المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27
{كل نفس ذائقة الموت}
2024-11-27
قالت اليهود لن نؤمن لرسول حتى يأتي بقربان
2024-11-27
قالت اليهود ان الله فقير
2024-11-27
البخل بالزكوات
2024-11-27
انقلبوا فرحين بنعمة الله
2024-11-27



الايمان اساس الارادة الصلبة  
  
4591   12:38 مساءاً   التاريخ: 4-1-2017
المؤلف : صالح عبد الرزاق الخرسان
الكتاب أو المصدر : تربية الطفل واشراقاتها التكاملية
الجزء والصفحة : ص247-252
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-6-2022 1933
التاريخ: 15-4-2016 2109
التاريخ: 27-5-2022 2598
التاريخ: 15-4-2016 2792

إن الحقيقة والواقع يصرحان ويؤكدان تأكيدا لا يقبلان الشك والمواربة : ان الظفر وتحقيق الآمال والنجاح في الحياة لا يحصل من دون ارادة صلبة وان الارادة القوية لا بد ان تحتاج إلى مستند ثابت ومتين، الا وهو : الايمان، فالإرادة لازمة للإيمان، هو ملزوم الارادة فالنسبة بينها لازم وملزوم.

ولكن احيانا قد يتوفر الايمان عند شخص معين بأمر ما ولكنه لا يملك الارادة بخصوص تحقيق ذلك الامر الذي يؤمن به، ولم يعمل بجد وفاعلية فانه سيفشل حتما ولن يستطيع ان يصل إلى هدفه البتّة. لان التوفيق مرهون بسعي الفرد ونشاطه أي توفر الايمان والارادة معا لذا فان الله سبحانه يقول : {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}[النجم:39].

اذن، فلا بد من السعي لتحقيق الذي يُسعى اليه {وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى}[النجم: 40]

{ثُمَّ يجزاه الْجَزَاءَ الْأَوْفَى}[النجم:41] أي الجزاء التام.

واحيانا اخرى: قد يتمتع الفرد بقوة الارادة ولكنه يفتقر إلى سلاح الايمان فانه يظل يعمل ويسعى ولكنه متى ما اصطدم بمعوقات وعراقيل وصعوبات مستعصية الحل انطفأت شعلة الامل في نفسه وبدأ يشك في قدراته وامكاناته ويدب عدم الثقة بنفسه شيئا فشيئاً. وعندئذ سيفشل ايضا ولن يتمكن من مواصلة اعماله وسعيه وتحقيق هدفه.

وحينئذ لا يجبره وينجيه من هذه الورطة والحالة المغلقة التي لا يعيشها الا اللجوء إلى الله سبحانه والتوكل عليه. والايمان بقدرته الازلية وتوفيقه بحل ما تعرض اليه من مشاكل وصعوبات واضطرابات، فالمؤمن الذي يؤمن بالله ويتوكل عليه في احلك الظروف واقصى الصعوبات واشد اللحظات، ويملك الارادة الصلبة المستندة على الايمان الراسخ، بقدرة الله في حل المشاكل وازالة العراقيل، فانه سينجح حتما في مساعيه وتحقيق اهدافه لان عناية الله تعالى ورعايته ستشمله وتعنيه في تذليل الصعاب وتحقيق المنشود من الآمال.

يقول الله سبحانه وتعالى مخاطباً رسوله الكريم محمداً (صلى الله عليه واله) وآمره بالتوكل عليه حينما يعزم على تنفيذ امر وتحقيقه في الوجود: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}[آل عمران:159] وقال تعالى {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3]

نعم، أن الانسان المؤمن اذا توفرت له العزيمة الراسخة والارادة الثابتة زائدا التوكل على الله عز وجل فان شعلة الثقة بالنفس لن تنطفئ ابدا وسيظفر النجاح والفلاح وتحقيق المأمول والمرجو من الاهداف.

والحقيقة ان الانسان اذا اعتقد وادرك ان الله سبحانه وتعالى ـ ومن باب لطفه بعباده ـ انه سينصره اذا نوى على عمل الخير والصلاح وسعى بجد ونشاط من اجل تجسيدها على الواقع، وسيوفقه في ذلك.

فانه سيواصل العمل ولن يتركه حتى يتمه. ويتوفق في انجازه فانه بهذه الروحية العظيمة سيتغلب في ميدان اختياره العلمي على كل المعوقات والاخطار والصعوبات التي تقطع طريق التقدم على الاخرين، بل سيزداد رقياً وجرأة وقدرة بقدر ما يواجهه من اخطار ونكسات ومشاكل، ولن يترك مشروعا بدأ به حتى يصل إلى نهاية المطاف ومراحل الانجاز النهائية.

ولولا هذه الروحية الكبيرة وهذا الايمان العظيم الذي منحه الاسلام الحنيف إلى اتباعه ومحبيه لما استطاعوا ان يفتحوا طريقهم بين المشكلات والتعسفات، وينشروا النور والهداية في اصقاع الدنيا.

وقطعا انهم بذلك اعانوا الانسانية على السعادة والتطور والتقدم بهمة عالية وعزيمة لا تلين ولا غرو في ذلك البتة، لأنهم لم يالوا جهدا في سبيل تقدم الامم وازدهارها ورقيها.

