أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-11-2016
1242
التاريخ: 14-12-2018
1110
التاريخ: 22-11-2016
892
التاريخ: 22-11-2016
693
|
تاريخ الأندلس قبل الفتح الإسلامي وفي أيامه الأولى:
1 - في أوروبا وإفريقيَّة
أ - البرابرة:
أطلق اليونان والرومان على جميع الشعوب سواهم اسم: البرابرة، ثمّ خُصّت به شعوب بدأت تنتشر في أوروبّة منذ القرن الثالث الميلادي، بعد أن كانت قد غادرت مواطنها الأصلية في أواسط آسية منذ فجر التاريخ على الأغلب، وكان موطنها الأصلي الهند والتركمستان، وقد غادرت موطنها قبل الميلاد ببضعة قرون ووصلت إلى شمالي أوروبّة وإلى تخوم أوروبّة الشّرقيّة. واستطاع اليونان والرومان أن يردّوا تلك الحشود البربريّة المتوحشة عن تخوم امبراطوريتيهم: الإمبراطورية الرومانية الشّرقيّة (البيزنطيّة) والإمبراطورية الرومانية الغربية، زمناً طويلاً، ثم حالوا بين تلك الحشود وبين اجتياز نهر الدانوب إلى شبه جزيرة البلقان، واجتياز نهر الراين إلى شبه جزيرة إيطالية وإلى فرنسة وما وراءها. ولكن لما بدأ الضعف ينخر في جسم هاتين الإمبراطوريتين بالترف والتنازع وبالدّهر، منذ القرن الرابع الميلادي، جرؤت تلك الحشود على الدنوّ من حدود تلك الإمبراطوريتين، ومن اختراق تلك الحدود أيضاً.
ب - أجناسهم وممالكهم:
وكان البرابرة أجناساً، منهم الجرمان، أكثر تلك القبائل عَدداً وأعظمها أثراً في تاريخ أوروبّة في العصور الوسطى. ومن أشهر القبائل الجرمانية قبائل القوط الذين انحدروا منذ أواسط القرن الثاني للميلاد، من مساكنهم يومذاك على شواطئ نهر الفستولا (1)، إلى سهول أوكرانية، شمال البحر الأسود. وهنا انقسم القوط إلى قسمين: قبائل عرفت بسكان الغابات، الذين عُرفوا فيما بعد باسم: القوط الغربيين، وقبائل عرفت بسكّان السهول الواسعة، وهم الذين عرفوا فيما بعد باسم: القوط الشرقيين، وكان نهر الدنيستر يفصل بين مساكن الفريقين.
وكان مقام القوط الغربيين بين مصبّ نهر الدنيستر ومصبّ نهر الدانوب، على حدود البلقان مباشرة، سبباً لنشر الدين المسيحي بينهم، ولكن على يد الدُّعاة الأريوسيين، ولذلك تقبّل القوط الغربيون المذهب الأريوسي، وهذا المذهب الذي أوجده الأسقف الإسكندري أريوس في سنة (310 م)، يجعل المسيح عليه السلام إنساناً كاملاً، وينفي عنه الألوهية، ويقول بأن الله خلقه من لا شيء، ولهذا أوصى النبي صلى الله عليه و[آله و]سلم برسالته النبوية إلى هِرَقل عظيم الرّوم بمعتنقي هذا المذهب خيراً، فقال في رسالته: "فإن تولّيتَ فعليك إثم الأريسيين .... " (2).
ح - وصولهم إلى أوروبّة:
وفي مطلع القرن الخامس الميلادي، كان عدد من القبائل الجرمانية قد انتشرت في غربي أوروبّة: في فرنسة وإسبانيا. فكانوا قد انحدروا من مساكنهم بين نهر الفستولا ونهر الأودر (3) ( Oder) ، إلى المنطقة التي تعرف اليوم باسم: بافارية، جنوبي شرقي ألمانية. ثم إنهم جاءوا إلى إسبانيا، وفيها سكن الفاندال في منطقتين: في رقعة ضيّقة في شمالي إسبانيا، وفي رقعة واسعة في جنوبي إسبانيا. وكذلك كان السوابيون (4)، وهم شعب جرماني أيضاً، قد نزلوا في شمالي غربي إسبانيا، جنوب منازل الفاندال الشمالية........ .
2- في إسبانيا(ص135-139):
أ - القوط الغربيون في أواخر أيامهم:
لما سقطت رومة سنة (476 م)، كان معنى ذلك زوال الإمبراطورية الرومانية الغربية من الوجود وتحلّل جميع أتباعها المتبربرين (البرابرة) من الولاء لها. وبهذا استقل القوط الغربيون بإسبانيا، وأعلنوا أنفسهم ملوكاً غير تابعين لأحد، وكان زعيمهم يوريك ( Euric) قد اتخذ لقب الملك فعلاً قبل ذلك بنحو تسع سنوات (سنة 467 م)، وهو يُعد لذلك مؤسس دولة القوط الغربيين فى إسبانيا.
