أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-11-2016
757
التاريخ: 24-5-2017
1189
التاريخ: 22-11-2016
1276
التاريخ: 22-11-2016
1172
|
كانت القبائل العربية ما تزال تضطرم بمنافساتها القديمة الخالدة، وكان البربر الذين يتألف منهم معظم الجيش، يبغضون قادتهم ورؤساءهم العرب، وينقمون عليهم استئثارهم بالسلطة والمغانم الكبيرة، واحتلالهم لمعظم القواعد والوديان الخصبة، وكثيراً ما رفعوا لواء العصيان والثورة.
وكان المسلمون الإسبان وهم " المولدون أو البلديون " (1) محدثين في الإسلام، يشعرون دائماً بأنهم رغم إسلامهم، أحط من الوجهة الاجتماعية، من سادتهم العرب.
ذلك أن العرب رغم كون الإسلام يسوى بن جميع المسلمين في الحقوق والواجبات، ويمحو كل فوارق الجنس والطبقات، كانوا يشكون في ولاء المسلمين الجدد، ويضنون عليهم بمناصب الثقة والنفوذ، هذا إلى أن العربى في الأقطار القاصية التي افتتحها بالسيف، لم يستطع أن يتنازل عن كبرياء الجنس، التي كانت دائما من خواص طبيعته، فكان مثل الإنكليزي السكسوني يعد نفسه أشرف الخليقة (2).
على أن الخلاف بن العرب أنفسهم كان أخطر ما في هذا المجتمع الجديد من عوامل التفكك والانحلال، فقد كانت عصبية القبائل والبطون، ما تزال قوية حية في الصدور، وكان التنافس على السلطان والرياسة بن الزعماء والقادة، يمزق الصفوف ويجعلها شيعا وأحزاباً، وكانت عوامل الغيرة والحسد تعمل عملها في نفوس القبائل والبطون المختلفة.
وأشد ما كانت تستعر نار ذلك الخلاف والتنافس بين اليمنية والمضرية، وذلك لأسباب عديدة ترجع إلى ما قبل الإسلام.
منها أن الرياسة كانت لعصور طويلة قبل الإسلام في حمير وتُبع، أعظم القبائل اليمنية، وكانت لهم دول ومنعة وحضارة زاهرة، بينما كانت مضر بدوا متأخرين يخضعون لحمير ويؤدون الجزية لهم.
وكان بينهما خصومات وحروب مستعرة طويلة الأمد، إذ كانت حمير تعمل للاحتفاظ برياستها وسلطانها، وتجاهد مضر في سبيل استقلالها وحريتها.
ولنا في " أيام " العرب ووقائعها المشهورة، أمثلة رائعة من هذا النضال.
قال ابن خلدون:
" واستمرت الرياسة والملك في هذه الطبقة اليمانية أزمنة وآماداً، مما كانت صبغتها لهم من قبل، وأحياء مضر وربيعة تبعاً لهم - فكان الملك بالحيرة للخم في بني المنذر، وبالشام لغسان في بني جفنة، ويثرب كذلك في الأوس والخزرج. وما سوى هؤلاء من العرب فكانوا ظواعن بادية وأحياء ناجعة.
وكانت في بعضهم رياسة بدوية وراجعة في الغالب إلى أحد هؤلاء. ثم نبضت عروق الملك، وظهرت قريش على مكة ونواحي الحجاز، أزمنة عرفت فيها منهم ودانت الدول بتعظيمهم.
ثم صبغ الإسلام أهل هذا الجيل، فاستحالت صبغة الملك إليهم وعادت الدول لمضر من بينهم، واختصت كرامة الله بالنبوة بهم، فكانت فيهم الدول الاسلامية كلها، إلا بعضاً من دولها قام بها العجم اقتداء بالملة وتمهيداً للدعوة " (3).
وهكذا أسفر النضال لظهور الإسلام عن تحول في الرياسة، إذ انتهت إلى قريش زعيمة المضرية، بعد أن لبثت عصوراً طويلة في اليمنية، وانقلبت الآية، فأصبحت المضرية تعمل على الاحتفاظ برياستها، واليمنية تجاهد في انتزاعها منها.
وكانت مسألة اللغة أيضاً من أسباب ذلك الخلاف.
ذلك أن لسان حمير، كان أصل اللغة العربية التي اعتنقتها مضر، وأسبغت عليها آيات باهرة من الفصاحة والبيان، ونزل بها القرآن الكريم على النبي القرشي المضري صلى الله عليه و[آله و]سلم، فكانت اللغة من مفاخر مضر، تغار عليها وتحافظ على سلامتها ونقائها، بينما فسدت لهجات القبائل الأخرى بالاختلاط وضعف بيانها.
