وهو السادس والعشرون من ذي الحجة، وزعموا: أن النبي (صلى الله عليه واله) وأبا بكر اختفيا حينئذ في الغار.
وهذا جهل وغلط، فإن أيام الغار إنما كانت بيقين في صفر، وفي أول شهر ربيع الأول.
وجعلوا بإزاء يوم عاشوراء، بعده بثمانية ايام يوم مصعب بن الزبير، وزاروا قبره يومئذ بمسكن، وبكوا عليه، ونظروه بالحسين، لكونه صبر وقاتل حتى قتل، ولأن أباه ابن عمة النبي... إلى أن يقال: ودامت السنة على هذا الشعار القبيح مدة سنين.
قاله في العبر....» (117)
لكن ابن الجوزي ذكر أن عادة الشيعة جرت في الكرخ وباب الطاق بنصب القباب، وتعليق الثياب، وإظهار الزينة في يوم الغدير، وإشعال النار في ليلته، ونحر جمل في صبيحته «فأرادت الطائفة الاخرى أن تعمل في مقابلة هذا شيئا، فادعت الخ (118)...» الكلام السابق...
يوم الجمل :
قال ابن كير في حوادث سنة 363:
«فيها، في يوم عاشوراء عملت البدعة الشنعاء، على عادة الروافض، ووقعت فتنة عظيمة ببغداد بين السنة والرافضة. وكلا الفريقين قليل عقل، أو عديمه، بعيد عن السداد.
وذلك أن جماعة من أهل السنة أركبوا امرأة، وسموها عائشة، وتسمى بعضهم بطلحة، وبعضهم بالزبير، وقالوا: نقاتل أصحاب علي. فقتل بسبب ذلك
(من الفريقين خلق كثير...» (119).
كلمة أخيرة :
نرى: أن [مشروعية احياء ذكرى الصالحين] من الموضوعات، والبديهيات، التي لا تحتاج إلى إقامة الأدلة والبراهين، ولا إلى حشد الشواهد والدلائل...
وكنا نتمنى أن يصرف هذا الوقت الذي استغرقه منا هذا البحث، فيما هو أهم، ونفعه أعم.
ولكن قاتل الله العصبيات الجاهلية، والتعصبات المذهبية، التي فرضت على البعض أن يستميتوا في سبيل المنع من المجالس التي يذكر فيها محمد وأهل بيته، ومصائبهم، وما جرى عليهم، وكذلك من زيارة مشاهدهم المشرفة في أوقات مخصوصة، والتبرك بآثارهم صلوات الله عليهم وسلامه عليهم.
فكان أن ظهروا علينا بتلك النظريات السخيفة، والاستدلالات الضعيفة، ثم تبع ذلك رمي هذه الطائفة بالكفر، وتلك بالشرك، ثم مارسوا ضد هؤلاء وأولئك أساليب القهر والقمع والتحقير والإهانة إلى غير ذلك من أساليب ظالمة وحاقدة ليمنعوا الناس من العمل وفق قناعاتهم بأمن وحرية. هذا كله.. عدا عن التعدي على الحرمات، وارتكاب العظائم والجرائم في حق النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وفي حق أهل بيته الطاهرين صلوات الله عليهم وسلامه عليهم أجمعين، وفي حق شيعتهم الميامين بل وجميع المسلمين...
_______________
1 و 2 ـ فتح المجيد، بشرح عقيدة التوحيد / هامش صفحتي 154 و 155.
3 ـ اقتضاء الصراط المستقيم / هامش ص 191.
4 ـ فتح المجيد، بشرح عقيدة التوحيد / هامش ص 160.
5 ـ المصدر السابق.
6 ـ راجع سنن ابي داود / ج 2 / ص 218، ومسند أحمد / ج 2 / ص 367، وعون المعبود / ج 6 / ص 34 عن الضياء في المختارة، وأبي يعلى، والقاضي اسماعيل، وسعيد بن منصور في سننه ومجمع الزوائد / ج 4 / ص 3.