وعلى كل حال فان الرسول الاكرم (صلى الله عليه واله) والائمة المعصومين (عليهم السلام) والجماعة الصالحة التي اوجدوها من اولياء واصفياء واتقياء الذين تخرجوا من جامعة الاسلام الكبرى ومدرسة اهل البيت (عليهم السلام) العظيمة لهم الفضل الاكبر في انقاذ الانسانية من دياجير الجهل والضلالة إلى نور العلم والهداية، ومن البدع وانواع الرذيلة إلى الحق والحقيقة والفضيلة؛ لأنهم بحق رجال التحرر والعلم والفضائل واصحاب الشهامة والمتابعة، والارادة الصلبة والإيمان الثابت الذي لم يتزلزل قط.

رغم المكر والحرب والخديعة وصنوف الاذى والنشوية الذي لا قوة من اتباع مدرسة البغي والشيطان.

وقد بقيت اسماؤهم لامعة في التاريخ وتقدسهم الاجيال جيل بعد جيل كأبي ذر الغفاري والمقداد وسلمان وعمار ومالك الاشتر ومن هم على شاكلتهم، وعلى رأس هؤلاء الصفوة الامام المعجزة علي (عليه السلام) وابناؤه البررة الحسن والحسين وابي الفضل وابن الحنفية وشهداء ملحمة الطف الخالدة الذين ضربوا اروع الامثلة في البطولة والتضحية والفداء والجهاد والايمان والفضيلة والايثار وقد تعطر بشذاهم الدهر ولم يزل وحتى نهاية الحياة. فهم بحق عطر الحياة، وحياة العزة والكرامة والحرية والاباء....

فهذا علي (عليه السلام) امير المؤمنين ويعسوب الدين وقائد الغر المحجلين إلى جنات النعيم وسيد المسلمين، الاسطورة الايمانية الالهية والنموذج الكامل للرجال الشجعان الذين لا يعرفون الهزيمة قط في الوغى وسوح الجهاد الذي نادى جبرائيل ورضوان وغيرهما باسمه فامتلأت ارجاء الفضاء : لا فتى الا علي ولا سف الا ذو الفقار.

نجد هذا البطل الشامخ يقوي عزيمة ابنه محمد بن الحنفية ويشحذ همته عندما دفع له ليقاتل جيش الغدر والنفاق والخيانة الذي استعد لحربة في البصر، بقوله الشريف:

(تزول الجبال ولا تزل، عض على ناجذِكَ، أعِر الله جمجمتك تِدْ في الارض قدمك، ارم ببصرك اقصى القوم او غض بصرك، واعلم بان النصر من عند الله سبحانه)(1).

ويقول (عليه السلام) في احدى كلماته ودرره: (والله لو تظاهرت العرب على قتالي لما وليت عنها)(2).

وقد قال (عليه السلام) لهمام : (يا همام المؤمن نفسه اصلب من الصلد)(3).

وهنا الإمام (عليه السلام) يضمن كلماته ودرره هذه دروسا في الاقدام والصرامة والشجاعة، لان النصر معقود عليها، وبالنصر تتغير مجرى الحوادث ويتحقق ما لم يكن بالحسبان من حيث قوة الحركة وفاعلية النشاط. فالشدة والشجاعة وقوة الارادة في الرجال تسرع في تقدمهم نحو تحقيق آمالهم وطموحاتهم المرسومة، وتحل كل عقد المشاكل في طريقهم.

وعليه، فان الارادة الصلبة المستندة على الايمان الثابت هي الاساس في انجاز أي مسعى وتحقيق كل الاهداف المنشودة، والسعادة المطلوبة. لذلك يتحتم على الاباء والمربين والمعلمين ان لا تغيب عنهم هذه الامور وهم يؤدون دورهم التربوي والتعليمي، وان يسعوا بجد ونشاط واهتمام بالغ بغرس الايمان بالله العلي القدير وشريعته المتكاملة في نفوس الاطفال وجميع المتعلمين، وتقويه ارادتهم وعزائمهم خصوصا عند الشدائد والظروف الصعبة والحساسة.

لكي يصبحوا رجالا اشداء يثقون بأنفسهم ويعبدون ربهم، ويخدمون امتهم ووطنهم، ويحققون اهدافهم وسعادتهم في الحياة.

وعلى المربين ايضا، ان يعملوا على تقوية ارادة الناشئة وكل المتعلمين وذلك بتلقين نفوسهم بالطموحات الكبيرة والآمال العالية، وبعث روح العمل الجدي بتحقيق تلك الآمال والطموحات لان ذلك من العوامل الهامة في دعم ارادتهم، والوصول إلى مقاصدهم ورفاهيتهم، وازدهار حياتهم.

قال امير المؤمنين علي (عليه السلام) بهذا الصدد:

(تنافسوا في الاخلاق الرغيبة، والاحلام العظيمة، والاخطار الجليلة، يعظم لكم الجزاء)(4).

اجل ان الذي لا يتصور الآمال العظيمة ولا يستوعب تحقيقها لنفسه فان احتمال توفيقه قليلا جدا وانه بذلك ، سيطفئ ما كان يمكن ان يكون له من لياقة وجدارة وتقدم ورقي وثقة بالنفس كبيرة.

______________

1- نهج البلاغة: ج1، خطبة 11، ص55.

2- نهج البلاغة: ص418 خطبة رقم 45.

3- نهج البلاغة: ص533، المختار من الحكم، رقم 333.

4- غرر الحكم :355.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.