ب - دولة القوط الغربيين في إسبانيا:
وكان يوريك قد حرص منذ صارت إليه زعامة القوط، على أن يمد سلطانه شيئاً فشيئاً حتى يبسطه على إسبانيا كلها، ولم يتنازل إلى جانب ذلك عما كان لأسلافه من الأقاليم شمالي جبال البرت، وكان الرومان يعتبرون جنوبي فرنسة وشمالي إسبانيا وجزءاً كبيراً من غربيِّها إقليماً واحداً، فحرص يوريك أن تضم دولته هذا الإقليم، فاستولى على لُشْدَانية (البرتغال) وقرر فيه سلطانه، ومدّ حدود مملكته إلى الجنوب، وأدخل فيها إقليم بيطي (الذي يعرف باسم بيتيكا) وولاية قرطاجنة الرومانية القديمة وهي الركن الغربي لشبه الجزيرة الإسبانية، وتابع جهوده في شمالي جبال البرت، واستولى على آرل ومرسيليا. وبهذا أصبحت دولته تمتد من أقصى الهضبة الفرنسية الوسطى، إلى إسبانيا الجنوبي، وحكم شعبين كبيرين هما: الغال الرومانيون ( Gallo-romani) شمالي البرت، والإسبان الرومان ( Hispano-romani) جنوبيّها، وكانا شعبين متحضرين، يشتغل معظمهما بالزراعة، ويزيدان على القوط الغربيين مرات عديدة، وكان معظم أهلها مسيحيين كاثوليك، يسيطر عليهم قساوسة خاضعون لسلطان رومة وأسقفها الكبير: البابا.
وكان القوط الغربيون مسيحيين أريوسيين، أي أنهم لا يعتقدون بألوهية المسيح، ولا يعترفون للقساوسة بحق الوساطة بين الله والناس، ولا يجعلون للعذراء مكاناً متميزاً في العقيدة، وكان لهم أسلوبهم الخاص في العبادة، فلم يلبث السكان الأصليون من غاليين (فرنجة) وإيبيريين (إسبان) أن نفروا من حكمهم. واجتهد القساوسة في تقوية شعور النفور هذا، لأن القوط كانوا ينكرون عليهم أي سلطان روحي على الناس. واشتد هذا النفور مع الأيام، بسبب ما كان ينزله القوط على القساوسة من اضطهاد، وظل مركزهم بين رعاياهم مضطرباً مزعزعاً، فلما نهض كلوفيس ملك الفرنجة وأخذ يمد سلطانه نحو الجنوب، سارع القساوسة لتأييده لأنه كان كاثوليكياً، وانضم إليه الغال الرومانيون، فاستطاع أن يزيح القوط إلى الجنوب ويجليهم عن طولوز الذي ظلّوا يحكمونه أمداً طويلاً، ثم انتصر عليهم انتصاراً حاسماً في شمالي بواتيه سنة (507 م) كما ذكرنا وأجلاهم عن جلّ ما كان في سيطرتهم من أرض جنوبي فرنسة، فلم يبق لهم إلا إقليم سبتمانية المتاخم لجبال البرت من الشمال ويمتد حتى نهر الرون وعاصمته نربونة.
وبهذا اقتصر سلطان القوط الغربيين على إسبانيا، وأخذت علاقة إسبانيا مع بقية العالم الأوروبي الواقع إلى شمال جبال البرت تفتر. ولما وحّد القوط الغربيون شبه الجزيرة الإسبانية كلها تحت سلطانهم، أخذت إسبانيا تظهر كوحدة سياسية وجنسية للمرة الأولى في التاريخ. وذلك أمر له خطورته، لأن الإغريق لم يعرفوا منها إلاّ الغرب وبعض الجنوب، ولأن الرومان كانوا يقسمونها ولايات مختلفة لا علاقة بين بعضها. أما القوط فقد اعتبروا شبه الجزيرة الإسبانية كلها قطراً واحداً، واتخذوا لهم عاصمة تقع فى وسط شبه الجزيرة، هي: طُليطلة. ولعل أظهر أثر لاستقرار القوط في طُليطلة، هو تحولهم إلى إسبان، في وقت قصير، لأن المقيم في طليطلة، تنقطع الصلات بينه وبين ما يلي البرت وما يلي بحر الزقاق، ويتأقلم ويصبح إسبانياً. أما المقيم في قرطبة، فتظل صلته بإفريقية وما يتصل بها من بلاد الشرق، أوثق وأظهر من صلاته بجليقية ونواحي جبال البرت.