واستدلوا بهذا الحديث في الكتب التالية: عقيدة التوحيد / ص 256 ـ 257 / 260، وفتح المجيد / ص 258 و 259، وكشف الارتياب / 449 عن رسالة زيارة القبور لابن تيمية، وعن وفاء الوفاء للسمهودي، وشفاء السقام (المقدمة) / ص 118 و 65 و 66 عن مصنف عبد الرزاق، والصارم المنكي / ص 179 و 174 و 173 و 172 و 262 و 280 و 281 و 284 و 296 و 298 و 300 و 302 و 301 و 299 و 297، والتوسل بالنبي (صلى الله عليه واله) وجهلة الوهابيين / ص 151 و 133 و 122، واقتضاء الصراط المستقيم / ص 190 و 313 و 321 و 322 و 323 و 368 و 375 و 376 و 378 وراجع ص 383 و ص 109 و 110 عن ابي يعلى، ومحمد بن عبد الواحد المقدسي في مستخرجه، وسعيد بن منصور، وزيارة القبور الشرعية والشركية / ص 14.
7 ـ اقتضاء الصراط المستقيم / ص 313.
8 ـ اقتضاء الصراط المستقيم / 378.
9 ـ عون المعبود / ج 6 / ص 32، وفتح المجيد / ص 261.
10 ـ اقتضاء الصراط المستقيم / ص 323، وعون المعبود / ج 6 / ص 33، وفتح المجيد / ص 257، والصارم المنكي م ص 172 و 298. وزيارة القبور الشرعية والشركية / ص 15.
11 ـ اقتضاء الصراط المستقيم / ص 375.
12 ـ عون المعبود / ج 6 / ص 32، وليراجع ك كشف الارتياب / ص 449.
13 ـ عون المعبود / ج 6 / ص 32. الهامش.
14 ـ الصارم المنكي في الرد على السبكي / ص 285.
15 ـ عون المعبود / ج 6 / ص 33.
16 ـ المصدر السابق.
17 ـ الصارم المكي / ص 229.
18 ـ زاد المعاد / ج 1 / ص 146، وراجع: الصارم المكي / ص 299.
19 ـ عون المعبود / ج 6 / ص 32، وفتح المجيد في شرح عقيدة التوحيد / ص 257، وزيارة القبور الشرعية والشركية / ص 15.
20 ـ اقتضاء الصراط المستقيم: ص 294 ـ 296.
21 ـ المصدر السابق / ص 375 / 376.
22 ـ اقتضاء الصراط المستقيم / ص 377.
23 ـ نفس المصدر السابق والصفحة.
24 ـ المصدر السابق / ص 312.
25 ـ المصدر السابق / ص 368.
26 ـ اقتضاء الصراط المستقيم / ص 294.
27 ـ اقتضاء الصراط المستقيم / ص 267 ـ 268 بتلخيص، ويوجد نظير العبارة الأخيرة في ص 290.
28 ـ المصدر السابق / ص 269.
29 ـ راجع: المدخل لابن الحاج / ج 2 / ص 3 فما بعدها الى عدة صفحات، وليراجع / ص 29 / 30.
30 ـ اقتضاء الصراط المسقتقيم / ص 295، وراجع: سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد / ج 1 / ص 441 ـ 442.
31 ـ القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل / ص 49 عن الفتاوى المصرية / ج 1 / ص 312.
32 ـ القول الفصل / ص 50 وراجع ص 53 عن «الحاوي للفتاوي» للسيوطي / ص 190 ـ 192.
33 ـ منهاج الفرقة الناجية / ص 110.
34 ـ راجع القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل ص / 53 عن كتاب: المعيار المعرب / ص 99 ـ 100.
35 ـ المصدر السابق / ص 54 عن الدرر السنية / ج 4 / ص 409، وعن مجموعة الرسائل والمسائل النجدية / ج 4 / ص 440.
36 ـ منهاج الفرقة الناجية / ص 109.
37 ـ منهاج الفرقة الناجية / ص 55 عن مجموعة الرسائل والمسائل النجدية / قسم 2 / ص 357 ـ 58، والدرر السنية ج 4 / ص 389.
38 ـ المصدر السابق عن الدرر السنة /ج 8 / ص 285.
39 ـ المصدر السابق عن كتاب: السنن والمبتدعات / ص 138 / 139 وراجع: الإتصاف فيما قيل في المولد من الغلو والاجحاف / ص 47.
40 ـ القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل / ص 73، وراجع: الموافقات / ج 3 / ص 71.
41 ـ منهاج الفرقة الناجية / ص 197، وراجع: الإنصاف فيما قيل في المولد من الغلو والاجحاف / ص 40 فما بعدها.
42 ـ فتح المجيد في شرح عقيدة التوحيد / هامش ص 154 و 155.
43 ـ المصدر السابق، وراجع المدخل لابن الحاج، أوائل الجزء الثاني.
44 ـ اقتضاء الصراط المستقيم / ص 191.
45 ـ المصدر السابق / ص 294 ـ 296.