وفى ذلك قول ابن خلدون:
" ولهذا كانت لغة قريش أفصح اللغات العربية وأصرحها، لبعدهم عن بلاد العجم من جميع جهاتهم، ثم من اكتنفهم من ثقيف وهذيل وخزاعة وبنى كنانة وغطفان وبنى أسد وتميم.
وأما من بعد عنهم من ربيعة ولخم وجذام وغسان وأياد وقضاعة وعرب اليمن المجاورين لأمم الفرس والروم والحبشة، فلم تكن لغتهم تامة الملكة بمخالطة الأعاجم " (4).
أضف إلى هذا وذاك ما كان بين الفريقين من تباين شديد فى الطبائع والخلال، مما كان يذكى بينها أسباب النفور والتباعد.
وقد كان الإسلام مدى حين عاملا قوياً في جمع الكلمة، وتوطيد الصفوف، وتلطيف أسباب الخصومة، ولاسيما في شبه الجزيرة العربية.
ولكن ما كاد ينقضي العصر الأول، حتى هبت كوامن الخصومة والنضال من مرقدها، وعادت تعصف بوحدة المجتمع الإسلامى، وكان هذا الخلاف أخطر وأشد في الأقطار القاصية التي افتتحها الإسلام، ففتحت أمام القبائل والأجناس المختلفة، التي تعمل معا تحت لوائه، مجالا واسعا للتنافس والتطاحن.
وكان هذا هو بالأخص شأن المجتمع الإسلامى المضطرم المتنافر، الذى قام عقب الفتح في اسبانيا.
وكانت إفريقية وهى أقرب قطر إسلامي لإسبانيا، وتتبعها حكومة الأندلس من الوجهة الإدارية، تفيض أيضاً بعناصر اضطراب خطرة.
احوال البــربر:
فقد نزح إليها الدعاة الخوارج منذ أواخر القرن الأول، وذاعت مبادئ الخوارج الثورية بن البربر بسرعة، لحداثة عهدهم بالإسلام، وتعددت نحلهم وطوائفهم، واشتد الخلاف والجدل فيما بينهم، وفسد من جهة أخرى ما بينهم وبين العرب من علائق الإخاء والمودة، وكثر نزوعهم إلى الثورة.
وهذا ما يصفه ابن خلدون في قوله:
" ثم نبضت فيهم (أي البربر) عروق الخارجية، فدانوا بها، ولقنوها من العرب الناقلة ممن سمعها بالعراق، وتعددت طوائفهم، وتشعبت طرقها من الإباضية والصفرية.
وفشت هذه البدعة، وعقدها رؤوس النفاق من العرب، وجرت إليهم الفتنة من البربر ذريعة الانتزاء على الأمر، فاختلفوا في كل جهة، ودعوا إلى قائدهم طغام البربر، تتلون عليهم مذاهب كفرها، ويلبسون الحق بالباطل فيها، إلى أن رسخت فيهم عروق من غرائسها. ثم تطاول البربر إلى الفتك بأمر العرب " (5).
واشتد تحريض الخوارج على حكومة الأمويين في إفريقية، بعد أن أخفقوا في مقاومتها في العراق، وتوالت الثورات والحروب الأهلية حينا.
وكان لذلك كله صداه في اسبانيا، وخصوصا بن البربر الذين يتألف منهم معظم الجيش، فاضطرب أمر الحكم والنظام في الأندلس، وذكا الخلاف بين الزعماء والقادة على نحو ما قدمنا، ولبثت حكومة اسبانيا العسكرية مدى حين عرضة للخروج والثورة، وذهب ضحية الفتنة جماعة من الحكام والزعماء كما نفصل بعد.
عنى الفاتحون عقب الفتح بتنظيم شؤون الحكم والإدارة، فقسمت اسبانيا على ضوء تقسيمها القديم أيام الرومان والقوط، في المبدأ، إلى أربع ولايات كبيرة على رأس كل منها حاكم محلى يعينه الحاكم العام، ويُسئل أمامه مباشرة عن أعماله وشئون إدارته.
_______
(1) ابن القوطية - افتتاح الأندلس - ص 30.
(2) Ameer Ali: ibid, p.
(3) ابن خلدون ج 2 ص 239 و240.
(4) ابن خلدون ج 1 (المقدمة) ص 487.
(5) ابن خلدون ج 6 ص 110.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|