واستطاع القوط من عاصمتهم طليطلة، أن يستولوا على إسبانيا كلها، ولكن سلطانهم لم يستقر في البلاد أول الأمر بسبب ما ثار بينهم وبين أهل إسبانيا من منازعات دينية، وبسبب ما شجر بين أمرائهم من خلافات. وطمع ثيودوريك ملك القوط الشرقيين في عرش إسبانيا، فغزاها وأقام حفيداً له على عرشها، ولكن لم يلبث أحد قواد القوط الغربيين الأقوياء أن ثار بهذا الدخيل، وأعلن نفسه ملكاً على إسبانيا، بفضل معاونة حربية أمدّه بها جُستنيان إمبراطور بيزنطة في سنة (554 م)، وانضم إليه أهل البلاد من الإسبان الرومان الكاثوليك، واحتل المنطقة الواقعة بين نهر الوادي الكبير ونهر جُكَرْ (نهر شقر)، وانفصل هذا الإقليم عن طليطلة.
وكان آخر ملوك القوط الغربيين الأريوسيين هو: ليوفيجيلد (م Liuvigild) (568-586)، وكان محارباً مقداماً ظل يحارب الكاثوليكيين طول حياته. وخلفه ابنه ريكاردو ( Recaredo) ، فاستبان أنه لا صلاح لدولة القوط في هذه البلاد، إلاّ إذا تخلّى ملوكها عن المذهب الأريوسي. وتخلى هذا الملك عن المذهب الأريوسي، وأعلنه في مجمع طليطلة الديني سنة (587 م): اعتنق الكاثوليكية هو وأهل بيته، وتبعه الأمراء وكبار أهل المملكة، وبهذا أصبحت الكاثوليكية هي الديانة الرسمية في إسبانيا من ذلك الوقت. وهذا الحادث الخطير، سيظل مؤثراً في التاريخ الإسباني كله، فإن الكاثوليكية تأصلت في أهل البلاد مع الزمان، وزادها قوة ميل الإسبان التشدد في الأديان، والتعصب لكل ما يؤمنون به، فأصبحت إسبانيا معقلاً من أمنع معاقل الكاثوليكية، وكان لهذا أثر بعيد جداً في حياة الإسبان، وفي مجرى تاريخهم كله.
وأعقب هذا التحول إلى الكاثوليكية اعتبار اللاتينية اللغة الرسمية في البلاد، وتوثق الصلات بين إسبانيا والبابوية. وقد تفانى خلفاء ريكاردو في الولاء للبابوية، تفانياً شجع البابوية على بسط نفوذهم الديني -بل السياسي- في البلاد، وبدأ يفد على البلاد هذا الفيض المتصل من قساوسة الكاثوليك ورهبانهم، وأصبحت طليطلة أسقفية، يقيم فيها أسقف كبير يمثل سلطان البابا ونفوذه، وأيده الشعب الإسباني الروماني الذي لم يتخلّ عن الكاثوليكية بعد ذلك. ومن هنا نفهم السر، في أن نفوذ أسقف طليطلة لم يقل في وقت من الأوقات في التاريخ الإسباني المسيحي عن نفوذ الملك، إن لم يزد عليه في كثير من الأحيان. وكان تحول القوط إلى الكاثوليكية الخطوة الفعالة الأولى لامتزاج الشعبين القوطي والإسباني الروماني، فقد ظلاّ متباعدين ما اختلفت عقيدتاهما الدينيتان، فأما وقد اتفقا في العقيدة، فقد انفتح الباب أمام الامتزاج، ولكنه لم يتم إلاّ على صورة مصغرة جداً، لأن القوط حرصوا على أن يحتفظوا لأنفسهم بمركز الشعب الحاكم.
وكانت الملكية القوطية انتخابية، أي أن نفراً من كبار أهل المملكة والأمراء، كانوا يجتمعون بعد وفاة الملك لاختيار ملك من بين أظهرهم، فكان هذا النظام مدعاة لإثارة المنافسات بين الأمراء وكبار القوط، فلا غرابة في أن يكون تاريخ القوط في إسبانيا سلسلة من المؤامرات والحروب والاغتيالات.
_____________
(1) الفستولا: نهر بولونية، تقوم عليه صوفيا عاصمة بلغاريا.
(2) انظر التفاصيل عن الأريسيين في كتابنا: السفارات النبوية، ومقدمة كتابنا: سفراء النبي صلى الله عليه و[آله و]سلم.
(3) الأودر نهر في شرقي ألمانية، يفصل اليوم بين شمالي ألمانية وشمالي بولونية.
(4) السوابن أو الشوابن: قبائل جرمانية عرفت مساكنها منذ القرن الثالث الميلادي، في جنوبي غربي ألمانية، بين نهر الراين ونهر النيكر ( Necker) ونهر الدانوب (نهر الطونة).
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|