46 ـ القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل / ص 55 عن كتاب: السنن والمبتدعات / ص 138 / 139.
47 ـ اقتضاء الصراط المستقيم / ص 294 ـ 296، والقول الفصل / ص 50 و 53 و 54 و 55 عن الحاوي للفتاوي / ص 190 ـ 192، والدرر السنية / ج 4 / ص 409 و 389، وعن مجموعة الرسائل النجدية / ج 4 / ص 440 وقسم 2 / ص 357، وعن السنن والمبتدعات / ص 138 / 139.
48 ـ اقتضاء الصراط المستقيم / ص 294 ـ 296، وراجع سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد / ج 1 / ص 441 / 442، والقول الفصل / ص 49 و 50 و 53 و 55 عن الفتاوى المصرية / ج 1: ص 312، وعن المعيار المعرب / ص 99 ـ 101، وعن السنن والمبتدعات / ص 138 / 139، وعن الحاوي للفتاوي / ص 190 / 192، والاتصاف فيما قيل في المولد من الغلو والاجحاف / ص 43.
49 ـ الاتصاف فيما قيل في المولد من الغلو والاجحاف / ص 46 و 43 و 47.
50 ـ القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل / ص 53 عن كتاب: المعيار المعرب / ص 99 ـ 101.
51 ـ اقتضاء الصراط المستقيم / ص 386، والقول الفصل / ص 49 عن الفتاوى المصرية.. أما الحديث فقد تقدمت مصادر وموارد الاستدلال والاستشهاد به، فلا نعيد.
52 ـ المدخل لابن الحاج / ج 2 / ص 3 فما بعدها.
53 ـ القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل / ص 53 عن كتاب: المعيار المعرب / ص 99 ـ 101.
54 ـ اقتضاء الصراط المستقيم / ص 282 فما بعدها، والإنصاف فيما قيل في المولد من الغلو والاجحاف / ص 40 فصاعدا.
55 ـ الإنصاف فيما قيل في المولد من الغلو والاجحاف / ص 42.
56 ـ الموافقات / ج 3 / ص 71، والقول الفصل / ص 73.
57 ـ القول الفصل / ص 53 عن الدرر السنية / ج 4 / ص 409، وعن مجموعة الرسائل النجدية / ج 4 / ص 440.
58 ـ راجع على سبيل المثال بعض ما تقدم عن ابن تيمية في كتابه: اقتضاء الصراط المستقيم...
59 ـ سيرتنا وسنتنا / ص 45 / 46
60 ـ كشف الارتياب / ص 450.
61 ـ نهج البلاغة، بشرح عبده / ج / 3 / ص 355، الحكمة رقم 428.
62 ـ سنن البيهقي / ج 3 / ص 243، واقتضاء الصراط المستقيم / ص 189، وفتح المجيد / ص 154.
63 ـ راجع: سنن الدرامي / ج 1 / ص 1378، وسنن ابن ماجة / ج 1 / ص 349 و 415 و 416، واقتضاء الصراط المستقيم / ص 197 وسنن النسائي / ج 1 / ص 194، وسنن أبي داود / ج 1 / ص 281، ومسند أحمد / ج 4 / ص 277 و ج 2 ص 303 و 532 والمسند للحميدي / ج 1 / ص 6 / 7، والموطأ، بهامش تنوير الحوالك / ج 1 / ص 190، والمنتفى / ج 2 / ص 34 و 35، ومجمع الزوائد / ج 2 / ص 195، وكشف الاستار / ج 1 / 499، وصحيح البخاري / ج 3 / ص 206، ومنحة المعبود / ج 1 / ص 146، ومسند الطيالسي / ص 194، ونصب الراية / ج 2 / ص 225، ومستدرك الحاكم / ج 1 / ص 288، وتلخيص المستدرك بهامشه.
64 ـ راجع: مسند أحمد / ج 3 / ص 512 و 504 و 486 و 401 و 418 و 540، وراجع: ص 519 صحيح مسلم / ج 3 / ص 6 وسنن النسائي / ج 3 / ص 90 و 91، ومسند الطيالسي / ص 311، والموطأ بهامش تنوير الحوالك / ج 1 / ص 131، وكشف الاستار / ج 1 ص 294، ومجمع الزوائد / ج 2 / ص 163 / 164، ومنحة المعبود / ج 1 / ص 139 و 140، والجامع الصحيح للترمذي / ج 2 / ص 362 و 359، وسنن أبي داود / ج 1 / ص 274، وسنن الدرامي / ج 1 / ص 369، وعجائب المخلوقات بهامش حياة الحيوان / ج 1 / ص 110، والترغيب والترهيب / ج1 / ص 490 / 491 و 495، والمنتفى / ج 2 / ص 14 و 13.
65 ـ راجع: سنن ابن ماجة / ج 1 / ص 349، 348، وسنن أبي داود / ج 1 / ص 283 و 282، والترغيب والترهيب / ج 1 / ص 498، والمنتقى / ج 2 / ص 12 و 11، ونجمع الزوائد / ج 2 / ص 171 فما بعدها، والسنن الكبرى للبيهقي / ج 3 / أبواب الجمعة.
66 ـ كشف الارتياب، ص 142 عن رسائل الهدية السنية / ص 47.
67 ـ إقتضاء الصراط المستقيم/ ص 200، وراجع: ص 250.
68 ـ إقتضاء الصراط المستقيم/ ص 201.
60 ـ الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري / ج 2 / ص 293.
70 ـ الديارات / ص 57، وراجع ص 39 / 40 ونشوار المحاضرات / ج 8 / ص 246 والعامة في بغداد / ص 253 / 254 عنهما وعن عجائب المخلوقات / ص 121 وعن صبح الأعشى / ج 2 / ص 420.
71 - محاضرة الأوائل / ص 142.
72 - الكامل لابن الأثير / ج 3 / ص 469 ويؤيده ما في نشوار المحاضرات / ج 1 / ص 293.
73ـ نشوار المحاضرات / ج 1 / ص 293، وراجع: المستطرف / ج 2 / ص 52.
74 العقد الفريد / ج 6 / ص 289، وراجع: روض الأخيار / ص 119.
75- الأغاني / ج 19 / ص 230.
76ـ الأوائل / ج 2 / ص 34.
77ـ راجع: محاضرات الأدباء / ج 1 / ص 424.
78ـ الحضارة الاسلامية في القرن الرابع الهجري / ج 2 / ص 296 عن عدد من المصادر، والعامة في بغداد ص 255، والديارات / ص 270. وليراجع ص 231.
79ـ الاوائل / ج 2 / ص 34.
80 ـ الخطط للمقريزي / ج 1 / ص 288.
81ـ التنبية والاشراف / ص 221 / 222.
82ـ الغدير / ج 1 / ص 283.
83 ـ مصباح المتهجد / ص 698 / ج 1 / ص 284 عنه.
84ـ الغدير / ج 1 / ص 284 / 285، وتفسير فرات / ص 12.
85ـ الكافي / ج 4 / ص 148 / 149 والغدير / ج 1 / ص 285 عنه، ومصباح المتهجد / ص 680.
86ـ تاريخ بغداد / ج 8 / ص 290 وأشير اليه في تذكرة الخواص / ص 30، والمناقب للخوارزمي / ص 94 وفيه ستين سنة بدل ستين شهرا، ومناقب الإمام علي لابن المغازلي / ص 19، وفرائد السمطين / الباب 13 / ج 1 / ص 77 مثل ما في مناقب الخوارزمي، والغدير / ج 1 / ص 401 / 402 عنهم وعن زين الفتى للعاصمي.
87ـ الكافي / ج 4 / ص 149، والغدير / ج 1 / ص 285 / 286.
88ـ الخصال / ج 1 / ص 264، والغدير / ج 1 / ص 286.
89ـ مصباح المتهجد / ص 680، والغدير / ج 1 / ص 286.
90 ـ الغدير / ج1 / ص 287 عن الحميري.
91ـ مصباح المتهجد / ص 679.
92ـ الغدير / ج 1 / ص 287، ومصباح المتهحد / ص 696.
93ـ الغدير / ج 1 / ص 287.
94 ـ إقتضاء الصراط المستقيم / ص 294.
95ـ شرح نهج البلاغة للمعتزلي الحنفي / ج 4 / ص 115.
96ـ تاريخ الخميس / ج 1 / ص 301، وسيرة مغلطاي / ص 26، والمواهب اللدنية / ج 1 / ص 56.
97 ـ استفتاء ابن سعود لعلماء نجد، وجواب أربعة عشر رجلا من علمائهم موجود في جريدة الرأي العام الدمشقية الصادرة بتاريخ 19 ذي القعدة سنة 1345، راجع كشف الارتباب / ص 491 / 492.
98ـ أشار الى ذلك بعض المحققين.
99ـ راجع: «خصائص أمير المؤمنين علي (عليه السلام)» للنسائي، ص 124 / 125، و «أنساب الاشراف» بتحقيق المحمودي / ج 3 / ص 227 و ج 5 / ص 378 ط أولى، ونقل عن حلية الأولياء وعن الطبراني في الكبير وعن الترمذي في جامعه، والبخاري / ج 4 / ص 34، ومسند أحمد / ج 2 / ص 114 و 93 و 153 و 85 وأسد الغابة / ج 1 / ص 19، والفصول المهمة / لابن الصباغ / ص 158، والجوهرة في نسب علي عليه السلام وآله / ص 40، وتهذيب تاريخ دمشق / ج 40 / ص 317، وراجع: الإصابة / ج 1 / ص 332، وترجمة الإمام الحسين / لابن عساكر / بتحقيق المحمودي / ص 38.
100 ـ راجع كتاب: كشف الارتياب / من ص 114 حتى 126.
101 - الحيوان 6/455 ، والفقعة : الرخو من الكمأة . والقصيص : شجرة تنبت في أصلها الكمأة.
102ـ راجع: الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري / ج 2 / ص 300 / 301. .
103ـ راجع قصة هذا الحفل في: الديارات ص 150 ـ 156 وفي الهامش عن المصادر التالية: لطائف المعارف للثعالبي / ص 74 و 75 / ط ليدن، وثمار القلوب / ص 131، ومطالع البدور في منازل السرور / للغزالي م ج 1 / ص 58 / 59 عن كتاب: العجائب والطرف، والهدايا والتحف / ص 113 ـ 119.
104 ـ سنن ابن ماجة / ج 1 / ص 510، ومسند أحمد / ج 1 / ص 201، واقتضاء الصراط المستقيم / ص 299 / 300 عنهما، ومجمع الزوائد / ج 2 / ص 331 عن الطبراني في الأوسط.
105ـ ذرية: اسم أمراه يقال: إنها كانت خادمة له (صلى الله عليه واله).
106ـ ينابيع المودة للقندوزي الحنفي / ص 262 عن كتاب: مودة القربى، لعلي بن شهاب الهمداني.
107ـ دعوة الحسينية إلى مواهب الله السنية / ص 136 عن مسند أحمد، وعن ذخائر العقبى، وينابيع المودة، وجوهر العقدين، وأحمد في المناقب، ورشفة الصادي.
108ـ دعوة الحسينية / ص 137 عن ينابيع المودة عن رشفة الصادي.
109ـ المصدر السابق عن الاسفراييني في آخر كتاب نور العين.
110 ـ ينابيع المودة / ص 246 عن مودة القربى للهمداني، ودعوة الحسينية / ص 138 عنه.
111ـ المدخل / ج 2 / ص 29.
112ـ المصدر السابق / ص 30.
113ـ الحديث موجود أيضا في السيرة الحلبية / ج 1 / ص 58، ومسند أحمد / ج 5 / ص 297 و 299، والمنتفى ج 2 / ص 195، عن أحمد ومسلم وأبي داود، وصحيح مسلم / ج 3 / ص 166.
114 ـ المدخل لابن الحاج / ج 2 / ص 3 فما بعدها، وعنه في رسالة حسن المقصد للسيوطي، المطبوعة مع النعمة الكبرى على العالم ص 84 / 85.
115ـ راجع القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل / ص 175 متنا وهامشا، وص 177.
116ـ المصدر السابق / ص 175 / 176 عن لطائف المعارف.
117 ـ شذرات الذهب / ج 3 / ص 130 والمنتظم لابن الجوزي / ج 7 / ص 206، وبحوث مع أهل السنة والسلفية / ص 145، والامام الصادق والمذاهب الأربعة / ج 1 / ص 95، والغدير / ج 1 / ص 288 عن نهاية الارب في فنون الأدب / ج 1 / ص 177. وراجع: العامة في بغداد / ص 252، ويوم الغار ذكره المقريزي في خططه / ج 1 / ص 389، ونسب ذلك إلى عوام السنة، والحضارة الاسلامية في القرن الرابع الهجري / ج 1 / ص 138 عن كتاب الوزراء / ص 371، وعن المنتظم.
118ـ راجع: المنتظم / ج 7 / ص 206، والغدير / ج 1 / ص 288 عن نهاية الارب في فنون الأدب / ج 1 / ص 177.
119 ـ البداية والنهاية / ج 11 / ص 275، وعنه في: الإمام الصادق والمذاهب الأربعة / ج 1 / ص 94، وبحث مع أهل السنة والسلفية / ص 144 / 145 و 111.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|